الحلقة السابعة عشر الفصل الثاني الجزء الثاني الليل والدوادي

 

كانت في انتظار مصطفى بين الفينة والفينة, لم تغمض أجفانها في تلك الليلة تفكر كيف تقتص من تلك الصلف الجلف ربيب الصخور..وقبل مغيب شمس اليوم التالي جاء الحرس يهرولون إلى صفية في بهو القصر: الريس مصطفى ابو جارحي جه يا ست صفية

 

فصاحت فيهم: ومال وشكم اصفر كديه كيف ما تكونوا وعيتوا لجباض الارواح! غوروا خلوه يدخل

 

هرول الحرس إلى الخارج, فوضعت ساقاً فوق ساق وتعاظمت في جلستها وقطبت جبينها إيذاناً بمعاقبته على صلفه, فإذ بالشاب الفتي يدخل كجبل أشم, تعلو ملامحه الصرامة, فوقعت أسيرة هيبته وتعلقت به عيناها انبهارا..فهو ليس من صنف الخدم الذين تعرفهم بخنوعهم وانحناء جباههم أمام غطرستها, إنه فارس عزيز أبي... تبسمت أنزلت ساقيها إجلالاً وقامت إليه ترحب: يا مُرحب يا ابو جارحي, نورت السرايا عاد

 

شيعتيلي عشية, خير

 

واه! ومالك كديه متعجل يا واد الناس! هو الحديت يكون كديه! مش نجعدوا في الاول وتاخد واجبك ونتحدتوا في الحكاية اللي مشيعالك بخصوصها!

 

جلس وقال: نجعدوا وماله, وواجبك اعتبريه وصل, واللي فاضل ديلواك نسمعوا حديتك

 

ههه ماشي عاد يا ابو جارحي

 

جلست متصاغرة أمام هيبته وطفقت تميط اللثم عن مآربها: شوف يا ابو جارحي, كيف ما انت خابر, آنا ابجى مين وخوي مين ونملك كد ايه في النجع..عشان كديه الأعادي حوليّ كاتير ورايدين يخلصوا مني الليلة جبل بكرة..عشان كديه رايدك جنبي تحميني وتحمي مالي ومصالحي .يعني تعادي اللي يعاديني وتجطع اليد اللي تتمدلي بسوء.وتحافظ على املاكي كانها املاكك

 

مممم جصاد ايه؟

 

اللي تطلبه عاد. عايز مال خد, عايز أرضيات خد, عايز دهبات خد..كل اللي تطلبه عاد تحت أمرك

 

.....خمسين فدان من احسن أراضيكِ, ومن هنيه ورايح كل مال داخلك ليا فيه التلت

 

واه! مش كاتير يا ابو جارحي!

 

ها خلاص عاد, دوري على غيري, آنا ماشي

 

استني بس يا ابو جارحي, اجعد خلينا نتفاهموا, الحديت اخد وعطى

 

ماشي, لكن ما هغيرش حديتي

 

هه الجول جولك عاد, في الصبح اروح معاك ع المركز اسجلك الخمسين فدان, ومن اول السنة الجاديدة هديك التلت في كل ايراد

 

لاه, هتحاسب من أول السنة اللي احنا فيها ديّ

 

واه! مالك كديه شرجان ع المال يا ابو جارحي

 

هاهااااا اومال انتِ شرجانة على ايه وعايزة حمايتي عشان ايه! مش عشان خايفة على مالك وعزك!

 

هه صدجت يا ابو جارحي..خلاص عاد, اللي تأمر بيه

 

عندي شرط ولو هتعارضيه ما يلزمنيش الشغل معاكِ

 

شرط ايه عاد؟

 

ان ما تكونش حماية مصالحك فيها اذية ولا خيانة للريس بدران

 

هه مممم جلبك على بدران!

 

بوي اللي رباني وما حرمني من شي, ولو اجابل الموت عشان افديه ما هتأخرش

 

تبسمت وقالت: يا بخته بيك بدران. تحبه وتحميه من غير ما تتشرط عليه ولا تاخد من ماله... ما تحملش هم عاد, بدران خوي, لا عمري في يوم هخونه ولا يدي تتمدله بأذى

 

نهض واقفاً للمغادرة وقال بصرامة: في الصبح تاجي لحد عندي بعربيتك عشان نطلعوا على المركز نسجلوا الأرضيات, ويكون معاكِ المال اللي اتفجنا عليه

 

هه ماشي يا ابو جارحي....مش هتجعد تاخد واجبك

 

جولت اعتبريه وصل

 

أولاها ظهره دونما تحية مغادراً القصر, بينما جلست هي ترشقه بنظرات الإعجاب مداعبة خصلاتها الحمراء المتدلية عن شالها وتهز ساقيها حتى غاب عن ناظريها وأجراس الحسرة داخلها تقرع قائلة: آلا ليت الشباب يعود يوما!...وتذكرت السيد سلام الذي طالما أسر لبها في غلواء شبابه, فكم تعلقت أمانيها به عقودا..وعادت الأماني أدراج الرياح ..هزت رأسها واستفاقت, فذهب زبد الأنوثة جفاء

 

 كانت عالية تسترق البصر من أعلى ورأت لقاء صفية بوحش القرية المخيف, فأيقنت أنها تدبر أمرا..أسرعت لتقص لأختها ما رمقت عيناها: ريتِ مرت بوكِ عم تسوي ايه, جابت واد الليل مصطفى ابو جارحي وكانت جاعدة كيف البسة جدامه كانها عم تشحت منيه, وهو يجول في حديت وهي تهز راسها كيف الخدم وكانها عم تجول أمرك ممم كانها عم تدبر حاجة معاه المرة السو ديّ..تكون بتدبر ايه المرة ديّ يا وطفة؟

 

تدبر اللي تدبره عاد يا سلمى

 

سلمى!!....آنا عالية يا وطفة..كانك افتكرتِ سلمى عاد

 

انفجرت باكية: اتوحشتها

 

انكبت على أختها تحتضنها وقد دمعت عيناها وقالت: وآنا كمان اتوحشتها والله يختي..اتوحشت طيبتها وحنية جلبها...ونحمد ربنا انه نجاها من كيد المرة بت الدوادي ديّ وانها في أمان ديلواك

 

رفعت رأسها عن أحضان اختها ومسحت بعض دمعها بيدها وقالت ناشجة: اللي مصبرني على بعادها انها بعدت عن الهم اللي احنا عايشين فيه صبح ليل آآآآه لو كان بيدي كنت روحتيلها وين ما تكون..لكن خابرة ان ديه فيه هلاكها. عشان كديه رابطة على جلبي حجر وساكتة ..لما كانت معاي كنت بحس ان امي معاي ما فارجتنيش. لكن ديلواك لا امي ولا اختي اللي كانت معوضاني عنيها بحنانها ...تعرفي يا عالية. الدنيا دي ملهاش طعم وكانها ما هتتغيرش وآنا زهجت منيها..آآآه لو كان الموت ياخ..

 

وضعت عالية يدها على فم اختها قبل ان تكمل أماني الموت وصرخت ودموعها تسيل: لاه, لاه ما تجوليش كديه يا وطفة. حرام عليك جلبي ما ناجص هم عاد.. كفاية عليّ فراج امي اللي ما عارفاش هي حية ولا ميتة, ومن بعدها اختي اللي جصاد نجاتها اتكتب علينا فراجها وما عارفينش هننضرها تاني بعنينا ولا باب الوصال اتجفل بجفل الفراج ليوم الدين

 

احتضنتها وطفة وطفقت تربت على ظهرها الذي أرعده البكاء وقالت بخنوع: جدرنا عاد يا بت بوي

 

أثارها حديث الخنوع وانتفضت واقفة تزمجر في وجه اختها وتصر على أسنانها: بكره حديت المذلة اللي عم اسمعه منيكِ من يوم ما وعيت ع الدنيا, ما بطيج انضر الكسرة اللي في عنيكِ كيف ما تكون امك فاجرة صُح. ما خابراش كيف عمتي جميلة وسلمى اختي كانوا يجولوا عليكِ انك كنتِ جوية وما في حد يجدر يجف جصادك...كيف كانت جوتك ديّ...كيف كانت نظرة عنيكِ...كيف كان صوتك وكيف كانت جوته يا وطفة!! سمعيني كان كيف صوتك وكيف كانت نظرة عنيكِ يا وطفة

 

انقضت على أختها المنكسة الرأس تهز كتفيها بقوة وتصيح فيها:جولتلك وريني كيف كانت نظرة عنيكِ وسمعيني صوت جوة الرعد في صوتك

 

أطاحت بيد اختها وازاحتها وصرخت بارتعاب: بعدي عني, همليني لحالي وليل العتمة الطويل اللي ما عم يطلعله شمس

.........صُح ما هيطلعلوش شمس طول ما انتِ كديه..خليكِ في ليل العتمة ولدغ الدوادي في جتتك لحد ما تموتي ... من الليلة ما هيجمعنيش بيكِ سجف اوضة واحدة..آنا هاخد خلجاتي وافتح اوضة امي واجعد فيها

 

حدجت اختها بنظرة احتقار ,اسرعت صوب الخزانة تجمع أغراضها ودموع أختها تنهمر دونما كلمة

 

*****************************

كانت صفية تجلس في حديقة القصر منتشية من نجاح صفقتها مع مصطفى الجارحي فأتت حورية مسرعة لتضع الأكاليل على تلك النشوة فقالت: دريتِ يا ست صفية, البت اللي اسميها عالية  اتعاركت ويا اختها عاركة كابيرة وهملتلها الاوضة وراحت جعدت بخلجاتها في اوضة امها

 

ازدادت أساريرها انفراجاً وردت مبتهجة: صٌح يا بت يا حورية ؟

 

أي والله صُح كيف ما بجولك

 

وايه سببها العاركة

 

ما خابراش عاد, كانوا مجفلين الباب كيف عوايدهم, بس كنت سامعة صوت زعاج البت عالية, وطلعت سويت روحي بنضف الطرجة لجيتها واخدة خلجاتها وطالعة من الاوضة تجري وعلى وشها غضب ربنا وزاحتني من جدامها كانت هتكفيني على وشي, وراحت على اوضة امها فتحتها, دخلت ورزعت الباب كانت هتكسر الحيطان برزعته

 

ههه يزيدهم فرجة وجطيعة ويكرههم في بعض كمان وكمان ..اهي اختهم الكابيرة غارت وما حد عارفلها طريج وعمرها ما هترجع بسبب خوفها وجبنها, وهما التنين انجلبوا وعم ينهشوا في بعض كيف الكلاب ...ممم وما سألتيهاش ليه يا بت على سبب العاركة؟

 

واه! آنا!!..اسأل مين! عالية! عشان تحدفني بحاجة تفتح نفوخي ولا ترزعني كف توجعني من الدور الفوجاني! هي دي بت كيف البنيتا! دي غولة بعين حمرا يكفينا شرها ربنا

 

هه كيف عمتها. ما طلعاش لامها

 

أي والله يا ست...الست حياة كانت طيبة جوي وتتحط ع الجرح يبرد

 

حدجتها صفية بنظرة متقدة مخيفة فارتعدت فرائصها وقالت متلعثمة: آآآ راحت ..راحت بشرها بت زيدان.. ربنا ما يحرمنا منيكِ يا ست صفية

 

قالت بغلطة: غوري سويلي كباية شاي بنعناع تظبط راسي

 

أوامرك يا ست, وهجيبلك معاها كام جرجوشة من اللي توي مسوياهم

 

عادت حورية إلى مبنى القصر بينما جالست صفية سعادتها وأعدت لها متكأً على وجهها.. ولِمَ لا وقد دب الشقاق بين الشقيقتين وحلت ركاب الفرقة بأرضهما

 

***********************************

كانت عالية في غرفة والدتها كاللهيب المستعر, لم يزدها النظر إلى فراش والدتها حنينا, بل أجج جحيم الغيظ في قلبها تجاه صفية وأخذت تذرع الغرفة ذهاباَ وإياباً, تزمجر كالبركان يقذف الحمم..توقفت فجأة إذ تذكرت الشاب الملثم والإشارة التي أخبرها أن تنتظر سماعها إذا هم بنصرة أهل القرية..مذ تلك الليلة وهي تنام ومسامعها ساهرة يقظة تنتظر البشرى..والليلة تلو الليلة والحال هو الحال: صرخت وكأنه أمامها توبخه: وينك, وينك يللي جولت استني البشارة, وينك يا متلتم يللي ما حد عارف انت إنس ولا جن ولا جنسك ايه

 

مسحت وجهها بتوتر وهدأت بعض الشيء, لا يسمع إلا لهيب أنفاسها الحارة..غمغمت قائلة: كانّه جن ..لاه..لاه إنس..إنس لكن أمره مش بيده, بيظهر بأمر اسياده وما يملك من أمره شيء كيف باجي ناس النجع...أسياده!! مين هما اسياده!..مين شيعه ينجي اختي!..مين شيعه ليلة ما جابلني ! مين يهمه أمرنا كديه!! طيب صُح هيبعت بشارة في ليلة من الليالي ولا كان بياخدني على كد عقلي....عقلي! آآآخ وينه عقلي. شت مني خلاص

 

ارتمت على فراش والدتها تبكي حرقة من شتات أمرها والضباب الذي يحيطها .. لم يبق لها إلا انتظار البشارة ,حتى وإن كانت أملاً خافتا يداعب سريرتها كل ليلة

 

 

***************************************

في ظهيرة اليوم التالي عادت صفية من مشوارها  يلجمها العرق جراء الحر القائظ خارجا, تأففت من رائحتها وجسدها المتلزج ونادت على الخادمة وهي تطيح بشالها: إيييف! بت يا حورية

 

انتِ جيتِ يا ست!

 

اطلعي حضريلي هدمة ناضيفة عشان اتسحم, العرج كان عم يصب مني صب وما طايجاش ريحتي

 

حاضر, لكن انتِ كنتِ وين صُح؟

 

كنت عم اتصرمح مع الشباب ع الترعة, كنت مجمعة الخلج حواليا وعم ارجص على دجة خلخالي. مالك انتِ كنت وين. يا بوي على رطها المرة ديّ

 

ههه بتتمألسي عليّ يا ست! جلبك ابيض عاد. اصل العمدة دج عليكِ نوبتين وجال انه عايزك في أمر ضروري

 

.....العمدة!..يعني ما جالش عايز ايه؟

 

لاه, لكن جال اول ما الست تاجي خليها تدج عليّ, الأمر ما يحملش تأجيل

 

يا بوووي وربنا الراجل ديه ما بياجي من وراه غير الهم والطين. هتسحم في الاول وبعدين ادج عليه.غوري هاتيلي هدمة ناضيفة من فوج, هتسحم في حمام محمود

 

طيب يا ست

 

****************************

فرغت من الاستحمام وجلست تهاتف العمدة, الذي أبدى لهفة حين سماع صوتها: وينك يا ست صفية والدنيا مغفلجة على دماغنا!

 

ردت وهي تتوجس خيفة: حُصُل يا عمدة؟

 

الحاج سلام جاني هو وواد خوه الداكتور من ياجي ساعتين فاتوا, وإلا وراسهم والف جزمة جاديمة يجيبوا كامل بيه بذات نفسيه لحد هنيه ويحضر مجلس الرجال عشان حكاية ورث جميلة بت ابو الحجاج, وجالوا انه وجوده شرط ومتشدد عليه كماني

 

كامل!! وهما ما خابرينش ان كامل عاجز ما بيتحركش من فرشته!! ولا هي تحكمات جميلة بت ابو الحجاج وخلاص!!

 

ما حدش جال انها تحكمات جميلة بت ابو الحجاج, دي تحكمات الواد وعمه

 

هأ, وهو مين اللي مشيعهم عشان ينفخ في النار!! مش هي بت ابو الحجاج!. مرة كيف العجربة صُح

 

يا ست صفية آنا حديت الحريم ديه ماليش فيه, آنا بجولك على شرط الرجال عشان المجلس ينعجد. وما رضيت اديهم كلمة ولا احدد معاد إلا اما اشاورك

 

عداك العيب يا عمدة, طول عمرك راجلنا ودراعنا اليامين  وعمرك ما تبيعنا

 

طبعاً يا ست, طبعاً, لحم كتافي من خيركم وما انساش افضالكم

 

تسلم وتعيش يا حاج ياسين

 

صمتت قليلاً تقدح شرارات عقلها, برقت فكرة فاستطابتها وقالت:

....بجولك ايه عاد. الحديت ما ينفعش في التلافون, إنت تاجي ديلواك عشان نشوفوا هنسووا ايه ونرتبوا كلامنا كيف عشان نخلصوا منيه الحديت اللي واجع راسنا ديه

 

وماله يا ست, اجيكِ ديلواك

 

أضمرت ما انتوت في نفسها ولم تفصح عنه للعمدة, ولكنها ستعلنه حتماً عند مجيئه...هي تعلم علم اليقين أن العمدة ليس بالرجل الوفي الذي لا يبيع من ائتمنه, بل هو نذل حقير, ربما يفرط بها لأجل مصلحته ويقفز من القارب إن التجت الأمواج واخترقته..لذا فوجب عليها إيجاد دافعاً قوياً لبقائه في القارب بل والاستماتة في سد خروقه كي لا يغرق.

 

************************************

جلس إليها وبعد ترحيبها, أخرجت ورقة من طيات ملابسها وقدمتها إليه: خد يا حاج يا سين

 

ايه الورجة دي يا ست؟

 

انضرها واجراها عاد

 

فتح الورقة وطفق يقرأها فلمعت عيناه وبدا الابتهاج على وجهه, إنه عقد بيع خمسين فداناً منها إليه, أغفلته الفرحة الغامرة عن السؤال عن السبب وأخذ يتطلع في الورقة من عاليها إلى أسفلها عدة مرات ولعاب أطماعه يسيل. ثم استفاق من غمرة السعادة وسألها: ايه ديه يا ست؟

 

واه! هه ما بتعرفش تجرا إياك! حلال عليك الخمسين فدان يا عمدة

 

ربنا يزيدك من نعيمه يا ست.....لكن بمناسبة ايه الكرم ديه؟.....عشان تكسبيني في صفك جدام سلام ابو مطاوع وواد خوه؟ ..اذا كان عشان كديه فما كانش له لزوم يا ست صفية. آنا اخدمك من غير مُصلحة

 

هه خابرة كديه مليح يا حاج ياسين...عمري ما شكيت في اخلاصك ونيتك الصافية..لكن العجد ديه مش عشان اللي بالك راحله

 

اومال عشان ايه عاد

 

ديه مهر بتك سهام

 

تهلل وجهه فرحاً وقال: سهام بتي!

 

ما الاجيش احسن منيها لمحمود ولدي...جولت ايه يا عمدة ؟

 

هو في جول بعد جولك يا ست! نسبكم شرف يطول رجابنا, ومحمود بيه زين شباب النجع

 

تعيش يا حاج ياسين. اتفجنا عاد, استنانا يوم الجمعة في الليل, هاجي آنا وبدران خوي ومعانا العريس ودهبات العروسة

 

هه ديّ هتبجى ليلة النعيم والهنا يا ستنا, هروح افرح البت وامها عاد

 

**************************

هرول العمدة إلى بيته ينادي زوجته فرحاً: باخيتة ...يا باخيتة

 

في ايه يا ياسين؟

 

تعالي اسمعي وارجصي على سعد بتك, كانّك داعيالها في سعادة رضا عاد. الست صفية اختارت بتك سهام لولدها محمود

 

شهقت زوجة العمدة وضربت على صدرها وانفجرت غاضبة: انت بتجول ايه يا ياسين! آنا اعطي بتي سهام بت الحسب والنسب والرباية العالية لواد صفية بت كلاف البهايم!! والله ما يحصل ولا يكون

 

هاج هائجه وسبها: جنّيتي يا والية يا مخبلة انتِ! كيف تعارضي جولي! ولا ياك فاكرة ان ليكِ جول من الاساس! الجول جولي آنا, واللي اجوله يمشي على رجبتك ورجبة بتك من جبلك

 

يعني ايه يا ياسين! هو آنا مش امها ومن حجي اوافج ع اللي هعطيه بتي! ولا تكون فاكر إني وحدي وماليش ناس يجفولك!! من بكرة الصبح هشيع لخوالها ياجوا يشوفوا صرفة معاك, ولا اياك مفكرهم هيوافجوا على جوازة الهم دي!

 

بجى كديه! طب عليّ اليامين لو حد من خوانك عتب برجليه هنيه لكون طاخه عيارين ودافنه مُطرحه ولا له عندي دية

 

لاه, دانت كديه اتصبت في نفوخك وعقلك ما بجاش فيك يا ياسين

 

استشاط غضباً ورفع يده يهددها بالصفع وزمجر في وجهها: لمي لسانك وما تخلنيش امد يدي عليكِ

 

نظرت إليه بدهشة وراحت تبكته: هي دي آخرتها عاد يا ياسين! عايز تضرُبني عشان بت كلاف البهايم!

 

سمعت الفتاة ضجيج والديها , فدقت الباب فزعة ودخلت: ايه يا امّا؟ حُصُل ايه يا بوي؟

 

ردت والدتها وحمرة الغضب تعلو وجهها: تعالي يا سهام شوفي بوكِ رايد يعطيكِ لمين! بوكِ رايد يجوزك لمحمود واد صفية بت كلاف البهايم

 

وكأن صاعقة نزلت على رأس الفتاة ألجمتها..فغرت فاها وأخذت تهز رأسها ذاهلة ..اقتربت من أبيها بخطوات وئيدة. نظرت في عينيه وقالت بصوت واهن مرتعش: صُح الحديت ديه يا بوي؟

 

زاغت عيناه هرباً من مجابهة عينيها وقال بحدة: ايوة صُح, فيها ايه ديّ!

 

فيها إني ما رايداهوش يا بوي. ما رايداش واد الليل, صاحب الكاس, اللي بيجضي ليله مع الغوازي..ولا ما داريش يا بوي هو مين وايه اصله وفصله! ولا كانّك غفلان ان خاله يبجى بدران واد الحرام

 

وكزها والدها وصاح فيها: اخرسي يا بت خلي ليلتك تعدي وإلا وربنا اجتلك بيدي وما يطلع عليكِ صُبح. البت اللي تعارض بوها حلال فيها الجتل

نشجت الفتاة وصاحت: اجتلني يا بوي, اجتلني وما تدنيش لواد الحرام ديه. الموت عندي اهون من اني اكون مرته ولو لثانية واحدة

 

أشاح بوجهه عنها وقال لزوجته: خدي البت ديّ واخفوا من وشي انتو التنين, واعملوا حسابكم, يوم الجمعة الست صفية جاية هي وولدها وخوها بدران بيه ومعاهم الدهبات.جهزي بتك

 

حدجته زوجته بنظرة تتأجج غضباً, وأشاحت بوجهها عنه, نظرت منفطرة القلب إلى ابنتها الباكية واحتضنتها ذارفة العبرات وأخذتها إلى الخارج

 

 

****************************

 

ولحد هنيه وخلصت حلجتنا

 

أجابلكم السابوع الجاي عاد

جزيل الشكر على تعليقاتكم التي أسعدتني وقرأتها باهتمام, لا يتسع الوقت لذكر أسمائكم ولكن أرسل بأزاهير شكري إليكم جميعاً

 

في انتظار تعليقاتكم إن شاء الله

 

لا تنسوا ذكر الله والإكثار من الصلاة على الحبيب عليه الصلاة والسلام

 

لا اله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله

 

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد