حارة الموعودين( الخامسة)
في مقر عملهما، جلست
مايسون على طرف مكتب هالة تتحدثان بشأن المعلم عدوي، قالت هالة باندهاش:
انتِ لسة ما كلمتيهوش
لحد دلوقتي! دانا قلت مايسون أول ما هتروح من عندي، هتجري تتصل بالمعلم عدوي
زفرت وقالت بتأفف:
ما انا كنت ناوية اعمل
كدة يا هالة واجيبه البيت يقابل بابا ويطلب ايدي، لكن روحت من عندك لقيت ناس قرايب
بابا جم من البلد زي القضا المستعجل، وهيلزقوا عندنا كام يوم. بس سمعت من ماما
انهم هيمشوا بكرة ويحلوا عننا
هه ايه ده يا بنتي!
دانت علاقتك بقرايبك وحشة قوي، دانا بتمنى قرايبنا يجوا ويزورونا ويملوا البيت علينا
يا حبيبتي بطلي هبل
بقى، قرايب ايه وبتاع ايه يا هالة! حد فاضي لحد! دول جايين عشان مصلحة، تقريبا
بيعملوا فحوصات وحاجات زي كدة، وبدل ما ينزلوا في فندق, جابوا بعض وجم هجموا علينا
عشان يوفروا. دول بقالهم يجي تلات سنين ما زاروناش، بس المصلحة حكمت بقى
هزت هالة رأسها بأسى
وقالت:
أنا بحزن قوي لما بشوف
علاقة القرايب بقت بعيدة بالشكل ده، وماحدش بيسأل على حد ولا حد فارق معاه حد
هههه هتفضلي عاطفية كدة
لامتى يا هالة!! يا حبيبتي احنا في زمن كل واحد بيفكر في نفسه وبس وازاي يحقق
طموحاته، ودايرة علاقاته تقريباً مقفولة على الناس اللي بيستفيد منهم وبس
قطبت هالة جبينها وقالت
باستياء:
اتكملي عن نفسك وبس من
فضلك. الحياة لو بالشكل اللي بتتكلمي عنه ده، تبقى مخيفة
قهقهت ميسون وقامت عن
المكتب تقول:
على العموم أنا قدامك
مثل حي للكلام اللي بقوله.. خليكِ في وادي الطيبين بتاعك، وسيبيني في وادي
المفترسين.. وبكرة الزمان يثبت مين فينا الصح
دخل الفراش يقول:
أنسة هالة, الأستاذ
منتصر رئيس قسم الحسابات عايز حضرتك
حاضر
قامت عن مكتبها، فقالت
ميسون ضاحكة:
روحي يا ستي للعريس
اللقطة اللي ما حيلتوش غير مرتبة، عشان تبنوا حياتكو طوبة عرق وطوبة كفاح وتبقى عيشتكو مطينة
تنهدت هالة وهزت رأسها،
وغادرت المكتب:
دلفت مكتب الاستاذ
منتصر، وحيته:
السلام عليكم يا أستاذ
منتصر:
قام عن مقعده يحيها:
عليكم السلام يا أنسة
هالة... الحقيقة بعتلك عشان أسألك.. هل الست الوالدة غيرت رأيها من ناحيتي عشان أقدر
اتقدملك رسمي؟
ممم في الحقيقة الظروف
اليومين دول مش مناسبة يا أستاذ منتصر.. إن شاء الله هبلغ حضرتك لو جد جديد
هز رأسه وأدن لها
بالانصراف:
تقدري تتفضلي
شكراً
*********************************************
عادت السيدة نادية خالة
الدكتور هشام من عملها، قبل موعد الانصراف مسرعة، تحمل كيساً كبيراً من كفتة الأرز
المفرومة، وهرعت به إلى المطبخ دون أن تستبدل ملابسها، أملاً في الانتهاء من
إعدادها قبل مجيء ضيفهم على الغداء، الدكتور هشام.. كانت تتحرك في مطبخها على عجل
وكأنها في سباق.. تم لها الأمر وفاحت رائحة كفتة الأرز الشهية، فتسللت إلى أنف
زوجها الذي عاد من عمله، وهرع إلى المطبخ ولعابه يسيل:
الله الله الله، ايه
الريحة اللي تخبل دي!
ههه حمدالله ع السلامة
يا حمدي، الكفتة تمام اهيه، والرز باقي عليه خمس دقايق ويستوي، أكون عملت طبق سلطة
حلو جنبهم
اه بس أنا للأسف مش
هقدر أكل معاكو لأني مضطر انزل حالاً
ايه! تنزل فين دلوقتي!
معاد التاكس لسة باقي عليه ساعتين
لا أصل النهاردة عندي
زبون رايح المطار ومستعجل جدا، أنا قلت بس أجي أخد دوش عشان مش طايق ريحة العرق،
واغير هدومي وانزل على طول
الله! طب والكفتة يا
حمدي! دانت نفسك فيها
أعمليلي سندوتشين في
رغفين بلدي كدة أكلهم في الطريق، ومش مهم بقى الرز المرة دي، مع اني بحبها قوي جنب
الرز والله ههه بس نعمل ايه بقى! الشغل ما بيرحمش
تنهدت السيدة نادية
وقالت:
ربنا يرحمنا برحمته. ..
خلاص يا حبيبي، روح انت خد الدوش بتاعك وانا هعملك سندوتشين كفتة تاخدهم معاك ممم
بس هشام هيزعل انك ما استنتوش
هه هشام ربنا يباركله
عقله كبير وفاهم الحياة كويس، على العموم أنا إن شاء الله هروحلهم البيت اسلم
عليه، واهي فرصة اسلم على الحاج صادق عشان واحشني وبقالي كتير ما شوفتوش
طيب خلاص، أنا هقوله
انه غصب عنك
*******************************************
تهيأ الدكتور هشام
للذهاب إلى بيت خالته نادية، حمل الهدايا ووفتح الباب ووالدته تتبعه وتقول:
ابقى سلم على خالتك
نادية يا هشام، وقولها تبقى تيج....
قبل أن تكمل العبارة،
صدمها نزول أم هناء، وهناء من خلفها، فتعوذت مذعورة:
يا لطيف اللطف يارب
حيت أم هناء الدكتور
هشام
ازيك يا دكتور هشام
هه أهلاً خالتي ام
هناء، ازي صحتك
اهو يا ابني الحمدلله،
يوم كدة ويوم كدة، ربنا يكفيك شر الهم وشيله.. بالحق كنت عايزة اشكرك على تغير
الأنبوبة، ما ساعتها ما سعدنيش الحظ وشوفتك
خفض بصره وقال بأدب جم:
هه لا شكر على واجب..
ازيك يا أنسة هناء
الحمدلله يا دكتور هشام
صاحت به والدته مذعورة:
اتوكل على الله يا
هشام، وقفتك كدة خطر يا ابني، اتقي الله في نفسك وفي امك
ماشي اهو يا أمي،
السلام عليكم
تنفست والدته الصعداء
وقالت وهي تنظر بنظرات متعوذة إلى هناء:
عليكم السلام، في أمان
الله يا ابني، ربنا يكفيك شر خلقه ونحس خلقه
أطرقت هناء رأسها
حزينة، هتنهدت والدتها بضيق، وحيت أم هشام بوجه متربد:
ازيك يا ام هشام
اهلاً يا حبيبتي أهلا.
عن إذنك عشان سايبة الطبيخ ع النار
صفعت الباب في وجه هناء
ووالدتها، فابتئستا، وخرجتا إلى وجهتهما... ما أن لمحتهما أم عوض النقاقة حتى
نادتهما:
ازيك يا ام هناء، ما
تيجي يا حبيبتي تحت الشباك عشان اسلم عليكي وعلى هناء
ذهبتا إليها منتشيتان،
كونها الجارة الوحيدة التي تهتم لشؤونهما، فهما لا تدركان أنها ما تريد إلا معرفة
ما طوي عنها من أخبار.. وقفتا تحت النافذة، فحيتها أم هناء:
ازيك يا ام عوض، وحشاني
والله
الهي ما تشوفي وحش
ويفرحك بهناء.. قادر يا كريم، اسمع مني يارب، يجبر بخاطرك يا هناء يا حبيبتي ويخرس
السنة الناس عنك، بقى القمر دي يتقال عليها نحس يا اخواتي!!
ههه ربنا يخليكِ يارب
يا طنط، أنا بحب حضرتك قوي والله
ههه حبتك العافية يا
روح قلب طنط من جوا ممم على فين العزم كدة يا ام هناء؟
ابداً يا حبيبتي، واحدة
قريبة ابو هناء عيانة في المستشفى ورايحين نزورها
ضربت أم عوض على صدرها
وقالت:
يا لهوي! ربنا يستر ع
الولية وتخرج من المستشفى على رجليها
تربد وجه هناء وقالت:
حضرتك تقصدي ايه يا
طنط؟
لا يا حبيبتي ما اقصدش
حاجة، أنا بدعي بس للست العيانة ربنا يلطف بيها.. وانتِ يا حبيبتي ربنا هيجازيك
خير انتِ وامك عشان زيارة المريض صدقة
هه ربنا يخليكِ يا طنط
استأذنت أم هناء
بابتسامة ملء وجهها:
طب استأذنك بقى يا ام
عوض، عشان نلحق مشوارنا
اتفضلي يا حبيبتي، الف
سلامة
انصرفت هناء ووالدتها،
فغمغمت أم عوض النقاقة:
يادي النيلة، طالما
هناء رايحة تزور الست دي، يبقى أجلها جه.. يلا، لكل أجل كتاب، مالناش دعوة
************************************************************
وعلى المائدة اجتمعت
السيدة نادية وأولادها مع الضيف العزيز، اختلط ترحيبها بأصوات الملاعق المحتكة
بالأطباق:
والله يا هشام يا حبيبي
انت نورتنا النهاردة ههه
ههه ربنا يخليكِ يا
خالتي نادية ... وانتو عاملين ايه في المذاكرة يا بنات؟
الحمدلله
ربنا يوفقكو.. وانت يا عبد الله، اخبار المذاكرة ايه؟
حلوة ههه بس بلاقي نفسي
في الكورة اكتر
هه المذاكرة الأول يا
بطل وبعدين الكورة
رد الصبي باستخفاف:
اه إن شاء الله
تلذذ الدكتور هشام
بالكفتة، فمدح صنيع خالته
الله! كفتة الرز تجنن،
تسلم إيدك يا خالتي
ههه الف هنا وشفا يا
حبيبي، والله استأذنت ساعة بدري من الشغل النهاردة، وعديت ع المعلم حسونة خليته
فرمها وظبطها، وجيت هنا يا حبيبي بقى وصبعتها وحمرتها، وحطيت توابلي السرية في
التسبيكة ههه الريحة ما اقولكش بقى وصلت لجيران الجيران هههه
ههه حقيقي تسلم إيدك يا خالتي
ردت بنتاها في صوت واحد
تسلم إيدك يا ماما
تسلموا يا حبايبي ههه
الف هنا
وقال عبدالله ولدها
الأصغر طالب الإعدادية لهشام:
أنا مبسوط قوي يا أبيه
هشام إنك جيت عندنا عشان ماما تعملنا الكفتة الحلوة دي ههه
ههه متشكر يا عبدالله
ردت والدته بانتشاء:
ألف هنا يا حبيب ماما،
مجنني صحيح وما بتذاكرش وداير ورا اهداف ميسي، بس مراضيني وجابر بخاطري ومقدر
مجهودي في عمايل الكفتة السحرية دي ههههه
رد باسم ساخراً على
كلام والدته:
ماما محسسانا إنها
عاملة خروف مشوي وحاطاه ع السفرة
حدجته بنظرة غاضبة وقالت:
مش عاجبك الكفتة سيبها
وقوم يا سي باسم
ههه اسيبها واروح فين!
ما تزعليش يا ماما، بهزر معاكِ يا حبيبتي
طول عمرك رخم وهزارك
تقيل
ههه تعيشي يا ست
الحبايب
سدد باسم نظرة إلى هشام
الذي يلتهم الكفتة بشهية كبيرة وسأله:
لكن انت ما بتفكرش ترجع
أمريكا تاني يا دكتور هشام؟
لالا خلاص، أنا استقريت
في الحارة، وإن شاء الله كلها أسبوع واستلم شغلي في المستشفى، وحاليا بدور على شقة
مناسبة في الحارة عشان أعملها عيادة بأجر رمزي لأهل الحارة
ضحك ساخراً وقال:
أجر رمزي! أجر رمزي
ازاي يعني! انت كدة هتقضي على مستقبلك يا دكتور
هه ده يتوقف على معنى
مستقبل من وجهة نظر كل واحد
مش فاهم
أقصد إن لو الإنسان
بيفكر في نفسه وبس، مش هيشوف إن السعادة هي إسعاده للآخرين، مش هيشوف غير سعادته
هو، هو وبس، حتى لو في سبيله لتحقيق السعادة هيدوس على أقرب الناس له
ههه لا دي فلسفة صعبة
عليا قوي يا دكتور، أنا من وجهة نظري إن المستقبل هو كيفية تحقيق السعادة لنفسك.
لإن كل واحد مسؤول عن سعادته، مش سعادة الآخرين
هه وجهة نظر
نظر هشام إلى خالته
وقال يجبر خاطرها الذي دعسه ولدها بجلافته:
حقيقي كنتِ وحشاني
وواحشني الكفتة بتاعتك يا خالتي، طول ما انا في أمريكا، أقول هرجع امتى عشان أكل
كفتة الرز الحلوة اللي ماحدش يعرف يعملها غير خالتي نادية
ههه يا حبيبي ألف هنا،
طب ايه رأيك بقى، أنا هبعت عبدالله دلوقتي للمعلم حسونة قبل ما يقفل ويجيبلي نص
كيلو كفتة وهعملك حلة تاخدها معاك وانت مروح
لالالا يا خالتي، ما
تتعبيش نفسك، مافيش داعي
طب والله أبداً، لازم
اعملك حلة تاخدها معاك، واهو كمان عشان أبلة سميحة والحاج صادق يدوقوا
نظرت إلى ولدها الصغير
المنهمك في صحنه وقالت:
عبدالله، قوم روح
للمعلم حسونة، وقوله يفرملك نص كيلو كفتة رز، يلا بسرعة
يا ماما اقوم فين بس!
أنا جعااان
زجرته والدته:
قلت قوم وما تزودش،
الكفتة مش هتطير، لما ترجع ابقى كل، يلا قبل المعلم حسونة ما يقفل
قام متأففاً وقال:
حاضر يا ماما، بس ماحدش
يقرب ناحية طبق الكفتة بتاعي
ههه حاضر يا مفجوع. خد
الفلوس من الشنطة. وسيب باب الشقة مفتوح عشان ماحدش فاضي يقوم يفتحلك.. نورتنا يا
هشام، كل يا حبيبي الف هنا
هرع الفتى مسرعاً إلى
محل الجزار، وبعد خمسة دقائق عاد واندفع إلى الداخل صارخاً:
يا ماماااااا، روحت
للمعلم حسونة لقيت المحل اتشمع والمعلم حسونة اتقبض عليه عشان بيبع لحمة حمير
صرخ الجميع، بينما
انفجر الدكتور هشام ضاحكاً، جرت الفتاتان إلى الحمام، تضعان أيديهما على فيههما ،
يعتريهما الغثيان، وأجهشت السيدة نادية في البكاء
اهئ اهئ حتى الكفتة اللي بنحبها طلعت كفتة حمير!، منك
لله يا معلم حسونة، حسبي الله ونعم الوكيل..داحنا طول عمرنا بنجيبها من عنده،
داحنا كدة واكلين يجي عشرين حمار لوحدينا اهئ اهئئئئئ أنا أسفة يا هشام اهئ اهئ
آسفة على ايه بس يا
خالتي! إنتِ ذنبك ايه!! ما تضايقيش نفسك.. أنا هجيبلك مفرمة كهربائية في البيت،
وهاتي اللحمة من جزار مضمون، واعملي بيها كفتة رز مضمونة، طالما قلة الضمير تفشت
بالشكل المؤسف ده في المجتمع
نظروا إليه جميعاً
مندهشين.. إنه لا يثور أو حتى يتأفف..ولا يلوم أحد أو يكترث لأي أمر.. يجد حلولاً
هادئة لأصعب الأمور بابتسامة عريضة
تذكرت السيدة نادية
زوجها الذي أخذ ساندوتشات الكفتة معه، فهرعت إلى الهاتف لتحذره من أكلها
رد الزوج وهو يلوك الكفتة
بتلذذ:
ايوة يا نادية، أنا
وصلت الزبون للمطار وركنت عشان أكل سندوتشات الكفتة قبل ما اتوكل على الله اشوف
رزقي
اهئ اهئئئ انت كلت
الكفتة يا حمدي؟
ايوة، زي العسل تسلم
ايدك ههه أخر لقمة كانت في بقي وانا بكلمك.. انتِ كنتِ عايزة حاجة؟
...لا.. لا يا حبيبي، كنت
متصلة أقولك بالهنا والشفا اهئ اهئئ
طب بتعيطي ليه؟
من الفرحة اهئ اهئ
اهئئئئئ
لم تشأ السيدة نادية إن
تخبر زوجها بما ينغص عليه ليلته، وكفاه عناء الطريق وسخافة بعض الزبائن، وآثرت أن
تخبره عند عودته عن قصة حمار الحي ولحمه قبل أن ينام
******************************
الليلة هي ليلة السيدة
فريال، الزوجة الثالثة للمعلم عدوي وأكثر نسائه حظوة لديه.. فاح عبق البخور من
غرفة الجلوس ذات المقاعد المزخرفة بالأرابيسك والمضاءة بأضواء الشموع، وقد اتخذ
المعلم متكئاً من إحدى الأرائك. أتت السيدة فريال في حلة مزركشة، تختال بشعورها
وهي تمشى بدلال وتدندن، حاملة قصعة كبيرة تكتظ بألوان الفواكه، وضعتها على المنضدة
ذات النقوش الأرابيسكية، وجلست على طرف أريكة زوجها، وقالت بتغنج:
الفاكهة يا معلم
ههههأ هو في فاكهة غيرك
هنا يا فريال!
هههه ما اتحرمش منك يا
سيد المعلمين ولا من كلامك اللي زي الشهد ده
لا صحيح يا فريال، إنتِ
أكتر واحدة من حريمي بارتاح وانا معاها، أكتر واحدة فاهماني، إنتِ الوحيدة اللي
بتشوفي ايه اللي يسعد المعلم عدوي عشان تعمليه. ومش بتدوري على سعادتك انتِ ومن
بعدك الطوفان زي ناس هههأ. مش ناسي قبل جوازنا، لما قلتلك نفسي في عفش أرابيسك،
واعمل مشربيات بدل الشبابيك، ايه رأيك يا فريال، قلتيلي كل اللي تحبه ويسعدك
يسعدني يا معلم، وروحتي من ذات نفسك اشتريتي الشمعدانات دي ويا الأبريق والطشت
النحاس اللي بتغسليلي فيهم رجلي هههأ ... حتى مشاكل العيال، بتعرفي امتى تكلميني
فيها، مش نازلة شكاوي وكلام يغم النفس أول ما تشوفي وشي زي ناس. ولو ليكِ طلب،
برضو بتعرفي امتى بكون مزاجي رايق عشان تطلبيه... ما تبقيش أغلى واحدة عندي ازاي بقى يا فريال!!
انتشت من مديحه، وأخذت
تدلك قدميه وتقول:
ما اتحرمش منك يا معلم.
هي الواحدة عايزة ايه غير راحة جوزها!!
هه مش كل الوحايد يا
فريال.. عندك ناصرة، هي صحيح طيبة وبنت حلال، لكن أجارك الله كلامها كله يغم
النفس،حاسب يا معلم، جباير بتخطط، جباير بتدبر، جباير وعيالها عايزينك تقع عشان
يستولوا ع الحارة لوحدهم. هات للعيال، اكتب للعيال، أنا خايفة ع العيال، جباير
وولادها هيبهدلونا من بعدك.
يوه! بعد الشر عليك يا
معلم، ربنا يديك الصحة ويخليك لينا. هي ناصرة كدة كلامها زي الدبش
أردفت بمكر:
يعني أنا غلاوتي في
قلبك أكتر من المعلمة جباير!!
قصدك المعلم جباير
شريكي في الشغل هههه. جباير دي رغم انها أحلى واحدة في حريمي، إلا إنها في ذات نفس
الوقت أرجل واحدة فيهم
وضعت فريال يدها على
فمها وضحكت بميوعة
بتضحكي على ايه يا
فريال! أيوة أنا ما بعتبرش جباير حرمة زي بقيت الحريم اللي في الدنيا، حرمة ايه دي
اللي طول ما هي قاعدة تكركر بالشيشة وتطلع سحابة دخان من مناخيرها!! دي صوتها من
كتر شرب المعسل بقى زي صوت نويشي، كبير رجالتها
أطال نظرة غزل إليها
وقال:
إنما أنتِ يا فريال،
حرمة، حرمة مصبوبة في احلى قالب بصحيح. كفاية صوتك اللي زي الكروان وانتِ بتكلميني
التقطت عنقوداً من
العنب وأعطته إياه وقالت:
ممم أومال صوت ناصرة
ازيه، ما جبتش سيرته في القعدة يعني ههه
اعتدل وأجابها وهو يقطف
من عنقود العنب ويضع في فمه:
ناصرة صوتها بيفوقني..
زي إنذار الحرب. صوتها بيأذي طبلة ودني صحيح، بس لازم اسمعه عشان احس بالخطر وافوق
لروحي
للدرجة دي يا معلم!!
واكتر من الدرجة دي..
صحيح بحب أكون معاكِ عشان انسى الدنيا بللي فيها.. لكن برضو محتاج اللي تفكرني
بالدنيا وما عليها، وتقولي قوم يا عدوي، لو سهيت عن حالك ومالك هتتفرم... اما
جباير بقى رغم عداوتي ليها، إلا إن وجودها ما استغناش عنه، ست من العيار التقيل،
اسمها بس يتهزله أكبرها بشاوات ومعلمين.. صحيح بنرازي في بعض، لكن ما حدش فينا
يقدر يستغنى عن التاني.. تقدري تقولي إن أنا وجباير عبارة عن مبنى كبير واقف على
أرض شديدة، معمول من طوبة عدوي وطوبة جباير.. ولو حاولتي تفصلي الطوب ده عن الطوب
ده، المبنى كله يقع على دماغ الكل
قهقه وأردف وهو يضع حبة
من العنب في فم فريال:
عشان كدة كل واحدة
فيكو، تشغل حيز لا بأس به من الفراغ في حياة المعلم عدوي هههه
ربنا يخلينا ليك ويخليك
لينا يا معلم، واهي هتكمل بالرابعة.. ماقولتيش صحيح، عملت ايه في زيارة أهل
العروسة الجديدة، هالة بنت الأستاذ عبد الغفار؟
هه لا، الحكاية دي مش
هجاوبك عليها، قبل ما تجيلي المكالمة اللي مستنظرها
مكالمة!! مستني رد
الأستاذ عبد الغفار يعني؟
لا، مستني مكالمة من حد
تاني
غضنت حاجبيها وسألت:
حد تاني مين يا معلم؟
ههه أنا ما اكشفش ورقي
كله. وقت ما يتم المراد هقولك.. ادعي بس المكالمة تجيني عن قريب
لوت شفتها إيماء عن
غموض حديثه، وقالت:
يارب ينولك اللي في
بالك يا معلم... ممم معلم.. في موضوع كدة
مش عارفة افاتحك فيه دلوقتي ولا أأجله
قولي يا فريال
ممم الواد ميدو ابن
اختي لواحظ، اللي هو بقاله كام سنة مكوع في الهبابة الثانوية العامة مش عارف
ياخدها، السنة دي حالف ما يذاكر ولا يدخل استمحانات، وقالي يا خالتي فريال شوفيلي
شغلانة عند المعلم عدوي بس تكون معتبرة والقبض بالمحروس الدولار
قهقه المعلم وأخذ تفاحة
من القصعة وقضمها، ثم قال بارتياح:
يا سلام! عنينا لميدو
وأم ميدو وخالة ميدو. من بكرة يعدي عليا في الوكالة وأنا هكلمله جميل باشا بذات
نفسه عشان يشوفله شغلانة عظمة على عظمة وعليها عربية وايفوز كمان.. مش عايز عروسة
بالمرة عشان الفرحة تبقى فرحتين؟
هههه يخليك لينا يا
معلم، أنا كنت عارفة انك مش هتكسفني، رغم إن أختي لواحظ كانت خايفة إنك تقول مش
هوظفه عشان ساقط ثانوية عامة
ده كلام برضو! زعلتيني
منك ومن لواحظ يا فريال.. شهادات ايه بس! احنا بينا الكلام الفاضي ده!! احنا
حبايبنا بنشغلهم بالمحبة، واللي مش عاجبه يستخبى ههههه
هههه يستخبى ويتنيل على
عينه. هو أي حد يستوظف ويقبض بالدولار ولا ايه!
تعيش يا سيد الرجالة، أما اقوم افرح أختي
لواحظ والواد ميدو
ههه ما شي يا شاهبندر
الحلاوة
*****************************************
عاد زوج أم عوض من عمله
في الظهيرة ، فوجدها على حالها في النافذة، فهز رأسه بضيق، وما أن رأته حتى حيته:
يا مرحب يا ابو عوض،
سايبالك المفتاح في الباب، افتح وادخل
أوف، حاضر يختي
فتح الباب ودخل يبكتها:
يا ولية انتِ ما بتسبيش
الشباك لا صبح ولا ليل!
يوه! وأنا مضياقاك في
ايه يا اخويا!!
أهل الحارة متضايقين
منك
ما يضايقوا ولا
يندعئوا، هو أنا قاعدة على دماغهم! أنا قاعدة في شباكي معززة مكرمة
يا ولية دانتِ حتى
نقلتِ البوتجاز جنب الشباك وقلبتِ الصالة مطبخ عشان ما تضطريش تقومي من مكانك
شوف يا ابو عوض، طول ما
لقمتك جاهزة وفرشتك نضيفة وهدمتك مغسولة مالاكش حاجة عندي يااخويا، ده ايه ده!!
وسيبني بقى اركز مع حارة الهم دي وأهلها وما تضيعش وقتي، الأكل عندك سخن ومتغطي
اهو
تنهد زوجها بضيق وذهب
لاستبدال ملابسه
لمحت أم عوض طفلاً من أبناء الجيران يمر من أمام
نافذتها، فنادته:
انت يا واد يا مروان،
أمك ولدت ولا لسة يا واد؟
لسة
هو انا يا واد كل ما
اسألك تقولي لسة! دي امك حامل بقالها يجي تسع سنين، ما ولدتش ازاي لحد دلوقتي!!
وانت مااالك
ملة على جنابك قليل
الأدب، ايه ده! مافيش تربية!. إياك تعدي من تحت الشباك تاني.. تلاقي امه اللي
مسلطاه ما يقوليش، جيران غجر
لمحت بائع الروبابيكيا
يحمل على عربته الكارو بعض كراسي صالون عرجاء، وعليها كسوة مهترءة وموصومة بغبار الزمان، وينادي:
بيكياااا
بيكيااااا أي حاجة
قديمة للبيع، بيكياااا
نادته وهي تتفرس في
الصالون البالي:
ازيك يا سيد يا بيكيا
غمغم الرجل بضيق:
يا فتاح يا عليم يا
رزاق يا كريم... نعمين يا ست ام عوض؟
انت جايب الصالون
المدغدغ ده من عند مين؟
من عند الأستاذ نعيم
نعيم جوز شكرية! أعوذ بالله،
ناس بخلا، ما هانش عليهم يسيبوا الصالون إلا اما جابوا داغه، ده خشبه مسوس وحالته
بالبلا، كانوا بيقعدوا عليه ازاي دول!!.. باعوهولك بكام يا سيد يا بيكيا؟
يا ست وانت مالك! ما
تخليكِ في حالك وسيبينا في أكل عيشنا، وكفاية نق وبحلقة في الرايح والجاي
طب امشي غور من هنا
صدعتنا، من صباحية ربنا داير من عطفة لعطفة ومن زقاق لزقاق وعمال تجعر وتقول بيكيا
بيكيا بيكيا.. اييييه زورك ما بيوجعكش!
تنهد الرجل بضيق ومضى
بعربته الكارو ينادي
بيكياااا بيكيااااا
فجأة لمحت الصيد الثمين
الذي تنتظره بين الفينة والفينة، إنها السيدة نجوى زوجة حودة الميكانيكي، شهقت
ونادتها:
نجوى، نجوى يا اختي
ييي ممم أهلاً يا ام
عوض
اهلاً بيكِ يا حبيبتي،
قربي كدة وتعاليلي تحت الشباك عشان عندي كلام يهمك
ممم حاضر، استر يارب
وقفت أسفل النافذة
لتحدثها:
خير يا ام عوض
والله يختي ما عارفة
اقولك ايه، عندي كلام كدة مش هيعجبك بخصوص الاسطى حودة جوزك
حودة!! كلام ايه يا ام
عوض؟
هقولك بس الكلام تخليه
سر، لا تقولي ام عوض قالت ولا ام عوض عادت، أنا يختي ماليش دعوة
يوووه ما تلخصي يا ام
عوض، أنا مش فاضيالك
جوزك يا حبيبتي ناوي يتجوز عليكِ
يا مصيبتي!! حودة عايز
يتجوز عليا!!
ايوة، وماشي في
الإجراءات وشكله هيتتمم الموضوع قريب
عرفتِ ناوي يتجوز مين
يا ام عوض؟
ايوة، أومال انا قاعدة
في الشباك بلعب!
هي مين يا ام عوض
قوليلي
نعمة بنت أم نعمة
ايه! نعمة!!
ايوة يختي نعمة، واللي
يكرهها يعمى، جوزك راصدها في الروحة وفي
الجاية، هو يشوفها من هنا وبعيد عنك حالك يتشندل، يسيب أغلاها عربية بيصلحها ويقعد
يتنهد ويسبل ويغني، عاملي فيها عبد العزيز محمود بسلامته
جوزي أنا يتنهد ويسبل
ويغني! ده عمره ما عملها معايا
ما هما كدة يختي زي
القرع يمدوا لبرا
اوعي يا ام عوض تكوني
فاهمة الموضوع غلط وتخليني أظلم الراجل الشقيان عليا وع العيال
يا عين امك يختي! نفسك
أطلع غلطانة أنا عارفة، بس والله يا نجوى يا أختي زي ما بقولك كدة، جوزك مش شقيان
عليكي وعلى عيالك لوحدكو، ليكو شركا وانتو مش دريانين، ده حتى بجبروته راح دفع لام
نعمة إيجار الشقة الشهر ده، طبعاً عشان خاطر عيون نعمة
ضربت زوجة الاسطى حودة
على صدرها وقالت:
يا لهوي! دفع لام نعمة
الإيجار عشان خاطر بنتها! وانا اللي عمالة أدبر واوفر وحارمة نفسي من حاجات كتير
واقول يا بت ما تبقيش مسرفة وحافظي على مال جوزك!!
ايوة يا حبيبتي، حافظي
على مال جوزك عشان واحدة تانية تاخده، شاطرة
هزت رأسها غير مصدقة ما
تسمع وقالت:
مش قادرة أصدق أن حودة
يتجوز عليا بعد عشرة عشر سنين
يا حبيبتي الراجل ممكن
يتجوز لو بعد عشرة خمسين سنة لو لقى واحدة دخلت مزاجه
وهي نعمة بقى اللي دخلت
مزاجه!!
ايوة، البت حلوة
ومسمسمة بصراحة، هي معصعصة صحيح، بس دي قلة تغذية، عارفة دي لو لاقية عز وبغددة
وغذا ، كنتِ اتفرجي على حلاوتها
انتِ بتغظيني يا ام
عوض!!
ابداً يا حبيبتي، أنا
بس عايزاكِ تفوقي لروحك بدل ما الرجل يطير، ده الموضوع دخل في الجد وشكله كدة
خطبها
ايه! خطبها! لالا، مش
معقول
لا معقول ونص، إمبارح
يا حبيبتي كنت قاعدة في شباكي لا بيا ولا عليا، وبضرب بعيني ناحية الورشة، الاقيلك
جوزك ساب الشغل وراح اتمشى كام خطوة ودخل عند الاسطى زيزو الحلاق، خد شعر ودقن
وخرج من عنده متسبسب ومتغندر ومغرق نفسه كلونيا ريحتها قلبت الحارة، فضلت حاطاه تحت
المراقبة لقيته حود هونيك على دكان
الحلواني الشامي، وخارج من عنده وشايل شيء وشويات من عند الزلمة، وطلع بيها عند أم
نعمة وغاب يجي نص ساعة، ونزل من غيرها، تلاقيهم قروا الفاتحة
اشتعلت دواخل المرأة
وقالت:
بقى كدة يا حودة! تخطب
نعمة وتجيبلها حلويات من عند الحلواني الشامي كمان! وانا اقولك هاتلي زلابية
من عربية عم احمد الحلواني السريح تتنطشني!!
تنهدت أم عوض وقالت:
قلبي عندك يختي، تبقى
في بقك وتقسم لغيرك. شفتي بقى قعدتي في الشباك نفعتك ازاي! عشان تعرفوا اني قاعدة
لمصلحتكو يا حريم حارة الموعودين.., لكن انتِ هتعملي معاه ايه بقى؟
والله لاقلب الدنيا على
دماغه و دماغها، أنا هخلي اللي ما يشتري يتفرج عليهم
يلا ربنا يوفقك
انطلقت المرأة كالأعصار
صوب ورشة زوجها، فلم تجده، فسألت الصبي والشرر يتطاير من عينيها:
الاسطى بتاعك فين يا
فرج؟
في حاجة ولا ليه يا ست
نجوى؟
بقولك الاسطى بتاعك
فين؟
الاسطى حودة راح مع
زبون عشان يعاينله عربية ناوي يشتريها
راح مع زبون ولا راح
يشتري الشبكة وانت بتداري عليه!!
أدرك أنها قد نما إلى
علمها شيئا، فأسر الأمر وادعى الجهل به وقال:
شبكة ايه بس يا ست
نجوى! انتِ بتتكلمي عن ايه!
زفرت المرأة زفرة
مستعرة، واستدارت عامدة بيت نعمة بخطوات مسرعة، فاتسعت حدقتا فرج، وعلم أن الأمر
لن ينتهي إلى خير:
************************
كانت نعمة في هذه
اللحظة تتحدث مع صديقتها عبر الهاتف:
يعني مافيش قدامك أي
شغلانة ليا خالص يا رانيا؟
يا نعمة يا حبيبتي
قلتلك أول ما الاقي حاجة هتصل بيكِ. ومعلش دلوقتي مضطرة أسيبك عشان داخلة داخلة
دار القضاء العالي بتابع شوية قضايا تبع المكتب بتاعنا، سلام
تنهدت نعمة وانهت
المكالمة قائلة::
الله يسلمك يا رانيا..
يارب افرجها يارب
وقفت زوجة حودة عند باب
شقة أم نعمة وقرعت الجرس وداخلها يصطلي
تسترت أم نعمة وفتحت
الباب، فألفت زوجة الاسطى حودة أمامها بوجه مكفهر والشرر يتطاير من عينيها، فأدركت
أم نعمة أن في الأمر شيء غير محمود، جاهدت في رسم ابتسامة وقالت باضطراب:
آآأهلاً، أهلاً يا نجوى
يا بنتي، اتفضلي
دخلت وجلست في مقعد
قريب من الباب، وقالت بوجه متربد
:
كويس انك معتبراني بنتك
يا خالتي ام نعمة، عشان اتجرأ أنا كمان واقولك ياامّا
تلعثمت أم نعمة:
أأ هه آآ طب.طبعاً يا
نجوى، انتِ بنتي زي نعمة بالظبط
وإذا كان الكلام كدة
بقى ونعمة اختي وانا اختها، ينفع ياامّا إن الأخت تتجوز جوز اختها!!
تعرق وجه المرأة وشخص
بصرها، وضلت الكلمات الطريق إلى شفتيها، فخرجت نعمة تقول باسمة:
بعد أهلاً وسهلاً
وشرفتينا يا نجوى، كنت عايزة اعرف إنتِ مين قالك الكلام الفارغ ده؟
اللي قال قال يا نعمة،
مش هنسيب الحمار ونتشطر ع البردعة. كل اللي حصل وصلني كامل مكمل، من أول ما حلق
واتسبب عند زيزو، لحد الحلويات الشامي اللي جابهالكو وما نزلش بيها، يبقى سكتكو دي
اسمها ايه بقى غير سكة جواز!!
هه اللي بلغك كداب يا
نجوى، ما انكرش إن الاسطى حودة كان عندنا بالليل وجابلنا حلويات شامي، شايلينها
بقفلتها زي ما هي لحد دلوقتي. بس اللي لازم تعرفيه إن الاسطى حودة كتر خيره كان
شاف عاطف اخويا مع ماما من كام يوم ناحية الحلواني الشامي، وسمع عاطف بيتحايل على
ماما تجيبله، وانتِ عارفة الظروف بقى، فصعب على الاسطى حودة وجابهالنا ونزل، حتى
ما شربش كوباية مية في بيتنا. والحلويات قولناله ياخدها معاه، لكن حلف ما ياخدها،
وانا كمان حلفت لابعتهاله، وكويس انك جيتِ عشان تاخديها معاكِ عشان عيالكو أولى،
وبصراحة الهدية غالية ومانقدرش نردلكو زيها، عشان كدة ما تلزمناش
استدارت نعمة ونادت
شقيقها
عاطف، هات علبة
الحلويات اللي فوق التلاجة يا حبيبي
حاضر يا أبلة نعمة
جاء عاطف يركض بعلبة
الحلوى، فأعطتها نعمة لزوجة حودة باسمة وقالت:
اتفضلي يا نجوى، وقولي
للاسطى حودة، كتر ألف خيرك. أم نعمة وولادها ما بيقبلوش هدايا من حد غريب. وفي
النهاية انت أخ وجار عزيز.. شرفتينا يا نجوى
تيقنت نجوى أن نعمة لا
تريد زوجها، فأكبرت صنيعها.. ولكن لا يزال الشك في أمر زوجها ينهشها.. قامت عن
مقعدها وقالت بنبرة معتذرة:
ما تآخذونيش يا جماعة.
اللي سمعته فور دمي، حقكو عليا، عن إذنكو
أخذت علبة الحلوى
وغادرت المنزل، فانفجرت أم نعمة في البكاء والنحيب مرثية حالها:
جت الحزينة تفرح
مالقيتلهاش مطرح
ربتت نعمة على كتفها
وقالت بحنو:
شفتِ بقى يا ست الكل
اننا كنا هنرمي روحنا في بحر مشاكل، مش في جوازة!! هه من بكرة الصبح إن شاء الله
هنزل أدور على شغل
انخرطت والدتها في بكاء
مرير، وكأنها شعرت أن الحياة توقفت عن الدوران، ولا سبيل لبلوغهم ولو غيض من فيض الأماني، ونست أن للكون
إله يدبر أمره
*************************************
عاد الاسطى حودة إلى
منزله مستعراً، فألفى طفليه يأكلان الحلوى أثناء مشاهدة فيلم كرتوني ، فصاح
منادياً زوجته بصوت غاضب:
نجوى، انتِ يا ست
هرع إليه طفلاه:
بابااا
كظم بعض غيظه من زوجته،
وطبع ابتسامة وقبل ولديه
ازيك يا محمد، عامل ايه
يا زياد
خرجت زوجته وقالت
بتهكم:
مين! الاسطى حودة،
حمدالله ع السلامة يا اسطى
انتِ ايه اللي وداكِ
عند ام نعمة!
هه ممم ومالك متعصب كدة
يا اسطى!!
استدارت إلى ولديها
وأمرتهما:
محمد، زياد، ادخلوا
العبوا في اوضتكو يا حبايبي
ركض الطفلان إلى
الداخل، فخلت ساحة المعركة، فتجهمت زوجته وقالت بنبرة حادة:
فرج اللي بلغك! طبعاً،
ما انت ولي نعمته ولازم يبلغك بكل شيء أول بأول
ما ترديش على السؤال
بموشح، بقولك ايه اللي وداكٍ عند ام نعمة!
صاحت به غاضبة:
كنت رايحة اتفرج ع الحلاوة
الشامي اللي مادخلتش بيتي ولا جبتها لعيالك، ورايح تجيبها لنعمة عشان تنول الرضا..
بس احب اعرفك بقى ان البت مش رايداك، وبعتتلك الحلاوة بتاعتك وبتقولك ما تلزمنيش
يا اسطى
شعر بطعنة خنجر في
رجولته، فاشتعل غضباً فج من عينيه، وقال:
نعمة اللي قالتلك كدة؟؟
وقع في أحبولة زوجته،
وعرفت ما طوته سريرته، فطاش عقلها:
يعني الكلام صح بقى
وانت عايز تتجوز نعمة!!
أيقن أنه وقع في شرك
زوجته، أطرق قليلاً، ثم سألها:
أنا عايز اعرف ايه اللي
حصل بالظبط؟ يعني لما روحتِ عند ام نعمة، نعمة قالتلك إنها مش عايزاني؟
ثارت ثائرة المرأة:
ايوة كدة تعالالي دوغري
وطلع المستخبي في قلبك يا حودة.. نعمة غطت عليك ورفضتك بصنعة لطافة، لكن انت بقى
متعلق في حبالها، ومن جبروتك عايز مراتك ام عيالك عشرة العشر سنين هي اللي تطمنك
على رد حبيبة القلب.. نعمة طلعت ناصحة ومش عايزة مشاكل، لكن انت بقى اللي فتحت باب
مشاكل انت مش قده يا حودة، عشان أنا ليا أهل ياخدولي حقي. وربنا اللي تتهزله سبع
سماوات ما انا قاعدالك فيها
هرعت بغليلها إلى
الداخل تجمع أغراضها لتترك المنزل، بينما هبط الأسطى حودة في المقعد يزفر أنفاسه
******************************************
دق جرس منزل المعلمة
جباير، فأسرعت سوكا لتفتح الباب، ألفت أمامها شحتة، فشهقت فرحاً وقالت:
سي شحتة بحاله! ده ايه
الهنا والسعد ده!
رد بجفاء:
المعلمة فين؟
جوا
ناديهالي
طب مستعجل كدة ليه بس!
ما تاخد وتدي معايا في الكلام شوية، ههه حن شوية وبلاش القسوة دي معايا
زفر وقال باحتداد
بقولك اندهيلي المعلمة،
كلام ايه اللي هيكون بيني وبين واحدة زيك!!
اشتعلت دواخلها وتطاير
الشرر من عينيها وانتوت رد الصاع صاعين:
انت فاكر نفسك ايه يا
جدع انت! شايف روحك على ايه وباصصلي من فوق! اذا كنت انا خدامة، فانت كمان خدام
ومرمطون، وشهادتك اللي فرحان بيها، ما عليتش مقامك هيهييي فوق لنفسك للزمان يفوقك يا
عنيا
حدجها بنظرة مستعرة
وقال غاضباً:
انتِ اللي فوقي لنفسك،
واعرفي إن مهما حصل، عمري ما هنزل لمستوى واحدة جاهلة ومن بيئة وضيعة زيك، أنا
المهندس محمد إبراهيم شحتة يا حشرة
شعرت بامتهان كرامتها،
فطفرت عبراتها، وانصرفت من أمامه كسيرة، بينما شعر هو بندم على غطرسته وامتهان
كرامتها، فأخفض رأسه حسيراً.. أتته المعلمة جباير وقالت:
عايز ايه ياض يا شحتة؟
حاولت اتصل بيكي، لكن
تليفونك مقفول، وتليفون البيت بقاله فترة مشغول، كنت عايز استأذن من حضرتك إني مش
هقدر أجي بكرة عشان هكون مع والدتي في المستشفى
ردت باحتداد:
نعمين يا اخويا!! يعني
ايه مش جاي بكرة!! يعني نقفل الدكان عشان سواد عيون المحروسة امك ونقعد في
بيوتنا!!
كظم غيظه وقال بنبرة
هادئة:
يا معلمة أنا ما اقدرش
اسيب والدتي تروح المستشفى لوحدها
هيجرالها ايه! الديابة
هتاكلها! انزل يا خويا وتكون من الصبح فاتح الدكان، بلا امك بلا ابوك
صفعت الباب في وجهه،
فشعر بدمائه تفور في عروقه، نزل وهو يتفكر في كلمات سوكا.. حقاً خادم، خادم ذليل
تحت إمرة سيدة مستبدة.. ولا يمكنه الفرار، فالراتب عن هذه المهزلة مجزي ويفي
بحاجاته وأدوية والدته الباهظة الثمن.. ليس أمامه سوى ابتلاع غصته، وإخماد ثورة
كرامته
******************************
انتهت الحلقة، إلى
اللقاء الخميس القادم إن شاء الله
لا إله إلا الله ولا
حول ولا قوة إلا بالله
اللهم صل وسلم وبارك
على نبينا محمد
تسلم ايدك يا خالتو يا قمر الحلقة تحفة والرواية جنان وكل مره بتكون احلى واحلى وحقيقي بتحكي واقع بيمر علينا وبنشوفه كل يوم بين واحد مش عنده ضمير وبيستسهل الحرام زي المعلم حسونه اللي بيعمل لحمة حمير
ردحذفوبين واحد مش بيدور غير على مصلحته هو وماشي ورا شهواته وبس زي المعلم عدوي وبين الناس المتكبرة اللي بتستقوى على خلق الله زي المعلمه جباير وبين الناس الحشرية اللي مش بترتاح كدا غير وهيا داخله في حياة الناس كلها زي أم عوض ست مستفزه اوي بصراحه وكانت سبب إنها تخرب بيت الاسطا حودا ومراته بصراحه شكلها مستقوية بأهلها
والناس الغلابه اللى مهضوم حقهم في المجتمع وبيتداسو بالرجلين ولا لهم حقوق ولا كأنهم بشر اصلا يمكن الحيوانات بيرأفوا بحالهم اكتر منهم
بجد زعلانه على المهندس محمد شحته اوي في الاخر يخلوه معلم جزارة وايه كمان بيعاملوه ولا كأنه خدام دا يمكن بيعاملوا الخدامين احسن من كده
ردحذفيعني ايه أمه تعبانه والمعلمة جباير الٰهلي تقع في جبر ما تلاقي اللي يجبرها ترفض أنه يروح مع أمه المستشفى
المفروض يختار أمه وتعمل اللي تعمله يتحرق الشغل على المحل عليهم كلهم
لو اختار أمه عمره ما هيندم ابدا بالعكس دا يمكن ربنا يجبره بحاجه أفضل وأحسن من الشغلانه المهينه دي
ولو اختار الشغل هيفضل يتعذب طول عمره سواء كان في الشغل والذل تحت رحمتهم وكرامته اللي بتتهان أو سواء لو والدته حصلها حاجه وهي في المستشفى ولا في الطريق ولا عمره هيسامح نفسه ابدا
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفأنا صحيح متضايقه علشان المهندس محمد شحته بس في نفس الوقت اتضايقت منه جدا إنه كلم سوكا بالطريقة دي صحيح هي تستاهل علشان بعد كدا تبقى محترمة وتتكلم عدل بس مكنش ينفع يهينها كدا مهما كان هي انسانه ولها مشاعر وزي ما هو ميحبش الاهانه لنفسه يبقى حب لأخيك ما تحبه لنفسك
ردحذفعجبني تصرف نعمة اوي اوي زكيه وخرجت من الموضوع بشياكه
ردحذفاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً طيباً مباركاً فيه 💕
ردحذفحلقة حلوة جميلة زيك يا قمر
الدكتور هشام فعلاً شخصية متواضعة وكمان في منتهى الروقان 😂 بياخد كل الأمور ببساطة
صعبت عليا هناء قوي.. بس معقول يكون فيه حد كدة؟؟
ممكن عدم التوفيق او سوء الحظ مرة أو اتنين مش كل مرة كدة.. حضرتك بتبالغي علشان الكوميديا ولا مقصودة؟؟
لا حرمنا الله من إبداعاتك يا جميلة😍
🌷دُمتِ مُبدعة 🌷
فين باقي الحلقات ياهوبة
ردحذفأرجو أن تكوني بخير ❤️