العاشرة ( حارة الموعودين)

 

وصلت سيارة المعلمة جباير إلى الفندق الفاخر المنعقد به العُرس، تسبقها سيارة الحرس الخاص بها، ترجل السائق في خفة وفتح لها الباب، ثم هرع إلى الباب الآخر ليفتح لابنتها غادة. ترجلت المعلمة جباير عن السيارة وهي ترفل في عباءة حريرية بيضاء مرصعة بالجواهر، بالإضافة إلى تلك الجواهر التي تزدان بها مواضع الزينة منها. حتى تلك الإيشارب الأبيض الحريري الذي ينحسر عن بعض شعرها، لم تنس أن ترصعه بالجواهر، فبريق الماس كان من أعلاها إلى أدناها، فبدت كمغارة كنز متحرك.. حتى اختيارها للون الأبيض لم يأت عبثاً، ولكنها جاءت بنفس لون ثوب العرس لتنافس العروس وتفوقها إبهارا.. اتجهت رفقة ابنتها بصحبة الحرس إلى قاعة الحفل تختال بثوبها.. دلفت إلى القاعة الفسيحة الفاخرة التي تضج بالأضواء وينبعث منها مقطوعة موسيقية هادئة تعزفها الفرقة الموسيقية، وطاقم فاخر من النّدل يطوف بين الطاولات  بالمشروبات والحلوى، وزغاريد ضرتيها وعائلاتهما ولهو الصغار بين الطاولات، ومعازيم كثر من الفقراء ذوي الملابس الخالية من الذوق،يرقصون في أماكنهم ويتمايلون ويغنون بغناء شعبي غث، فامتعضت لرؤية الجمع ومدت البصر متلهفة  إلى الكوشة المزدانة التي يجلس بها العروسان، فوجدتها شاغرة، فاستدارت لابنتها وقالت بغضب:

 

المحروس ابوكِ لسة ما جاش هو والننوسة الجديدة، وكمان شوفي عمايله اللي تنقط، عازم نسايبه عدمات القيمة عشان يفضحنا قدام الأجانب! دي مناظر تدخل قاعة فخفخة زي دي!! ولا شوفي حريم ابوكِ والألوان الفاقعة اللي لابسينها والماكياج اللي يقرف  الكلب اللي مدهولين بيه وشهم، كل واحدة فيهم جايبالي ابوها وامها بجلاليب مأيحة وعاملين زي شحاتين السيدة. ده غير الأشكال اللي تغم النفس اللي مالية القاعة. منك لله يا عدوي، الله يسد نفسك زي ما سديت نفسي برؤية الأشكال دي

 

يوو يا ماما، هو حر يعزم اللي يعزمه، مالناش دعوة بيهم، تعالي نقعد بعيد عنهم

 

أوف، تعالي

 

اتجهت إلى طاولة بعيدة عن ضرتيها اللتان ترمقاها بغيظ لتجاهلهما وأهلهما، ونفثت كل من الضرتين في عُرْش الأخرى بأحاديث النساء:

 

شايفة الولية جباير اللي تنقرص يا فريال! بصت علينا بقرف ومشيت

 

لوت الآخرى شفتها وقالت بامتعاض:

 

ما احنا مش قد المقام يا ناصرة

 

شهقت الآخرى وقالت:

 

مش قد المقام ده ايه! كلنا حريم المعلم مع اختلاف الترتيب

 

طيب قومي نسلم عليها بدل ما تحطنا في دماغها

 

ايوة، ما هي دي تحب الكل يوطي ويبوس الأيادي، ويا ويله اللي يعمل راسه براسها

 

جلست المعلمة جباير وابنتها، ووقف الحرس عند رأسيهما، فدارت عينا المعلمة جباير في القاعة وقالت باندهاش:

 

بس ايه ده يا بت يا غادة! ده مافيش حد إلا احنا وحريم ابوكِ وأهلهم، مافيش غير كام طرابيزة كمان عليهم ناس مش ولا بد، شكلهم قرايب ابوك، لا هيئة ولا منظر. دي الفضايح هتبقى للركب الليلة دي

 

جاءت الضرتان، فحيتها ناصرة، الزوجة الثانية:

 

ازيك يا معلمة، ده ايه الحلاوة والطعامة دي!! العباية هتاكل منك حتة، ده خرز وخرْج النجف اللي مرشق فيها ده؟

 

خرز وخرْج نجف!! صحيح جاهلة ما تفهميش. دي جواهر من عند الخواجة انطون يا ولية

 

بسم الله ما شاء الله، ربنا يزيدك يا معلمة ويجعلنا من بركاتك.. ازيك يا غادة

 

أهلاً

 

أزاحت الزوجة الثالثة والتي تبدى عليها الحمل، الزوجة الثانية وقالت:

 

اوعي من قدامي يا ناصرة عشان اسلم على الحبيبة الغالية.. منورة الفرح وربنا يا معلمة، فشر بدر البدور في العباية ام جواهر

 

نظرت المعلمة جباير إلى بطن ضرتها ولوت شفتها وقالت بامتعاض:

 

مش كفاياكي خلفة يا فريال!

 

كان على عيني يا معلمة، بس أصل المعلم عدوي نفسه في واد

 

وهو ناقص صبيان!! ما عنده رضوان زينة الشباب،وناصرة معاها منه تلاتة وانتِ مرزياه باتنين غير البنات اللي بلتونا بيهم

 

وضعت الضرة يدها على بطنها بدلال وقالت تستثير غيظها:

 

المعلم قالي نفسي في الواد التالت منك يا فريال

 

استبد الغيظ بالمعلمة جباير وقالت:

 

طب غوري يختي اقعدي جنب أهلك اللي جايباهم يعرونا

ههه وربنا ما كانوا هيجوا، ده المعلم اللي حلف عليهم ليجوا, وقالهم الفرح مش هيكمل غير بيكو.. بالإذن يا معلمة عشان الوقفة الكتير مش حلوة ع الحامل ههه عقبال ما تفرحي بغادة في بيتها عن قريب وتجيبلك حتة عيل يقولك يا ستي

 

صاحت بها المعلمة:

 

غوري من وشي منك ليها

 

فرت الضرتان من أمامها، فقالت لابنتها والغيظ يفري كبدها:

 

الولية فريال مرات ابوكِ قصدها إني كبرت وقطعت الخلف

 

وبعدين يا ماما!! ما تشغليش نفسك بيها، دلوقتي بابا يجي هي والعروسة والمعازيم المحترمين

 

طب والمعازيم اللي جايين بالطيارات راحوا فين؟ دانا مكلفة العباية بالشيء الفيلاني عشان الشرق والغرب يحلف إنه ما شاف زي المعلمة جباير الليلة، وقعدت يجي اربع ساعات عند الخواجة انطون على ما نقينا الجواهر

 

يا حبيبتي يمكن الطيارات اتأخرت، زمانهم جايين

 

طيب، استني هعمل تليفون

 

أخرجت هاتفها وبدأت في إجراء مكالمة

 

ايوة يا نويشي، لا لسة ماجاش، مافيش حد في القاعة إلا احنا وحريمه وأهلهم وشوية أوباش ما اعرفهومش. لا لسة. استني مني تليفون، سلام

أعادت الهاتف إلى حقيبتها الصغيرة، فسألتها غادة:

 

ايه يا ماما في ايه؟

 

لا ما تشغليش بالك انتِ، هدية صغيرة كدة مجهزاها لابوكِ، بس مستنية اما يشرف.. رني على رضوان اخوكِ شوفيهم اتأخروا ليه

 

رنيت عليه كذا مرة من غير ما تقولي يا ماما، لقيت تليفونه مقفول

 

أوف، طيب، أما نشوف أخرتها

 

ظلت تنقل بصرها بين بوابة القاعة والمعازيم الدون المستوى، فترشقهم بنظرات ازدراء، قالت:

 

وفين أهل البت العروسة! هي مالهاش أهل!!

 

أكيد هما الناس الغٌرب اللي متفرقين على الطرابيزات دول

 

أه، شكل الولية التخينة أم ترتر دي امها، ما احنا ناقصين عرر

 

 

مر بعض الوقت فزفرت ضيقاً وقالت:

 

وبعدين يا غادة، ابوكِ اتأخر قوي، ولحد دلوقتي ما دخلش القاعة حد عليه القيمة، هو انا عاملة في نفسي ده كله عشان اقعد وسط المعفنين دول!!

 

يا ماما اصبري شوية. اكيد بابا اتأخر عشان بيعمل فوتو سيشن

 

بيعمل ايه!!

 

قصدي يعني راحوا يتصوروا صور الفرح هو والعروسة

 

لوت شفتها وقالت:

 

صور الفرح! عاملي ابن عشرين سنة الشايب العايب!!

 

ههه ما هو لازم يفرح العروسة

 

خليه يفرحها، وربنا ليبات متنكد النهاردة هو والسنكوحة اللي اتجوزها

 

صعد على درج المسرح المعد لفقرات الحفل، مذيع الفقرات، فحيا الحضور

 

مساء الخير على الحاضرين، وألف مبروك للمعلم عدوي عريس الليلة، ولعروسته صاحبة الحظ السعيد.. ودلوقتي نبدأ أولى فقرات الحفل، مع فرقة إنشراح لليالي الملاح، بقيادة الفنانة انشراح خليفة، فلتتفضل وفرقتها

 

وفجأة يدخل إلى القاعة جمع من النساء الشعبيات يحملن الطبول ويزغردن، وتتقدمهم سيدة شعبية هي قائدة الأوركسترا الشعبي، فشهقت المعلمة وابنتها وجحظت أعينهما.. وقفت انشراح وسط فرقتها الشعبية فدلى لها المذيع الميكرفون، فحيت الحضور وقالت:

 

يا مساء الهنا ع الحبايب واللي حاضر واللي غايب.. الله يسعدك يا خويا اخرج حاسب الميكروباص اللي جينا فيه، الراجل فاضح الدنيا برا.. معاكو اختكو انشراح، صاحبة فرقة انشراح لليالي الملاح، وبنقول مبروك للمعلم عدوي عريسنا والست برشوم العروسة . وبنحيا حريم المعلم وخصوصا كبيرتهم ونوراتهم المعلمة جباير وبنتها الست غادة وبنقولها عقبال ما تفرحي بغادة ونيجي نحيي ليلتها برضو

 

صاحت غادة غيظاً:

 

ايه يا ماما اللي بيحصل ده! ازاي بابا يجيب فرقة بيئة زي دي! احنا اتفضحنا يا ماما

 

وضعت المعلمة يدها على رأسها وقالت:

 

اسكتي يا غادة عشان أنا الصداع هياكل نفوخي من حرقة الدم اللي انا فيها. منك لله يا عدوي

 

استعدت السيدة انشراح للغناء فنادت في الحضور، هغني وردوا ورايا يا ستات وساعدوا الفرقة.. طبلي يا بت انتِ وهي

 

جذبت إحدى سيدات الفرقة، السيدة إنشراح من كمها وقالت:

 

هو احنا مش هنتعشى الأول يا ست انشراح! انا نازلة من غير عشا وربنا

 

بس يا بت بلاش فضايح، اصبري كلنا هنتعشى بس نحيي الليلة بغنوتين الأول.. زغروتة يا ستات

 

قامت النساء إليها وأولهن زوجتا المعلم، ناصرة وفريال، ، تزغردان وتصفقان على الطبل فبدأت السيدة انشراح أغنية من الفلكلور الشعبي وسط الطبل والزغاريد والنساء يرددن خلفها:

 

اوعيله يا بت اوعييييله

 

اوعيله يا بت اوعييييله

 

ده الظابط يبقى زمييييله

 

ده الظابط يبقى زمييييله

 

أوعالها يا واد اوعاااالها

 

أوعالها يا واد اوعاااالها

 

ده الظابط يبقى خاااالها

 

ده الظابط يبقى خاااالها

 

أوعالها يا واااااد بنت البشوااااااات

 

أوعالها يا واااااد بنت البشواااات

 

على كوبايتهاااا يا ولااااا

 

على كوبايتهااااا

 

قبل ما تخطبها يا ولاااا شوف شطارتهاااا

 

على كبابيهاااا يا ولااااا

 

على كبابيهاااا

 

قبل ما تخطبها يا ولااا شوف أهاليهااااا

 

 

انهت السيدة انشراح الأغنية فحييت الحضور

 

نرجوا ان نكون استمتعناكو، هنتعشى ونرجعلكو تاني وعقبال عندكو جميعا.. العشا فييييين، انت يا راجل يا بتاع البوفين، عايزين نتعشى الله يسعدك عشان جعانين

 

ذهبت الفرقة للبحث عن عشاء، ودلف إلى القاعة رجل أنيق، واتجه إلى درج المسرح المعد للفقرات،  تتبعه نظرات المعلمة جباير وابنتها.. أسر إلى مذيع الحفل بأمر، فأعطاه مكبر الصوت، فحيا الحضور بنبرة راقية:

 

مساء الخير على كل الحضور، وألف مبروك للعروسين، المعلم عدوي باعت تحية خاصة مسجلة للحضور، نسمعها مع بعض:

 

تم إدارة الرسالة الصوتية المسجلة وجلجل صوت المعلم عدوي في القاعة فشحذت المعلمة جباير أذنيها في ترقب:

 

منورين يا شلة الأنس، احنا المعلم عدوي نحيي الجمع الكريه، وعلى رأسكم المعلمة جباير. يا مساء الجواهر يا جباير هههه ابقي سلميلي ع الخواجة انطون، وكبير حظيرة المواشي الريس نويشي هههههاي كان نفسي اجيب العروسة واحضر الفرح، بس معلش بقى عازم ناس أكابر وما ينفعش يجوا يقعدوا وسطكو ليقطعوا الخلف. الفرح الأبهة معمول في فندق أفخم من ده يليق بالعروسة ومستوى الناس العليوي اللي جايين بالطيارات. متشكرين وما نجيلكوش في حاجة وحشة. مع تحيات المعلم عدوي

 

استعرت النيران داخل المعلمة جباير، وخاصة حين رمقت ضرتيها ترمقان النظر إليها وتضحكان في شماتة، وحين وجهت النظر إليهما، وارتا الضحك بأيديهما،  انتفضت عن المقعد بغليلها وأطاحت بالكؤوس عن الطاولة وأسرعت إلى الخارج، تهرول خلفها ابنتها والحرس

 

***********************************

سمعت سوكا صوت جرس الباب فهرعت لتفتح، فألفت أمامها المعلمة جباير والغضب يعصف بملامحها، وخلفها ابنتها غادة، تعجبت سوكا وقالت:

 

المعلمة! هو الفرح شطب بدري ولا ايه!!

دفعتها المعلمة بعنف:

 

اوعي يا بت من خلقتي الساعة دي

 

فسألت غادة:

 

هو حصل ايه يا ست غادة؟

 

اوعي من وشي انتِ كمان، هو انا ناقصاك!ِ

 

تبعت بعينيها خطواتهما الثائرة غضباً وهمست لنفسها:

 

هما مالهم!!

 

صاحت المعلمة بابنتها:

 

اطلبيلي الزفت اخوكِ اللي موالس مع ابوكِ ضد امه. طيب يا رضوان، وقعتك معايا أزرق من النيلة

 

حاولت الاتصال بأخيها مراراً دونما جدوى، فقالت:

 

لسة موبايله مقفول يا ماما

 

ماشي، مسيره يفتحه، وربنا ما هنام إلا اما اطين عيشته واعرفه على الويل اللي هيشوفه

 

ورضوان ذنبه ايه بس يا ماما!

 

ذنبه ايه ازاي يا بت! مش هو اللي ادانا عنوان اللوكاندة اللي فيها الفرح الفشنك!! يبقى متفق مع ابوكِ عشان يهزأ أمه ويقل مقامها. أنا دماغي بتغلي يا بت يا غادة، بتفور، آآآخ يا ناري.. ونفسي أعرف مين اللي بيتجسس عليا وبيبلغ ابوكِ أخباري!! ايش عرفه إني روحت للخواجة أنطون الجواهرجي!!

 

هههه عادي يعني يا ماما، أكيد مشغل جواسيس عليكِ، زي ما انتِ مشغلة جواسيس عليه.

 

نفسي اعرف مين دول، مين دول!! دماغي هتضرب

سلامتك يا ماما، طيب أنا هدخل أغير هدومي. وانتِ مش هتقومي تغيري هدومك؟

 

ما حدش له دعوة بيا

 

جلست تزفر أنفاسها وتتوعد:

 

الصبر طيب يا عدوي، ورحمة شرفك ما هعديهالك

***********************************

بعد انتهاء العُرس الأسطوري، وصل المعلم عدوي بصحبة عروسه إلى الشقة الفاخرة في الحي الراقي الذي اختارته العروس بجوار أصحاب المال والوجاهة والحظوة المجتمعية..كان متأنقاً في جبته وقفطانه ومزدان بطربوشه، وقد صبغ شعره وشاربه بالسواد ليليق بالعروس الصغيرة الشقراء ذات الحسن الفريد.. فتح لها الباب على مصراعيه وقال تغزلاً:

خطي برجلك اليمين يا ست الحسن والجمال

دخلت تشكره بالإيطالية تغنجا

ههه جراتسي عدوي

الله يستر أصلك ههه يا أرض احفظي ما عليكِ

 

لوت شفتها وقالت بامتعاض:

 

ايه يا عدوي طريقة الكلام دي! حد يقول لعروسته الجميلة كدة!! يعني ايه يا أرض احفظي ما عليك! شايفني جزمة ولا شبشب!!

 

ما عاش اللي يقول عليكِ كدة. الشباشب والجزم والقباقيب سبتهم في الحارة وأولهم جباير.. إنما انتِ صنف تاني من الحريم ما وردش عليا قبل كدة، مركوب مفتخر ما يتقلعش من القدم

 

اتسعت حدقتاها وقالت: ايه! انت بتشبه الستات بالجزم والقباقيب!!

 

أطرق وغمغم:

 

شكلك عكيت يا عدوي

 

تنحنح وعاد يقول:

 

أنا بهزر معاكِ يا ست الحسن. الستات دول زي الحلويات، وانتِ حتة بوغاشة مسقية عسل أبيض عالي الجودة

 

يا دي الليلة الملزقة، جراتسي عدوي على التشبيه الجميل

 

ههه مش اجمل منك يا حلو يا طِعِم يا لوز

 

زفرت أنفاسها بضيق من مستوى حديثه ، فجلس على أحد الأرائك بتعاظم ليذكرها من هو، برم شاربه  وسألها مفاخراً:

 

ما قولتليش ايه رأيك في الفرح الملوكي اللي عملتهولك يا مرسون

 

الفرح كان خيال، وهمي، وهمي، القاعة كانت مبهرة ولا المعازيم ومستوياتهم وفخامتهم، رجال أعمال وسيدات مجتمع من مختلف الدول وناس من أعاظم العالم، ولا المطربين المشهورين ونجوم الرقص الشرقي اللي جبتهم. حقيقي فرح أسطوري بجد،  

بجد كنت طايرة من السعادة ومش مصدقة إن الفرح ده بتاعي وإن أنا العروسة، ,

وإننا مسافرين أوروبا بعد بكرة وهزور الأماكن اللي نفسي أزورها في إيطاليا. وبتمنى دايماً كل حياتي معاك تبقى كدة، كلها مفاجآت فوق الخيال

 

ههههاي طبعاً يا غزال

 

تذكر جباير فقهقه وقال:

 

يا ترى عاملة ايه يا جباير بعد المقلب اللي شربتيه

 

************************************

قضت المعلمة جباير زهاء الساعتين في محاولات للوصول إلى ولدها الذي قد أغلق هاتفه.. وأخيراً فٌتح الهاتف ونما الرنين إلى أذنها فاعتدلت في جلستها مترقبة. رد ولدها بصوت مضطرب:

 

مساء الخير يا ماما

 

صاحت به غاضبة:

 

مساء الزفت على دماغك، بقى أنا تعمل فيا كدة يا ندل!! تعمل في امك المغرز ده وتضحك ابوك عليا!! أنا تخليني مسخة ومهزءة قدام اللي يسوى واللي ما يسواش!!

 

طب والله يا ماما ما اعرف أي حاجة عن الحكاية دي، صدقيني والله بابا اللي دبر كل حاجة. أنا لحد الليلة دي كنت فاكر إن ده مكان الفرح، لكن جاني اتصال من بابا، قالي تعالالي يا رضوان على عنوان الفندق اللي هدهولك عشان عايزك في حاجة قبل ما نروح الفندق اللي معمول فيه الفرح. روحت وهناك رجالته خدوا مني الموبايل و..

 

قاطعته باحتداد

أه وغموا عنيك وسقوك حاجة صفرا وما دريتش بالدنيا

 

يا ماما والله صدقيني، الموبايل اتاخد مني واتقفل، واتفاجئت إن الفرح معمول هناك، قلت لبابا طيب خليهم يدوني الموبايل عشان اكلم ماما اقولها على عنوان الفندق ده، ضحك وقالي لا، مش عايز امك تحضر الفرح عشان الليلة ما تتعكرش

 

الهي يعكر مزاجه ويعكر دنيته كلها.. وانت بقى يا سي رضوان كلامك ما دخلش ذمتي بنكلة. وهعرف ازاي أربيك وأعلمك الأدب. وقريب قوي هقفلك الشركة بالضبة والمفتاح واجيبك تشتغل عندي صبي في محل الجزارة تمسح وتكنس، عشان ده المكان اللي يستاهله قليل أصل خاين لامه زيك

 

يا ماما اديني فرصة، يا ماما...

 

أغلقت الهاتف في وجهه فزفر وقال ضائقاً:

 

الله يسامحك يا بابا، انت السبب. مين هينجيني من ايد ماما دلوقتي! لازم اتصل ببابا حالاً

 

هاتف والده، فرد غاضباً:

 

ايه يا غشيم انت! حد يتصل بعريس في ساعة زي دي!

 

عريس ايه بس يا بابا! تعالى شوف ماما واللي عاملاه. دي مش مصدقة إني ما كنتش اعرف حاجة عن المقلب اللي انت دبرتهولها، وبتتهمني إني شريكك في كل اللي حصل، وهددتني انها هتقفل الشركة وهتدمرني. تخيل يا بابا دي قالتلي انها هتشغلني صبي في محل الجزارة!! أنا يا بابا، أنا رضوان العدوي اشتغل صبي جزار!!

 

ههه يا واد يا خرونج انت ما يبقاش قلبك خفيف كدة. اطمن يا رضوان.. أمك ما بتنفذش التهديد إلا مع الأعداء، لكن انت فلذة كبدها اللي عايز حرقه

 

يا بابا ماهي دلوقتي بتعتبرني من الأعداء

 

لا يا رضوان، أمك بتهوشك بس وبتنفس عن حرقة قلبها من اللي حصل، حلاوة روح يعني. روح نام يا رضوان وكفاية من سيرة امك في ليلة زي دي عشان ما تقلبش غم . سلام

 

**************************************

 

 

في هذا الصباح، أسرعت سوكا إلى غرفتها الصغيرة، وأغلقت الباب،  وأخرجت هاتفها، وضغطت رقم ابنة عم لها، فردت باشتياق:

 

بت يا سوكا! هل هلالك يا بت

 

ازيك يا بت يا زوبة

 

زي العسل، ازيك انتِ يا بنت عمي

 

يعني بتسألي على بنت عمك قوي!! دانا بقالي زيادة عن ست شهور ما شوفتش خلقتك

 

ونا اعمل ايه! مش لما جيتلك آخر مرة، الولية اللي اسمها جباير طردتني وقالتلي امشي غوري يا بت من هنا واياك تيجي ناحية البيت تاني!

 

أه، ما هي اصل المعلمة ما بتحبش حد من أهلي يجي يزورني عشان مش قد المقام وما يشرفوش بصراحة

 

انتِ بتشتمينا يا بت يا سوكا ولا ايه!!

 

هأ، يختي بشتمكو وبشتم نفسي، ما هي الطينة من العجينة... الناس كلها بصالنا من فوق وطول عمرنا متداسين بالجزم

 

... مالك يا بت يا سوكا؟؟

آآآآه قلبي مليان على آخره يا بت يا زوبة

 

زيحي يختي عن قلبك وفضفضي، جيتي للصدر الحنين

 

بعدين.. بعدين يا بت.. الكلام ماينفعش في التلافون، هفوت عليكِ في البيت ولينا قعدة خصوصي

 

مش هتيجي تحضري فرح شيماء اختي يوم الخميس  اللي بعد الجاي؟

 

ايه ده! هي كانت لسة ما اتجوزتش!! مش قولتيلي يا بت من شهور انكو فرشتوا الشقة؟

 

ايوة، بس العريس قفشوه بحتتين حشيش واتسجن، أجلنا الفرح على ما يخرج من السجن هو وابوه

 

يا لهوي!! هو ابوه كمان مسجون يا بت؟

 

ابوه وعمامه وتلاتة من ولاد عمه، بس قلنا مش هنستناهم كلهم بقى، دي كدة البت هتعجز واسنانها تقع ومش هتشوف الجواز بعينها

 

ده ايه العيلة اللبش اللي وقعتوا فيها دي! احنا ناقصين صيّع!!

 

ههههههه اومال يعني كنا هنجوزها لظابط!! ما انا كمان خطيبي قفشوه بحشيش، واحد صاحبه منه لله بلغ عنه والحكومة جت خدته من ع القهوة، ربنا يفك سجنك يا صبحي عشان نتلم ونتجوز

 

ييي بس بس بس اتسدي، ايه ده!! ومش عايزة المعلمة تطردكوا!! دي كويس انها ما ولعتش فيكو

 

ههههه أه يختي ما احنا اللي بيتقال علينا رمم ولما نغلط نتحبس، لكن المعلمة تاجرة المزاج كله، يتقال عليها الهانم هيهييي الهانم راحت والهانم جت. كلنا خدامين تراب رجليها

 

الناس مقامات يا بت يا زوبة، ايش جابكو انتو للمعلمة!! ..أنا قاصداكِ في خدمة يا بت

 

عيني يا بنت عمي

 

في بت داكتورة كدة غايظاني وعايزة انتقم منها

 

وماله، اديني عنوانها وانا اخد البت سعدية والبت قمر ونروح نديها الطريحة اللي هي ونخليها ما تنفعش بقرشين

 

لا.. لا يا بت.. مش دا الانتقام اللي يشفي غليلي.. هبقى اقولك بعدين.. أنا هروحلها العيادة الأول، وبعد كدة هقولك تعملي ايه

 

ماشي يا سوكا، وانا في الخدمة يختي.. بس قوليلي مش هتحضري فرح شيماء؟

 

هو امتى؟

 

يا بت قولتلك الخميس اللي بعد الجاي، عاملين ليلة في الحارة وهنجيب اجدعها مطربين، والحشيش والبيرة للصبح

 

اه، والبوليس يجي يلمكو بربطة المعلم عشان احنا ناقصين فضايح وقلة قيمة

 

يختي بلا قيمة بلا سيما، خلي الناس تفرفش.. هتيجي؟

 

ايوة هاجي، شيماء بنت عمي ولازم أوجب معاها، بس اما توجبي معايا انتِ الأول في المشوار اللي عايزاكِ فيه

 

ما انا قلت عنيا يا بنت عمي

 

تسلم عنيكِ يا بت يا زوبة.. سلام عشان رايحة العيادة للحرباية

 

ربنا ينصرك على من يعاديكِ يا سوكا يا بنت عمي، دعوة من قلب مؤمن متربي

 

**********************************

انتظرت سوكا في العيادة النفسية الكبيرة التي تجمع أكثر من طبيب، من بينهم الدكتورة ملك والتي اختارت سوكا العرض عليها، كان قلبها يتلهف لرؤية غريمتها الدكتورة ملك، كيف هي هيئتها، هل هي جميلة بهذا القدر الذي أذهل حبيبها عنها وجعله يوليها ظهره غير آسفاً عليها وعلي حبها الجارف الذي أبدته!.. كيف تتحدث هذه الطبيبة! كيف هو صوتها!.. أسئلة كثيرة كانت تنهش خاطرها فتصطلي شوقاً لرؤية تلك الغريمة ذات العلم والكتب.. أخيراً قد حان دورها، فهرعت إلى حجرة دكتورة ملك، أمسكت بالمقبض وفتحت الباب متلهفة، فوقعت عينها على الطبيبة الشابة الباسمة. وقفت تطلع في وجهها ذا الجمال الهادئ والمعتاد، والذي يخلو من المساحيق والتزين، أصغرتها في نفسها سوكا وقالت في نفسها بازدراء:

 

هي دي بقى الدكتورة ملك اللي طالع بيها السما! عادية يعني، واقل من العادية كمان

 

رحبت بها الدكتور ملك بلطف:

 

أهلاً، اتفضلي اقعدي

 

توشكري يا دكتورة

 

ها، قوليلي بقى اسمك ايه؟

 

صمتت سوكا هنية ثم قالت:

 

... اسمي ملك

 

هه ياه! على اسمي

 

ممم ايوة، ما هي الأسامي بتتشابه، لكن الحظ عمره ما اتشابه يا داكتورة

 

طيب احكيلي يا ملك، ايه مشكلتك عشان أقدر أساعدك

 

أنا بحب واحد، بحبه قوي، بس هو ما بيحبنيش.. بيحب واحدة تانية

 

أه.. دي حكاية ممكن تتكرر مع ناس كتير..بس صدقيني مش معنى انه بيحب واحدة غيرك إنك إنسانة ناقصك حاجة.. المسألة مسألة مشاعر، الإنسان مش بيقدر يتحكم في قلبه. وأكيد أنتِ ليكِ حظ أجمل مع إنسان تاني

 

صاحت بها سوكا:

وليه اللي هو بيحبها تفوز بيه وحظها يبقى حلو معاه! طب ما تبعد عنه وتسيبهولي، أنا بحبه أكتر ما هي بتحبه

 

وليه تفترضي إن حبك له أقوى من حبها له!

 

عشان عارفة إن مافيش واحدة في الدنيا حبت واحد قد ما حبيته

 

اسمعي يا ملك..

 

قاطعتها سوكا بفظاظة:

 

أنا مش جايالك عشان تواسيني ولا تقوليلي كلمتين يصبروني، أنا جايالك عشان تشوفيلي حل. مش إنتِ الداكتورة اللي بتحل العقد للناس! حليلي عقدتي، أنا دافعة فلوس قد كدة

 

أطرقت الدكتورة ملك قليلاً ثم قالت:

 

يا ملك لازم تفهمي إن دور الطب النفسي مش إنه يغير الواقع، لكنه دوره إنه يخلي الإنسان يتواءم مع الواقع

 

شعرت سوكا بالغيرة من طريقة حديث الدكتورة ملك وكلماتها المنمقة، والتي لا تقدر حتى أن تكررها ورائها، وقالت بضيق:

 

أنا مش فاهمة الكلام المتستف ده

 

دق جرس هاتف الدكتورة ملك، فوجدته خطيبها المهندس محمد، فألغت المكالمة على الفور، وهمت بالعودة إلى حديثها مع سوكا، ولكنه عاود الاتصال، مما جعلها تتيقن أن هناك أمر ما، فردت على الهاتف

 

ايوة يا محمد

 

ما أن سمعت سوكا إسمه حتى ارتعدت وثبتت النظر إلى الدكتورة ملك، تهلل وجه الدكتورة وقالت لخطيبها:

 

حقيقي يا محمد! يعني أخيراً هنستلم الشقة؟ بجد أنا سعيدة قوي ههه مش قلتلك الصابرين بخير!

 

اشتعل صدر سوكا غيظاً، واستمرت في متابعة حديث الدكتورة ملك وخطيبها وهي تتلظى على الجمر:

 

طيب طيب يا محمد، خلاص إن شاء الله في معاد الاستلام الأسبوع الجاي أكون معاك هه اوكيه، طبعا ههه اومال اسيبك تستأثر باللحظة التاريخية دي لوحدك!! هه طيب اسيبك دلوقتي عشان معايا حالة... عليكم السلام

عادت الدكتورة ملك لحديثها، فسألت سوكا التي تظنها سميتها:

 

ممم انتِ دراستك ايه يا ملك؟

 

انا ما روحتش مدارس، انا ما بعرفش استقرا من أساسه

 

مم طيب واللي بتحبيه؟

 

خالته سوكا أمامها وقالت بإكبار:

 

اللي بحبه متعلم، متعلم قوي، معاه شهادات كبيرة معلية مقامه

 

سددت نظرة إلى الدكتورة ملك وسألتها بصوت خنقته عبراتها:

 

قوليلي يا دكتورة، مش الحب ما يعرفش مقامات؟ مش الحب مش بالشهادات؟

 

يا ملك أنا عارفة إن الحب مشاعر رقيقة ومش بنقدر نتحكم فيها، لكن الارتباط لازم يقوم على التكافؤ

 

يعني ايه؟؟

 

يعني لازم تكوني في نفس المستوى العلمي والثقافي والاجتماعي للي بتحبيه، مش كفاية الحب وحده

 

هبت سوكا واقفة وقالت وهي تستعد للمغادرة:

 

لا، اسمعي انتِ مني يا دكتورة يا بنت المدارس يا صاحبة المقام العالي.. دنيا الحب غير دنيا الشهادات، الواحدة لما تحب بتبقى ملكة ولو من غير شهادة، ملكة وحبيبها جنبها ملك تفديه بروحها.. ولو واحدة فكرت تاخد منها الملك ده، تبقى جنت على روحها.. وأنا اللي بحبه مش هسيبه لواحدة تانية مهما حصل ومهما كان معاها شهادات... اذا كانت هي دارسة في الجامعة ام شهادة، فانا دارسة في جامعة الحياة، ودي أكبرها من أي جامعة، وشهادتها أعلى من أي شهادة. وبكرة نشوف مين شهادته هتعلى على شهادة التاني.. سلام

 

اندفعت إلى الخارج وصفعت الباب خلفها، وسط ذهول الدكتورة ملك:

 

ايه الإنسانة الغريبة دي!!

 

دلفت إلى الدكتورة ملك، زميلتها الدكتورة دنيا وهي تزفر وتستغفر:

استغفر الله العظيم

 

ههه ايه بس يا دنيا مالك

 

جلست وقالت بضيق:

 

زهقت، اكتأبت، هطفش وما حدش هيعرفلي طريق

 

قهقهت الدكتورة ملك وقالت:

ايه بس يا حبيبتي! أنا هلاقيها منك ولا من الحالات الغريبة اللي بتتعرض عليا!!

 

مش اغرب من الحالات اللي بتتعرض عليا يا أختي، أنا عايزة أعرف كان عقلي فين لما اتطسيت في نظري ودرست طب نفسي

 

ههههه دي رسالة لازم نأديها

 

رسالة مهببة. لسة واحدة ماشية من عندي خلت الدنيا كحلي قدامي من كتر المشاكل اللي عندها، ابوها ومرات ابوها وجوزها واخوات جوزها وحماتها وجيرانها وعيالها وزمايل عيالها وأمهات زمايل عيالها والبقال والزبال وبتاع الروبابيكيا وباب المطبخ اللي بيزيق، ولمبة اوضة النوم اللي بترعش

 

 

هههه مش ممكن

 

يا شيخة دي حسستني إن مافيش في الدنيا حد عدل ولا حاجة عدل، دي عاملة مشاكل حتى مع عين البوتاجاز. حالتها النفسية سيئة جدا وعدتني بالكآبة اللي عندها

 

وعملتِ معاها ايه؟

 

هعمل ايه! كتبتلها مهدئات، ما هو عشان المشاكل اللي هي فيها دي تتحل لازم تتولد من أول وجديد لأسرة غير اللي اتولدت فيها وتتجوز راجل غير اللي اتجوزته عشان ما تشوفش خلقة أهله، وتسكن في شارع غير اللي هي فيه وفي عمارة غير العمارة اللي ساكنة فيها عشان ما تشوفش نفس الجيران الهمج اللي بيضايقوها آآآه الصبر يا رب

 

ههه يارب يا دنيا

 

دنيا عجب يا اختي لو سمحتِ، زي ما جوزي مسميني

 

هههه طب بالله عليكِ مين يهون علينا ويضحكنا غيرك

 

اهو الواحد بيضحك من غلبه.. بس ايه البت اللي كانت عندك دي، دي عنيها بتطلع شرار وماشية من هنا زي اللي رايحة تعمل مصيبة

 

ربنا يهديها، دي حتى ما ادتنيش فرصة اتكلم معاها، أو اكتبلها على أي مهدئ

 

والله احنا اللي عايزين مهدئات.. أنا اعتذرت لباقي الحالات اللي عندي النهاردة، قلت كفاية جرعة الاكتئاب اللي خدتها النهاردة ونكمل بكرة إن شاء الله.. هتروحي ولا لسة عندك حالات؟

 

لا في حالة مستنياها كمان نص ساعة

 

طيب أنا ماشية عشان اعدي على  ماما قبل ما اروح للعيال، بتقولي بقالي يومين بشوف خيالات في الشقة وبسمع أصوات مخيفة، وبتقولي تعالي دوري عليهم معايا عشان نمسكهم

 

يا خبرا! هي مامتك تعبت نفسياً؟

 

امي هي اللي جايباه لنفسها، ما بتنامش إلا ما بتشوف فيلمين تلاتة رعب قبل ما تنام، وفي الآخر تلبش جتة بابا وتخليه يمشي يتلفت حواليه، كل شوية تبرق وتقوله سامع اللي انا سامعاه يا عبد البر؟؟ والله ابويا صعبان عليا وعايزة اخده يعيش عندي وخلي امي مع مغامراتها مع العفاريت

 

هههه ربنا يصلحلهم الحال يارب

 

يارب، سلام يا ملك واشوفك بكرة إن شاء الله

 

إن شاء الله، مع السلامة يا دنيا

 

***********************************

اتجهت سوكا فور خروجها من العيادة إلى بيت عمها لعقد الاتفاق مع ابنة عمها بشأن الدكتورة ملك،على الدرج التقت بأحد أبناء عمها وهو يعمل سباك، ما أن رآها حتى تهلل وجهه وعدل ياقته وحياها:

 

سوكا، ازيك يا بنت عمي

 

ازيك انت يا حسن. على فين كدة؟

 

بوضب السباكة في شقة عريس دخلته بعد اسبوعين. قالي يا اسطى حسن ماحدش هيعملي سباكة الشقة غيرك عشان انت سباك عندك ضمير وايدك تتلف في حرير.. الشغلانة دي هاخد من وراها  عكمة حلوة تكفي الشبكة اللي تطلبيها يا سوكا

 

تبسمت وهي تتشدق بالعلكة وقالت:

 

قولتلك بدل المرة ماليون،سكتي مش سكتك يا ابن عمي

 

ليه بس يا سوكا! دانا راجل صنايعي وكسيب وهيعيشك أحلى عيشة

 

هه ما اعطلكش يا حسن، قولتلك سكتي مش سكتك، شوفلك سكة تانية.. سلام

 

ازاحته وصعدت الدرج فوقف يرقبها وهي تقرع الجرس، ومضى إلى وجهته حين فتحت أمه الباب وحيت سوكا:

 

 

سوكا! يا مرحب يا غالية يا بنت الغالية

 

ازيك يا مرات عمي

 

حلوة الحمدلله. ادخلي، عمك بيشرب شيشة في الصالة لما الدخان عمانا وكتم صدرنا

 

نادت زوجها:

 

سوكا بنت اخوك جت يا عابدين

 

يا مرحب. تعالي يا سوكا ههه وشك ولا وش القمر يا بنت اخويا

 

ههه تعيش يا عمي، ازيك, واحشني وربنا

 

ما تشوفيش وحش. طول عمر لسانك حلو وسنك بيضحك زي ابوكِ الله يرحمه

 

تذكرت والدها فابتئست، جلست قبالة عمها  وقالت:

 

ربنا يجازيه بللي عمله فيا

 

نفث أوار نارجيلته وقال يبكتها:

 

ايه يا بت يا سوكا! كان عمل ايه ابوكِ عشان ما تترحميش عليه!

 

عمل ايه!! كفاية انه أول ما شاف وشي لما جيت الدنيا الهم دي سماني سكينة على اسم امه

 

هههه مش عاجبك إسم ستك يا قليلة الأصل! طب وشرف ابوكٍ ده اسم هوانم

 

أه، هوانم قوي. حكم أنا طلعت هانم وعشرة تحت رجليا بيخدموني.. كله كوم ولما اتلم على مراته التانية ورماني انا وامي اللي اتقهرت وماتت بحسرتها كوم، وفي الآخر سمع كلام مراته وطلعني من المدرسة ورماني في خدمة المعلمة جباير وانا عيلة صغيرة آآآخ اسكت يا عمي اسكت، دانا قلبي مليان من اخوك ومعبي على آخره

 

يا بت ما يبقاش قلبك اسود يا بت. ده مهما كان ابوكِ

 

يعني عاجبك حالي واللي انا فيه يا عمي!

 

أخذ نفساً من أرجيلته وهو يتطلع إلى هيئتها، ثم قال وهو يشير برأسه إلى حسن مظهرها في معتقده:

 

ماله حالك يا بت! متصيغة ولابسة الحلو كله ولا بنت البهوات. غير انك بتاكلي أحسنها أكل في بيت المعلمة جباير

 

تنهدت وقالت متحسرة:

 

يا ريت الهم كان كله أكل ولبس يا عمي.. لكن همي أنا كبير قوي

 

وجيالي ليه! حد قالك ناقص هم وعايز حد يتبرعلي!!

 

ههه لا يا عمي، أنا جاية ارمي السلام واقعد شوية مع زوبة

 

ردت زوجة عمها:

 

زوبة خدت بنات اختي وراحوا يفرشوا شقة شيماء، عقبال ما نفرش شقتك يا حبيبتي، وارصلك دولابك بإيديا

 

يارب يا مرات عمي، ادعيلي، قولي ربنا ينولني اللي في بالي

 

يارب يا سوكا، اروح اعملك كوباية الشاي على ما زوبة تيجي

 

لا مالوش لزوم، لما تيجي زوبة نبقى نشرب سوا

 

وإذ هم على حالهم، دار المفتاح في الباب، ودخل إلى البيت شاب عشريني يبدو عليه العلم والصلاح، إنه صابر ابن عم سوكا والذي يعمل معلماً لمادة الرياضيات، حياهم باسماً

 

السلام عليكم ورحمة الله

 

رد والده

 

سلام ورحمة الله يا سيدنا الافندي

 

العفو يا بويا، دانت اللي سيدي

 

الله يعلي مراتبك يا ابني

 

هرعت إليه والدته فرحة:

 

سي الأستاذ اللي مشرفنا ورافع راسنا، حمدالله ع السلامة يا أستاذ صابر

 

هه الله يسلمك يا أمي

 

إن شالله تسلم من كل ردي يا ضنايا

 

قامت إليه سوكا باسمة:

 

ازيك يا صابر يا ابن عمي

 

الحمدلله، ازيك انتِ يا سوكا

 

تنهدت بعمق وقالت:

 

كان نفسي يبقالي أخ زيك اتشرف بيه يا ابن عمي

 

طيب ما انا زي اخوكِ يا سوكا

 

اديك قلت يا ابن عمي، زي... لكن مش اخويا

 

تبسم وانصرف إلى غرفته وعيناها تتبعه، بينما تتمتم أمه بالتعاويذ خوفاً من أن يحسد ولدها الفالح... تنهدت سوكا وسألت زوجة عمها:

لكن اشمعنى يا مرات عمي، صابر بس هو اللي استهميتِ بعلامه كدة؟

 

شوفي يا سوكا، أنا استهميت بيه لما لقيته هو مهتم ونفسه يبقى حاجة تشرف.. مش ناسية ليلة ما ابوه كان عايز يطلعه من المدرسة زي اخواته، جالي واترمى في حضني وقالي لا يا امّا، أنا عايز اتعلم، ابوس ايدك ما تخليش ابويا يطلعني من المدرسة. خدته في حضني وقولتله يطلع روحي قبل ما يطعلك من المدرسة يا ضنايا، ووقفت قصاد عمك زي الغولة، قولتله مالاكش دعوة بالواد يا عابدين، الواد هيتعلم يعني هيتعلم. قالي ما معيش فلوس، قلتله أنا هشتغل واصرف ع الواد. نزلت فرشت بخضار في السوق، واللي اكسبه كنت اصرفه على علامه، واهو الحمدلله، نفع وفلح، وتعبي ما راحش عليه هدر

 

تأثرت سوكا وطفرت عبراتها وقالت بنبرة مختنقة:

 

شوفتِ الأم يا مرات عمي!! لو كانت امي عايشة كان زمانها خدتني في حضنها وعلمتني وودتني المدارس. وكان زمان عليا القيمة زي صابر ابن عمي

 

طفرت عبرات زوجة عمها واحتضنتها وقالت:

يا قهرة قلبي عليكِ يا بنتي!

 

زفر عم سوكا وصاح بزوجته:

 

ايه يا ولية يا بوز الفقر انتِ! قلبتيها غم انتِ وسوكا!! هو الواحد ناقص مرار!!

 

يوه! البت قطعت قلبي يا عابدين

 

قطيعة تقطعك يا شيخة. طول عمرك تعزي النكد، وما بتصدقي تشوفي حد بيعيط عشان تقلبيها مندبة. يا ولية اختشي، ده فرح بنتك شيماء يوم الخميس اللي بعد الجاي. زغرتي ولا بلي شربات بدل البكا والنواح ده يا بومة

 

قهقهت سوكا وقالت:

 

طول عمرك ما تحبش النكد يا عمي

 

ما حدش واخد منها حاجة يا بنت اخويا.. لكن ايه اللي سمعته ع الواد رضا ده! قال صحيح هيبقى مغنواتي؟

 

ايوة يا عمي صحيح. بكرة الخلق كلها تعرفه واسمه يلعلع

 

وماله، وانا افديك الساعة لما يبقى ابن اخويا مغنواتي متسيط!! قوليله عمك عايزك تغني في فرح شيماء بنت عمك. ولا هيكبر علينا من دلوقتي!

 

ههه ودي تيجي يا عمي! ده يجي ورجله فوق رقبته، ده فرح بنت عمنا عابدين الغالي

 

تعيشي يا سوكا يا بنت اخويا

 

سمعوا صوت قرع شديد على الباب يصحبه صوت زوبة

 

أمّا، افتحي يا امّا المفتاح اللي معايا ضاع.. امّا يا امّاااا

 

هرعت والدتها صوب الباب منزعجة:

 

جاية يا بت، جاية، ده ايه الغاغة دي!! ادخلي يختي

 

ايه يا امّا مالك مكشرة في وشي ليه! مش كفاية من الصبح بفرش شقة بنتك! طول عمركو عيلة ما بيتمرش فيها وربنا

 

اخرسي يا بت يا قليلة الأدب. سوكا بنت عمك هنا. تقول عليكِ ايهَ!

 

هههه تقول عليا ما اتربتش عشان امي كانت في السوق.. بت يا سوكا، يا لهوي ع الطعامة يا بت! هههه وحشتيني

 

ههه ازيك يا زوبة، وحشاني يا بت وربنا

 

تعيشي

 

سألتها والدتها باحتداد:

 

اومال اختك شيماء فين يا بت؟

 

شيماء راحت مع بنات خالتي يجيبوا ازايز ريحة عشان تحطها ع التسريحة، عشان نسينا نجيب

 

قهقهت سوكا وقالت:

 

يا بت اسمها برفانات، برفانات يا جاهلة مش ازايز ريحة

 

يختي بلا هم، تعالي نقعد جوا نتكلم براحتنا.. مساء الفل يا ابا

 

مساء الورد يا زوبة.. يا سلام! ونعم التربية

 

****************************

خلت سوكا بابنة عمها وقالت بدهشة:

 

بت يا زوبة، انتِ يا بت مش بتغيري من اخوكِ صابر؟

 

اغير منه ليه! هو بت زيي عشان اغير منه!!

 

مش القصد. بس متعلم وبيشتغل مدرس والناس بتحترمه

 

ما تحترمه وانا مالي! هو انا عشان الناس تحترمني اقضي عشرين سنة أمأأ عنيا في المدارس والقراية لما يجيلي حول! وانا مالي كدة! زي الفل اهو

 

هه جاتك خيبة يا بت

 

الله يخليكِ

 

طب سيبك من العلام وسيرته، عشان لو انتِ كنتِ متعلمة وعليكِ القيمة ما كنتش جيتلك عشان تنجديني

 

قولي يا سوكا عايزاني في ايه وانا عنيا ليكِ

 

هقولك يا بت

 

أطلعتها على ما نوته لتنفيذه بحق الدكتورة ملك وكيف ستعاونها، فقالت:

 

بس كدة! من عينيا الاتنين يا سوكا، بس خليها بعد فرح شيماء اختي عشان ابقى فايقالها

 

ماشي. اهو فرح شيماء مش بعيد

 

*************************************

فور عودتها من زيارة منزل عمها، هاتفت سوكا أخيها رضا

 

ايوة يا سوكا

 

ازيك يا واد يا رضا

 

ايه يا واد يا رضا دي! احترميني يا سوكا، أنا نجم المصطقبل

 

سلامات يا نجم المستقبل، انت يا واد هتنفش ريشك علينا من دلوقتي!!

 

استني شوية يا سوكا عشان البت هند هتاخد الشطة كلها تحطها على طبق الكشري وتخوني، سيبيلي شوية شطة يا هند وخلي عندك دم

 

حاضر اهو هسسيبلك شوية ما تخافش، وعاملة حسابك في الدقة كمان

 

أصيلة يا هند... ايوة يا سوكا؟

 

انت فين ياض انت والبت دي؟

 

احنا بناكل كشري عند عم ظاظا بتاع الكشري

 

وانت بقى يا اهبل هتخلص الفلوس اللي اديتهالك المعلمة على كرش المفجوعة بتاعتك!!

 

عيب تقولي كدة يا سوكا، ظلمتيني وربنا، هي اللي دافعة تمن الكشري

 

وانت حبكت معاك تاكل كشري من عند ظاظا  دلوقتي!!

 

ايوة حبكت، أصل النهاردة أنا وهند بنحتفل بالظكرى الخمسطاشر لحبنا

 

يا وقعتك سودة! هو انت بتحبها من خمستاشر سنة ياض يا رضا!! دانت عمرك كله واحد وعشرين سنة

 

لا انا بحبها من خمس سنين، بس بنحتفل بظكرى حبنا تلات مرات في السنة، مرة في الصيف ومرة في الشتا، ومرة اما نبقى مش لاقين حاجة نعملها، اليوم ده بقى اخدها ونروح ناكل كشري من عند عم ظاظا ونشرب عصير قصب من محل جنة الفواكه

 

ههه واشمعنى يعني!

 

أنا اقولك يا سوكا، أصل أنا أول مرة شفت هند، كان عند عم ظاظا بطاع الكشري، لقيت بت زي الفرسة وعاملة ديل حصان ولابسة عباية بتلمع، جت جنب الطربيزة بتاعتي وانا باكل الكشري وراحت مدت ايدها وخدت ازازة الشطة من قدامي من غير احم ولا دستور، روحت قايم جايبها من شعرها، راحت قالعة الجزمة وضربتني على دماغي والدم ساح وقعدت اصرخ والمحل اتقلب، صعبت عليها، جريت جابت بن من القهوة وكبستلي الجرح، وبعدين خدتني سقتني عصير قصب من عند جنة الفواكه.. ومن هنا بدأ الهوى، من هنا بدأ الغرام، وقولنا أحلى كلام

 

يا شيخ اتنيل جتك نيلة عليك وعليها، عاملين نفسكو بني أدمين قوي!!

 

لالا بقولك ايه! ما تغلطيش في هند

 

ألقت هند الملعقة على الطاولة وصاحت به:

 

هي اختك بتغلط فيا ولا ايه العبارة يا رضا في وقعتكو الغبرة دي!!

 

بص يا هند، بص، هجيبلك حقك، انت معاكِ راجل وسند.... اسمعي يا سوكا، هند دي أجضع بت في حارة الموعوضين، كفاية انها طول الخمس سنين اللي عرفتها فيهم بتصرف عليا ومش مخلياني عايز حاجة، وتسلفني وما تسألش ع الفلوس. بت جضعة أخر جضعنة

 

جضعنة!! منك لله لوحتلي لساني، مش عارفة هتبطل تطجين امتى!!  بقولك ايه، سيبك من الننوسة بتاعتك دلوقتي . فرح شيماء الخميس اللي بعد الجاي

 

شيماء مين؟

 

شيماء بنت عمك عابدين، وعمك عابدين عايزك تغني في الفرح اللي عاملينه في الحارة

 

انتِ بتقولي ايه يا سوكا! شيماء بنت عمي عابدين مين اللي اغنى في فرحها! دانا روحت لعمي عابدين في الورشة اللي شغال فيها، وبالأمارة كان قاعد بيشرب سيجارة قدام الورشة وقدام منه كوباية شاي، وطلبت منه متين جنيه سلف، راح رامي عقب السجارة في الأرض و قالي امشي غور من هنا ياض، وما رضيش يديهوملي، اقوم اغني في فرح بنته!! وبعدين خلاص، الناس دول ما بقوش من مقامنا

 

يا خويا اتنيل، هو انت لسة بقالك مقام عشان تشوف نفسك عليهم!!

 

أردفت بهدوء:

 

يا واد يا رضا اسمعني واعقل الكلام.. حتى لو بقينا فوق ولينا شنة ورنة، فعمك عابدين وولاده لازم ما نقاطعهومش

 

عشان ايه يعني!

 

عشان لما نحتاجلهم نلاقيهم في ضهرنا ويدافعوا عنا

 

ليه! احنا هنحارب؟

 

ايوة هنحارب، الدنيا كلها حرب والناس بتاكل في بعض، وطالما انت هتبقى نجم فهيبقالك عدوين، عشان كدة لازمك أهل وعزوة

 

يعني انتِ عايظة ايه دلوقتي يا سوكا؟

 

عايزاك تغني في فرح شيماء

 

بس الأغاني الجديدة ما ينفعش تتغنى إلا في المهرجان اللي المعلمة هتعملهولي

 

حد جاب سيرة الأغاني الجديدة!! الدنيا مليانة أغاني، نقيلك غنوتين مشهورين لأي مطرب وغنيهم في الفرح واكسب رضا عمك عابدين، وولاد عمك عابدين، والناس اللي ورا عمك عابدين

 

يا دي عمي عابدين ولمته الطين. حاضر يا سوكا

 

جدع، طول ما انت بتقول حاضر يا سوكا، هتاكل الشهد، إنما تعصى أوامري، كلمة مني للمعلمة جباير، الدنيا تتهد على دماغك و ارجعك للتوكتوك تاني

 

لالا حاضر يا سوكا، انتِ تؤمري يختي

 

ايوة كدة، جدع يا رضا

 

انتِ اللي جضعة وربنا.. سلام بقى عشان الكشري قرب يبرد

 

***************************************

 

أخذ باسم ابن خالة الدكتور هشام موافقة أبيه وأمه لخطبة الفتاة التي يريد التسلق على أكتافها والتربح من زواجها، واختلى بنفسه في غرفته ليهاتف والدها الثري، رد الرجل على الهاتف بنبرة متعاظمة:

 

ايوة

 

تلعثم باسم وتحدث باضطراب فقد نسى اسم والدها كاملاً:

 

آآآ أحمد بيه الزن.. ايه! آآه الزنداوي، صح الزنداوي، أحمد بيه الزنداوي معايا؟

ايوة. مين بيتكلم؟

 

آآ ايوة، أأيوة أنا. أأنا باسم زميل الأنسة منة في الكلية

 

ايوة ايوة، عندي فكرة انك هتتصل، خير؟

 

آآ أنا كنت، كنت عايز أحدد معاد عشان أجيب والدي ووالدتي ونيجي نقابل حضرتك يا احمد بيه

 

بخصوص؟

 

آآ أنا.. أنا عايز اتقدم للأنسة منة

 

ممم مش شايف انك مستعجل قوي! انت لسة طالب

 

جاء والدها اتصال على الخط الآخر، فقال بنبرة فاترة:

 

لحظة ارد على مكالمة مهمة جايالي

 

تحت أمر حضرتك، أنا منتظر

 

بقى باسم منتظراً على الهاتف لبضع دقائق، زاد خلالها توتره، وشعوره أن الأمر ليس باليسير، ويبدو أن والدها لن يعطيه إياها بهذه السهولة التي خالها، زفر ضيقاً من طول الانتظار والقلق الذي بدأ يساوره.. عاد والدها لمحادثته:

 

أسف، كانت مكالمة مهمة ما ينفعش تتأجل

لالا تحت أمر حضرتك

 

نرجع لموضوعنا، كنت بسألك ايه سبب استعجالك على الخطوبة وانت لسة بتدرس؟

 

الحقيقة يا أحمد بيه، أنا ما كنتش بفكر خالص في موضوع الخطوبة في الفترة الحالية.. لكن بقى اعجابي بالأنسة منة وحسن تربيتها خلاني أغير رأيي

 

قهقه الرجل ساخرا وقال:

 

يعني أخلاق بنتي هي اللي أجبرتك على تغيير أهدافك!! على العموم لما نتقابل نبقى نتكلم على أسبابك المنطقية، وأفكر فيها كويس قبل ما اديك رد بالرفض أو القبول

 

طيب امتى المعاد يا احمد بيه؟

 

تنهد مفكراً هنيهة، ثم قال:

 

أنسب معاد بعد بكرة الساعة اتناشر بالليل

 

اتناشر بالليل! مش شايف انه وقت متأخر قوي يا احمد بيه! أصل والدي ووالدتي موظفين وبيناموا بدري

 

هو ده المعاد المتاح، أنا عندي أعمال بالملايين ومش فاضي

 

خلاص يا أحمد بيه، أنا هخليهم يسهروا الليلة دي، ويبقوا ياخدوا أجازة من الشغل تاني يوم مش مشكلة

 

هه واضح إنك متمسك بمنة بنتي

 

فوق ما تتصور حضرتك

 

أوكيه. في انتظاركم في المعاد، مع السلامة

 

الله يسلمك يا احمد بيه

 

أغلق باسم الهاتف وزفر:

 

ايه الراجل ده! يخرب بيت أنعرتك.. شكله مش سهل..ربنا يستر والموضوع ما يبوظش.. اوووف الواحد ركبه سابت من  القلق من دلوقتي

*****************************************

 

انتهت الحلقة

 

إلى اللقاء الخميس القادم إن شاء الله

 

لا تنسوا ذكر الله والصلاة على الحبيب عليه الصلاة والسلام