الحلقة العشرون الفصل الثاني الجزء الثاني الليل والدوادي

 

على ضوء المشعل المعلق الخافت, اقتربت الراقصة وداد من ورد بحذر, فتيقنت أنها تغط في نوم عميق, فارتدت عباءتها السوداء وتلفعت بشالها على عجل وأمسكت بنعليها في يدها واتجهت إلى الباب على أطراف أصابعها وخرجت وأغلقت الباب برفق, ومضت في جنح الظلام إلى مقصد طوت عليه سريرتها

 

**************************************************************

 

 

عاد محمود من سفرته إلى قصره في المركز, دخل القصر والشرر يتطاير من عينيه, وأخذ يبرق ويرعد: أمّا, ايه اللي حُصُل في غيابي اليامين اللي فاتوا! كيف سلام الكلب ديه يمد يده عليكِ. أمي آنا تنضرب بالكف!!

 

مين اللي جالك الحديت ديه؟

 

بدر واد ضوي جابلني اول ما دخلت النجع خلى الدم عم يغلي في عروجي ما كنتش شايف جدامي, كان وين العمدة اللي كيف التيس ديه لما انضربتي في داره!

 

العمدة ما سكتش, ووجف في وش سلام هو وكل الرجالة, وامك هي التانية ما سكتتش

 

هأ!سويتي ايه يا امّا

 

استحلفتله جدام اكابر النجع ان الدم في عيلته هيسيل بحور جدام الكف اللي عطهولي

 

عض الأنامل غيظاً وصاح: آآآآآخ هيبتنا جدام كلاب النجع راحت يا امّأ, بكرة كل عويل في النجع هيتطاول علينا

 

هه مين جال كديه! النجع كلاته وأولهم سلام بيرجف من اللي امك ناوياه. كنت تعالى شوفه وهو مشيع لأكابر نجع المزاينة نسايبه, وجم برجالهم وسلاحهم عشان يتدارى وراهم كيف البسة..ومن يومها ما حد سامعله صوت ولا خرج من سرايته لا هو ولا مرته ولا بته, واللي عايزه هو اللي بيروحله

 

آنا الحديت ديه كلاته ما يلزمنيش, سلام ابو مطاوع حل دمه, وآنا اللي هنفذ الحكم عليه, آنا داخل اجيب بندجيتي

 

هرع إلى غرفته فهرعت خلفه تلطم خديها وتصرخ فيه: ناوي تشمت العدوين فينا يا محمود! ناوي تجلب فرحك لدم وتفرح فينا الكاره والحاسد. يا مرك يا صفية, يا خيبتك في ولدك اللي ما هيتمله فرح, يا شماتة كلاب النجع فيكِ وفي ولدك يا صفية

 

هاله ما رأى منها فصاح في وجهها: ايه اللي عم تسويه ديه يا امّا! كل ديه عشان عايز اخد تارك من واد المحروج ديه!

 

جولتلك مش ديلواك, مش ديلواك يا محمود. ليلة حنتك بكرة, وفرحك بعد بكرة. نعملوا فرحنا وندبحوا الدبايح ونكيدوا الأعادي وبعدها نفضوا لواد مطاوع. لكن ديلواك لاه, لاه يا محمود

 

زفر ومسح وجهه وقال: خلاص يا امّا, اللي شايفاه صُح نعمله, لكن يمين بالله ليكون جتل سلام ابو مطاوع على يدي وماله عندي دية

 

خلينا في فرحك ديلواك...الفرش وصل من اسكاندارية؟

 

وصل واتفرش من امبارح

 

اومال ما جيتش من امبارح ليه

 

كنت مستنظر صندوجين بيرة موصي عليهم

 

ههه ايوة كدة فكر في ليلة سعدك مع عروستك, دي الجيات احلى من الرايحات يا واه

 

************************************

 

في صبيحة اليوم الذي يسبق العٌرس, كانت صفية تتناول فطورها, حين دخل أحد الحراس فزعاً يناديها وخلفه حورية تضرب على صدرها: ست صفية, الحجي يا ست, الشونة اتحرجت

 

انتفضت عن مقعدها تستشيط غصباً: ايه اللي عم تجوله ديه يا واد المحروج انت! اتحرجت كيف؟ ومين حرجها؟؟

 

ما خابرش يا ست, كنت معدي من يمها لجيت النار جايدة كيف الغول, والناس واجفين يتفرجوا وما حد هان عليه يطفيها

 

طب غور من وشي يا غراب البين انت. بت يا حورية, اطلعي فوج ناوليني توب وشال خليني اخرج اشوف المصيبة اللي حلت على روسنا ديّ

 

حاضر يا ست حاضر. كان مخبيلك وين الخراب ديه يا ست صفية!

 

هرعت إلى الشونة فوجدت النيران قد أكلتها بكل ما حوت من غلال مخلفة ركام حطام أسود وأعين شامتة تحدق بها, فصاحت بهم: شمتانين في مال ستكو اللي اتحرج يا كلاب النجع! هوريكو الشماتة صُح

 

نادت في الحرس بغليلها: كل اللي واجفين هنيه تمسكوهم لحد ما ياجي مصطفى ابو جارحي ورجالته عشان يعرفوا مين فيهم اللي سوى كديه

 

ضجت الأصوات المتداخلة: واحنا صالحنا ايه! كفاكو ظلم فينا, اتقوا الله يا ظلمة

 

أحاط الحراس بمن استطاعوا وفر من فر

 

عادت إلى القصر ثائرة, صفعت الباب وأخذت تتوعد من تجرأ على هذه الفعلة, فأسرعت إليها حورية: عرفتِ مين اللي عمل كديه يا ست صفية؟

 

هيكون مين غير كلب من كلاب النجع ومسيري اعرفه

 

وهتعرفيه كيف عاد!! ده تلاجيه تاه كيف الإبرة في كوم الجش

 

اومال مصطفى ابو جارحي بيعمل ايه عاد!! هشيعله ياجي برجالته يدور على واد المحروج اللي عمل كديه. آآآآخ يا ناااري لو اطوله بيدي هجطعه بسناني كيف ما خسرني مالي, حبوب وغلة بملايين آآآآخ يا مرك يا صفية

 

ملايين!! يا حسرة جلبي!! الله يعوض عليكِ يا ست. هروح اسويلك كباية لمون زينة تروج بالك

 

غوري انتِ التانية ما رايداش حاجة ولا طايجة انضر حد جدامي

 

زفرت بعض لهيبها المنبعث من نيران قلبها المشتعل, وأمسكت بسماعة الهاتف لتحدث مصطفى الجارحي, فسمعت دقات عالية متواترة على الباب, فأعادت السماعة في موضعها, وقالت لحورية بضيق: افتحي شوفي مين

 

هرعت وفتحت الباب فألفت حجاب المجذوب, فلوت شفتها امتعاضاً وقالت: هو انت!!

 

مالك يا بت جلبتِ سحنتك كيف البومة كديه اما وعيتيلي! جوز امك آنا!! رايد اجابل صفية بت عبد ربه

 

عم اجولك ايه يا مجذوب انت التاني, الست ما ناجصاش, واللي فيها مكفيها عاد

 

آنا جيت عشان ازيح همها, بعدي من جدامي

 

دفعها واقتحم القصر ينادي بصوت جهور:يا صفية, يا بت عبد ربه, وينك يا به

 

تأففت صفية حين رأته: يا بوووي, عايز ايه يا وحل المصارف

 

عم تشتمي ليه يا به! طب ما جايلش على اللي حرج الشونة, آنا ماشي عاد

 

قامت تعدو خلفه: استنى يا واه, ارجع يا حجاب

 

أمسكت بذراعه وسألت متلهفة: مين اللي حرج الشونة يا واه؟

 

طب بالهداوة, دراعي هيتخلع في يدك يا غولة انتِ

 

طب خلاص أها, حجك عليّ, انطج نشفت ريجي

 

نظر حوله, ثم همس في أذنها: رجالة صالح هما اللي عملوا كديه

 

شدهت للحظة ثم استفاقت: وعرفت من وين يا واه؟؟

 

في الليل شيعلي واحد من ناس النجع عشان ارجي ولده اللي كان سخن وعم يفرفر, جوم وآنا راجع سمعت كابيرهم عم يجول الليلة تحرجوا شونة صفية والجاي ألعن

 

ابتلعت ريقها وقالت فزعى: هما مين دول يا واه اللي جالوا كديه؟

 

واه!! ما جولت رجالة صالح

 

وانت عرفت من وين ؟ انطج

 

ما انتِ يا ست جاعدة فوج خشمي وما عارفش اكمل حديتي

 

طب كمل, كمل

 

بعد كابيرهم ما أمرهم بكديه, جال لازمن ننفذوا أوامر صالح بيه عشان نرجعوه النجع هو واخته

 

ارتجفت صفية وقالت بشفاه مرتعشة: أخته!!

 

ايوة, هو مش له أخت عاد تبجى ام البنيتا اللي فوج؟

وضعت يدها على فمه بعنف وقالت: اخرس وما تحشرش روحك في اللي مالك صالح بيه. جولي ديلواك شكلهم ايه الرجالة دول وعددهم كد ايه؟؟

 

وكنت هنضرشكلهم كيف والليلة كانت عتمة وما فهاش جمر! وعددهم الله أعلم بيه, لكن كانوا كاتير, كاتير جوي

 

.... وما جالوش ايه اللي جاي الألعن اللي كانوا عم يتحدتوا عنيه؟

 

لاه, آنا اللي سمعته جولتهولك عاد..مش هتعطيني حلاوة ما جولتلك على اللي عِمل العملة ديّ؟

 

أخرجت كيس نقودها من بين طيات صدرها وهو ينظر بلهفة لما ستجود به, أعطته بعض الأوراق المالية وقالت: خد يا واه, مش خسارة فيك

 

أختطفها جذلاً وأخذ يقفز كالأطفال,فقالت: اسمع يا واه, لو سمعت أي حاجة تاني تاجي تجولهالي, وآنا هديك فلوس كاتير كد دول نوبتين تلاتة

 

الله يخليكِ يا ست..صُح انتوا عنديكوا عِرس ودبايح كاتير بكرة في الليل؟

 

أيوة صُح, ابجي تعالى كل

 

هاجي, هاجي أول واحد وأخلص اللحم كلاته لحالي. النجع ديه خيره كاتير والوكل فيه يامّا. بس في بيوت الأكابر بس, والغلابة محرومة منيه ..بركاتك يا سيدي ابو المنصور

 

مضى  يترنح بمبخرته وبغيته من المجيئ مضمرة في دواخله..أطرقت صفية رأسها هنيهة ثم انطلقت من القصر عامدة قصر أخيها, فألفته عند البوابة خارجاً بصحبة رجاله, فنادته: بدران

 

نظر إليها وأشار إلى رجاله بالانصراف, فهرعت إليه وقالت: تعالى نتداروا باعيد, ما عايزاش حد يسمعنا

 

تواروا خلف شجرة فسأل بامتعاض: وراكِ ايه يا صفية؟

 

دريت بالشونة اللي اتحرجت؟

 

ايه!! كيف حُصُل؟

 

آنا ما جاياش اجولك كيف وما كيف. آنا جاية اجولك آنا عارفت مين اللي وراها العملة ديّ

 

مين؟

 

رجالة صالح

 

أطلق ضحكة ساخرة وقال: احنا هنكدبوا الكدبة ونصدجوها إياك يا صفية!!

 

ديه اللي حُصُل صُح يا بدران. رجالة صالح حطوا رجلهم في النجع وناويين ياخدوا بتارهم. الشونة مش هتكون آخر حاجة, دول ناويين على خراب اكبر

 

شخص بصر بدران وسأل متلهفاً: عرفتِ من وين الحديت ديه؟

 

حجاب المجذوب هو اللي جال

 

استشاط بدران غضباً وصاح بها: لساكِ ماشية ورا المجذوب ديه يا صفية! وعايزاني آنا التاني اجن زييك!! عجلك راح وين يا مرة انتِ! همليني اشوف مصالحي

 

استنى بس يا بدران اسمع الحديت لنهايته

 

اوووف جولي اللي عندك وخلصيني ما فاضيش لحديت المجاذيب

 

الواد ديه مالوش مُصلحة يجول كديه, ولا هو من نجعنا من الاساس. ديه معرفة جاديمة للشيخ سمحون وجاي من النجوع اللي حوالينا. عيل صغار لا يعرف صالح ولا نضره, لكن جال ع اللي سمعه من رجالة صالح بذات نفسيهم

 

سأل مرتاعاً: شافهم وين؟

 

يمة الشونة في الليل. وما وعيش لاشكالهم, لكن عم يجول انهم كاتير جوي

 

زفر بدران وقد ضاق ذرعاً: وبعدين في الهم اللي ما كان على بال ولا خاطر ديه!

 

بدران, عايزين نشددوا الحراسة على مالنا و نخلوا عنينا في وسط راسنا عاد وإلا هنضيعوا, صالح واخته لو طالونا هيجطعوا من لحمنا ويولعوا فينا, لازم ندوروا على رجالتهم ونشوفوا مدسوسين وين. لازمن يا بدران لازمن. آنا الرعب ملا جلبي اكتر ما هو ماليه وركابي عم تخبط في بعضها

 

ما تخافيش. ما حدش هيقدر يتعرضلنا بأذى. من ديلواك رجالتنا هيملوا النجع, واللي هيجع في يدنا ما هنرحموش..بس مصطفى عم يجضيلي شوية مصالح في المركز وجاي بعد يامين تلاتة, أما ياجي عاد هخليه يسجي كلاب النجع الويل بالكيل

 

قالت بارتياح: تعرف يا بدران, آنا صُح متحامية بمصطفى ابو جارحي وعارفة ان جوته فوج جوتك وجوة رجالتك متجمعين, لكن ما بحس بالأمان غير معاك يا خوي

 

هههه الحديت ديه تجوليه لحد غيري. انتِ بتجيلي بس عشان عارفة اننا في مركب واحدة ولو اتخرجت هنغرجوا احنا التنين يا بت بوي

 

مليح انك عارف كديه يا واد بوي

 

*********************************

 

في ظهيرة يوم عٌرس محمود, دلفت الراقصة وداد إلى غرفتها, فألفت ورد تجمع أغراضها إيذاناً بالرحيل.. ذرفت وداد عبرة وقالت بصوت شجي: خلاص هتهمليني يا ورد!

 

تركت ورد ما بيدها واتجهت صوبها تحتضنها قائلة برجاء: ادعيلي يا امّا وداد

 

فقالت ساخرة من حالها: وهو ربنا هيسمع لدعا الغوازي يا بتي!

 

ادعيلي من جلبك وربنا عالم بالنوايا عاد, ادعيلي عشان آنا خايفة, خايفة جوي يا امّا وما عارفاش هيجرا ايه ليا ولبدر, ما عارفاش هنجدر نهرب من ظلمة النجع ديه ولا لاه

 

ما كان بلاها السكة ديّ يا ورد

 

لاه يا امّأ, دي سكة واتكتبت على جبيني, ومحمود لازم يتجتل ولو كان التمن جتلي آنا التانية

 

تنهدت الراقصة بعمق وقالت: ما جدراش اجول غير ربنا يسلم يا بتي ويعديها على خير الحكاية المغفلجة ديّ..استني يا ورد

 

استدارت الراقصة متجهة إلى خزينة ملابسها, وأخرجت صندوق خشبي صغير, وعادت إلى ورد, وضعته على الفراش وفتحته, فإذ به مملوء بالذهب الذي اتسعت لبريقه حدقتا ورد وقالت مشدوهة: ايه ديه يا امّا؟

 

لوت شفتها بضيق وقالت: تمن عرضي اللي اتداس طول السنين اللي ولوا

 

أفرغت محتويات الصندوق على الفراش وقالت: خديهم يا ورد, ما لهومش عازة عندي

 

نظرت ورد إليها بارتياب وتذكرت الخاتم الذي قدمته إليها صفية في القصر فكان شرك صيدها للخطيئة..قالت بحسم: ما عايزاش, خليهولك

واخليه لمين بس يا ورد! آنا لا عِندي بت اورثهولها ولا حتى واد يعطيه لمرته..آنا ماليش حد في الدنيا, وانتِ بتي اللي مخلفتهاش يا ورد, وربنا عالم بمعزتك في جلبي. خديه يا ورد, انتِ لو ربنا كتبلك السلامة وخرجتِ من النجع انتِ وبدر يلزمكم مال كاتير, كاتير جوي عشان يعينكو على حالكو يا بتي..المال ديه مالوش سكة اطلعه فيها...في يوم روحت للشيخ سلطان بالصندوج ديه وجولتله خده يا سيدنا وابني بيه جامع يمكن ربنا يغفرلي, جالي هتتوبي..جولتله ماجاش اوان التوبة عاد..جالي خدي دهبك وامشي, مالك ما يصلحش نبني بيه بيت لربنا, الله طيب لا يقبل إلا طيب, وانتِ مالك حرام

 

انخلع قلب  ورد حين ذكر اسم الشيخ سلطان وأجهشت بالبكاء قائلة: الشيخ سلطان آآآآه وألف آآآآآآآه يا شيخ سلطان, ما جدراش اسامح نفسي على اللي عِملته فيه.ربنا ينتجم منيهم اللي غصبوني اتهمه زور

 

ربنا ينتجم منيهم اللي غصبونا على كل شيء عفش وتجاروا باعراضنا..آآآه مالوش عازة الحديت والبكا يا بتي...ريحي جلبي وخدي الدهبات يا ورد الله يرضى عنيكِ

 

طفقت تنظر إلى الذهب تارة وإلى الراقصة تارة والارتياب يفترسها, فربما هذه خديعة أخرى للزج بها في بئر ويلات جديد.. فما الذي يحمل الراقصة على التفريط بكل هذا الذهب البراق لأجل فتاة جمعتها بها الظروف النحسات!! .. ولكن ربما تكون صادقة وتريد أن تمن عليها بخيرات تملكها آملة أن تحظى بنعيم الحياة...ظلت تتأرجح بين ظنونها وبالأخير رجحت كفة الذهب, فقد قالت في سريرتها, لن يحدث أسوأ مما حدث, وأنكبت على الذهب تكبشه بكلتا يديها وقلبها يأمل ألا يكون خداع

 

 

****************************************************

كان محمود يتهندم في غرفته, ويضع العطور ليوم عرسه, وإلى جواره بدر الذي بدا عليه الاضطراب, وابتلع ريقه وجاهد في ابتسامة وقال متلعثما!: مم مبروك, مبروك يا مح.محمود بيه

 

ههه مالك يا واه عم تجطع كيف المتكهرب كديه

 

.......من حزني على فراجك

 

هه ومين جال انك هتفارجني! ياك عشان هعيش في المركز! لاه يا واه, هخدك معاي, بس ابعّد عن وشك كام يوم كديه عشان اتوحشك ههه

 

هه أأأ صُح كان في حاجة رايد اجولها لكن..بجول يمكن الوجت مش مناسب عاد

 

التفت محمود وقال باهتمام: حًصُل ايه يا بدر؟

 

أأ يعني, جنابك كنت مشدد عليّ ادور على الراجل اللي بُعّد ورد عنيك وهيتجوزها

 

اتسعت حدقتاه وأمسك بكتف بدر يسأل بشغف: عرفت هو مين يا واه؟

 

أأ ايوة

 

مين؟

 

كيف ما جولتلك جبل سابج انه واحد من الأكابر الأغراب عن النجع. لكن..لكن عرفت عم ياجي ميتى

 

ميتى؟؟انطج

 

بياجي كل خميس لما الدنيا تعتم..يعني كلها ساعة وياجي..لو رايد تشوفه وتعرفه بس من باعيد آنا هوديك سكته

 

فين انطج؟؟

 

هدلك عليه لكن ما هروحش معاك. اخاف يوعالي, وآنا مش كديه عاد

 

آنا كديه, ولازم اعرف هو مين وبعدها يا ويله مني

 

.....لساك عاشج ورد؟

 

ايوة عاشجها, وما ههملهاش ومجهزلها شجة نعيشوا فيها على كيفنا في المركز, واللي فرج بيني وبينها موته على يدي

 

....لو رايد تعرفه يبجى تروح تستناه من ديلواك في المكان اللي هجولك عليه, تعرفه وتعاود تكمل ليلة عرسك, وبعدها..ابجى اتصرف معاه عاد

 

ابتهج محمود وربت على كتف بدر

 

************************************

 

خرج محمود مختالاً في جلباب عرسه, تفج عطوره في الأرجاء وخلفه بدر واجماً مضطرباً, تحفه زغاريد النساء  الرائحات والغاديات في القصر والضجيج والخدم, فألفى عالية تعمد إلى الدور العلوي, فقال لها مكايداً: ايه مافيش مبروك ولا الغل مالي جلبك على جعدتك من غير جواز انتِ واختك !

 

وما نجولوش مبروك ليه! مبروك على جوازك ومبروك ع الكف اللي طرجع على وش امك يا زين الرجال هههه عافية عليك يا ابو مطاااااوع هههه

 

رمته بسهام كلامها فأصابت كبده ففرته غيظاً واستدارت تصعد الدرج ضاحكة, فانتفخت أوداجه غضباً وأخذ يدمدم سباباً, فجذبه بدر من ذراعه وقال: هملك منيها, اللي يرد على الحريم يجلوا مجامه. فكر في ليلتك وعروستك عاد

 

عنديك حج, خلينا في عِرسنا..بس يمين بالله ما هتفلت من يدي البت دي واختها البايرة اللي فوج, هسففهم التراب اللي تحت رجلي, والزمان طويل

 

ارتبك بدر  وقال: العمر الطويل ليك يا محمود بيه

 

راقبت حورية ما حدث, وذهبت إلى صفية في المطبخ حيث تشرف على الطاهيات وتجهيزات العرس, فعندما علمت ما قالته عالية سرى لهيب الغيظ في قلبها وقالت بغليل: يعني اطلع اجطع لحمها بسناني البت ديّ! عم تنكد ع الواد ليلة عِرسه!

 

من كيدها وسواد جلبها يا ست. اومال, واعية الفرح عم يرمح وراكو رمح الله أكبر, وهي واختها عايشين في النكد والضيج والفرح مجافيهم

 

كل واحد بياخد على كد نيته عاد يا حورية

 

معلوم يا ست

 

صاحت بالنساء, شهلي يا مرة منك ليها

 

همليهم يا ست, آنا هجف على راسهم, اطلعي اسحمي والبسي واتغندري انتِ وكيدي الأعادي, دانتِ أم العريس ههه

 

طيب اوعي تهمليهم

 

من عنيا يا ست

 

************************************

ارتدت صفية ثوباً وردياً فاخراً مطرز, وأسدلت شعورها الحريرية المخضبة الحمراء على ظهرها , وزينت وجهها بالمساحيق أمام المرآة وفتحت شكمجيتها وأخذت تتزين بالحلي مبتهجة. وتناولت قنينة عطر وأمطرت نفسها بأريجها.ثم وقفت تنظر إلى هيئتها المتألقة وجمالها الذي لم يبهته الزمان إلا قليلا..كان كامل يرقبها في صمت وحزن على حاله مع الحسناء التي لم يحظ بجمالها إلا قليلا وكأن لعنة حياة أصابته..تنهد بغير حيلة وقال: مبروك لولدك يا صفية وعجبال الكابير

 

استدارت وتبسمت قائلة: يبارك فيك يا خوي..عجبال بناتك عاد...معلش يا كامل ههملك لوحدك, جولتلك اخلي الخدم ينزلوك تجعد مع الرجالة جولت لاه

 

......ما طايجش انضر الشفجة في عين حد

 

دي مش شفجة يا خوي, دي شماتة باعيد عنيك. نجع عاوز يولع بناسه...بالإذن عاد

 

اذنك معاكِ يا صفية

 

ما أن خرجت من غرفتها حتى ألفت عالية في الطرقة عامدة غرفتها, فابتسمت بمكر وأخذت تغني متجهة إلى الدرج بخطوات راقصة متمايلة لتثير غيظها

 

الجمر الملاااالي ده

 

نوار اللياااالي ده

 

اللي كاد عواااازله ده

 

لوت عالية شفتها ساخرة ودخلت إلى غرفتها ونزلت صفية إلى النساء ترقص مبتهجة على ضرب الدفوف وغناء النساء وزغاريدهن

*********************************

 

ولحد هنيه وخلصت حلجتنا, اشوفكم السابوع الجاي إن شاء الله

 

اسفة على التأخير النهاردة لكن عندنا مشاكل كتير في النت ومقدمين شكاوى كتير, يعني الأمر خارج عن ارادتي

 

بشكر القراء الأعزاء على التفاعل, وأشكر غير المتفاعلين على القراءة وتشريفي بتواجدهم

 

أجمل باقات الزهر لكم جميعاً

 

لا تنسوا ذكر الله والصلاة على الحبيب عليه الصلاة والسلام

 

لا اله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله

 

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله