الحلقة الثالثة عشر, الفصل الثاني, الجزء الثاني( الليل والدوادي)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وما توفيقي إلا بالله

 

عليه توكلت وإليه أنيب

 

*******************************

 

 

جمعت أغراضها وانطلقت من القصر في لمح البصر وشقت طريقها على عجل إلى منزل جميلة. أخفت بؤجة ملابسها في الحديقة ثم اتجهت إلى الباب .قرعت الجرس ففتحت مهدية الخادمة, فابتسمت سعدة وحيتها: عواف يا خالة مهدية

 

الله يعافيكٍ يا سعدة. خير ان شاء الله

 

هاها وهي سعدة تاجي غير بالخير! وينها الست جميلة؟

 

هنادمهالك, ادخلي

 

تسلمي, مافيش وجت, هما كلمتين من ع الباب وهروح لحالي

 

حاضر, هدخل اجول للست

 

أتتها جميلة على الفور ورحبت بها: يا مُرحب يا سعدة, خير

 

الله يرحب بيكِ يا ست جميلة. الست نجاة مشيعاني عشان عوزاكِ ديلواك في التو

 

ليه عاد؟

 

كلام في سرك يا ست, أصلها متعاركة ويا بتها الست خديجة, اكمن جاها عريس زين ومليح جوي وما في شيء يعيبه لكن الست خديجة راكبة راسها وما رايداهوش, والست نجاة عقلها هيشت منيها , وجالت خلاص, ماحد هيجدر يميل راسها إلا الست جميلة. الحجيهم يا ست عاد الله يرضى عنيكِ, دانا مهملة الست نجاة عم تبكي لما عنيها بجت كيف كاسات الدم من كتر البكا

 

واه! للدرجة ديّ!!

 

واكتر يا ست واكتر, ربنا يهديها عاد الست خديجة وتريح جلب امها, نفسها يا عيني تشوفها في بيتها وتفرح بعيالها

 

طيب يا سعدة,ارجعي انتِ على سراية سلام بيه وآنا هحصلك طوالي إن شاء الله

 

ربنا يجدرك يا ست جميلة وتميلي دماغ الست خديجة

 

ارتدت جميلة عباءتها على عجل وأوصت مهدية بورد وألا تفتح الباب لأي طارق حتى تأتها

 

***********************************

كان عمر بمبخرته وزي المجاذيب يتبع خطوات خادمة السيد سلام مذ أرسلت صفية في طلبها, إذ هو دائم التجوال حول قصر اخوته. ارتاب في اضطراب خطواتها حين أتت إلى  قصر صفية ثم  عادت إلى قصر السيد سلام وخروجها منه بعد وقت قصير تحمل بؤجتها وتتجه إلى منزل جميلة.فاعتركته الظنون واستشعر أن هناك أمر يحاك, وقد صدق حدسه حين رآها بعدما غادرت منزل جميلة, تتخفى خلف الجدر لتلتقي برجل من رجال صفية, ودار بينهما حديث, فقطعه عمر بترنحه حولهما وهذيانه كالمجاذيب, نشر فوق رأسيهما البخور وتبدت البلاهة على ملامحه وصاح: مدد مدد يا صاحب المدد. اعطيني مما أعطاك الله يا عبد الله

 

أزاحه الرجل بغلظة: بَعّد انت التاني

 

جلس عمر على مقربة منهما يعبث بعصاه الصغيرة راسما خطوطاً على الأرض ويتظاهر بالقشعريرة وألقى مسامعه بين فاهيهما, فقالت الخادمة باضطراب: يعني اروح وين آنا ديلواك؟

 

واه! كانك باهيمة ما فهماش! نعيدوا الحديت تاني, جولتلك الست صفية بتجولك خدي الخمسين الف جنيه اللي وعدتك بيهم واتخفي في سابع ارض لا حد ينضرك ولا يعرفلك طريج

 

اووووف يعني ايه! اتدفن بالحياة ليوم الدين ولا حكايتكم ايه معاي!!

 

الست بتجولك اتصرفي, هي ما فهاش دماغ للحكاوي ديّ ديلواك ووراها هم تاجيل, معاكِ المال ودبري حالك, وبتجولك إياك يبان طرف توبك وإلا هتكون نهايتك

 

نشجت الخادمة ضجراً وقالت: يا بووووي! كان مالي آنا بيها الوجعة السودة ديّ

 

هاها وجعة سودة ليه! ما هتاخدي مال كد دماغك أها, مرة فجرية صُح

 

لافيني المال

 

أها

طلع من بين طيات ملابسه ظرف كبير ومده إليها قائلا: دول خمس تلاف والباجي اما الست دماغها تروج

 

ايييه!! تروج من ايه! آنا رايدة باجي فلوسي

 

آنا ماليش صالح بالحديت ديه.دول اللي عطيتهوملي الست, خديهم واخفي من جدامي

 

.....طيب, همشي ديلواك, وجول للست إني هجعد عند عمة بوي واختفي لحد ما راسها تروج وتشوفلي مُطرح اتاوى فيه

 

طيب, يلا اخفي ما فاضيش

 

تولى عنها الرجل, فزفرت بضيق وأخذت تتمتم..خرجت من خلف الجدار وأخذت تنظر حولها لم تجد إلا ذلك المجذوب ذو العقل السليب فلم تأبه له..أخفت وجهها بطرف شالها وشقت طريقها إلى ساحة القرية وعمر يقتفي أثرها, دخلت إلى السوق الذي يموج بطوفان البشر وأصوات الباعة المتداخلة والجلبة والضجيج, وعينا عمر ملتصقة بها ويسرع خلفها, خرجت من السوق إلى الأزقة تقطعها باضطراب, تنعطف من زقاق إلى زقاق وعمر يتوارى خلف الجدر حتى لا ترقبه حتى انعطفت إلى زقاق يعج بالبيوت الفقيرة, فمشت عدة خطوات وتوقفت عند أحدها وطرقت الباب المتهالك , ففُتح لها المنزل وابتلعها باطنه وأغلق الباب..فتيقن أن هذا منزل قريبتها التي ستتوارى عن الأنظار لديها

 

**********************************************

 

كان رجال صفية يترقبون خروج جميلة, فما أن غادرت المنزل حتى اقتحموه وضربوا خادمتها وكمموا الفتاة ووضعوها في جوال وحملوها إلى صفية التي كانت تنتظرهم في بيتها القديم المهجور, سمعت الفتاة المرتعبة صوت صرير الباب ودخولهم وقولهم لسيدة ما: الأمانة يا ست

 

عفارم عليكو. رجالة من ضهر رجالة صُح

 

انخلع قلب الفتاة وكاد يتوقف عن النبض.إنه صوت صفية, سمعت قرعات حذائها تقترب منها رويدا رويدا, ثم أمرت رجالها: افتحوا الشوال

 

فكوا عروة  الجوال فبدت الفتاة حاسرة الرأس ترتجف وتنظر إلى صفية بعينين مرتعبتين, فقهقهت صفية وقالت: ايه! كنتِ مفكرة انك باعيد عن يدي ما هطولكيش!!ولا اياك كنتِ مفكرة ان جميلة بت ابو الحجاج هتحميكي مني!!

 

انقضت على الفتاة وأخذت بجمتها وأوقفتها بغلظة وأخذت تتوعد: اسمعي يا بت المحروج انتِ, جدامك حل من تنين, نجمع أكابر النجع عند العمدة وتجولي اللي هجولك عليه بالتمام والكمال ووجتها هتنضري السعد والنعيم واللي في بطنك ديه هعتبره ولدي  واكتبه باسم راجل من رجالتي,واصرف عليه من جنيه لمليون لحد ما يكبر ويبجى راجل واجوزه كماني, وإلا ما تتبعنيش ولا تطاوعيني ووجتها هتنضري الويل بعينك...واعية للرجالة اللي جدامك دول!! اطلعي فيهم كديه مليح

 

نظرت الفتاة إلى وجوههم الفظة المرعبة وازدردت ريقها هلعاً فاستطردت صفية:هرميكِ هنيه للرجالة دول, واللي عِملوا فيكِ محمود هيعملوه ليل نهار, وفي الاخر هيجتلوكِ ويرموا جتتك لديابة الجبل

 

انفجرت الفتاة بالبكاء وصرخت: إنتِ رايدة مني ايه! ما مكفكيش اللي عِملتيه فيا انتِ وولدك!!

 

هاها لاه ما مكفنيش, ولو ما طاوعتنيش هوريكِ عذاب ما يتحمله بشر. كانّك ما خابراش اللي عصوني جبلك حُصُلهم ايه..عاذراكِ عاد, غريبة عن النجع ما تِعرفنيش

 

اللي سوتيه فيا خلاني عرفتك زين . مرة بجلب حجر ما تتجيش ربنا

 

الله يسامحك يا بتي عاد. بجى ديه جزاتي إني ما رايدالكيش الأذية ورايدالك السعد!! كان بكلمة مني اخلي الرجالة دول يسحبوا روحك من جتتك وتبجي رمة لا اسم ولا ذكرى, لكن اعمل ايه في جلبي الطيب اللي صعبان عليه شبابك وجمالك!!

 

نشجت الفتاة وقالت بإذعان: عايزاني اجول ايه في مجلس الرجال عشان ترحميني

 

هاها اهو ديه الحديت الزين يا بتي..اسمعي يا ورد, جدام مجلس الرجال هتجولي ان اللي عمل فيكِ كديه هو الشيخ سلطان بذات نفسيه

 

جحظت عينا الفتاة ووقفت مشدوهة تميد الأرض بها من هول القول, استجمعت شتاتها وصرخت كالملتاثة: لاه,لاه لاه, لو كان التمن موتي ما هرميش الشيخ بعار برئ منيه

 

استشاطت صفية غضباً وصفعتها على وجهها ونشبت أظافرها في ذراعها وصاحت بغليلها: هتجولي اللي جولته بالحرف يا بت المحروج انتِ وما تملكيش تعصيني

 

انفجرت الفتاة بالبكاء والنحيب ..فقد تسلط سيف البطش على رقبتها, وعليها الخيار..نجاتها أم وصم الشيخ بالعار!!

 

************************************

 

في ردهة قصرها رحبت السيدة نجاة زوجة السيد سلام بجميلة ولم يبد أن هناك ما يكدر صفوها, فجلست جميلة يعتورها الاندهاش, فجلست إليها السيدة نجاة وزادت في ترحيبها: والله اتوحشتك يا جميلة. يا مُرحب يا خييتي, كيفه الدكتور عزت؟

 

..مليح الحمدلله...آنا جيت عشان...

 

قطع الحديث نزول خديجة مسرعة من أعلى الدرج متهللة لوجود جميلة..هرولت صوبها ومالت عليها تقبلها وترحب بود: خالة جميلة, ايه النور اللي فج في السرايا ديه

 

هاها يا جلبي, والله اتوحشتك يا خديجة

 

والله وانتِ كمان يا خالة جميلة. وكنا ناويين نجييكِ آنا وامي يوم الجمعة نتغدا معاكِ

 

تنوروا يا جلبي..اجعدي يا خديجة, ليا معاكِ حديت

 

جلست الفتاة وسألت باندهاش: خير يا خالة جميلة؟

 

خير إن شاء الله يا عروسة..جوليلي بجى يا حبيبتي رافضة العريس ليه؟

 

تبادلت نظرات الدهشة مع أمها, وأجابت الأم عن ابنتها باندهاش: عريس ايه اللي عم تتحدتِ عنيه يا جميلة؟

 

....واه!! إنتِ مش شيعتيلي سعدة عشان آجي اتحدت مع خديجة!!

 

آنا شيعت سعدة!! سعدة مشت من هبابة عشان تروح مع امها على مستشفى المركز. حتى لمت خلجاتها وجالت راح تغيب كام يوم

 

ايه!!...اومال جت عندي وجالت الحديت ديه ليه!!

 

جت عندك ميتى!....هو حُصُل ايه يا جميلة فهميني

 

البت سعدة جت وجالت انك متعاركة ويا خديجة وعم تبكي بسبب رفضها للعريس وانك مشيعاها عشان اجي اتحدت مع خديجة

 

ما حُصُلش يا جميلة. خديجة صُح جاها عريسين السبوع اللي فات لكن ما وافجناش بيهم وجفلنا الحديت...اللي مستغرابه ديلواك هو ايه اللي ودى البت ديّ عنديكِ تجول الحديت اللي مالوش عازة ديه!!

 

صمتت جميلة هنيهة ثم هبت واقفة وصرخت بفزع: ورد

 

انطلقت صوب الباب كالسهم المنطلق من القوس وخلفها نجاة تناديها: استني يا جميلة, طيب فهميني يا خييتي مين ورد ديّ؟؟

 

************************

اندفعت جميلة داخل منزلها فألفت خادمتها مهدية تبكي وعلى وجهها أثر كدمات, فصاحت جميلة: حًصُل ايه يا مهدية, وينها ورد؟

 

خدوها يا ست جميلة

 

مين دول اللي خدوها؟

 

ما خابراش, تلات رجالة شداد متلتمين كسروا شباك المُطبخ ودخلوا منيه ونزلوا فيا ضرب وجالوا اياك نسمعوا صوتك وإلا هندفنك مُطرحك, ورد كانت عم تصرخ, كتموا نفسها وحطوها في شوال وخرجوا بيها من شباك المطبخ

 

....يبجى هما رجالة بدران اللي مشيعاهم صفية, وهي اللي شيعت البت اللي اسميها سعدة تجول اللي جالته عشان تطلعني من الدار عشان رجالتها يدخلوا ياخدوا البت المسكينة

 

انفجرت مهدية بالبكاء وصرخت بفزع: يبجى هيجتلوها يا ست جميلة عشان يخلصوا منيها. يا كبدي يا بتي

 

آنا رايحة لصفية وما راجعاش غير بورد

 

اعترضت طريقها راجية:لاه يا ست جميلة لاه, احب على يدك ما تروحيش عنديها المرة السو ديّ عن تأذيكِ يا ست

 

أزاحتها بقوة وصاحت فيها: بعّدي عن طريجي يا مهدية.ما اتعودتش اشوف الظلم واسكت

 

*****************

انطلقت إلى قصر أخيها لتواجه صفية والتي لم تكن قد أتت بعد من منزلها القديم. فتحت حورية الباب فارتجفت حين رأت جميلة نصب عينها, وقالت بنبرة مرتعشة: الست جميلة!

 

وينها صفية يا بت؟

 

الست مش هنيه

 

وكزتها جميلة في صدرها وكزة كادت تسقطها, واقتحمت القصر وصاحت: عم تنكريها يا خسيسة! روحي جولي لبت كلاف البهايم الست جميلة بت ابو الحجاج عايزاكِ في التو

 

وربنا يا ست جميلة ما ناكراهاش, الست صفية صُح مش هنيه

 

على حين غرة دخلت صفية إلى القصر ووارت امتعاضها بترحيب مستفز: واه! جميلة بشحمها ولحمها هنيه!! دا النهاردة عيد يا نجع ابو المنصور.منورة سراية خوكِ يا الغالية, اجعدي, واجفة ليه! الغدا لام الداكتور يا بت يا حورية

 

وين ورد يا مرة انتِ؟

 

استدارت صفية وهمست في أذن حورية. اطلعي اجفلي الباب بالمفتاح ع البنيتا فوج

 

طارت كالرياح تنفذ ما أمرت به صفية, فشمرت صفية عن ساعديها وقالت: فضيتلك أها يا جميلة. ورد مين ديّ اللي عم تتحدتِ عنيها يا غالية ؟

 

هاها واه! ما خابراش مين ورد! ما جيبتيهاش لولدك محمود هنيه يُفجر بيها!

 

ضربت صفية على صدرها وقالت بمكر: أعوذ بالله من غضب الله. آنا يا جميلة اعمل كديه!! ليه طيب! ما جدراش اجوز ولدي لبت السلطان بذات نفسيه!! لا جليل مال ولا جليل عزوة ولا حاجة تعيبه. اسم الله عليه زين الشباب هو وخوه. ولو شاور على بت كابير من الأكابر اجوزهاله من الليلة

 

معلوم, اللي يطلبه ولدك مجاب عنديكِ, لو عاز يتجوز تجوزيه ولو عاز بت يفجر بيها ترميها تحت رجليه, ما انتِ مش عديمة أصل وبس, انتِ عديمة دين كماني

 

اغلطي تاني يا خييتي, اغلطي وآنا جابلة عشان خاطر كامل..بجى كديه يا جميلة! وآنا اللي كنت مفكرة انك جاية تسألي عن خوكِ المرضان اللي بجالك سنين ما نضرتيهوش بعينك!! كانّ الدم بجي مية يا بت ابو الحجاج

 

اسمعي يا مرة انتِ, آنا خابرة زين انك ورا كل اللي حًصُل النهاردة. انتِ اللي اتفجتي مع خدامة سراية سيدك سلام بيه عشان تاجي تجول اللي جالته, وعشانها خابرة ان سلام بيه هيجطع خبرها لما يتفضح أمرها لمت خلجاتها واختفت ما اعرف وين, وانتِ اللي شيعتي الرجالة اللي خطفوا ورد وما اعرف جتلتيها ولا سويتِ فيها ايه

 

ما فهماش منيكِ حاجة يا خييتي, لكن هريحك واجولك ورد وين عشان ما تتعبيش وجليكِ وتاجي السرايا تسألي عنيها تاني..ورد في دار العمدة عشان تجول كلمة الحج جدام مجلس الرجال, ما مصدجنيش روحي اسألي عنيها. وربنا يسامحك عاد في اللي جولتيه في حجي وحج ولدي يا اخت الغالي, ويكون في معلومك, محمود ولدي هيحضر المجلس, عشان احنا نضاف وما عنديناش بطحة على راسنا نحسسوا عليها, والحج هيبان يا بت ابو الحجاج

 

حدجتها جميلة بنظرة ارتياب طويلة ثم أولتها ظهرها عامدة باب القصر على عجل, فنادتها صفية ساخرة: على وين يا جميلة, اجعدي اتغدي يا ام الداكتور

 

انفجرت بالضحك وقنعت الدور العلوي, وعند غرفة الفتيات وجدت أحدهما تحاول فتح الباب من الداخل وتحرك المقبض بعنف وتزفر, فوضعت صفية المفتاح في الثقب وفتحته, فإذ بها عالية تصرخ بها: جفلتِ الباب علينا ليه يا مرت بوي لما جت عمتي! في ايه بيناتكو ما عايزاناش نسمعه؟

 

نظرت إليها ببرود وابتسمت بمكر ومضت إلى غرفتها فاشتعل صدر الفتاة غيظاً

 

ما أن دلفت صفية إلى غرفتها حتى بادرها كامل بسؤال حائر: ايه اللي جاب جميلة اختي وكانت عم تزعج ليه؟

 

واه! انت سمعتها!

 

ايوة

 

ممم هنجول ايه عاد!!جاية تزعج فينا وتجول حجي وما حجيش, اجولها بدل ما تطالبي بحجك اطلعي اسألي على اخوكِ المرضان, تجولي ياجينا خبره عن جريب

 

ابتئست ملامحه وقال بنبرة حزنى: جميلة اختي جالت كديه!

 

ايوة جالت بلسانها. منيها لله . عم تتمنالك الموت, وكل ديه عشان ايه! نعوذ بالله من غضب الله . المال يا خوي عم يجسي الجلوب, لا عاد الأخ أخ ولا الضنا ضنا ..هتاجي اكتر من بناتك اللي ما بينضروش في وشك وكانك جاتلهم جاتيل!! ولا الكابيرة اللي هربت وما حد عارف راحت وين هي وجوزها وكانّ مالهاش أب تسأل عنيه!! آآآآآخ يا مري من جسوة جلبهم وجلب عمتهم

 

بكت كذباً ومالت على مقعده تحتضنه وتقبل رأسه وتقول بنشيج: عيني عليك يا كامل, مالك حظ في لحمك ودمك

 

تبسم وربت على يدها: كفاني حنية جلبك يا صفية

 

************************************

 

اقتحمت صفية مندرة العمدة ونادته بصوت جهور وسع حدقتيه وأفزع قلبه: يا عمدة

 

 هرول صوبها:الست صفية! اتفضلي يا ست, اتفضلي

 

يزيد فضلك عاد, اجفل باب المندرة عشان رايداك في حديت ما عايزاش حد يسمعه

 

حاضر يا ستنا

 

أغلق الباب وعاد يهرول, جلس على مقربة منها وقال: خير يا ستنا

 

جيتك عشان نتحدتوا لحالنا في حكاية البت الفاجرة اللي افترت على ولدي محمود

 

......هي صُح افترت عليه يا ستنا؟

 

هحكيلك اللي حُصُل وانت احكم بعدلك

 

سامعك يا ست

 

البت ديّ من يوم ما خطت برجلها في النجع وهي حاطة محمود ولدي في راسها

 

وهي عرفته من وين!!

 

نضرته بعنيها وهو نازل من عربيته اسم الله عليه شباب وجمال وصحة ومال, جوم دماغها لفت وشيطانها وسوسلها, سألت عنيه وعرفت هو مين وواد مين, ومن وجتها وكل يوم تطلعله من سكة وتجطع عليه الطريج, في الاول جالتله الشغل في المستوصف ما رايداهوش إكمن الداكتور عينه مني وطمعان في جمالي

ايه!!...الداكتور ناصر!!

 

كدابة في اصل وشها, افترت عليه كيف ما افترت على ولدي. دانت هتسمع العجب بودانك ديلواك, ساجت على ولدي دور الشريفة ورمت الداكتور بالطين وجالت لمحمود شوفلي شغلانة عنديكو في الديوان, جالها ما هنشغلش حريم, جالته احب على يدك انا محتاجة مال,طيب خدني اخدم في السرايا عنديكو, جالها امي عنديها الخدم, وسابها ومشى, لكن هي فضلت حاطاه في راسها, وفي يوم جت عند السرايا واتدارت ورا السور عشان ما حد ينضرها, أتاريها كانت عارفة إني عم اخرج كل يوم في الوجت ديه, آنا خرجت من هنيه وهي دخلت السرايا وسألت حورية عن محمود, جالتلها محمود بيه نايم, جالتلها هخش اصحيه وزاحت حورية وجريت على اوضته

 

ها!!..وحورية كيف تهملها تدخل عليه!!

 

واه! بت فاجرة, وحورية ما جدرت عليها, دخلت ع الواد وجفلت الباب بالمفتاح واستفردت بيه وحُصُل اللي حُصُل. يبجى مين يستاهل ضرب النار عاد!!

 

اخص عليها بت فاجرة صُح

 

والبت الفاجرة ما كفهاش كديه, لما جيت وعرفت بعملتها وكنت هطب ساكتة من خلعتي, تجوم البت تبصلي من غير خشا وتجولي اديني كام الف جنيه حج ما كنت مع ولدك

 

ها!!..هي حصلت لكديه!!

 

بت ما فيش في وشها دم يا حاج ياسين, منيها لله, ولما طردتها وجولتلها اطلعي برا يا فاجرة, تجوم البت تحط يدها في وسطها وترفع حاجب وتنزل التاني كيف بنات الليل وتجولي هفضحك وافضح ولدك وما هسكتش, وبعدها بشهر جت وجالت انها حبلى ولازم محمود يكتب عليها ..اديني عقلك انت يا عمدة, بت فاجرة كيف ديّ, من وين اعرف ان اللي في بطنها يبجى واد محمود ولدي!! مش يمكن واد الداكتور!!

 

صُح يا ست, يمكن يكون واد الداكتور

 

واه! استغفر الله العظيم. هنظلم الداكتور ليه!! يمكن مظلوم هو التاني, يكفينا شر الظلم ربنا

 

والحل ديلواك ايه يا ست! الشيخ سلطان هو اللي واجف ورا البت ديّ كيف ما تكون بته, من غيره كانت البت خدت جرشين وسكتت, لكن هو اللي حلف يمين بالله ليجيب حجها, ولو محمود ما كتبش عليها جبل المعاد اللي حدده الليلة هيطلع بيها ع المركز ويشتكيه

 

هبت واقفة وأصرت على أسنانها غيظاً وقالت: الشيخ سلطان....يبجى هو اللي حفر جبره بيده

 

انتفض العمدة عن مقعده مذعوراً وقال: عم تجولي ايه يا ست!! بعدينا عن سكة الدم الله يرضى عنيكِ, وكمان ديه الشيخ سلطان مش أي احد, ولو اتجتل النجع كلاته هيتجلب, كل الناس بتحبه حتى محاسيب الشيخ سمحون

 

ومين جاب سيرة جتل!! لكن الحفرة اللي حفرها لولدي هو اللي هيجع فيها

 

يعني ايه يا ست؟؟

 

يعني الواد اللي في بطن الفاجرة ديّ يبجى واد الشيخ سلطان

 

فغر العمدة فاه وشخص بصره

 

هاها ايه يا عمدة! لونك اتخطف كديه ليه!!

 

يا ست اللي عم تجوليه ديه ما حدش هيصدجه

 

لاه هيصدجوه, هيصدجوه ويلعنوه صبح ليل..شيخ كابير وما اتجاش ربه اللي جضى عمره يحدتنا عنيه وعن حدوده, شيطانه غواه ووجع في الحرام مع بت من دور احفاده.اومال, جمالها لحس عقله.دي فرصتنا وجت لحدينا يا عمدة عشان نخرسوا حس الراجل ديه اللي ماسك في سيرة الحلال والحرام ومضيجها ع الخلج ومجوي اعادينا علينا, جوم لما يجع تكتر سكاكينه ونخلصوا منيه ومن زنه اللي أمر من السحر عاد في ودان الخلج..جولت ايه عمدة؟؟

 

كاد قلب العمدة أن يتوقف من هول الأراجيف التي أتت بها تلك الشيطانة. إنها تريد أن تفترص الشيخ الورع ظلما وتريد من يؤازرها ..ظل بصر العمدة معلقاً بها ذهولا..اتجهت صوب الباب ثم ادارت رقبتها وقالت: هكلمك في التلافون عشان اجولك هتعمل ايه الليلة في المجلس يا عمدتنا

 

غادرت المندرة فهبط في مقعده وهو يتمتم: لاه, لاه, دي مش مرة, دي الشيطان الرجيم بذات نفسيه ومندس بيناتننا.يا بووووي!! نجينا يارب ..ما اجدرش اخالفها..ايش دراني لو خالفتها تجول ان آنا ابو الواد مش الشيخ سلطان, ولا يمكن تكري عليّ اللي يجتلني...يا منجي...يا مغيث

 

****************************************

 

كانت جميلة قد أرسلت سائقها الخاص إلى حسن في الحقل ليخبره بأمر اختفاء ورد قبل أن تذهب لمواجهة أمه, فانطلق إلى الشيخ سلطان في منزله ليخبره, فانتابته الحيرة: يعني ايه خطفوها من دار جميلة ابو الحجاج! ويطلعوا مين دول؟

 

هيكونوا مين يعني يا شيخ! الحكاية ديّ وراها امي وخالي, وما عارفش ودوها وين

 

يعني ايه! معنى حديتك انهم ناويين ع الشر وخوك ما هيكتبش عليها, وديلواك خفوا البت عشان ما اطلعش بيها ع المركز اجدم البلاغ

 

هو كديه يا شيخ. لكن آنا ما هسكتش الأ اما ورد تظهر مهما كان التمن

 

وإذ هما على حالهما, إذ بأحد خفراء العمدة يدق على الباب المشرع وينادي: يا شيخ سلطان

 

اتفضل..خير إن شاء الله

 

العمدة بيجولك معاد المجلس الليلة زي ما هو بعد صلاة العشا, وورد عنديه في المضيفة لحد ما يجتمع المجلس

 

تبادل حسن مع الشيخ نظرات الدهشة, ثم قال الشيخ للخفير: طيب يا ولدي, هكون في المعاد بإذن المولى

 

غادر الخفير المنزل, فقال حسن والدهشة تعصف بملامحه: آنا ما فاهمش حاجة يا شيخ!! عمة جميلة

شيعتلي خبر إن ورد ما لجينهاش ورجالة متلتمين اتهجموا على بيتها وخطفوها, وانها رايحة لامي تسأل عنيها.. وديلواك العمدة مشيعلك يجولك إن ورد عنديه والمجلس هيتعجد في معاده!! هو ايه اللي عم يُحًصُل يا شيخ!

 

الصبر يا ولدي, كل شيء هيبان..يمكن يكون الحديت اختلط على جميلة بت ابو الحجاج ولا حُصُل خطف ولا غيره

 

صمت حسن هنيهة ودواخله تلتج بالحيرى والريبة..ثم قال للشيخ: هجيك هنيه بعد المجلس عشان اعرف ايه اللي تم ان شاء الله يا شيخ

 

إن شاء الله يا ولدي

 

*******************************

ولحد هنيه وخلصت حلجتنا

 

اجابلكم السابوع الجاي إن شاء الله

 

شكراً جزيلاً لكل الحبيبات اللي بيتفاعلوا وشكرا جزيلا للي ما بيتفاعلوش

 

لا تنسوا ذكر الله والصلاة على الحبيب عليه الصلاة والسلام

 

لا اله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله

 

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد