الحلقة السادسة عشر الفصل الثاني الجزء الثاني الليل والدوادي

 

بعد صلاة العشاء اصطحب سمحون حجاب إلى قصر صفية, دق الباب ففتحت حورية فتهللت لرؤية الشيخ المبتدع: واه! شيخ سمحون! ديه ايه النور ديه, يدك احب عليها عشان اخد البركة

 

قبلت يده فسألها: ستك وين يا بت يا حورية؟

 

الست بتعشي كامل بيه فوج

 

اطلعي جوليلها اني رايدها آنا وحجاب

 

هاها هو ديه حجاب! وديه رايد الست في ايه ديه كماني!

 

اطلعي نادمي الست ومالكيش صالح

 

طب اتفضلوا

 

دلف الشيخ سمحون وهم حجاب بالدخول, فنظرت إلى حذائه المهترئ المعفر بالتراب فقالت بغلظة: اخلع بلغتك المطينة ديّ جبل ما تخطي السراية

 

ضربها بعصاه الصغيرة وصاح فيها ببلاهة: اوعي يا بت اوعي لخلي سيدي ابو المنصور يسخطك جرد يا جردة, فسحي من جدامي فسحي

 

دخل وحذائه يغوص في الطنافس وهي خلفه تصرخ غيظاً:كديه بهدلت السجاد يا واد المحروج انت !

 

بلغ أريكة صفية فألقى بالجراب أرضاً واعتلاها بنعليه وجلس مربعاً رجليه يتمتم كالمجاذيب, فنفثت حورية أوار غيظها في زفرة وصعدت الدرج مسرعة لتخبر صفية والتي سرعان ما نزلت بنصف حجاب تتدلى منه جمتها الحمراء, سمع عمر دبيب خطواتها على الدرج فرفع رأسه فأبصرها فجاش صدرها غليلاً وعاد لتمتمته مغمضاً عينيه وأخذ يهرش في شعره الكث المجعد بكلتا يديه فصاحت فيه صفية: ايه اللي مجعدك على مجعدي بالبلغة يا واد المحروج انت!

 

فتح عينيه ناظراً إليه وعاد لتمتمته غير آبه بها فاستشاطت غضباً وهمت بالانقضاض عليه فأثناها سمحون عن فعلتها قائلاً: همليه يا ست صفية, همليه, ديه مجذوب وعقله مش وياه

 

ولما مجذوب وعقله مش وياه, جايبه السرايا ليه يا شيخ سمحون!

 

ما يغركيش منظره. الواد ديه مكشوف عنيه الحجاب, وسيدي ابو المنصور مشيعهولك برسالة

 

ههه صُح!! ممم ورسالة ايه ديّ اللي مشيعهالي ابو المنصور مع مجذوب!!

 

جول الرسالة للست يا حجاب

 

وقال وهو مغمض عينيه ولعابه يسيل على جانبي شفتيه: جولتلك الرسالة لصفية بت عبد ربه, وما حد يسمع غير صفية بت عبد ربه...حي..حي..حي يا ستير من اللي جي, جي, جي

 

خلاص يا ست صفية, خديه في أي اوضة خليه يجولك على رسالته

 

نظرت إلى حجاب بازدراء وقالت: رسالة ايه الخرفان ديه! ياك مخبلة آنا عشان اصدج كلام مجاذيب!

 

جولتلك ما تستهونيش بيه..خديه واسمعي منيه, وإلا هتكوني خسرانة

 

ممم طيب, آما نشوف آخرتها عاد, تعالى يا واه

 

نهض واقفاً وما زال يهز رأسه وقال: اسمي حجاب واد سرية يا صفية يا بت عبد ربه

 

سبقته لإحدى الغرف, فدخل وأغلق الباب وأخذ يجري في كل الاتجاهات يضع أذنه على الجدر وعيناها تتبعه في دهشة يمازجها الحنق والتأفف, حتى انتصب أمامها وأغمض عينيه وقال مرتعداً: ريته في المنام ماسك صدره وغرجان في دمه عم يجري في كل مكان يدور ع اللي جتله

 

زفرت وقالت: هو مين ديه:

 

 شاذلي الجتيل

 

ارتعدت فرائصها واتسعت حدقتاها ارتعابا وهمست: شاذلي!!

 

وطى ع الأرض ومسك توب حرمة مرمي ع الطريج وجالي, ديه توب الحرمة اللي عشجتها وجتلتني

 

أمسكت بذراع حجاب وقالت مرتجفة: ماجالكش مين الحرمة ديّ؟

 

لاه ما جالش

 

وضعت يدها على صدرها وتنفست الصعداء..وعادت تسأل متلهفة: ايه اللي ريته كماني في حلمك الاٌزرج ديه؟

 

أخذ يرعد جسده مغمضاً عينيه وأردف يقول: شاذلي الجتيل جالي..في يد عم تنبش ورا الجاتل وهتهد الحيطان اللي متداري وراها وتاخد منيه تار دمي اللي سال ع الأرض

 

اتسعت حدقتاها وأمسكت برقبتها وسألت بنبرة مرتعبة: يد مين اللي عم تنبش؟

 

ما جالش يد مين, لكن جال مسيري اجيك تاني وادلك عليه

وبعدين يا واه, وبعدين؟

 

وبعدين صحيت من النوم

 

يا بووووي. يعني اعرف منين آنا ديلواك ولا اسوي ايه في حديتك المشندل ديه!

 

واه! جولتلك لما ياجي تاني ويجولي ع اليد اللي عم تنبش هاجي واجولك يا مرة انتِ..ما تخافيش, هياجيني في المنام تاني كاتير. وكل ما ياجي هاجي اجولك ع اللي جاله

 

اسدلت حاجبيها وسألته؟ لكن ايش عجب آنا اللي جيت تجولي ع اللي ريته في المنام؟

 

واه! مش جولتلك اللي مشيعني سيدي ابو المنصور بذات نفسيه!! يمكن يكون شيعني ليكِ عشان مرت الجتيل ولازمن ولابد تكوني رايدة تعرفي الجاتل مممم تكونش انتِ اليد اللي عم تنبش ورا الجاتل عشان تاخد بتار شاذلي؟

 

قبضت على يده وقالت بغلظة: بجولك ايه يا واد يا خرفان انت. إياك تجول الحديت بتاع المنام ديه لحد, الحديت ديه سر بيني وبينك. لو سمعت انك حكيته لحد هجطع من لحمك بسكين حامي

 

تظاهر بالارتعاب وكمش جسده وقال: يا امّا, يا امّا,الحجيني يا امّا. آنا خايف منيها المرة ديّ يا امّا

 

تبسمت وربتت على كتفه وقالت تبث في نفسه الأمان: ما تخافش يا حجاب.طول ما انت عم تسمع كلامي وماشي في طوعي هوكلك الشهد بيدي واحميك من أي عدو يأذيك

 

انفرجت أساريره وقال: صُح يا ست؟

 

صُح اومال..اسمع يا حجاب. أول ما تشوف حاجة عن شاذلي او أي حد رايد يأذيني تاجيني طوالي, وآنا هخليهم يدخلوك من غير استئذان..وبلاش تجيب معاك الشيخ سمحون تاني

 

ماشي كلام  الحريم...وين الوكل اللي جولتي هتوكلهولي يا بت المحروج انتِ ؟

 

ههه والله ما منجيك مني اللي عقلك المفوت يا مجذوب انت. تعال معاي, هديك كل اللي نفسك تشتهيه وانت خارج من السرايا

 

طب يلا همي عشان جعان يا واكلة ناسك

 

*****************************************

غادر حجاب القصر بصحبة الشيخ سمحون بعد أن حملته صفية بأطايب الطعام..وحملها هو بآكام الهموم التي جثمت على صدرها فأسقطتها في حفرة من لظى الظنون...من هي اليد التي تنبش في قبر الماضي..لابد أنها يد حياة..أجل حياة, فهي الغريم الأعظم.. وربما أخاها..ولكنه طريد القرية ولا يجرؤ على العودة وإلا كانت مهلكته ..ربما أرسل بمن ينتقم له ! ولكن أين هو هذا المنتقم! كيف تسلل إلى القرية وهي محاطة بالرجال والعتاد!! لا..لا..لم يأت آت غريب..لابد أن المنتقم من أهل القرية ..ولكن من هو! ..إنها نواقيس الأخطار تقرع في دواخلها..لابد من التصرف على عجل ..ضاقت عينها واتسعت ونطقت بحسم: بدران

 

انطلقت في القرية تلهث خلف بدران في كل الأماكن التي يرتادها حتى استدلت عليه في غرفة وداد...سمعت أصوات ضحكاتها الماجنة تنبعث من الداخل, فأصرت على أسنانها وكادت تهشم الباب صارخة: بدران

 

خيم الصمت على الغرفة للحظات, ثم فتح لها وهو يكمل ارتداء جلبابه وقال متأففاً: جاية ورايا لحد هنيه ليه؟

 

هأ مروج مزاجك انت هنيه ومهمل الهم لصفية يا واد ابوي

 

اوووووف يا بووووي والله الهم ما عم يركبني إلا اما اشوفك جدامي, رايدة مني ايه

 

تعالى وراي نتحدتوا برا المخروب ديه

 

ماشي, استنظريني في الجنينة اللي برا

 

لملم أغراضه وهرول خلفها ليرى سبب مجيئها وسأل ممتعضاً: ايه؟ جايالي عشان انتجملك من مين؟

 

لاه, طمن روحك, مش انت اللي هتنتجم المرة دي, لكن هياجيك اللي ينتجم منك ومني عن جريب يا واد ابوي

 

....ايه!!!....حُصُل ايه يا صفية؟

 

في يد عم تنبش ورانا يا بدران ورايدة تعرف مين اللي جتل شاذلي

 

شخص بصره ورد مرتعداً: شاذلي!!

 

ايوة شاذلي

 

...ومين اللي عم ينبش ورا الجاتل؟

 

ما عارفاش

 

......يبجى ولدك الكابير حسن

 

حسن!.... وحسن ماله ومال الحديت العفش ديه!

 

كيف! مش واد الجتيل وصبح ليل في سيرته!

 

حسن لا بتاع جتل ولا غاوي شيل السلاح ولا عمره فكر يدور ع اللي جتل بوه. حسن بتاع قرآن وبس

 

ومحمود بتاع غوازي وعايش لروحه

 

اديك جولت بلسانك..اللي عم ينبش مش حد من ولادي التنين, اللي عم ينبش حد رايد لنا الشر

 

..انتِ جبتِ الحديت ديه من وين؟

 

من حجاب

 

مين حجاب ديه؟

 

ديه مجذوب من مجاذيب سيدي ابو المنصور

 

استشاط غضباً وأغلظ لها القول بنبرة خافتة: كانك جنيتِ يا صفية, رايدانا نمشوا ورا المجاذيب وتخريفهم!! روحي لحالك وخليني اروح لحالي

 

استنى يا بدران, لساي ما كملتش حديتي

 

حديتك وصل ما دخلش عقلي بميلم إحمر. عارف انتِ تجصدي مين باليد اللي عم تنبش ورانا. رجوع ولاد زيدان ديه العفريت اللي عم ما ينيمكيش الليل من يوم ما اختفوا من النجع, والعفاريت ما بيطلعوا غير للي خايف, وما حد بينضرهم غيره. لكن لا ليهم وجود ولا بيظهروا من اصله. وانتِ خايفة من ولاد زيدان وبالخصوص حياة اللي غدرتِ بيها وخدتي مُطرحها, عشان كديه هتفضل العفريت اللي ينططك طول عمرك

 

ياريتها كانت عفريت ولا جن اُزرج ما كنت شيلتيلها هم.. لكن المجذوب بيجول...

 

يا بوووي هتجولي مجذوب وما مجذوبش. آنا ماشي عاد

 

جولتلك استنى يا بدران, الواد ديه بيجول حديت ما حد يعرفه غيري وغيرك, يعني مكشوف عنه الحجاب صُح. ديه يعرف ان اللي ورا جتل الشاذلي واحدة ست وفي يد بتنبش وراها, فاهم يعني ايه! يعني بينبشوا وراي..ولو وصلولي يبجوا وصلولك يا واد بوي ودمك هيسيح جبل دمي

 

هه ارجعي سرايتك نامي يا صفية, وبطلي تجعدي كاتير مع المجاذيب عشان بجيتِ منيهم

 

انفجر ضاحكاً وتولى عنها عائداً إلى وكره الأحمر, فما زادها ذلك إلا غيظاً, فزمجرت تحدجه بنظرات مستعرة وتمتمت: ولفت على عيشة الغوازي وبجيت كيف التيس اللي ما وراه فايدة...اتخذت طريقها إلى القصر كالغريقة تتقاذفها أمواج هواجسها

 

**********************************

رواية الليل والدوادي

 

بقلم. هبة نور

 

****************************

عند ظهيرة اليوم التالي كانت صفية ملتصقة بأريكتها تصطلي في آتون هواجسها وسياط زفيرها الحار تلهب مسامعها, سمعت دقات قوية متواترة على الباب أرجفتها وكادت عيناها تخرج عن محجريها. هرعت حورية لفتح الباب فأبصرت أمامها بدر ولد ضوي الخفير وقد كست الدماء وجهه وجلبابه, فشهقت وضربت على صدرها قائلة: يا مري! ايه اللي سوى فيك كديه يا واد ضوي!

 

قال وهو يلهث: محمود بيه وين؟

 

محمود بيه نايم

 

صحيه ديلواك, رايد اجابله, يلا روحي آآآآه

 

طيب استنظر هنيه

 

هرعت إلى صفية التي كانت ترقب عودتها فزعة تتلهف لمعرفة من الطارق, قالت حورية بتوتر: الحجي يا ست, الحجي

 

وقفت راجفة وقالت بصوت مرتعش: في ايه يا بت؟

 

الواد بدر واد ضوي غفير العمدة واجف برا والدم عم يفج منيه فج, ورايد يجابل محمود بيه. ادخله يا ست؟

 

وكزتها في صدرها غيظاً وصاحت فيها: تدخليه وين يا مخبلة انت! ما بجاش إلا واد ضوي اللي يدهس سرايتي بطينه. غوري صحي محمود خليه يخرج يشوفه رايد ايه. وهمليني لحالي ما نجصاش وجع راس. يا بوووي

 

حاضر يا ست حاضر

 

ابلغت حورية محمود بالخبر , فاندفع من غرفته صوب الباب دون أن يلقي بالاً لوالدته الشاردة, هاله مرأى بدر على تلك الهيئة المفزعة, فسأله: ايه اللي سوى فيك كديه يا بدر

 

تظاهر بالارتعاب وطفق ينظر حوله كأنه يخشى أن يكون هناك من يرقبه, ثم قال بصوت خافت راجف: هجولك يا محمود بيه..تو ما خرجت من الدار طلعولي في الطريج خمس رجالة شداد متلتمين, ونزلوا فيّ ضرب من غير رحمة ولا شفجة, وآنا اصرخ واجول عم تضربوني ليه, جالوا مش انت المجصود, دي رسالة منينا لمحمود ابو شاذلي

 

ارتعدت فرائص محمود وشخص بصره وقال مرتعباً: رسالة ليا آنا!!

 

ايوة يا محمود بيه

 

ازردر ريقه وقال مرجوفاً: رسالة من مين؟

 

عم يجولولك احنا تبع بيه كابير في المركز, له صيت وسمعة ومال ورجال يسدوا عين الشمس, وبيجولولك بعّد عن سكة ورد وإلا هتكون نهايتك

 

......ورد!!!

 

ايوة يا محمود بيه

 

وهما ايه صالحهم بورد؟

 

مش هما يا محمود بيه. جولتلك انهم تبع بيه كابير يتهزله بلاد, وكانّه عشج ورد. عشان كديه ما رايدهاش تشتغل عند وداد

 

نهش الغيظ قلبه على فتاته وقال بعينين مستعرتين: عشج ورد!! ما عرفتش منيهم يبجى مين واد المحروج ديه؟

 

لاه يا محمود بيه, ما جالوش اسمه, لكن جالوا لو اتعرضت لورد ولا غصبتها على شغل الغوازي ما هتفلتش منيهم ولو حواليك ألف حارس وحارس... آنا ما رايدش يحصلك اللي حصلي على يدهم يا محمود بيه, الحمدلله خدوني بدالك, آنا فداك يا واد الأكابر

 

....آنا لازم اعرف أصل الحكاية

 

احب على يدك بعّد عنيهم. كانّ الراجل اللي وراهم شاديد وواصل

 

مهما كان هو مين, آنا محمود ابو شاذلي, وأمي تبجى الست صفية كابيرة النجع, واللي يمد يده على حد من رجالتي ما هيسلمش مني...وورد ما ههملهاش

 

...آنا حذرتك منيهم..وبعدها ما تلومش غير نفسك عاد

 

مالكش صالح بالحديت ديه انت.غور ديلواك بشكلك اللي عم يغم النفس ديه

 

أمرك يا جناب محمود بيه آآآآآه يا عضمي اللي فشفشوه يا بوي

 

مضى بدر في طريقه, فصفع محمود الباب غلاً وهرع إلى أمه وقد هاج هائجه: ريتِ اللي حُصُل يا امّا

 

أووووف حُصًل ايه يا خلف الشوم ؟

 

في راجل غريب لاف على ورد وعشجها, وسلط رجالته يضربوا بدر واد ضوي عشان يخوفوني, وجال ايه لو ما بعدتش عنيها ما هسلمش من يده. كانّه ما داريش آنا ابجى واد مين وعزوتي وناسي يجدروا يسووا فيه ايه... آمّا, الحكاية دي ما هتعديش بالساهل. اديني كام راجل من رجالتك عشان نعرفوه مين هو محمود ابو شاذلي

 

قامت إليه بغليلها ووكزته في صدره صارخة: كل اللي همك العشج والمال والمسخرة, ليلك نهار ونهارك ليل وعايش لروحك وما داريش بالبلا اللي جاي يرمح علينا رمح

 

....حًصل ايه يا امّا؟

 

حصل ان في ناس رايدة لامك الخراب وعم يدبروا يخلصوا منيها كيف..ووجتها يا واد صفية هيروح العز اللي عم تتمرمغ فيه وما هتلاجيش العيش تنهشه

 

هاج كالثور وأسرع إلى غرفته وعاد يشهر سلاحه وأخذ يبرق ويرعد: مين الناس دول يا امّا وآنا ما اخلي يطلع عليهم صبح

 

وضعت يدها على صدرها وقالت:......ما عارفاش..لكن كانّي سامعة انفاسهم بتنهش في وداني. من وجت ما حجاب مشى في الليل وآنا حاسة انهم هيهجموا ع السرايا بين رمشة عين والتانية..آنا من غمضليش جفن من الليل لحد ديلواك

 

آما آنا ما فاهمش حاجة, حجاب مين وناس مين اللي عم يجول عليهم ؟

 

حجاب يبجى مجذوب من مجاذيب سيدي أبو المنصور

 

انفجر ضاحكاً وآخذ يضرب كفاً بكف وقال: بجى انتِ يا امّا اللي دماغك توزن دهب تصدجي كلام مجذوب ما داريش بالدنيا!!

 

ابتعلت ريقها وقالت...جال حديت ما حدش يعرفه في النجع

 

.....حديت ايه؟

 

مالكش صالح..كل اللي رايداه منيك انك تفوج لروحك وتجف جنب امك

 

اسمعيني زين يا امّا..الحديت اللي جاله المجذوب ديه مهما كان اللي جاله ما يتعداش انه يكون حديت مجاذيب وبس, واحنا نبجى مجاذيب زييه لما نهملوا الدنيا الزينة ونعيشوا في الخوف والرعب من حاجة ما هتحصُلش...الخوف اللي معشش جواكِ يا امّا من وجت ما اختفت حياة بت زيدان وخوها وحليتِ في السرايا بدالها هو اللي مخليكِ ترجفي وخايفة حتى من ضلك لما العتمة تحاوطك..امّا...شيلي الخوف من جلبك وعيشي وخلينا نعيش كيف ما احنا عايشين..ها ..مش هتعطيني كام راجل من رجالتك عشان ابعد الراجل الغريب عن ورد واعرفه جزاء اللي يتجرأ على حرمة تخص محمود ابو شاذلي!

 

يا بوووي محمود, هملني ديلواك لهمي عشان اشوف هتصرف كيف, ما فاضياش لحكاويك مع الغوازي. داهية تاخد ورد وسيرتها الزرجة, ما جانا من وراها غير الهم

 

ماشي يا امّا..محمود ابو شاذلي ما يغلبش.لكن في الاول هروح اسأل وداد مين الراجل ديه واتحدف علينا من وين

 

استدار عامداً غرفته فزفرت وعينها تلتصق بظهره وقالت متحسرة: والله كانك لا خلفتي ولا ريتي الخلفة بعينك يا صفية..راجلين وكل واحد فيهم ماشي في سكة غير سكتك ومهملينك لكلاب الهم تنهش في جلبك . حتى بدران ما مصدجنيش آآآخ وحدك يا صفية كيف النخلة في وش الريح  ..لكن لاه...لاه ما هسلمش ولا حد هيجدر يغلبني

***************************

كانت الغازية وداد تجلس إلى إحدى الطاولات تقرقر بنارجيلتها وحولها الفتيات ينظفن الماخور, وعيناها تراقبهن باهتمام. نزعت مبسم النارجيلة من فمها متأففة وصاحت في إحداهن: نضفي مليح يا به

 

عم انضف أها

 

ما واعياش للتراب اللي ع الطرابيزة ولا جاكِ العمى!!

 

حاضر أها يا خالة وداد

 

عادت تقرقر بنارجيلتها فإذ برجل مهلهل الثياب يسحب فتاة قاصرة باكية تحوي ملامحها بعض من جمال. انحنى الرجل أمام الغازية يحيها: سا الخير يا ست واداد

 

حدجته بنظرة دهشة وردت التحية بنبرة جافة: سا النور. خير؟

 

كنت رايد اشغل البت ديّ عِندك

 

أطالت نظرة صامتة إلى الفتاة الباكية وهي تنفث أوار النارجيلة وسألته: جبتها من وين ديّ؟

 

دي بتي

 

استشاطت الراقصة غضباً وألقت بلي النارجيلة أرضاً وانتفضت واقفة وبصقت في وجهه ودمدمت سبابا: رايد تتاجر بعرض بتك يا خسيس يا واطي!

 

الفقر يا ست, الفقر والحوجة, ربنا ما يحوجك. ما جادرش اوكلها ولا اوكل خواتها السبعة

 

تجوم تتاجر بلحم بتك يا عرة الرجال! آآآآخ الله يرحمك يا بوي, كنت صايني رغم فقرك وشايلني في حبابي عنيك ومضلل عليّ برموشك, ما اتهانت ولا اتعرى لحمي للكلاب إلا بعد موتك ....اسمع يا راجل يا واطي انت, الراجل اللي يعري لحمه للكلاب تنهشه, يبجى خنزير وحل حرقه. خد البت ديّ وغور من هنيه جاتك الهم, غور

 

هرع الرجل إلى الخارج والفتاة تهرول خلفه, فاصطدم به محمود فدفعه مشمئزاً من ثيابه الرثة, ونفض يديه متأففاً ودلف إلى وداد فوجدها تقرقر بنارجيلتها وآثار حمرة الغضب على وجهها فقال مداعباً: مالك يا وداد وشك بجى كيف النار اللي عم تنفخيها!

 

أطفأت جمار غضبها وضحكت قائلة: واه! محمود بيه في عز النهار! مين صحاك من عز نومك !

 

جيت اسألك عن حكاية كديه

 

حكاية ايه عاد!

 

سمعت ان في راجل لايف على ورد ورايد....

 

تظاهرت الراقصة بالخوف وقاطعته متلعثمة: أأاسكت, اسكت يا محمود بيه عن حد يسمعك وتطير رجابنا

 

....في ايه يا وداد؟ مين الراجل ديه وجانا من وين؟

 

مالت على أذنه وقالت بهمس راجف: ما هجدرش اجولك غير انه راجل من الكبارات, الكبارات جوي, غريب مش من النجع, لكن يجدر يدخل النجع ويخرج منيه من غير حسيب ولا رجيب. جه في ليلة بعد انت ما مشيت سهر عندينا, عجبته ورد وجلبه مال ليها, ولما بجوا وحدهم حكتله على حكايتك معاها, وديه ما اجولكش سوى فينا ايه, خرج علينا كيف الغول وجال ورد من هنيه ورايح بجت ليا وحدي, واللي يجرب منيها يبجى حكم على نفسه بالموت وان كان مين ..بعد عنيها البت ديّ يا محمود بيه واحمي شبابك

 

ارتاع محمود وأطرق رأسه قليلاً ثم سألها: وورد وين ديلواك؟

 

حكم عليّ اجعدها في أوضتها والبنات يخدموها لحد ما يكتب عليها

 

ايه!...هو ناوي يتجوزها؟

 

اومال, مش جولتلك عشجها عاد!

 

هيتجوزها ميتى؟

 

ما جالش..شيل البت ديّ من راسك, آنا جلبي عليك عاد..وامشي ديلواك جبل ما حد يجوله انك جيت في النهار عشان تسأل عنيها, يلا جوم , جوم يا محمود بيه

 

قال يداري الخوف الذي ألم به وراء أنفه الذي شمخ به عالياً:...آنا همشي ديلواك..مش خوف منيه, آنا لو رايد امحيه من على وش الأرض همحيه..لكن ما فاضيش لحديت الصغار

 

ردت ساخرة:طول عمرك كابير يا محمود بيه

 

***********************************************

 

دقت أجراس منزل جميلة, فهرعت خادمتها مهدية لتفتح, فألفت أمامها عزت يحمل حقيبة سفره, والشرر يتطاير من عينيه, هالها ما رأت ورحبت وعيناها تستشرف شراً: حمدا لله بسلامتك يا عزت يا ولدي

 

لم يرد تحيتها واندفع داخل المنزل ملقياً بالحقيبة ينادي أمه بنبرة مستعرة: أمّا, وينك يا امّا؟

 

خرجت من غرفتها على تلك النبرة التي لم تعتدها مسامعها من ولدها وقالت مرتابة: يا مُرحب يا عزت, مالك داخل من غير سلام كديه!

 

سلام! سلام ايه يا امّا اللي رايداه في نجع الفُجر ديه!! كيف سكتوا لما الشيخ سلطان تهموه في عرضه! كيف سكتوا لما خدوه من وسطيكو وخفوه! كيف سكتوا لما اتهد الجامع جدام عنيكو!! يااااه ايه الظلم ديه! كيف طايجين تعيشوا فيه!...اسمعي يا امّا, آنا ما جاعدش في النجع ديه..لو رايدة تكملي فيه عمرك كملي..لكن آنا لاه, لاه يا امّا

 

حدجته بنظرة متقدة وصاحت: رايدني اهمل النجع لصفية تترتع فيه! رايد تهمل حج امك اللي عنديها يا واد جميلة!!

 

هأ! حجك اللي عنديها! انسيه يا امّا, انسيه كيف ما نسيتوا العرض اللي اتداس والشيخ اللي اتهان والجامع اللي اتهد وانتو مكتفين ايديكو

 

حجي ما ههملوش يا عزت, وانت اللي هتجيبه

 

انفجر بضحكة هي وليدة القهر وقال متهكماً: أجيبه كيف يا امّا!! أخد عمي سلام ونروحوا للعمدة شرابة الخُرج اللي عم يحكم بأمر اللي ناهبين حجك, ونجمعوا مجلس الأكابر يتعايجوا بعبيان الجوخ ونرطوا في الكلام وفي الاخر ما هناخدوش حج ولا باطل!!..آسف يا امّا, ما لازمنيش أطل في وشوف الكدب والزيف, ولا لازمني أطالب بحج ما هطولوش ..لو لازمك انتِ ابجي روحي طالبي بيه يا امّا

 

......وماله ..اروح وسط الرجال أطالب بحجي عشان ما خلفتش راجل ...ايه اللي جابك! ارجع مطرح ما كنت, ما طايجاش اطلع في وشك

 

أخرج زفرة من أعماق غضبه وانطلق خارج البيت مهتاجاً تركض الخادمة خلفه راجية: استهدى بالله يا عزت يا ولدي, ارجع ربنا يهديك

 

خرج صافعاً الباب خلفه, فهزت رأسها متحسرة وعادت تعاتب جميلة:

 

ليه بس كديه يا ست جميلة! هان عليكِ عزت تزعليه كديه!

 

وانتِ ما واعياش لجلة حياه مع امه! جن ديه ولا جرى لعقله ايه لما يجف جدامي ويكلمني كديه!

 

يا ست جميلة ربنا عالم بيه, اكيد شاف في طريجه الجامع مهدم ودري من ناس النجع بللي حُصُل, وانتِ خابراه يحب الشيخ سلطان كد ايه. ديه اللي حفظه القرآن وهو صاغير, وديما كان يوصيه وينصحه لدنيته, يعني هو اللي مربيه, صُعب عليه يحصُل للشيخ كديه, وكمان الجامع اللي طول عمره يصلي فيه من يوم ما وعي ع الدنيا يبجى كوم تراب

 

يجوم يجولي أهملك واهمل النجع ! سوت ايه امه عشان يحاسبها على ذنب ما عملتوش! وحجي اللي مفوضاه يجيبه من خاله كيف يجول ما لازمنيش!

 

معلش يا ست, شيطانه غلبه في ساعة ضيج., طب وربنا دي عين وصابتك في عزت. الكل عم يجول شوف الداكتور وأدبه وأخلاجه, يا زين ما ربت جميلة بت ابو الحجاج. يكفينا شر عنيهم الناس السو دول..حلفتك بربك يا ست جميلة ما تغضبي عليه, ديه مهما كان عزت الطيب اللي عمره ما زعلك ولا عصالك جول

 

تنهدت جميلة واستدارت عائدة إلى غرفتها بينما أخذت مهدية في الدعاء لهما بصلاح الحال, وحملت حقيبة عزت إلى غرفته

************************

أخذ عزت يجوب القرية بوجه كغيمة من أحزان..يتفرس في وجوه الرجال العبوسة وجباههم التي استوطنت تعاريجها الكآبة. رأى من يحدثون أنفسهم ذاهلين, وكأنهم يشكون سوء المآل للطرقات..لمح طفل يأكل كسرة خبز يابسة, فأتي طفل آخر فخطفها وركض, فصرخ الطفل وركض وراء سارقه.. وقف عزت يتدبر المشهد ودلالته..إنه الجوع الذي حل بالبطون فحملها على سرقة ما يسد الرمق..فذاك الطفل هو بشارة المسغبة..زفر عزت وهز رأسه في أسى واستكمل المسير, ولكن إلى أين!...لايدري..إنها خطوات عبثية بلا وجهة تشبه حياة أهل القرية ..فالجمع يسير ولكن..يجهل وجهة المسير

 

مضى به الوقت ونال منه النَصَب واستوحش البقاء بعيداً عن أمه..عاد إلى المنزل يحمل الحنين بين جنبيه ..وجد السُرج مطفئة ويكسر الظلمة شعاع منبعث من غرفة والدته. دلف الحجرة فوجد أمه تضم ساقيها إلى نحرها شاردة. ما أن لمحته حتى أشاحت بوجهها عنه, فأثمرت بسمة على وجهه الأجدب وحياها: السلام عليكم يا أمي

 

......وعليكم السلام

 

أسرع فجذب يدها وقبلها طالباً الصفح: حجك عليّ يا امّا. ما تآخذنيش ع الحديت اللي جولته من ضيجي. ما كنتش داري عم اجول ايه

 

نظرت إليه بتأفف وقالت حانقة: جولت انك عايز تهمل امك وحدها في النجع وتهمل حجها للظلمة

 

تنهد بأسى ومسح وجهه وقال: مش حجك انتِ بس يا امّا اللي عند الظلمة. حج ناس النجع كلاتهم عنديهم. الناس جاعوا يا امّا وحالهم بجى عدم..اللي ريته في الطريج بكى جلبي دم..الغريب ان الناس يفضلوا انهم يجوعوا ويتذلوا وينسجوا من الفقر توب ما يدوب ينكسوا بيه طول العمر ولا حتى ياكلوا لحم بعض ولا انهم يجفوا في وش الظالم ويطالبوا بحجوجهم

 

وهنسويلهم ايه اذا كانوا عدموا الكرامة! الكرامة مش زرعة تنزرع غصب في جلب الذليل. الكرامة تجري كيف الدم في عروج العزيز اللي ما يجبل الضيم..خليهم على حالهم لما يبيعوا لحمهم

 

ومين جال ان اللحم ما اتباع يا امّا! آآآآه يا امّا..آنا تعبان يا امّا, تعبان جوي, محتاج حضنك ارمي فيه وجعي

 

هم يرتمي في أحضانها فدفعته ووارت شفقتها وقالت بغلظة: حضن امك حرام عليك لحد ما تجيب حجها يا عزت يا ابو مطاوع

 

أطرق رأسه قليلاً ثم رفعها وقال بعزة: حاضر يا امّا

 

أسرع إلى الخزانة وأخرج منها مسدس والده وأخفاه داخل سترته وقال: هروح لعمي عشان يحدد معاد مع العمدة, ولو حجي ما رجعش, يبجى هرجعه بالجوة

 

أفرجت عن بسمة حبيسة ورفعت رأسها قائلة: كديه تبجى واد جميلة بت ابو الحجاج صُح. طول ما يدك جوية وماسك سلاحك عدوك يهابك ولو ما ضغطت الزناد..لكن اعلم يا ولدي إن أخذ الحق حرفة مش طيش

.....يعني ايه يا امّا؟

 

الحكمة جبل الجوة يا ولدي..العقل يغلب السلاح

 

نظر إليها وقد غرق في يم حيرته..أخرج تنهيدة ملتهباً من أعماقه..ثم مضى إلى قصر عمه لينظر ماذا يرى

************************************

طال صمت صفية ووجومها على أريكتها, بينما عقلها يرتج من صخب الأحاديث. تبحث عن ناصر صنديد يصد عنها الأخطار المرتقبة, بعدما مر الزمان وهتمت أنياب سباعها الضواري... نعم هي سيدة الدهاء وغازلة أحابيل الشر..ولكن الشر يحتاج إلى يد باطشة وقلب جسور يؤازره.. فمن يكون ذاك الليث المبتغى وأين مربضه!!..انتفضت واقفة وقد لمعت عينها وتجلت بسمة على محياها..إنه هو ولا غيره لها..إنه مصطفى الجارحي وحش القرية المخيف, والذي ترتجف الأجساد لذكره. همست لنفسها: صُح, مافيش غيره, مصطفى ابو جارحي

 

نادت حورية بنبرة حماس عالية: حورية, بت يا حورية

 

نعمين يا ست صفية

 

اجري يا بت خلي واحد من الحرس يروح لمصطفى ابو جارحي يجوله الست صفية عايزاك ديلواك

 

...مصطفى ابو جارحي!!..حاضر يا ست

 

ذهب الحارس وعاد بخفي حنين, فسألته: وينه مصطفى ابو جارحي؟

 

روحتله يا ست كيف ما أمرتيني, دخلوني عليه مجعده لجيته ممدد, رميت عليه السلام بصلي وما رد, جولتله الست صفية عايزاك ديلواك, جال عايزة ايه, جولتله ما عارفش, لكنها شددت على مجيك ديلواك, راح اتاوب وفرد دراعته التنين وجالي, جولها ماليش كيف اخرج من السرايا ديلواك, جولتله لكن الست جالت لازم تروحلها في التو, راح جام سبني ببوي وامي, وجالي جول للمرة اللي  مشيعاك مصطفى ابو جارحي ما عم ياخدش أوامر من حد, ولما يجيني كيفي هروحلها في صبح أو في ليل, يلا غور

 

أصرت صفية على أسنانها وقالت: هو جالك كديه!

 

بالتمام يا ست

 

آآآآآآخ يا واد المحروج يا ابو جارحي! كيف يتجرأ ويجول كديه!! ما عارفش آنا مين واجدر اسوي فيه ايه!! 

 

وربنا يا ست كان كيف الغول وناجص يطخني عيارين

 

طب غور انت التاني من جدامي

 

أوامرك يا ست

 

أوقدت كلمات مصطفى مراجل قلبها غيظاً وتطاير الشرر من محجريها, وأخذت تذرع باحة القصر ذهاباً وإياباً وتزمجر غليلا, فهرولت إليها حورية لتطفئ بعض جمارها: ولا تزعلي نفسك يا ست, ديه كلب ولا يسوى

 

ريتي واد المحروج كيف كسر كلامي وجال عني ايه! آنا الست صفية اللي ما في مرة ولا راجل في النجع يتجرأ ينطج اسمي من غير الست, واد المحروج ديه يجول عني مرة!!

 

هتجولي ايه يا ست عاد! متربي وسط ديابة الجبل وحجارته, كيف ما بيجولوا عليه ناس النجع غول ونازل من الجبل. هيعرف يزين الحديت من وين واكل ناسه ديه!

 

آآآآآخ هاين عليّ اروح لحده اجطعه بسناني

 

جلبك إبيض يا ست, هياجيكِ لحدك وسوي فيه ما بدك..طلع ولا نزل من جملة خدامك

 

أعاد حديث حورية المعظم لشأنها شعورها ببعض هيبتها التي أطاح بها مصطفى, فمسحت وجهها وقالت: روحي سويلي كباية لمون تهدي خلجي

 

حاضر يا ست

 

*****************************************

كانت في انتظار مصطفى بين الفينة والفينة, لم تغمض أجفانها في تلك الليلة تفكر كيف تقتص من تلك الصلف الجلف ربيب الصخور..وقبل مغيب شمس اليوم التالي جاء الحرس يهرولون مذعورين إلى صفية في بهو القصر: الريس مصطفى ابو جارحي جه يا ست صفية

 

فصاحت فيهم: ومال وشكم اصفر كديه كيف ما تكونوا وعيتوا لجباض الارواح! غوروا خلوه يدخل

 

هرول الحرس إلى الخارج, فوضعت ساقاً فوق ساق وتعاظمت في جلستها وقطبت جبينها إيذاناً بمعاقبته على صلفه, فإذ بالشاب الفتي يدخل كجبل أشم بخطوات واثقة لها وقع مهيب, تعلو ملامحه الصرامة والأنفة,ركز هراوته على الأرض وانتصب أمامها ينظر إليها بعينين ثابتتين, فوقعت أسيرة هيبته وتعلقت به عيناها انبهارا..فهو ليس من صنف الخدم الذي تعرفهم بخنوعهم وانحناء جباههم أمام غطرستها, إنه فارس عزيز أبي... تبسمت و أنزلت ساقيها إجلالاً وقامت إليه ترحب: يا مُرحب يا ابو جارحي, نورت السرايا عاد

 

 

*******************************

ولحد هنيه وخلصت حلجتنا... كيفكم وشاحوالكم عاد

 

لا تنسوا ذكر الله والصلاة على النبي صل الله عليه وسلم في ليلة الجمعة ويوم الجمعة دونما تخصيص خمس دقائق للاجتماع على الصلاة عليه بصوت عال كالصوفية والمبتدعة ..صلوا على الحبيب في كل وقت وحين حتى تنالوا البركات وابتعدوا عن البدع والمنكرات

 

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد