الحلقة السابعة من الفصل الثاني الجزء الثاني (الليل والدوادي)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وما توفيقي إلا بالله

 

عليه توكلت, وإليه أنيب

 

*********************************

 

 

في صبيحة اليوم التالي, تهيأت صفية لزيارة العروس, بعد أن أعدت لها طعام الإفطار بيديها كما وعدت, وضعت آكام الطعام الشهي في سلة كبيرة من الخوص, وأعطتها لحورية لتضعها على رأسها..اتجه بهما سائق صفية الخاص إلى بيت السائس

******************************

ما أن غادرت صفية القصر حتى انطلقت عالية إلى الطاحونة, دلفت وعيناها تدور في المكان وتتفرس وجوه الناس الذين عجت بهم الطاحونة, ينتظرون دورهم لطحن حبوبهم  وغلالهم التي اكتظت بها أجولتهم.. ضجيج ماكينة الطحن طغى على صخب الناس والتجاج أصواتهم..ألصقت ظهرها لأحد الجدر ووقفت تنتظر الآتي بالبشارة..مضت بعض الدقائق بثقل الجبال على قلبها المتلهف ولا ظل بدا في الأفق, طرق أذنها صوت إحدى العجائز تطلب العون: يدك معاي يا بتي حطيلي الشوال فوج راسي

 

نظرت إليها فإذ بها عجوز معفرة بالدقيق, أجابتها على الفور: حاضر يا خالة

 

رفعت الجوال ووضعته فوق رأس العجوز فأسدت لها الشكر: كتر خيرك يا بتي..اطمني, أختك طلجوها من الكلاف قبل ما يمسها, وهي في أمان ديلواك عند الست معالي في مصر

 

اتسعت حدقتا عالية وأمسكت بيد المرأة, وقالت باندهاش: هو انت ؟

 

ايوة آنا, وبيجولك الحديت ديه سر بيناتنا إحنا التنين ما تطلعيش عليه مخلوق. بالإذن

 

استني يا خالة..هو مين اللي مشيعك؟

 

اللي طلب منيكِ تاجي الطاحونة

 

ايوة عارفة, أنا أجصد هو مين؟ كان متلتم ما شوفتوش

 

يبجى ما عايزكيش تعرفيه

 

أحب على يدك يا خالة جوليلي هو مين, رايدة أعرف مين اللي وجف جنبينا في المحنة ديّ وخلصنا منيها

 

آنا جولت اللي سمحولي اجولهولك يا بتي. وانتِ مالكيش تسألي عن حاجة ما تخصكيش. فوتك بعافية

 

مضت المرأة بالجوال فوق رأسها, وظلت عالية ترقبها والمشاعر تلتج داخلها.. مشاعر حيرة من أمر هذا الشاب الذي ظهر كطيف لفارس نبيل, أتم أمره ومضى في سكون..ومشاعر فرحة لنجاة أختها..انطلقت من الطاحونة وهرعت إلى منزل عمتها كطير يعرش في السماء لتزف إليها البشرى..أخذت تقرع الجرس دون انقطاع, وتدق على الباب وتنادي: افتحي يا عمة, افتحي

 

ذهبت الخادمة مهدية لتفتح, فنادتها جميلة: خليكِ انتِ يا مهدية. ديه صوت عالية بت خوي, هفتحلها آنا..فتحت العمة, فاحتضنتها عالية وهي تقفز فرحاً وتمطرها بوابل من القبل وهمست في أذنها لاهثة: الجوازة ما تمتش يا عمة, طلجوا سلمى من الكلاف يا عمة, طلجوها منيه

 

هما مين دول يا بتي؟ تعالي اجعدي كديه والجطي نفسك وفهميني عاد

 

هجولك على كل حاجة يا عمة, اجعدي اجعدي

 

جلست إلى عمتها وقصت عليها من أمر الشاب والمرأة التي أرسلها لدى الطاحونة, والسيدة معالي وما فعلت

 

أخذت جميلة الدهشة وقالت: معالي!!

 

أيوة يا عمة, أتاريها هي اللي رتبت كل حاجة مع الجدع اللي جولتلك عليه, وديلواك سلمى عنديها في مصر

 

بجى معالي تعمل كل ديه من غير ما تجول ولا تاجيب سيرة!!

 

المهم انها خلصت اختي من كيد صفية يا عمة. الله يخليكِ يارب يا خالة معالي يا احلى من الشهد انتِ..بس بجولك ايه يا عمة, الله يرضى عنيكِ اوعاكِ تاجيبي سيرة لحد ولا حتى خالة مهدية وإلا الحديت يوصل لصفية لما يتنجل من ودن لودن..اجولك على حاجة..ما عارفاش آنا غلطت أما جولتلك ولا لاه مممم أصل الجدع ديه جال ان الحديت سر بيناتنا احنا التنين.. بس كنت اعمل ايه يعني! كان لازم اطمنك على سلمى..وكمان عشان انتِ الوحيدة اللي عارفة طريج خالة معالي وهتوصليني باختي

 

كانت عالية تسترسل في حديثها والعمة شاردة..فلحظت عالية وأخرجتها عن شرودها: عم تفكري في ايه يا عمة؟

 

متعجبة من معالي واللي سويته..ليه ماجالتش ولا جابت سيرة ! وليه مستهمة بسلمى جوي كديه!

 

واه! حبت تخلص مظلوم من يد ظالم..بجولك ايه يا عمة, دجي عليها خلينا نطمنوا على سلمى

 

ادج عليها وين! ياك مفكراني معايا رقم تليفونها وبتحدت معاها كل يوم والتاني! آنا لا اعرفلها تليفون ولا عنوان

 

كيف ديه يا عمة! دي بت عم جوزك الله يرحمه, واللي اعرفه انها لما تنزل النجع لازمن تاجي تزورك, يعني حبل الوداد بيناتكو موصول

ايوة صُح يا عالية, أحبها واعزها وهي كمان تحبني. لكن معالي لها احوال كديه ما فهمهاش

 

كيف يعني؟

 

يعني, أحسها كديه ما عايزاش حد يعرف عنيها حاجة..مرة عزت ولدي خدني على مصر اجعد معاه كام يوم كديه. ودجيت على سراية بوها ثابت بيه وسألته على تليفونها, جالي هي جاية النهاردة وهخليها تكلمك. وكلمتني من سراية بوها, ولما جولتلها عايزة اجيكِ سرايتك, جالتي آنا هاجيكِ عند عزت. حسيت كديه انها ما عايزاش حد يروح عنديها السراية

 

ممم طب ولو كان كديه, خدت سلمى عنديها ليه؟

 

ما عارفاش. لسة عم اجولك معالي ليها احوال غريبة ما عارفهاش

 

هي متجوزة وعنديها عيال, صُح؟

 

عزت الله يرحمه كان يجولي انها كانت متجوزة من ابن واحد صاحب بوها وخلفت منيه ولدين, بس ما ارتاحتش معاه واتطلجت منيه, وجبل جوازنا بشهر ولا اتنين جالي انها اتجوزت راجل تاني وعايشة معاه في سراية باعيدة, وسلام بيه سوى مع عمه ثابت مشكلة كابيرة عشان لا عزمه على كتابها ولا جاله اتجوزت مين

 

وصُح ليه يعني عمهم ثابت يعمل كديه؟

 

علمي علمك عاد.  عشان كديه لما جولتي خدت سلمى عنديها استعجبت

 

طيب يعني آنا اطمن على اختي كيف ديلواك؟

 

اطمني, معالي مرة مليحة وصالحة, وسلمى عنديها في أمان, هتحافظ على الأمانة وتردها في وجتها

 

آنا أهم حاجة عندي ديلواك إن اختي بعدت عن بت كلاف البهايم وكيدها ..يا ترى هتسوي ايه لما تروح ما تلاجيش سلمى هاها

 

*********************************

ترجلت صفية وخادمتها حورية عن السيارة, جبذت حورية السلة  وأعادتها على رأسها وتبعتها وبقى السائق في الانتظار..ألفت الباب موارب, فطرقته منادية: مغاوري... يا أم مغاوري

 

لم تجد مجيبا..دفعت الباب وولجت تتبعها حورية, وطفقت تنادي بصوت أعلى: يا مغاوري, إنتِ يا مرة يا ام مغاوري...طرموا بودانهم دول ما سامعينش!!

 

يمكن نايمين يا ست

 

نوم ايه لديلواك!

 

هاها مش عرايس عاد!

 

هاها على جولك يا بت..لكن المرة أمه وين!

 

يمكن راحت مشوار كديه ولا كديه

 

ممم تعالي وراي نصحوا العروسة عشان نجولوا صباحية مباركة هاها

 

يلا يا ست

 

اندفعت إلى الطرقة التي حوت حجرة العروس, فألفتها مشرعة ينبعث منها مواء القطط, فهرعت إلى الداخل, فكاد قلبها يتوقف مما رأت..النافذة محطمة, والفراش على هيئته المرتبة لم يلمسه أحد. طعام العشاء على المائدة تنهشه القطط الجوعى..اتسعت حدقتاها وتعالت نبضاتها وهرعت إلى خزانة الملابس تفتحها, فإذ بجميع ملابس العروس على حالها لم تُمس.وأرفف ملابس السائس خاوية..دارت أحاديث صاخبة في عقلها الذي كاد يطيش: الأوضة كانّ ما حد دخلها..السارير متساوي وما حد جه يمته! خلجات سلمى كيف ما رصيتها بيدي ما ناجص منها خيط. وخلجات مغاوري مش في مُطرحها. الشباك مكسر, والعشا اتلمت عليه البسس!! روحتِ وين يا بت حياة! روحت وين يا مغاوري!

 

أخرجتها حورية عن أحاديث عقلها الصامتة بسؤال حائر: خبر ايه يا ست! هي الست سلمى وجوزها راحوا وين؟ وايه مكسر الشباك كديه؟

 

أصرت على أسنانها وقد هاج هائجها: ما خبراش يا حورية, ما خابراش. كانّ جن بلعهم في جوفه

 

اندفعت إلى الخارج عامدة غرفة والدة السائس, فإذ بخزانة الملابس مفتوحة وفارغة..كاد يصيبها الجنون, أخذت تضرب على رأسها غيظاً وهي تصيح: خلجات المرة الكابيرة مش هنيه, دولابها فاضي, والبيت تصفر فيه الريح ما فيه مخلوج. راحوا وين يا حورية, راحوا وين, روحتِ وين يا بت حياة, روحتِ وين يا بت المحروج!

 

كفاكِ يا ست, ما تسويش في نفسك كديه. اتجوزت وراحت مع جوزها مُطرح ما راحت. لينا عنديهم ايه عاد!

 

وهيروح وين الكلاف ببت حياة يا حورية من غير إذني!! كيف يهمل الوعود والمال اللي وعدته بيه!!

 

يمكن البت هي اللي زنت على راسه وجالتله عايزة ابعّد عن بوي وناسي

 

هزت رأسها غير مقتنعة بما ذهبت إليه حورية وقالت: لاه يا حورية..في حاجة حُصلت ما عارفاهاش

 

هيكون ايه اللي حُصُل طيب؟

 

صاحت وهي تضرب الجدار بقبضتها غيظاً: ما عارفاش يا حورية, ما عارفاش. عقلي هيشت مني ونار جايدة جواية ما جدراش

 

طب بس بالراحة على يدك يا ست. آنا هروح اسأل عنيهم الجيران

 

وضعت عن رأسها السلة. وذهبت إلى بيوت الجيران تسأل عما خفى..ولكن كيف تجد الجواب عند من لم يشهد!

****************************

أمرت صفية السائق بالانطلاق بهما إلى صقر, فلربما دلها على ما خفي عنها, نزل إليه السائق يستدعيه وبقت في سيارتها, فأتاها يهرول, احنى قامته إلى نافذتها يحدثها: أوامرك يا ست

 

الكلاف خد بت كامل وراح على وين؟

 

واه! راحوا بيتهم, مش اتجوزوا في الليل عاد!

 

استشاطت غضباً ولطمت وجهه غيظاً وسبته: يعني كنت نايم على ودانك يا واد المحروج

 

ابتلع غصة إهانته علقماً سرى في جوفه وقال بانكسار: الله يسامحك عاد يا ست, بتمدي يدك عليّ جدام  رجالتي! دي آخرة خدمتي!

 

خدمة ايه يا حزين! ياك عم تخدمني ببلاش! كلكوا بتنهشوا في لحمي وبتاكلوا مالي ولا فيكو كلب يسوى مليم احمر

 

حُصُل ايه يا ست لديه كلاته!

 

حُصُل ان الكلاف خد بت كامل واختفوا من النجع وانت كيف التيس نايم ما داريش

 

يا ست آنا ما مجصرش, والناس اللي معاي مش مجصرين. لكن يعني مش هنحط عين على كل دار وكل واحد في النجع, ديه فوج طاجتنا. لكن مدخل النجع مرصود بعين من نار ما بتغمُضش, واللي داخل واللي خارج بنجولك عنيه و...

 

وفر حديتك الماصخ اللي صدعت بيه راسي, لو حارس المدخل صُح يبجي الكلاف خرج بسلمى كيف!

 

يمكن يا ست خرجوا من الطريج الغربي الجديم

 

وما حرسينش الطريج ديه ليه يا نطع انت واللي مشغلهم؟

 

يا ست ديه طريج عتمة ويجبض الجلب ولو اتجتل فيه جتيل ما حد هيدرى بيه..واللي يعدي منيه لازم يكون واد ليل جلبه ميت و...

 

أشاحت بوجهها ولم تأبه بحديثه ونادت على السائق: يلا يا واد المحروج انت التاني خلينا نمشوا

 

قفز السائق داخل السيارة وانطلق بها وخادمتها, وصقر يضع يده موضع اللكمة و يحدجها بنظرات حقد متقدة نظير اهانته أمام المارة و من هم تحت إمرته

 

*************************

عادت صفية إلى القصر تجر أذيال الخيبة..وعقلها يشير ببنانه إلى أثنتين..عالية وجميلة..فلابد أنهما على علم يقين بما حدث, فلن يخفى عليهما مخبأ سلمى..ولكن عليها التيقن..فإن ذهبت عالية إلى بيت أختها لزيارتها, فهي براء لا تعلم. أما وإن لم تذهب, فهي الداهية التي خططت للأمر, أو على أوهن الأحوال على دراية به.. ولكن ما زاد من جنون صفية أنها أبصرت عالية ووطفة متهيئتين للخروج تنزلان الدرج ومعهما سلة كبيرة مكتظة بدا أنها هدية لاختهما العروس..وذاك يعني أنهما لا دراية لهما بأمرها..كانت تنظر إليهما شاخصة البصر ممتقعة اللون ..مرا إلى جوارها دونما كلمة فاستدارت تتبعهما بنظرها حتى خرجتا من الباب وأغلقتاه..فهرعت إلى الباب تواربه وتتلصص, فأبصرت عمتهما جميلة تنتظرهما بسيارتها بصحبة السائق, فازداد جحيم الحيرة داخلها, واستدارت تصيح في حورية: حورية, شيعي حد ورا بنيتا الشوم وعمتهم يشوفوا رايحين لسلمى ولا رايحين وين

 

أوامرك يا ست

 

*******************************

حقاً كانت عالية ووطفة وعمتهما عامدات بيت سلمى, وذلك حتى لا تتشكك صفية في معرفتهم بالأمر..ذهبن إلى المنزل وتظاهرن بالصدمة, بل وهرعن إلى الجيران يسألن عما حدث للعروس..كل ذلك كان يرقبه عين صفية وعاد إليها يقص الخبر, فكاد عقلها أن يلتاث..فإن لم يكن هؤلاء يعرفن مكان سلمى, فمن يعرف إذن!! ولكن ما تيقن في نفسها أن ثغور الأعداء زادت ولا تدري على يد من ستأتها الهلكة..ترى ستعود حياة لتنتقم!..أم تراه صالح! أم تراها سلمى! الخطر كل الخطر أصبح ممن يتسلل إلى داخل القرية في الخفاء..لذا وجب سد الثغور ولو بالدم والنار..لا بد من تدبير زيارة إلى بدران في الحال..ولكن ليس قبل أن تطلع كامل على ما حدث من أمر اختفاء ابنته...قنعت الدور العلوي وقصت عليه الأمر, فاتسعت حدقتاه دهشة: بتي وجوزها اختفوا من النجع!!

 

كيف ما جولتلك يا خوي. بتك ما بيتتش في الدار من أصله..هجت من النجع في الليل مع جوزها وامه ولا مش شاف ولا من نضر

 

ليه طيب! بتي تطفش من النجع وتهمل اهلها وناسها ليه!!

 

زلزل صوت عالية المكان مجيبة: من الظلم يا بوي

 

نظرا إلى الباب فإذ بعالية تقف على الأعتاب وتنظر إليهما شزراً فألجمهما الصمت. اندفعت إلى الداخل ووقفت قبالة والدها تقول: ريت آخرة ظلمك يا بوي! جهرت اختي وجوزتها غصب للكلاف وتبعت جول مرتك!! أهي اختي هملت النجع وما عارفينش راحت وين

 

انفجر والدها صارخاً: جاية تحاسبيني ولا ايه يا بت! أختك في طوع جوزها, تروح معاه مُطرح ما يروح وما في حد له عليهم سلطان, وإياك مرة تانية تعلي صوتك جدامي يا جليلة الرباية, اخفي من وشي

 

نظرت إليها صفية بابتسامة ماكرة, فأطالت إليها عالية نظرة بغض, ثم اندفعت خارج الغرفة..تحسست صفية خنجرها التي لا يبرح خاصرتها تحرزاً من مباغتة عالية لها, فإن أقدمت الفتاة على قتلها, باغتتها بخنجر يشق صدرها..هكذا كانت صفية دائماً خائفة تترقب

 

**************************************

في هذا البيت الطيني المتواضع, المسقف بسعف النخل, يسكن ضوي أحد خفراء العمدة..افترش الأرض أمام الطبلية الخشبية التي وضعت عليها زوجته طعامهم البسيط في صحون الصاج المقشرة الحواف, تجاورهم عروش البصل الأخضر. ومشنة الخبز تجاور الأرض, نادى عليها لتحضر قارورة الماء معها: الأولة يا والية

 

جيباها وجاية أها يا ضوي

 

نادت على ولدها الشاب القابع في غرفته: يلا يا بدر يا ولدي عشان تاكل معانا

 

حاضر يا امّا, بلبس وجاي أها

 

جلست ووضعت قارورة الماء إلى جوار زوجها, تناولت أحد الأرغفة وطفقت تتناول طعامها وهي تنادي بتأفف: يا بدر يا ولدي الوكل هيُبرد عاد. واه!

 

خلاص أها يا امّا جيت

 

خرج من غرفته وهو يرتب هندامه مختالاً بجلبابه, وقد فج عطره في أرجاء البيت, جلس بجوار أمه, جبذ مشنة الخبز وأخرج أحد الأرغفة, وقال: أديني جيت أها يا امّا...سالخير يا بوي

 

يسعد مساك يا ولدي

 

نظر إلى الطعام وقال ضاحكاً: هو ديه يا امّا الوكل اللي مسوية مولد عليه! الوكل هيُبرد, الوكل هيُبرد!! عَدَس يا امّا!!

 

واه! وماله العَدَس عاد! ديه كفاية منظره اللي يرد الروح ويشرح الجلب الحزين

 

هاها صُح يا امّا, صُح. كلي وردي روحك يا امّا

 

عم اكل أها

 

وآنا كمان هاكل لجمتين عشان يادوب الحج محمود بيه

 

يا بوووي! يا دي محمود بيه اللي مضيع حالك وجاعد جنبيه. يا ولدي شوفلك شغلانة تنفعك

 

طب يا امّا ما انا بشتغل مع محمود بيه

 

وهو مرواحك ومجييك وراه كيف خياله, عم تسميه شغل!!

 

ايوة شغل يا امّا

 

يا ولدي اشتغل شغلانة تكسب منيها جرش

 

جرش كد ايه يعني! ويكفيني لميتى! طب اللي عم يشتغل عم يشتغل ليه! مش عشان ياكل ويتكسي؟ آنا مع محمود بيه عم أكل احسن وكل, وعم البس أحسن لبس..ما واعياش للجلابية الجاديدة اللي عاطيهالي محمود بيه؟

 

معلوم واعيالها زين, عم يوكلك اللجمة اللي فاضت منيه وعم يلبسك الهدمة اللي استغنى عنيها

 

وماله يا امّا, طالما اللجمة هنية والهدمة زينة, آنا راضي وجابل وعايش كيف واد السلطان

 

طب والجواز يا ولدي؟ ولا ما رايدش يبجالك بيت ومرة وحتة عيل!

 

مرة ايه وعيل ايه يا امّا! آنا ناجص خوتة دماغ!!

 

سامع اللي عم يجوله ولدك يا ضوي؟

 

سامع وماليش صالح

 

مالكش صالح يعني ايه يا ضوي! مش ولدك ديه ولا ايه!

 

ولدي راجل وعارف صالحه

 

هاها عافية عليك يا بوي

 

*************************************

رواية الليل والدوادي

الجزء الثاني

بقلم. هبة عبد العظيم نور

**********************************

 

**********************************

ما أن بزغت شمس ذلك اليوم, حتي بزغ معها وجه تلك الفتاة الحسناء على مشارف القرية, ثيابها الرثة تقص عنها كل شيء دونما حديث, تمشي بخطوات وئيدة وتحمل بؤجة مسرة, يكلل وجهها عفار الطريق..تمد عينيها ذات النظرات البائسة إلى مدخل القرية التي تقصده, تمسح عن وجهها قطرات العرق الممتزجة بالغبار..تلتج أصوات أنفاسها المضطربة بصوت حفيف الأشجار..خطوات شاقة تلو خطوات أشق حتى بلغت فوهة القرية الخامدة, فاستوقفها أحد أعين صفية وسألها بحدة: إنتِ مين؟

 

آنا ورد

 

هاها ورد صُح, وجاصدة مين في النجع يا ورد؟

 

جاصدة لجمة العيش

 

هاها جالولك الشغل حدانا متلتل مالاجيش حد!

 

الله يرضى عنيك بعد عن طريجي, خليني اشوف حالي

 

مش جبل ما تجولي إنتِ مين

 

واه! جولتلك ورد, وجاية النجع استرزق

 

وإنتِ من وين يا ورد؟

 

من نجع أبو غريب

 

وهو نجع ابو غريب مافهوش شغل إياك!

 

يا بوووي! يا واد الناس اللي يخليك بعد عني, مش هتبجى انت وزماني عليّ. كفاني اليتم وضيج الحال, ولا عم ولا خال

 

انفجرت في البكاء, فانزعج قائلاً: بس خلاص..يا بوووي! ما أكره عليّ من بكا الحريم ونكدهم, ادخلي شوفي رايحة وين

 

دلفت الفتاة إلى القرية وعيناها تدور في أرجائها, باحثة عن وجهة تقصدها

*************************************

انطلق جاسوس صفية إليها في الحال ليقص لها من أمر الفتاة, بعد أن أعهد المراقبة إلى غيره

 

ما أن دخل إلى صفية حتى سألته متلهفة: ايه الأخبار اللي عنديك يا واه؟

 

في بت غريبة ادلت النجع النهاردة

 

انتفضت صفية واقفة وسألته بقلق: بت مين ديّ؟

 

اسميها ورد

 

...ورد!!!.. وجاية من وين, وايه جابها عندينا؟

 

ديّ بت غلبانة وجاية تدور على شغل, وباين عليها الفقر والجوع

 

استشاطت صفية غضباً ووكزته في صدره بقوة, وزجرته: مهمل شغلك وحالك وجاي تعطلني عشان بت ما تسواش!

 

واه! يا ست مش سبق وأمرتيني أجولك حتى لو نملة غريبة هوبت يمة النجع!!

 

غور من وشي, غور..ورد وما وردش عاد

 

لم تأبه صفية لأمر الفتاة, فمالها ولفتاة فقيرة يتيمة أتت لتبحث عن رزقها في فتات القرية!! ..فما أوقفت عيونها على مداخل القرية إلا خوفاً من عودة أعدائها..فالأمر بمنأى عن تلك الفتاة المسكينة

 

أما ورد, فقد ظلت تجوب القرية وتسأل المارة عن عمل تتكسب منه, فلم يدلها أحد ..استبد بها العطش, فأخذت تنظر ذات اليمين وذات اليسار, حتى وقعت عينها على مسجد القرية, وأمامه سبيل الماء الحديدي, مصطف به أواني الماء الفخارية. هرعت إليه ورفعت إحدى الأواني , أخذت تشرب وتشرب والماء ينساب على جوانب شدقيها حتى ارتوت وحمدت الله ..وضعت الإناء في موضعه, وأطالت النظر إلى المسجد, فسرت السكينة والأمان في نفسها ..اتجهت إلى بابه وخلعت نعليها ..دلفت فأبصرت الشيخ سلطان يجلس إلى أحد الجدر مختلياً بآي القرآن ..فهرولت إليه وألقت السلام

 

سلامو عليكو يا سيدنا الشيخ

 

رفع رأسه مجيباً بلطف: عليكم السلام ورحمة الله يا بتي

 

آنا يا عم الشيخ غريبة عن النجع, من نجع ابو غريب, يتيمة وماليش حد بعد موت بوي وامي.

 

وين الجرايب يا بتي ؟

 

لا عم ولا خال. ماليش غير عمة وعيالها كاتير,جالتلي ما اجدرش آخدك عندي, دوري على حالك باعيد عني

 

لا حول ولا قوة إلا بالله..كان من الرحمة إنها تاخدك عنديها, وبرديك تشتغلي وتشوفي حالك وتكفلي روحك بدل ما تهملك لديابة الطريج

 

نصيبي كديه يا شيخ

 

طيب يا بتي, إنتِ متعلمة؟

 

جعدت من المُدرسة, من وآنا في اعدادي عشان ارعي امي, أصلها كانت عيانة جوي, ماتت من تلات سنين, وبعدها بوي من شهرين فاتوا, والأوضة اللي كنت عايشة فيها مع بوي وامي ما جدراش ادفع ايجارها, وصاحب البيت زعطني

 

إنا لله وإنا إليه راجعون...طيب يا بتي, ايه اللي عم تحسنيه عشان تشتغليه؟

 

آنا ما اعرفش حاجة, لكن اعرف في شغل البيوت والتنضيف. لو تدلني على عيلة ولاد حلال كديه اخدم عنديهم, يبجى كتر الف خيرك عاد يا سيدنا الشيخ

 

طيب آنا هجوم معاكِ, وربنا يدلنا ع الخير عاد

 

ربنا يبارك فيك يا شيخ..آآآ

 

رايدة تجولي حاجة يا بتي؟

 

جعانة يا شيخ

 

أخرج من منديله المسر كسرة خبز عليها بعض فتات الجبن, فأعطاها إياها فالتهمتها ..ثم انطلق إلى مستوصف القرية وهي تمشي خلفه على استحياء

*************************************

رواية الليل والدوادي

الجزء الثاني

بقلم. هبة عبد العظيم نور

**********************************

 

 

دلف إلى المستوصف وألقى السلام على الطبيب

 

السلام عليكم يا داكتور ناصر

 

تهلل وجه الطبيب لرؤية الشيخ سلطان وقام عن مقعده يرد التحية

 

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا عم الشيخ سلطان. إيه النور اللي فج في المستوصف ديه! اتفضل اجعد يا شيخ

 

معلش يا ولدي, ورايا كام مُصلحة لازمن اجضيها جبل صلاة الضهر. لكن جبتلك بتنا ورد, وعشمان تشوفلها شغلانة عنديك في المستوصف

 

والله جت في وجتها يا شيخ, في بت من البنيتا اللي عم يشتغلوا هتتجوز, وتوها مبلغاني إنها مش جاية الشغل تاني

 

طيب مليح, ربنا يستر بناتنا آمين

 

نادى الطبيب على ورد الذي بلغ منها الحياء مبلغه

 

تعالي يا ورد

 

اقتربت بعض خطوات على استحياء

 

فسألها: تعرفي في شغل التمريض يا ورد؟

 

اتعلم يا داكتور

 

طيب يا ستي, آنا هعلمك كل حاجة إن شاء الله

 

فقال الشيخ للطبيب: ورد غريبة عن النجع يا ولدي, مالهاش مكان تبيت فيه..لو تهملها تبيت في المستوصف لحد ما ندبرولها مكان, يبجى جاميل كابير يا ولدي

 

إنت تؤمر يا شيخ سلطان, آنا ههملها مفاتيح المستوصف, تبيت فيه من غير ما حد يزعجها

 

الله يبارك فيك يا ولدي. العرض غالي, واللي يصون عرض الناس, ربنا يصون عرضه..ربنا يرضى عنيك يا ولدي...ورد. آنا راح اهملك للداكتور تتعلمي منيه. اطمني المستوصف مفتوح وفيه شغالين والرِجل عليه كاتير, يعني مش هتكونوا وحدكم

 

ربنا يكرمك يا شيخ زي ما كرمتني

 

*************************************

رواية الليل والدوادي

الجزء الثاني

بقلم. هبة عبد العظيم نور

**********************************

عاد الحاج عتمان أحد أهالي القرية إلى داره, والهموم تكبل ملامحه. فتحت له إحدى بناته ورحبت باسمة: أهلاً يا بوي

 

لم يجبها ودلف إلى الدار يزفر أنفاس الهموم, فهال ابنته ما رأت, ونادت والدتها

 

بوي جه يا امّا

 

أتت تهرول, فعندما أبصرته على حالته, ضربت على صدرها وقالت بلهفة: يا مري! حصل ايه يا عتمان

 

زفر وصاح فيها: هيكون حُصُل ايه يا فاطمة! المحصول خدوه مني رجالة بدران برخص التراب, والفلوس اللي جت ماهتكفيناش عيش حاف احنا وعيالنا

 

يا بوووي! ينتجم منيك يا بدران الكلب انت ورجالتك..يعني ايه! ماحدش جادر عليهم دول!

 

يجدر عليهم ربنا يا فاطمة

 

ربنا ينتجم منيهم والفلوس اللي خدوها يصرفوها على عياهم ومرضهم

 

ايوة ما احنا ماحدناش غير الدعا والولولة كيف النسوان ليل ونهار آآآآآخ كانه ليل ماله آخر يا فاطمة..هنوكلوا العيال من وين! والبت اللي مكتوب كتابها دي هنجيبوا من وين فلوس عزالها! آآآخ يا جلة الحيلة اللي مكتفاني

 

تنهدت بحسرة وربتت على كتف زوجها قائلة: معلش يا خوي, تتدبر إن شاء الله..في الصبح هخطف رجلي لحد دار خوي وأجوله يشوفلنا جرشين نشوروا البت بيهم . ونبجوا نردوهم وجت ما الحال يتعدل

 

عمر الحال ما هيتعدل طول ما بدران ورجالته كاتمين على أنفاس النجع

 

هزت رأسها بحسرة وتنهدت بعمق. نادت على بناتها: روحي يا بت منك ليها هاتوا الوكل وحطوه ع الطبلية

 

حاضر يا امّا

 

أدخل يا خوي غير خلجاتك عشان تاكل لجمة معانا

 

أكل ايه وشرب ايه يا فاطمة! والله الواحد ماله نفس للزاد ولا للدنيا

 

ارمي تكالك على الله وجوم يا خوي, هنحرموا نفسينا من الزاد كماني! جوم يا عتمان جوم

 

أومأ برأسه موافقاً, نهض وما أن هم بالاستدارة, حتى سمع طرقات عالية على الباب. فغمغمت زوجته: خير يا رب

 

ذهب إلى الباب تتبعه زوجته وقد توشحت بوشاحها..فتح الباب ليجد أحد رجال بدران مكتتفاً بندقيته وعلى وجهه قد تبدت البلاهة, اتسعت حدقتا عتمان وصاح فيه: عايز ايه منينا

 

رد بصوت جهور:هكون عايز ايه يا راجل انت! الريس بدران مشيعني عشان أخد إتاوة كل شهر

 

صاحت زوجته بغل! إتاوة كل شهر! طب تعالى عشان ماحدش هيدهالك غيري.وثبت أمامه وأمسكت بتلابيبه وجرته إلى الداخل ونادت بناتها: يا بنات, كل واحدة تجيب فردة مركوب وتاجي

 

تناولت فردة مركوب وهرولن إليها الفتيات يحملن المراكيب وانهلن عليه ضرباً هي وبناتها بكل ما أوتين من غل وهو يصرخ ويستغيث

يا بوووي حد يحوش المرة ديّ عني,يا بووي, يا امّا. ينتجم منيكِ يا باعيدة

 

إنت لساك شفت حاجة, فلوس ايه اللي مشيعك بدران تاخدها منينا!  إنتو خليتوا حيلتنا حاجة! فلستونا الله يحرقكوا وبجينا نمدوا يدنا للخلق.دانا هنهش لحمك بسناني

 

نشبت أسنانها في ذراعه كوحش ضاري انقض على فريسته, والمراكيب ما زالت تنال من جسده بعنف, فصرخ مستغيثاً من الألم

 

آآآآه هملي دراعي يا مرة يا مسعورة, بعدوا بمراكيبكم يا محاريج انتوا, خلصني منيهم يا راجل إنت

 

خلاص يا فاطمة, هملوه ليموت في يدكو

 

ما يموت ولا يغور في داهية

 

جولتلك خلاص يا فاطمة, ما ناجصينش مشاكل مع بدران احنا

 

أزاح الرجل زوجته وبناته بعد أن زجرهن, ومد يده للرجل ينهضه قائلاً: جوم يا راجل انت, روح لحال سبيلك

 

نهض الرجل متململاً وأسرع إلى الخارج كالفار من أنياب الليث, وهو يسب المرأة وبناتها, وهي تتوعده قائلة: إياك تاجي هنيه تاني, جبر يلمك ويلم اللي مشيعك

 

*************************************

كان بدران يجلس متكئأ على أحد الأرائك في ردهة القصر,  وضاحي يجلس عند أقدامه يشعل نار النارجيلة, حين أقتحم الرجل الذي أدبنه النساء مهلهل الثياب, أشعث, وقد تخضب وجهه بعفار الأرض, وصاح شاكياً: ريت اللي حُصُل يا ريس بدران! روحت بسلامة نية أحصل الإتاوة من راجل اسميه عتمان, جامت مرته وبناته ضربوني بالمراكيب آآآه يا بوي ما جادرش اجف على حيلي

 

استعر الغضب في قلب بدران وهب واقفاً, وصاح يستوثق: ضربوك!

 

أي والله يا كابير, آآآه, والمرة تنّها تشتم فيك وفي رجالتك, وجالتلي إياك تاجي هنيه تاني

 

انتفخت أوداج بدران, وركل النارجيلة بعنف فتهشمت, وهجم على الرجل كالكلب العقور وصفعه صفعة أسقطته أرضاً  وبصق على وجهه.وأخذ يبرق ويرعد:

كيف يا واد المحروج انت تهمل شوية نسوان يضربوك, ايه! مشيعلهم مرة إياك!

 

آآآآه وآنا ذنبي ايه يا كابير! دي مرة مسعورة هي وبناتها, غرزت اسنانها في لحمي كيف الغولة وكانت هتموتني. كنت اعمل لهم ايه آنا!

جوم فز من جدامي, غور

 

هز الرجل رأسه مرتعداً, ونهض مسرعاً إلى الخارج, يتخبط في الأثاث

 

زفر بدران وجلس مبتئساً, فعاجله ضاحي قائلاً: اللي حُصُل ديه ما يبشرش بخير يا ريس بدران. كون المرة دي تتجرأ وتعمل كديه, فديه هيجرأ أهل النجع علينا وهيبتنا تضيع وكل حاجة تروح من يدنا, لازمن نرجعوا هيبتنا يا كابير

 

دخلت صفية مندفعة على حين غرة وهي تنادي: بدران

 

صفية!! ايه جابك ديلواك؟

 

نظرت إلى ضاحي وهي تقول: عايزاك في كلمتين لحالنا

 

فقال ضاحي: طيب آنا هستنظر برا المندرة يا ريس بدران

 

خرج ضاحي, فاندفعت صوب بدران تقول بصوت خفيض: احنا مش في أمان يا بدران

 

اتسعت حدقتاه وتحسس رقبته هلعاً وسأل: تجصدي ايه يا صفية؟

 

ناس عم تدخل النجع وتخرج منيه من غير ما حد ينضرهم, واللي عم يُحصُل ديه فيه هلاكنا إحنا التنين

 

يا بوووي ما تجولي طوالي حًصُل ايه آنا ما ناجصش خلعة

 

سلمى بت كامل, هملت النجع مع جوزها وأمه وما حد نضر خيالهم..كيف ديه يا بدران

 

ما تسألي صجر عاد

 

صجر كانّها راحت عليه وزمانه ولى

 

يعني ايه! ما جادرش يحرس النجع!

 

لاه, ما جادرش..بيجول اللي عم يدخلوا ويخرجوا ما ننضرهومش,  عم يدخلوا من الطريج المهجور

 

ويمكن هو اللي عم يدخلهم جصاد المال

 

......ما عارفاش..يمكن صُح كيف ما بتجول..آنا ما مأمناش له ولا لغيره وما عارفاش اعمل ايه يا بدران, عشان كديه جيتك تتصرف جبل ما يفلت الزمام من يدنا  

 

ضيق عينيه لوهلة ثم وسعهما وهو يتذكر ما حل بأحد رجاله منذ وهلة ويسترجع ما قالت صفية.. قال بحسم بعد أن وصل إلى قرار: جه وجتك يا مصطفى

 

مصطفى واد خليل الجارحي؟

 

ايوة. طاب وجه أوانه, هو ديه اللي هيدخل الأرانب لجحورها ويرجع هيبتنا جدام كلاب النجع

 

اندفع بدران إلى الباب ونادى بصوت جهور: ضاحي

 

جاء يهرول: أمرك يا ريس بدران

 

 

شيعوا لمصطفى وجولوله. الريس بدران بيجولك, راح أوان عيشة الجبل, وجه أوان العيشة وسطينا في النجع

 

خير ما فعلت يا ريس بدران. مصطفى واد خليل الجارحي هو اللي هيرجع هيبتنا عاد

 

********************************

كانا هناك ينتظرانه عند فوهة كهف الجبل, إثنان من رجال بدران أرسلهما ليأتياه بمصطفى. خرج مصطفى ذاك الشاب الجبلي, الفارع الطول, قوي البنية , ذو الملامح الصخرية والقلب الشبم.عيناه تشبهان أعين الذئاب المتلهفة للفرائس. ظلت عيناه تدور في الأجواء وفي الأحجار والصخور وكأنه يودع جزءاً منه, خلع بندقيته التي يكتتفها وصوبها إلى أحد الخراف فأرداه, فقد ألف إراقة الدماء بلا داع. ثم مضى مع الرجلين يقطع مسارب الجبال عامداً أرض القرية التي تشتعل روحه كراهية لها ولأهلها, يود لو جمعهم وأشعل بهم النيران قصاصا لوالده ذبيح خستهم كما أوهمه بدران. ولكن الأمر لديه يقين أوصد عليه قلبه

 

******************************************

 

ولحد هنيه وخلصت حلجتنا

 

أشوفكم السابوع الجاي إن شاء الله

 

حابة أوضح حاجة. أنا عندي قارئتين تحملان نفس الإسم الجميل..رقية..إحداهما قارئتي الصغيرة الجميلة رقية وهي ابنة صديقتي الحبيبة دعاء, والثانية هي قارئتي الرائعة رقية..ذات مرة علقت قارئتي الحبيبة فظننتها ابنة صديقتي, وبعدها أوضحت صديقتي اللبس..والسؤال الآن..أين أنتِ يا قارئتي العزيزة رقية الكبيرة؟ ههه دائماً تشابه الأسماء يوقعنا في مثل هذا اللبس...حيا الله جميع قرائي

 

أتوجه بالشكر العميق والامتنان لقارئاتي الحبيبات على التعليقات التي تحيي روح المدونة والقمرات اللي طلوا بعد غياب

أم راشد,بسملة, عفاف, أم رفيف, أم هبة, أم جهاد وشمس, جوجو, سلوى, نور الحق, وفاء علي, في سماء الإسلام نعلو, هدى البليسي, زيزي عبد السلام, أسماء, رباب محمد, أم عبد الرحمن الهيثمي, كاميليا محمد, أم رقية, رفيدة حمزة, شيماء سعيد, الياسمين, حواء أم هالة, لولو, مريم سعد, أم حمزة,سمسمة محمد, دكتورة رشا, إيمان إبراهيم

 

 وأرجو من غير المعرفات التعريف بأنفسهن حتى نزداد شرفا وتنير أسمائهن المدونة

 

لا تنسوا ذكر الله والصلاة على الحبيب الليلة وغدا الجمعة إن شاء الله

من وصايا سيدنا نوح لابنه الإكثار من لا اله إلا الله, وسبحان الله وبحمده, فبها ترزق الخلائق

 

لا اله إلا الله , سبحان الله وبحمده

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا