الحلقة الثانية عشر الفصل الثاني, الجزء الثاني, الليل والدوادي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وما توفيقي إلا بالله

 

عليه توكلت وإليه أنيب

 

************************************

 

 

دلفت بخيتة زوجة العمدة إلى غرفة ابنتها سهام وهي تحوقل وتضرب كفاً بكف, فوضعت الفتاة مصحفها على الوسادة وسألتها متلهفة: مالك يا امّا؟

 

مالي على الله يا بتي. ما خابراش بوكِ ماله, ما طايجش يحدت حد من ساعة ما مشي من عنديه الواد السو اللي اسميه محمود

 

محمود مين ديه!

 

واد المرة اللي اسميها صفية

 

وديه ايه جابه عند بوي ؟

 

زفرت وجلست إلى جوار ابنتها على الفراش وقالت: ما خابراش يا سهام. بس كانّها حكاية كابيرة يا بتي.. جبل الواد ديه ما ياجي, كان عند بوكِ الشيخ سلطان, وبعدها بوكِ شيع للواد ديه وجابه, جفلوا الباب عليهم يتحدتوا, وبعدها خرج الواد ديه كيف الديك اللي نافش ريشه, وزاح الغفير من جدامه كان هيكفيه على خشمه, ودخلت على بوكِ لجيته عم يحدت نفسيه كيف المجاذيب

 

ممم يبجى على جولك يا امّا, الواد ديه عمل عملة كابيرة, ما انتِ خابراه عاد, ناس النجع كلاتهم يكرهوه من عمايله

 

يكفينا شره وشر عمايله يا بتي..أهملك تكملي جراية في المصحف, وادعي لبوكِ الله يهديه جبل ما نتجنوا كلنا ونحدتوا نفسينا زييه

 

هاها حاضر يا امّا

 

*****************************

 

 

في جنح الظلام خرجت صفية من القصر عامدة قصر أخيها بدران حيث علمت بوجوده. أفزعه وزوجته قرعات الأجراس, تصنعت زوجته النوم بينما قفز هو من الفراش وهو يهمهم:هي صفية. ما في مخلوج يخلعني في نصاص الليالي إلا هي..هنزل اشوف رايدة تنتجم من مين النوبة ديّ. ارتدى جلبابه على عجل ونزل يهرول. قامت زوجته عن الفراش بخفة, وتبعته حافية القدمين حتى لا تقرع أسماعه خشخشة نعليها, وقفت ترقب من عليّ, فوجدته أدخل أخته, أسرعا إلى المضيفة, دخلا وأغلقا الباب, فنزلت على أطراف أناملها حتى بلغت باب المضيفة, وقفت تسترق السمع, فكان أول ما طرق مسامعها: عايزاك تخلصني من البت ديّ يا بدران

 

جتل تاني!!

 

جتل, حرج, دبح, اللي يلد عليك اعمله

 

آنا ما خابرش إنتِ كيف تعملي كديه! يعني عشان ما ولدك عشج البت تجومي تجيبيها لحديه في السرايا وترميها تحت رجليه وتضيعوا شرفها!

 

واه! اومال كنت رايدني اجوزهاله إياك! حتة بت غريبة عن النجع لا لها أصل ولا فصل, عم تشتغل في المستوصف وعايشة ع العيش الناشف

 

كنت همليها لغلبها يا صفية. ديلوك زودتي ويلها ويلين, ويل الفقر والغربة, وويل شرفها اللي ضاع

 

عم اجولك ايه يا بدران, آنا ما جياش اسمع منيك كلام مالوش عازة. البت ديّ ما همهاش من تهديدي, وراحت اشتكتني لولدي حسن والراجل اللي اسميه سلطان, والخرفان عم يهددنا يشتكينا في المركز. عشان كديه رايداك تاجيب البت ديّ وتتصرف معاها وإلا نارها هتطولنا كلاتنا يا بدران

 

واه! وآنا مالي عاد! آنا اللي جبتها لحد ولدك! ولا آنا اللي وزيتك تعملي في الغلبانة كديه!

 

الشر اللي يمسني يمسك يا بدران, كيف ما مسك العز واتمرمغت فيه على يدي, هيمسك العار لو مسني. وجتها راح تسجط هيبتك اللي عم تتباهى بيها, لأن ناس نجع ابو المنصور ما هيسكتوش على عرض الغريبة ولا هنجدروا نسكتوهم

 

هههه كان زمان وولى الحديت ديه, ناس نجع ابو المنصور سكتوا على عرض ولاياهم,كيف هيدافعوا عن عرض الغريبة! ناس النجع ديلواك كل واحد جافل عليه بابه ومالوش صالح بغيره

 

مهما كان لازمن هيبتنا ما تتهزش جدامهم, سمعتي وسمعة ولدي وسمعتك انت التاني لازمن تتنها في العالي يا واد بوي, واللي يتجرأ علينا بكلمة لازمن نجطعوا لسانه جبل ما كلمته توصل لغيره, والبت ديّ لازمن تموت بللي في بطنها عشان نعيشوا مرتاحين البال, ولا رايدنا نستنوها تولد وصوتها يعلى وتجول ولدكو ولازمن يتكتب باسم بوه, ونفتحوا على نفسنا باب هم ما نجدروش نجفلوه!!

 

أشاح بدران بوجهه وزفر حنقاً, فأردفت غير مبالية: البت عم تبات وحدها في المستوصف. نفذ الليلة

 

اللي رايداه هيتنفذ يا صفية..بس لمي ولدك جبل ما عياره يفلت ويعمل عملة ما نجدروش نلموها

 

خلصنا بس انت من البت ديّ, ومالاكش صالح..آنا راجعة السرايا, اجضي المُصلحة وخبرني

 

كانت صابرين زوجة بدران تضع يدها على صدرها وترتجف من هول ما سمعت. هرعت إلى غرفتها في الدور العلوي كالرياح, وقفزت في فراشها ترتعد وتتصبب عرقاً..ولكنها لن تحدث بما سمعت, فهي تعلم سوء مآلها إن فعلت

 

****************************

قاربت الساعة على الثانية بعد منتصف الليل, جحظت عينا ورد الساهرة حين سمعت مفتاح يعبث في الباب, ارتجفت وأيقنت أن هناك أمر يدبر, ورغم علمها أن الباب مترس فهي تعلم أيضاً أن ذلك لن يعجزهم وربما هشموا الباب, هرعت إلى عباءتها السوداء المعلقة على أحد المسامير وارتدتها على عجل, وأسرعت إلى نافذة الغرفة المطلة على الأرض الزراعية, فتحتها وتدلت إلى الأسفل, تنظر عيناها المرتعبة ذات اليمين وذات الشمال لتتيقن ان لا رقيب, شقت طريقها وسط الزروع العالية وقلبها يرتج بضرباته خوفاً من الظلام والهوام وأبالسة البشر, رفعت عينيها تناجي بعبراتها رب السماء....بعد عناء طويل من تمازج أنفاسها المتلاحقة مع خشخشة الزروع والمسير العثر خرجت إلى الطريق تضع يدها على صدرها وتلهث, تمسح بيدها العرق المتصبب عن وجهها , أخذت ترقب الطريق فلم تجد إلا الكلاب الضالة , فربما رفقة الكلاب أكثر أمناً من رفقة وحوش البشر الضارية, أخذت تهرول حتى بلغت مسجد القرية, توارت خلفه ملتصقة به تنتظر حسن والشيخ سلطان, فهي تعلم أن صلاة الفجر وشيكة..افترشت الأرض, وتسعر في قلبها لظى الانتظار..مضت بها زهاء النصف ساعة ترقب الطريق في الخفاء, سمعت أصوات تقترب رويدا رويدا, فإذ به الشيخ سلطان وأحد الرفقاء, فخاب أملها ونشجت حسرة, فلن تستطيع أن تتحدث إليه في وجود أحد الغرباء, ظلت عينها متعلقة بالطريق, فترمق بين الحين الآخر شخص يتجه إلى المسجد حتى بزغ ضوء حسن, فسرت بوارق الأمل إلى  روحها وظلت تنادي بصوت خافت متهدج: سي حسن..يا باشمهندز

 

سمع ونظر حوله فوجدها تلوح بيديها فهرع إليها وقال بلهفة: ايه يا ورد! ايه طلعك في ساعة متأخرة كديه؟

 

الحجني يا باشمهندز, أمك شيعت ناس ع المستوصف عشان يجتلوني

 

ايه اللي عم تجوليه ديه يا ورد!

 

ربي شاهد اني ما بكدب عليك, حسيت بيهم عم يفتحوا الباب, هربت منيهم

 

طيب وعرفتِ من وين ان امي هي اللي مشيعاهم؟

 

اومال هيكون مين عاد! يا امك يا اخوك, ما حدش رايد يخلص مني غيرهم التنين. أحب على يدك انجدني منيهم هيموتوني يا سي حسن هيموتوني

 

طيب بس استهدي بالله كديه واستنظريني هنيه, هصلي الفجر وارجعلك

 

هتعمل ايه يا سي حسن؟

 

ربنا يدبرها عاد, ما تحمليش هم

 

ذهب إلى الصلاة مع حفنة مصلين الفجر, وما أن فرغ حتى هرع إليها

 

تعالي يا ورد

 

على وين

 

على مكان أمين ما حدش يقدر يأذيكِ فيه

 

لاه آنا خايفة, آنا ما مآمناش لحد

 

اطمني يا ورد, آنا لو خابر إن المكان ديه فيه أذية ليكِ ما كنت افكر اوديكِ هناك

 

قالت باستسلام: أمري لله

 

ذهب بها إلى منزل جميلة والتي كانت قد فرغت لتوها من صلاة الفجر حين سمعت دقات خافتة على الباب, هرعت إلى الباب وسألت: مين برا؟

 

آنا حسن ابو شاذلي يا عمة جميلة ومعاي ضيفة

 

أسدلت حاجبيها عجباً, وفتحت على الفور, فأبصرت حسن وإلى جواره الفتاة فزادت دهشتها وظلت تنقل عينيها بين حسن والفتاة ثم سألته: مين ديّ يا باشمهندس؟

 

طيب ممكن ندخل في الاول عشان خايف حد يلمحها

 

نظرت بارتياب إلى الفتاة الباكية ولم تجد بد من إدخالهما: اتفضل انت وضيفتك يا باشمهندس

 

تعالي يا ورد

 

دلفا وجلسوا في ردهة الدار, فقال حسن على الفور: عارف انك عم تسألي إيه جابني مع ورد في وجت كيف ديه, لكن لما تعرفي حكايتها هتعرفي آنا جبتها لحديكِ ليه

 

سامعاك يا باشمهندس

 

رغم شعوره بالخزي أمام جميلة من سوء صنائع أمه وأخيه, إلا أنه قص عليها كل شيء فثارت ثائرتها وأخذت تبرق وترعد: أمك فجرها زاد وشرها طال حتى الاعراض يا حسن

 

نكس رأسه خجلاً وكبل بصمت الخزي, فرفقت بحاله وأخذت تستغفر: أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم..حجك عليّ يا باشمهندس. عارفة في الاول والاخر انها امك. دي حجيجة لا تجدر تغيرها ولا تفر منيها..ما تآخذنيش إن كنت آذيتك بلساني. لكن ما اتعودتش اجول غير الحج

 

عارف يا عمة جميلة ومش زعلان منيكِ..بالعكس, آنا عشان خابرك زين وخابر انك تجفي في وش الظالم وتحمي المظلوم جبتلك ورد عشان تحميها من امي وخوي وخالي بدران هو التاني..خابر إن الرجالة اللي هجموا ع المستوصف هما رجالته..مهمل ورد أمانة عندك لحد ما الشيخ سلطان يشيع ياخدها عشان يجدم البلاغ في امي وخوي

 

أكبرته في قلبها وقالت مفاخرة به: يا ريت كل الناس زييك يا باشمهندس, يجولوا كلمة الحج حتى لو كان الظالم من دمه

 

زفر بحسرة وقال: يا ريتهم ما كانوا من دمي ولا كنت منيهم...ورد أمانة عنديكِ يا عمة جميلة

 

أمانتك في الحفظ والصون يا باشمهندس

 

غادر حسن المنزل, وأغلقت جميلة خلفه الباب وعادت للفتاة الباكية, فتبسمت بشفقة وجلست إلى جوارها, ربتت على ظهرها وقالت: ما تخافيش يا ورد, ما حدش هيجدر يمسك بسوء إن شاء الله

 

نشجت متحسرة وقالت: السوء مسني والعار طالني من غير ذنب يا ست جميلة, ذنبه ايه العيل ديه ياجي يلاجي بوه ما هيعترفش بيه

 

هيكتب عليكِ ويعترف بيه غصب عنيه وعن امه وناسه

 

يارب يا ست, يا رب

 

يلا جومي معاي عشان تغيري خلجاتك ديّ وتتوضي وتصلي الفجر جبل ما معاده يولي عاد, وبعدها نفطروا مع بعضينا

 

هزت رأسها ومضت بوجه شاحب مكفهر مع جميلة

 

***************************

بحث رجال بدران عن ورد في كل الدروب القريبة من المستوصف ولكن لا أثر للفتاة, فعادوا إلى بدران خاويين الطناب, وعندما أبصرهم حدق بصره وصاح بحدة: وينها البت؟

 

ما لجينهاش يا ريس بدران

 

يعني ايه!!

 

باينها حست بينا واحنا عم نفتحوا باب المستوصف وهربت من الشباك, دورنا عليها وما خلينا سكة لكن البت دابت كيف المِلح في المية

 

استشاط غضباً وهب واقفاً وهجم على أحدهم وأخذ بمجامعه وزأر مهدداً: الحديت ديه كانّي ما سمعتوش, والبت ديّ جبل الشمس ما تغرب تكون جدامي وإلا ما هيمسي عليكو ليل, يلا غور منك ليه

 

فر رجاله من أمامه كالفئران المذعورة وراحوا يفتشون عن الفتاة في كل الطرقات لساعات وساعات, سألوا عنها المارة وأصحاب الدكاكين وحتى الأطفال اللاهين ورصدوا مكافأة مجزية لمن يجدها, وأشاعوا أن الفتاة قد سرقت لذا يبحثون عنها ..ولكنهم خشوا من العودة إلى بدران فظلوا يبحثون عبثا..أضناهم البحث فجلسوا على المقهي يرتشفون شاي الخيبة وتعتركهم هموم مواجهة بدران, وإذ بامرأة تهرول صوبهم, إنها بائعة الجبن في القرية..همست في أذنهم: لجيتوا البت؟

 

لاه

 

آنا عرفت طريجها

 

قالوا في صوت واحد متلهف: وين؟

 

هاها لما اضمن حجي في الاول, اعطوني الألفين جنيه

 

نعطيكٍ الالفين جنيه كيف واحنا ما نعرفوش إذا كنتِ صادجة ولا كدابة!

 

إن كنت صادجة تبجوا وفيتوا بوعدكو, وإن كنت كدابة ما هفلتش من يدكو

 

نظروا إلى بعضهم البعض وأومأوا بالموافقة فيما بينهم, فأخرج أحدهم حافظة نقوده وأعطاها المبلغ المرصود,فاختطفته في انتشاء وبدأت في عده حتى فرغت وقالت: تمام كديه, البت في بيت الست جميلة ابو الحجاج, لمحتها وآنا بودي الجبنة الجريش اللي الست طلبتها

 

متوكدة انها هي البت اللي بندوروا عليها؟

 

واه! تايهة عنيها اياك!! مش البت اللي عم تشتغل في المستوصف!..هي سرجت منيكو ايه؟

 

مالكيش صالح انت وغوري

 

هرع رجال بدران إليه بالبشرى, فتسلح وأخذ جمع من رجاله مدججين بالسلاح وذهبوا إلى منزل جميلة والتي سمعت هي وخادمتها وضيفتها قرعات مدوية على الباب, ففزعت الفتاة وشخص بصرها وصرخت: هما يا ست جميلة, هما, أحب على يدك ما تفتحيش الباب

 

ما تخافيش يا ورد. اخرجي افتحي يا مهدية

 

قالت بصوت راجف متهدج: حاضر يا ست, ربنا يلمها على خير الحكاية ديّ

 

فتحت فشهقت حين وجدت بدران بوجهه الصارم وعيناه المخيفة ورجاله الأشداء من خلفه, سألها بغلظة: وين البت الغريبة؟

 

ارتعدت فرائص الخادمة وتجمدت الكلمات على شفتيها, فوكزها وكزة اسقطتها أرضاً وهي تصرخ, وقال آمراً رجاله: ادخلوا هاتوا البت

 

هموا بالدخول فإذ بجميلة تخرج إليهم مصوبة فوهة بندقيتها إلى قلب بدران وصاحت بحدة: لم كلابك وغور من هنيه يا بدران

 

فانكسر أمام هيبتها وألان نبرته الفظة: ادينا البت واحنا هنمشوا طوالي..احنا خابرين انها هنيه

 

ومين جال عاد إني هنكرها! صُح البت هنيه يا بدران وفي حمايتي, واللي يتحامى في بيت جميلة بت ابو الحجاج ما في كلب في النجع يجدر يمسه

 

رد بلهجة المعاتب: كديه بتغلطي فيا وفي رجالتي يا ست

 

الغلط انت اللي بديته يا بدران يا واد عبد ربه لما اتجرأت تجيب رجالتك وتتهجموا على بيتي

 

في ديّ عندك حج يا ست وسامحينا, لكن البت ديّ لو عرفتِ عِملِت ايه لا هتدافعي عنيها ولا هتئويها في دارك, البت ديّ افترت علينا واتطاولت على اسيادها

 

هاها واه! بجى الحكاية كديه! واسيادها دول يطلعوا مين عاد! إنت يا بدران !! ولا ياكشي تكون اختك صفية!!كانوا نسيتوا أصلكو يا ولاد كلاف البهايم

 

احتج متهذباً: غلطك زاد يا ست

 

اخرج من الدار انت وولاد الليل اللي جاررهم وراك في عز النهار, وإياك تتجرأ وتاجي هنيه تاني وإلا هتغرج في دمك ومالك دية

 

أطال نظرة إعجاب لتلك المرأة الجسورة التي لم تخش عدده وعتاده وجابهته بعزة وشمم, خرج وتبعه رجاله يجرون أذيال الخيبة

**************************

دلف إلى بهو قصره شريداً سليب اللب هائماً في جميلة الخيال, فإذ بصوت زوجته ينتزعه من تلك النشوة: واه! راجع بدري يعني

 

اوف! صالحك ايه انتِ ارجع بدري ولا وخري!

 

أطال نظرة احتقار إليها ثم سألها بحدة: سمعتِ عن جميلة بت ابو الحجاج؟

 

هأ! هو في حد في النجع ما يعرفش مين جميلة بت ابو الحجاج!!

 

ممم صُح..آنا التاني اعرفها ..لكن أول مرة افكر في حالها وحال مرة زييكِ

 

واه! وانا صالحي ايه بيها دي التانية!!

 

صُح..لا ليكِ صالح بيها ولا في يوم راح تبجي زييها.مرة فضلت وفية لجوزها اللي مات بعد ليلة من جوازهم وما ارتضت راجل من بعده..مرة كيف الصخر..عنيها فيها الجوة, طلعتها فيها المهابة اللي تكسر أي عين جدامها..أما أنتِ.. أول ما جوزك الأولاني وجع في النجرة, كنتِ أول يد تردم عليه, وأول ما وفيتِ عدتك جريتِ على راجل تاني

 

...انت بتعيّرني عشان حبيتك يا بدران!!

 

قهقه بدران وقال متهكماً: حب ايه يا مرة انتِ!!إنتِ اللي كرهتِ تعيشي باعيد عن السرايا حتى لو دخلتيها بالمذلة تحت رجلين راجل تاني

 

زفرت بضيق ومسحت وجهها باضطراب ونظرت في عينيه وقالت باحتداد: صُح مذلة, وصُح مرار شربته على يدك يا بدران, حرمتني من اهلي وناسي, ما نسياش أمي اللي ماتت من غير ما انضرها  بعيني ولا اخد عزاها..ما في يوم خرجت اجضي مُصلحة إلا ورجالتك اترين  خطوتي وين ما اكون ويبلغوك بيها, ما في حد زارني إلا وتجعد وسطينا الخدم عشان لا نعرفوا نتكلموا ولا نتحدتوا ولا اجدر افضفض بللي جواي لحد..دانت بتنام جنبي وداسس سلاحك تحت المخدة, حاطط على باب اوضة نومنا حرس كانك عايش مع عدو..وكل ديه ليه يا بدران! ليه!!

 

ما عارفاش ليه! عشان آنا ماآمنش لمرة من أمثالكو بعد اللي شوفته من جنسكو..تسرجوا..تحرجوا..تجتلوا..تستبيحوا الدم من غير ما يرف للواحدة منيكو جفن..جلوبكو كيف الحجر الصوان

 

هاها ليه! كانت امك جتلت بوك على كديه!!

 

هم بصفعها زائراً: اخرسي, أمي ديّ كانت ست الستات في دينها وعقلها وحنية جلبها, ومن جنسها الست جميلة وحياة بت الحاج زيدان..يا بوووي, يا بوي لو كان كل الحريم كديه, تتجي ربها وتصلي فرضها وما تنطج غير بالحج والخير

 

انفجرت صابرين بالضحك وقالت ساخرة: كنت رايد تتجوز واحدة عم تصلي وتتجي ربها! معلوم, ما انت شيخ ومصلي وتعرف ربك وحدوده ...احنا التنين زي بعض يا بدران..آنا لو كنت اتجيت ربنا كنت صنت الراجل التجي اللي أكرمني وما مدش يده ليا غير بالخير ولا سمعني بلسانه غير الحديت الزين, واللي كان مخليني ست السرايا صُح الآمرة الناهية على كل اللي فيها..مش مسجونة ذليلة جواها مع راجل عم يعاملني كيف الباهيمة,  لو بتجي ربنا كنت روحت وراه وين ما يروح واواسيه في محنته ولو هسف التراب سف واعيش بالكد, لو كنت بتجي ربنا ما كنت جبلت اعيش بمالك الحرام اللي ملا جوفي يا بدران ..وانت لو كنت بتتجي ربك ما كنت بجيت واد ليل تسرج وتنهب وتحرج وتجتل وتلطخ يدك بدم المظلوم , وآخر المتمة خدت مال صالح بالغصب وعايش تترتع في الحرام

 

انتفخت أوداجه غضباً وصفعها صفعة أسقطتها تحت أقدامه صارخة, فأخذ يبرق ويرعد: لو الحرير الحرام اللي لابساه شوك جتتك وما طايجاهوش, ولو سفرة العز اللي عم تتمد جدامك كل يوم هرت جوفك, ولو الدهب الحرام كوى لحمك همليهم وغوري وآنا هفتحلك باب السرايا ديلواك

 

هرع إلى باب القصر وفتحه على مصراعيه واستدار يرقب فعلها, نهضت عن الأرض وهي تحدجه بنظرة غضب, وصعدت تهرول على الدرج آيبة إلى مخدعها, فحدجها بنظرة احتقار

 

******************************

كانت صفية تذرع ردهة القصر ذهاباً وإياباً وهي تحدث نفسها: يا ترى عِمِلت ايه يا بدران!! اوووف لا حس ولا خبر عنيه ولا جال سوى ايه مع البت ديّ, اعمل ايه ديلواك واسوي ايه!!

 

وإذ هي على حالها إذ بكامل ينادي من أعلى فصرخت غيظاً وصمت آذنيها: يا بوووي! ناجصاك انت التاني!!

 

هرعت إليها حورية تقول: كامل بيه عم ينادم عليكِ يا ست

 

غوري شوفيه رايد ايه, ولو سأل عني جوليله راسها واجعاها ما جادراش تحدد مخلوج

 

حاضر يا ست, حاضر

 

هرعت صفية إلى الهاتف تدير القرص باضطراب لتهاتف بدران, فرد عليها: ايوة

 

واه! انت في سرايتك يا بدران!

 

اومال رايداني اكون وين عاد!

 

كانّك ما روحتش تاجيب البت من عند جميلة كيف ما جولتلي

 

روحت والست جميلة ما رضتش تديني البت

 

جن جنون صفية وصاحت: يعني ايه ما رضيتش!!

 

صاح بها حنقاً: يعني ما رضيتش يا صفية, وآنا ما هتدخلش في الحكاية الملخفنة ديّ, شيلي طينك انتِ وولدك وهمليني لحالي

 

أغلق الهاتف في وجهها فهاج هائجها: بجى كديه يا بدران! بتجفل السكة في وشي وبتتخلع مني!! طيب..بجيالك يا واد بوي, باجيالك..كانّك فاكر اني ما هعرفش احلها باعيد عنيك ..آآآخ طيب يا بدران...لازمن اتصرف ديلواك جبل ما الخرفان اللي اسميه سلطان يبلغ المركز

**************************************

 

كان السيد سلام في قصره يتسامر مع زوجته أثناء احتساءهما الشاي في بهو القصر, فإذ بالخادمة تأتي من خارج القصر مهرولة باكية وتنادي السيد سلام: سلام بيه, أمي عيانة جوي ولازمن اروح بيها البندر ديلواك, هخش ألم خلجاتي

استني يا بت, مالها امك؟ مش كنتِ عنديها عشية وكانت مليحة؟

 

نعملوا ايه في بختنا عاد! شيعتلي من هبابة حتى استأذنت من الست نجاة هانم وروحتلها. مش كديه يا ست؟

 

ايوة صُح يا سلام, شيعتلها مرة من ياجي ساعة كديه وجالت رايحة لامي, لكن لا جالت عيانة ولا غيره

 

ايوة يا ست هانم أصلها ما رضتش تخلعني عليها, جالت للمرة جولي لسعدة بتي أمك عاوزاكِ ديلواك, روحت باعيد عنيكِ لجيتها كانّها عم تطلع في الروح, وديتها المستوصف جالولي علاجها مش عندينا, اطلعي بيها ع المركز. بالإذن عاد اجيب خلجاتي

 

اندهش السيد سلام وقال: واه! وتاخدي خلجاتك ليه؟

 

يا بيه آنا ما خابراش هجعد كد ايه في المركز, لازمن يكون معاي الكام خلجة اللي حيلتي

 

طيب استني, هشيع معاكو السواج يوديكو المركز

 

لاه لاه يا بيه, واد خالي معاه عربية نجل صغيرة كديه وهيروح معانا هو وخالي, بالإذن عاد..يا حبيبتي يا امّا, كان مخبيلك وين يا الغالية

 

جمعت أغراضها وانطلقت من القصر في لمح البصر وشقت طريقها على عجل إلى منزل جميلة

 

 

*************************

ولحد هنيه وخلصت حلجتنا الجصيرة هههه

 

بعتذر وبشدة كان نفسي تكون اطول من كدة لكن والله ما لحقت اكتب من ركام الورق اللي قدامي إلا المشاهد دي..فكرت أأجل قلت لا حرام كفاية الاسبوع اللي فات اللي كنت عيانة فيه

 

لكن والله هعوضكم الأسبوع الجاي إن شاء الله بحلقة مكثفة

 

بشكركم على كل الدعوات الطيبة بالشفاء, وشكر خاص لحبيبتي الغالية اللي كتبت وصفة التلبينة , وفعلا انا بستخدم الشعير مع البقدونس المغلي, والحمدلله في تحسن بفضل الله

 

وحابة اقول فين تفاعلاتكم مع منشور أم فتحي على صفحتي وصفحة دار كلمات للنشر!! عايزين الناس الأغراب اللي هناك يقولوا كاتبة مالهاش قراء ولا ايه! ههه هحطلكم الرابط وعايزة احس بوجودكم حوالية , اومال قرائي بأمارة ايه بقى!! هههه. ولا مش واخدين بالكم ان ده اول رواية هتنزل ورقي إن شاء الله في معرض الكتاب!!.طبعا بشكر جدا اللي اتفاعلوا مع المنشورات الخاصة بأم فتحي سواء في صفحتي وصفحة دار النشر..شكرا جزيلا حبيباتي ..دمتم جميعا بود قرائي الأعزاء

 

https://www.facebook.com/kalematpublishing2021

لا تنسوا ذكر الله والصلاة على الحبيب عليه الصلاة والسلام

لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله

 

اللهم صل وسلم وبارك على محمد