وجثت على ركبتيها
تفتح إنجي باب غرفتها بحذر بزاوية ضيقة وتنظر خلسة إلى الخارج وتأكدت مما يزيد من
طمأنينتها..نعم , والدها مستلقي على الأريكة في ردهة البيت يغط في نوم عميق ,وها
هي أمها منهمكة في تحضير الطعام بالمطبخ... إنها فرصتها السانحة..أحكمت إغلاق الباب وهرعت إلى هاتفها المحمول كالمتلهف على
الماء لتهاتف ماجد الذي تحفظه على هاتفها بإسم ماجدة..ولكنه حبيبها الذي تملك شغاف
قلبها ..وأهٍ من لوعة عشق الصبايا وشوق الحبيب..ضغطت الزر وانتظرت رد
حبيبها كعادتهما اليومية ..يا للحظ التعس..انتهت الدقات ولم يجب ماجد..لا بأس..
فلتحاول مرة ثانية ..أوووف ..حق لها أن تتأفف,فقد أعادت المحاولة خمس مرات ولم يرد
وبالأخير أغلق الهاتف..أشتد غيظها وحنقها
وألقت الهاتف على الفراش بحدة..,جلست وزفرت زفرة حارة من أعماق قلبها
..ثم قالت بحسم..لا,لم يغلق هاتفه.بالتأكيد انتهى
الشحن وهو في مكان بعيد لا يستطيع إعادة شحنه..بالتأكيد سيهاتفني فور عودته إلى
المنزل..كانت انجي حسنة الظن جداً بحبيبها, ولمَ لا وهو يحبها ويشكي لعينيها
الجميلتين شدة الوله..كما أنه سيتقدم لخطبتها عما قريب,بل قريب جداً كما وعد..وأهٍ من وعود الحبيب ذات اللون الوردي الحالم...فهي أشد بهجة لنفوس العذارى من امتلاك الدنيا بأسرها في قبضة اليد الواحدة..سرعان ما زال حزنها
بعدما تذكرت آخر لقاء بينهما في ركن الحديقة البعيد الخال من المارة حين القى
بذراعه على كتفها واستمالها إلى أحضانه قائلاً..عما قريب سنصبح زوجين..سآخذك ونلف حول العالم..كل بلد
ستحمل من أنفاسنا ذكرى..وستظل أرواحنا تحلق فيها حتى بعد أن نغادرها.... يااااه كم
هو ساحر الكلمات ..هكذا قالت انجي بعد أن استلقت بظهرها على الفراش مبتسمة ومغمضة
العينين..سرعان ما انتفضت من فراشها لتعيد محاولة الاتصال التي باءت بالفشل كسابقاتها..لا بأس ..بالتأكيد ستحاول مرة أخرى
وبالتأكيد سيجيب ماجد على الهاتف..فكيف له أن يقاوم جمالها ومفاتنها! ..كيف يغض الطرف عن شعرها المخملي الملمس الذي كشفته له رغم حجابها..ولمَ
لا تكشفه وتتركه يمسده برفق العاشق المتيم!..وكيف له أن
ينس بعض التنازلات التي قدمتها والتي استباح بها حرمة جسدها وجعلت نفسها كعنقود
عنب تدلى بين كفيه..فلمَ لا يطيب له قطافها !.. ألم نقل سابقاً أنه حبيبها ووعدها
بالزواج عما قريب! ..متى ستأتي أيها القريب!
*****************
وجثت على ركبتيها
قصة قصيرة بقلم هبة عبد العظيم نور
*********************
اتجهت إلى المرآة وطفقت تستعرض قوامها الممشوق وتضع راحتيهاعلى خاصرتها بأنوثة ودلال وتشب على أطراف أصابعها ذات اليمين وذات الشمال..ثم اتجهت إلى خزانة
ملابسها لتختار فستاناً مناسباً للقاء الجديد في ذات الحديقة...أرتدي هذا الفستان
الأحمر؟ فقد أبهرته به ذات مساء..أم أرتدي هذا الأصفر؟..فقد لمعت عيناه حين رآني
به..لالا بل أرتدي الأزرق فقد قال لي ذات مرة أنه اللون المفضل لديه وأوصاني أن
أكثر من هذا اللون بكل درجاته في كل ملابسي بعد الزواج..ضحكت وعضت شفتها السفلى في خجل وقالت..كم هو جريء ولكن أحبه, أحبه مممم سئمت من
المفاضلة بين الألوان..سأسأله عندما يرد على الهاتف عن الفستان الذي يريد أن يراني
به..أجل..هذا أفضل..يجب أن أستشيره في كل صغيرة وكبيرة ليعلم أنني لن أكون زوجة
متصلبة الرأي أو تميل إلى قهر الرجل بحبها.آآآه متى يرد على الهاتف..أوحشتني جداً
كلمة أحبك حبيبتي التي يبادرني بها بدلاً من كلمة ألو المزعجة والتي لا تحمل أي
معنى من معاني الهوى....
*****************
وجثت على ركبتيها
قصة قصيرة بقلم هبة عبد العظيم نور
***************
قضت انجي ساعات وساعات تسترجع ذكرياتها مع الحبيب الذي
غيبته أعذار سيبديها حتماً من وجهة نظرها..ولكن لابد من تبكيته ولومه وربما
مقاطعته وغلق الهاتف لبعض الوقت تأديباً له جراء صنيعه..هكذا توعدته في
سريرتها...مضى الليل ولم يتغير الحال..ما زال الهاتف مغلق ولم يظهر الحبيب ليقدم
أعذار غيابه المغلفة بصوت عذب يذيب القلب ليجعل حبيبته تسامحه ويزهو الحب على
العتاب ويطرده خلف أعتاب الهوى
اقتربت الساعة من الثانية صباحاً, فرفعت الهاتف بأيدي
متثاقلة أنهكها اليأس.ضغطت الزر..ياللمفاجأة! دق جرس الهاتف وتسارعت معه دقات
قلبها وأنفاسها المتلاحقة وفتحت أذناها أبوابها الذهبية وانحنى السمع منها في
إجلال مهيب لتلقي صوت الحبيب..وكانت الصدمة عندما سمعت صوته يرد بنبرة حادة
ألو..صمتت إنجي من صدمة ألجمت لسانها ثم قالت في لهجة عتاب..ماجد.أين كنت؟ لَمَ
أغلقت هاتفك كل هذه الساعات؟ أحتد قلقي عليك وفقدت صوابي..ثم قالت في تغنج..أريد
أن أسمع أعذاراً مقنعة وإلا سأخاصمك ثلاثة أيام..ثم ضحكت
تأفف ماجد وقال لها عن أي أعذار تتحدثين! وما الذي
يحملني على الاعتذار إليكِ! زادت صدمتها ..وكأن خنجر أصاب قلبها وارتعشت شفتاها وسرت قشعريرة في
سائر بدنها..ثم استجمعت قواها وقالت في ذهول..ما هذه الطريقة
الجافة التي تتحدث بها يا ماجد!
فرد عليها..كيف تريديني أن أتحدث! أنا مضطر لإنهاء المكالمة
الآن, ليس عندي وقت لإضاعته..قالت له في سرعة ..انتظر..انتظر لا تغلق الهاتف..نفث
هواء مكبوت في أعماق قلبه أوووف, ماذا تريدين؟ قالت..أريد تفسيراً لتغيرك معي..ألم
أكن بالأمس حبيبتك؟ ألم أكن الماء الذي به تحيا والهواء الذي تحويه أضلعك؟ قال
لها..بالأمس..كان هذا بالأمس..أما اليوم فأنا إنسان جديد ثائر على كل قديم في
حياتي..فردت في وهن..قديم! أصبحت أنا القديم الذي تسعي للثورة عليه؟ قال لها أجل..قالت لِمَ؟ نفخ مرة أخرى وقال..لا أعرف..ربما اكتشفت انك لست الفتاة
المناسبة التي أبحث عنها..اندلع بركان في أعماقها وصرخت فيه قائلة.ما الذي تهذي
به!
أنا لست ألعوبة في يديك لتلهو بي ثم تلقني من أعلى تلة
غير آبه أنني سألقي حتفي..قال لها كفي أحاديثك الغثة..لم أسمع عن فتاة ماتت حينما
تركها حبيبها..ابحثي عن حبيب غيري..أتمنى لكِ السعادة
عزيزتي..أغلق ماجد هاتفه فسقط الهاتف من يد إنجي واستسلمت لعاصفة من البكاء
والنحيب...أمضت الليلة مستيقظة..فكيف للنوم أن يلتقي عينيها وينعما بالسكون!...وما
أن ظهر الصباح حتى أمسكت بهاتفها وهاتفت ماجد
فرد عليها قائلا
************************
وجثت على ركبتيها
قصة قصيرة بقلم هبة عبد العظيم نور
**********************
..أليس عندك بقايا من كرامة تحفظينها! فقالت أريد أن
ألقاك في ذات الحديقة ..ضحك بأعلى طبقات صوته وقال..لا بأس..ربما تريدين أن تنتهي
العلاقة تحت أشجار الزيزفون وتكتبين في مذكراتك ..وكان آخر لقاء لي بالحبيب
المخادع تحت ظلال الزيزفون..لا بأس..لكِ ذلك..متى تودين أن يكون اللقاء..قالت في
تمام العاشرة صباحاً....وقبل المعاد ارتدت إنجي الفستان الأزرق ..ذات اللون المفضل
لديه..ربما يجدد ذلك ذكرى قد مضت ويرق قلبه لمحبوبته ..
*********************
وجثت على ركبتيها
قصة قصير بقلم هبة عبد العظيم نور
*********************
اتجهت إنجي إلى الحديقة ..وما أن دلفت إلى داخلها ..رأت
من بعيد ماجد يجلس في ذات المكان متأنقاً كعادته..هرعت إليه والأمل يحدث نفسها أنه
طالما سبقها لذات المكان ربما عاد إلى صوابه وسيقدم لها الاعتذار الكافي عن جرح
كرامتها ويكفكف دموعها بيديه ويضمها
لأحضانه...رمقها ماجد بخطواتها المتسارعة نحوه وأنفاسها اللاهثة..فلم ينتصب واقفاً
ولم يأبه بها..ظل ملتصقاً بمقعد الحديقة..كان متجهم الوجه, يبدو عليه الضيق وعدم
الرغبة في رؤيتها..قالت له في صوت
هامس..أوحشتني..نظر إليها بعين صقرية ثابتة..هائنذا قد أتيت..ماذا تريدين مني؟..تشبثت بذراعه في خنوع وقالت..هل حدث مني ما يغضبك؟ رد عليها ..لا..قالت..إذن
لَمَ تريد أن تتركني؟ ألم تقل أنك تحبني وتريد الزواج مني؟ قال لها قلت
وتراجعت..أهناك عقد يلزمني؟ قالت..نعم..عهد الهوى..ضحك ساخراً وقال لم أمض هذا
العهد ..قالت لا تتندر عليّ. بل أمضيته ..أمضيته بأحرف كلماتك الجريئة..أمضيته حين استبحت حرمة جسدي وأنا لست حليلتك..أنت تستحق قطع رقبتك تحت المقصلة..قال لها ما تجرأت عليكِ إلا بما سمحتي..لا أتذكر يوماً أنني
لمستك عنوة..دائماً كنتِ تعطيني بطاقة المرور إلى جسدك وأنتِ تتبسمين..من يستحق الحرق والمقصلة والسيف هو أنتِ يا من تفرطين
قالت..أهذا جزائي لأنني أحببتك؟ أنت من عبثت بقلبي
وجعلتني أصدق وعودك بالزواج..ثم تأتي الآن وتقول أنتِ يا من تفرطين! نظر إلى ساعته
وقال..انتهى وقتك..يجب أن تغادري المكان..أريد أن أتنسم نسيم الحرية وحدي
حرية!! أخلاصك مني يشعرك بالحرية؟ أعندما كنت معك في
أيام الحب والنشوى كنت في عبودية؟ قال لها زاهياً..لم تخلق الأنثى التي
تستعبدني.أنا حر..أستعبد من أشاء من بنات حواء..وأنا الآن في شوق لقطاف جديد..ثم
ضحك قائلاً سئمت ثمارك..فقد ذبلت بين يديّ..نشجت وانبجست دموعها من بئر عينيها وقالت..لا ..لا تتحدث كزير النساء..لا.. أنت
ماجد..ماجد حبيبي رمز الوفاء.. وجثت على ركبتيها على الأرض بين الأوحال ونظرت إليه
من أسفل وهو كتمثال متعجرف ينظر إلى بعيد ..أمسكت بقدمه وقالت أحبك, أحبك لا تتركني, فوقف فجأة وكأن
شيئاً ما هزه..فأضاءت في قلبها جذوة من أمل سرعان ما انطفأت, فقد نظر إلى ساعته
وولى مسرعاً وهي ترقب خطواته في صمت..ظل يبتعد ويبتعد حتى صار كطيف
بعيد..وفجأة..ظهرت فتاة فأسرع نحوها..فقد كان على موعد جديد ....تأبطها ومشى ..نظرت انجي إليهما من خلف
ضباب دموعها وهما يشقان طريق العشق الكاذب ..نظرت إلى ماجد فخالته ذئب أختبئ
بفريسته خلف الأشجار ليفترسها ويلهو بثمارها...نظرت إلى نفسها فوجدتها جاثية على
ركبتيها بين الأوحال...فهل يستحق من قال أحبك بعيداً عن جنة الأهل وإشراق شمس
الشرع على جبهة حياتك أن تفتحين له حدائق جسدك ليلهو بفاكهتها المحرمة ثم تجثين على ركبتيكِ بين الأوحال!
هل من معتبر!
ردحذفقصة حزينة ،
ردحذفهذا هو واقعنا المر وياليت الشباب والبنات يستوعبن😑
ردحذفللأسف فعلاً كثير ﻻ يعتبرون من تجارب اﻵخرين... كل يريد أن يخوض اﻻختبار بنفسه و ﻻ يدركون أن السعيد من وعظ بغيره!
ردحذفربنا يهدي أبناء وبنات المسلمين ويردهم إليه ردا جميلا ويسترهم ويعفهم
ردحذفآمين يارب العالمين
تحياتي لك حبيبتي
SUN TOP
واقع للاسف
ردحذفربنا يحفظ اولادنا
ردحذفجميله
ردحذف