الحلقة الرابعة(الفصل الأول) الجزء الثاني من الليل والدوادي

 

جلست العروس الجميلة المزدانة ذات الثوب الأبيض وقد تلألأ وجهها كبدر بهيج. تحفها الفتيات والنساء, وقد تعالت الزغاريد والغناء وتسابق الفتيات للرقص على قرع الدفوف ومن بينهن سلمى ووطفة .فكانتا لجميلة كطيف رقيق من حياة الغائبة بجسدها... فرحة عارمة فاضت على المكان.. .فجأة... سمعن صوت كصليل أجراس الشيطان يأتي من عند الباب منادياً:

 جميلة

 نظر الجميع صوب الباب وقد خيم الصمت على المكان وحُبست الأنفاس..إنها صفية, تظهر في أبهى حلة وقد ضج معصميها وصدرها بالذهب البراق, فكلل الغضب هام العروس حين رؤيتها, فلحظت صفية ذلك فابتسمت ابتسامة عريضة وشقت طريقها إلى العروس تتفرس إليها الأعين..وقفت أمام جميلة وحدجتها بنظرة ماكرة وقالت:

 ألف بركة يا ست البنيتا, ياك كنتِ فاكرة ان يوم عرسك ما تلاجينيش جنبك! هاها لاه , صفية ما يفوتهاش واجب يا غالية يا اخت الغالي

 

ظلتا تتبادلان نظرات البغض الصامتة وبعدها استدارت صفية إلى النساء قائلة: سكتوا ليه يا مرة منك ليها! غنوا عشان ارجص للغالية, اومال! ديه يوم الفرحة الكابيرة عاد,. دجوا الدفوف

 

على قرعات الدف بدأت تحجل وهي تضع ذراعاَ خلف ظهرها وقد فردت الآخر ممسكة به طرف شالها وقد دارت رحى الغناء

 

آه يا ليل يا ليل

 

عروسة حلاوة وصافي يا ليل

 

آه يا ليل يا ليل

 

وعريسها جمر الليل

 

أتت الحاجة فايقة من المطبخ, حيث كانت تشرف على الطاهين وإعداد الموائد, فتهلل وجهها لرؤية صفية ترقص, فأخذت تصفق محبورة, وتنظر إلى جميلة بين الفينة والفينة بعين اللوم, وكأنها تقول, أنظري إلى من تبغضينها, كم هي تشع سعادة لأجلك...  وهكذا بدت صفية أمام الجموع أنها الطيبة التي تقابل الإساءة بالصفح, بل بالرقص لمن أساء..فدفائن الصدر لا ترمقها المُقَل.

********************************

انقضت الليلة وزفت العروس إلى عريسها حتى باب دارهما, وقبل أن تدلف بصحبة عريسها نادتها أمها بصوت حان خنقته العبرات: جميلة

 

استدارت جميلة, فشرعت الأم ذراعيها, وقسماتها تفيض حنوا. فهرعت إليها جميلة وارتمت في أحضانها, فطفقت الأم تقبلها..نظرت الأم في عيني ابنتها وقالت بنشيج: أول ليلة تبعدي عن حضني يا جميلة, من يوم ما اتولدتِ وانتِ في حضن جلبي ومضللة عليكِ برمش عيني..والليلة دي كد ما آنا فرحانة, كد ما جلبي بيبكي لفراجك...الله يسعدك يا بت جلبي ويحميكِ من شر حسادك

 

طفرت عبرة من عين جميلة وأمسكت بيد والدتها تقبلها وتقول: ربنا ما يحرمني منيكِ ولا من حنية جلبك  يا امّا

 

مسحت الحاجة فايقة العبرات عن عين ابنتها وربتت على وجنتها باسمة, ثم استدارت لعزت الذي كان يرقب الموقف متأثراً وقالت: عزت..جميلة أمانة في عنيك, أوعاك في يوم تزعلها ولا تدوسلها على طرف

 

ما توصنيش على جميلة يا حاجة, جميلة ديّ فرحة عمري اللي كنت مستنيها بشوج سنيني

 

يبارك في عمرك يا ولدي ويرزقك الذرية الصالحة وتتهنى العمر كله ويا مرتك...يلا سموا الله وادخلوا بيتكو, تتصبحوا بالخير

 

وانتِ من اهل الخير يا امّا

 

اصطحب عزت عروسه ودلفا إلى الداخل وأغلق باب المنزل وشرع باب الأمنيات ..لم يكن يعلم ما دبر بليل صفية الحالك السواد

 

********************************************

 

شرع عزت باب غرفة النوم وأضاء المصابيح, ونظر خلفه إلى عروسه التي تعانق عينيها الأرض خجلاً , ابتسم وقال لها مداعباً: واه! مكسوفة إياك! ادخلي يا جميلة

 

لم تدخل ولاذت بالصمت,سحب يدها بحنو إلى الداخل, ثم رفع يدها إلى فيه يقبلها قائلاً: خابرة يا جميلة, آنا لحد ديلواك ما مصدجش انك بجيتِ مرْتي, بجى جميلة الجمر ديّ بجب مرتك صُح يا واد يا عزت! يا بوووي وينك يا امّا تشوفي الجمرة اللي اتجوزها ولدك

 

ضحكت جميلة من فرط سعادتها وقالت بصوت دافئ: يخليك ليا يا عزت, وما يحرمنيش منيك ولا من كلامك المليح

 

يا بوووي كروان بيكلمك يا عزت ولا زرزورة بتزقزق

 

هاها واه! وبعدهالك عاد! ما تكسفنيش يا عزت

 

ابتسم ونظر في عينيها صامتاً فردت بابتسامة خجلى, وبدأت ليلتهما الوردية السعيدة

 

*******************************************

 

مع بزوغ ضوء الصباح استيقظ العروسان وجلسا يتناولان طعام الإفطار, قطع عزت لقمة من الفطيرة وغمسها في العسل الأبيض ووضعها في فيّ جميلة مبتسما وقال: صباحية مباركة يا ست العرايس

 

ردت بصوت حيي: يبارك فيك يا عزت

 

أخذ عزت في تناول الطعام, بينما جميلة كان هناك ما يشغل خاطرها, كانت تنظر إلى عزت راغبة في حديث أطل من عينيها, انتبه عزت وقال: واه! ما بتاكليش ليه يا جميلة! كانك عايزة تجولي حاجة

 

والله يا عزت ما عارفة ان كان ديه وجت الحديت اللي رايدة اجوله ولا لاه

 

جولي اللي رايداه يا جميلة, آنا سامعك

 

حقي اللي عند خوي كامل, واللي ما هملتنيش اطالب بيه قبل جوازنا عشان ما يفرجش بيناتنا. عايزة حقي يا عزت, ورثي في أرضيات بوي وماله, لازمن أطالب كامل, ولو ما عطانيش حقي يبجى لازمن نجمع كبارات النجع يحكموا بيناتنا, ولو ما نصفونيش يبجى هشكيه في المحكمة..هتجف جنبي يا عزت؟

 

...... يا جميلة ما عايزينش عداوة مع خوكِ, وآنا بالخصوص لو اتدخلت هيجول طمعان في مال مرته

 

يعني ايه يا عزت! عايزني اهمل حقي ولا ما اطالبش بيه؟

 

آنا ما جولتش كديه يا جميلة. آنا بس كل اللي جصدته إني ما عايزش اظهر في الصورة عشان خوكِ ما يتهمنيش اني طمعان في مالك

 

خوي وكل النجع عارفين زين انت مين وواد مين ووارث عن بوك كد ايه, انت مش محتاج للمال عشان تطمع في مالي

 

حتى لو كان كديه برديك خوكِ هيظن فيا ظن عفش, وهتجوم عداوة بيناتنا العمر كله

 

واه! وليه كديه يعني! فيها ايه لما يديني حقي ونجفلوا باب العداوة! لكن هجول ايه في امي اللي مجوياه وواخدة صفه ومعدياني عشانه

 

معلش يا جميلة, خلي عنديكِ صبر وطولي بالك معاهم, احنا عايزين حقك يرجعلك بسماحة نفس والجلوب راضية

 

يا بوووي اصبر على ايه بس يا عزت! وسماحة نفس ايه اللي هستناهم يدوني حقي بيها! ديه حقي يا عزت, حقي, هو آنا بشحت منيهم ياك!

 

أوف! بجى ديه بداية نبدي بيها أول صباح في جوازنا يا جميلة!

 

شعرت جميلة بالخجل من نفسها, وحاولت تدارك الأمر بابتسامة تجلت على محياها, وقطعت لقمة من الفطير وغمستها في العسل وقربتها من فيّ عزت وقالت بعذوبة: صباحك هنا وسعد يا جلبي

 

قهقه عزت وقال: يا بوووي, اهو ديه الكلام عاد

 

هاها طب خد كباية اللبن ديّ من يدي

 

هم أن يأخذ كوب اللبن لولا أن سمع قرعات على الباب, فقال لجميلة

 

ومين اللي جاي يبارك بدري كديه!

 

ما خابراش

 

طيب هروح اشوف مين, وانتِ استعدي عشان تجابلي الضيوف يا عروستي يا جمرة

 

هاها يخليك ليا يا عزت

 

ما أن فتح الباب حتى وجد امرأة تغطي وجهها بطرف شالها  تبكي وتستنجد به قائلة: داكتور عزت, غيتني الله يغيتك, أمي بتموت وما خابراش اسوي لها ايه, احب على يدك تعالى معاي

 

طب بس اهدي ارجوكِ عشان أفهم, مالها والدتك؟

 

ما خابراش, الوجع ماسكها وعمالة تتلوى ما عارفاش فيها ايه, احب على يدك تعالى غيتها, امي بتموت أأه يا امّا

 

طيب طيب حاضر, هدخل البس واجي معاكِ, استنيني لحظات من فضلك

 

هرع إلى غرفته قائلاً, ناوليني الشنطة والسماعة من الأوضة التانية على ما البس يا جميلة

 

واه! رايح وين يا عزت؟

 

دي واحدة ست جت تستنجد بيا عشان والدتها مريضة جدا ولازم اروح معاها حالاً

ومين هي المرة ديّ؟

 

ما عارفش

 

واه! كيف تروح عند ناس ما تعرفهومش!

 

أجاب وهو يرتدي ملابسه على عجل:يا جميلة آنا دكتور, دكتور يا جميلة وواجبي إني أساعد المرضى في أي مكان وفي أي وقت , يلا ناوليني الشنطة الله يرضى عنيكِ

 

شعرت جميلة بعدم الارتياح ولكنها استجابت وأحضرت الحقيبة

 

أخذها وانطلق خارج البيت حيث كانت المرأة في انتظاره, وكان بدران لا تطل إلا عيناه وفوهة بندقيته المصوبة نحو صدر الدكتور عزت من خلف الزروع في الحقل الكائن أمام البيت.. قالت المرأة الملثمة للدكتور عزت: اجف هنيه يا دكتور, خوي هيعدي علينا ياخدك بالعجلة, البيت أصله باعيد

 

طيب مافيش مشكلة, كنا خدنا عربيتي روحنا بيها

 

مالوش لزوم يا دكتور, كل شيء انجضى وراح أوانه

 

انطلقت رصاصة الموت التي اخترقت صدره, سمعت جميلة صوت الرصاصة فجحظت عيناها هلعاً وارتعد جسدها, شعرت بأنفاسها تتلاشى, وضعت يدها على قلبها وقالت بصوت متهدج: سلم يارب 

 

شق بدران طريقه وسط الزروع وجلبة خشخشتها, وذابت المرأة كقطعة الجليد, وبقى الدكتور عزت ملقى على الطريق مضرجاً بدمائه وإلى جانبه حقيبته التي عفرها التراب

 

جاء الناس من كل حدب وصوب ليتبينوا ما حدث, فرأوا الدكتور عزت مخضب بالدماء فهلعوا من فظاعة المنظر, منهم من مال عليه يرى هل ما زال حياً أم فارق الحياة, ومنهم من يضرب كفاً بكف حزناً ومنهم من يسترجع, فصاح أحدهم فزعاً وهو يركض: الداكتور عزت واد الحاج مطاوع اتجتل يا اهل النجع, العريس اتجتل, العريس اتجتل

 

أخذ الرجل يكرر العبارة, فهرع أهل القرية رجالاً ونساءاً يبكون وينتحبون, ويتساءلون في دهشة, لِم يقتل الشاب الطيب الذي لم ير منه النجع شراً!

 اخترقت جميلة الجموع بعينين متحجرة وملامح جمدتها الدهشة وقد اتشحت بالسواد, رأت عزت مضرجاً بدمائه, فجلست إلى جواره وأخذت برأسه ووضعتها في حجرها وقبلت جبهته, انهمرت العبرات من عينيها الذاهلة  وسط بكاء الجميع..وفجأة يسمع صراخ السيد سلام وهو يجري صوب أخيه وينادى كالملتاث: عزت, خوي, جتلوك يا عزت, نتش أخيه من حجر زوجته وانكب عليه يحتضنه باكياً يتأوه بحرقة, فسقطت رأس جميلة مغشياً عليها, فحملتها النساء إلى بيتها وهن يتحسرن على العروس التي لم تهنأ إلا لليلة

 

ظل سلام على حاله المرثي له يبكي  أخاه ويصب الدموع انهاراً  وهو ذاهل وكأنه فقد عقله, آتاه عمه يهرول وناداه بصوت مختلج: سلام يا ولدي

 

رفع رأسه بتثاقل و قال بصوت هدجته العبرات: عزت اتجتل يا عمي, عزت اتجتل يوم صباحيته...ايه اللي طلعه من داره يا عمي؟ وكان رايح على وين؟ مين جتله يا عمي..مهما كان اللي جتله, يا ويله مني, يا ويله, اطمن يا عزت يا خوي, خوك هياخد بتارك وما عم يهملش دمك ع الأرض

 

هب سلام واقفاً وأخرج سلاحه وقال ثائراَ بصوت جهور: لازمن اعرف مين اللي جتله وإلا النجع هيولع بللي فيه

 

أطلق طلقتين في الهواء ففزع الناس, فهرع إليه عمه يأخذ منه سلاحه,فصاح سلام: هملني يا عمي, هملني, ما ههملش تار خوي

 

ما حدش جال هنهمله يا ولدي, ومسيرنا نعرف الجاتل, لكن السلاح في يدك وانت في عز غضبك كديه ممكن تصيب بيه برئ من غير ذنب. هات يا ولدي سلاحك الله يرضى عنيك, هات

************************************************

في مندرته وبعد أن أتم جريمته, جلس بدران يدخن النارجيلة بيد مرتعشة وعينان زائغتان, فهذه هي المرة الأولى التي يرتكب جرماً ولا يفر إلى الجبل.. كادت الظنون تفتك برأسه, هل سيتم اكتشاف أمره أم سيمر الأمر عليه بسلام كسوالفه! ولكن ما يطمئنه بعض الشيء أن كل جرم يرتكب على أرض القرية يلتصق بصالح ورجاله والجميع يصدق, لا, لا, ليس الجميع, فهناك من يتيقن ببراءة صالح, وهؤلاء من يثيرون خوفه...ظل شارداً و الظنون والهواجس تقرض عقله حتى اقتحم سعداوي أحد رجاله المندرة وهرع إليه ينادي وهو ينهج ويتصبب عرقاً: بدران بيه, الحق يا بدران بيه

 

انتفض مفزوعاً ونهره: حُصُل ايه يا سعداوي الهم انت؟

 

الداكتور عزت واد الحاج مطاوع اتجتل

 

ابتلع ريقه ورد متلعثماً:مم مين جتله؟

 

ماحدش خابر لحد ديلواك, بس رجالة الحاكومة مبدورين في النجع والدنيا مجلوبة عاد, خوه سلام بيه لما دري طلع سلاحه وحلف انه ما هيقبل عزا خوه إلا أما ينتجم من اللي جتله وياخد بتاره. اومال, اللي راح منيهم ديه العزيز الغالي, وكان نن عين خوه, وهو اللي مربيه على يده

 

شخص بصره وتحسس رقبته, ثم تمالك نفسه وقال: لما يعرفه يبجى ياخد بتار خوه عاد

 

أهي الحاكومة بتدور

 

لاذ بالصمت وعاد حبيس صومعة ظنونه وهواجسه يدخن النارجيلة باضطراب

 

**********************************

في غرفة جميلة جلست النساء المتسربلات بالسواد إلى جوانب الجدران ينظرن بشفقة ويطقطقن الشفاه حسرة على جميلة المنسدحة في فراشها غائبة عن الوعي يتفصد جبينها عرقاً وتتمتم بصوت خافت (عزت, عزت).., وكانت أمها إلى جوارها تربت على كتفها وهي تبكي وتنتحب وتنعي حظها: يا حبة جلبي يا بتي, كان مستخبيلك وين الحزن والبكا يا ضي عين امك, عين وصابتك يا بتي, عين وصابتك

 

وفجأة تدفع سلمى ووطفة الباب ويهرعان إلى عمتهما تناديان باكيتان: يا عمة

 

امتعضت الحاجة فايقة حين رأتهما وقالت بضيق: ايه اللي جابك يا بت منك ليها؟

 

ردت وطفة متأففة: كيف ما ناجيش لما ندرى بللي جرا لعمتي!

 

بوكِ وين؟

 

بوي مع عمي سلام والرجال, واحنا جينا مع مرت بوي وسبجناها على هنيه

 

دخلت صفية وهي تسند إلى الجدار بيد واليد الأخرى وضعتها على صدرها, ونادت بصوت متهدج: آآآه يا جميلة, اسم الله عليكِ يختي, آآآه جلبي عندك يا حاجة فايجة آآه ركابي ما شيلانيش من وجت ما سمعت الخبر العفش ديه آآآه 

 

رقت لها الحاجة فايقة وقالت: على مهلك يا بتي

 

ثم نهرت الطفلتين اللتان تنظران إلى صفية وقد أدركتا مكرها وكذب مشاعرها: جومي يا بت منك ليها سندوا مرت بوكو اللي ما جدراش ديّ

 

قامت إليها سلمى بينما ظلت وطفة تنظر إليها شزرا..فقالت صفية لسلمى بحنو مصطنع: سلم يدك يا بتي

 

جلست صفية على طرف الفراش تنظر إلى جميلة بتشفي فضحته عيناها, ثم فردت منديلها القماشي ووضعته على عينها متصنعة البكاء والنجيب وهي تقول: بجى من امبارح وآنا عمالة افكر في الفاطور اللي هاجي اصبح بيه ع العروسة اجوم أجي الاجي عريسها اتجتل وهي غايبة عن الدنيا ما درياش يا حبة جلبي!

 

تأوهت الحاجة فايقة وقالت: آآآه نصيبنا كديه يا بتي عاد

 

لكن ما عرفوش مين واد الحرام اللي جتل الدكتور عزت؟

 

وهنعرف من وين يا بتي! داب كيف المِلح في المية واد الحرام

 

مافيش غيره يا حاجة هو اللي عمل كديه

 

انتبهت الحاجة فايقة وقالت متلهفة: مين يا صفية؟

 

صالح واد زيدان ورجالته

 

ملأ الغضب عيني الطفلتين حين قرع مسامعها اسم خالهما الصالح, وظلتا تنظران إلى صفية شزرا, بينما صاحت الحاجة فايقة

 

يا بوووي يجطعه ويجطع سيرته واد الحرام, ويسوي فينا ليه كديه؟

 

واه! كانك ما خابراش يا حاجة انه رايد ينتجم من كامل عشان طلج اخته وزعطها من السرايا, جوم لما سمع عاد ان كامل اتجوزني عقله جن وانتجم منيكو في بتكو, لازمن تبلغوا عنيه يا حاجة

نبلغوا عنيه! هو حد عارفله طريج واد المحروج

 

مسيرهم يمسكوه يا حاجة مهما طال الزمن

 

حسبنا الله ونعم الوكيل فيه وفي اخته بت الحرام

 

جن جنون وطفة وردت بحدة: ما تجوليش على امي وخالي كديه يا جدة, كفاكِ ظلم فيهم كفاكِ

 

نهرتها الجدة: جومي يا بت من هنيه واخفي من وشي انتِ والمحروجة التانية, ياكشي نصبح نلاقيكم ميتين انتو التلاتة ونخلصوا  من عاركو

 

أطالت وطفة نظرة حاقدة إلى الجدة, ثم قالت لأختها الكبرى: يلا يا سلمى نمشي من هنيه

 

خرجت الطفلتان والغضب ينهش قلبيهما, فقالت صفية بلهجة الناصح الكاذب

 

حرام يا حاجة, ما تدعيش ع البنيتا, ذنبهم ايه في اللي عملته امهم!

 

اسكتِ يا صفية, كانك طيبة ما فهماش حاجة, والله داعية عليهم من جلبي يموتوا وأبوهم يرتاح منيهم..يعيشوا ليه دول! لا هيتجوزوا ولا حد هيدق لهم باب, وهيفضلوا كيف الهم على جلب بوهم

 

لاذت صفية بالصمت وقد علت آكام السعادة

 

تنحنح كامل واستأذن في الدخول, فغطت النساء وجوههن بأطراف الشيلان, وردت أمه: ادخل يا كامل

 

دلف واتجه إلى فراش أخته, فانفطر قلبه لحالها وقال لأمه: هي لسة على حالها يا امّا؟

 

كيف ما انت واعي يا كامل, ما درياش بالدنيا ويتخترف باسم جوزها

 

طيب وهنهملوها كديه يا امّا! آنا هشيع اجيب حكيم من المركز يشوفها

 

اسم الله عليك يا ولدي, طول عمرك حنين وما تتحملش في اختك شكة الشوكة, يا ريتها كانت واعية عشان تنضر حنيتك عليها

 

يعني هي ما عارفاش غلاوتها يا امّا!..صفية, خليكِ جنب امي وجميلة ما تهمليهومش

 

أهملهم كيف! ما همشيش إلا اما اطمن على خيتي جميلة

 

تسلمي يا صفية..بالإذن يا امّا

 

إذنك معاك يا ولدي

 

أولاهم ظهره عامداً الباب فنادته صفية وقد أظهرت بعض القلق: كامل, البنيتا كانوا هنيه من هبابة وخرجوا ما عارفاش راحوا وين, جلبي متوغوش عليهم

 

ابتسم قائلاً: ما تخافيش عليهم يا صفية, شيعتهم ع السرايا مع الغفير

 

طمنت جلبي, الحمد لله

خرج فقالت لها الحاجة فايقة: والله حنيتك ع البنيتا كيف أمهم واكتر

 

ما انا امهم عاد يا حاجة, هبجى آنا والزمن عليهم! دول بنيتا غلابة ويلزمهم الحنية

 

تسلمي من كل ردي يا بتي

 

أومأت صفية برأسها وربتت على كتف الحاجة فايقة ولاذت بالصمت, بينما قلبها يرقص طرباً لمصاب جميلة التي تنظر إليها بين الفينة والفينة بشماتة وتشفي

 

*************************************************

وفي مندرة قصر السيد سلام جلس المحقق يسأله

 

ــــ تفتكر مين قتل أخوك يا سيد سلام ؟

 

ــــ العلم عند الله, خوي كان ليلة دخلته عشية, وصلناه لحد باب داره هو ومرته, وفي الصبح لجينا واحد من أهل النجع بيرزع على باب السرايا وبيجول خوك عزت اتجتل ومرمي ع الطريج

ــــ طيب وتفسر بإيه خروجه من منزله في ساعة مبكرة وكان متجه لفين؟

ــــ الحديت ديه تتسأل عنيه مرته, هي اللي كانت معاه في الليلة ديّ وعارفة سره

ــــ في الحقيقة احنا توجهنا لمنزلها والطبيب المعالج قال إن حالتها ما تسمحش بالكلام

ــــ  الله يكون في عونها وعوننا ويصبرنا على فراق خوي الغالي

ــــ طيب يا ترى في عدوات بينكم وبين حد؟

ــــ أبداً.. وما خابرش مين ديه اللي جلبه طاوعه على جتل عزت اللي عمر يده ما اتمدت إلا بالخير للناس

ــــ على العموم هننتظر زوجته لما حالتها تسمح بالسؤال عشان نعرف الأسرار الخافية علينا

 

***********************************

عند المساء عادت صفية إلى القصر, فألفت حسن يجلس في البهو ودموعه تهطل كالمطر, فهالها ما رأت وأسرعت صوبه تسأله: باكي ليه يا حسن

 

مسح عبراته عن عينيه ونهض عن مقعده يقول: ليه الدكتور عزت يتجتل يا امّا؟

ارتعدت واتسعت حدقتا عينيها, ابتلعت ريقها وقالت: ليه يعني ايه! نصيبه كديه عاد

 

فرد الغلام بأسى: اتجتل كيف ما اتجتل بوي من غير ذنب..مين الشيطان اللي بيجتل الطيبين يا امّا؟ مين اللي ما عايزش خير ع الأرض يا امّا؟ مين يا امّا؟ مين؟

 

انتفضت وثارت في وجهه: هو ايه اللي مين يا واه! واعرف منين آنا! وانت ايه اللي مزعلك كديه! كان من بقيت ناسك الداكتور عزت!

 

راجل طيب يا امّا, ما انسالوش وجفته معاي لما بوي مات

 

يا بوووي منيها سيرة بوك اللي كانها ما هتفارجناش العمر كله, اخفى من وشي ما تجعدليش كيف العمل الأُزرق كديه. يا مرك يا صفية

 

نكس رأسه ومضى إلى غرفته وهو ينشج, فزفرت ثم نادت على حورية: بت يا حورية

 

جيتِ يا ست؟

 

اطينت جيت, اطلعي ورايا طلعيلي هدمة ناضيفة على ما اسحُم, طول النهار أصب في عرق لما ما طايجاش ريحتي

 

صعدت الدرج وخلفها حورية تقول:حاضر يا ست..ألا كيفها صُح الست جميلة؟

 

نايمة ما دارياش, كانها هتحصل جوزها ونرتاح منيها

 

هاها لا اطمني, الست جميلة قوية وهتقوم منيها..ألا ما سألتيش عن محمود يعني

 

لمحته عم يلعب مع العيال

 

هاها ما عايلش هم ولا عم يحزن لحزن حد. حسن كان فاحم روحه من البكا كان اللي مات بوه

 

يا بوووي, يجطع بوه وسيرة بوه واللي يجيبوها, ما تكتمي انتِ التانية

 

ــــ كتمت يا ست

 

كانت سيرة الشاذلي هي الشبح الذي يطارد صفية في صحوها ولا تستطيع منه فرارا..فما أن يشرع حسن في ذكر والده في أي من أحاديثه حتى يصيبها بالهياج..وكان الغلام يدرك أن أمه تمقت سيرة أبيه, كما يمقت هو البقاء في هذا القصر الذي يذكره كناقوس مزعج بزواج أمه من رجل آخر وعدم وفائها لذكرى أبيه..لذا كان يمضي جل أوقاته خارج القصر.ففي أوقات عطلاته الدراسية, كان يصلي الفجر في المسجد ويمكث ليتلو آي القرآن حتى بزوغ الشمس, وبعدها تحمله أقدامه إلى الشجرة أمام منزل أبيه القديم, يلصق ظهره بها ويفرد شراع ذكرياته أيام حياة أبيه..يبقى على حاله حتى صلاة الظهر.. وبعدها يذهب إلى جدته لتناول بعض لقيمات يقمن صلبه, يتجالسان ويتبادلان أنس الوحشة حتى العصر, ثم يعاودها حتى المغرب, الذي يؤدي صلاته ويمكث في المسجد لذكر الله حتى العشاء..وبالأخير يعود إلى القصر ويتجه إلى غرفته لينام..هكذا كان يمضي أيامه وحيداً لا أخدان ولا أتراب

*************************************

في ساعة من الليل متأخرة استردت جميلة وعيها مع سيل من العبرات المنسدلة على وجنتيها, كانت أمها إلى جوارها بعد ان انفض عنها الجميع..ربتت على كتفها وقالت بحنو: حمدلله بسلامتك يا بتي

 

نظرت إليها جميلة وقالت بصوت بائس: دعيتِ عليا ودعوتك صابت يا امّا

 

نشجت أمها وانكبت عليها تحتضنها وهو تقول: اخص عليكِ يا جميلة, يعني امك رايدالك الحزن والبكا يا بتي! دعا الأم على ضناها بيكون من ورا الجلب يا بتي, لا تجصد بيه أذى ولا عايزالهم مكروه يصيبهم

 

صابني الأذى والمكروه من ورا دعاكِ يا امّا, ودمع عيني ما هيجف طول العمر

 

تشبثت بها أمها وخبئتها في أحضانها وكأنها تريد أن تخفيها من أحزانها وهي تنشج قائلة: لاه,لاه, يكفيكِ شر البكا والحزن يا بتي, قادر برحمته يبدل ليلك نهار ويسقيكِ كاس الفرح بعد البكا والحزن, يا رب يا بتي, يا رب, عالم بحالنا يا رب

 

نشجت جميلة وقالت: همليني وحدي يا امّا

 

لاه, ما ههملكيش للحزن والبكا ينهشوا فيكِ يا جميلة...دي حتى صفية مرت خوكِ كانت جاعدة جنبك من ساعة اللي حُصُل وتوها ماشية ع السرايا

 

نهضت جميلة وهي تصرخ: ما تجيبيش سيرتها المرة السو ديّ, والله جلبي حاسس انها  ورا اللي حُصُل لعزت

 

وضعت الحاجة فايقة يدها على فم جميلة وقالت: لاه يا جميلة, لاه, يا بتي ما تظليميهاش, دي جت تجري لما سمعت بللي حُصل وركابها ما شيلهاش, وجعدت تبكي جنبك و...

 

بس يا امّا, بس, كفاكِ تدافعي عنيها, انتِ ما عارفهاش, ما عارفهاش يا امّا ولا ولدك عارفها, كل اللي صاب خوي وصابني هي اللي مدبراه, فرجت بينه وبين مرته وفرجتني عن جوزي ليوم الدين, حسبي الله ونعم الوكيل فيها, لكن وربنا ما ههملها يا امّا ولازمن افضحها في النجع كلاته وانتجم منيها, والبادي أظلم

 

يا بتي الله يهديكِ, وهي هتسوي فيكِ ليه كديه!

 

ما عارفاش ليه يا امّا! كره يا امّا, عداوة وغل مالين جلبها الإسواد

 

استبد البكاء والنشيج بجميلة, فضمتها والدتها وقالت بحنو: كفاكِ يا بتي, آنا خابرة ان حرقة قلبك هي اللي مخلياكِ تخربطي في الكلام..بس اوعاكِ يا جميلة تجولي الكلام ديه جدام حد وإلا هيوصل لخوكِ ويفرج بيناتكو

 

وهو آنا وخوي لسة ما اتفرجناش يا امّا! اتفرجت عن خوي وعن جوزي في ليلة فرحنا بسبب بت الحرام ديّ

 

زفرت والدتها وقالت: يكفيكِ شر شيطانك يا جميلة..مسير ياجي اليوم اللي تعرفي فيه بجيمة صفية

 

ارتمت جميلة على وسادتها تبكي بحرقة

 

************************************************

مذ عاد السيد سلام من دفن أخيه, وهو يجلس في مندرته شارد الذهن واجماً حزيناً, لم يشعر بعمه رفاعي حينما دخل عليه فأبصره على هذه الحالة المرثية, ربت على كتفه وقال

 

لساك على حالتك ديّ يا سلام يا ولدي!

 

انتبه وقال: هو اللي راح منينا شوية يا عمي! ديه عزت الغالي

 

ربنا يصبر جلوبنا عاد يا ولدي

 

أصر سلام على أسنانه وضرب على ذراع المقعد بقبضة يده وقال بغليله المضرم في قلبه: آآخ لو اعرف واد الحرام اللي عمل كديه, ما كان يكفيني فيه ألف طلقة في جلبه قصاد دم خوي

 

الناس كلاتها بتجول انه مافيش غيره صالح ورجالته اللي عِملوا كديه

 

لاه يا عمي لاه. مش صالح واد الحاج زيدان اللي يعمل كديه

 

لساك هتدافع عنيه بعد كل اللي عِمله في النجع وناسه!

 

يا عمي ما تصدجش اللي عم يجولوه, صالح لا عمره قتل ولا سرق ولا يده اتمدت غير بالخير للناس, صالح كيف بوه الحاج زيدان الله يرحمه..ولا كانك نسيت مين هو الحاج زيدان يا عمي!

 

أنساه كيف يا ولدي! ألف رحمة عليك يا حاج زيدان..كان نعم الناس...لكن يا ولدي بيجولوا ان صالح بيسوي كديه في النجع عشان ينتقم من اللي عملوه فيه وفي اخته

 

واد الأصول لما يدوق الظلم ما عم يظلمش يا عمي, وصالح واد أصول وعارف ربنا....مش صالح اللي عِملها يا عمي

 

أومال هيكون مين بس يا ولدي؟

 

العلم عند الله..ما أظلمش حد...لكن ما هسيبوش وهدور عليه ومسيري أعرفه..ويا ويله لما تطوله يدي, يا ويله

 

********************************************

جاء المحقق إلى منزل جميلة, وجلست إليه في ردهة الدار مع والدتها, فسألها:

 

عرفت يا مدام جميلة إن الجريمة تمت في صباح زواجكم

 

ايوة

 

وايه أسباب خروجه بشنطة الأدوات الطبية وكان متوجه لمين؟

 

دجت علينا مرة غريبة في الصبح, وجالتله ان امها عيانة وبتموت ولازم يروح معاها

 

ومين الست دي

 

جولت لحضرتك مرة غريبة

 

يعني ما شوفتيهاش قبل كدة؟

 

لاه, وحتى لما جت ما شوفتهاش من الأصل..عزت الله يرحمه بس هو اللي جابلها, وأول ما جالتله على ظروفها جه يجري يلبس وياخد شنطته..منها لله بت الحرام

 

تقصدي انها كانت بتستدرجه لمكان الجريمة

 

ايوة, تو ما خرج معاها سمعت صوت العيار اللي صابه

 

طيب ما عندكيش أي شك تجاه حد معين

 

......لاه

 

طيب شكراً يا مدام جميلة

 

****************************************

 

ولحد هنيه خلصت حلجتنا واشوفكم السابوع الجاي إن شاء الله

 

بشكركم جميعا على تعليقاتكم وكلامكم الجميل حبيباتي الغاليات

 

اعذروني على التأخير واسفة مش لاحقة أكتب اسمائكم لشكركم, لكن أسمائكم محفورة في قلبي والله

 

لا تنسوا الصلاة على الحبيب فبها من الخير الكثير

 

اللهم صل على محمد وإله وصحبه وسلم

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

*****************************************

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

جلست العروس الجميلة المزدانة ذات الثوب الأبيض وقد تلألأ وجهها كبدر بهيج. تحفها الفتيات والنساء, وقد تعالت الزغاريد والغناء وتسابق الفتيات للرقص على قرع الدفوف ومن بينهن سلمى ووطفة .فكانتا لجميلة كطيف رقيق من حياة الغائبة بجسدها... فرحة عارمة فاضت على المكان.. .فجأة... سمعن صوت كصليل أجراس الشيطان يأتي من عند الباب منادياً:

 جميلة

 نظر الجميع صوب الباب وقد خيم الصمت على المكان وحُبست الأنفاس..إنها صفية, تظهر في أبهى حلة وقد ضج معصميها وصدرها بالذهب البراق, فكلل الغضب هام العروس حين رؤيتها, فلحظت صفية ذلك فابتسمت ابتسامة عريضة وشقت طريقها إلى العروس تتفرس إليها الأعين..وقفت أمام جميلة وحدجتها بنظرة ماكرة وقالت:

 ألف بركة يا ست البنيتا, ياك كنتِ فاكرة ان يوم عرسك ما تلاجينيش جنبك! هاها لاه , صفية ما يفوتهاش واجب يا غالية يا اخت الغالي

 

ظلتا تتبادلان نظرات البغض الصامتة وبعدها استدارت صفية إلى النساء قائلة: سكتوا ليه يا مرة منك ليها! غنوا عشان ارجص للغالية, اومال! ديه يوم الفرحة الكابيرة عاد,. دجوا الدفوف

 

على قرعات الدف بدأت تحجل وهي تضع ذراعاَ خلف ظهرها وقد فردت الآخر ممسكة به طرف شالها وقد دارت رحا الغناء

 

آه يا ليل يا ليل

 

عروسة حلاوة وصافي يا ليل

 

آه يا ليل يا ليل

 

وعريسها جمر الليل

 

أتت الحاجة فايقة من المطبخ, حيث كانت تشرف على الطاهين وإعداد الموائد, فتهلل وجهها لرؤية صفية ترقص, فأخذت تصفق محبورة, وتنظر إلى جميلة بين الفينة والفينة بعين اللوم, وكأنها تقول, أنظري إلى من تبغضينها, كم هي تشع سعادة لأجلك...  وهكذا بدت صفية أمام الجموع أنها الطيبة التي تقابل الإساءة بالصفح, بل بالرقص لمن أساء..فدفائن الصدر لا ترمقها المُقَل.

********************************

انقضت الليلة وزفت العروس إلى عريسها حتى باب دارهما, وقبل أن تدلف بصحبة عريسها نادتها أمها بصوت حان خنقته العبرات: جميلة

 

استدارت جميلة, فشرعت الأم ذراعيها, وقسماتها تفيض حنوا. فهرعت إليها جميلة وارتمت في أحضانها, فطفقت الأم تقبلها..نظرت الأم في عيني ابنتها وقالت بنشيج: أول ليلة تبعدي عن حضني يا جميلة, من يوم ما اتولدتِ وانتِ في حضن جلبي ومضللة عليكِ برمش عيني..والليلة دي كد ما آنا فرحانة, كد ما جلبي بيبكي لفراجك...الله يسعدك يا بت جلبي ويحميكِ من شر حسادك

 

طفرت عبرة من عين جميلة وأمسكت بيد والدتها تقبلها وتقول: ربنا ما يحرمني منيكِ ولا من حنية جلبك  يا امّا

 

مسحت الحاجة فايقة العبرات عن عين ابنتها وربتت على وجنتها باسمة, ثم استدارت لعزت الذي كان يرقب الموقف متأثراً وقالت: عزت..جميلة أمانة في عنيك, أوعاك في يوم تزعلها ولا تدوسلها على طرف

 

ما توصنيش على جميلة يا حاجة, جميلة ديّ فرحة عمري اللي كنت مستنيها بشوج سنيني

 

يبارك في عمرك يا ولدي ويرزقك الذرية الصالحة وتتهنى العمر كله ويا مرتك...يلا سموا الله وادخلوا بيتكو, تتصبحوا بالخير

 

وانتِ من اهل الخير يا امّا

 

اصطحب عزت عروسه ودلفا إلى الداخل وأغلق باب المنزل وشرع باب الأمنيات ..لم يكن يعلم ما دبر بليل صفية الحالك السواد

 

********************************************

 

شرع عزت باب غرفة النوم وأضاء المصابيح, ونظر خلفه إلى عروسه التي تعانق عينيها الأرض خجلاً , ابتسم وقال لها مداعباً: واه! مكسوفة إياك! ادخلي يا جميلة

 

لم تدخل ولاذت بالصمت,سحب يدها بحنو إلى الداخل, ثم رفع يدها إلى فيه يقبلها قائلاً: خابرة يا جميلة, آنا لحد ديلواك ما مصدجش انك بجيتِ مرْتي, بجى جميلة الجمر ديّ بجب مرتك صُح يا واد يا عزت! يا بوووي وينك يا امّا تشوفي الجمرة اللي اتجوزها ولدك

 

ضحكت جميلة من فرط سعادتها وقالت بصوت دافئ: يخليك ليا يا عزت, وما يحرمنيش منيك ولا من كلامك المليح

 

يا بوووي كروان بيكلمك يا عزت ولا زرزورة بتزقزق

 

هاها واه! وبعدهالك عاد! ما تكسفنيش يا عزت

 

ابتسم ونظر في عينيها صامتاً فردت بابتسامة خجلى, وبدأت ليلتهما الوردية السعيدة

 

*******************************************

 

مع بزوغ ضوء الصباح استيقظ العروسان وجلسا يتناولان طعام الإفطار, قطع عزت لقمة من الفطيرة وغمسها في العسل الأبيض ووضعها في فيّ جميلة مبتسما وقال: صباحية مباركة يا ست العرايس

 

ردت بصوت حيي: يبارك فيك يا عزت

 

أخذ عزت في تناول الطعام, بينما جميلة كان هناك ما يشغل خاطرها, كانت تنظر إلى عزت راغبة في حديث أطل من عينيها, انتبه عزت وقال: واه! ما بتاكليش ليه يا جميلة! كانك عايزة تجولي حاجة

 

والله يا عزت ما عارفة ان كان ديه وجت الحديت اللي رايدة اجوله ولا لاه

 

جولي اللي رايداه يا جميلة, آنا سامعك

 

حقي اللي عند خوي كامل, واللي ما هملتنيش اطالب بيه قبل جوازنا عشان ما يفرجش بيناتنا. عايزة حقي يا عزت, ورثي في أرضيات بوي وماله, لازمن أطالب كامل, ولو ما عطانيش حقي يبجى لازمن نجمع كبارات النجع يحكموا بيناتنا, ولو ما نصفونيش يبجى هشكيه في المحكمة..هتجف جنبي يا عزت؟

 

...... يا جميلة ما عايزينش عداوة مع خوكِ, وآنا بالخصوص لو اتدخلت هيجول طمعان في مال مرته

 

يعني ايه يا عزت! عايزني اهمل حقي ولا ما اطالبش بيه؟

 

آنا ما جولتش كديه يا جميلة. آنا بس كل اللي جصدته إني ما عايزش اظهر في الصورة عشان خوكِ ما يتهمنيش اني طمعان في مالك

 

خوي وكل النجع عارفين زين انت مين وواد مين ووارث عن بوك كد ايه, انت مش محتاج للمال عشان تطمع في مالي

 

حتى لو كان كديه برديك خوكِ هيظن فيا ظن عفش, وهتجوم عداوة بيناتنا العمر كله

 

واه! وليه كديه يعني! فيها ايه لما يديني حقي ونجفلوا باب العداوة! لكن هجول ايه في امي اللي مجوياه وواخدة صفه ومعدياني عشانه

 

معلش يا جميلة, خلي عنديكِ صبر وطولي بالك معاهم, احنا عايزين حقك يرجعلك بسماحة نفس والجلوب راضية

 

يا بوووي اصبر على ايه بس يا عزت! وسماحة نفس ايه اللي هستناهم يدوني حقي بيها! ديه حقي يا عزت, حقي, هو آنا بشحت منيهم ياك!

 

أوف! بجى ديه بداية نبدي بيها أول صباح في جوازنا يا جميلة!

 

شعرت جميلة بالخجل من نفسها, وحاولت تدارك الأمر بابتسامة تجلت على محياها, وقطعت لقمة من الفطير وغمستها في العسل وقربتها من فيّ عزت وقالت بعذوبة: صباحك هنا وسعد يا جلبي

 

قهقه عزت وقال: يا بوووي, اهو ديه الكلام عاد

 

هاها طب خد كباية اللبن ديّ من يدي

 

هم أن يأخذ كوب اللبن لولا أن سمع قرعات على الباب, فقال لجميلة

 

ومين اللي جاي يبارك بدري كديه!

 

ما خابراش

 

طيب هروح اشوف مين, وانتِ استعدي عشان تجابلي الضيوف يا عروستي يا جمرة

 

هاها يخليك ليا يا عزت

 

ما أن فتح الباب حتى وجد امرأة تغطي وجهها بطرف شالها  تبكي وتستنجد به قائلة: داكتور عزت, غيتني الله يغيتك, أمي بتموت وما خابراش اسوي لها ايه, احب على يدك تعالى معاي

 

طب بس اهدي ارجوكِ عشان أفهم, مالها والدتك؟

 

ما خابراش, الوجع ماسكها وعمالة تتلوى ما عارفاش فيها ايه, احب على يدك تعالى غيتها, امي بتموت أأه يا امّا

 

طيب طيب حاضر, هدخل البس واجي معاكِ, استنيني لحظات من فضلك

 

هرع إلى غرفته قائلاً, ناوليني الشنطة والسماعة من الأوضة التانية على ما البس يا جميلة

 

واه! رايح وين يا عزت؟

 

دي واحدة ست جت تستنجد بيا عشان والدتها مريضة جدا ولازم اروح معاها حالاً

ومين هي المرة ديّ؟

 

ما عارفش

 

واه! كيف تروح عند ناس ما تعرفهومش!

 

أجاب وهو يرتدي ملابسه على عجل:يا جميلة آنا دكتور, دكتور يا جميلة وواجبي إني أساعد المرضى في أي مكان وفي أي وقت , يلا ناوليني الشنطة الله يرضى عنيكِ

 

شعرت جميلة بعدم الارتياح ولكنها استجابت وأحضرت الحقيبة

 

أخذها وانطلق خارج البيت حيث كانت المرأة في انتظاره, وكان بدران لا تطل إلا عيناه وفوهة بندقيته المصوبة نحو صدر الدكتور عزت من خلف الزروع في الحقل الكائن أمام البيت.. قالت المرأة الملثمة للدكتور عزت: اجف هنيه يا دكتور, خوي هيعدي علينا ياخدك بالعجلة, البيت أصله باعيد

 

طيب مافيش مشكلة, كنا خدنا عربيتي روحنا بيها

 

مالوش لزوم يا دكتور, كل شيء انجضى وراح أوانه

 

انطلقت رصاصة الموت التي اخترقت صدره, سمعت جميلة صوت الرصاصة فجحظت عيناها هلعاً وارتعد جسدها, شعرت بأنفاسها تتلاشى, وضعت يدها على قلبها وقالت بصوت متهدج: سلم يارب 

 

شق بدران طريقه وسط الزروع وجلبة خشخشتها, وذابت المرأة كقطعة الجليد, وبقى الدكتور عزت ملقى على الطريق مضرجاً بدمائه وإلى جانبه حقيبته التي عفرها التراب

 

جاء الناس من كل حدب وصوب ليتبينوا ما حدث, فرأوا الدكتور عزت مخضب بالدماء فهلعوا من فظاعة المنظر, منهم من مال عليه يرى هل ما زال حياً أم فارق الحياة, ومنهم من يضرب كفاً بكف حزناً ومنهم من يسترجع, فصاح أحدهم فزعاً وهو يركض: الداكتور عزت واد الحاج مطاوع اتجتل يا اهل النجع, العريس اتجتل, العريس اتجتل

 

أخذ الرجل يكرر العبارة, فهرع أهل القرية رجالاً ونساءاً يبكون وينتحبون, ويتساءلون في دهشة, لِم يقتل الشاب الطيب الذي لم ير منه النجع شراً!

 اخترقت جميلة الجموع بعينين متحجرة وملامح جمدتها الدهشة وقد اتشحت بالسواد, رأت عزت مضرجاً بدمائه, فجلست إلى جواره وأخذت برأسه ووضعتها في حجرها وقبلت جبهته, انهمرت العبرات من عينيها الذاهلة  وسط بكاء الجميع..وفجأة يسمع صراخ السيد سلام وهو يجري صوب أخيه وينادى كالملتاث: عزت, خوي, جتلوك يا عزت, نتش أخيه من حجر زوجته وانكب عليه يحتضنه باكياً يتأوه بحرقة, فسقطت رأس جميلة مغشياً عليها, فحملتها النساء إلى بيتها وهن يتحسرن على العروس التي لم تهنأ إلا لليلة

 

ظل سلام على حاله المرثي له يبكي  أخاه ويصب الدموع انهاراً  وهو ذاهل وكأنه فقد عقله, آتاه عمه يهرول وناداه بصوت مختلج: سلام يا ولدي

 

رفع رأسه بتثاقل و قال بصوت هدجته العبرات: عزت اتجتل يا عمي, عزت اتجتل يوم صباحيته...ايه اللي طلعه من داره يا عمي؟ وكان رايح على وين؟ مين جتله يا عمي..مهما كان اللي جتله, يا ويله مني, يا ويله, اطمن يا عزت يا خوي, خوك هياخد بتارك وما عم يهملش دمك ع الأرض

 

هب سلام واقفاً وأخرج سلاحه وقال ثائراَ بصوت جهور: لازمن اعرف مين اللي جتله وإلا النجع هيولع بللي فيه

 

أطلق طلقتين في الهواء ففزع الناس, فهرع إليه عمه يأخذ منه سلاحه,فصاح سلام: هملني يا عمي, هملني, ما ههملش تار خوي

 

ما حدش جال هنهمله يا ولدي, ومسيرنا نعرف الجاتل, لكن السلاح في يدك وانت في عز غضبك كديه ممكن تصيب بيه برئ من غير ذنب. هات يا ولدي سلاحك الله يرضى عنيك, هات

************************************************

في مندرته وبعد أن أتم جريمته, جلس بدران يدخن النارجيلة بيد مرتعشة وعينان زائغتان, فهذه هي المرة الأولى التي يرتكب جرماً ولا يفر إلى الجبل.. كادت الظنون تفتك برأسه, هل سيتم اكتشاف أمره أم سيمر الأمر عليه بسلام كسوالفه! ولكن ما يطمئنه بعض الشيء أن كل جرم يرتكب على أرض القرية يلتصق بصالح ورجاله والجميع يصدق, لا, لا, ليس الجميع, فهناك من يتيقن ببراءة صالح, وهؤلاء من يثيرون خوفه...ظل شارداً و الظنون والهواجس تقرض عقله حتى اقتحم سعداوي أحد رجاله المندرة وهرع إليه ينادي وهو ينهج ويتصبب عرقاً: بدران بيه, الحق يا بدران بيه

 

انتفض مفزوعاً ونهره: حُصُل ايه يا سعداوي الهم انت؟

 

الداكتور عزت واد الحاج مطاوع اتجتل

 

ابتلع ريقه ورد متلعثماً:مم مين جتله؟

 

ماحدش خابر لحد ديلواك, بس رجالة الحاكومة مبدورين في النجع والدنيا مجلوبة عاد, خوه سلام بيه لما دري طلع سلاحه وحلف انه ما هيقبل عزا خوه إلا أما ينتجم من اللي جتله وياخد بتاره. اومال, اللي راح منيهم ديه العزيز الغالي, وكان نن عين خوه, وهو اللي مربيه على يده

 

شخص بصره وتحسس رقبته, ثم تمالك نفسه وقال: لما يعرفه يبجى ياخد بتار خوه عاد

 

أهي الحاكومة بتدور

 

لاذ بالصمت وعاد حبيس صومعة ظنونه وهواجسه يدخن النارجيلة باضطراب

 

**********************************

في غرفة جميلة جلست النساء المتسربلات بالسواد إلى جوانب الجدران ينظرن بشفقة ويطقطقن الشفاه حسرة على جميلة المنسدحة في فراشها غائبة عن الوعي يتفصد جبينها عرقاً وتتمتم بصوت خافت (عزت, عزت).., وكانت أمها إلى جوارها تربت على كتفها وهي تبكي وتنتحب وتنعي حظها: يا حبة جلبي يا بتي, كان مستخبيلك وين الحزن والبكا يا ضي عين امك, عين وصابتك يا بتي, عين وصابتك

 

وفجأة تدفع سلمى ووطفة الباب ويهرعان إلى عمتهما تناديان باكيتان: يا عمة

 

امتعضت الحاجة فايقة حين رأتهما وقالت بضيق: ايه اللي جابك يا بت منك ليها؟

 

ردت وطفة متأففة: كيف ما ناجيش لما ندرى بللي جرا لعمتي!

 

بوكِ وين؟

 

بوي مع عمي سلام والرجال, واحنا جينا مع مرت بوي وسبجناها على هنيه

 

دخلت صفية وهي تسند إلى الجدار بيد واليد الأخرى وضعتها على صدرها, ونادت بصوت متهدج: آآآه يا جميلة, اسم الله عليكِ يختي, آآآه جلبي عندك يا حاجة فايجة آآه ركابي ما شيلانيش من وجت ما سمعت الخبر العفش ديه آآآه 

 

رقت لها الحاجة فايقة وقالت: على مهلك يا بتي

 

ثم نهرت الطفلتين اللتان تنظران إلى صفية وقد أدركتا مكرها وكذب مشاعرها: جومي يا بت منك ليها سندوا مرت بوكو اللي ما جدراش ديّ

 

قامت إليها سلمى بينما ظلت وطفة تنظر إليها شزرا..فقالت صفية لسلمى بحنو مصطنع: سلم يدك يا بتي

 

جلست صفية على طرف الفراش تنظر إلى جميلة بتشفي فضحته عيناها, ثم فردت منديلها القماشي ووضعته على عينها متصنعة البكاء والنجيب وهي تقول: بجى من امبارح وآنا عمالة افكر في الفاطور اللي هاجي اصبح بيه ع العروسة اجوم أجي الاجي عريسها اتجتل وهي غايبة عن الدنيا ما درياش يا حبة جلبي!

 

تأوهت الحاجة فايقة وقالت: آآآه نصيبنا كديه يا بتي عاد

 

لكن ما عرفوش مين واد الحرام اللي جتل الدكتور عزت؟

 

وهنعرف من وين يا بتي! داب كيف المِلح في المية واد الحرام

 

مافيش غيره يا حاجة هو اللي عمل كديه

 

انتبهت الحاجة فايقة وقالت متلهفة: مين يا صفية؟

 

صالح واد زيدان ورجالته

 

ملأ الغضب عيني الطفلتين حين قرع مسامعها اسم خالهما الصالح, وظلتا تنظران إلى صفية شزرا, بينما صاحت الحاجة فايقة

 

يا بوووي يجطعه ويجطع سيرته واد الحرام, ويسوي فينا ليه كديه؟

 

واه! كانك ما خابراش يا حاجة انه رايد ينتجم من كامل عشان طلج اخته وزعطها من السرايا, جوم لما سمع عاد ان كامل اتجوزني عقله جن وانتجم منيكو في بتكو, لازمن تبلغوا عنيه يا حاجة

نبلغوا عنيه! هو حد عارفله طريج واد المحروج

 

مسيرهم يمسكوه يا حاجة مهما طال الزمن

 

حسبنا الله ونعم الوكيل فيه وفي اخته بت الحرام

 

جن جنون وطفة وردت بحدة: ما تجوليش على امي وخالي كديه يا جدة, كفاكِ ظلم فيهم كفاكِ

 

نهرتها الجدة: جومي يا بت من هنيه واخفي من وشي انتِ والمحروجة التانية, ياكشي نصبح نلاقيكم ميتين انتو التلاتة ونخلصوا  من عاركو

 

أطالت وطفة نظرة حاقدة إلى الجدة, ثم قالت لأختها الكبرى: يلا يا سلمى نمشي من هنيه

 

خرجت الطفلتان والغضب ينهش قلبيهما, فقالت صفية بلهجة الناصح الكاذب

 

حرام يا حاجة, ما تدعيش ع البنيتا, ذنبهم ايه في اللي عملته امهم!

 

اسكتِ يا صفية, كانك طيبة ما فهماش حاجة, والله داعية عليهم من جلبي يموتوا وأبوهم يرتاح منيهم..يعيشوا ليه دول! لا هيتجوزوا ولا حد هيدق لهم باب, وهيفضلوا كيف الهم على جلب بوهم

 

لاذت صفية بالصمت وقد علت آكام السعادة

 

تنحنح كامل واستأذن في الدخول, فغطت النساء وجوههن بأطراف الشيلان, وردت أمه: ادخل يا كامل

 

دلف واتجه إلى فراش أخته, فانفطر قلبه لحالها وقال لأمه: هي لسة على حالها يا امّا؟

 

كيف ما انت واعي يا كامل, ما درياش بالدنيا ويتخترف باسم جوزها

 

طيب وهنهملوها كديه يا امّا! آنا هشيع اجيب حكيم من المركز يشوفها

 

اسم الله عليك يا ولدي, طول عمرك حنين وما تتحملش في اختك شكة الشوكة, يا ريتها كانت واعية عشان تنضر حنيتك عليها

 

يعني هي ما عارفاش غلاوتها يا امّا!..صفية, خليكِ جنب امي وجميلة ما تهمليهومش

 

أهملهم كيف! ما همشيش إلا اما اطمن على خيتي جميلة

 

تسلمي يا صفية..بالإذن يا امّا

 

إذنك معاك يا ولدي

 

أولاهم ظهره عامداً الباب فنادته صفية وقد أظهرت بعض القلق: كامل, البنيتا كانوا هنيه من هبابة وخرجوا ما عارفاش راحوا وين, جلبي متوغوش عليهم

 

ابتسم قائلاً: ما تخافيش عليهم يا صفية, شيعتهم ع السرايا مع الغفير

 

طمنت جلبي, الحمد لله

خرج فقالت لها الحاجة فايقة: والله حنيتك ع البنيتا كيف أمهم واكتر

 

ما انا امهم عاد يا حاجة, هبجى آنا والزمن عليهم! دول بنيتا غلابة ويلزمهم الحنية

 

تسلمي من كل ردي يا بتي

 

أومأت صفية برأسها وربتت على كتف الحاجة فايقة ولاذت بالصمت, بينما قلبها يرقص طرباً لمصاب جميلة التي تنظر إليها بين الفينة والفينة بشماتة وتشفي

 

*************************************************

وفي مندرة قصر السيد سلام جلس المحقق يسأله

 

ــــ تفتكر مين قتل أخوك يا سيد سلام ؟

 

ــــ العلم عند الله, خوي كان ليلة دخلته عشية, وصلناه لحد باب داره هو ومرته, وفي الصبح لجينا واحد من أهل النجع بيرزع على باب السرايا وبيجول خوك عزت اتجتل ومرمي ع الطريج

ــــ طيب وتفسر بإيه خروجه من منزله في ساعة مبكرة وكان متجه لفين؟

ــــ الحديت ديه تتسأل عنيه مرته, هي اللي كانت معاه في الليلة ديّ وعارفة سره

ــــ في الحقيقة احنا توجهنا لمنزلها والطبيب المعالج قال إن حالتها ما تسمحش بالكلام

ــــ  الله يكون في عونها وعوننا ويصبرنا على فراق خوي الغالي

ــــ طيب يا ترى في عدوات بينكم وبين حد؟

ــــ أبداً.. وما خابرش مين ديه اللي جلبه طاوعه على جتل عزت اللي عمر يده ما اتمدت إلا بالخير للناس

ــــ على العموم هننتظر زوجته لما حالتها تسمح بالسؤال عشان نعرف الأسرار الخافية علينا

 

***********************************

عند المساء عادت صفية إلى القصر, فألفت حسن يجلس في البهو ودموعه تهطل كالمطر, فهالها ما رأت وأسرعت صوبه تسأله: باكي ليه يا حسن

 

مسح عبراته عن عينيه ونهض عن مقعده يقول: ليه الدكتور عزت يتجتل يا امّا؟

ارتعدت واتسعت حدقتا عينيها, ابتلعت ريقها وقالت: ليه يعني ايه! نصيبه كديه عاد

 

فرد الغلام بأسى: اتجتل كيف ما اتجتل بوي من غير ذنب..مين الشيطان اللي بيجتل الطيبين يا امّا؟ مين اللي ما عايزش خير ع الأرض يا امّا؟ مين يا امّا؟ مين؟

 

انتفضت وثارت في وجهه: هو ايه اللي مين يا واه! واعرف منين آنا! وانت ايه اللي مزعلك كديه! كان من بقيت ناسك الداكتور عزت!

 

راجل طيب يا امّا, ما انسالوش وجفته معاي لما بوي مات

 

يا بوووي منيها سيرة بوك اللي كانها ما هتفارجناش العمر كله, اخفى من وشي ما تجعدليش كيف العمل الأُزرق كديه. يا مرك يا صفية

 

نكس رأسه ومضى إلى غرفته وهو ينشج, فزفرت ثم نادت على حورية: بت يا حورية

 

جيتِ يا ست؟

 

اطينت جيت, اطلعي ورايا طلعيلي هدمة ناضيفة على ما اسحُم, طول النهار أصب في عرق لما ما طايجاش ريحتي

 

صعدت الدرج وخلفها حورية تقول:حاضر يا ست..ألا كيفها صُح الست جميلة؟

 

نايمة ما دارياش, كانها هتحصل جوزها ونرتاح منيها

 

هاها لا اطمني, الست جميلة قوية وهتقوم منيها..ألا ما سألتيش عن محمود يعني

 

لمحته عم يلعب مع العيال

 

هاها ما عايلش هم ولا عم يحزن لحزن حد. حسن كان فاحم روحه من البكا كان اللي مات بوه

 

يا بوووي, يجطع بوه وسيرة بوه واللي يجيبوها, ما تكتمي انتِ التانية

 

ــــ كتمت يا ست

 

كانت سيرة الشاذلي هي الشبح الذي يطارد صفية في صحوها ولا تستطيع منه فرارا..فما أن يشرع حسن في ذكر والده في أي من أحاديثه حتى يصيبها بالهياج..وكان الغلام يدرك أن أمه تمقت سيرة أبيه, كما يمقت هو البقاء في هذا القصر الذي يذكره كناقوس مزعج بزواج أمه من رجل آخر وعدم وفائها لذكرى أبيه..لذا كان يمضي جل أوقاته خارج القصر.ففي أوقات عطلاته الدراسية, كان يصلي الفجر في المسجد ويمكث ليتلو آي القرآن حتى بزوغ الشمس, وبعدها تحمله أقدامه إلى الشجرة أمام منزل أبيه القديم, يلصق ظهره بها ويفرد شراع ذكرياته أيام حياة أبيه..يبقى على حاله حتى صلاة الظهر.. وبعدها يذهب إلى جدته لتناول بعض لقيمات يقمن صلبه, يتجالسان ويتبادلان أنس الوحشة حتى العصر, ثم يعاودها حتى المغرب, الذي يؤدي صلاته ويمكث في المسجد لذكر الله حتى العشاء..وبالأخير يعود إلى القصر ويتجه إلى غرفته لينام..هكذا كان يمضي أيامه وحيداً لا أخدان ولا أتراب

*************************************

في ساعة من الليل متأخرة استردت جميلة وعيها مع سيل من العبرات المنسدلة على وجنتيها, كانت أمها إلى جوارها بعد ان انفض عنها الجميع..ربتت على كتفها وقالت بحنو: حمدلله بسلامتك يا بتي

 

نظرت إليها جميلة وقالت بصوت بائس: دعيتِ عليا ودعوتك صابت يا امّا

 

نشجت أمها وانكبت عليها تحتضنها وهو تقول: اخص عليكِ يا جميلة, يعني امك رايدالك الحزن والبكا يا بتي! دعا الأم على ضناها بيكون من ورا الجلب يا بتي, لا تجصد بيه أذى ولا عايزالهم مكروه يصيبهم

 

صابني الأذى والمكروه من ورا دعاكِ يا امّا, ودمع عيني ما هيجف طول العمر

 

تشبثت بها أمها وخبئتها في أحضانها وكأنها تريد أن تخفيها من أحزانها وهي تنشج قائلة: لاه,لاه, يكفيكِ شر البكا والحزن يا بتي, قادر برحمته يبدل ليلك نهار ويسقيكِ كاس الفرح بعد البكا والحزن, يا رب يا بتي, يا رب, عالم بحالنا يا رب

 

نشجت جميلة وقالت: همليني وحدي يا امّا

 

لاه, ما ههملكيش للحزن والبكا ينهشوا فيكِ يا جميلة...دي حتى صفية مرت خوكِ كانت جاعدة جنبك من ساعة اللي حُصُل وتوها ماشية ع السرايا

 

نهضت جميلة وهي تصرخ: ما تجيبيش سيرتها المرة السو ديّ, والله جلبي حاسس انها  ورا اللي حُصُل لعزت

 

وضعت الحاجة فايقة يدها على فم جميلة وقالت: لاه يا جميلة, لاه, يا بتي ما تظليميهاش, دي جت تجري لما سمعت بللي حُصل وركابها ما شيلهاش, وجعدت تبكي جنبك و...

 

بس يا امّا, بس, كفاكِ تدافعي عنيها, انتِ ما عارفهاش, ما عارفهاش يا امّا ولا ولدك عارفها, كل اللي صاب خوي وصابني هي اللي مدبراه, فرجت بينه وبين مرته وفرجتني عن جوزي ليوم الدين, حسبي الله ونعم الوكيل فيها, لكن وربنا ما ههملها يا امّا ولازمن افضحها في النجع كلاته وانتجم منيها, والبادي أظلم

 

يا بتي الله يهديكِ, وهي هتسوي فيكِ ليه كديه!

 

ما عارفاش ليه يا امّا! كره يا امّا, عداوة وغل مالين جلبها الإسواد

 

استبد البكاء والنشيج بجميلة, فضمتها والدتها وقالت بحنو: كفاكِ يا بتي, آنا خابرة ان حرقة قلبك هي اللي مخلياكِ تخربطي في الكلام..بس اوعاكِ يا جميلة تجولي الكلام ديه جدام حد وإلا هيوصل لخوكِ ويفرج بيناتكو

 

وهو آنا وخوي لسة ما اتفرجناش يا امّا! اتفرجت عن خوي وعن جوزي في ليلة فرحنا بسبب بت الحرام ديّ

 

زفرت والدتها وقالت: يكفيكِ شر شيطانك يا جميلة..مسير ياجي اليوم اللي تعرفي فيه بجيمة صفية

 

ارتمت جميلة على وسادتها تبكي بحرقة

 

************************************************

مذ عاد السيد سلام من دفن أخيه, وهو يجلس في مندرته شارد الذهن واجماً حزيناً, لم يشعر بعمه رفاعي حينما دخل عليه فأبصره على هذه الحالة المرثية, ربت على كتفه وقال

 

لساك على حالتك ديّ يا سلام يا ولدي!

 

انتبه وقال: هو اللي راح منينا شوية يا عمي! ديه عزت الغالي

 

ربنا يصبر جلوبنا عاد يا ولدي

 

أصر سلام على أسنانه وضرب على ذراع المقعد بقبضة يده وقال بغليله المضرم في قلبه: آآخ لو اعرف واد الحرام اللي عمل كديه, ما كان يكفيني فيه ألف طلقة في جلبه قصاد دم خوي

 

الناس كلاتها بتجول انه مافيش غيره صالح ورجالته اللي عِملوا كديه

 

لاه يا عمي لاه. مش صالح واد الحاج زيدان اللي يعمل كديه

 

لساك هتدافع عنيه بعد كل اللي عِمله في النجع وناسه!

 

يا عمي ما تصدجش اللي عم يجولوه, صالح لا عمره قتل ولا سرق ولا يده اتمدت غير بالخير للناس, صالح كيف بوه الحاج زيدان الله يرحمه..ولا كانك نسيت مين هو الحاج زيدان يا عمي!

 

أنساه كيف يا ولدي! ألف رحمة عليك يا حاج زيدان..كان نعم الناس...لكن يا ولدي بيجولوا ان صالح بيسوي كديه في النجع عشان ينتقم من اللي عملوه فيه وفي اخته

 

واد الأصول لما يدوق الظلم ما عم يظلمش يا عمي, وصالح واد أصول وعارف ربنا....مش صالح اللي عِملها يا عمي

 

أومال هيكون مين بس يا ولدي؟

 

العلم عند الله..ما أظلمش حد...لكن ما هسيبوش وهدور عليه ومسيري أعرفه..ويا ويله لما تطوله يدي, يا ويله

 

********************************************

جاء المحقق إلى منزل جميلة, وجلست إليه في ردهة الدار مع والدتها, فسألها:

 

عرفت يا مدام جميلة إن الجريمة تمت في صباح زواجكم

 

ايوة

 

وايه أسباب خروجه بشنطة الأدوات الطبية وكان متوجه لمين؟

 

دجت علينا مرة غريبة في الصبح, وجالتله ان امها عيانة وبتموت ولازم يروح معاها

 

ومين الست دي

 

جولت لحضرتك مرة غريبة

 

يعني ما شوفتيهاش قبل كدة؟

 

لاه, وحتى لما جت ما شوفتهاش من الأصل..عزت الله يرحمه بس هو اللي جابلها, وأول ما جالتله على ظروفها جه يجري يلبس وياخد شنطته..منها لله بت الحرام

 

تقصدي انها كانت بتستدرجه لمكان الجريمة

 

ايوة, تو ما خرج معاها سمعت صوت العيار اللي صابه

 

طيب ما عندكيش أي شك تجاه حد معين

 

......لاه

 

طيب شكراً يا مدام جميلة

 

****************************************

 

ولحد هنيه خلصت حلجتنا واشوفكم السابوع الجاي إن شاء الله

 

بشكركم جميعا على تعليقاتكم وكلامكم الجميل حبيباتي الغاليات

 

اعذروني على التأخير واسفة مش لاحقة أكتب اسمائكم لشكركم, لكن أسمائكم محفورة في قلبي والله

 

لا تنسوا الصلاة على الحبيب فبها من الخير الكثير

 

اللهم صل على محمد وإله وصحبه وسلم

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


تعليقات

  1. نفسى أعرف هيكتشفوا صفيه وبدران ازاى

    ردحذف
  2. اللهم صل و سلم و بارك على نبينا محمد
    مشكورة أستاذة هبة على تنزيل الحلقات و أنتِ من افضل الكاتبات اللي قرأت قصصهن دمتِ مبدعة يا عسل❤️أم رفيف

    ردحذف
  3. تسلم ايدك يا هوبه حلقه جميله وحزينه ٠دا
    بارك الله فى عمرك كل سنه وانتي طيبه وبخير وتفرحى باولادك يارب
    Wafaa Ali

    ردحذف
  4. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين ❤❤

    ردحذف
  5. الحلقة حلوة اوووووى اوووى بس حسيت قصيرة من كتر ما هى حلوة زعلت على عزت بس لازم عشان صفية تتكشف تغلط الغلطه دى

    ردحذف
  6. الحساب بيتقل اوي والانتقام هيكون صعب انا بيتهيألي ان صفية دي واخوها هيتحرقوا قدام الناس كلها بس فين حياة وصالح عايزين نعرف اخبارهم تسلميلنا يامبدعة

    ردحذف
  7. تسلمى على الحلقة الجميلة 🥰🥰🥰🥰🥰

    ردحذف
  8. سلمت يمينك ياهوبه
    متميزه كالعاده

    ردحذف
  9. ياااه علي الحزن بجد النهاردة قلبي بيوحعني اوي وكأن اللي بيحصل حقيقي اكيد الوجع اللي بيجيلها في الرحم ده هيبقي انتقام ربنا منها وحياة بقالها كتير مش ظاهرة عايزين نعرف ايه اخبارها .....تسلم ايديك يا استاذة
    اسماء

    ردحذف
  10. كل سنة وحضرتك طيب وبخير يا استاذة المفروض بمناسبة عيد ميلادك حلقتين 🥰🥰🥰🥰

    ردحذف
  11. اللهم صل وسلم على رسول الله

    ردحذف
  12. جزاك الله خيرا يا أستاذه هيه بس الحلقة قصيرة جدا

    ردحذف
  13. صلى الله عليه وسلم تسلم ايدك حلقة رائعة وحزينة

    ردحذف
  14. Smsma mohamed
    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وع اله وصحبه اجمعين
    تسلم ايدك يا حبيبتى💓بس الحزن ف الحلقه كبير جدا والحلقه قصيره جداً😔😔

    ردحذف
  15. حلقة حزينة جدا بس باين ان نهاية الشر اقتربت
    في انتظار معرفة بقية الأحداث سلمت يداك وجزاكِ الله خيرا

    ردحذف
  16. اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد ..الحلقة جدا جميلة كالعادة بس كانت قصيرة خالص بالتوفيق دائما استاذة هبة (ام راشد)

    ردحذف
  17. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد
    كل سنه وانتي طيبه بمناسبة عيد ميلادك وسلمت يداكي

    ردحذف
  18. في سماء الإسلام نعلو19 أغسطس 2022 في 2:31 م

    اللهم صلي وسلم وبارك ع سيدنا محمد
    بكتينا ع عزت للاسف ف الدنيا قلوب كالسواد الله يصلح قلوبنا ويصلحنا

    ردحذف
  19. الحلقة حزينة اليوم😟متى ستقع في شر أعمالها البت صفية دي فهي أشر من أخوها ويارب تفتضح بسرعة دي فاتت أدهم بيه 😂

    ردحذف
  20. يااااااااه يا هوبه الحلقة وجعت قلبي
    يا رب يظهر حقيقة صفية بسرعة تعبنا واللن منها

    ردحذف
  21. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
    اولا تسلم ايدك على الحلقة لكن في ملحوظتين الحلقة نازلة متاخرة وكمان قصيرة جدا ودة مينفعش يا استاذة 😡
    كنت متخيلة ان عزت مش هيموت بس نقول اية المخرج عايز كدة
    صفية عمالة تتقل حسابها وكدة جنت على نفسها جميلة كدة متفرغلها ومش هتسيبها
    الحاجة فايقة هتفوق بعد خراب مالطة
    سلام صعبان عليا جدا اخوه الوحيد وكل عيتله يتقتل بالطريقة دية
    مش عارفة لية حاسة ان وطفة هنساعد عمتها في كشف صفية
    صفية كل حل

    ردحذف
  22. ياريت تنزلي حلقة كمان لان دية كانت قصيرة ودة مطلب جماهيري

    ردحذف
  23. ياه على وجع القلب
    الله يحرق قلبك ياصفية
    مش عارفة هتبردي نارنا ازاي ؟
    هيكون الانتقام ازاي منها دي
    وبجد هي متقوي ببدران يارب يتكشف وسلام يخلص عليه
    تسلم ايدك يا استاذة هوبة 💗

    أم عبدالرحمن

    ردحذف
  24. ياااه على وجع القلب
    ليه كدة توجعي قلوبنا ع الدكتور عزت 😭😭
    ربنا ينتقم منك يا صفية
    وبعدين بقى؟؟ مش هيخلص الدم ده كله؟؟
    حلقة حزينة موجعة جداً وكلنا زعلانين مش قولنا ما تموتيش الضاكتور عزت 🤨
    ياللا مسير الحق يبان
    تسلم إيدك يا غالية
    ❤️دُمتِ مبدعة❤️

    ردحذف
  25. مبدعه ورائعه ♥️

    ردحذف
  26. جميلة تسلم ايدك ♥️♥️

    ردحذف

إرسال تعليق