التاسعة عشر (حارة الموعودين)
أخذت ابنتها، ودفعت باب
المنزل الحديدي بعنف، ودخلت مسرعة، فانفجرت دموعها الحبيسة وهي تصعد الدرج... عاد
حودة إلى مقعده وأشعل سيجارة، وضع المبسم في فمه و شرد في حديث أم نعمة الذي لم
يقنعه، حدثه صبيه فلم يسمعه، عقد العزم على أمر، فانتفض عن مقعده تاركاً ورشته، ليتم
ما انتوى عليه
***********************************
عمد الأسطى حودة إلى
محل زيزو الحلاق، فوجده يحلق لأحد الزبائن، فقال بغضب:
زيزو، خلص الزبون اللي
في ايدك وحصلني ع القهوة
.... هو في ايه يا
حودة؟
لما اقابلك هتعرف
كذا فعل مع بعض أصحاب
الدكاكين في الحارة، فاجتمع بهم على المقهى لمناقشة أمر نعمة.. قص عليهم ما لحظ من
تغير أحوالهم المادية، وتلك السيارة الفارهة التي تقلها إلى العمل صباحاً وتعيدها
في المساء، فاستثار الحمية في قلوبهم، وقال باحتداد:
احنا بقى عايزين نعرف
بنت حتتنا بتروح فين، وايه بقى الشغلانة المنجهة اللي تجيبلها الفلوس دي كلها في
نفس اليوم!! واحنا بقى رجالة ومش هنسكت ونركب قرون لا مؤاخذة
فقال الأسطى زيزو
بانفعال:
اذا كان الكلام زي ما
بتقول كدة، يبقى الحكاية دي ما يتسكتش عليها، طول عمر بنات حارة الموعودين سمعتهم
زي الجنيه الدهب، وإذا كانت نعمة خابت، يبقى تخرج من الحارة بفضايحها، ولا ايه يا
رجالة الحارة؟
قال أحدهم:
عداك العيب يا اسطى
زيزو. البت دي لو قعدت في الحارة هتفسد بناتنا
قال آخر:
لا وعملالي شريفة
وعنيها ما بتترفعش من الأرض
قال ثالث
يا ما تحت السواهي
دواهي بصحيح
وقال الأسطى زيزو الحلاق
بحسم:
لازم الحارة تنضف.. كتر
خيرك يا اسطى حودة إنك رسيتنا ع الدور قبل ما الحارة تبوظ
بدا الارتياح على وجه
الأسطى حودة، وارتشف رشفة مزعجة من الشاي، وقال:
يبقى خلاص يا رجالة..
بالليل لما البت دي ترجع، هرن عليكو ونتجمع في الورشة عندي، ونطلع نواجهها بالبلاوي
دي، ونرميلهم كراكيبهم في الشارع. عشان دول ما لهومش مكان بينا طالما سامحين
لبنتهم تبيع عرضها عشان تأكلهم
اتفق الجمع على الذهاب
إلى بيت نعمة في المساء، وكأن ظنونهم هي عين اليقين
************************************************
اتجهت أم محمود جارة أم
هشام إلى البقال، وقالت له:
اديني كيلو سكر يا
محروس
مافيش
هو ايه اللي مافيش!
مافيش سكر
ردت باحتداد:
مافيش سكر يعني ايه!
اتقي الله يا محروس واديني كيلو سكر
يا ست ام محمود بقولك
مافيش سكر
هو في بقال في الدنيا
ما عندوش سكر يا راجل انت!!
ايوة. انا وكل بقالين
الحارة
تبقوا متفقين تخبوا
السكر عشان تغلوه علينا يا بقالين الغبرة
يا ست ام محمود ما
تظلميناش، احنا تجار صغيرين وغلابة. المحبس مقفول من عند الحيتان الكبيرة
حيتان لما تاكلكوا إن
شاء الله
ههه ما هم واكلينا،
وواكيلنكو، وهيحلوا بعيالنا
والله ما انا فاهمة
حاجة
أحسن. اللي ما بيفهمش
بيرتاح
طب أنا دلوقتي عايزة
سكر، ما عنديش حباية سكر احلي بيها الشاي للراجل، اعمل ايه!!
ههه بسيطة، قوليله اشرب
الشاي من غير سكر عشان تحافظ على صحتك
هو احنا بقى حيلتنا
صحة! منكو لله يا بوعدا
تدلت أم عوض بنصفها
العلوي من الشباك وسألتها بفضول:
خير يا ام محمود يختي،
بتتخانقي مع محروس البقال ليه؟؟؟
محروس في عينه، الهي
تتفك عنه الحراسة البعيد حرامي السكر..
الراجل يختي مخبي السكر ويقولي مافيش
منه لله يختي، ماهو عمل
معايا كدة، واضطريت اشتري السكر بالغلا والكوى من السوق السودة
جايباه بكام يا ام
عوض؟؟
جايبة الكيلو بخمسة
وتلاتين جنيه في وش العدو
شهقت أم محمود وضربت
على صدرها وقالت بعينين جاحظتين:
يا مصيبتي! كيلو سكر
بخمسة وتلاتين جنيه!!
ايوة يختي، واللي عاجبه
يشتري
طب واللي مش عاجبه يا
ام عوض!
يتنيل على عينه ويسكت
طيب عن إذنك. هتنيل على
عيني واطلع شقتي
بالسلامة يا حبيبتي..
يا دي الغولب اللي في الحارة زكايب زكايب محملة على ركايب
ما أن همت أم محمود
بدخول المنزل، حتى أبصرت أم هشام تخرج إلى الحارة واجمة، فحيتها:
ازيك يا ام هشام
يا أهلا يا ام محمود
اسكتي يختي، مش في ازمة
سكر ودايخين عليه ومش لاقينه
وقالت أم عوض:
أه والله يا ام هشام،
لسة قايلالها إني جايباه من السوق السودة الكيلو بخمسة وتلاتين جنيه
ردت أم هشام بغير
اكتراث:
حاجة ما تخصنيش، لا سكر
عاد يهمني، ولا زيت يشغل بالي، أنا رايحة دنيا تانية وهرتاح، وخليكو انتو دايرين
ورا السكر والزيت لما تتهدوا وتحصلوني إن شاء الله
رفعت أم عوض حاجباً
ومصمصت شفتها وتنهدت وقالت لأم هشام:
طبعاً يا حبيبتي وانتِ
هتشيلي هم السكر ليه! ما انا شايفة ابو هشام داخل عليكِ أول امبارح بيجي عشرين
كيلو سكر، دول يكفوكي سنة مستريح
حدجتها أم هشام بنظرة
مستعرة وكظمت غيظها وقالت:
والله لولا اني مش
عايزة ازود ذنوبي لكنت فرجت عليكِ الحارة يا ولية يللي ماعندكيش دم يا حسودة يا ام
عين مدورة ، هو الهم ركبني من شوية! ولا البلاوي بتتحدف على دماغي من غير مناسبة!
ما هو من عنيكِ اللي رصدانا في الداخلة والخارجة.. قال على رأي المثل اللي ألفته
من غلبي. يا باصصلي في عيشتي وفاكرها مربى، إلهي يكتبهالك عشان تتربى.. أنا ماشية
هرعت أم هشام إلى
وجهتها، بينما أشاحت أم عوض بيدها وصاحت:
هبصلك على ايه يا
حبيبتي! بتفطري ورد وتتغدي ياسمين! ما انتِ عايشة في الطين زينا
وجهت حديثها إلى أم
محمود
الولية ام هشام كانت
هتاكلني يا ام محمود، قال حسداها قال! على ايه يختي!!
فركت أم محمود رأسها
وسألتها:
هو صحيح أبو هشام
جابلها عشرين كيلو سكر يا ام عوض؟
ايوة، شايفاه بعيني
اللي هياكلها الدود شايلهم على قلبه وداخل بيهم أول امبارح
الف هنا وشفا للدود يا
حبيبتي.. أنا كدة مافيش قدامي غير استنى ام هشام لما ترجع من برا، وابرد وشي واطلب
منها كيس سكر سلف
وسلف ليه! ما تديهولك
هدية، ما انتو جيران! ولا الناس خلاص قلوبها قسيت على جيرانها
****************************************
وصلت أم هشام عند باب
شقة أخت زوجها، ودقت الجرس، وهي تتمتم:
استر يا رب، عديها على
خير يا كريم واكفيني شر التلاتة اللي يتفاتلهم بلاد مخضرة ومداين معمرة
فتح الباب مؤمن ورحب
بها بحفاوة:
أهلاً، أهلاً مرات
خالي، نورتي الدنيا كلها
النور نورك يا مؤمن يا
ابني.
اتفضلي، أمي وخالاتي
منتظرينك
طب ما تسبنيش معاهم
لوحدي الله يسعدك يا مؤمن
ههه لا ما تخافيش، ما
انا جاي عشان كدة، اتفضلي
يزيد فضلك يا ابني
سبقها مؤمن إلى غرفة
الأضياف وقال:
مرات خالي وصلت
دخلت عليهن أم هشام،
فأبصرت الشقيقات الثلاث، يجلسن متجاورات على أريكة واحدة، ومشيحات بوجوههن
الواجمة، فهمست لنفسها:
أعوذ بالله من غضب
الله، هما مالهم قالبين وشهم، ومش طايقين يشوفوا وشي زي ما اكون قاتلالهم قتيل
كدة.. القصد..أرمي عليهم السلام ولو انهم ما يستاهلوش... ازيكو يللي قالبين وشكو
نظرن إليها ومصمصن
شفاههن بامتعاض رافعات حواجبهن اليسرى، وعدن يشحن بوجوههن، فقال مؤمن:
جرا ايه يا امي! ايه يا
خالتي زهيرة! ما تروقي يا خالتي عنيات!! مرات خالي بتسلم عليكو
ردت والدته باحتداد:
والله لولا الملامة لكنت
طردتها زي ما طردتني أنا وعنيات، لما روحنا نعاتبها ع الكلام اللي قالتله على بنت
زهيرة وكانت هتبوظ جوازتها.. بس احنا بقى بنات أصول ومتربين
اشتعلت أم هشام
غيظاً،فجلست قبالتها وصاحت بها:
جرا ايه يا حسنية، ما
تقعدي عوج وتتكلمي عدل، قصدك ايه بالكلام اللي قولتيه! اذا كنتوا انتوا بنات
الأصول، فانا بنت اللي اخترعوا الأصول وعلموها للناس، بنت أصول مأصلة من بيت عز
وكرم يا حبيبتي.. ولا نسيتوا أول عزومة كلتوها في بيتنا لما الزمان حكم عليا
واتخطبت لاخوكو!! فاكرة اليوم ده ولا نستيه! كانت أول مرة في حياتكو تشوفوا
البوفتيك، وقعدتِ انتِ واخواتك تمسكوه وانتو مستغربين وتسألوا بعض ايش يكون، وفي
الآخر ميلتي عليا وقولتيلي ايه ده يا عروسة اخويا؟ قولتلك بوفتيك، قولتيلي يعني
ايه؟ قولتلك لحمة شرايح رفيعة بنتبلها ونقليها في الزيت بالقسماط.. نزلتوا فيه نهش
هو والديك الرومي ودكرين البط واللحمة المحمرة، بقى العضم قدامكو اكوام اكوام
وانتو مش باينين من وراه. وخرجتوا من عندنا تحكوا وتتحاكوا للقريب والغريب وتقولوا
إلا نسايب اخويا صادق والعز اللي عايشين فيه والعزومة الأبهة اللي عملوهالنا
اه يا حبيبتي فاكرين،
اخص عليكِ يا سميحة وده يوم يتنسي! بأمارة ما كنتوا سالفين طقم الصيني من الجيران
عشان تتفشخروا بيه، وجم طلبوه واحنا قاعدين بناكل فيه، عشان جالهم ضيوف
ضيقت أم هشام عينها
وقالت:
لا يا حبيبتي وانتِ
الصادقة، داامي ما رضيتش تطلع الطقم الصيني المفتخر بتاعها لتنشوه عين، وقالت تجيب
طقم الجيران عشان أهل العريس غلابة وعلى قدهم ولو شافوا طقم الصيني بتاعنا هيفلقوه
بعينيهم
زفرت زهيرة وقالت لابن
اختها مؤمن:
شايف الولية الأبيحة
اللي جامعنا عشان نتصالح عليها!
صاحت بها أم هشام:
أنا أبيحة يا ولية يللي
اسمك زهيرة! نسيتي الهدوم اللي كنتِ بتستلفيها مني عشان تقابلي عريسك يا ام شراب
فردة وفردة!!
تدخل مؤمن:
يا مرات خالي ما يصحش
كدة
صاحت به أم هشام غاضبة:
هو كلامي انا اللي وقف
في زورك! مش سامع خالتك وأباحتها!!
ردت خالته عليها:
أخرسي قطع لسانك، ولية
عقربة ولسانك متبري منك
وردت الخالة الثالثة:
باين عليكي بقالك كتير
ما اتهزئتيش يا سميحة وجايالنا عشان نقوم معاكِ بالواجب، ما تخلنيش اقولك كلام مش
في مصلحة كرامتك
صاحت بهن أم هشام
جميعاً:
وانتو تعرفوا الكرامة
يا عدمات الكرامة! دانا من يوم ما اتجوزت اخوكوا وانتوا كنتوا واكلين شاربين
قايمين نايمين عندي زي التلات كٌبب
ردت والدة مؤمن تكيدها:
بيت اخويا يا حبيبتي
وعز اخويا ومال اخويا، وانتِ كنتِ دافعة جنيه من جيبك! قال بنت عز وأصول قال..
دانتوا جيبتوا لاخويا السرير من غير مرتبة، دانتو جبتوله صالون مخلّع ومليان سوس،
دا انتِ داخلة بجهازك ناقص وكنتِ كل شوية تشحتي مننا المخرطة وايد الهون. دا ابوكِ
رهن جلبيته عند المكوجي عشان يجيبلك بطانية
انتفضت أم هشام عن
مقعدها وصاحت بها:
أخرسي يا ام حر ونار يا
غلاوية
تدخل مؤمن ليحول
بينهما:
خلاص يا مرات خالي
اوعى يا واد خليني
اسمعها اللي يكيفها، عشان امك نسيت نفسها.. .. قال يا فرخة يا كيكية اللي فيكِ
هاتيه فيا.. أنا اللي اتجوزت من غير مرتبة يللي اتجوزتي بسرير من غير مولة! يللي
بدل التلاجة جابولك أولة!! دانتِ جبتي هدومك بالقسط
وماله، اغلطي اغلطي،
طول عمر غلطك زايد وفايض ومكره فيكِ خلق الله
وخلق الله دول يبقوا
مين غيرك انتِ وامك واخواتك اللي لاماهم ومقعداهم جنبك وناصبنلي محكمة.. نسيتوا
اللي عملتوه فيا انتو وامكو ولا المر اللي سقيتهوله في خدمتكو! دا امكو كانت
بتعاملني معاملة الخدم, شيلي يا بت، حطي يا بت، هاتي يا بت ودي يا بت، غير التوقيع
اللي كانت بتوقعه بيني وبين صادق وكل يوم والتاني بنتخانق بسببها، ولا سيرتي وسيرة
بيتي وولادي اللي كانت مخلياها لبانة في بق اللي يسوا واللي ما يسواش.
نظرت إلى ثلاثتهن
وأستطردت:
وانتو، الثلاتي المرح،
ياما بسبب غيرتكو وحقدكو عليا كنتو تألفوا كلام وتقولوه عني لصادق، كل ما تشوفوا
وشه تمسكوا ودنه وهاتك يا افترا وكدب، مراتك قالت، مراتك عادت، مراتك قفلت الباب
في وشي. وكان يصدقكو ويطلع بغله يتخانق معايا، يا ما قضيت الليالي اعيط واشكي
للحيطان من اذاكو لحد ما الحيطان شققت من بكاها عليا.. آآآخ..آآآخ من اللي شوفته
منكو آآآآخ في الكام سنة اللي سكنت فيها في بيتكو في عطفة مكاوي، قطعت أيامها
تنهدن ومصمصن شفاههن،
وقالت حسنية والدة مؤمن:
ماانتِ خدتِ حقك مننا تالت ومتلت، وياما قولتي
في حقنا اللي ما يتقالش، واخرها الكلام اللي قولتيه عن بنت زهيرة وكنتِ هتبوظي
الجوازة
ما هي باظت يختي، كانت
بايظة بايظة بيا ولا من غيري، هو انتو عيلة تتناسب ولا تتعاشر! حسبي الله ونعم
الوكيل فيكو
ردت أصغرهن زهيرة بعدما
مصمصت شفتها بامتعاض:
ولما يختي احنا وحشين
كدة، ومش فاكرانا حاجة عدلة تشهدلنا، مجمعانا عند حسنية انتِ ومؤمن وجايالنا ليه!
جاية اعمل بأصلي
واصالحكو
ردت عنيات أوسطهن:
واحنا يختي مش لازمنا
منك صلح، قلوبنا مليانة من ناحيتك ومش هتصفى مهما عملتي
هبت أم هشام واقفة
وصاحت بهن:
بقى كدة! أنا غلطانة
اني عملتلكو مقام وجاية لحد عندكو.. على رأي المثل اللي مألفاه من غلبي، تخطي
الخطوة لابن الأصول يقدر، وتخطي الخطوة لقليل الأصل يتكبر.. أنا ماشية
ردت عنيات:
بالسلامة يا حبيبتي
والقلب داعيلك
ناداها مؤمن واعترضها:
استني بس يا مرات خالي،
ما يصحش كدة
ويصح اللي عملوه امك
وخالاتك! بس اقول ايه! طبعهم ولا هيشتروه! طول عمرهم غلاويين وصُفر وخصوصاً امك
ههه طب معلش عشان
خاطري، أنا والله ما عايز اتدخل وسايبكو تتصافوا
ودي أشكال حد يتصافى
معاها! دول بيحدفوا طوب من بقهم، طالعين لستك الله يرحمها
طيب اقعدي بس يا مرات
خالي عشان هقول كلمتين
وماله، عشان خاطرك هقعد
يا مؤمن، وكفاية انك ما روحتش الشغل وجيت عشان تحضر اللمة المطينة دي
وجه حديثه للجميع:
يا جماعة الخير، اللي
عايز يتصالح مع حد، يفتكر الحاجات الكويسة اللي شافها منه، مش يتكلم عن المشاكل
والأخطاء اللي حصلت في حقه.. وأنا عن نفسي فاكر كل حاجة حلوة لمرات خالي، مش هنسى
العزومات الحلوة اللي كانت بتعملهالنا، والمقابلة الحلوة، والسهر في بيتها لحد
الصبح.. ولا ليالي رمضان والكنافة والقطايف اللي زي الشهد من ايديها، وفي الداخلة
والخارجة واحنا عندها تضحك في وشنا وتقول كل سنة وانتو طيبين
أشحن بوجوههن، فقالت أم
هشام:
ايوة، كانوا ياكلوا
ويملوا كروشهم ويطلعوا من بيتي يشتموا فيا
وبعدين يا مرات خالي!
احنا قولنا ايه!
خلاص يا مؤمن، حقك
عليا.. أنا كمان فاكرة لامك حاجات حلوة. لما كنت ابقى تعبانة كانت تيجي تقعد بهشام
وهو صغير، وكانت ساعات لما ربنا يهديها كانت تغسلي المواعين.. طول عمرك حنينة يا
حسنية
تبسمت والدة مؤمن
وقالت:
ما يجيش من بعد حنيتك
يا سميحة. تعيشي يا مرات اخويا
وعشان خاطرك يا حسنية
مسامحة امك واخواتك، رغم اني ما شوفتش منهم غير سواد.. يلا عفا الله عما سلف..
وانا عايزة اموت وانتو مسامحيني
شهقت الثلاثة شقيقات
وتعوذن من الشر:
ألف بعد الشر عليكِ يا
ام هشام
وقالت زهيرة الصغرى:
ان شالله اللي يكرهك هو
اللي يموت يا مرات اخويا
ردت أم هشام متأثرة:
حبيبة وغالية يا
زهيرة.. اوعي يختي يكون قلبك شايل مني. عارفاكِ شيالة وقلبك اسود وعمره ما صفي حتى
لرغيف عيش سخن
ابداً يا مرات اخويا.
أنا اشيل من الدنيا كلها إلا انتِ يا غالية يا مرات الغالي
تعيشي يا حبيبتي..
وانتِ يا عنيات، أوعي اكون زعلتك في حاجة وناسية
ولا زعل ولا حاجة يا
مرات اخويا، هو كان ايه اللي حصل بينا! دانتِ طول عمرك زي النسمة في وسطينا
الله يخليكِ يا عنيات
يا حبيبتي. طول عمر لسانك حلو وما تطلعش منك العيبة
أطرقت أم هشام وغمغمت:
سامحني يا رب ع الكدب
اللي بكدبه.. اعمل ايه! عايزاهم يسامحوني ومش عايز اغلط فيهم، رغم انهم يستحقوا
الحرق
عادت أم هشام تقول
بحسرة:
خطوبة هشام ابني على
ربة الصون والعفاف ووش السعد هناء بنت ام هناء جارتنا بكرة إن شاء الله
شهقن وضربنا على صدورهن
وقلن في صوت واحد:
هناء المنحوسة؟؟؟
هي يا حبايبي هي اهئ
اهئئئئ يا ميلة بختك يا سميحة
بدا الامتعاض على ملامح
مؤمن ولام أمه وخالتيه:
يا جماعة ما يصحش
تغلطوا في العروسة كدة وتقولوا عليها نحس
ردت أمه:
اسكت يا مؤمن اسكت انت
مش عارف حاجة.. معنى كدة يا سميحة انك هتموتي يوم الخطوبة! اهئ اهئئئئ يا حبيبتي
يا مرات اخويااااا
ولولت عنيات:
ما كانش يومك يا سميحة
اهئ اهئئئئ
شاركتهم زهيرة:
يا صغيرة يا سميحة اهئ
اهئئئ يللي ما اتهنتيش بالدنيا ولا شبعتِ من حلاوتها يختي اهئ اهئئئ
أخذت تنظر إليهن وكأنهن
يجلسن في عزائها حية، وقالت:
طب اصبروا ووفروا
الولولة ليوم الخطوبة، مستعجلين ليه! اهئ اهئئئئ عيني عليا وعلى بختي من دون
الأمهات! كل أم تستنى يوم فرح ابنها عشان تزغرت وتلم النقطة من المعازيم، وانا
مستنية خطوبة ابني عشان اسيب الدنيا للعرر يبرتعوا فيها براحتهم، اهئ اهئئئ حسبي
الله ونعم الوكيل فيك يا هشام انت وهناء وام هناك وابوك
لامتها والدة مؤمن:
يعني ايه يا سميحة! مش
قادرة تمنعي ابنك من الجوازة السودة اللي هتقضي على شبابك دي يختي!
اهئ اهئئ ماسك فيها
بإيده وسنانه يا حسنية يختي.. القصد بقى.. انا جيت لحد عندكو وعملت اللي عليا،
والحمد لله انكو سامحتوني.. أشوفكو يوم خطوبة هشام بكرة إن شاء الله عشان اودعكو
وأودع الدنيا بحالها اهئ اهئئئئ
أجهشن جميعاً بالبكاء،
بينما أخذ مؤمن يكاتم الضحك ويقلب كفيه عجباً من أمرهن
****************************************
في الفيلا الخاصة بأهل
طليقته، ذهب عمر في محاولة لرؤية ابنه طارق، قابله الوالد في البهو باحترام:
أهلاً وسهلاً يا أستاذ
عمر
أهلاً بيك يا أستاذ
فريد
تحب تشرب قهوة؟
متشكر، أنا جاي عشان
أشوف طارق، وأتعشم انه يكون موجود، كل مرة بتقولوا إنه خرج مع والدته
تقصد اننا بنكدب عليك؟
العفو يا أستاذ فريد..
ممكن أشوف ابني؟
تزلت طليقته بزي خليع
من أعلى الدرج وإلى جوارها والدتها بزي وتصفيفة شعرلا تتناسب مع عمرها، وأخذت
تطالعه من أعلى بازدراء.. صاحت به طليقته
بوقاحة:
أنا مش عارفة يعني
نعملك ايه عشان تخلي عندك كرامة وما تجيش هنا تاني
تربد وجه عمر، وصاح بها والدها
بسنت، ما يصحش كدة،
الراجل في بيتنا
كظم عمر غيظه وقال:
مش هرد عليكِ احتراماً
لوالدك، وأنا مش جاي عشانك يا مدام، أنا جاي أشوف ابني
زفرت وجلست على أحد
المقاعد، فجلست والدتها إلى جوارها وأجابت عنها:
وابنك مش عايز يشوفك يا
أستاذ عمر
رد باحتداد:
أكيد من الكلام اللي
بتسمموا بيه عقله عني
قالت والدة طليقته:
احنا مش محتاجين نسمم
عقله بأي شيء عنك. الولد واخد عنك فكرة بشعة انك أب متزمت ومش كيوت خالص
قهقه عمر وقال ساخراً:
وعشان ابقى كيوت
المفروض أعمل ايه بقى يا مدام رانيا؟؟
انت عمرك ما هتبقى كيوت
ولا هتتغير، وياريت عشان نفسية الولد وعشان يطلع سوي إنك تبعد عنه وتسيبنا نربيه
وقالت طليقته بنبرة
صلفة:
مامي عندها حق. أحنا لو
سيبنالك طارق هتبوظ تربيته
رد ساخراً:
أنا برضو اللي هبوظ تربيته يا مدام بسنت!!
رشقته بنظرة حادة
وقالت:
انت تقصد ايه!!
يا مدام بسنت أنا مش
عايز أدخل في قضايا ومحاكم، كل اللي طالبه إني أشوف ابني بأسلوب محترم، ما يأذيش
مشاعره، بعيد عن جو المحاكم وقانون الرؤية. فيها ايه لما أخد ابني عندي ولو يومين
في الأسبوع!!
قامت طليقته عن مقعدها
وقالت مشعلة فتيل غيظه:
شوف بقى يا عمر.. انت
لا هتشوف طارق هنا ولا في بيتك ولا عن طريق المحكمة.. طارق تنساه خالص لأنك عمرك
ما هتشوفه في حياتك.. ممم بس ممكن لما تموت ابعته عشان ياخد العزا فيك. وده يبقى
أكبر جميل ممكن أعمله فيك مم آه وكمان لازم ابعته عشان ياخد الميراث ههه ميرسي على
الزيارة اللطيفة دي.. باي باي عشان يادوب هطلع البس وأخد طارق ونخرج نتفسح.. وأوعى
تتخيل انك ممكن تستنانا برا عشان تلمحه من بعيد وهو خارج وتعيط بقى ودموعك تنزل
والجو العاطفي القديم ده هههه انت عارف ان عربيتي ازازها مش بيكشف اللي جواها، فأنصحك
ما تحاولش عشان برضو مش هتشوفه.. إلا بقى اذا جريت ورانا وطاردتنا بعربيتك زي
عصابات المافيا ههه تخيل هيبقى جو لطيف قوي
قال عمر باحتداد:
انتِ إنسانة بعيدة كل
البعد عن التحضر والإنسانية، مش ممكن تكوني إنسانة سوية ولا عندك ذرة ضمير، انا
هدفعك تمن اللي بتعمليه ده غالي يا مدام بسنت
ههه شرفتنا يا أستاذ
عمر
حدجها بنظرة مشتعلة من
نيران دواخله، واندفع صوب الباب غاضباً، خرج وصفع الباب بعنف، فقهقت هي ووالدتها،
وقال والدها غاضباً:
ماكانش يصح أبداً اللي
عملتيه مع طليقك ده يا بسنت. فيها ايه لو كنتِ خلتيه يشوف ابنه!
دادي بليز. دي حاجة
تخصني أنا
قالت زوجته باحتداد:
ماتتدخلش في اللي
مالاكش فيه يا فريد. الولد اللي اسمه عمر ده لازم يتأدب
زفر وقام عن مقعده يقول:
تفتكري برضو هو اللي
عايز يتأدب يا رانيا! أنا هلبس وخارج
أحسن قرار خدته يا فريد
قهقهت هي وابنتها
*********************************
دلف عمر إلى سيارته
وعلى وجهه أكام من الهموم.. وضع رأسه المثقل بالأفكار على عجلة القيادة لدقائق
معدودات.. ثم رفع رأسه متنهداً، وأمسك بهاتفه، وضغط رقم صديقه المقرب وليد، الذي
رد على الفور:
ايوة يا عمر
وليد عايز اشوفك دلوقتي
... مال صوتك
هحكيلك لما نتقابل
طيب تعلالي البيت
لا.. مش عايز أشوف
جدران..مخنوق.. عايز أقعد في مكان مفتوح
طيب تمام.. تعالالي عند
البيت وهاخدك مكان مريح جدا ونتكلم براحتنا
أوكيه. مسافة الطريق
واكون عندك إن شاء الله
*************************************
في ذات الموعد في
المساء، عادت نعمة إلى الحارة، بذات السيارة الفارهة، فما أن ترجلت عنها، ببعض
أكياس في يدها، حتى بدت بسمة ساخرة على وجه الاسطى حودة، وهو يرقبها وهي تدخل إلى
بيتها، وغادرت السيارة الحارة. أمسك بهاتفه ليجمع لها الجمع، لتسكب عليها اللعنات
فتحت لها أختها واجمة،
فابتئست وسألتها:
مالك يا ندى؟
حمدالله ع السلامة يا
أبلة
طب خدي الاكياس دي،
جبتلكو معايا فواكه وحلويات وأكل من عند صاحبة الشركة، وحاجات حلوة قوي
.... شكراً يا أبلة
نظرت نعمة إلى أختها،
والدهشة تجتاح عينيها، مدت بصرها إلى الداخل، فرمقت والدتها تبكي، وشقيقها عاطف
يربت على كتفها متأثراً بدموعها، فهرعت إلى والدتها تسألها:
مالك يا ماما، بتعيطي
ليه يا حبيبتي؟
ردت والدتها محتدة بنشيج:
الشغل ده تسيبيه ومافيش
خروج من البيت تاني؟
صعقت نعمة، حتى كادت لا
تصدق ما وقع على مسامعها، فسألت ندى ذاهلة؟
هو ايه اللي حصل يا
ندى؟
نظرت ندى إلى أخيها
الصغير وقالت:
ادخل جوا يا عاطف من
فضلك، وسيبنا لوحدنا شوية
حاضر
تركهن الطفل، فقالت
ندى:
بصراحة يا أبلة نعمة،
الراجل اللي اسمه الأسطى حودة ده، سمعنا كلام وحش قوي في حقك واحنا رجعين الضهر
أنا وماما بعد ما اشترينا شوية طلبات، و.... و بيتهمك في شرفك بسبب الفلوس الكتير
اللي بتقبضيها، والعربية اللي بتوصلك
نشبت نيران الغضب في
قلب نعمة، وهرعت إلى باب المنزل، فتحته وجرت إلى الدرج، تتبعها نداءات أختها:
أبلة نعمة، رايحة فين
يا أبلة
نزلت إلى الحارة، وحدجت
الاسطى حودة بنظرة مستعرة بغليلها، قبل أن تنعطف مسرعة إلى إحدى العطفات.. بينما
هو يرقبها بعينين متقدتين ويتمتم:
رايحة فين البت دي!! ده
الرجالة زمانهم جايين.. أما نشوف أخرتها معاكِ يا ست خضرة الشريفة
***********************************
أمام ورشة عم صادق
النجار والذي كان منهمكاً في عمله، توقفت نعمة، ألقت السلام بصوت مختنق،
السلام عليكم يا عم
صادق
ترك ما بيده واستدار
لصاحبة الصوت، فتفاجأ أنها نعمة، فرد السلام بوجه طلق:
عليكم السلام ورحمة
الله وبركاته. يا أهلاً يا ست البنات
انهمرت دموعها، فهاله
ما رأى، وقام إليها:
في ايه يا بنتي؟؟
هقولك يا عم صادق، عشان
توقف اللي اسمه الاسطى حودة ده عند حده، حسبي الله ونعم الوكيل فيه
حودة!!.... ايه اللي
حصل يا بنتي؟
قصت عليه كل ما حدث مذ
ذهبت إلى المدرسة التابعة للأستاذ عمر، حتى العمل الذي أتاها به في قصر عمته
المسنة.. لم تواري شيء من الحقيقة كما وارت عن والدتها، وقصت عليه ما حدث من
الأسطى حودة وطعنها في عفتها... ثم أردفت بسؤال ناشجة:
يبقى أنا غلطت في ايه
بس يا عم صادق عشان البني أدم ده يظن فيا ظن السوء ويتكلم في عرضي!
تنهد عم صادق وقال:
يا بنتي انتِ ما غلطتيش
كونك سعيتِ لوظيفة تعيشي منها انتِ وامك واخواتك، لكن ما تآخذنيش يا نعمة يا بنتي،
الناس لها الظاهر، والبنت سمعة، وأهل الحارة لسانهم أحد من السيف.. ما كانش له
لزوم العربية اللي بتيجي تاخدك دي، واللي فتحت عليكِ العيون
ردت بأسى:
يعني الاسطى حودة له
الحق انه يتطاول علية ويشوه سمعتي في الحارة يا عم صادق؟
لا طبعاً، مالوش حق، هو
كمان غلطان، عشان قبل ما يتهم الناس، لازم يكون على بينة
والله يا عم صادق، أنا
صادقة في كل كلمة قولتها، أنا فعلاً بشتغل عند عمة الأستاذ عمر، ست كبيرة وطيبة
وبتعاملني زي بنتها. أنا مش بشتغل خدامة والله. أنا عشان كدة خوفت اقول لماما عشان
ما تفهمش غلط وتزعل عشاني.. عايزة أحسسها إن تعبها في تعليمي ما راحش هدر، وإني
بشتغل شغلانة كويسة، وهي فعلا والله شغلانة كويسة.. أنا يعني بمثابة مرافقة لعمة
الأستاذ عمر، نتناقش في كتب وهي تقولي خبراتها في الحياة.. أنا عارفة انها شغلانة
غريبة ومالهاش تصنيف محدد، لكن هي دي الشغلانة والله، وباخد منها فلوس كويسة، اعمل
ايه! اسيب الشغل وارجع للبهدلة تاني!
انخرطت في بكاء مرير
فقال مشفقاً عليها:
وحدي الله يا بنتي
لا إله إلا الله
أطرق قليلاً ثم قال:
اطلبيلي الجدع اللي
اسمه الأستاذ عمر ده
قالت ذاهلة:
انت مش مصدقني يا عم
صادق؟
لا يا بنتي لا سمح
الله.. أنا بس ليطمئن قلبي.. وكمان عشان أتكلم مع الاسطى حودة واعرفه غلطه وأنا
على بينة
هزت رأسها وقالت:
حاضر يا عم صادق
دقت على هاتف عمر، الذي
كان يقود سيارته متجهاً إلى صديقه ودماءه تفور غضباً، أبصر اسمها على الهاتف، فزفر
وألقى الهاتف على المقعد المجاور، انتظرت نعمة حتى انتهت الرنات، فطقطقت شفتيها
بضيق، ودقت الرقم مرة أخرى: فلمح عمر اسمها مرة أخرى فاستشاط غضباً وزفر بشدة،
وأمسك بالهاتف ورد ثائراً:
في ايه يا انسة نعمة!
أظن مش من الذوق انك تتصلي مرتين ورا بعض، مردتش عليكِ أول مرة يبقى لازم تعرفي إن
الوقت مش مناسب لاتصالك
ساءها ما سمعت، فقالت
بصوت مرتعش، وعينيها تغبشهما العبرات:
أنا أسفة يا أستاذ عمر.
لكن أنا عندي مشكلة كبيرة مع أهل الحارة بسبب الشغل والعربية اللي بتبعتها تاخدني،
أنا في مشكلة كبيرة والله
ييي يا ستي مش عاجبك
الشغل سيبيه، ماحدش جبرك
...... حاضر يا أستاذ
عمر، .. هسيبه.. بس أرجوك هديك واحد من جيراننا بعتبره أبويا التاني، تفهمه اني
كنت بشتغل عندكو، وان مصدر فلوسي حلال، عشان يرد على أهل الحارة
قال على مضض:
ادهولي
أخذ عم صادق الهاتف
وحياه:
السلام عليكم يا ابني
وعليكم السلام، أفندم:
معلش يا ابني ازعجناك..
أنا مصدق نعمة انها كانت بشتغل عند الست عمتك، وانكو ناس طيبين ومحترمين. بس يعني
أهل الحارة لما شافوا المال كتر في ايديها حبوا يطمنوا...
قاطعه عمر باحتداد:
يطمنوا على ايه! ايه
المجتمعات المريضة دي! هو المفروض لما الإنسان يطور من نفسه ويشتغل في مكان يجيبله
مبلغ شهري محترم، إنه يقدم تقرير عن حياته لأهل الحارة المتخلفة بتاعتكو دي عشان
ياخد صكوك الغفران!!
يا ابني بالراحة يا
ابني.. أنا في سن والدك، وعندي اللي زيك.. احنا حارة شعبية يا أستاذ عمر، وعندنا
تصرفات البنت محسوبة وخطوتها متقاسة.. أنا واثق في نعمة لإني عارف مرتبية ازاي
وابوها الله يرحمه كان محافظ عليها ازاي.. أنا بس كنت عايز اكلمك عشان أرد على أهل
الحارة اللي جابوا في سيرة نعمة بالباطل.. كتر خيرك يا ابني ومتشكرين على وقتك..
سلام
أغلق عمر الهاتف دونما
كلمة، وألقى به على المقعد المجاور غير مكترث بالأمر.. فقالت نعمة وأحزانها تربض
في عينيها:
واضح إن الأستاذ عمر،
كلمك بأسلوب مش كويس يا عم صادق
ولا يهمك يا بنتي..
روحي انتِ دلوقتي وانا هحصلك عشان اشوف صرفة مع حودة
قالت ناشجة:
قوله ارتاح، اديني سيبت
الشغل بسببك
مضت تمسح عبراتها
بيديها، تتعثر في خطواتها.. فقد أحلكت الدنيا من حولها، وأغلقت الأبواب المشرعة،
فهي لم تفقد وظيفتها فحسب، بل ليكت سمعتها بألسنة حداد.. فقدت تلك الثبات الكامن
في قلبها والذي كان ينبعث عبر أشعاع عينها.. انطفأ كل شيء، لم يبق حتى بصيص من
أمل... اقتربت خطواتها من المنزل، يرشقها الاسطى حودة ومن أتى من الرجال بنظرات
حادة كجمرات مصطلية، وكأنها الرجم أقاموه حداً.. تظاهرت ببعض التماسك، ودخلت إلى
المنزل بخطوات أسرعتها...
أيا أيها الجمع التعس
رفقاً، لم تخطئ العذراء ولم يمس ثوبها، ولكنكم أنتم من هتكتم عرضها على فُرُش
الظنون
**************************************
دخلت على أمها الباكية،
وأختها التي تجلس إلى جوارها واجمة، وقالت ذارفة العبرات:
خلاص يا ماما، أنا سبت
الشغل.. الأستاذ عمر استغنى عن خدماتي، عشان الكل يرتاح
صرخت والدتها بنشيج:
وسمعتنا اللي بقت في
الأرض!!
..... أنا روحت لعم
صادق وحكيتله على كل حاجة، وهو هيوقف اللي اسمه حودة عند حده
أشاحت برأسها وقالت:
وعم صادق هيحوش عننا
لسنتهم ازاي! خلاص. سيرتنا بقت على كل لسان، عشان حتة شغلانة جالنا من وراها قرشين
يسترونا.. ما هي الكحكة في ايد اليتيم عجبة
أنخرطت والدتها في
البكاء وهي تردد:
حسبنا الله ونعم الوكيل
فيك يا حودة، حسبي الله ونعم الوكيل
أطالت نعمة نظرة صامتة
إلى والدتها، واتجهت إلى غرفتها تجتر أحزانها
***************************************
تجمع الرجال لدى حودة
في ورشته، وقام يتقدمهم إلى منزل نعمة، والشرر يتطاير من عينيه.. فأتاه صوت عم
صادق
على فين يا حودة انت
والرجالة؟؟
استدار حودة وقال:
تعالى احضرنا يا عم
صادق في المصايب اللي نازلة ترف على دماغ الحارة، والبت اللي....
قاطعه عم صادق، صائحاً
باحتداد::
اتقي الله في أعراض
الولايا يا حودة
يا عم صادق، اسمع مني،
أنت مش عارف البت اللي اسمها نعمة عملت ايه
ما اسمهاش بت، اسمها
نعمة بنت الأستاذ رزق الله يرحمه، الراجل اللي ربى عياله بالحلال وصانهم، ومات
وسابهم لكل كلب خسيس يتكلم في عرضهم بالباطل
اتقدت عيناه غلاً وقال:
مقبولة منك يا عم
صادق.. مش هغلط فيك عشان انت راجل قد ابويا
لا راجل وبتفهم في
الأصول قوي
رد حودة مهتاجاً:
يا عم صادق وربنا لو
عرفت اللي بيحصل منها، لكان عقلك يشت وتفضحها في وسط الحارة
وقال زيزو الحلاق:
بصراحة يا عم صادق،
الاسطى حودة عنده حق. من امتى بناتنا ولا حريمنا بيجيلهم عربيات مخصوص تاخدهم من
تحت البيوت! لا ويرجعوا بفلوس وشنط مالها اول من آخر.. يبقى الكلام صح والبت بقى
خابت وجابت العار لأهلها ولأهل الحارة كلهم
بس ياض يا خايب منك
له.. ده الزنا، ربنا طلب عليه بدل الشاهد اربعة. وانتوا مافيش حد فيكو شاف ولا نضر
بعينه. يبقى بتجيبوا الكلام ده منين وازاي تتجرأوا ع الأعراض!! وعلى العموم أنا
هطلع معاكو ونجيب الجمل قصاد الجمال عشان كل واحد يحط لسانه في بقه، وتسيبوا
البنية في حالها
أزاحهم عم صادق، وسبقهم
إلى منزل نعمة، وهم يتبعونه... صعدوا الدرج، فوجدوا الباب مشرعاً، سمعت أم نعمة
همهمة الرجال على الدرج، فأسرعت تتلفع بشالها ،فتنحنح عم صادق قبل أن يكشف عورة
المنزل ، ونادى:
أم نعمة
هرعت إلى الباب متسترة:
أهلاً يا عم صادق..
اتفضل
متشكرين يا ام نعمة
دخل الرجال واحداً تلو
الآخر وجلسوا
رشقت أم نعمة حودة
بنظرة مستعرة وقالت لعم صادق:
لولاك يا عم صادق، ما
كنت خليت الجدع ده يخطيلنا عتبة، بعد اللي قاله على بنتي
رد حودة بوقاحة:
وانا بقى لولا عم صادق،
كان هيبقى لي معاكوا كلام تاني، انتِ والمحروسة بنتك
صاحت به غاضبة:
كلام تاني يعني ايه يا
اسطى حودة! هتدبحنا بسكينة أحمى من اللي دبحتنا بيها! ولا هتلطخ سمعتنا بعار أكتر
من اللي رمتنا بيه! حسبي الله ونعم الوكيل فيك
أنا ليا الظاهر يا
خالتي ام نعمة.. وانا بقى جاي أنا والرجالة عشان نعرف العربية اللي بتاخد بنتك كل
يوم الصبح دي بتاعة مين وبتوديها على فين وترجعها في العتمة بفلوس قد كدة
صاح به عم صادق:
السؤال اللي بتسأله،
فيه جواب نجس، ما حصلش منه كلمة واحدة. نعمة بتشتغل في شركة بتاعة ناس اغنيا، ناس
طيبين وولاد حلال، رأفوا بحال البنية لما عرفوا ان اخواتها يتامى، وبيساعدوها بزيادة
عشان ظروفها، والعربية بيبعتوها عشان ما تتبهدلش في المواصلات.. ايه الإجرام في
كدة!
وايه الدليل على الكلام
ده يا عم صادق!
الدليل ان أنا كلمت
اصحاب الشركة بنفسي واتأكدت من كل حاجة. رغم إني مش محتاج اتأكد لأن البت متربية
على ايدينا وعارفين أخلاقها وعزة نفسها. ولا أنا بعد الشيبة دي هيجي حتة واد مالوش
لازمة زيك يكدبني!!
نكس حودة رأسه وقال:
العفو يا عم صادق.. أنا
بس بقول إن ممكن تكون نعمة عيطتلك وانت قلبك حن.. ما اهو انت أصلك راجل طيب وما
تعرفش عمايل البنات
خرجت نعمة عليهم وقالت
بثبات، رغم بعثرة دواخلها:
اطمن يا اسطى حودة انت
ورجالة الحارة اللي انت جامعهم عشان يعلقولي المشنقة، رجالة الحارة اللي عمر ما حد
فيهم خد باله من جوعنا وفقرنا واحنا يتامى، لكن لما لقوا في ايدينا رغيف، جايين
يجروا يسألونا جبتوه منين
نكس الجميع رؤوسهم،
ولاذوا بالصمت فأردفت:
لولا عم صادق وخالتي ام
نهى اللي بنستلف منهم كل يوم والتاني وعمرهم ما طالبونا بللي ليهم. كان زماننا
موتنا من الجوع واطردنا من الشقة اللي أويانا
رد عم صادق:
دايماً كنتِ بتسدي
الدين يا نعمة، وعمرك ما قبلتِ تاخديه، رغم إن ده حقك علينا يا بنتي
تعيش يا عم صادق. كفاية
وقفتك جنبنا، كفاية اني لما بحتاج أب يسندني ويحميني بلاقيك.. ربنا ما يحرمناش منك
وجهت حديثها إلى أهل
الحارة وقالت وعبراتها تهطل كسيل جارف:
العربية اللي
مزعلاكو... خلاص مش هتيجي الحارة تاني... خلاص سيبت الشغل عشان ترتاحوا، وهرجع ألف
تاني على شغل واتبهدل واخواتي مايلاقوش العيش الحاف، عشان تبقوا مبسوطين ومطمنين
على عرض بنات الحارة، اللي عمركوا أصلاً ما حمتوه.. مش هقول غير حسبي الله ونعم
الوكيل في كل اللي ظلمني وافترا على عرضي، وأنا ربي يشهد إن عمري ما عملت الحرام
أتى صوت رجل وقور عند
الباب يحيهم
السلام عليكم
نظر الجميع تجاه الصوت،
فشهقت نعمة واتسعت حدقتاها.. إنه الأستاذ عمر في بذلة أنيقة، يحمل باقة من الزهر،
وعلبة من الشيكولاتة الفاخرة، وينظر إليها باسماً، فألجمها الذهول وتجمدت في
موضعها، فاتجهت والدتها إليه تسأله؟
مين حضرتك؟
أنا يا هانم، عمرعز
الدين، رجل أعمال، وصاحب الشغل بتاع الأنسة نعمة.. ويشرفني أطلب ايدها من حضرتك
شهقت والدتها، وفغرت
نعمة فاها ذاهلة، ونهش الغيظ قلب الأسطى حودة، فسألها عمر:
يا ترى ايه رأيك يا
أنسة نعمة؟
أصابها الدوار وكادت
تسقط، لولا سندتها والدتها وهي تفغر فاها، فقام إليه عم صادق وقال باسماً:
يا أهلاً وسهلاً يا
ابني.. أنا اللي كلمتك في التليفون
تبسم وقال:
أهلاً بحضرتك.. وياريت
تقبل اعتذراي، لأن والله بمر بظروف خاصة موتراني شوية، وعشان كدة اتكلمت بأسلوب
غير لائق.. بعتذر مرة تانية
لا يا ابني ما حصلش
حاجة.. اتفضل اقعد، مافيش حد غريب.. كلهم رجالة الحارة ويعتبروا أهل نعمة اللي
يفرحوا لفرحها
قدم الزهر إلى نعمة
وقال بنبرة وكأنه الزهر ينطق:
اتفضلي الورد.. ياريت
يعجبك
أخذت باقة الزهر ذاهلة،
لا تصدق ما يحدث وكأنها في حلم، فأعطى علبة الشيكولاتة الفاخرة إلى والدتها وقال:
اتفضلي الشيكولاتة يا
هانم
أخذتها وقالت متسعة
الحدقات:
هانم! الله يجبر بخاطرك
يا ابني
جلس عمر وقال لأهل
الحارة جميعهم:
بما إنكم أهل الحارة
ويهمكوا أمر نعمة. فأنا جاي أطلبها منكم عشان تكون شريكة حياتي.. ومش هلاقي أبداً
أفضل منها.. لأن من خلال فترة العمل القصيرة دي، أكتشفت قد ايه هي إنسانة على دين
وخلق.. ودي أهم حاجة محتاجها في شريكة حياتي.. أنا جاي دلوقتي لوحدي.. لكن يوم
الجمعة إن شاء الله زي دلوقتي، هاجي أنا ووالدتي.. لأن والدي متوفي، وأعمامي
مسافرين الخارج.. يشرفني إني أناسب أهل حارة الموعودين
رد عم صادق:
الشرف لينا احنا يا
ابني.. نعمة دي ونعم الاختيار. أدب وأخلاق وتربية، وأبوها الله يرحمه كان راجل
فاضل
عارف يا عم صادق..
وعشان كدة جيت أنول شرف خطبتها
وجه نظرة إلى نعمة وقال
باسماً:
ايه رأيك يا أنسة نعمة؟
تجمدت الحروف على
شفتيها، وسددت إليه نظرة حائرة, ولسان حالها يقول( من أي مملكة جنون أتيت يا أمير
الجنون!)
فقال مازحاً:
طالما سكتِ تبقى
موافقة.. السكوت علامة الرضا
تعارك الذهول والابتسام
على صفحة وجهها، فقال:
بكرة عربية الشغل هتيجي
تاخدك في المعاد
أومأت برأسها دونما
كلمة، فقام عن مقعده يقول للجميع:
طيب استأذن أنا يا
جماعة، عشان عندي معاد مهم. ومعادنا الجمعة الجاية إن شاء الله..السلام عليكم
رد الجميع عدا حودة:
عليكم السلام ورحمة
الله وبركاته
نظر الجمع إلى حودة
باستياء وقال الاسطى زيزو:
عاجبك كدة! خليتنا نغلط
في بنت الأصول اللي طول عمرها بينضرب بيها المثل في الأدب والأخلاق! هي لو كانت
لامؤاخذة في حاجة تعيبها، كان جه بيه من البهوات الكبار يخطبها ويديها اسمه!! صحيح
اللي يمشي وراك يبقى من أهل المعايب يا حودة
أردف الاسطى زيزو
معتذراً لنعمة وأمها:
ما تأخذنيش يا أنسة
نعمة، حقك عليا، وحقك عليا يا أم نعمة
ردت أم نعمة وهي تحدج
حودة بنظرة شامتة:
لا حق ولا مستحق يا
اسطى زيزو.. ما انت والرجالة معذورين واتبخ في ودانكو سم .. نعوذ بالله من الشيطان
الرجيم. أكفينا شر كل ظالم يارب
هب حودة عن مقعده
غاضباً وترك المنزل وداخله يستعر غيظاً... فلم يأبه به أحد.. فدعاهم عم صادق لحفل
خطبة ولده هشام على هناء جارته: بكرة يا جماعة كلكو معزومين على خطوبة هشام ابني
على هناء بنت المرحوم علي أبو الفتوح
رد واحدا تلو الآخر
ألف مبروك يا عم صادق
ربنا يتمم بخير يا عم
صادق
داحنا نيجي ونرص
الكراسي ونفرق الشربات كمان
وقالت نعمة فرحة:
الف مبروك يا عم صادق
الله يبارك فيكِ يا
نعمة. لازم تجيبي والدتك واخواتك وتيجوا
طبعاً يا عم صادق، هناء
دي حبيبتي وجمايلها عليا ما انسهاش، ولازم أكون معاها. هي اتصلت بيا وانا في الشغل
عزمتني والله
عقبال ليلة خطوبتك على
الأستاذ عمر
شعرت بالدوار مرة أخرى،
و وهزت رأسها وكأنها تنفض تلك الفكرة العبثية عن رأسها... فكيف لعقلها أن يصدق أن
يتزوجها على فقرها وأصلها البسيط.. هذا الرجل الذي ينتمي إلى عالم الثراء والمال،
والحياة الزاخرة بالغرائب كالأساطير وفقاً لتكوينها!!
***********************************
عاد عمر إلى المنزل
ونادى والدته، وقص عليها ما حدث، فهاج هائجها:
انت اتجننت يا عمر!
أكيد اتجننت. ازاي تتجرأ وتخطب بنت زي دي!
يا ماما من فضلك، أنا
اضطريت أعمل كدة عشان البنت اتحطت تحت ضغط رهيب من أهل الحارة!
ردت بازدراء
أهل الحارة! يا أخي اتكسف. ايه اللي بتقوله ده! ومالنا احنا ومال الأوساط المتدنية
دي!
...... ماما ايه لهجة
التعالي دي! حضرتك دايما بتتواضعي مع الفقراء
أتواضع معاهم بابتسامة،
إني أديهم صدقة، أديهم أكل. مش أديهم إبني ربيب أرقى الطبقات
تنهد عمر وقال:
طيب يا ماما ممكن
نتفاهم
مافيش تفاهم. دانت
بخيالك المريض متهيألك إني ممكن أقبل أروح معاك للحارة دي ونخطب بنت من هناك. عشان
وقتها تبقى فضيحتنا عند كل الوسط الراقي
يا ماما طيب خلاص..
احنا هنعتبرها مجرد خطوبة بس عشان البنت تقدر تروح شغلها عند طنط سهاد بأريحية
يا اخي عنها ما راحت،
احنا مالنا ومالها! وبعدين الخدامين ما خلصوش، شوف غيرها
استشاط عمر غضباً:
ماما من فضلك دي مش
خدامة. دي رفيقة مثقفة لطنط سهاد
رفيقة مثقفة! وايه
ثقافتها دي واستمدتها منين!! يا أخي دي أبلة سهاد نفسها عمرها ما هتوافق على كلام
التخريف اللي انت بتقوله ده
أردف بلهجة تحذيرية:
اسمع يا عمر. الموضوع
ده تنساه تماماً، وإلا أنا مش هسكت
يا ماما من فضلك ما
ينفعش. أنا اديت كلمة للناس
رفعت رأسها وقالت
بازدراء:
ناس مين دول!!
يا ماما ناس زينا. بني
أدمين وعندهم مشاعر وأحاسيس. ما هي عندك بسنت اهيه، فلوس وحسب ونسب، لكن مافيش
أخلاق ولا تربية. انسانة لزجة مالهاش معنى.. صدقيني لو كان بإيدي الأمر. كنت أخلي
نعمة هي الملكة المتوجة، وأرمي تحت رجليها المال اللي انتو فاكرينه بيعلي قيمة
الإنسان. وأخلي بسنت دي بكل انحطاطها تعيش في الفقر والذل، عشان هو أنسب لها
ماشاء الله! وكمان
بتعترض على حكمة ربنا في ملكه، وعايز انت بقى اللي ترفع وتخفض!
استغفر الله العظيم..
لا طبعا يا ماما والله ما أقصد..أنا كل قصدي إن ممكن واحدة من عيلة ثرية وأصول
عريقة تكون أقل في قيمتها الإنسانية عن واحدة فقيرة لكن تتقي الله وواهبة نفسها
عشان تسعد غيرها
سيبك من كلام الروايات
الخايب اللي بتتكلم فيه مع عمتك سهاد، لأن ده مش هيغير من الأمر شيء.. لو عايز
تتجوز، فبنات العائلات كتير. أنا مستعدة من النهاردة أبحثلك عن عيلة مناسبة تشرفنا
ونفتخر بيها
وانا مش هتجوز العيلة..
أنا عايز إنسانة أحس بيها وتحس بيا، وننفصل عن العالم المادي المقرف ده
مش بقولك كلام الروايات
أثر على تفكيرك! هاتلي واحد في المية منطق في الكلام اللي انت بتقوله ده
تنهد بعمق وقال:
المنطق الوحيد .. هو
الحب
اتسعت حدقتا والدته
وصرخت في وجهه:
ايه! حب يعني ايه! يعني
انت حبيت الكائنة اللي مالهاش مسمى دي!
من فضلك يا ماما
احترميها.. اسمها نعمة
ماشاء الله.. نعمة!! قد
ايه اسم راقي وشاعري ويشرف وسط الطبقات الراقية
يا ماما من فضلك، بلاش
تسطيح الأمور
وانت بلاش جنان يا
عمر.. الموضوع ده انتهى، وما تتكلمش فيه تاني. البنت دي مش من مقامك
يا ماما انتِ ازاي
محجبة وبتصلي وتطلعي عمرة وحج كل سنة والتانية، وفي الآخر بتتكلمي بالشكل ده!
والله! وهو لما اقولك
إن البنت دي ما تناسبناش، يبقى كلامي ده فيه كفر والعياذ بالله!
أعوذ بالله يا ماما،
أنا ما اقصدش.. أقصد إن قلبك يكون رحيم بيها أكتر من كدة
أنا قلبي والحمدلله
رحيم بالفقراء. ومش لازم أقولك بعمل عشانهم ايه. لإن دي حاجة بيني وبين ربنا.. لكن
إبني يتجوز منهم لا. مستحيل أقبل. سامع يا عمر!
رد بحسم:
وأنا مش صغير يا ماما..
ومصمم على جوازي من نعمة
..... بقى كدة يا عمر!
يعني بتتحداني! بتتحدى أمك يا عمر!
العفو يا ماما.. بس دي
حياتي.. وأنا فعلاً قلبي اتعلق بنعمة
...... طيب يا عمر...
طيب... أنا بقى سايبالك الفيلا وماشية، هروح اقعد في فندق على ما اخلص اجراءات
السفر للندن عند اختك نيرة. وابقى ابعت هات أهل الحارة يعيشوا معاك يا اسطى عمر
نادت على إحدى الخادمات
ثائرة:
فاطمة، انتِ يا فاطمة
أفندم يا مريهان هانم
حضريلي شنطتي بسرعة
تحت أمر حضرتك
يا ماما من فضلك اهدي
مش ههدى، واوعى من
قدامي يا ولد.. ويكون في علمك هتصل باعمامك ينزلوا مصر يوقفوك عن جنانك
شعر بالضيق، فتنحى
غاضباً، فأسرعت إلى الدور العلوي تتمتم ثائرة
غادرت والدته القصر،
فلم يثنيه ذلك عن قراره.. فقد حسم الأمر بزواجه من نعمة وإن وقف العالم في وجهه..
ولكن.. هل ستطيب له الأمور وتذلل الصعاب ليتم ما انتوى عليه!
****************************
هذا الصباح المشرق ذا
النسمات العليلة، هو صباح الخميس، والذي ستتم فيه خطبة هشام المرتقبة على هناء
التي يتهمها الجميع أنها وجه الشؤوم على الحارة وأهلها، وبالأخص على الحموات
الفاتنات اللواتي تقصف أعمارهن بمجرد خطبة أولادهن عليها.. فاليوم يومك يا أم
هشام، فودعي دنياكِ واقبلي على آخرتك بصدر رحب.. ولكن هل انتهيتِ يا عزيزتي من رد
الحقوق والمظالم حتى تتخففين من أحمالك الثقال!!... قامت أم هشام عن فراشها
بتثاقل، فهي لم تنم في ليلتها، وكيف لها أن تنام وقلبها يرتجف خوفاً في صدرها،
وعقلها يذهب بها إلى أغوار الماضي، ليدلها على خطاياها في حق البشر، وروحها تقرض
بالمقاريض... ألقت نظرة على زوجها النائم.. تنهدت، ثم اتجهت إلى خزانة الملابس..
مدت يدها إلى داخلها تتحسس شيئاً، أخرجت خاتماً ذهبياً كبيراً.. أشعلت المصباح
واتجهت إلى الفراش، وطفقت توقظ زوجها بنبرة مثقلة بالهموم:
صادق.. اصحى يا صادق
استيقظ يتثاءب ويتمدد
في فراشه، وحياها:
صباح الخير يا سميحة
يسعد صباحك يا صادق...
أخر يوم هصحيك فيه
أعوذ بالله منك ومن
فالك يا شيخة! يا ولية الواحد يقول كلام حلو ع الصبح!!
الكلام الحلو تبقى
تقولهولك بهية. أنا خلصت كل الكلام الحلو اللي عندي
ههه الله يهديكِ يا
سميحة.. روحي حضريلنا الفطار عشان الحق الورشة
انت هتروح الورشة يوم
خطوبة ابنك يا صادق!!
اذا كان ابني العريس
بذات نفسه، راح شغله في المستشفى
ما قالكش هيجي امتى
بسلامته؟
قال هيجي بدري ويعدي
عاالحلواني، يجيب الجاتوه والحلويات والذي منه، لزوم الخطوبة
ممم الف هنا وشفا على
قلبكو. ادفنوني وكلي جاتوه وحلويات وهيصوا يا صادق، وابقى ارقص عشرة بلدي انت
وابنك
يا ولية خلي لسانك حلو،
إن شاء الله هتاكلي وتفرحي معانا وترقصي كمان ههه
لوت شفتها وتنهدت، ثم
مدت يدها له بالخاتم وقالت:
خد يا صادق
نظر إلى الخاتم بدهشة
وقال:
ايه ده يا سميحة؟
مش فاكر الخاتم ده يا
صادق؟؟
لا مش فاكره
طيب بص فيه كويس كدة
يمكن تفتكر
يا ست مش فاكره، بتاع
مين الخاتم ده؟
أطرقت تغمغم:
يا فضيحتك يا سميحة
ابتلعت ريقها ثم قالت
بعينين زائغتين:
ده الخاتم اللي انت
اشتريته لامك، عشان تهاديها بيه، وانا قولتلك ضاع
اتسعت حدقتاه، وانتفض
عن الفراش وصاح بها:
يعني قولتيلي ضاع وانتِ
سرقاه يا حرامية يا ام ايد طويلة!!
ما تغلطش يا صادق عشان
كدة عيب، انت مهما كان راجل متربي
قصدك راجل مغفل، عشان
أنا صدقتك لما قولتي ضاع، وعمري ما كان يخطر على بالي انك سارقاه يا سميحة
برضو بتقول سرقاه! الله
يسامحك يا صادق، على رأي المثل، خير تعمل شر تلقى
اللي بيعمل خير بيلقى
خير يا سميحة، وانتِ عملك ده عمل اسود من عمايلك السودة
بقى كدة يا صادق! دانا
كانت نيتي خير
نيتك خير في ايه ان شاء
الله! يا شيخة حرام عليكِ، دانا قعدت سنة أحوش في تمنه عشان افرح امي بيه، لما
قالتلي نفسي في خاتم دهب يا صادق، ويوم ما كملت تمنه جريت ع الصايغ جيبته، وقولتلك
خليه معاكِ عشان اوديه لامي يوم الجمعة، جيتي يوم الخميس بالليل قولتيلي الخاتم
ضاع، قولتلك دوري عليه كويس، قولتي قلبت عليه الدنيا ومش لاقياه، والظاهر حد من
عيال اخواتك الصغيرين دخل وسرقه.. اتاريكِ انتِ اللي سرقاه يا سميحة.. يعني شوفي
كام ذنب ارتكبتيه في حكاية الخاتم ده بس.. اولاً كدبتِ، ثانياً اتهمتِ ولاد اخواتي
بالباطل، وانا ما رضيتش اواجهم عشان ما عنديش بينة، وعشان خوفت النفوس تشيل وصلة
الرحم تتقطع. ثالثاً سرقتي، رابعاً منعتيني عن بر امي الله يرحمها بالخاتم اللي
نفسها فيه قبل ما تموت
غمغمت أم هشام:
الله لا يرحمها
البعيدة، ياما ورتني أيام أسود من قرن الخروب.. دي يجوز عليها الرحمة دي!!
عادت تقول لزوجها:
يا صادق أنا عملت كدة
عشان مصلحتك ومصلحة ولادي، وهي امك تطلب منك خاتم دهب ليه! مش شايفاك عندك بيت
وعيال ومصاريف وبلاوي متلتلة!! تقوم بدل ما تديك تاخد منك بجبروتها!! مش كفاية
الأكل والشرب اللي كنا بنبعتهولها ايشي طبيخ وايشي فراخ وايشي لحمة وايشي سمك،
كمان يوم وكسر يوم نجيبلها كيلو لبن تشربه من غير شفقة ولا رحمة!! ده غير الزبادي
والجبنة البيضا والبيض البلدي! دا كانت بتفطر في اليوم بست بيضات غير الفول
والطعمية والجبنة الرومي واللانشون
والمربى، وكله على حسابك.. وفي الآخر وبعد النهب ده كله اللي رايح على كرش
المرحومة، كان لها عين تطلب خاتم دهب! أنا قولت في عقل بالي يا بت يا سميحة، عيالك
أولى بشقا ابوهم المنهوب، وبعدين لو جوزك اداها الخاتم الدهب، لما تموت بناتها
التلاتة هيورثوه ويتقاسموا فيه
صاح بها غاضباً:
وانت مالك! مالي وأنا
حر فيه، طالما مش منقصك حاجة لا انتِ ولا عيالك، وانتِ كنتِ جايبة حاجة من بيت
ابوكِ!!
لالالا، ايه الغلط ده
يا صادق! انت بتشتمني بابويا!! اهئ اهئئئ اخص عليك يا صادق، ده ابويا كان بيحبك
وبيعتبرك ابنه
أنا ما جيبتش سيرة
ابوكِ بحاجة وحشة، الله يرحمه كان راجل طيب، وامك كمان كانت ست طيبة.. أنا مش عارف
انتِ واخدة الطبع الردي من مين!!
صاحت به:
من اللي شوفته من امك
ومن اخواتك. هما اللي كرهوني فيهم وخلوني استخسر فيهم بق المية من عمايلهم. قال
على رأي المثل، افتكرلك ايه يا بصلة وانتِ كل قطمة بدمعة
زفر الحاج صادق، واتجه
إلى منشفته المعلقة، وضعها على كتفه وهم بالاتجاه إلى الحمام، فقالت:
مش هتاخد الخاتم يا
صادق؟
اعمل بيه ايه! ما امي
ماتت خلاص
اهئ اهئئئ الله
يرحمها.. خلاص، طلعه صدقة على روحها وروحي انا كمان
تنهد وهز رأسه بأسى ،
فسألته باستعطاف:
انت مسامحني يا
صادق؟؟.. بتبصلي كدة ليه! هو أنا عمري زعلتك في حاجة؟... سا محني يا صادق
مسامحك يا ستي،
مسامحك.. ربنا يسامحك يا سميحة ويسامحنا كلنا
اذا كنت عملت حاجة وحشة
زعلتك، فأنا طول عمري مورياك الحلو كله يا صادق، عايشة معاك ع الحلوة والمرة، وعمر
صوتي ما علي عليك، ودايما كنت اقول حاضر.. مربيالك ولدين زي الفل، واحد دكتور قد
الدنيا والتاني متخرج من كلية التجارة وموظف محترم، والناس كلها بتمدح في أخلاقهم
تبسم وقال:
ربنا يخليكِ لينا يا ام
هشام
يخليكو انتو بقى، ياكشي
تاكلوا بعض.. المهم الخاتم ده هتعمل فيه ايه؟
زي ما قولتي، هطلعه
صدقة لامي
طب وانا؟
ولادك يبقوا يطلعولك..
بس ادعي ربنا ما تجيش واحدة من ستات ولادك تستخسر وتقول ولادي أولى
خرج من الغرفة، فأشاحت
بيدها وغمغمت:
يا اخويا انت هتقطمني!
الراجل عاملي طابور ذنب ونازل فيا سلخ.. الله يسامحك يا هشام.. انت السبب، انت
اللي خلتني اعترف بالبلاوي اللي عملتها واتفضح قدام ابوك... الحمدلله كدة برئت
ذمتي واموت وانا مرتاحة اهئ اهئئئئئ
******************************
إلى بهو الاستقبال في المستشفى
الخاص التي يعمل بها الدكتور هشام، أسرع جمع من الأهالي يحملون رجلاً مسناً يصارع
الموت إثر أزمة في قلبه، فقال أحدهم لموظف الاستقبال:
الله يخليك شوفلنا
دكتور بسرعة، الراجل هيموت
رد ببرود:
يقربلك؟
لا، الراجل كان ماشي في
الشارع ووقع، وكلنا جرينا عليه شيلناه وجيبناه
رد ببرود أكبر:
زي ما شيلتوه وجبتوه،
خدوه واخرجوا بيه برا المستشفى
استشاط الرجل غضباً:
يا اخي اتقي ربنا وخلي
عندك ضمير، واعتبر الراجل الكبير ده والدك
والله هنا مش جمعية
خيرية، هنا مستشفى خاص، لازم أولاً نتعرف على هوية الشخص المريض، وكمان لازم يندفع
خمستلاف جنيه عشان الدكتور يشوفه، ولازم تتم اجراءات سليمة ويتعمل ملف للحالة
يا اخي ده يكون الراجل
مات وشبع موت
ههه يبقى ارتاح. وانت
مزعل نفسك ليه! هو قريبك!!
يا اخي دانت بارد وما
عندكش رحمة
صاح الرجل بكل من
بالمشفى
يا ناس الحقوناااا يا
ناس عايزين دكتور واحد يتقي ربنااااا
أسرع الدكتور هشام
صوبهم:
في ايه يا جماعة؟
الحقنا يا دكتور,
الراجل الكبير ده بيموت
انكب عليه الدكتور هشام
يفحصه، فاضطرب وجهه، وصاح في طاقم التمريض:
انقلوا المريض غرفة
العناية المركزة فوراً، ده محتاج صدمة للقلب، يلا، بسرعة، اتحركوا
جاءوا يهرولون، ووضعوا
المريض على السرير النقال، وأسرعوا به إلى غرفة العناية، وخلفهم الدكتور هشام،
فناداه الموظف:
يا دكتور هشام احنا ما
عندناش بيانات المريض، وما دفعش ولا مليم
التفت وصاح به وهو
يهرول:
نسيبه يموت يعني يا بني
أدم!!
أسعف الدكتور هشام
المريض، وأوصى طاقم التمريض به. وما أن خرج من الغرفة منهكاً، حتى ألفى أمامه إحدى
الممرضات تقول:
دكتور هشام، الدكتور
كريم مدير المستشفى عايز حضرتك في مكتبه حالاً:
أومأ لها برأسه، وجلس
يأخذ بعض الراحة، وبعدها توجه إلى مدير المستشفى، دق على الباب، ودخل يحيي المدير
الخمسيني المتجهم:
السلام عليكم يا دكتور
كريم
انت ازاي يا دكتور تسمح
بدخول حالة مجهولة الهوية للمستشفى؟؟
يا دكتور كريم الأمر
إنساني بحت، الراجل كان بيموت
ولما يموت وهو تحت
مسؤوليتنا وماعندناش عنه أي بيانات نقول ايه للشرطة!!
أنا ما فكرتش في أي
حاجة غير إن قدامي إنسان بيموت ولازم انقذه
احتد المدير:
هنا مستشفى مش فرن عيش
يا دكتور يا محترم، هنا في لوائح وقوانين لازم تحترم
الرحمة فوق اللوائح
والقوانين
ده كلام يقوله دكتور
مسؤول واخد دكتوراة من أمريكا!!
يعني المفروض عشان واخد
دكتوراة من أمريكا أدوس على الرحمة بحذاء المادية الغليظ!!
هنا مش مكان للفلسفة يا
دكتور، انت اخطأت خطأ شنيع، تقدر تقولي فين الفلوس اللي دفعها المريض! انت عارف إن
الكشف بس بخمستلاف جنيه، دخوله لغرفة العناية بخمسين ألف جنيه، غير إن اليوم
الواحد في المستشفى بيساوي عشرين ألف جنيه. يعني حضرتك يا دكتور وبما إنك المتسبب
في العبث ده، مطلوب إنك تسدد لخزينة المستشفى خمسة وسبعين ألف جنيه
وأنا ماعنديش أدنى
مشكلة إني أدفعهم، لإن الراجل واضح جداً من مظهره إنه من البسطاء
بدت بسمة ساخرة على
محيا المدير وقال:
إنت موقوف عن العمل لمدة
شهر يا دكتور هشام. اتفضل
حدجه الدكتور هشام
بنظرة غاضبة، وغادر المكتب على الفور دونما كلمة .. ما أن خرج حتى ألفى أمامه
الدكتور علاء الذي حدثت بينه وبين سلمى مشادة كلامية عند خروج والدتها من المستشفى،
أمسك الدكتور علاء بذراع الدكتور هشام وقال:
ايه اللي حصل يا هشام
زفر الدكتور هشام وقال:
تعالى نقف على جنب عشان
احكيلك عن المهزلة الأخلاقية اللي احنا عايشينها:
قص عليه ما حدث، فقال
الدكتور علاء:
حمار
احتد عليه الدكتور هشام
ما تحترم نفسك يا علاء
مش بقول عليك، انا بقول
على الراجل اللي جاب المريض للمستشفى
يعني كمان الراجل اللي
اتعاطف مع المريض وشاله هو والناس اللي شافوا المنظر في الشارع، بدل ما يتقال عليه
انسان رحيم، يتقال عليه حمار!!
يا أخي ما هو شايف إن
دي مشتشفى خاصة مش مستوصف خالتي ام عبده. هنا وانت سيد العارفين النفس بفلوس،
الخطوة على سراميك المستشفى بفلوس، عشان دكتور يتكرم ويشخص حالة المريض بقلوس كتير
قوي. يقوم يتهور ويشيله ويجيبه هنا!! اديك انت أتأذيت وهتغرم خمسة وسبعين ألف بدل
ما تاخدهم من المستشفى، واتوقفت شهر عن العمل
أنا مش زعلان عشان
المبلغ اللي هغرمه ولا عشان اتوقفت عن العمل.. أنا زعلان عشان الرحمة قلت قوي في
القلوب.. بقينا نشوف الناس بتموت من الألم والجوع بعينينا ونقول احنا مالنا، مافيش
بإيدنا حاجة... احنا بقينا وحشين قوي يا علاء
اه، إحنا وحشين قوي،
تعالى اتصور معانا سيلفي ههههه
يا أخي انت ليك نفس
تهزر!! على العموم أنا ماشي.. وبالليل ما تنساش تشرفني في حفلة خطوبتي زي ما
قولتلك
انت ليك نفس تخطب بعد
اللي حصلك!! انت انسان عجيب والله ههه
يا أخي يعني هلغي
الخطوبة عشان اللي حصل!
تنهد الدكتور هشام وأكد
الموعد:
أشوفك بالليل إن شاء
الله
استنى يا هشام.. بقولك
ايه.. هي بنت خالتك الرزلة ام لسان طويل اللي اتخانقت معاها دي هتحضر الخطوبة؟
هه ايوة، وبعدين انت
دخلك ايه!
أصل بصراحة عجبتني جدا
عشان كانت على طبيعتها وحقيقتها.. إنسانة لسانها طويل وعصبية وواضح انها ما اتربتش
ههههه يا اخي ما تحترم
نفسك, أول مرة اشوف واحد يعجب بواحدة ويقول عنها كدة
عشان دي الحقيقة اللي
وصلتني.. عارف بقى لو كانوا قالولها جايلك عريس دكتور وبيقبض بالدولار وعنده
عربية، كنت اتفرج بقى على الرقة والنعومة اللي كنت هشوفها، هتخدعني بقى وتعمل بنت
ناس ومؤدبة وبتفطر كرز وبتشرب عصير توت بري.. وده كله كدب وغش وخداااع. لكن صدق
اللي قال لو عايز تشوف الأنثى على حقيقتها نرفزها
هههه وانت نرفزتها عشان
تشوفها على حقيقتها؟
لا، أنا كنت متنرفز
لوحدي ولما اترفزت عليها هي كمان اترفزت وشدتني بقلة أدبها، عشان كدة بفكر أخطبها
ههه يا أخي انت مجنون
والله، وعمري ما سمعت منك كلام عاقلين.. اشوفك في حفلة الخطوبة. بس خلي بالك
الستات في مكان والرجالة في مكان
برضو كلنا هنتقابل ع
السلم
ههه السلام عليكم
عليكم السلام
أولاه الدكتور هشام
ظهره وأسرع يغادر المستشفى فناداه:
بقولك يا هشام، أوعى
تقولهم إني بفكر أخطبها، عشان ممكن أغير رأيي
*************************************
عاد هشام إلى أمه بعد
أن اشترى علب كبيرة من الحلوى الفاخرة صفت فوق بعضها، فتحت له والدته، فلم تره من
خلف علب الحلوى، فقالت:
مين اللي ورا العلب:
أنا يا أمي، السلام
عليكم
هشام! عليكم السلام.
ادخل يا اخويا ادخل، كل دي علب جاتوه وحلويات جايبها! ليه! هتتجوز الأميرة قطر
الندى!! ولا تكونش فرحان انك هتخلص من امك!!
قهقه ووضع العلب على
الطاولة، قبل يدها فأشاحت بوجهها واجمة، فقال:
ربنا يخليكِ لينا يا ست
الحبايب وتشوفي ولاد ولاد ولادنا
أنا مش عارفة جايب
التفاؤول ده منين! ايش حال ما انت عارف هتتجوز مين وبتعمل في امهات العرسان ايه!
تنهدت وقالت بحسرة:
مالوش لزوم الكلام..
آآآه ياني، سكت والدمع اتكلم.. هدخل أحضرلك الغداء الأخير
هبط في المقعد منهكاً
وتأوه قائلاً:
آآآه يا أمي! حصلي شوية
مشاكل النهاردة لا كانت على البال ولا الخاطر
شهقت وعادت إليه، جلست
قبالته وقالت بلهفة:
خير يا حبيب امك؟
قص عليها ما كان من أمر
المستشفى والغرامة والوقوف عن العمل، فضربت على صدرها وقالت:
شوفت يا هشام بعنيك
وسمعت بودانك اللي جرالك! دي عينة صغيرة مش محتاجة تحليل في معمل ام هناء، كله على
عينك يا تاجر، فقر دكر وحظ نحس مستنيك يا ضنايا لو تممت الجوازة السودة دي. دانت
لسة مالبستهاش الشبكة واتوقفت عن العمل وغرمت خمسة وسبعين ألف جنيه، ده غير بالليل
امك هتتوفى وتمشي في جنازتها الصبح، يا ابني يا حبيبي ارحم نفسك وارحمنا، البنات
ما خلصتش من الدنيا عشان تمسك في المنحوسة وش النحس دي
بدا الضيق على وجهه
وقال:
يا امي هي هناء ذنبها
ايه بس! يا أمي أنا بحكيلك عشان اقولك إن الرحمة اتشالت من القلوب
هبت واقفة وقالت
باحتداد قبل أن تنصرف إلى المطبخ:
لا وانت الصادق، ده
العقل هو اللي اتشال من راسك واتحط بداله فردة كوتش مهوي.. اشرب يا خويا اشرب. انا
مش زعلانة على نفسي، اللي بيموت بيرتاح، الدور والباقي ع اللي عايش وهيشوف البدع
على ايد هناء. ياما في الجراب يا حاوي
****************************************
حل المساء وازدانت
الحارة بالأنوار وملئت الزغاريد الأجواء.. كانت أم هشام تجلس في ردهة منزلها ملتصقة
بمقعدها وجسدها يرتعد وبصرها شاخص.. فجاءتها زوجة ولدها أسماء وأختها سلمى
ليتعجلاها ، فقالت أسماء بوجوم:
يلا يا خالتي عشان
تطلعي عند العروسة، ماما وخالتي نادية سبقونا
نظرت إليها وقالت بصوت
مرتعش وكأنها تنهي الحياة:
يعني خلاص يا بنت اختي؟
ردت لا تقصد ما قصدت أم
هشام:
خلاص يا خالتي
طب قوموني يا ولاد،
جسمي كله سايب ومش قادر أقف
أمسكت كل منهما بيد
وأقامتاها، وآخذت أسماء وسلمى تجراها وكأنها مساقة إلى غرفة الإعدام، جسدها يرتجف
ووجهها يتعرق، والزغاريد والغناء ينبعث من أعلى فيهيج مشاعرها، وقفا عند الدرج فقالت
سلمى:
يلا عشان نطلع السلم يا
خالتو
مش قادرة، شيلوني
اتسعت حدقتا اسماء
وأختها ونظرا إلى بعضهما، فقالت أسماء:
والله ما اقدر يا
خالتي، ولا سلمى تقدر، انتِ كويسة وزي الفل، يلا اسندي علينا واحنا هنطلعك:
ماشي يا بنت اختي، طول
عمرك حيطة مايلة واللي يتسند عليكِ ما يلومش إلا نفسه...آآآآه يا ركبي السايبة
اللي مش شيلاني.. آآآه يا زمن غداااار.. آآآه يا دنيا غرورة .. الله يسامحك يا
هشام يا ابني يا خلفة الندامة والصدامة
وصلت أم هشام عند شقة
العروس، فكانت والدة العروس في استقبالها بالزغاريد:
لولييييي لولولييييييي
يا أهلاً يا ام هشام يا أهلاً يا ام العريس يا غالية
أهلاً بيكِ يختي
مال وشك أصفر كدة؟
من الفرحة، ما هي
الفرحة بتصفر الوش وتخلي الواحد ركبه ما تشيلوش
ههه طب سيبوها يا بنات،
هناء اللي هتسندها... يا هناااااء
نعم يا
مامااااااااااااااااااا
تعالي سندي ام
العريسسسس
حاضر يا ماماااااااااا
خرجت هناء متألقة في
فستان الخطبة وزينة العروس، ومدت يدها إلى أم هشام وقالت:
هاتي ايدك يا طنط؟
صرخت أم هشام:
يا لهووووووي حشوها عني
يا نااااس، مش عايزة اموووت، مش عايزة امووووت
********************************
انتهت الحلقة
إلى اللقاء الخميس
القادم إن شاء الله
لا تنسوا ذكر الله
والصلاة على الحبيب عليه الصلاة والسلام
لا إله إلا الله ولا
حول ولا قوة إلا بالله
اللهم صل وسلم وبارك
على نبينا محمد
عسل تم هشاااااام هههههههه
ردحذفتسلم ايدك يا قمر جميله جميله جميله
لا تغيبى مره اخرى حتى لا ننتظر القمر
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
Wafaa ali
عسل عسل
ردحذفحوشوها عنى ههههه
سبحان الله و بحمده. اللهم صلي علي محمد. لولو 😍😍😍😍😍🥰😘
ردحذفجزاك الله خيرا يا قلبي سلمت يمناكِ حلقه روعه
ردحذفجميله تسلم ايدك
ردحذفجميله اوي تسلم ايدك
ردحذفsmsma mohamed
ردحذفحلوه اووووى الحلقه كالعاده طبعاً
مواقف وطرائف ام هشام😂😂😂😂
تسلم ايدك ياحبيبتي وف انتظارك ع خير باذن الله ❤️❤️❤️
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين وسلم تسليماً كثيراً
كاميليا محمد
ردحذفلا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد
الحلقة رائعة جدا وام هشام عسل وهى بتقول مش عاوزة اموت
سلمت يداك ودمتى مبدعة ❤️🌹
جزاك الله خيراً
ردحذفاللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ردحذفاللهم صل على محمد ،،،،،
ردحذفالحلقة جميلللة وممتعة :)
Afaf
تسلم ايدك يا حبيبتى ويستعملك ولا يستبدلك ..
ردحذفحقيقى يا هوبا رواياتك كلها جميلة ولها هدف وهو ده المطلوب مش مجرد تضييع وقت.
أم سهيلة
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
ردحذفتحفة ياهوبة ما شاء الله مش ممتازة في القصة بس ممتازة في الحوارات وفي قفلة الحلقة كمان
دايما مصممة تبهرينا هنروح منك فين بس ❤❤❤❤❤
إيه العسل والسكر ده كله 👏👏👏
ردحذفالحلقة تحفة يا بنتى ومينفعش معاها كومنت دى عاوزة ريفيو هيكون عندك فى أقرب وقت أن شاء الله 🌹
تحياتي
ولاء القوصى
لا إله إلا الله
ردحذفاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد
حلقه جميله قوي ما شاء الله تسلم ايدك
😂😂😂😂 يا عيني عليكي يا ام هشام
ردحذفيا ترى يا نعمة حيحصل معاكي ايه ؟ اياك الاسطي حودة يتهد ويرجع لبيته وعياله ويعرف ان الله حق
ردحذفلا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله
ردحذفاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد
جميلة جدا جدا سلمت يداك
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد
ردحذفالصراحة انا عاذرة ام هشام احنا اتربينا على حاجات غلط كتير محتاجين فرمته
ردحذفدة احنا لو المطر مطر في يوم فرح بنقول العروسة كانت بتلحس الحلة مع ان المطر خير
لو النور قطع نقول منورين قال يعني الناس نحس فطبيعي ان العروسة اللي كل ما تتخطب حماتها تموت الكل يخاف على عمره ههههههه
صادق دة راجل محترم وجار خلوق وطيب
ردحذفعمر يا ترى هيحب نعمة فعلا ولا دة مجرد استعطاف
حلقة ممتعة لكن احنا محتاجين حلقة يوميا الصراحة🙈🙈
اللهم صل وسلّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 💚🌿
ردحذفاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً طيباً مباركاً فيه ❤️
ردحذفما كانش يومك يا ام هشام معلشي تعيشي وتعترفي😂
مامة عمر دي بتمثل ناس كتيرة جدا التدين والالتزام في ناحية والتنفيذ في ناحية تانية
يا ترى استاذ عمر فعلاً بيحب نعمة ولا عمل كدة شهامة واحساس بالمسؤلية.؟؟🤔
نفسي حودة ده أهل مراته وأهل الحارة يتلموا عليه يضربوه ويطردوه برة الحارة علشان يتلم.. عالم ناقصة صحيح😒
حلقة جميلة وشيقة بس المفاجأة شكلها الحلقة الجاية😂😂
🌷دُمتِ مُبدعة 🌷
ايش هذا الجمال 😯
ردحذفتسلم الأيادي الف مرة والله 😍😍
الأسطى حودة منك لله الخوض ف العرض بالسهولة اللي بتتكلم عنها دي 😒
ربنا كسفك وصغرك أمام الكل ، ونفسي مراتك كمان تسيبك علشان انت مش مقدر قيمة النعمة اللي عندك
عجبتني فقرة ام هشام والثلاثي المرح
يوووه اقصد اخوات عم صادق 😂😂
ايش هذا يا سميحة ما تركتي بلوة الا وعملتيها 😂😂
ليك حق تتوبي وتنوبي الى الله ، بس مش خايفة من ذنب هناء ياولية 🙄
صعبت عليا نعمة لما كانوا مش معاهم ماحدش كان بيلتفت ليهم ، ولما ربنا رزقهم العين سأالت من اين لك هذا 😥😥
موقف عمر استعجالي ومش عاجبني خالص كان أفضل يشيل عنها التهمة الأول بدون خطوبة ، اخاف يعشمها ومايخطبهاش وموقف امه ما يتغيرش
اعتقد امه ثارت علشان حسته انه بيخطبها شفقه وبيشل عنها الورطة
🙃🙃🙃
ربنا يستر منك يام هشام هو واضح ان هناء وامها مصدرين الطرشة ليكِ
بس الواحد لايأمنك بردو 😂😂
ياترى اي بلوه هتعمليها
والله خايفة استاذة هوبة تخلصك من الحياة وتفاجأنا كلنا ، حكم استاذة هوبة عليها مفاجأت ماحصلتش 😂😂
ياختاااااااااااي هتلبسي التهمة لهناء وش
لا لا سيبي ام هشام يا استاذة هوبة احنا محتاجينها معانا ف الرواية 🤣🤣
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
ردحذفحلقة غااااااية في الروعة والجماااال سلمت يداكي يامبدعة
نور الحق👆👆
ردحذفهو العادي لو حصل حاجة لاهل العروسة نقول ده العريس نحس والعكس برضه فما بالك هناء بكل سوابق بتاعتها يعني حبكت الراجل يقف عن العمل ويغرم فلوس قد كده دلوقت كويس أن معاه الفلوس ومطلعش مديون كمان مع أن عارفة أن كل حاجة بأمر الله وكله خير اكيد بس انتي نحس يا هناء😂
ردحذفتسلم إيدك حبيبتي 💖
ردحذفإيمان إبراهيم 🌸
جمييلة اوي اللهم بارك ،كان بقالي كتير مقرأتش لحضرتك عشان الثانوية اللي ممنتنة ليها عشان خلتني اقرا التسعتاشر حلقة مرة واحدة😎 ياريت يا طنط تكملي الابداع ده بسرعة بس تنزلي الباقي كله مرة واحدة حتي لو الغيبة هطول مش مهم لإن لما الرواية بتقري مرة واحدة بتعيشي جدا مع الاحداث وبيزود من مكانة الرواية في قلوبنا❤️
ردحذف(رقية إسماعيل)
عدنا والعود أحمد 😁
ردحذفحلقة جميلة كالعادة ياهوبة
فرحت لنعمة وربي يتمم خطوبتها على خير وماتحصل مشاكل
فأم عمر مع الأسف عندها سوية غرور وكبر وهي لا تعلم خطورته ياريت تغير رأيها فيها
أما أم هشام فدي حكاية لوحدها 😂الله يهديها بس
وان شاء الله تتم خطوبته بهنلء على خير 😁