آنا كارنينا


كنت أتعجب عندما أشاهد أفلاماً تمجد الزوجة التي تتخذ عشيقاً وتتحدى الزوج بكل وقاحة وتترك أبنائها لأجله.وأحداث الفيلم تجبر المشاهد على التعاطف مع الزوجة,لذا فوجب عليهم أن يقدموا الزوج في صورة طاغية متجهم فظ ,غليظ القول حتى يتسلل إلى قلب المشاهد شعوراً بالتعاطف والشفقة تجاه الزوجة ويكون ذلك مبرراً للخيانة

في إحدى هذه الأفلام, تركت الزوجة ابنها الوحيد كي ترعى ابنة عشيقها الذي مات هو وزجته, وذلك امتناناً منها وتخليداً لذكراه النتنة..وبالطبع من قامت بتصدر دور البطلة في هذه الأفلام هي سيدة أفلام الخيانات الزوجية اللمقبة عبثاً بسيدة الشاشة العربية(..فقد اعتادت المجتمعات الثقافية المصبوغة بالصبغة العلمانية أن تمنح الألقاب الفخمة  المهيبة لكل من يهدم القيم والمباديء ويسعى إلى تدمير المجتمع لترتبط هذه الألقاب في نفوس الناس بالتقديس والجلالة لأناس لا يستحقون حتى مجرد الاحترام)
وبالصدفة المحضة قرأت يوماً عن رواية اسمها آنا كارنينا للكاتب الروسي تولستوي
هذه الرواية يقال عنها من أعظم الروايات في العالم,وكاتبها يقال عنه أنه من أعظم الروائين على الإطلاق
لذا فقدت جذبني ذلك بشكل كبير إلى قراءة الرواية , فقد ظننت أنني سأكون أمام رواية مزلزلة  وذات فكر عميق وسأرحل معها إلى وديان الإعجاز الفكري كأعمال شيكسبير التي قوامها الفكر الراقي المستنير كتاجر البندقية أو ماكبث أو الملك لير وغيرها من أعماله التي تستحق الاحترام (باستثناء رميو وجوليت لأنني لا أقرأ الروايات ذات الطابع الرومانسي)
أو ربما كروايات تشارلز ديكنز القائمة على تجسيد الصور الواقعية لعالم الفقراء والمطحونين وضحايا الظروف القاسية كما أمتعنا في رواية أوقات عصيبة أو أوليفر تويست
لذا فقبل الشروع في قراءة رواية آنا كارنينا أثرت أن أطلع على ملخص الرواية لتهيئة نفسي لقراءتها
فوجدت ما هالني وأفزعني..الرواية تتحدث عن زوجة وقورة وقعت في العشق وتلوثت بالخيانة وحملت سفاحاً فأصبحت منبوذة من المجتمع لإنجابها إبناً غير شرعي, وتحولت حياتها إلى جحيم وانتهى بها الأمر إلى الموت تحت عجلات القطار(وهذه هي نفس النهاية لفيلم سيدة الشاشة العربية عندما خانت زوجها)
ومن هنا نكتشف أن هذه الرواية هي أساس البلاء في السينما,فصناع الأفلام يأخدون منها بأسلوب القص واللصق ويحيكونها بمكر ويزيدون في صور العشق القاتل والملتهب لتناسب الشعوب العربية العاطفية الذين يشاهدون هذه الأفلام  فيتأثرون ويبكون ويذرفون الدموع على هذا المجون والإفساد المتعمد,بل ويقلدون في كثير من الأحيان 
للأسف شيء محزن أن يُمجد هؤلاء الفساق
أي عظمة في رواية تقدس الرذيلة ! وأي سيادة لمن يمثلونها بكل خطاياها على الشاشات!
حقاً..عندما تعشق الخطيئة
هبة عبد العظيم نور




تعليقات

  1. لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم

    ردحذف
  2. 🥰👏👏👏👏
    احسنتي بارك الله فيك

    ردحذف
  3. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
    لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراع بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه
    قالوا أمن قلة نحن يومئذ يارسول الله
    قال بل أنتم يومئذ كثير
    لكنكم غثاء السير

    ردحذف
  4. جزاكي الله كل خير على الإيضاح
    فعلا أسلوب كل الافلام والمسلسلات هو دس السم في العسل...فيلم كئيب ومش أول واحد تقوم فيه البطلة المتزوجة بخيانة زوجها...رسائل خبيثة يبثها صناع الفيلم للمشاهدين

    ردحذف
  5. عندك حق... وتلاحظى ان سيدة الشاشة العربية وجهها طفولي وبرئ علشان يأثروا اكثر علي المشاهدين.
    وهي نفسها اتطلقت من زوجها علشان تتجوز حبيبها.
    ربنا يعافينا ويعافي المسلمين ويهدينا لما يحب ويرضى.

    ردحذف
  6. حسبنا الله و نعم الوكيل و ﻻ حول و ﻻ قوة إلا بالله العلي العظيم

    ردحذف
  7. صح جدا الافلام في الوقت ده كلها كانت بتدعوا الانفلات وشرب الخمر وكإنه عادي جدا احسنتي طبعا كالعاده. جزاكي الله خيرا

    ردحذف
  8. عمري ما حبيتها و لا حتى تعاطفت معاها و لا حبيت فيلم النهر الخالد المأخوذ عنها

    ردحذف

إرسال تعليق