تراتيل العهر(الجزء الثاني)

******************************

تراتيل العهر

قصة قصيرة بقلم.هبة عبد العظيم نور

******************************

جلست فاطمة وقد غضت بصرها وسألته: أنت الأستاذ طاهر الشاعر الكبير؟

ألم تقع عيناكِ على صورة لي في مجلة أدبية أو لقاء متلفز؟

عفواً, لا أدقق في صور الرجال

(ابتسم ابتسامة ساخرة ونفث دخان سيجارته..تناول فنجان قهوته وارتشف رشفة وهو ينظر إليها ..ثم قال؟

ومن أنتِ أيتها المرأة التي تطل عيناها من خلف الضباب الأسود؟

لم تعر فاطمة لعبارته التي أثارت غيظها اهتماماً ولم تعقب وقالت  بثقة مفرطة: أنا فاطمة, شاعرة لي الكثير من الأشعار والخواطر

هاها, ومن حكم على موهبتك وأعطاكِ لقب شاعرة أيتها الشاعرة؟

كثيرون هم من امتدحوا أشعاري

من هم في الوسط الأدبي؟

ممم لا , أنهم أصدقائي وبعض القراء

هاها, لا يحكم على موهبتك إلا ناقد أدبي أكاديمي مخضرم, ولن يعطيك جواز المرور كشاعرة إلا آباُ روحياً من ذات الوسط يقتنع بموهبتك ويقدمك إلى الأوساط الأدبية كشاعرة وليدة تستحق أشعارها الإصغاء

لذا جئت إليك وكلي أمل أن أجد ذا العون منك

اسمعيني بعض من أشعارك

فتحت فاطمة حقيبتها وأخرجت دفاترها المكتظة بالأشعار, وقالت في نفسها فلأختر قصيدة حماسية وطنية, فأنا متأكدة أن تأثيرها عليه سيكون أقوي ويشهد بموهبتي ..وبدأت تقرض أشعارها بحماس ملتهب كالتهاب كلماتها عن الأوطان السليبة..تقول وتقول وتقول, وهو ينظر إليها باهتمام ينفث دخان التبغ ويرتشف رشفات قهوته.. وما أن انتهت حتى انفجر بالضحك الهيستيري, فانتفضت واقفة من شدة غيظها وقالت بحدة

هل كنت أقص عليك طرفة أو ملحة حتى تضحكك هكذا, أم هو استخفاف بأشعاري؟

اجلسي يا فاطمة, فلي معك حديث طويل

أوف, ها قد جلست

***************************

تراتيل العهر

قصة قصيرة بقلم هبة عبد العظيم نور

****************************

(ارتشف الرشفة الأخيرة من فنجان قهوته ثم قال)

لا شك أن أشعارك جيدة وأعترف لكِ بذلك

ما الذي أثار ضحكك إذن

غباءك

أنا لا أسمح لك

لا, ستسمحين, عندما تستمعي إلى حديثي كاملاً ستشكريني على وصفي

مهما قلت لن يبرر أهانتك لي, ولكن سأسمعك وبعدها لا تغضب إن اقتتصت لنفسي, فلم أعتد قبول الإهانة

حسناُ, إن لم تقتنعي بكلامي سأعتذر لكِ, ولن يكون الاعتذار بيني وبينك, بل أمام جمع من الناس, ولكن إن اقنعتك ستعتذري لي أنتِ وأيضاً أمام جمع من الناس

ماذا تريد أن تقول

فاطمة...المرأة مخلوق رقيق جداً, خلق للحب والحديث عن الحب, المرأة ذاك الكيان الحريري الناعم لا يتناثر من فمهما إلا  درركلمات الحب و الهوى ولوعة العاشقين..فإن قالتها أصغت لها الأسماع وتملكت المشاعر....أما روح المرأة المحاربة التي تتلبسك وتجعلكِ تتفوهين بكلام الحرب والدمار, أو الأوطان وتحرير الأوطان لا يستمع إليها أحد وستصم الآذان عن أشعارك, وستظلين صاحبة موهبة حبيسة لا يسمع عنها إلا القليل حولها ولن يسطع نجمها, فلكِ الخيار ..عليكِ أن تتخيري وتغلبي رغبتك الكامنة..إمرأة ملثمة بلثام أسود تحيا وتموت بعيداً عن الأضواء..أم امرأة جميلة قوية واثقة من نفسها وتحررت من قيودها التي كبلت بها نفسها بدواعي البلاهة والعته والغباء, تلتقط نجمة طموحها من سماء الشهرة والأضواء وتعيش الحياة بكل بهجتها والمجد الأدبي المشتهى  ......فأي المرأتان ستكونين؟

******************

يتبع إن شاء الله

(لا تنسوا ذكر الله والصلاة على الحبيب عليه الصلاة والسلام)

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد,اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد