الحلقة التاسعة عشر الفصل الثاني الجزء الثاني الليل والدوادي

 

حل الموعد المتفق عليه بين أكابر القرية ووجهاءها واجتمعوا في ديوان العمدة, حتى كامل أتى به الخدم بجسده المهيض على مقعده المتحرك, كان يجلس لاصقاً بصره بالأرض عازفاً عن الحديث إلا بعبارات مقتضبة لمن يسأله عن أحواله..كان عزت يجلس إلى جوار عمه وعيناه تدور في الوجوه حوله في ازدراء, يرقب من يهندم عباءته الجوخ ومن يتنحنح في كبر, ومن يناجي من إلى جواره, ومن يتقاسم الضحك مع غيره..ويترأس الجمع عمدة القرية الذي بدا عليه الارتباك وزيغ البصر..وحان وقت الفصل بين أطراف النزاع..فحاول جمع شتاته وتغليظ صوته ليرتق هيبته المهترأة وبدأ توجيه الحديث إلى الجميع: يا الف مُرحب بأكابر النجع وأكارم الناس..جمعناكم الليلة كيف ما انتو عارفين عشان نوصلوا لحل في حكاية ورث جميلة ابو الحجاج اللي مفوضة ولدها الداكتور عزت ابو مطاوع وعمه سلام بيه ابو مطاوع.. وجبنا كامل بيه بنفسيه رغم مرضه وعجزه عشان الكل يسمع حديته ويحكم بالحج...وديلواك يا سلام بيه, كامل بيه جدامك أها, والكل سامع جولك, جول اللي عنديك عاد

 

الحديت مافهوش جاديد, الحديت جاديم والكل خابره زين, رايدين حج جميلة ابو الحجاج في ورث بوها اللي خوها حرمها منيه من غير وجه حج

 

اقتحمت صفية المجلس في هيئة فاخرة وصاحت بصوت جهور: حج ايه اللي عم تتحدت عنيه يا سلام بيه!!

تعلقت الأبصار بصفية وتجمدت الألسن, فامتعض السيد سلام وصاح في غضب: من ميتى الحريم عم يحضروا مجالس الرجال!

 

هه لما يكون لهم حج يا سلام بيه

 

اشتعل الغيظ في قلب عزت وهم أن ينبري لها, فأمسك عمه بذراعه يهدئه, وسأل صفية بامتعاض مشيحاً بوجهه عنها: وانتِ حج ايه اللي ليكِ عاد!

 

اجولك حج ايه وماله عشان الكل يسمع والحاضر يعلم الغايب. الأرضيات والدهبات وكل شيء يملكه كامل ابو الحجاج بما فيهم سراية كامل وسراية امه الحاجة فايجة وكل المال اللي رايد تاخده منينا غصب وترميه في حجر جميلة بت ابو الحجاج وولدها ما عادش مال كامل ولا له حج فيه. ديه مالي آناااا, كتبهولي كامل والعجود اها ملي عينك بيها يا سلام بيه

 

سدد عزت نظرة مستعرة إلى خاله الذي يلصق بصره بالأرض هرباً وزيغاً عن الحق, فنكت السيد سلام هراوته على الأرض بشدة وقال بحدة: كامل لو كتبلك حاجة يملكها هو حر, لكن يكتبلك حج اخته وورثها من بوها يبجى لاه, مش من حجه والبيع باطل

 

انفجرت بضحكة مستفزة واتجهت إلى مقعد سلام تتثنى دلالاً وقالت بغنج العاهرات: لو ما عجبكش الحديت اشتكينا في المركز عاد, واللي معاه ورج مسجل يطلعه جدام الحاكومة

رد بغلظة وقد تمعر وجهه: ورجك الباطل ديه ما يلزمناش. النجع كلاته خابر ان جميلة بت ابو الحجاج لها حج منهوب, والحاج لازم يرجع لاصحابه

 

رفعت حاجباً وأراحت يديها على جانبي خاصرتها وقالت تستفزه: وانت واكل روحك على حج جميلة بت ابو الحجاج ليه يا سلام بيه! ممم فهمتك عاد. يبجى انت رايد تجوز واد خوك لبتك وتستولي على ماله ومال امه وتزود بحر المال اللي عنديك

 

اتسعت حدقتاه غضباً وانتصب واقفاً وصفعها صفعة مدوية بكل ما أوتي من قوة مسباً إياها: حرمة جليلة الرباية

 

صرخت ووضعت يدها موضع الصفعة وقد اتسعت حدقاتها وأسكرها دوي الصفعة فترنحت وانتصب الرجال واقفين ذهولاً وخيم الصمت على الجميع من هول الصدمة, فانفجر العمدة في وجه سلام: ايه اللي سويته ديه يا سلام بيه! من ميتى الراجل يمد يده على حرمة!!  ديّ عيبة كابيرة في حجك, عيبة كابيرة في حج المطاوعة كلاتهم. عار هتتعيروا بيه انتو وسلسالكم ليوم الدين

 

هتف الرجال جميعهم غضباً: عار, عار, عار

 

فأطلق سلام ضحكة مدوية جعلتهم ينظرون إليه شزراً, فأبرق وأرعد في وجوههم: عار!! بترموا العار على غيركو وانتو غرجانين فيه من ساسكم لراسكم!! سكوتكم عن الحج هو العار بعينه, سكوتكم عن المرة ديّ وخوها ونهبهم وسرجتهم وحكمهم للنجع بالحديد والنار عشان تحافظوا على مالكم ومصالحكم هو العار بعينه, ودانكم اللي طرمت عن صرخة المظلوم هي العار بعينه, عيونكم اللي عميت عن سجن الشيخ سلطان وكل اللي يجول كلمة حج هي العار بعينه.. لسانكم انخرس عن الناس اللي اتذلت والدم اللي غرج النجع والعرض اللي انداس...ما تتكلموش عن العار وانتو العار بعينه

 

تنكست الرؤوس خجلاً وسيقت الأعين بغلال الخزي إلى الأرض

 

فأخذ يسدد إلى الجميع نظرات الازدراء وأطالها إلى كامل الذي هرب بنظره بعيداً, فوثبت صفية أمامه وهي تخور خوار الثور الجريح وسددت إليه نظرة موقدة بجحيم غليلها, نزعت حجابها وألقته أرضاً وأمسكت بخصلة من شعرها وزأرت بصوت متحشرج مخيف: واعي لخصلة الشعر ديّ يا سلام يا ابو مطاوع! خصلة شعر مرة, مش كديه! وحياة خصلة الشعر ديّ يا سلام ليكون جصاد الكف اللي عطيتهولي دم تغرج فيه انت وناسك. انت اللي بديت بالعداوة, والبادي أظلم يا ابو مطاوع

 

بدت على شفته بسمة ساخرة, اولاها ظهره مغادراً المجلس يتبعه ابن اخيه وزئير وعيدها

*********************************

في خارج منزل العمدة, وهما ينزلان الدرج المؤدي إلى الطريق, نظر عزت إلى بعيد حيث الجانب الآخر, أومأ برأسه إيماءة خفية لم يلحظها إلا من أومأ إليه..مضى في الطريق مع عمه دون أن يفصح عن شيء

 

************************************

اتشحت القرية بسواد الليل وأغلقت الدور على أوجاعها ونامت الأعين وصمت كل شيء إلا أنين المستضعفين, واستغاثات تصعد لرب السماوات.. وفجأة..دوت أصوات الأسلحة النارية كانفجار بركان خامد منذ زمن سحيق...استيقظت عالية وقفزت من فراشها فرحاً..إنها البشارة, تلفعت بحِرامها الرقيق وهرعت إلى الشرفة المتسعة تفتحها وعلقت بصرها بالسماء متهللة تستمع إلى طلقات النار وشظاياها التي تلمع كالنجوم في عينيها وهي تحمد الله بشفاه ترتعد فرحاً..فقد صدق وعد الشاب.أخذت تتمتم: حجك جاي يا امّا, حجك جاي يا خالي صالح

خفضت بصرها بسؤال حائر طفق يجوب طرقات دواخلها باحثاً عن جواب..ماذا في جراب الشاب!!

***********************************

في صبيحة اليوم التالي, تفاجأ السيد سلام بزوجته توقظه قائلة: اصحى يا سلام, ولاد عمي جم من نجع المزاينة ومستنظرينك في المندرة

 

واه! وايه جابهم من غير معاد كديه!

 

أأأ لاه.. ما هو ..ما هو بصراحة كديه آنا اللي شيعت جبتهم

 

اعتدل جالساً يوبخها: شيعتيلهم عشان ايه؟

 

آآآ يا سلام كان لازم اشيع اجيبهم برجالتهم, اومال يعني نجفوا في وش المرة اللي اسميها صفية ديّ وحدينا!!

 

زفر بغيظ وهرع صوب النافذة فإذ برجال لا حصر لهم مدججين بالسلاح يحاوطون القصر, فازداد حنقه على زوجته وصرخ في وجهها: ايه اللي سوتيه ديه! من ميتى بتسوي حاجة من غير مشورتي!

 

دخلت ابنته مسرعة وقالت: أمي خايفة عليك يا بوي. والمرة اللي اسميها صفية ديّ مهدداك جدام الكل, كنت عايز امي تسوي ايه لما تسمع كديه!

 

تعرفي, دي غلطتي آنا اللي حكيت ع اللي حًصُل لحريم ناجصين عقل ودين, بعدّي عن وشي خليني انزل اجابل ولاد عم امك اللي مشيعالهم يحموني من مرة

 

ازاحهما عن طريقه واستبدل جلبابه على عجل وخرج من الغرفة فقالت الأم لابنتها بلهجة طفولية: واعية لبوكِ واللي سواه يا خديجة! ديّ جزاتي عشان خايفة عليه!

 

قبلت الفتاة رأس والدتها وقالت وهي تربت على كتفها: معلش يا امّا. انتِ صُح نيتك خير, بس كان لازم تشاوريه في الاول

 

ما هو كان هيجول ما تشيعيلهومش, وآنا كان لازمن اشيعلهم يا بتي, عشان المرة اللي اسميها صفية ديّ تعرف اننا مش وحدنا ولنا ناس في النجع وبراه

 

..ربنا يلمها على خير يا امّا الحكاية ديّ ويكفينا شر المرة السو ديّ

 

يا رب يا بتي

 

نزل سلام إلى أضيافه الذين ضجت بهم جنبات المندرة والقى اليهم السلام

 

يا مُرحب بولاد عمنا, نورتوا نجع ابو المنصور عاد

 

وقفوا يردوا التحية بأصوات جهورة وجلسوا, فقال كبيرهم: احنا جينا اول ما بت عمنا حكيتلنا ع اللي حصل, كل واحد فينا جاب رجالته بسلاحهم, وهنمشوا ونهملوهم هنيه, وعاملين حساب وكلهم وشربهم وجايبين معاهم الدبايح اللي تكفيهم

 

امتعض سلام وقال مبكتاً: واحنا كنا هنجصروا معاهم يا حاج نادي!!

 

مش الجصد يا سلام بيه. طول عمر بيوت المطاوعة بيوت عز وكرم, بس الواجب ديه من عندينا ولازمن نجوموا بيه من غير ما نكلفوك

 

كتر خيرك يا حاج نادي..في الحجيجة بت عمكو ما كانش لها حج تتعبكوا وتجيبكوا على ملا وشكو . المطاوعة مش جليلين ولا ناجصين سلاح, ولما نشيعوا نجيبوا اللي يحمينا من برا النجع تبجى عيبة كابيرة في حجنا وانتو ما تجبلوهاش علينا عاد

 

رد أحد الأكابر:احنا مش غُرب يا سلام بيه, احنا بينا دم ونسب, يعني اهل

 

واكتر من اهل كمان يا حاج فياض.. وعن جريب ان شاء الله اجيب واد خوي الداكتور عزت ونجضي معاكم يامين ونعرفوه على اهله وناسه

 

تنورونا وتشرفونا عاد

 

يا مُرحب بيكو, نورتوا نجع ابو المنصور, استأذنكم, ننادوا على الخدم يجهزوا الفطور عشان ناكلوا لجمة مع بعضينا جبل ما ترجعوا بالسلامة على نجع المزاينة ..منورين عاد

 

*********************************

هرعت إحدى أعين صفية بالقرية تحمل إليها الأخبار, جلست إلى قدميها وقالت: جال والاجيلك يا ست صفية أكابر نجع المزاينة اللي يبجوا نسايب سلام بيه جم بعربايتهم اللي تشرح الجلب الحزين ووراهم عربيات نص نجل عينك ما تجيب اخرها, محملة رجالة بسلاح مالهومش حصر, ده غير عربيات مجفلة وطالع منيها صوت بهايم عم تنعر,.., الأكابر دخلوا والرجالة بسلاحهم حاوطوا السرايا كيف السباع

 

ارتاعت صفية وابتعلت ريقها وقالت ببعض التماسك: ما عرفتيش جايين ليه؟

 

في الاول كنت مفكرة ان سلام بيه شيعلهم عشان يزود رجالته, لكن بعد ساعة ولا اتنين كديه لجيت أكابر نجع المزاينة خارجين من السرايا وخدوا رجالتهم وعاودوا على نجعهم

 

ضيقت عينيها وقالت بدهشة: واه! اومال كانوا جايين في ايه عاد!

 

ما خابراش! ممم يمكن جايين يزوروا بتهم

 

نهضت عن مقعدها وهزت رأسها وقد بدت بسمة ساخرة على ثغرها وقالت: لاه ..سلام رايد يجولي انه مش وحده, ووجت اللزوم هيشيع لناس مرته اللي برا النجع عشان يحموه مني هه لكن لاه يا سلام. لو اتحاميت في الف نجع ونجع ما حد هينجدك من يدي..افوج بس من جوازة ولدي وافضى لتاري معاك يا ابو مطاوع

 

***********************************

من الباب الخلفي لحانة وداد وبعد ان انفض اللهو والمجون, دلف بدر يترقب الممرات..وقف أمام باب وتيقن أن لا أحد يراقبه..دق دقات لها وقع اعتادته مسامع ورد مذ فرث الحب قلبه وعكف على زيارتها كل ليلة.. فتحت المتاريس وأدخلته وكان معها وداد, القى عليها التحية باسماً: سا الخير يا ورد

 

ردت بابتسامة هادئة: يسعد مساك يا بدر, تعالى

 

جلس والقى التحية على وداد: كيفك يا خالة وداد

 

مليحة.تسلم وتعيش يا ولدي, اجوم اسويلك كباية شاي, بالإذن عاد

 

اتجهت إلى مطبخ صغير ملحق بالغرفة تواريه الأستار وتركت مسامعها ثالثاً لهما. بدا بعض الاهتمام الممتزج بالمكر على ورد وقالت: سمعت ان صاحبك هيتجوز بت العمدة يوم الخميس الجاي

 

صُح, راح هو وامه وخاله وطلبوها

 

اشتعل قلبها غلاً بدا في عينيها وقالت: وعلى كديه هيعيش مع امه في السرايا؟

 

لاه سراية امه ايه! دي امه شرياله سرايا في المركز مالهاش زي, وشيعت تاجيب الفرش من اسكاندارية

 

ممم بجى كديه!! اسكاندارية كماني! دي باين امه فرحانة بالعروسة جوي

 

بدا الابتئاس على وجهه ووجه إليها عتاب محب: غيرانة منيها! كان نفسك تكوني مُطرحها يا ورد!

 

سكنت قليلاً وجاهدت في التبسم وقالت: ما تظلمنيش عاد يا بدر..آنا لا بتمناه ولا طايجة سيرته..آنا بس اللي صعبان عليّ حالي..شوف هو ظلمني كيف هو وامه وما خدوش جزاتهم, والفرح نازل يرف عليهم رف, واهم عمالين يرتبوا لجوازته وعرسه ولا على بالهم الدابيحة اللي دبحوها ونهشوا لحمها

 

أجهشت بالبكاء فتفتت قلبه شفقة على محبوبته وأخذ يهدأ روحها الثائرة: يعني آنا مش كفاية ولا ايه يا ورد!!..ولا يعني اكمني فقير وما املكش!!

 

مسحت العبرات بكفيها وقالت باسمة بصوت متهدج: ما تجولش كديه يا بدر. انت مجامك كابير عندي, لا بالمال ولا بالجاه يا واد الناس. بالجلب الطيب.. وانت كفاية انك حمتني منيه بالكدبة اللي كدبتها عليه...يومها حسيت انك راجل ودمك حر والعرض عنديك غالي..وديه كفاية عشان اصدج انك حبتني صُح وما رايدش حاجة تغضب ربنا

 

....ورد ..آنا رايدك في الحلال

 

نهضت واقفة وقالت بتغنج: تجدر على مهري عاد يا بدر؟

 

عايزة كد ايه عاد وآنا ابيع الجيراط اللي حيلة بوي وادبره

 

نظرت في عينيه بثبات وقالت وهي تصر على أسنانها غلاً: تجتل محمود ابو شاذلي في ليلة عِرسه

 

هب واقفاً شاخص البصر مفغور الفاه, ووقعت صينية الشاي من يد وداد خلف الاستار وانكسرت الأقداح وتناثر فتاتها من هول ما سمعت..فتمالك بدر نفسه وقال: انتِ واعية للي جولتيه يا ورد؟

 

ايه! ما جادرش على مهري!

 

مهر ايه يا ورد! عايزاني اجتل! واجتل مين! محمود ابو شاذلي اللي يتهزله النجع هو وناسه! كانك ما خابراش ناسه يجدروا يعملوا ايه!

 

لاه خابرة, خابرة زين واتكويت بنارهم, ولازم اخد بتاري. فرحة محمود ابو شاذلي ما هتتمش, وامه اللي بكتني على عرضي هتبكي عليه بدل الدموع دم, وانت اللي هتاخد بتاري...دا لو رايدني صُح..ما رايدنيش يبجى بّعد عني يا واد الناس وهملني لحالي

 

جلس إلى الطاولة ذاهلاً تراوده فكرة القتل فتطارده أشباح المصير..إن قتل ولد صفية سيُقتل ويمثلون بجثته..لا سيقتلوه حرقاً جراء فعلته..لا سيطيحون برأسه ويعلقون جسده للطيور الجوارح تأكله...لن تفيده ورد ولا جمالها الذي ألقاه تحت أقدامها مكبل بأصفاد الهوى ..ولكنه يحبها والحب في عرف المحبين أن تخوض الأهوال لأجل حبيبتك ..فهي الهيام والصفو وصبوة النعيم ..ولكن ما أرادته جحيم...جحيم

 

قالت تمنيه بكؤوس الهناء: ما تخافش يا بدر. ان كنت مفكر اننا هنجعدوا في النجع بعد ما تجتله تبجى غلطان, احنا هنهجوا من نجع ابو المنصور, هنروحوا وين ما الدنيا ترسى بينا, نبتدوا حياة جاديدة, هشتغل واحفر في الصخر واساعدك, ومادام انت معاي وانا معاك هتحمل الفقر والجوع ..يكفيني جنبيك لجمة وهدمة تسترني يا بدر وما رايداش من الدنيا حاجة تاني

 

طب وليه الدم والجتل يا بت الناس! احنا نهجوا من النجع ونهملوه لمحمود وامه واحنا نبعدوا عنيهم ونعيشوا دنيتنا الناعمة اللي لا فيها هروب ولا خوف من تار

 

انت عم تجول ايه! نهمل محمود لفرحته! نهمل امه ترجص يوم عِرسه وبعدها بكام شهر تشيل خلفته ويتهنوا وينسعدوا!! وآنا ايه! كلبة مالهاش تمن اتدهست تحت نعالهم!! لاااااااه, اللي كسرني يتكسر, واللي نزل من عيني دمعة وجب عليه البكا وحسرة الجلب طول عمره

 

هبط على المقعد ولاذ بالصمت وعلى وجهه بدا الخوف والحيرة..فقالت بحسم: خلاص يا بدر. انت في حل من الحديت ديه..روح لحالك وهملني لهمي يا واد الناس..ما هي جليلة المال اللي زيي ما تلاجيش الراجل اللي يجيب حجها..بت الأكابر بس هي اللي تلاجي بدل الراجل الف تحت جدامها ولو طلبت لبن العصفور يجيبهولها

 

نهض صارخاً: يا ريتك طلبتي لبن العصفور. يا ريتك حتى تطلبي عنيا التنين ما اعزهومش عنيكِ

 

اخفض صوته وقال متوسلاً: لكن جتل لاه, لاه يا ورد

 

زفرت وردت بحسم: جولت ديه مهري لو شاريني صُح

 

تنهد ومسح وجهه ثم قال: وآنا كد مهرك يا ورد

 

تبسمت وقالت: تسلم يا سيد السباع...اسمع يا بدر, انا هلم خلجاتي وكل حاجة تخصني واستناك عند المستوصف من ناحية الزراعة..تجتله وتاجيني نهربوا من نجع ابو الفقر ديه ..بس جبلها بليلة تجولي استنظرك ميتى بالتمام

 

هز رأسه والحزن يكلل ملامحه..ولكن الأمر تحتم..فذاك مهر لا ترتضي غيره محبوبته

 

غادر بدر الغرفة فخرجت وداد بيد مجروحة, تقول: بدر مشى!

 

واه! ايه الدم اللي في يدك ديه يا امّا وداد؟

 

ما تاخديش في بالك يا بتي.الصنية وجعت بكبابي الشاي, وآنا بلملم الجزاز يدي انجرحت

 

سلامتك يا امّا.صُح دانا سمعت صوت كبابي اتكسرت لما كان محمود هنيه

 

محمود!!!

 

واه! آآجصدي بدر

 

ممم لساكِ رايدة محمود؟

 

لاه يا امّا وربنا. آنا رايدة بدر. كفاية انه بيحبني وشاريني و...

 

وهيجتل محمود عشان ده المهر اللي اشترطيه

 

خابرة انك سمعتي الحديت

 

هه ما خوفتيش افتش سرك؟

هخاف من ايه! ماعنديش حاجة اخاف عليها حتى روحي

 

تنهدت وقالت بعتاب: كنت مفكرة انك هتجولي أنا مش مخوناكِ يا امّا واداد

 

.....ما تزعليش مني يا امّا وداد..آنا عمري ما هدي الأمان لحد تاني..كفاية اللي جرالي يوم ما امنت لمحمود وامه...لكن ديلواك جه وجت الحساب

 

نظرت لها الغازية بعمق ولاذت بالصمت وقد أضمرت شيئاً تجاهها

 

******************************************

ولحد هنيه وخلصت حلجتنا

 

اشوفكم السابوع الجاي ان شاء الله

 

حلجاتنا بتودع وما باجيش فيها كاتير إن شاء الله

 

جزيل الشكر لكل الحبيبات اللي بيعلقوا لأنهم عارفين ان دي حاجة بتسعدني..بس انا زعلانة من اللي مش بيكتبوا اسمائهم..يا جماعة حيرتوني انتو مين ههه

 

شكراً للجميع وفي انتظار تعليقاتكم ان شاء الله

 

لا تنسوا ذكر الله والصلاة على الحبيب عليه الصلاة والسلام

لا اله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله

 

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد