الحلقة العاشرة, الفصل الثاني, الجزء الثاني( الليل والدوادي)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وما توفيقي إلا بالله

 

عليه توكلت, وإليه أنيب

 

***************************

 

 

دلفت صفية إلى المطبخ, فسألتها حورية: رايدة حاجة يا ست؟

 

ناوليني كباية وحطي فيها عصير من التلاجة

 

حاضر يا ست

 

أتتها بكوب العصير, فأخرجت زجاجة صغيرة من بين طيات صدرها وأفرغتها في الكوب, وحورية ترقب باندهاش, خرجت من المطبخ تحمل الصينية واتجهت إلى الفتاة وهي تبالغ بالترحيب: يا مُرحب يا مُرحب بورد اللي كيف الورد

 

ربنا يخليكِ يا امّا

 

تعيشي يا بتي

 

وضعت الصينية قبالة الفتاة وأخذت كوب العصير ومدته إليها وقالت بود: اشربي يا حبيبتي وبلي ريجك ما تتكسفيش, دي سراية امك

 

أخذت الفتاة الكوب وطفقت ترتشف على استحياء, وصفية تتحدث إليها أحاديث تتبعها أحاديث, حتى شعرت الفتاة بالقصر يميد بها وتغبشت رؤيتها, فانفلت الكوب من يدها وغابت عن الوعي وقد سقط رأسها على ذراع الأريكة

 

فنظرت إليها صفية ساخرة,وقالت بنبرة وعيد: هعرفك كيف يكون جزات اللي يتحدى صفية يا بت المحروج انت

 

 قامت عنها تنادي حورية, التي جاءت تهرول من فورها, فهالها ما رأت, فسألت بانزعاج: مالها يا ست؟

 

يدك معاي ندخلها أوضة محمود

 

شهقت وقد اتسعت حدقتاها, فزجرتها صفية: يلا همي يا بت المحروج انتِ

 

حاضر يا ست حاضر

 

حملتا الفتاة إلى الغرفة على عجل وألقتاها على الفراش الوثير بعنف, ثم أمرت صفية خادمتها بمغادرة الغرفة, غلقت الأبواب, ونزعت حجاب الفتاة  وألقته أرضاً,وحلت شعرها, وأمطرتها بالعطور..أطفئت الأضواء وخرجت من الغرفة وأغلقتها, ثم نادت على خادمتها: بت يا حورية

 

نعمين يا ست

 

روحي لمحمود وجوليله امك عايزاك ديلواك

 

والاجيه وين بس يا ست!

 

روحي اسألي عنيه المحروج  بدر واد ضوي, وما ترجعيش من غيره,. يلا همي, ما عنديناش وجت

 

ذهبت وأحضرته على عجل, فألفى والدته عند الباب, هسألها متأفف: خير يا امّا, مشيعالي ليه عاد؟

 

تعال وراي

 

اتجهت إلى الغرفة, فتبعها وهو يزفر ضائقاً, فتحت الباب, فإذ بالظلام يخيم عليها, دلفت وقالت: ادخل

 

نظر إليها حانقاً ودلف إلى الغرفة, أغلقت الباب وأضاءت الغرفة, وأشارت إلى الفتاة وعلى محياها ابتسامة ساخرة, صعق وجحظت عينه, وقال ذاهلاً: ورد!!

 

ايوة ورد..جدامك اهيه, طفي نار شوجك عاد, آنا خارجة

 

همت بالخروج فأمسك بذراعها يسأل ليضع حداً لهذا الغموض: جبتيها كيف يا امّا؟؟

 

مش هخبي عليك يا ولدي. آنا من ساعة ما حدتني في جوازك منيها وجولت لاه, وآنا عم الوم في نفسي صبح ليل, واجول ليه يا صفية تخسري محمود ولدك اللي طول عمره في طوعك ويحبك  كيف عنيه..جوم جولت في نفسي اشيع لورد واشوفها صُح رايداك ولا عم تلعب عليك لعب الغوازي. جوم شيعتلها حورية جابتها,! آآآخ ويا ريتها ما جابتها, طلعت بت, لا عنديها أصل تبكي عليه ولا عرض تصونه..,.. في الأول جولت اترجاها تبعّد عنيك وتهملك لحالك واشوف ردها ايه, لكن جالت لاه, رايدة محمود وهتجوزه مهما عِملتِ, جولت اسألها سؤال وردها عنيه هيبين هي رايداك صُح ولا رايدة مالك

 

سؤال ايه يا امّا؟

 

جولتلها ايه رأيك يا بتي تكوني لمحمود ليلة وجصادها تاخدي الخاتم الالماظ ديه, مسكت يدي وكانت هتاكل الخاتم بعنيها وجالت, اكون ليلة لمحمود واخد الخاتم

 

نظر إلى الفتاة وكاد عقله يطيش ونطق باسمها مدهوشا: ورد!!

 

اومال يعني مستنظر ايه من بت كيف ديّ! حسبتها صُح, جالت يمكن امه تجف جصاده وما تهملوش يتجوزني, أطلع بالخاتم الالماظ احسن منيه ومن ناسه. والله يا ولدي لو كانت صُح رايداك من جلبها كنت جعدتهالك على بساط حرير اخضر وغطيتها بالجواهر وكتبتلك عليها وسويت لكم عِرس يتحاكى عنيه نجع ابو المنصور والنجوع اللي حواليه, آآآخ يا جلة البخت, نجول ايه عاد في فُجر البنيتا.

 

........طب وليه يا امّا نايمة وما درياش!!

 

جالتلي اعطيني حاجة تنيمني يا ست, عشان هستحي من محمود هههه هم يبكي وهم يضحك عاد يا ولدي, تجبض تمن عرضها وتستحي

 

وضع يداه على رأسه وصرخ: لاه يا امّا, لاه, ورد ما تعملش كديه

 

واه! ما ناضرش الخاتم في يدها ولا كانّ عشجها عماك! عشان تبجى تسمع كلام امك اللي عارفة صالحك وعارفة تجربك من مين وتبعّدك عن مين..آنا خارجة, واهي جدامك اهيه وتمنها في يدها

 

خرجت مسرعة وأغلقت الباب..فاقترب من ورد والصدمة تصدع قلبه وقال: بجى انتِ يا ورد تبيعي عرضك بخاتم!! وكنتِ مسوية روحك شريفة مالكيش في سكة الحرام!! آآآخ يا ورد, كنت رايدك في الحلال وهغطيك بالذهب من فوجك لتحتك..لكن انتِ..انتِ ساويتي عرضك بخاتم, وياريتك تستاهليه

 

بصق على وجهها وقضى مأربه, وخرج لوالدته أسيفاً مطأطئ الرأس, فقامت اليه متبسمة, ربتت على كتفه بقوة وقالت: البت اللي تريدها تشاور عليها وامك تجيبها تحت رجليك, لكن وجت الجواز, اللي امك تشاور عليها هي اللي تتجوزها عاد

 

....آنا هتجن يا امّا, هتجن..البت ديّ كانت بتتجي ربها وما عايزاش غير الحلال, تجوم في يوم وليلة كديه تبيع نفسها بالمال!!

 

 

اومال كنت مفكر ايه يعني! بت لا اتربت ولا شافت رباية, وجاية تعيش وحدها هنيه , وتجول عاد جاية اشتعل وما ادرك ايه. دي هملت بلدها عشان تعيش على كيفها. بجى بت زييها تعيش وحدها في المستوصف! والله أعلم الداكتور عمل معاها ايه كماني!

 

لاه يا امّا..آنا اول واحد مسها

 

ومش هتكون آخر واحد, وبكرة تسمع عنيها وعن شرفها اللي اتوحل

 

نظر بانكسار إلى والداته, وجلس على مقعد وهو محطم الوجدان آسفاً على محبوبته التي وقع أسير خداعها, فاتجهت صفية إلى الغرفة ونادت خادمتها..دلفت حورية إلى الغرفة فوقعت عيناها على الفتاة المهتوك سترها, فشهقت وضربت على صدرها وقالت: هو محمود بيه...

 

اكتمي, مالكيش صالح, همي معاي نسترها, ربنا يستر ولايانا عاد

 

لوت حورية شفتها ساخرة وقالت: آمين يا ست

 

أتمت حورية الأمر مع سيدتها وغادرت الغرفة, وبقت صفية تجلس على المقعد تنظر إلى الفتاة بتشفي..مضى بعض الوقت ..بدأت تئن وتستفيق.فتحت عينيها فإذ بشبح لا تتضح معالمه.بدأت الرؤية تتضح شيئاً فشيئا, فإذ بها صفية, نظرت إلى نفسها, فإذ بها طريحة فراش, شعثاء الرأس, مهترئ بعض سترها, فأدركت ما ألم بها, فانتفضت صارخة, فأسرعت إليها صفية تكمم فاها وتسبها: اكتمي يا بت المحروج انتِ, اكتمي ليكون آخر يوم في عمرك, جيتِ السرايا بخُطرك, ما حد عماكِ ولا جابك غصب

 

أخذت الفتاة تقاوم يد صفية الخشنة القاسية حتى أزاحتها عن فيها, وقامت عن الفراش تعقص شعرها , وتستر ما بدا منها و تشتكيها إلى الله وعبراتها تنهمر: حسبي الله ونعم الوكيل فيكِ وفي ولدك, انتِ اللي شيعتيلي خدامتك وجبتيني لحد هنيه بالكيد والغش

 

دخل محمود إلى الغرفة مندفعاً صوبها, ثائر الجَنان,نتش يدها بعنف وصاح فيها:لساكِ هتكدبي! والخاتم اللي في يدك ديه تجولي فيه ايه يا فاجرة!!

 

نتشت يدها من براثنه والتقطت وشاحها الملقى على الأرض وتوشحت وهي تتلظى غلاً, وثارت ترد السباب: الفاجرة هي امك اللي لا تراعي دين ولا عرض

 

صفعها على وجهها فصرخت وانتشت صفية, أخذ بمجامع ثيابها ليلقها خارج القصر وهو يسبها: برا يا خاطية يا فاجرة

 

فنادته أمه: استنى يا محمود

 

اندفعت صوب الفتاة وقبضت على ذراعها وأغلظت نبرة الوعيد:اسمعي يا بت, اللي حُصُل بينك وبين محمود بيه تنسيه كانّه ما حُصُلش, ولو خشمك اتفتح بكلمة, هرميكِ لديابة الجبل ينهشوا لحمك النجس

 

ارتعبت الفتاة,فنتشت صفية الخاتم من أصبعها وقالت مزدرية إياها: الخاتم ديه ما تلبسوش فاجرة زييكِ

 

حدجتها الفتاة بنظرة احتقار وقالت: غوري بالخاتم بتاعك, ما عايزاش حاجة تفكرني بالمر اللي سجيتيهولي, حسبي الله ونعم الوكيل فيكِ وفي ولدك

 

افرجت عن ابتسامة تمتزج بالسخرية والشماتة, وقالت لولدها: ارمي الكلبة ديّ برا السرايا من الباب الوراني يا محمود

 

جبذ ذراع ذبيحته وسحبها خلفه إلى باب القصر الخلفي, فتح الباب ودفعها بعنف, كاد يكفئها على وجهها, أغلق الباب, وصليل جنازير الأقفال كالسياط تجلد مسامعها وتزيد جراحها اشتعالا

 

خطت على جمر العار خطوات وئيدة وهي شاردة ذارفة العبرات

 

******************

عادت ورد إلى المستوصف بوجه منطفئ يكتسي حزنا, تكفكف جحيم الدموع المنهمر على وجنتيها ,هبطت على مقعد مكتبها متململة لا تجيب سائل ولا تدرك طالب.. لمحتها أم المبروك, فهالها مرآها, هرعت إليها تسألها متلهفة: فيكٍ ايه يا ورد؟

 

.....مافيش حاجة يا خالة

 

مافيش كيف يا بتي! دانتِ الحزن عشش في وشك

 

وكانّه عشش في جلبي وما هيفارجوش يا خالة

 

انفجرت بالبكاء, مما لفت انتباه الجالس والمار, فحاولت أم المبروك تهدئة روعها

 

طب بس بس يا بتي, كفاكِ بكا, الناس عم تتفرج علينا عاد, تعالي معايا المُطبخ نتحدتوا لحالنا

 

ذهبت معها وأخبرتها عن كل ما حدث, فصعقت المرأة وأخذت تضرب على صدرها وتنوح على الفتاة: يا مرك يا ورد, يا مرك, لبسوكِ توب العار اللي ما هينخلع ليوم موتك

 

ردت باكية منتحبة: نصيبي وجسمتي يا خالة

 

نصيب الشوم وجسمة الندامة, منيهم لله صفية وولدها. ينتجم منيها القادر بقدرته...اسمعي يا ورد, انتِ تحكي للداكتور ناصر عن كل اللي حُصُل, وهو يشتكيهم لكبارات النجع

 

انتفضت الفتاة خوفاً وأخذها رجاء الذليل: لاه يا خالة, لاه, أحب على يدك يا خالة, ما عايزاش فضايح

 

اومال هتسكتِ على عرضك اللي داسوه بنعالهم يا بتي!

 

حتى لو اتكلمت ماحدش هيصدجني يا خالة.مين هيصدجني ويكدب صفية وولدها!!.. وكماني دي هددتني لو اتكلمت هترميني لديابة الجبل

 

حسبنا الله ونعم الوكيل فيها المرة الجادرة ديّ...طب وهتسوي ايه ديلواك يا بتي؟

 

هسوي ايه عاد يا خالة! هطوي عاري جواي واجفل عليه بحجر واشتكيهم لربنا

 

الله ينتجم منيهم..ضيعوكِ يا ورد..لا هتجدري تتجوزي وتكوني تحت جناح راجل يضلل عليكِ ولا هتجدري تجفي في وشهم وتاخدي حجك..لجموكِ بلجام الخوف...جولتلك جبل سابج يا ورد, صفية لو دخلتك السرايا هتدخلك خدامة, لكن مرة لولدها لاه, لاه...ويا ريتها خدتك خدامة..دي جتلتك يا ورد

 

صُح جتلتني, دبحتني بسكينة العار يا خالة

 

انفجرت في البكاء فأخذتها في أحضانها وبكت عليها احتراقا

*************************************

 

في تلك الظهيرة كانت وطفة تمر بباب أبيها الحبيس غرفته عامدة غرفتها.سمعته يسعل بشدة وينادي صفية بصوت متحشرج, صفية..اسجيني يا صفية..حاولت صم آذان قلبها الحاني واضعة فوقه أحجار القسوة, وخطت بضعة خطوات تجاه غرفتها, فإذ بسعاله يعلو وحشرجة نداءه تزداد, فأخضعها الحنان  جبراً وأسرعت إليه.فتحت الباب ودلفت تواري ثورة العطف خلف تجهم الملامح, قالت بصوت جاف: صفية مش هنيه. هجيبلك المي

 

اتجهت إلى الدورق الكائن على الطاولة, وصبت الماء في الكوب على عجل, وأعطته إياه صامتة, وأشاحت بوجهها..أخذ يشرب وهو يرمق وجهها المعرض عنه..فرغ فقال يستدر حنانها: كتر خيرك يا بتي

 

أخذت الكوب واجمة واستدارت تعيده في موضعه, وهمت بالخروج, فناداها: وطفة

 

استدارت صامتة, فسألها بعتاب المحب: لساكِ شايلة في جلبك من بوكِ بعد السنين دي كلاتها يا وطفة!!

 

ابتسمت ساخرة وقالت: وكان ايه اللي اتغير عشان جلبي يصفى!

 

.....عم تشيليني ذنب مش ذنبي ليه يا بتي!

 

احمرت وجنتاها غضباً وردت ثائرة: اومال الذنب ذنب مين يا بوي!ظلمك لينا ولامنا السنين دي كلاتها ذنب مين يا بوي! المرة اللي بليتنا بيها وخليتها الآمر الناهي فيك وفينا ذنب مين يا بوي!..من يوم ما دخلتها السرايا وانت بتسمع بودانها وتنضر بعنيها وتحكم بأمرها وما بتصدج فيها جول..حتى يوم اختي سلمى ما نضرتها بعنيها وهي راجعة في نصاص الليالي تدسدس وجيت اجولك, كان مصيري الضرب والإهانة..ما نسياش جسوتك يا بوي.. ما نسياش الشماتة في عين بت الكلاف

 

يا بتي, اللي مخليكِ كارهاها وظالماها هو حبك لامك..أمك هي اللي ظلمتك وظلمت خواتك, وظلمتني جبلكو..لو كانت امك بريئة, ايه خلاها تهمل النجع وتهملكو! ولو كانت صفية ظالمة وجاسية كيف ما بتتهميها, ايه خلاها تتحملني بمرضي وبعلتي وهي كانت تقدر تهملني وتعيش في عز خوها بعد ما نزل النجع

 

أتى صوت صفية مجلجلاً لدى الباب: ردي على بوكِ لو كان عندك رد يا بت حياة

 

تفاجأ كامل بقدومها فقال: صفية!!

 

ايوة صفية اللي كانّها هتعيش وتموت مظلومة من بناتك يا كامل..يا خسارة ربايتي ليهم كيف بناتي, يا خسارة صدري اللي حوى همهم وحن عليهم بعد امهم ما هملتهم, يا خسارة عيني اللي ما كانت بتنام من خوفي عليهم. حسبي الله ونعم الوكيل فيكِ وفي خواتك يا وطفة

 

أجهشت ببكاء آفك وانطلقت تغادر الغرفة مسرعة, وكامل يدير مقعده مسرعاً خلفها ينادي بلهفة: صفية, صفية

 

زفرت وطفة وغمغمت: كانك انت اللي هتعيش وتموت ظالم لامي ولينا وعاشج لبت الكلاف يا بوي

 

*****************************************

 

 

دقت أجراس قصر صفية, فذهبت حورية لترى من الآتي على غير موعد, فتحت الباب فلوت شفتها لمرأى ذلك الشائب الأشعث, مهلل الثياب,المتوكئ على عكازه, وقالت بازدراء: هو انت! عايز ايه؟

 

عايز أجابل الست صفية

 

هي الست فاضيالك انت التاني! يلا امشي من هنيه خلينا نشوفوا حالنا

 

همت بغلق الباب فدفعه صارخاً في وجهها: ما همشيش من هنيه إلا اما اجابل الست

 

يا بوووي, أما راجل عديم الدم صُح

 

أتى صوت صفية من الداخل: بتزعجي مع مين يا بت يا حورية؟

 

ده الراجل اللي اسميه سباعي, ما عايزش يمشي إلا اما يجابلك يا ست

 

خليه ياجي اما نشوف رايد ايه

 

ادخل يا سبع البرومبة

 

إنه سباعي, الذي طلق زوجته هانم بأمر من صفية..دلف ملقياً بأثقال عجزه على عكازه, ألفاها متكئة على أريكتها منسدلة الشعور دون تستر عنه ولا اكتراث به..ألقى عليها التحية

 

كيفك يا ست صفية

 

ايه اللي جابك؟

 

محتاج مساعدتك يا ستنا, كيف ما انتِ ناضرة الحال اتدحدر وما لاجيش راغيف العيش آكله

 

وانا صالحي ايه!

 

صالحك ايه كيف يا ست! كانك نسيتِ آنا سويت عشانك ايه. طلجت مرتي وزعطها وهملت عيالي, وخدمتك خدمة العبد للسيد, و...

 

كفاك رط يا راجل انت. كل اللي سويته خدت حسابه, إنت ما خدمتنيش ببلاش

 

صُح يا ست, لكن المرة اللي جوزتيهالي طلعت حرامية.استغلت مرضي وسرجت مالي.آكل واشرب منين ديلواك!

 

وآنا صالحي ايه بوكلك وشربك! خلفتك ونسيتك ولا من بجيت ناسي! دور ع اللي سِرجِتك وما تصدعش راسي

 

والاجيها وين يا ست! ديّ هربت من النجع بالساريجة وما حدش عارف لها طريج..أحب على يدك يا ست ما تهملنيش. الصحة ولت والمرض هدني

 

يا اخي يتهد عليك حيط ما تجوم من تحتيه. غور من هنيه وإياك انضر سحنتك تاني, غور

 

حدجها بنظرة احتقار, واستدار يجر ساقيه المنهكتين عامداً الباب

 

حملته خطواته الواهنة إلى مشغل هانم, وقف أمام الباب يرقبها إذ هي تمر بين الفتيات وخلفها مساعدتها آمال, لمحته فوخز قلبها مرآه على هذه الحالة المزرية, فقالت لآمال: آمال, الله يرضى عنيكِ يا بتي هاتي راغيف وحتتين لحم من المطبخ اعطيهومله, وخدي المتين جنيه دول كماني

 

والله ما يستاهل يا خالة هانم

 

سوي اللي جولتلك عليه عاد, ربنا يكفيكِ شر العوزة للناس يا بتي

 

حاضر يا خالة

 

ذهبت إليه آمال تحمل ما أمرت به هانم. أعطته الرغيف قائلة باحتداد:خد سد جوعك, وكماني خد المتين جنيه دول وادعي لخالة هانم

 

أعطته المال واستدارت عائدة إلى هانم, التي شبث بصره الحزين بها ذارفاً عبرات الندم الذي مضى أوانه..أسند ظهره إلى الجدار, وجلس يلتهم رغيف اللحم ليسد الجوع الذي يعتصر جوفه

 

وقفت أمال قبالة هانم تهز رأسها تأففاً وقالت: والله ما يستاهل اللي سوتيه معاه يا خالة هانم, كيف بعد اللي سواه فيكِ وفي عيالك تحسني عليه بالمال والوكل اللي يطفحه الحزين ديه !

 

ربنا جزاه بللي عمله..نرحمه عشان ربنا يرحمنا وكفاه اللي هو فيه

 

ما يستاهلش, وربنا ما يستاهل. ديه خلى عيالك التلاتة يهجوا من النجع ع الغربة من سنين طوال

 

....الله يجازي اللي كانت السبب

 

 

خابرة تجصدي مين, صفية محراك الشر. وربنا ما خابراش ديّ تبجى بت خالتك كيف! دانتِ طيبة وحنينة وناس النجع كلاتهم يحبوكِ عشان الخير اللي عم تسويه معاهم..لكن المرة اللي اسميها صفية ديّ اللي بيجري في دمها طبع الدوادي, ما في دار في النجع إلا واتلدغت منيها

 

كفاكِ من الحديت اللي ما له عازة يا آمال وخدي معاكِ كام بت وحملوا البضاعة اللي طلبها الحاج حسان أبو حقي, زمان العربية على وصول, يلا همي

 

حاضر يا خالة هانم

 

****************************

هرعت إحدى أعين صفية إليها لتخبرها بجديد القرية, افترشت الأرض وجلست عند قدميها تقول: لسة من هبابة يا ست شايفة عربية كابيرة وجفت عند مشغل هانم بت خالتك, وكانت واجفة ومعاها البت اللي اسميها آمال وعم يتحدتوا مع السواج, والبنيتا كيف النحل اللي عم يشغي, عم يجيبوا البضايع من المشغل ويناولوها للراجل اللي فوج العربية يرص فيها رص, لحد ما بجوا اكوام لا ليها أول من آخر. والراجل السواج عطا هانم شنطة كابيرة, كانها مليانة فلوس عاد يا ست

 

اشتعلت نيران الغيظ في دواخلها وانبجست كلمات الحقد من فيها: يعني هانم بجت تاجرة كابيرة على كديه وبضايعها عم تتحمل على عربيات!

 

أومال يا ست. دانا سمعت ان اللي عم يشتروا منيها دول من أكابر النجوع اللي حوالينا

 

أخذت تزمجر كقدر يفور على موقد وكاتمت نفسها حديثاً: والله عال يا هانم يا بت خالتي, الفلوس جريت في يدك وبجالك سعر بين الحريم!!.. استنظري حكم اللي يعادي صفية يا بت خالتي

 

*******************************

 

استيقظت القرية على ألسنة اللهب المستعرة التي تتقاذف من المشغل. نما الخبر إلى هانم فهرعت إلى المكان على الفور, فما أن أبصرته حتى أجهشت بالبكاء هي والفتيات العاملات. أدركت في دواخلها أن صفية هي الضالعة في هذا الجرم. انطلقت ونيران الغضب تسبقها إلى قصر صفية, أخذت تقرع الباب بعنف, فأسرعت حورية تفتح, فألفت هانم تتقد عيناها بحمرة الغضب وسألتها بحدة: صفية وين؟

 

الست ما عايزاش تجابل حد

 

بعدي من جدامي يا مرة انتِ

 

اقتحمت القصر كالبركان الثائر وأخذت تنادي: صفية, انتِ يا صفية

 

خرجت من إحدى الغرف وقالت ببرود: واه! هانم بت خالتي! والله اتوحشتك يا الغالية, وينك من زمان ولا بتسألي. كانّك نسيتِ ان ليكِ بت خالة ..الغدا لبت خالتي يا حورية

 

ما جاياش اتضايف يا صفية, جاية اسألك رايدة مني ايه؟ بتحاربيني في رزجي ليه وحرجتِ المشغل اللي بيوكلني ويوكل الغلابة عيش

 

ردت بمكر: آنا!! الله يسامحك عاد يا بت خالتي..أها الواحد يبجى جاعد في حاله يلاجي الهم جاي لحد عنديه, صُح يا جاعدين يكفيكو شر الجايين

 

كفاكِ من كهن الحريم ديه وجاوبيني رايدة مني ايه؟ مرسلة شرك كيف الكلب السعران ينهش فيا ليه؟

 

اكفهر وجهها وكشفت عن سوء مكامنها: انتِ اللي بديتِ بالشر يا هانم, انتِ اللي كارهالي الخير وحسداني من يوم ما اختارني كامل ابو الحجاج من بين الحريم عشان يتجوزني. وكل ديه من حبك لحياة بت زيدان. عاديتِ اللي من دمك عشان الغريب يا بت خالتي

 

آنا لا عاديتك ولا عاديت غيرك. آنا جولت كلمة الحق اللي ترضي ربنا

 

ماحدش طلبها منيكِ عاد, وطالما جولتيها اتحملي جرايرها

 

طول العمر اللي فات وانتِ محملهالي ومحملاها لعيالي اللي هجوا من النجع بسبب ظلمك وظلم خوكِ, طول عمرك وانتِ محملاها للنجع كلاته من غير ذنب. اتقي الله ولو مرة في عمرك. المشغل اللي حرجتيه ديه كان بيوكل الناس عيش

 

هاها ناس!! ناس مين دول! دول كلاب لا ليهم جيمة ولا تمن

 

لاه ناس غصب عنيكِ, والكلاب صُح هما اللي واكلين حجهم وعم يحاربوهم في رزجهم, وانتِ ربنا ما هيهملكيش بعمايلك ديّ. لازمن هياجي اليوم اللي يظهر فيه الحق ويرد كيدك

 

هاها وآنا مستنظرة اليوم ديه عاد

 

عم تتمألسي!! شايفة روحك كابيرة!! مهما كنتِ كابيرة ما هتكبريش على ربك اللي قادر يهدك

 

هأ! ديه مناكِ يا هانم! ما هيحصُلش ولا هتنضريه. خلي النار واكلة جلبك لحد ما تموتي واتف على جبرك, يلا غوري من هنيه وإياك تعتبي سراية اسيادك تاني

 

رشقتها هانم بنظرة مستعرة وأتجهت إلى الباب مسرعة تسأل الله هلاك صفية التي لم يعد لأحد طاقة بشرها

 

*************************

 

عند مدخل القرية, ظهر ذلك المجذوب ذو الجراب الكبير, يهذي ويتمتم ويطلب المدد, فاستوقفه أحد الحراس وقال بغلظة: على وين يا مجذوب انت ؟

 

على مجام سيدي وسيدك أبو المنصور يا حزين انت, وسع من جدامي. مدد مدد مدد يا سيدي مدد

 

فقال أحد الحراس للآخر: همله يدخل المخبل ديه, كانّه من محاسيب الشيخ سمحون

 

ادخل يا مجذوب انت

 

لم يكن المجذوب سوى عمر, الذي أوثق عرى خطته بالتنكر في زي المجذوب..دخل إلى القرية عامداً مسجد المبتدعه, حتى بلغه, ودلف يهتف لأبي المنصور, ثم مال على أحد المجاذيب يسأله: وينه الشيخ سمحون؟

 

واه! عميت في نظرك! ما هو جاعد جنب المجام يسبح أها

 

هرع إلى الشيخ سمحون وجلس عند قدميه واختطف يده يقبلها ويقول متهللاً: سيدي الشيخ سمحون, ما مصدجش عيوني إني جاعد جدامك يا سيد خدام سيدي ابو المنصور

 

هاها يسعد زمانك يا حزين

 

صُح سعدني وجعدني جدامك يا سيد نجع ابو المنصور..آنا جايلك برسالة عاد

 

رسالة من مين يا واه؟

 

من امي

 

أمك!! ..أمك مين يا واه؟

 

أمي مرة اتكتبلها السعد على يدك. جاتك من اكتر من عشرين سنة عشان ما عاتخلفش, جوم انت عطيتها حجاب وجولتيلها لفيه حوالين وسطك تلات تيام, جوم حبلت فيا وخلفَتني

 

واه! هاها يعني الحجاب جاب نتيجة أها

 

اومال! سرك باتع يا شيخ, وعشان كديه أمي سمتني حجاب وندرتني لخدمتك. من يوم ما وعيت ع الدنيا وهي تجولي لما عودك يشد وتبجى راجل, تروح تلزم اعتاب الشيخ سمحون, تكون من خدامه وتتعلم منيه, ويارب اشوفك زييه

 

أسعدت الكلمات الشيخ سمحون وانفجر ضاحكاً ثم قال: يعني امك مشيعاك عشان تلزمني؟

 

معلوم, الزمك وما افارجك يا سيدي الشيخ سمحون

 

وماله. يا مُرحب, عتبة الشيخ سمحون فسيحة وتساع كل خدام سيدي ابو المنصور

 

تظاهر عمر بقشعريرة تسري في جسده فور سماع اسم ابو المنصور, ونظر إلى السقف هاتفاً: مدد مدد يا سيدي مدد.. وضع عمر يده على بطنه وقال بمسكنة: جعان يا شيخ

 

وماله, التكية مفتوحة ليل نهارلمحاسيب سيدي ابو المنصور وبس, هشيع اجيبلك وكل.. ولا تروح تاكل في التكية؟

 

لاه لاه هنيه, اتملى في نورك وأكل من خيرك

 

هاها حديتك زين يا حجاب

 

أمضى عمر يومه إلى جوار الشيخ سمحون, يتملقه ويتزلف إليه ويغدق عليه عذب الكلام, وأحياناً أخرى يلصق رأسه بالمقام ويتمتم كأنه يناجي أبو المنصور, بينما هو يسبح ويستغفر الله , حتى داعبه النعاس. فقال للشيخ سمحون: رايد أنام يا شيخ

 

عنديك الجامع واسه أها

 

آنا هنام جنب المجام عشان اتبارك

 

طيب, آنا مروح ديلواك وهاجي جبل الفجر, آجي الاجيك صاحي إنت والمجاذيب

 

ما تخافش يا شيخ, كل يوم بصحى جبل الفجر

 

عافية عليك يا حجاب

**********************************

عند الفجر عاد الشيخ المبتدع سمحون إلى المسجد, فألفى حجاب في انتظاره لدى الباب, وقبل أن يخلع نعليه, انحنى حجاب ليخلعهما بدلاً عنه, فسر الشيخ لذلك وربت على كتفه وقال: حط المداس  ع الرف اللي جنب الباب يا حجاب

 

أمرك يا صاحب المعالي يا ابو الحجاب مكشوف

 

ما أن جلس سمحون إلى الأرض, حتى جلس عمر ملتصقاً به, وهمس في أذنه: شوفت ليك منام ما اعرفش إن كان زين ولا عفش عاد يا شيخ

 

توجس الشيخ خيفة وسأل وقد اعتوره القلق: منام  ايه  اللي شوفته ع الصبح يا واه؟

 

نضرته بعيني. راجل طويل وعريض وعليه هيبة وجبول ولابس ابيض في ابيض, وجالي آنا الحاج مطاوع أبو سلام بيه, وجالي جول لسمحون, العملة اللي عملتها وسترها عليك زمان, كانّها هتنكشف جريب لو ما كنتش تراعي حجاب واد سرية

 

فزع الشيخ سمحون واتسعت حدقتاه رعبا, حبست أنفاسه, أمسك بيد حجاب المجذوب وسأل راجفاً: ما جالكش عملة ايه؟

 

لاه. ديه كل اللي جاله..لكن عملة ايه ديّ اللي كانّها هتنكشف جريب يا سيدنا؟

 

وضع يده على فم عمر ونهره بصوت خافت: اخرس يا واه, اخرس, انت جيتني من وين!

 

واه! ما جولتلك أمي اللي مشيعاني! مدد مدد مدد يا سيدي مدد

 

إنت يا واد انت مكشوف عنيك الحجاب ولا ايه!

 

صُح..أمي ديما تجولي كديه, تجولي ديما اللي تشوفه في المنام بيحصُل كيف الشمس في الضهرية

 

طب بس وطي حسك اللي كيف الرعد ديه..اسمع يا واه, المنام اللي شوفته ديه تكتم عليه, وما تجيبش سيرة بيه لمخلوق وإلا هجطع خبرك

 

اطمن يا شيخ, حجاب كاتم اسرار الاشراف . واللي يحفظ السر, منه ما تخاف..مدد يا سيدي مدد مدد

 

أخذ حجاب يتمتم كالدراويش وكأنه ذاهل عن العالم حوله. بينما سقط سمحون في بئر ذكرياته النجسة , وكيف ستره الحاج مطاوع حين تلطخ بعار الزنا بإحدى السيدات, وغاص في مستنقعه القذر أكثر فأكثر, فكلما غاص ارتطم بأفعاله النجسة التي حوتها بركة ذكرياته العطنة..سرقات النذور..شهادات الزور..ومراودة النساء الحرائر..لم يخرجه من أوحاله إلا صوت آذان الفجر..تنحى عمر عن الجمع, وصلى الفجر منفرداً حتى لا يصلي خلف إمام فاسق... وعندما أشرقت الشمس, أخذ مبخرته, وخرج يجوب شوارع القرية, ويدخل الدكاكين ينشر البخور فوق الرؤوس ويتمتم كالمجاذيب, فيضعون في يده حفن من المال, يرمي أذنه في كل الاتجاهات, فيسمع اللعنات على بدران ورجاله الظالمين.. كانت تتملكه مظنة أن أخاه مصطفى ممن يرزحون تحت هذا البطش..لم يكن يعلم أنه عون للزبانية. بل إنه بطش يمشي على الأرض, يروها دماً فينبتها علقماً يطعمه الأهالي..استوقف عمر أحد الرجال ليسأله, فظنه الآخر متسول, فأبعده قائلاً: بعّد عن طريجي يا مجذوب انت, ما حيلتيش حاجة اعطيهالك

 

العاطي هو الله يا عبد الله..آنا كنت رايد اسألك, وين الاجي مصطفى واد خليل الجارحي؟

 

اتسعت حدقتا الرجل, وولى هارباً وهو يستعيذ بالله, فتعجب عمر, وما زاده ذلك إلا حرصاً على البحث عن أخيه..أخذ يسأل حتى عثر عمن دله على مكان قصره..سأل عنه الحراس, فعلم أنه على وشك الخروج, فانتظر على مقربة من بوابة القصر, حتى رآه خارجاً محاط برجاله.. تفرس في وجهه فإذ به يحمل بعضاً من ملامح والده ويتمتع بذات الهيبة, فاجتاحت السعادة نفسه لمرأى أخيه للمرة الأولى في حياته. فهرع إليه بمبخرته, ينشر البخور حوله ويدعو له. ربنا يخليك لينا يا ريس مصطفى يا ابو جارحي. سيدي ابو المنصور راضي عنيك

 

امتعض مصطفى من رؤية المجذوب رث الثياب, وخنقه البخور فدفعه بعيداً: بعّد يا مجذوب انت

 

دلف مصطفى إلى سيارته بصحبة بعض رجاله وأخذ عمر ينشر البخور فوق السيارة ويدعو له

 

**********************************

 

 

ولحد هنيه وخلصت حلجتنا

 

اجابلكم السابوع الجاي إن شاء الله

 

عايزة اقول ان عرض الحلقات بيكون بعد المغرب او العشا كل خميس ان شاء الله, المهم ترقبوها من بعد المغرب عشان حبيبتي بسملة كانت بتقول انها بتدخل كتير بتلاقيها ما نزلتش

 

بشكر كل حبيباتي على التعليقات, وبقول لام حمزة لحقتي نفسك بالتعليق يا ام حمزة, كنتِ هتاخدي مخالفة ههه

 

وافر الشكر للحبيبات الغاليات

 

بسملة, أم رفيف, وفاء علي, الدكتورة رشا, أم هبة, عفاف, سلوى, شيماء محمد, هدى البليسي, أسماء, سمسمة محمد, كاميليا محمد, أم راشد, رقية. أم عبد الرحمن الهيثمي, ميرو العسل, في سماء الإسلام نعلو, إيمان إبراهيم, رفيدة حمزة, أم رقية, أم حمزة

 

وفينهم الغايبين, لعل المانع خير يا الغوالي

 

لا تنسوا ذكر الله والصلاة على الحبيب عليه الصلاة والسلام

 

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

 

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد