الحلقة الأخيرة من رواية الليل والدوادي
هرعت صفية إلى بدران في مندرته تحمل
البشرى, فما أن خلت به وقصت عليه من خبر خليل الجارحي وحياة وقدومهما إلى النجع
ليفتديا ولدهما الشبح الذي أقض مضاجعهم بصنائعه, انتفض بدران وصب جام غضبه عليها:
جنيتِ يا صفية! كيف تعملي كديه من غير ما تشاوريني! كانّك ناسية ان مصطفى واد خليل
الجارحي في النجع, ولو نضر بوه بعينه يبجى فيها هلاكنا
ردت بصوت متحشرج وعيناها تتقدان شراً:
لاه ما نسياش يا بدران. خابرة مليح إن مصطفى الجارحي في النجع ولو نضر بوه هتبجى
نهايتنا.. صفية عم تحسب الفعل الف مرة جبل ما تنطج الجول, عشان كديه بجولك مصطفى
الجارحي لازمن ينجتل جبل بوه ما يخطي النجع
اتسعت حدقتاه وقال ونظراته تلعنها: مصطفى
ينجتل!! لاه, لاه يا صفية. دم مصطفى حرام عليّ ليوم الدين..مصطفى ولدي اللي
ربيته..ولدي اللي روى عطشي للولد بكلمة بوي. لو كان عندي ولد ما كنت حبيته كيف حبي
لمصطفى
هملك من الحديت المايع ديه يا بدران, مش
لايج عليك توب الرحمة ويدك لساها متلطخة بالدم
انتِ اللي جرتيني وراكِ لسكة الدم, ولما
حبيت ارجع عنيها جولتيلي سكة الدم ما منهاش رجوع
مش وجت مين اللي جر التاني, ده وجت
النجاة, يا جاتل يا مجتول, ولازمن تتوكد اننا لو ما جتلناش مصطفى ابو جارحي, يبجى
هو اللي هيجتلنا
ارتجف وقال: وآنا ما همدش يدي بأذى
لمصطفى
ما حدش جالك تجتله, عشان بجلبك المايع من
يمته ديه لا هتجدر على مسك السلاح ولا تجدر على دوس الزناد
سألها بشغف: اومال مين ؟
قالت وقد لمعت عيناها غدراً: ضاحي
....ايش عجب ضاحي؟
عشان اكتر واحد كارهه في النجع من يوم ما
ضيع هيبته وهانه بين رجالة الجبل, والأهم من ديه إنه كابير رجالة الجبل من بعدك
وحبالهم في يده..ورجالة الجبل يلزموني اليامين الجايين اكتر من أي وجت ولى
ضاحي همل النجع وعاود الجبل
خابرة. وآنا اللي هطلع لحديه عشان
الاتفاج..شيع معاي ليث وسعداوي,سمعت ان ضاحي مشدد على حراسة الجبل وهما اللي
يعرفوا يوصلوني لحديه
اهم جاعدين يتسامروا مع الرجالة برا,
جوليلهم اللي رايداه وهمليني لحالي
عندما جن الليل صعدت إلى الجبل بصحبة
الرجلين للقاء ضاحي, وعندما أذن لها الحرس بالدخول على كبير الجبل, ابقتهما خارجاً
لتنفرد به.. جالسها وصب الشاي الذي صنعه على الجمر ومد يده بالكوب مرحباً بها: يا
مُرحب يا ست صفية
أخذته وردت التحية:يا مٌرحب بيك يا ريس
ضاحي
لكن ايه طلعك الجبل في العتمة وسط
الديابة والدوادي! ليه ما شيعتليش اجي لحد عندك؟
ما عايزاش حد من اهل النجع يعرف اني ريتك
ولا نضرتك, عشان كديه جولت اطلعلك وسط رجالتك واجولك اللي رايداه منيك
اخذ رشفة صاخبة من الشاي وقال: وآنا تحت
امرك عاد يا ستنا
تسلم وتعيش يا ريس ضاحي..جاياك بخصوص
مصطفى أبو جارحي
اكفهر وجهه ووضع الشاي جانباً بضيق وقال:
بعديني عن الشغل مع واد المحروج اللي ما تمر فيه جاميل, اول ما يده جويت, جويت
عليّ ورفع في وشي السلاح وهترني وسط رجالة الجبل. يستحيل احط يدي في يده تاني
هه ومين جال عاد إني جاية اصلحكو ولا
اتوسطله عنديك يا ريس ضاحي!
اومال لا مؤاخذة ايه سببها الزيارة ديّ
يا ستنا؟
قالت وعينها تتقد غليلاً وتكز على
أسنانها: تجتل مصطفى ابو جارحي
تهلل وجهه وقال: وجبت يا ست. اعتبري أمرك
نفذ
تبسمت وأخذت رشفة من الشاي وقالت: والله
جولك يوزن الدماغ كيف شايك يا ريس ضاحي
تعيشي يا ستنا..لكن بدي اسألك على رأي
الريس بدران في جتل مصطفى. يعني هو خابر بالحديت ديه, ولا هنلاجوه في وشنا يمنعنا
عنيه!
لاه اطمن, خابر مليح. هو صُح ما رايدش,
لكن آنا جولتله ما جدمناش حل غير جتله جبل ما ياجي بوه
بوه!!...خليل الجارحي معاود
النجع؟؟..كيف؟ ما خايفش على روحه؟
خليل الجارحي راجع يفدي ولده التاني من المرة
اللي هربها من يدنا
حياة بت زيدان!!..خليل له ولد من حياة بت
زيدان!
ايوة, خلف منيها واد في الحرام وشيعه
يجتل ولدي ويحرج ويسرج من غير ما حد ينضره
آنا ما فاهمش الحكاية ديّ يا ست
وآنا ما طالعاش افهمك ولا عندي دماغ اجول
واعيد..كل اللي طالباه منيك جتل مصطفى الليلة أو بكرة بالكاتير, عشان بوه جاي بعد يامين بالتمام وما رايداهوش يعيش لحد ما ينضره ووجتها يجضي
علينا كلاتنا ..آنا اهم شيء عندي ديلواك هو جتل مصطفى ابو جارحي عشان افوج لحسابي
مع حياة وجوزها من غير ما حد يمنعني عنيهم
قال وعيناه تفيض شراً:أمرك يا ست. هنفذوا
الليلة, هندبحوه في ساريره عشان يكون عبرة لكل اللي يجف جصاد الريس ضاحي
لاه يا ضاحي لاه, ما عايزاش حد يعرف
بجتله والنجع يتجلب, وبالخصوص اليامين دول. انتو تاخدوه ع الجبل وتجتلوه وترموا
جتته للديابة ولا مين شاف ولا مين نضر
صُح حديتك يا ست. كل اللي أمرتي بيه
هيتنفذ
تطلقت أساريرها قائلة: تمام. تنفذ
وتاجيني ع السرايا من الباب الوراني, وآنا هفتحلك بذات نفسي
اتفجنا يا ست
***************************************
في ذات الوقت الذي أمضته صفية في الجبل,
تسلل بدران إلى قصر مصطفى من الباب الخلفي يحمل جوالاً صغيراً, وغافل الحرس النيام
وفزع إلى غرفته, فتح الباب برفق ودلف مغلقاً الباب وضغط ذر المصباح فنفذ الضوء إلى
أجفان مصطفى فأيقظه منزعجاً,فتفاجئ برؤية بدران فاعتدل جالساً يقول: بوي!! حُصُل
ايه يا بوي؟
قال بحسم: همل النجع ديلواك يا مصطفى
ايه!! ..حصل مني حاجة كدرتك مني يا بوي!!
قال بحدة: جولتلك جوم, عم يدبروا لجتلك
وانت نايم ما دريان
رد ذاهلاً: هما مين دول يا بوي!!
كل اللي كارهينك, جولتلك جوم فز يلا ما
في وجت
قفز عن الفراش مسرعاً يستبدل ملابسه على
عجل, وفزع إلى حقيبة جلدية فوق الدولاب,نتشها وفتح الخزينة المكتظة بالمال
والجواهر وأخذ يجبذ رزم الأوراق المالية والجواهر ويلقي بها في حقيبته على عجل
بنهم وعينان متسعتان تطلق نظرات جائعة جشعة.. وكأنه لا يود أن يفر من الطوفان إلا بخزائن ممتلئة .. وبدران ما زال به يتعجله: يلا
هم يا مصطفى, همل المال ديلواك, آنا جايبلك معاي مال كاتير في الشوال ديه
مهما كان يا بوي, ما ههملش المال اللي في
السرايا. آنا رايح على ايام ما عارفش مخبيالي ايه عاد
فزع إلى الأدراج يلملم أغراضه حتى انتهى
وهو يلهث والعرق ينضح عن جبينه, فقال بدران:طب خد الشوال اها هو التاني واهرب من الباب الوراني. وانت عارف
تخرج من النجع كيف
ما تشيلش هم يا بوي
هم أن يفر من الباب دونما وداع لبدران
الذي ناداه بصوت أب حاني مشرعاً ذراعيه: مصطفى
التفت فتبسم ووضع الجوال والحقيبة جانباً
وهرع إلى أحضان بدران الذي حضنه والألم يعتصره لفراقه..ربت بدران على ظهره وقال:
بالسلامة عاد يا مصطفى..أوعاك تنساني يا ولدي لو الوشوش ما اتجابلتش تاني
هز رأسه متبسماً وقال: الله يسلمك يا
بوي..كتر خيرك على كل اللي عملته معاي من يوم ما مات بوي
نكس بدران رأسه هنيهة ثم رفعها يقول:
بالسلامة يا مصطفى يا ولدي
حمل مصطفى الجوال وهرع إلى باب المغيب
وطفرت عبرة أبوية من عيني بدران..فما كان ليترك مصطفى يقتل لأجل أن تحيا صفية
******************************
بعد سويعات من هروب مصطفى, اقتحم ضاحي وعشرة من
رجاله القصر, هشموا باب غرفته ودخلوا مكتتفين بنادقهم فتفاجئوا بالفراش شاغراً
والأدراج مفتحة وفارغة.. فأدركوا أن هناك من أبلغ مصطفى بقدومهم فهرب على إثر ذلك
فجن جنون ضاحي الذي أسرع إلى صفية بالنبأ المشئوم عند الباب الخلفي, فهاج هائجها:
يعني ايه هرب من السرايا يا ضاحي!
كيف ما جولتلك يا ست. خدت رجالتي بسلاحهم
ودخلنا جاعته لجيناه مش فيها والخزنة
والادراج مفتحين وفاضين..كانّ حد بلغه جبل ما ناجي
زمجرت كالنيران المشتعلة وضربت الباب
بقبضة يدها غلاً وقالت: بدران
هرعت إلى بدران في قصره فألفته في
الحديقة يدخن النارجيلة وحوله رجاله, فصاحت فيهم: هملونا وغوروا من هنيه
نظروا إلى بدران فأومأ لهم بالانصراف,
فخلا المكان فانفجرت كالبركان: مصطفى ابو جارحي وين يا بدران؟
نفث أوار النارجيلة ببرود وقال: مصطفى
همل النجع
همله بعد ما جولتله اننا بندبروا لجتله,
مش كديه
سحب هواء النارجيلة وملأ به صدره وأفرغه
في وجهها بهدوء وقال: انتِ اللي يهمك إن مصطفى ما يكونش موجود لما ابوه ياجي
النجع, واهو همل النجع وما هيعاودش
وان عاود؟؟
جولنا ما هيعاودش, يعاود كيف وهو خابر
مليح أنكم رايدين تجتلوه! بايع روحه!!
زفرت بضيق وقالت: خلاص, هم وخلصنا منيه
عاد, عايزين نفكروا بجى في حالنا ونتجهزوا ليوم مجي حياة وخليل.و...
أشار بيده أن تكف وقال: كملي حديتك مع
ضاحي اللي حطيتي يدك في يده, آنا مافيش راس اسمع ولا ادبر, اللي تتفجوا عليه
بلغوني بيه
قام عنها ووضع عباءته فوق كتفه والتقط
هراوته قاصداً ماخور وداد
*****************************************
في الصباح أرسلت في طلب ضاحي فأتاها
ملبياً: أمرك يا ستنا
اجعد يا ضاحي
جلس قبالتها ينتظر ما في جعبتها بانتباه
بالغ, فقالت: رايداك تجمع رجالة الجبل اللي هجوا واتفرجوا عشان يحطوا يدهم في يدنا
جصاد رجالة صالح اللي متوكدة انهم هيظهروا عشان يحموا حياة من يدنا
ديّ أحب ما على جلبي إن رجالة الجبل
يرجعوا يد واحدة كيف ما كانوا جبل ما يفرج جمعهم مصطفى ابو جارحي
خلاص, ديّ مسؤليتك عاد
تمام يا ست..لكن برديك رجالة الجبل اللي
تحت يدي مش كفاية ويلزمهم مدد
ونجيبوه من وين المدد؟
رجالة صجر, الفين راجل تحت يده
قامت عن مقعدها وانفجرت فيه غاضبة:
رايدني احط يدي في يد صجر الخاين!!
طب اجعدي بس يا ست خلينا نعقلوا الحديت
ونوزنوه زين
زفرت وجلست تستمع على مضض فقال: في الاول
لازمن تعرفي إن صجر مش خاين, صجر متخان من رجالته وعرف مين الخاين وجتله
لكن مصطفى جاب بدل الدليل الف إن الخيانة
بتاجي من صجر
هه مصطفى!! يا ست مصطفى ديه واد اهوج
وارعن وعنديه حب المريسة حتى لو هيخربها ويجعد على تلها, لا يهمه يعرف مين الخاين
ولا جلبه ع اللي اتخان, ديه رايد بس يشوف الخوف والمذلة في عيون الناس ويفرض حكمه
عليهم, مصطفى ابو جارحي اللي بيحركه سلاحه مش عقله.يكفيكِ شر الارعن لما يمسك
سلاح.. يامَا نصحته, لكن عمره لا سمع نصح ولا راعى مجام كابير
عنديك حج يا ريس ضاحي..المريسة ليها
ناسها صُح
تكرمي يا ست
طيب خلاص عاد, شيع لصجر واتحدت معاه
أطرق رأسه باسماً, ثم رفعها يقول: وديّ
أصول يا ست انك تطلبي منيه يساعدك وهو خاطره مكسور بللي عملتيه معاه جدام رجالته!
ممم يعني ايه عاد! ما هيساعدناش عشانها
الحكاية ديّ!
هه تبجي ما تعرفيش صجر عاد..صجر ما يعزش
روحه عن اللي يجصده في معروف. ديه خيرة رجالة الجبل واسألي عنيه الريس
بدران..المجصود عاد إنك تطيبي خاطره جدام رجالته عشان نفسه تطيب ويرفع
راسه..واسمعيها مني يا ست, الكلمة المليحة تأسري بيها الجلوب مهما كانت
عصية,,والعصا الشاديدة تفرج ما تجمعش..واحنا محتاجين نتجمعوا ونبجوا يد واحدة
خير ما جولت يا ريس ضاحي..شيع لصجر
ولرجالته وآنا هراضيه واحج نفسي ليه جدام الكل
تبسم قائلاً: أهو ديه الحديت الزين عاد
اجتمعت صفية وضاحي بصقر ورجاله في
مندرتها وقدمت إليه اعتذاراً مرضياً طابت به نفسه ونفس ولده فتنفس الكرامة وتعاظم
في جلسته منتشياً, فقالت له: اوعاك تكون لساك شايل من خيتك صفية يا ريس صجر
الجلب راضي والنية صافية من هنيه ورايح
يا ستنا
هه ربنا يكرمك عاد.. وديلواك بجى نيجوا
للحديت اللي رايداك عشانه يا ريس صجر
وآنا رجبتي ليكِ يا ستنا
تسلم يا ريس صجر..رايدين رجالتك يحطوا
يدهم في يد رجالتنا جدام رجالة صالح
واحنا خدامينك يا ست, وعدوك عدونا,
ونضحوا بروحنا عشان نفديكِ
انتشت وقالت: وربنا ما خابرة اجولك ايه
على مرجلتك وشهامتك ديّ يا ريس صجر, ولا اجول ايه ولا ايه على الريس ضاحي....كنت
وين من زمان يا ريس ضاحي! وكيف ما حطيتش يدي في يدك بدل مصطفى ابو جارحي اللي ضيع
حالي ومالي وما جاب حج ولدي اللي اتجتل ولا جدر يمسك واد حياة ولا عرف هو مين لحد
ما همل النجع..يا بوووي كابوس برك فوج صدورنا وغار
هز ضاحي رأسه متحسراً وقال: نعملوا ايه
في خوكِ بدران عاد اللي مريسه علينا وهو حتة عيل صاغير ما يحسنش
اهو غار وغارت أيامه والنجع ارتاح منيه,
المهم ديلواك رجالة صالح وواد حياة اللي طايح في النجع كيف الجن لُزرج ما حد ينضره
ولا عارفله بكان
اطمني يا ست, هنجيبوه تحت اجدامك وتنحريه
بيدك
قالت ونظراتها تتقد غليلاً: هنحره جدام
امه وبعدها انحرها بيدي بت الحرام
****************************************************
بعد أن وحدت صفوف رجال الجبل وأغدقت
عليهم العطايا بسخاء لضمان ولائهم, كان عليها أن تضمن الشق الآخر من الموالي وهم
سمحون وأتباعه ومجاذيبه, فأرسلت في طلب سمحون الذي أتاها مهرولاً وجلس منصتاً:
اسمعني مليح يا شيخ سمحون, آنا محتاجاك ديلواك أكتر من أي وجت ولى
وآنا تحت امرك يا ست
رايداك تحط يدك في يدي ونبجوا يد واحدة
جدام رجالة صالح
رجالة صالح!! ...كانّك عرفتيهم هما مين
يا ست
لاه, لساي ما عرفتش. لكن عرفت مين اللي
عم يحركهم في النجع وماسك لجامهم في يده
مين يا ست؟
واد حياة بت زيدان من خليل الجارحي
ايه!!..هي بت زيدان اتجوزت خليل الجارحي
واد الليل!!
ايوة اتجوزته وخلفت منيه..لكن آنا بجى
عايزاك تخلي محاسيبك يلفوا على البيوت والاسواج وما يخلوا حصواية في الطريج إلا
اما يعرفوها إن حياة بت زيدان خلفت واد في الحرام من خليل الجارحي وشيعت الواد
يجتل ولدي محمود
..هو اللي جتل محمود بيه صُح؟
ايوة اومال مين اللي يتجرأ عليها العملة
ديّ غيره! همل الحديت ديه ديلواك وخلينا في اللي اتفجنا عليه, رايدة كل النجع
ينجلب على حياة, والناسي يفتكر الخاطية واللي عِملته, عشان اما تاجي يوم الجمعة في
الضهر ينادوها بالخاطية ويرجموها بالحجارة..مش دي عجوبة الزاني برديك يا شيخ
سمحون؟
ايوة اومال يا ست, ماشاء الله عليكِ, هو
آنا هفهم في الدين زييكِ!
الله يكرمك عاد, أها نطبجوا شرع ربنا
عشان الناس تتعظ ويبعدوا عنيها السكة البطالة
الله يجوي ايمانك يا ست صفية..لكن مين
جالك انها هتاجي يوم الجمعة؟
هتاجي هي وجوزها عشان تفدي ولدها
هو ولدها وجع في يدك؟
لاه, صاحبه البحراوي اللي وجع في يدي لما
كان جاي يعس عليه.. واللي شار عليّ اني اشيعه يجول ان واد حياة وجع في يدنا عشان
حياة جلبها يتخلع وتاجي في التو هو حجاب
حجاب!!
هه الواد ديه دماغه سم, صُح مكشوف عنيه
الحجاب, وجوله دايما ما يخيب معاي.. هو اللي عرف ان رجالة صالح هما اللي عم يجتلوا
ويحرجوا ويسرجوا وجه جالي
اومال, مش من محاسيب أبو المنصور!!
آنا رايدة كل محاسيب ابو المنصور يجفوا
معاي كيف رجالة الجبل
اطمني يا ست, كل اللي رايداه واكتر منيه
هيحصُل, ويمكن حياة تتجتل جبل ما توصل النجع
أشاحت بكفها: لاه, لو انجتلت ولدها ما
هيظهرش, آنا رايداه الواد ديه عشان يكشف كل المخبي..ناس النجع كلاتهم هيتجعوا في
الوسعاية الكابيرة, وحياة الخاطية هتتحاكم جدام الكل
مالت وأخرجت جوالاً كبيراً من أسفل
أريكتها وأعطته إلى سمحون قائلة: خد يا شيخ سمحون
ايه ده يا ست
افتح وانضر
فتحه على عجالة فاتسعت حدقتاه وسال لعابه,
إنه جوال من مال كثير يذهل الأعين, وهذا هو ثمن شراء ولاءه وأتباعه من المُيّل
والموائل ليندسوا بين الناس في باحة القرية يؤلبون الجمع على حياة التي آبت
بخطيئتها لتنال جزاءاً وفاقا..وهكذا صفية أخذت بكظام الأمر بعد أن جمعت في يدها
رجال الجبل ورجال سمحون لمجابهة رجال صالح الذين حتماً سيظهرون بعودة سيدتهم
حياة..حقاً سيكون يوماً كعاصفة هوجاء تجتاح القرية..ولكن..من ستقتلعه الرياح من
جذوره!!
أخذ اتباع سمحون رجلاً ونساءاً يطوفون
بالدور والأسواق وينفثون في أعراش الناس أن صاحبة الخطيئة آتية إلى القرية لتفدي
ولدها من الزنا بعدما عاث في القرية إفسادا, وعلى جميع الشرفاء أن يأتوا للعنها
ورجمها قصاصا ..الكثير استطاب ما سمع, فأغلب البشر أسماع بلا عقل, وتهفوا أنفسهم
لوصم الناس بالنقص
************************************************************
صعدت صفية الدرج مسرعة وقرعات نعليها
أشبه بطبول الحرب قاصدة غرفة عالية حاملة رايات الكيد,فتحت الباب واقتحمت الغرفة
فصاحت بها عالية: ايه ديه! كيف تدخلي بدون استئذان! لساكِ واخدة ع الزرايب اللي
جيتي منيها!!
ربعت يديها وتبسمت بهدوء وقالت: دوم كديه
يا عالية متخلجنة وكيف النار الجايدة!! معلش عاد.. آنا جيتك بالخبر اللي هيبرد
نارك اللي عم تاكل في جلبك من سنين عشان تعرفي غلاوتك يا بت الغالي
أطالت الفتاة إليها نظرة ارتياب صامتة,
فاتسعت ابتسامتها وقالت: أمك راجعة النجع يوم الجمعة عشان تفدي خوكِ عمر اللي
شيعته يجتل محمود ولدي
اتسعت حدقتا الفتاة وسرى الشك في قلبها
وألجمها الصمت لتفرغ الحية سمومها, فأردفت صفية تقول: ايه! ما مصدجاش ان امك راجعة
ولا ما مصدجاش ان ليكِ أخ في النجع ماليه بفجره!!
ضيقت عالية عينيها وقالت: هو جراب الحاوي
اللي معاكِ ما هيخلاش يا مرت بوي! كل يوم والتاني تطلعي منيه حية جاديدة تسعى بين
الناس بسمها!!
انفجرت ضاحكة وقالت: لاه يا بت
جوزي..المرة دي مش حية, المرة دي عجرب وخارج من جراب امك ...ايه ما مصدجاش انها
راجعة!!
لاه ما مصدجاش, ولا عمري هصدج جول المرة
اللي افترت على امي وطلعتها من السرايا بالكدب وجول الزور
كديه!! الله يسامحك يا بتي عاد! اهو كديه
الطيب دوم متهوم ومظلوم..بدل ما تلومي عليّ وترميني بالباطل, لومي على امك الخاطية
اللي هربت مع الغريب وخلفت منيه واد في الحرام
هاج هائج عالية وصرخت بها: أخرسي يا
فاجرة وكفاكِ كدب وزيف وجلب حجايج, ايه فكرك بامي من جاديد عشان تتهميها في واد
زنا بريئة منيه!! اسمعي يا أفجر مرة نضرتها في دنيتي, حياة بت زيدان لو خلفت ما
هتخلف غير في الحلال, ولو كان ليا أخ صُح كان جه وجال فين خواتي.كفاكِ بجى كفاكِ
وغوري من هنيه ما طايجاش انضرك ولا اسمع حسك
ابتسمت بهدوء يفري كبد الرائي وقالـت:
طالما ما مصدجانيش, انزلي وطوفي في النجع بين ناسه واسواجه واسمعي حديت
الناس..كلاتهم عم يجولوا حياة بت زيدان معاودة النجع يوم الجمعة هي و واد الليل
خليل الجارحي اللي هربت معاه عشان تفدي ولدها عمر..خوكِ اللي وجع في يدنا وما
هنهملوش غير جتة ونحسر جلب امه عليه.ممم وجلبك انت التانية, ماهو مهما كان خوكِ
والدم بيحن عاد ههه وبعدها عاد نجتلوها هي التانية, اومال! مش فاجرة وراجعة
بفاضيحة!! كل أهل النجع هيتجمعوا في الوسعاية الكابيرة عشان يشهدوا مجتلها.. ..
روحي بشري اختك وطفة اللي كيف الميتة عشان خشمي وجعني من الحديت ههه مش طول عمركو
تجولوا نفسنا نشوفوا امنا! اهو جاكو اليوم اللي هتطمنوا عليها في جبرها وترتاحوا
خرجت صفية تقهقه وتركت عالية تتلظى على
موقد الظنون..لا..لن تترك نفسها لنهش ليوث الظن, فقد وجب التيقن قبل أن تخبر
وطفة..ارتدت عباءتها وتلفعت بحرامها وانطلقت إلى الأسواق تخفي وجهها بطرف
الحرام..ترقب وجوه الناس بعينيها
الحادتين, تمشي بتؤدة وتسترق السمع عند كل تجمع وكل متناجيان,الجلاس على قارعة
الطريق,الباعة والمشترون,العابرون إلى جوارها, همهمات لا تتبين منها إلا حياة
والخطيئة, حياة, حياة,,فجميع الأفواه تلوك ذات الحديث , وبين وجوه شامتة ووجوه
حائرة ووجوه تبدى عليها الحزن لما سيحل بابنة الكرام مضت وقد تيقنت من الخبر,
ففزعت إلى عمتها وقبل أن تصل بخطوات ظهر حجاب في طريقها ينشر عبق البخور فوق رأسها
ويقول متهللاً: أمك راجعة يا به, امك راجعة, لافيني ريال حلاوة رجوع امك
نظرت إلى منظره الرث الذي اعتادت مرآه,
إنه المجذوب الذي تراه دائماً عند صفية..ولكن لِمَ هو فرح بقدوم أمها! بالأخير هو
مسكين بلا عقل ويستحق الصدقة..فتحت كيس نقدوها وأعطته مالاً زهيداً ومضت في طريقها
بخطوات مسرعة إلى منزل عمتها ..طالع النقود الزهيدة وتبسم من شحها ثم مضى يترنح بمبخرته
*********************************
اتجهت صفية إلى غرفة كامل بالخبر الذي لم
يكن يوماً في حسبانه, وبعدما اخبرته بأمر حياة, رد ذاهلاً: حياة معاودة
النجع!!...وكماني خلفت واد!!..ربنا عطى الواد لحياة من راجل غيري!!
استبد الغيظ بصفية فعلا فحيحها: مخلفاه
في الحرام من خليل الجارحي
...حياة!!..حياة بت الحاج زيدان تخلف من واد ليل في الحرام!!
ايوة يا خوي, اومال يعني بنكدبوا عليك!!
شفت المرة وفجرها!! اهو الزمان دار ومعاودة عشان يتنفذ فيها حكم الزنا اللي طفشت
منيه من سنين. اهو ولدها جابها متكفية على بوزها غصب عنيها, اومال, ربك منتقم,
حسبنا الله ونعم الوكيل فيها وفي اللي عملته فيك بت الحرام
نكس رأسه, ثم رفعها يقول: البنيتا عرفوا؟
ايوة. جولت لعالية وهي تبجى تجول
لاختها..جهز روحك يا كامل عشان هتكون اول الشاهدين عليها جدام الناس
...لاه..آنا ما هروحش..كيف اوري وشي
للناس اللي هينهشوني بعنيهم
لا هتروح يا كامل, لازمن تروح وتشهد
عليها وتجول جول الحج جدام اهل النجع كلاته, لازم تنضر بعنيك الحكم اللي هيتنفذ
فيها بت الحرام عشان نارك تبرد من الخاطية ديّ
أطرق رأسه حزيناً يتجرع ذكريات مرة كنبت
الصبار في قلبه
**************************************
أنبأت عالية عمتها بخبر قدوم أمها إلى القرية, هبت عن مقعدها
ذاهلة تقول: جولتي ايه يا عالية!! أمك!! حياة! حياة معاودة النجع الجمعة الجاية!!
أي والله يا عمة كيف ما جولتلك
نشجت جميلة وذرفت عبرات الحنين وقالت :
حياة! يا شوج كل حبة تراب في النجع ليكِ يا حياة. يا طول شوجي ليكِ يختي, سنين
البعاد مرت على جلبي اجوى من النار. آآآه يختي..يا جلبي الموجوع يا حياة
أبكت كلمات العمة المنبجسة من أعماق
رابية الوداد عيني عالية, فمسحت العبرات عن عينيها وقالت ببسمة رقيقة: كفاكِ بكا
يا عمة, بكتيني..ربنا عالم حالي كيف من وجت ما جالتلي المرة اللي اسميها صفية إن
امي راجعة.. هشوف امي وانضرها بعيني لأول مرة من يوم ما وعيت ع الدنيا, بس يا ألف
حسرة يا عمة, الفرحة ما هتكملش وهياخدوها مني تاني عشان يجتلوها
انتفضت جميلة غاضبة: لاه, لاه يا عالية.
ما في مخلوج هيمس شعرة منيها مهما كان التمن
تنهدت وقالت بأسى: مش بأمري ولا أمرك يا
عمة. ده هيبجى أمر أهل النجع. ما انتِ خابرة انهم تاهمين امي بالعار ولازمن يوجعوا
عليها الحد
قالت والغليل ينهشها:العار عارهم مش عار
حياة, كل من صدج في حياة تهمة العار هو اللي غرجان في عاره وأولهم صفية بت الكلاف.
حياة أشرف منيهم كلاتهم, ولازم كل عارف بالحجيجة يعلنها باعلى صوته. اللي يستحج
الموت صفية, المرة اللي سم الشر مالي جوفها وعم تبخه في كل بكان تخطي فيه. لازمن
ناس النجع يفوجوا
عشان يفوجوا يا عمة لازمن الحج يبان
الحج باين كيف الشمس, لكن كانّهم عميان
ربتت عالية على كتف عمتها وقالت: يوم
الجمعة جبل الضهر هجيكِ يا عمة نروحوا سوا ومعانا وطفة ان شاء الله..محتاجاكِ جنبي
جوي يا عمة وانا بشوف امي ولو لآخر مرة
اتجهت عالية إلى الباب باكية تتدافع
عبراتها إلى وجنتيها وعمتها تنظر إليها بأسى
*************************************
عادت عالية إلى القصر وأسرعت إلى غرفة
أختها وطفة تقتحمها فألفتها كالعادة مستلقية على فراشها ولم تحفل بدخولها المباغت,
فقالت عالية بوجه متربد ونبرة حادة: أمك معاودة النجع يوم الجمعة
اتسعت حدقتا الفتاة وانتفضت جالسة تقول:
أمي!!..أمي مين؟
ايه! نسيتِ ان ليكِ ام!!
عمري في يوم ما نسيت امي..لكن اللي عم
تجوليه ديه ما هيحصُلش
ليه؟
زفرت وقالت: عشان امك لو عاودت أهل النجع
ما هيهملوهاش حية لإنها خاطية في نظرهم
والحجيجة وين؟
الحجيجة غايبة
لاه, الحجيجة باينة كيف الشمس وامك معاودة
ولازمن نجفوا جنبها ونحميها
ما هنجدرش
اهتاجت عالية وصاحت بها: ايه, ما تفوجي
من نومة الجبر اللي ولفتِ عليها ديّ وتحدتيني زين, ولا كانّك متي كيف ما بتجول
عنيكِ بت كلاف البهايم!! واحدة غيرك لو مخفية تحت سابع أرض و سمعت ان امها معاودة
بعد سنين كانت تنبش الاحجار بضوافيرها عشان تخرج تنضر امها بعينها, وانتِ ايه!
جلبك مات وما دارياش ولا انت ايه فهميني
انتفضت عن فراشها وثارت ثائرتها: رايداني
اعمل ايه يا عالية! اخرج واشوف امي اللي مشتجالها بشوج الجبال ما تجدر على حمله
وهي بتتجتل جدام عيني من كلاب النجع!! عايزاني بدل ما اترمي في حضنها اترمي فوج
جتتها وابكي عليها دم!!
أجهشت بالبكاء ثائرة تصرخ وهي تمسك
رأسها: ما هجدرش ع الويل يا عالية, ما هجدرش ع الويل
انطلقت عالية من الغرفة وصفعت الباب خلفها بعد
أن أيقنت أن اختها مصفدة بأغلالها في وادي الجحيم وتنعم بعذابها
***************************************
قبيل شروق شمس اليوم السابق لعودة حياة
وزوجها إلى القرية, خرج حجاب من البوابة يترنح أمام الحرس بمخبرته ويتمتم
بتعويذاته..وعند الظهيرة عاد بصحبة امرأة عجوز منحنية الظهر, ترتدي ثوباً أسود رث
كالح,وقد تدلى شال أسود بال على وجهها
فأخفاه. تتوكأ على عصا تعينها على خطواتها الوئيدة العاثرة, وحجاب يحمل عنها مشنة
كبيرة من الخوص, مغطاة بقطعة قماش من بقايا ملاءة سرير مهترئة, فسأله الحرس: مين
المرة ديّ يا حجاب؟
دي امي, الحاجة أم حجاب, عليها ندر لابو
المنصور وجاية توفيه
ردت المرأة بصوت عجوز مرتعش: جيالك يا
ابو المنشور عشان اوفي الندر
استدارت إلى حجاب وضربته بطرف يدها وقالت
بحدة: جبت الشمع يا واه؟
الشمع في الجراب يا امّا, اطمني
طلع عيش وفول نابت ووكل الناس الطيبين
دول
أمرك يا امّا
أخرج حجاب ثلاثة أرغفة وأعطاهم للحرس,
فقالوا بازدراء: فول نابت!!
فقالت العجوز:كلوا وادعوا لاشيادكو اللي وكلوكِ
الفول النابت, هتكفروا ولا ايه يا ولاد المحروج! جبر يلم العفش
همي يا امّا ليحبسوكي في يومك الإبيض ديه
دخل بها حجاب إلى القرية دونما ريبة من
الحرس, ولِمَ الريبة في أمر امرأة عجوز أتت للوفاء بالنذور!!...اصطحبها إلى مسجد
المبتدعة, فخلعت نعليها ودخلت تزغرد, وهرعت تغالب خطواتها العاثرة إلى الضريح,
وإلى جواره جلست, وقالت لحجاب, روح فرج الندر على حبايب ابو المنشور
حاضر يا امّا
رمقها الشيخ المبتدع سمحون فسأل حجاب وهو
يوزع النذور: مين المرة ديّ يا حجاب
واه! ما عارفهاش! دي أمي
أمك! وكنت هعرفها من وين وهي متلتمة
كديه!..كان عليها ندر لابو المنصور إياك؟
ايوة, وروحت جبتها لاجل توفيه.خد راغيف
فول نابت أها
فول ايه يا فقري انت التاني! روح وزعه ع
الجعانين
حاضر يا ابا الشيخ سمحون..سلمي ع الشيخ
سمحون وانتِ في مُطرحك يا امّا, معلش امي ما جادراش تجوم
هتجوم كيف العضمة المخوخة ديّ! كيفك يا
ام حجاب
مليحة يا شيخ شمحون, الله يديك على كد
نيتك ويسجيك من اللي في جلبك جول آمين
يخرب بيت فالك مرة فجرية
اتجه سمحون إلى خارج المسجد, فعاد إليها حجاب بعد أن فرغت المشنة
يقول: خدي المشنة أهيه يا امّا, وخليكِ جاعدة هنيه, احنا التنين هنبات في الجامع
لحد ما ياجي بكرة ان شاء الله
ياجي بالخير يا ولدي بإذن ربك
***********************************************************
لملمت حياة بعض أغراضها وحمل خليل الجوال
فوق ظهره استعداداً للرحيل إلى قرية أبي المنصور, وعند الخروج من الباب, نظرت إلى
شقة الجيران وقالت والشتات على وجهها: هسلم على اما حليمة جبل ما امشي يا خليل
طيب, هستناكِ جدام البيت, ما تتأخريش عاد
حاضر
دقت الباب, فسمعتها الحاجة حليمة وهي
جالسة على سجادة الصلاة, فختمت صلاتها مسرعة, وفزعت إلى الباب تتوكأ على عجزها,
وما أن ألفت حياة سألتها بلهفة: عمر رجع؟؟
ردت بأسى: رجع وين بس يا امّا! ما انا
جولتلك من يوم ما صاحبه جانا انه محبوس في النجع ولازمن نروح نفديه آنا وخليل
آنا عارفة ايه اللي خلاه يروح هناك الواد
ده! الله يسامحك يا عمر, بتوجع قلبنا ليه بس يا ابني!
نظرت إلى حياة بشفقة وتشبثت بذراعها
تقول: بلاش تروحي يا حياة, خلي خليل يروح لوحده, أخاف عليكِ يا بنتي, خليل مهما
كان راجل ويعرف يتصرف, لكن انتِ يا حبة قلبي هتعملي ايه معاهم اللي ما بيتقوش ربنا
دول, طاوعيني وخليكِ معايا يا بنتي, دانا من يوم ما قلتِ انك رايحة هناك وآنا ما
بنمش حتى اسألي عمك عامر
ما ينفعش يا امّا, شرطهم آني آنا كمان
لازمن اروح, وحتى لو ما كانوش اشترطوا كديه, ما كنتش ههمل خليل يسافر لوحده واجعد
هنا على نار تكويني ..اهملك في حفظ الله ورعايته يا امّا حليمة
احتضنتها حياة وهمت بالانصراف, فذرفت
الحاجة حليمة العبرات وأمسكت بيدها قائلة بحنو: هترجعي تاني يا حياة؟
…..العلم عند الله يا امّا..لكن صدجيني
لو عايشة والعمر فيه بجية هاجيكِ واجيب عمر والبنيتا كمان يشوفوك
أجهشت حياة بالبكاء واستطردت بنشيج: لو
ما رجعتش, افتكريني بالرحمة عاد يا امّا
تفتت كبد العجوز حزناً وانفجرت باكية
تهتف باسم حياة وهي تنزل الدرج مغادرة إلى مصير مجهول: حياة, حياة, بنتي, ربنا
يرجعك بالسلامة يا حبة قلبي ويطمنا على عمر
دلفت الحاجة حليمة المنزل وهي تدعوا
بمرارة على من يريد شراً بجارتها الودودة الطيبة وولدها: الله يجازي ولاد الحرام,
يا رب انتقم منهم بعدلك ونجي حياة وابنها وجوزها دول غلابة وانت اللي عالم بيهم
*************************************************
توافد أهالي القرية وما زال يتوافد
المزيد كالأمواج الهادرة.والتفوا حول الساحة الفسيحة كالطوفان المحيط بأرض
يابسة,رجالاً ونساءا وشيوخاً, بل وحتى الصغار, فالجميع يريد أن يشهد ما سيحل بحياة
والرجل الذي هربت معه مذ أكثر من عشرين عاما,سيجت الساحة بالحرس المدجج بالسلاح
ليحول بين الناس وبين النفاذ إلى الساحة.. وقد امتدت طاولة فخمة, جلس إلى مقاعدها الوثيرة
الشيخ سمحون والعمدة وبدران, فقد بدوا في مقام القضاة وسيقضون بموازينهم .. ظلت عينا
صفية تدور في الأرجاء, تذرع الساحة ذهاباً وإياباً وتضرب بقبضة يدها على راحة كفها
باضطراب, وعمر يرمقها عن كثب بعينين جامدتين ونظرات حادة وهو يتمتم وينشر عبق
مبخرته, فأبصرته فعدت صوبه ونشبت أظافرها في ذراعه تقول بصوت حاد: حياة ما جاتش
لحد ديلواك
تبسم قائلاً: هتاجي عشان تفدي ولدها
وتاجيب المطلوب منيها, اطمني
سددت إليه نظرة صامتة, وعادت إلى الساحة
ترقب مجيء غريمتها لتقتل أمامها وتستريح من تلك الشبح الذي قض مضجعها طوال سنوات
عجاف لم تثمر نبت الراحة وسكينة الفؤاد
لم يمض كثير حتى أقبلت السيارة التي تقل
حياة وزوجها,فاختفى حجاب عن الساحة.. وقفت السيارة غير بعيد, فترجلا عن السيارة
يهرولان, وقد تهايج الناس وتعالت أصواتهم وطفق المندسون بين العباد يسبون حياة
ويرمونها بالخطيئة ويهيجون الناس. حمل خليل الجوال خلف ظهره والأعناق حولهما
مشرئبة والأعين ملتصقة بهما والسباب ينهال كرشقات النبال, شقا الجموع ونفذا إلى
الساحة ووقفا في وسطها, ووضع خليل الجوال أرضاً فأحاطهما سياج من الحرس التي تحول
بينهما وبين الجميع إلا من فرجات بين الحرس كفرجات القضبان الحديدية.تمكنهما من
رقب ما يدور في الساحة عن كثب. ظلت حياة
تطالع الوجوه البعيدة علها ترى وجوه حبيبة غيبتها الأقدار فتخمد بعض نيرانها, ولكن
كل وجوه كساها الضباب فلا تتبين الملامح عن بعد..لا ترى من بين الجموع إلا بعض الأيادي تلوح لها بشوق في كل المرامي
حولها, لكن لا تدري لمن تلك الأيادي, لم تيأس وظلت تبحث عن وجوه بناتها بقلب أم
يعتصره الشوق, ترسل عينيها إلى السماء الرحبة توسلاً لله ولسانها لا ينطق إلا
يارب, فرج الكرب.. هرعت إليهما صفية تباعد بين حرسين و تحدجها بنظرة شامتة وقالت
متهكمة: مسير الحي يتلاجى صُح. يا مُرحب يا حياة, نورتي نجع أبو المنصور
استشاطت حياة غضباً وسألتها بحدة: ولدي
وين؟
ههه ولدك اللي خلفتيه من الحرام!!
أخرسي يا خسيسة, آنا اشرف منك ومن ناسك
هه كديه! ناس النجع يحكموا في الحكاية
ديّ عاد
أزاحها بدران وخلفه بعض رجاله, ووقف قبالة
خليل الجارحي وقد علت محياه بسمة عداء وقال: يا مُرحب يا يا ابو جارحي, خنتنا
وهملت النجع وهملت ولدك اللي مالوش غيرك عشان مرة!!
تطاير الشرر من عيني خليل الجارحي وصاح
فيه: إياك تاجيب سيرتها على لسانك النجس يا بدران الكلب
قهقه وقال: واه! كانّ العشج مذلة صٌح يا
رجالة
قهقه من حوله إمعانا في إثارة حافظة خليل
الجارحي, فانتفخت أوداجه غضباً وهم بالرد, فأمسكت حياة بذراعه ونفثت في عرشيه
بأنفاسها المتلاحقة الحارة: اوعاك يجروك للغلط يا خليل, احنا جايين نخلصوا ولدنا
من يدهم
ربت على يدها واستدار لبدران بتجهم: وين
ولدي عمر يا بدران
هه وكماني خلفت منيها واد! والله براوة
عليك
ما تلفش وتدور يا بدران, وين عمر ولدي
فرج عن ابتسامة باردة, واستدار عامداً
مقعده الوثير خلف الطاولة وخلفه رجاله, فزمجر خليل غيظاً, فربتت حياة على يده
تهدئه
استدارت صفية ونادت في الناس بصوت جهور:
اسمعوا يا اهل النجع, حياة بت زيدان اللي سِرجت دهبات الحاجة فايجة, وبعدها خانت
جوزها و هملت بنتّاها وهربت مع خليل الجارحي, خلفت منيه واد في الحرام وشيعته يجتل
ولدي محمود ليلة عرسه. التار عند حياة بت زيدان بجوا تارين, تار الزنا وسكة
الحرام, وتاري آنا عنديها وعند ولدها واد الحرام عمر
ضجت الساحة بهمهمات الجموع وقد استشاط
خليل غضباً:هجتلك يا مرة انتِ, هجتلك. حياة ستك وست النجع كلاته, عمرها في يوم ما
كانت خاطية ولا تعرف سكة الحرام اللي تعرفيها انتِ يا بت الحرام
حدجته بنظرة ملتهبة وقالت تقدح شرارات
غيظه: ومين هيدافع عنيها غيرك! مش عشجتها وخدتها من جوزها بعد ما غويتها!!
هاج هائجه يتوعدها: هجتلك يا مرة انتِ,
موتك على يدي, هجتلك واخلص الناس من شرك
هه انت وهي اللي هتتجتلوا. الحكم عليكم
سبج من سنين السنين, وجيتوا لجضاكو بعد العمر ديه كلاته
قالت حياة بتهكم: ومن ميتى الظالم يحاكم
المظلوم! من ميتى الجاتل يحاكم المجتول يا صفية! انتِ اللي فرجتِ بيني وبين جوزي
وحرمتيني من بنتّاي, وما مكفاكيش كديه, لاه, تهمتيني في شرفي ورمتيني بالباطل
وحطيتي راسي وراس بنتاي في الوحل
الوحل انتِ اللي خطيتي فيه يوم ما مشيتِ
في الحرام وما فكرتيش في بنتاكِ.
استشاطت حياة غضباً: كدابة, كدابة. كل
جولك زور في زور
هه ولو كان جولي فيكِ زور, تجولي ايه في
خدامتك نعمة اللي نضرت فضايحك بعنيها وشهدت عليكِ
أقتحم الساحة ولدا العمدة أشرف وطايع
بصحبة المرأة العجوز الذي أتى بها حجاب المجذوب.فاتسعت حدقتا العمدة ذهلاً وشعر أن
ولداه يلعبان في لعبة الخفاء, فطفق ينقل بصره بينهما وبين المرأة العجوز التي
اعتدلت واستوت في وقفتها ورفعت هامتها وكشفت عن وجهها, فما كانت العجوز إلا نعمة
خادمة حياة و التي علم مكان اختبائها عمر من أبيه, فقد تركها أمانة عند بعض أقاربه,
وحان اليوم الذي تكشف فيه الأقنعة عمن تآمروا على سيدتها فصاحت بصفية بصوت مرعد
حاد: الست حياة عمرها ما عملت الحرام
استدارت صفية فإذ بها تفجع برؤية نعمة
خادمة حياة, تقف بثبات مسدد نظرات كراهية مستعرة إليها, شبت نيران الغليل في قلب
صفية وصاحت بها: انتِ رجعتِ النجع تاني يا كلبة حياة!
جيت عشان أكشف كدبك وزيفك وارد كيدك عن
اسيادك. انتِ اللي خلتيني اشهد على الست
حياة بالزور لما هددتيني وساكينك على
رجبتي عشان انطج بللي انتِ رايداه وموافج مصالحك مع كامل بيه اللي طمعك في سرايته
عمى جلبك يا صفية
كدابة, كدابة يا كلبة حياة, عطوكِ كد ايه
عشان تشهدي بالزور, عطوكِ كد ايه عشان ترجعي وتجلبي الحج باطل! ايه رجعك, ايه رجعك
يا كلبة حياة
ما كنتيش رايداني ارجع عشان ما تلاجيش
اللي يرد كيدك!! لكن لاه يا صفية, رجعت عشان اشهد بالحج اللي حبستيه في جوفي. رجعت
عشان اتبرأ أمام الله من شهادة الزور اللي جبرتيني عليها بظلمك, رجعت عشان اطلب
السماح من الست حياة
هرعت نعمة إلى حياة وانكبت على يدها
تقبلها راجية بعبراتها: سامحيني يا ست حياة, أحب على يدك سامحيني وكفاني جمر
العذاب اللي عم اتجلب فيه من يوم ما حُصُل اللي حُصُل
مسامحاك يا نعمة. خابرة مليح انك كنتِ
مغصوبة ع اللي عملتيه
جن جنون صفية فصاحت في أهل القرية: يا
اهل النجع, حياة بت زيدان جبرت خدامتها تغير شهادتها عشان تفر من يدكو بذنبها
وعارها.. والدليل أها, عرفت من وين كلبة حياة انها راجعة النجع النهاردة بالخصوص!!
جابني عمر واد الست حياة عشان اشهد بالحج
واطهر من ذنبي
صاحت صفية وهي تعض أنامل الغيظ: واد
حياة, انت وين يا واد حياة, انت وين يا جاتل ولدي؟؟
لم يجبها مجيب فصاحت في الناس: يا اهل
النجع, حياة بت زيدان جدامكم, وجعوا عليها حد الزاني وارجموها لحد الموت
أتى صوت امرأة من خلفها مدوياً: الموت
انتِ اللي تستاهليه يا بت الكلاف
نظرت خلفها فإذ هي حورية, فارتجفت وشخص
بصرها وقالت بنبرة خافتة وأسنانها تصطك: انتِ!! عاودتِ النجع ليه!! جاية ليه يا
حورية! اياك تنطجي يا حورية
أزاحتها وصاحت بصوت جهور: لاه, هنطج
وهجول كل اللي حُصُل منيكِ..ومني آنا التانية يوم ما عينتك على الكيد والظلم ,
اسمعوا يا اهل النجع
انقضت عليها صفية ونشبت أظافرها في عنقها
لتخنقها وهي تصيح بها: اخرسي, اخرسي يا بت الحرام
دفعتها بعيداً وزأرت: بعّدي عني خليني اجول
على اللي حًصُل واسمع أهل النجع.. واسمع انت التاني يا كامل بيه يا ابو الحجاج
صرخت صفية بجنون: كدابة, كدابة, ما
تصدجوش اللي هتجوله يا اهل النجع, اوعاكوا تصدجوها, بت زيدان اشترتها بالمال كيف
ما اشترت خدامتها
صاحت حورية بثبات: اسمعوا يا اهل النجع
الحكاوي اللي كانت خافية عليكو وما درينش بيها, صفية بت الكلاف اتفجت معاي نطلعوا
الست حياة من بيتها بفاضيحة عشان تفرج بينها وبين جوزها, خلتني اسرج دهبات الحاجة
فايجة وادسهم في بيت الست حياة, وراحت لكامل بيه وجالتله مرتك السارجة ودلته ع
البكان اللي آنا دسيت فيه الدهبات, ولما لجى الدهبات طلج مرته وزعطها من السرايا.
لكن يشهد ربنا إن الست حياة يدها طاهرة وما اتمدت للحرام, وكمان بت الكلاف وخوها
بدران هما اللي خطفوا الست حياة ونعمة يوم ما خرجتها بكيدها من بيت خوها صالح بيه,
وكانوا هيجتلوها ويشيعوا في النجع انها هربت مع راجل غريب عشان العار يطولها حية
وميتة, لكن ربنا نجى الست حياة لما هربها من يدهم خليل الجارحي
كاد عقل صفية أن يطيش فوضعت يدها على
رأسها وأخذت تصرخ في حورية: كدابة, كدابة يا حورية, كدابة, اشترتك بكام بت زيدان
عشان تفتري عليّ وعلى خوي حامي النجع وناسه من رجالة صالح, اشترتك بكام انطجي. ما
تصدجوهاش يا اهل النجع, ما تصدجوهاش, حياة هي اللي سِرجت, حياة هي اللي مشت في
الحرام , قالت حورية بصوت جهور: وهي اللي جتلت الحاجة فايجة إياك!!
بهتت صفية وشخصت أبصار الجميع, فصاحت
جميلة من وسط الجموع: جولي يا حورية كيف بت الكلاف جتلت امي, جولي عشان الناس
يفوجوا من الغفلة و يحكموا بالحج
هجول يا ست جميلة, هجول كيف جتلت امك
بالسم اللي نضرتها بعيني بتدسه في الفاطير ووكلت منيه الحاجة فايجة بجلب
ميت..ريتها بعيني وما جدرتش انطُج..في الليلة دي صحيت في الليل عطشانة وريجي ناشف,
روحت ع المُطبخ لجيت النور مزهجر, ولساي هدخل لجيت صفية ماسكة جزازة صغيرة وعم تحط
منيها وتدعك وش الفاطيرة, اتخلعت وجلبي وجع في رجلي ورجعت على جاعتي اتنفض وركابي
سايبة, وحمدت ربنا انها ما شافتنيش وإلا كانت جتلتني آنا التانية…في الصبح جالتلي
اطلعي صحي الحاجة فايجة, طلعت وآنا عارفة اني هلاجيها ميتة..وصُح لجيتها متشخبة
وميتة. صرخت بعلو حسي, وطلعت صفية تجري وكانت في الاوضة جبل كامل بيه, تصرخ
وتتململ وكأنها ولا جاتلة جاتيل
ضجت الباحة بالهمهمات وتقليب الكفوف عجباً,واتسعت حدقتا
كامل والتصقتا بصفية ذهولا وهو يهز رأسه
فاغراً فاه فزاغت ببصرها كأنها لا تراه,, فصاحت جميلة في الناس مشيحة بيدها غضباً:
اسكتوا, اسكتوا خلي المخبي يبان, في ايه تاني يا حورية مخبي علينا
أردفت حورية: والسبب اللي خلا صفية تجتل الحاجة فايجة وتخلص
منيها هجوله ديلواك واكشف سترها جدام الكل..كنت مع صفية في مستشفى المركز يوم ما
شالت الرحم وخبت على كامل بيه وجالت انها عملت الزايدة, عشان ما يعرفش انها خلاص
ما هتجدرش تخلف ويطلجها ويشوف مرة غيرها يخلف منيها الواد..وعشانها عارفة الحاجة
فايجة ما هتسكتش لو اتوخرت في خلفة الواد, جتلتها عشان تخلص من زنها وتستفرد بكامل
بيه اللي كان لازم تمرضه وتعجزه هو التاني عشان تكسر عينه وتفهمه ان هي اللي
متحملاه بعجزه, كانت تدسله السم في الوكل والشرب لحد ما اتهلكت صحته وعجز وجتته
اتملت بالمرض, وهي جال من حنية جلبها تديه الدوا في معاده..آآآخ يا ناري, وهي
بجبروتها اللي مرضاه بت الحرام
زأرت مهتاجة وهي تنظر إلى كامل: ما
تصدجهاش يا كامل, ما تصدجهاش, حياة بت زيدان عم تكيدلي عشان تطلجني منيك, اوعاك
تصدجها يا كامل, اوعاك
كان ينظر إليها في صمت بأعين متحجرة,
فانقضت على حورية تخمش وجهها بأظافرها وتسبها: عايزة مني ايه يا بت الحرام, وعدتك
بإيه حياة عشان تتهميني بالباطل وتفرجي بيني وبين كامل!
دفعتها حورية بعيداً وصاحت بالناس: عشان
الكل يصدج واولهم كامل بيه, هعطيه الورجة اللي توكد الحديت اللي جولته عن العملية
اللي سويتها في مشتشفى المركز.أخرجت من بين طيات ملابسها ورقة بالية ملزقة ببعضها
وقد نالها إصفرار القدم, هرعت إلى كامل بها فركضت خلفها صفية كالوحش الضاري لتمنعها,
فاعترضتها جميلة كالصخرة الشامخة تنظر في عينها بنظرات حادة ثابتة فزاغ بصرها
وتسمرت, سلمت حورية الورقة لكامل وقالت: اتطلع في الورجة مليح يا كامل بيه عشان
تعرف إن حديتي صُح والمرة ديّ غشتك
أخذ يطالع الورقة بكل أحرفها المهترئة.
فتيقن أن كل ما تفوهت به حورية صحيح..بل كل ما جاءت لتشهد به يجب أن يصدقه تبعاً
لهذه الخديعة..إتهام زوجته بالسرقة والطعن في عرضها والتفريق بينهما..مقتل
أمه..إمراضه وتعجيزه..أغرورقت عيناه بالعبرات على عمر قضاه في جحيم مصطنع نسجه
دهاء تلك المرأة اللآثمة..ولكن من فتح لها تلك الباب الخفي للتسلل إلى حياته
كالحية الرقطاء..حورية...أجل حورية هي الخائنة التي فتحت باباً للأفعى لإيذاء أهل
الدار الآمنة المطمئنة..فلولا خيانة الحارس, ما نقبت الحصون..اشتعل الغليل بداخله
على حورية التي وارت وجهها عن رشقات نظراته, ربتت جميلة على كتفه وقد جادت عيناها
بالدموع وقالت بعتاب المحب: صدجت يا خوي انها بت أبالسة ما تتجيش ربها!!
رد متحسراً: ويفيد بايه ديلواك يختي!
العمر ولى في كيد مرة. ولما ربنا كشف سترها ما هجدرش أرد كيدها
هيترد وتاخد جزاتها
اتجهت حورية إلى حياة وقفت أمامها تنظر
من بين خلل الحرس وصاحت بالناس..أنا جاية ديلواك عشان اطلب السماح من الست حياة
جدام النجع كلاته..نظرت بانكسار إلى حياة وقالت: سامحيني يا ست حياة على اللي
عملته فيكِ, احب على يدك سامحيني
نظرت إليها حياة بنظرة كراهية عميقة
وأشاحت بوجهها, فنكست حورية رأسها وطفرت دمعة ندم, وما أن استدارت حتى أخرج كامل
مسدسه وأخترق رصاصه صدرها وهو يصيح بصوت مدوي: خاينة
سقطت مضرجة بدمائها وسط الصراخ..فقد نالت
الجزاء العادل للخيانة فصرخت جميلة فرحاً وضربت على كتف أخيها: يسلم دراعك يا كامل
ارتاعت صفية مما فعله كامل فتوارت منه
خلف الحرس وجسدها يرتعد ارتعابا أن تنال هذا المصير..حمل الحرس جثة حورية إلى خارج
الساحة ليتم محاكمة جميع العتاة
تمالكت صفية نفسها وقهقهت كالخرقاء
قائلة: جولوا كد ما تجولوا انتو ومحاسيبكو
أردفت وهي تنظر إليهم بازدراء: انتو كد
ايه يعني! النجع كلاته في يدي ويد خوي, ورجالة الجبل محاوطيني بسلاحهم اللي هيشج
أي صدر جبان يفكر يتعرضلي.بإشارة من يدي يوجعوا على حياة الحد وعلى ولدها اللي
هينجتل جصاد ما جتل ولدي.
اقتحم حسن الساحة معاوداً وصاح بها:
واللي جتل بوي يكون جزاته ايه يا امّا!!
ارتعدت فرائص صفية وشخص بصرها وردت بصوت
متهدج: و.و. وانا هعرف اللي جتل بوك من وين!!
رد حسن بصوت مزلزل: لاه يا امّا تعرفيه
مليح, ولا هتنكري انك كريتي خوكِ بدران على بوي عشان تخلصي منيه
انتفض بدران عن مقعده وأخذ يبرق ويرعد:
انت عم تخرف تجول ايه يا واد شاذلي!!
انبرى حسن له بجسارة: مش تخريف يا
بدران..ولا اجول يا خال!! يا خال يللي ما رحمت عيلين صغار وجتلت بوهم بدم بارد,
عشان تجوز اختك من بعديه لكامل بيه وتتمرمغوا في ماله وفي خيره
كاد عقل صفية وشقيقها أن يطيش, يتبادلان
نظرات حائرة ملجمين بصمت الدهشة ويرتطم سؤاال كالصخر برأسيهما..من أعلم حسن
بأحابيل الخفاء التي تبعها إراقة دم والده!! لا يعلمان أن عمر هو قادح شرر الحقائق
وكاشف حيل الخفاء...فجز حسن عنق الصمت قائلاً: هتدافعوا عن نفسكو تجولوا ايه يا
امّا!!
تشبثت صفية بطوق الانكار عله ينجيها,
فقالت بثبات: حتى امك قدروا يقلبوك عليها ويملوا راسك بالباطل عنيها يا بن جلبي!!
صاح حسن بكلام كالسيف البتار وعيناه
تتقد: الباطل هو اللي عملتيه يا امّا, الباطل هو جتلك لبوي وسرجتك وجتلك وحرجك
وظلمك وكيدك للنجع وناسه
بدا الابتئاس على وجه حسن وأردف بلوم
قاس: عشان ايه يا امّا!..جوليلي عشان ايه!!..فادك بايه المال الحرام يا
امّا!هتجولي ايه لربك عن النفوس اللي جتلتوها بدون حج! هتجولوا ايه عن الاعراض
اللي اتنهشت!! هتجولي ايه عن ورد اللي جدمتيها لخوي عشان ينهش عرضها!! وعشان عارفك
ظلمتيها آنا اللي وافجت اجطع الكهربا عن النجع عشان جاتل خوي يهرب
حدجته بنظرة مستعرة غلاً وهي تصر على
أسنانها, وانقضت عليه تهيل عليه الوكزات واللعنات: الله يلعنك يا حسن, جلبي وربي
غضبانين عليك ليوم الدين يا عاصي, حطيت يدك في يد اللي واد حياة اللي جتل خوك يا
واد الحرام
صاحت في الناس تستعر غلاً: اسمعوا يا اهل
النجع, ولدي حسن حط يده في يد واد حياة اللي جتل خوه, وجطع الكهربا عن النجع عشان
يهربه, واد حياة لازمن ينجتل كيف ما جتل ولدي
فجأة ضجت الأرجاء بصوت سنابك فرس صهيله
يشق الأفاق, فاشرأبت الأعناق والتصقت به الأعين الجاحظة, إنه فرس يحمل فارس ملثم
يمسك لجامه بعزة وهيبة يسابق الرياح مثيراً غبار الأرض فارتجفت لمرآه صفية وتمتمت:
المتلتم!! يبجى هو واد حياة..ووقف جميع الجلوس على مائدة الظلم في ترقب يتجرعون
قسوة الشغف لمعرفة من يكون هذا الذي أذاقهم الويلات متخفياً خلف لثامه
دنا من الجموع فأوقف الفرس, وأشار بيده
للحرس فأفسحوا له الطريق فنفذ بفرسه إلى الساحة والناس يتمتمون ويسرون إلى بعضهم
البعض, إنه الملثم الذي يبغى الجميع أن يعرف هويته ومن يدفعه إلى مساعدة المكروبين
والمستضعفين.. ظل يجول بفرسه في الساحة, يرقب الأعين التي تقول نظراتها, أميط
اللثام يا صاحب اللثام كريم الصنائع..
مد يده ليميط لثامه فخيم الصمت على
الجميع وترقبت الأعين..أماط اللثام فضجت الساحة بالشهقات وفغرت الأفواه وكاد
الجنون يطيح بالعقول..إنه مصطفى الجارحي ..ومن لها غير فارس تربى على يد الشيخ
سلطان وآي الذكر الحكيم...اتجه إلى ضاحي وانحنى واضعاً يده على صدره مقدماً له التحية,
فتبسم ضاحي وردها, فاتجه إلى صقر وحياه باسماً, فجن جنون صفية, وظلت تردد ذاهلة
وهي تترنح كمن يرقص رقصة الموت: ضاحي!! صجر!!
حق لعقلها أن يطيش فقد جاءت الخيانة من
معقلها ..هبط بدران في مقعده وهو يردد في ذهول: مصطفى! مصطفى!!
فنادى مصطفى في الجموع: وديلواك آن وجت
كشف المستور والمخبي من يوم ما طلعوني الجبل وآنا عيل صغير, فخيم السكون على
الساحة وانتبه الجميع , فبدأ مصطفى يسرد من تلك الليلة التي كان فيها ضاحي يتململ
في مضجعه متعرقاً ينازع روحه إثر لدغة أفعى الطريشة القرناء, وإلى جانبه رجل
يعالجه محاولاً تخليصه من آثار السم, وحوله بعض الرجال واقفين ينظرون بأسى, وهناك
وقف مصطفى الصغير في زاوية يبكيه بحرقة, فهو أحن القلوب عليه بعد والده, لا يجد به
غلظة بدران وسائر رجال الجبل. ينظر إلى السماء بين الفينة والفينة ويتمتم بالدعاء
بشفاء الرجل الحنون حتى لا يبقى وحده وسط غلظة الصخور..أتى بدران يهرول بعد أن نما
إلى مسامعه الخبر: حًصُل ايه يا رجالة؟
رد أحدهم: كيف ما سمعت يا ريس بدران,
ضاحي جرصته الطريشة أما كان سهران برا الجبل, وجينا كلاتنا على صراخه, شيلناه
وشيعنا لمحسب يطلع السم من جوفه
نظر بدران إلى المعالج يسأله: كيفه
ديلواك يا محسب؟
ربنا يلطف بيه يا كابير, هو ونصيبه عاد
صرخ مصطفى وهرع إلى ضاحي وجثا على ركبتيه
ونظر في عينيه التائهة وقال راجياً: أوعاك تموت كيف بوي يا عم ضاحي, اوعاك عشان
خاطري, اوعاك. عم ضاحي
انهضه بدران بغلظة وصاح فيه: الراجل ما
يبكيش يا مصطفى
خايف عم ضاحي يموت
وبكاك هو اللي هيحوش عنيه الموت!
نكس الطفل رأسه وأغمض عينيه يعصرها دمعاً
واخفى نشيجه حتى لا يعنفه بدران, فقال بدران: اسمع يا مصطفى, اللي يعيش في الجبل
لازم يكون جلبه كيف الصخر ما يعرفش البكا, اللي يعيش يعيش واللي يموت يموت, فكر
انت في حالك وعيش لنفسك وبس
ارتطمت هذه الكلمات القاسية بقلب الصغير
فجرحته وزادته رجاءاً في الله أن يشفي ضاحي, فهو رمق الحنان الأخير
وفي اليوم التاني أول ما فتحت عيني, جريت
على عم ضاحي, لجيته فاج, ما صدجتش روحي من الفرحة, اترميت عليه وجولتله: انت صحيت
من جرصة الطريشة يا عم ضاحي؟ آنا جعدت طول الليل ادعي ان ربنا يشفيك لحد ما عيني
غفلت
بدت بسمة واهنة على محيا ضاحي وقال بصوت
منهك: ربنا يحميك يا مصطفى يا ولدي
أنا بحبك جوي يا عم ضاحي, وكنت هزعل جوي
واكره الدنيا كلاتها لو مت كيف بوي ما مات
أخفض ضاحي عينيه خجلاً من الصغير
المخدوع, وجاشت في نفسه رغبات جامحة في كشف الأستار عنه وخاصة أن الشعور باقتراب
أجله يراوضه.كيف سيلقى الله وهو تارك الصغير في غيابة بئر الكذب ولا أمل في إتيان
سيارة يدلون بدلوهم ليخرجوه..كلا, فليفتدي نفسه من جحيم سقر ويبلغ الغلام
بالخبر..وضع يده المرتعشة على كف الغلام وقال بنبرة خافتة: الحديت ديه لازم
اجلهولك عشان ابري ذمتي جدام ربنا,كانّ الأجل جرب يا ولدي
انتحب الغلام قائلاً: لاه يا عم ضاحي,
احب على يدك ما تهملنيش
ديه شيء مجدر ومكتوب يا ولدي, وما حد
عارف ميتى يحين أجله, وانت بجيت راجل ديلواك يا مصطفى, ولازم اجولك ع المخبي عنيك
عشان تعرف مين العدو وتعرف مليح كيف تحمي نفسك منيه
أصغى الغلام بانتباه وقال: جول يا عم
ضاحي
بس في الاول عاهدني انك تحفظ السر, عشان
لو حد دري انك تعرفه انت اللي هتتإذي أذى شاديد يمكن يوصل لجتلك
ارتاع الغلام وقال مرتعداً: جتلي!!
ما تخافش يا مصطفى, طول ما انت حافظ السر
انت في أمان
ايه هو السر ديه يا عم ضاحي
بوك عايش يا مصطفى
اتسعت حدقتا الغلام وقال ذاهلاً: بوي!!
وطي حسك يا مصطفى
أمرك يا عم ضاحي, ولما بوي عايش هو وين؟
وليه الريس بدران وكل رجالة الجبل بيجولوا أهل النجع جتلوا بوك؟
عشان ينتجموا من بوك ومن أهالي النجع
بضربة واحدة..ينتجموا من بوك لما يضيعوك ويضيعوا أمله فيك.بوك كان رايدك راجل صالح
ومليح وحافظ كتاب ربك وما تمشي في سكة الحرام كيف ما مشي
سعل ضاحي سعلاً شديداً فهرول الغلام
وأتاه بقنينة الماء الفخارية وسقاه, فقال بعدما هدأ سعاله: كتير خيرك يا
مصطفى..اسمع باجي الحديت وأوعاه مليح..اللي رايدك تعرفه إن بدران مش رايد بيك خير
ولما جالك بالزور ان اهل النجع جتلوا بوك, كان رايد يربيك على كرههم, عشان يوم ما
تكبر تبجى الكرباج اللي يجلد بيه أهل النجع وينشر الخوف في جلوبهم منيك
وهو ليه كاره اهل النجع كديه؟
بدران لا بيحب ولا بيكره, بدران رايد
يسوجهم بعصايته الشاديدة عشان يملكهم ويتحكم فيهم ويسرج اموالهم وجوتهم, وعشان
كديه لازمن يكون له أعوان أبالسة و جلادين رايدك تكون منيهم..أوعاك في يوم يا
مصطفى تكون أبليس أو تكون جلاد عشان ترضي عبد..كلاتنا مهملين الدنيا وماشيين يا
ولدي..هو باب واحد كلاتنا خارجين منيه وما حد هينفد..وعشان حساب يوم معلوم جدام رب
العباد, أوعاك تنساه ويدك تتمد بظلم للعباد
قال الغلام بارتعاب: لكن آنا خايف من
بدران والرجالة اللي معاه
لاه, اوعاك تخاف..سوي حالك منيهم عشان
تكسب رضاهم, لكن إياك تفعل افعالهم, خليك جوي وجلبك جامد وارفع يدك بالكرباج, لكن
ما ترفعهاش غير على ظالم عشان تاخد منيه الجصاص. خليك عادل ولو تهمتك العيون
بالظلم..فهمت الحديت يا مصطفى ولا لساك صاغير وما واعيش؟
لاه, واعي الحديت وفاهمه مليح يا عم
ضاحي, وكيف ما عاهدت حسن صاحبي, عمر يدي ما هتتمد للحرام ولا هظلم حد من الناس
وهاجيب حج المظلوم
ربنا يحميك يا مصطفى
أمسك الغلام رسغ ضاحي وسأل بلهفة: وين
بوي يا عم ضاحي؟
ما خابرش يا ولدي, بوك طفش من الجبل مع
حياة بت زيدان وخد معاه شوال المال والدهب بتاع خوها صالح بيه, ومن يومها وما حد
خابر راحوا على وين
يعني بوي عايش يا عم ضاحي وهيعاود النجع
تاني واشوفه؟
لحد ما همل الجبل كان عايش, لكن دي أعمار
بيد الله وحده, ربنا العالم هو عايش ديلواك ولا هيعيش لحد ما يجابلك ولا الدنيا
فرجتكوا لحد كدة
ابتئس الغلام وطفرت عبراته, فقبض ضاحي
بيده المرتعشة على يده وقال: ما تبكيش يا مصطفى, ربك وحده جادر يلطف بيك ويحميك من
يدهم..بس سوي كيف ما وصيتك عشان ما يكشفوش أمرك..وآنا يا ولدي لو ربنا كتبلي
النجاة ومد في أجلي هكون بعون الله الضهر اللي يحميك والكتف اللي يسندك .. وهتوب
عن سكة الحرام ديّ واعيش لطاعة ربي وحماية المظلوم من الظالم
وكتب الله النجاة لضاحي, فما أن رد الله
عليه عافيته حتى تسلل من الجبل إلى منزل الشيخ سلطان قبل الفجر بقرابة
الساعتين..دق الباب برفق, فترك الشيخ مصحفه وقام إلى الباب..فتح ليلفى رجل طويل,
ضخم الكراديس, ملثم مكتتفاً بندقيته, فتبسم الشيخ وقال: مين يا ولدي
أماط اللثام وقال: عبد من عباد الله راجي
عفوه ورضاه, هيجبل توبتي؟
ادخل يا ولدي
دخل وجلس إلى الأرض فجلس الشيخ إلى جواره
فطفق يسرد حديث توبته: آنا جاطع طريج من رجالة الجبل, اسمي ضاحي.ياما سرِجت وجتلت
وظلمت.. وديلواك رايد اتوب عن سكة الحرام
باب التوبة مفتوح يا ولدي وربك غفور
رحيم..استغفر من ذنبك ورد الظلم عن المظلوم ورجع الأموال اللي سرجتها لو تعرف
سارجها من مين
ما خابرش يا شيخ, ما كنتش عم اسرج وحدي
ولا حد بعينه, كان معايا رجالة الجبل, وما فاكرش سرجنا مين ولا مين
اطهر من المال الحرام وانفقه على
المحتاجين والفقرا من ناس النجع, لإن ديه مالهم اللي نهبوه رجالة الجبل
إن شاء الله يا شيخ. ومن اليوم هصلي وما
ههمل فرض..لكن في حديت تاني لازمن تعرفه
خير يا ولدي
...مصطفى واد خليل الجارحي
اتسعت حدقتا الشيخ وقال بتلهف: انت تعرف
طريجه يا ولدي؟
ايوة, مصطفى خطفوه رجال الجبل بأمر من
بدران عشان يمشيه في سكتهم الحرام
هال الشيخ ما سمع واسترجع: إنا لله وإنا إليه
راجعون..هات الواد من يدهم ,عمته نظرها كان هيروح منيها من كتر ما بكت عليه, من
يوم ما اختفى وهي عم تدور عليه وعقلها طاش منيها
مش هجدر ارجعه, ولا يصلح ان حد يعرف
مُطرحه وإلا الواد هيتأذى
وهو لما يكمل حياته وسط رجالة الجبل مش
هيتأدى!!
لاه, ربنا هيجعلني سبب إن شاء الله عشان
احميه منيهم..اعاهدك أمام الله يا شيخ إني هربي الواد ع الصلاح وتجوة ربه..علمني
كتاب الله يا شيخ, وكل اللي هتعلمهولي هعلمه لمصطفى وربي شاهد على جولي..صدجني يا
شيخ, آنا صادج في توبتي وإلا ما كنتش جيتك لحد باب دارك
هز الشيخ رأسه باسماً وقال: هعملك وعلم
مصطفى, وربنا ينفعكو بالعلم ..لكن اوعدني انك تكون اليد اللي تمنع الظلم عن أهل
النجع وتحط يدك في يد عبد صالح من عباده ماشي في نفس الطريج المستقيم وبيعمل لصالح
النجع
..مين؟؟
هجولك لما يحين وجت الجول
ظل ضاحي يتردد على الشيخ سلطان لسنوات
وسنوات في الخفاء حتى توطدت العلاقة وتوثقت عرى المحبة وعلم الشيخ من إخلاصه ما
علم, فعرفه إلى رجل من أهل الصلاح ليتعاونا على البر
بعدما فرغ مصطفى من تلك الحديث وكيف تربى
على القرآن وتعاليم الدين, اخترق حسن الساحة يصرخ في مصطفى بغليله ويقول: كيف رايد
تظهر في توب صاحب الدين الصالح وانت زاني يا مصطفى يا ابو جارحي
صرخ
مصطفى غاضباً: آنا مش زاني يا حسن
طفق يسرد على الحضور ما حدث مع الفتاة
التي اختارها ليلة نزوله من الجبل عندما أغلق بدران الباب عليهما, وبكت الفتاة
بشدة متوسلة: أحب على يدك تبعد عني واعتبرني خيتك
قال لها صرخي بعلو صوتك
قالت مندهشة: اصرخ!!
جولتلك صرخي كانّ حد عم يأذيكِ
صرخت الفتاة وكأنها تستغيث, فضج بدران
ورجاله بالضحك وأطلقت الأعيرة النارية خارجاً ابتهاجا..بعدها قال له بدران انه في
انتظاره في الحفل الذي أقيم للترحيب به..فعاد إلى الفتاة يهدئ من روعها قائلاً:
أطمني, حد الله بيني وبين الحرام, لكن كان لازم أجاريهم لأمور في نفسي ما هبديهاش
لحد..ههملك واجفل عليكِ الباب بالمفتاح, ولما ارجع من عند بدران هرجعك لأهلك وليا
حديت معاهم
تنفست الفتاة الصعداء وبدت بسمة رضا على
محياها
بعد الحفل الذي أقامه بدران, ذهب بالفتاة
إلى أهلها ومعه جوال حوى المال الكثير وقص عليهم الخبر, وأمرهم بجمع أغراضهم على
عجل لأنه وجب خروجهم من القرية حتى لا يبق من بين الناس من يعرف سره فيفتضح أمره
الخفي على رجال الجبل وتفشل المساعي ...خرج بالفتاة وأهلها تحت أستار الظلام حتى
بلغوا عربة تنتظرهم. فركبت الفتاة ووالدتها وأخوتها, وأعطى مصطفى جوال المال إلى
الرجل قائلاً: الكابير بيجولك المال ديه عشان يعينك على حالك برا النجع
مين الكابير ديه يا ولدي؟
أشاح بيده: ما تسألش
طيب بس عشان ندعيله
ربنا عالم بيه والدعا هيوصله وين ما
يكون..المهم ديلواك تطمن ان بتك توبها ناضيف وربنا حفظها, وتجدر تجوزها للي رايده
كان ما يكون وراسك مرفوعة
تبسم الرجل وقبض على يده وداً وقال: الله
يستر عرضك كيف ما سترت عرضي يا ولدي, الله يكفيك شر أعاديك
تبسم مصطفى وربت على كتف الرجل قائلا:
يلا هم جبل ما النهار يطلع وحد يوعالك, سلام
الله يسلمك يا ولدي
ركب الرجل إلى جوار السائق, فمدت الفتاة
يدها إلى مصطفى بمصحف من النافذة وقالت خافضة بصرها بابتسامة خجلى: كتر خيرك يا
خوي
تبسم وأخذ المصحف وقبله, وانطلقت السيارة
وعاد هو إلى القصر الذي أعده له بدران بوجه يحمل الغلظة والقسوة أمام أهل القرية
كما سيعهدوه
بعد أن قص على أهل القرية من أمر الفتاة
وبرأ نفسه من تهمة الزنا, أردف يقول: عمر يدي ما اتمدت على بت من البنيتا في
الحرام..آنا خليت محبس الحريم في يدي عشان احمي اعراضهم, وأي بت منيهم لما كانوا
يبلغوني انها بتاجيب سيرتي أو سيرة الريس بدران بسوء وجصدهم اني انتجم منيها, كنت
اخدها من بيناتهم كيف الغول عشان المرة جوهر اللي ماسكة محبس الحريم, عم تبلغ كل
حاجة لصفية..لكن عليم الله يدي ما اتمدت بأذى لأي بت..آنا اللي هربتهم ومعاي
الداكتورعزت واد اخو سلام بيه ..عزت دوم كان حاطط يده في يدنا
انتشت جميلة وبدا الفخر على وجهها وأخذت
عيناها تدور في الوجوه بحثاً عن ولدها, فصاح حسن في وجه مصطفى: تهمة الزنا وعرفنا
انك برئ منيها, لكن جتلك للنفس اللي حرمها الله هتجول فيه ايه! ولا كانّك نسيت
الجاتيل اللي طافوا بيه رجالتك جدام ناس النجع عشان يكون عبرة يا مصطفى يا ابو جارحي
سمع حسن صوتاً مزلزلاً جاء من الخلف
قائلاً: كان قصاص عادل يا حسن يا ابو شاذلي
استدار حسن إلى صاحب الصوت فإذ به السيد
سلام, فذهل حسن وقال: سلام بيه!!.جصاص ايه اللي عم تتحدت عنيه!!
اجولك واجول لناس النجع واحكموا بنفسكم
بدأ السيد سلام يقص من أمر القتيل, الذي
بدأ يوم سمع وزوجته قرعات أجراس القصر, فهرعت إحدى الخادمات وفتحت لتجد أمامها
امرأة في خريف عمرها متسربلة بالسواد تحمل كيساً بلاستيكياً كبيرا تبدى منه أطراف
قماش أبيض مطرز وعلى وجهها تراتيل أحزان تروى, قالت للخادمة بصوت مختنق: عايزة
أجابل سلام بيه يا بتي
اجوله مين يا خالة؟
تنهدت وقالت: أم ريحانة
أذن لها سلام في الدخول وانتصب واقفاً
وزوجته حين دخلت عليهما وقال يرحب بها: يا مُرحب يا ام ريحانة
الله يرحب بيك يا جناب البيه
قالت زوجته تزيل رهبة المرأة: اجعدي
يختي, نورتي سرايتك
تعيشي يا بت الأصول
جلست المرأة ووضعت الكيس أمامها, نظرت
إلى ما بداخله وقالت وقد طفرت عبرتها: آنا جاياك يا جناب البيه عشان انت راجل بتاع
ربنا وبتحكم بالعدل, جاياك عشان تجيبلي حجي من اللي ظلمني ودبحني وآنا حية من غير
ما يرفله جفن.
أجهشت بالبكاء وقالت بنشيج: حسبي الله
ونعم الوكيل فيك يا نصحي يا ابو راجح. أشوف فيك يوم يشفي غليلي يا واد الحرام
رق فؤاد زوجة سلام وانحدرت دمعة مواسية
من عينها, فقال السيد سلام: اتكلمي يا ست, مين نصحي ابو راجح وظلمك في ايه؟..لو
تحبي نجاة تجعد باعيد عشان تاخدي راحتك في الحديت
لاه. لاه, الست نجاة مننا, واللي هجوله
ما يتخباش عنيها
طيب اتفضلي عاد, آنا سامعك
تنهدت باسى وقالت: نصحي ابو راجح كان
جوزي, اتجوزته من ياجي سبع سنين فاتوا بعد ما جوزي ابو بتي مات الله يرحمه. كانت
ريحانة وجتها بت تسع سنين. لما طلبني للجواز ما رضيتش بيه, لكن اهلي وبالخصوص امي
جالولي اتجوزيه, واهو راجل يراعيكِ ويراعي بتك بدل ما تعيشي وحدك.. اتجوزته وسجاني
الويل والعلجم, ضرب وشاتيمة وهترة بين الناس لحد ما كرهته وكرهت اليوم اللي ريته
فيه..وبعدين عرفت إن ماله كلاته جايبه من الحرام..والعياذ بالله يغوي النسا للطريج
البطال ويجيبهم لبدران ورجالته وياخد تمن عرضهم
تربد وجه السيد سلام واستعاذ: أعوذ بالله
من الشيطان الرجيم..وواجهتيه بالحديت ديه؟
لاه
ليه؟
خوفت منيه, ديه راجل فاجر وما
بيرحمش..ومش بس السكة ديّ اللي كان ماشي فيها, ديه كان عم يتاجر في السلاح والخمر
والحشيش والافيون وأي شيء عفش في النجع له يد فيه
استشاط السيد سلام غضباً من المرأة وقال:
وانتِ ايه يخليكِ تعيشي تحت سجف واحد مع شيطان رجيم!!
يا بيه ما تظلمنيش, آنا طلبت منيه الطلاج
بدل المرة ألف, وفي كل مرة يضربني ويشرح جتتي ويجولي نصحي أبو راجح ما اتخلجتش
المرة اللي تطلب منيه الطلاج...رضيت بعيشتي وسكت وجولت أهي أيام وتنجضي وما حدش
مخلد على وشها...لحد ما في يوم جه عريس واد حلال ومليح لبتي, جولتله, جام رد عليّ
رد خلى الدنيا لفت بيا والرجفة مسكتني
جال ايه؟
جالي..جالي بتك مليحة وزينة وخسارة في
الجواز, آنا هوديها لبدران وناكلوا من وراها الشهد
استشاط سلام وزجته غضباً واحمرت
وجناتهما, واستعاذت زوجته ودمدم هو سباباً: راجل خسيس ونجس.. وسويتِ معاه ايه واد
الحرام ديه؟
صرخت بعلو حسي وجولتله والله ما يحصل ولا
يكون, بعد عن بتي يا نصحي, بتي هجوزها في الحلال واوديها بيت جو زها. لا امها
زانية ولا خيلانها انجاس, وابوها الله يرحمه كان من اشرف الناس واطهرهم..ضحك
وجالي, مافي حاجة شريفة في الدنيا ديّ غير المال, العرض المتصان وسكة الحلال ما
توكلش عيش, والواد اللي جاي لبتك ديه جعان زي بوه وناسه وهيجوعها, ويوما ما يجوع
معاها هيمشيها في الحرام عشان ياكل من وراها.صرخت فيه وجولتله انت شيطان رجيم ربنا
يخلصنا منيك, وبتي هجوزها للشاب الصالح ديه وانت مالكش تجول اه أو لاه لانها مش
بتك ولا لك حكم عليها ..لزني بيده كان هيوجعني وجال,, هوريكِ جزاة اللي يعصاني يا
مرة يا سو..ما حطيتش في بالي حديته, وكتبت كتاب بتي وكانت الفرحة مش سيعاني ولا
سيعاها وخدتها على المركز واشترينا توب عِرسها
أمسكت بالكيس الكبير وأخرجت منه ثوب عرس
ابنتها واحتضنته وأجهشت بالبكاء وقالت وعبراتها تخنقها: ديه توب ريحانة اللي ما
لحجتش تلبسه..في الليلة ديّ كان باجي يامين على عِرسها وكنا عم نرتبوا عزالها وعم
اغنيلها وجلبي عم يرجص, وهي تحضن فيّ وتجولي هتوحشك يا امّا..ما كنتش خابرة انها
فايتاني وما هنضرهاش بعيني لحد ما اموت واجابلها
اتسعت حدقتا السيد سلام وتحجرت عينا
زوجته من هول ما سمعت وسألتها بنبرة مرتعشة: هي بتك ماتت؟
اتجتلت
انتفض السيد سلام وزوجته عن مقعديهما
ذاهلين وسألها: اتجتلت كيف ومين جتلها؟
عضت على شفتها حسرة وأغمضت عينيها تعصرها
دموعاً وقال: نصحي ابو راجح الله يلعنه ...دخل علينا ومعاه اتنين من رجالته و
خلعنا وخطف بتي من يدي واما صرخت وجيت احوشه عنيها مسكوني الرجلين اللي معاه
وكتموا صوتي بيدهم. واستفرد ببتي وكتم خشمها بمنديل وهتك عرضها جدام عيني آآآآخ يا
واد الحرام, وبعدها نحرها بساكينه كيف الدابيحة. صرختي المكتومة شجت جلبي, وعقلي
شت مني وروحت في دنيا غير الدنيا..لما فوجت لا لجيت جتة بتي ولا أثر لنجطة من دمها
اللي سال ع الأرض ولجيته واجف فوج راسي وآنا مرمية ع الأرض ينضرلي بشماتة ويجولي:
كنت هعيش بتك في نعيم وكانت هتبجى معاكِ. لكن بمخك التاخين خسرتيها وهتعيشي في فقر
لحد ما تموتي. دي جزاة اللي يجف جصاد نصحي أبو راجح. دعيت عليه وآنا بصرخ وجولتله
روح الله يسلط عليك عبد صالح من عباده ينتجم منيك لبتي ولكل بت حطيت راسها وراس
اهلها في الطين يا واد الحرام . جام ضربني برجله في صدري وجالي انتِ طالج, ارجع من
برا ما انضرش سحنتك هنيه وإياك لسانك ينطج بللي حُصُل وإلا هتحصلي بتك .. ومش بس
كديه, شيع رجالته ضربوا عريس بتي وناسه وزعطوهم من النجع عشان لا يسألوا ريحانة
راحت وين ولا حُصُلها ايه
كمان زعط الواد وناسه! خسيس وفاجر صُح
قالت وهي غريقة عبراتها:مستجوي وما حد
جادر عليه يا جناب البيه, وآنا خابرة زين اني مهما اشتكيت لعمدة النجع الظالم ديه
ولا الموالسين معاه من الأكابر ما حد هيرد كيد واد الحرام ديه ولا يجيب حج بتي
اللي اتدبحت جبل ليلة عِرسها وما بجاش منيها غير توب العِرس لِبيض اللي ما لحجتش
تلبسه ولا تفرح جلب امها يا جلبي ..أمنتك أمانة يا سلام بيه,.أوعاك تفرط في دمها,
حط روحك مُطرح بوها واعتبرها بتك..الله يكفيك شر كاس المر اللي شربته بموت بتي ولا
يسجيك منيه ابدا ويحفظ بتك..جوليله يا ست نجاة ما يفطرش في دم بتي الله يحفظلك
خديجة ويبعّد عنيها ولاد الحرام
هزت السيدة نجاة رأسها والدموع تغرق
وجنتيها, وجهت نظراتها إلى سلام لتنظر ماذا يرى, فقال موبخاً المرأة بوجه مكفهر:
اهو الناس كديه, ما يصرخوش غير لما الشر يهجم على دارهم, لكن طول ما هو باعيد
عنيهم يكتفوا بمصمصة الشفايف لما يعدوا من جنب المظلوم من غير ما يحسوا بالنار
اللي كاوياه وبعدها يخشوا دارهم وينسوه..جوليلي كام عرض اتهتك جبل عرض بتك وانتِ
خابرة وما اتكلمتيش! جوليلي كام دمعة سالت جدام عنيكِ وما مسحتيهاش! ما حطتيش ليه
روحك مطرح امهاتهم وجلبك بكا دم عليهم كيف ما عم يبكي على بتك!! خابرة ليه! عشان
وجتها كاس المر ما كانش كاسك ولا حسيتِ بطعم العلجم
نكست المرأة رأسها خجلاً وكاتمت النشيج,
فسددت السيدة نجاة نظرة لوم إليه وهزت رأسها ولسان حالها يقول كفى الجريح آلامه يا
صاحب السوط فارحم
زفر السيد سلام ومسح وجهه وقال: اطمني يا
ام ريحانة.الله في سماه ليتنحر الفاجر كيف ما نحر بتك. جوليلي الجاه وين
ما خابراش يا جناب البيه. لا عارفاله
بكان شغل ولا بيروح وياجي ميتى. ممكن يغيب بالسابوع والتنين ما حد يعرف
مُطرحه..لكن هو دوم ياجي عند بدران, اكمن له عنديه فلوس كاتير, سمعت منيه وهو عم
يتحدت مع رجالته كام مرة كديه من مدة ان بدران عم يماطل وما رايد يديه ماله وحلف
ما هيهمله
هز رأسه وقد تفهم الأمر وقام عن مقعده
يقول: اطمني واعتبري الأمر تم إن شاء الله
ربنا يخليك للمظلومين يا سلام بيه ويجدرك
ع الظلمة
غادرت المرأة القصر فسألته زوجته
باهتمام: نويت على ايه يا سلام؟
لم يجبها وهرع إلى غرفة أعماله وأغلق
الباب, فقلبت يديها عجبا...فزع إلى الهاتف وتحدث إلى مصطفى: مصطفى في راجل عم
يشتغل مع بدران اسميه نصحي ابو راجح. اجلب عليه النجع وتنحره كيف الباهيمة وين ما
توعاله
عمل ايه يا جناب البيه؟
قص عليه سلام من أمر الفاجر العربيد,
فنفذ القصاص العادل حين رآه
أردف مصطفى: حتى امي اللي عمري ما كرهت
بني أدم كد ما كرهتها ما جدرتش اجسى عليها كيف ما جسيت عليّ
طفق يسرد على الأسماع ما حدث حين التقى
بالسيد سلام خلف سفح الرابية في ذات المساء الذي طرد أمه فيه من قصره في نهاره,
فسأله سلام عما كدره فقص عليه من أمر زيارة والدته وتوسلها إليه وطرده إياها, فقال
السيد سلام باسماً: خابر ان جلبك مش مطاوعك ع الجساوة يا مصطفى
انفجر صائحاً: ما جادرش يا سلام بيه,
ماجادرش اجسى عليها كيف ما جسيت..خابر ان كان لازم اسوي كديه جدام الناس عشان الكل
يصدج اني ما هرحمش حتى امي..وخابر انها تستحج الحرج..لكن أمي..أمي..ما جادرش..يعني
ديلواك هتعمل ايه في كبر سنها بعد ما جوزها رماها! هتعيش وين وتاكل من وين! هتتسول
الناس في الشوارع ولا تدور ع البيوت! ايه الجسوة اللي آنا فيها ديّ! افرج ايه آنا
عنيها ديلواك!! وكيف اعاملها بمعاملتها!!
طيب ايه يرضيك ديلواك يا مصطفى؟
تنهد وأطرق هنيهة ثم قال: سلام بيه, طالب
منيك معروف واتعشم ما تردنيش
أطلب تجاب يا مصطفى يا ولدي. آنا ما اعزش
طلب عن واحد من رجالتي
ربنا ما يحرمناش منيك يا جناب البيه..كنت
رايد سكن لامي وهدمة ناضيفة وحد يتكفل يوصلها وكل آنا دافع حجه
هه بس كديه! نعطوها سكن وفرش مليح وخلجات
جاديدة, وإن كان ع الوكل هنوصلوه على حسابنا مع عزت طول ما هو في النجع, بعدها
هنكلفوا حد تاني..ما تشيلش هم يا مصطفى
ربنا يبارك فيك يا جناب البيه..أمي جاعدة
جنب جامع سمحون من الصبح
أصطحب عزت والدة مصطفى في ظهيرة اليوم
التالي بسيارته إلى استراحة من استراحات أضياف السيد سلام على أطراف القرية..كان
المكان مهيئ بأثاث مناسب, وعلى الطاولة وضعت صنوف من الأطعمة الشهية والفاكهة,
أشعل عزت المصابيح وأدخلها, فدخلت وهي توبله بأمطار من دعوات طيبة: ربنا يبارك فيك
يا ولدي ويبارك في سلام بيه, طول عمركو ولاد أصول.يعطيكو ويرضيكو ويزيد الخير تحت
اجدامكو وفي يدكو..شوف الدنيا كيف عجايبها كاتير.شوفوا سويتوا معاي ايه وانا ولا
من لحمكو ولا من دمكو! مش كيف الواطي الخسيس اللي مخلفاه الله يحرجه
كاتم عزت الضحك واضعاً يده على فمه, ثم
تنحنح قائلاً بصوت يمازج الضحك: الوكل عنديكِ هناك أها يا خالة وكل يوم هياجيكِ
زييه
شهقت وقالت: واه! كمان وكل!!
جرت إلى الطاولة تمد يدها إلى الطعام في
نهم, فقال لها: طيب عاوزة حاجة تاني جبل ما امشي يا خالة؟
ردت وهي تمضغ الطعام بفجع: لاه يا ولدي
هريد ايه تاني بعد النعيم ديه!! بس اوعاك تنسى وكل بكرة
هه ما تخافيش يا خالة
خرج وهو يضرب كفاً بكف ويغالب الضحك
ولسان حاله يقول, كان الله في عونك يا مصطفى, فعلت معها ما فعلت ولسانها لا يفتر
عن صب اللعنات عليك..شقيت بأمك صغيرا وكبيرا
أجل, الرجل المخطط والمدبر لكل ما جرى
وكان هو السيد سلام...لم يكشف أي شخصية أمام الأخرى, وابقى الأقنعة على وجوه
الجميع ليحفظ سلامتهم وحتى لا تغلب العاطفة العقل فتذهب خطط إرجاع الحقوق سدى
..عمر كان يعلم أن مصطفى أخيه, ولكن أخيه
لا يعرفه..حسن لا يعرف أن مصطفى الجارحي جلاد القرية هو نفسه ذات الملثم الذي
يعاونهم في إرجاع الحقوق ورد كيد الطغاة ...وخيوط الجميع في يد السيد سلام وحده,
والوجهة هي ما يشر إليها بسبابته
بدأ السيد سلام يسرد أمام الجموع ما جرى حين أتته عالية ليجمع الناس ويأتي إلى
أبيها ليثنيه عن تزويج أختها لسائس البهائم وإلا فلن تتوانى هي عن قتل صفية بيدها,
ومضت الفتاة بعد أن طمئنها..حينها هرع سلام إلى غرفة أعماله وأغلق الباب, وهاتف
صالح من الهاتف الخاص بينهما فحسب, وبعد أن قص على صالح من أمر تزويج سلمى لسائس
البهائم ثارت ثائرته وقال: جن كامل ابو الحجاج, جن وما عاد يتآمن على البنيتا,
سلام, هرب البنيتا التلاتة وشيعوملي , آنا أولى ببنيتا اختي
استهدى بالله يا صالح, الأمر ما ينحلش
كديه
اومال يتحل كيف يا سلام! رايدني اسكت لما
يجوز بتنا للكلاف!!
لاه, رايدك تديني فرصة اخد كبارات النجع
واتحدت مع كامل ونرجعوه عن اللي في راسه
وان ما رجعش!!
تشيع معالي بت عمي للمرة اللي اسميها
صفية تتحدت معاها وتعرف ان البت مش وحدها
معالي!!..ايوة لكن..
خابر هتجول ايه, معالي هتروح بصفتها ايه
ايوة, رايدها تكشف جدام الناس انها مرتي
عشان يعسوا على طريجي والدنيا تتغفلج على راسي وما اعرفش اخد بتار اختي ولا احمي
بناتها!!
هه كانّ زعلك مأثر على حديتك.كيف تظن اني
رايدها تفتش سرك!
اومال هتروح بصفتها ايه؟
بصفتها اللي الكل خابرها, معالي بت ثابت
بيه بتاع مصر, مش ناس النجع مسمينها كديه! هه
ما رايجش للضحك, الحال اللي آنا فيه
يبكي, بنيتا اختي وما جادر ادفع عنيهم الشر بيدي..ومن ناحية تانية خايف حد يكشف ان
معالي تبجى مرتي
لاه ما تخافش, في الأصل آنا بذات نفسي
وكيف ما انت خابر جايل للكل اني مجاطع عمي عشان ما عزمنيش على كتاب بته ولا اعرف
هي متجوزة مين, وعملت كديه عشان سلامتك..عشان كديه رايدك تطمن..شيع معالي تتحدت مع
صفية بعين حمرة بصفتها صاحبة حياة الجديمة, وفعلا هي كانت كديه والكل خابر
طيب ولو الحديت ماجابش نتيجة؟
وجتها ياجي دوري آنا..ههربلك البت مع
معالي
كيف!
كيف ديّ بتاعتي آنا
وعندما أخفقت المساعي وآلت الأمور إلى
أسوأها, أرسل السيد سلام سراً مرسالاً إلى دهليز خفي في الجبل, مع إشارات يعلمها
ضاحي, فأعلمه المرسال أن يرسل مصطفى سراً إلى السيد سلام, فانصاع الشاب للأمر,
وعندما وقف بين يدي سلام خلف سفح رابية, وأخبره بما يحاك للفتاة وأنه سيرسله
لإنقاذها مع ملثم آخر, ثم أردف قائلاّ: عالية اختها الصاغيرة رايدة تجتل صفية, والبت ديّ طيشها سابج عقلها,
امنعها وطمنها انك هتحمي اختها وهتشيع اللي يطمنها, اوعاك تعرف انت مين ولا مين
اللي مشيعك..انت خابرها زين, مش كديه؟
ايوة, ريتها مرتين تلاتة لما نزلت النجع
متخفي, دوم بتكون هي وخواتها في طريجهم لعمتهم, دايما سابجاهم في الخطى كيف الفرسة
الجامحة الفالتة من اللجام..عنيها فيها جوة, صوتها وهي بتنادي عليهم وتجول هموا
فيه نبرة اسياد ما يهابوا
هه كانك معاشرها يوم بيوم
انت أمرتني اتابع خطاها هي وخواتها عشان
اعرفهم زين ولو احتاجولي ما اتأخرش عنيهم..بس جنابك جولت دول بنيتا غلابة وعايزين
اللي يحميهم, اللي كيف عالية ديّ عايزة اللي يحمي الناس منيها
انفجر السيد سلام بالضحك وقال: لكن رايدة
اللي يحميها من نفسها ومن طيشها, عشان كدة اختارتك انت بالخصوص
وآنا تحت أمرك يا جناب سلام بيه..عليم الله لا بحب الحريم ولا
احب امشي في سكتهم, أمي كرهتني فيهم كلاتهم..لكن عشان خاطرك انت هنفذ كل اللي أمرت
بيه, هرجع عالية السرايا وانجي سلمى بأمر الله من جوازة الكلاف مهما كان
التمن..لكن مين التاني اللي عم تجول عليه
حسن ابو شاذلي
أطلت الدهشة من عين مصطفى وقال: حسن ابو
شاذلي!!
ايوة.. آنا اتفجت معاه جبل ما اتفج معاك
وجاهز من ديلواك
....لكن انت جولتله هتكون مع مصطفى ابو
جارحي؟
لاه, جولتله واحد من رجالتنا, مشارك
معانا لوجه الله وما عايز حد يعرفه
مليح..ما رايدش حد يعرفني ولا يوعالي
عشان أمرنا ما ينكشفش..وأي وجت تريدني أنزل من الجبل أجف جنب مظلوم أو ارد كيد
ظالم شيعلي
ربت سلام على كتفه باسماً وقال: راجل يا
مصطفى يا ابو جارحي
بعدما سمع حسن الحديث اتسعت حدقتاه
ذهولاً, وظل ينقل بصره بين مصطفى الذي يطالعه باسماً في صمت, وبين السيد سلام الذي
كان يهز رأسه بوجه طلق..ظل حسن ذاهلاً فشرع مصطفى ذراعيه قائلاً: على العهد
الجاديم يا صاحبي..انفجرت الفرحة في قلبه فطفرت عبراته وهرع إلى صديقه مشرعاً ذراعيه
ونادى: مصطفى, راجل يا صاحبي, وتعانقا عناق الصفو والوداد ورائحة الأيام القديمة
تغمرهما
كانت عالية تلقي مسامعها وملامحها مزيج
من ابتسام وذهول..فالشاب الملثم الذي ينشر العدل على أرض القرية والذي طالما حلمت
أن يميط لثامه لترى ثناياه الباسمة معلناً عن هويته, هو بذاته مصطفى الجارحي الذي
يذيق القرية البشائع والويلات ويمقته
الصغير والكبير ويفر الناس إن بدا طيفه من بعيد.وتفجر سؤال في
عينيها.كيف..كيف..كيف أتقن اللعبة بهذه البراعة..استحال العجب في داخلها إعجابا
أخفته في طواياها
وهكذا كان السيد سلام هو القائد الذي كان
الجمع تحت إمرته حتى نجح المسعى وعاد الحق على صهوة جواد أزهر..فإن لم يكن هناك
قائد حكيم لانفلت خطام جواد الحق وتفرق القوم شذر مذر
دفعت زوجة العمدة الحرس وصاحت في الناس:
ديه مفتاح السجن اللي ياسين عمدة النجع مخبي فيه الشيخ سلطان, حاطه في البدروم تحت
المحبس عشان يكون في سابع أرض ولا يدرى بيه حد, العمدة اللي عم يجول ما اعرفش
مكانه وين. المفتاح أها يا سلام بيه
استشاط العمدة غضباً وقام يسبها أمام
الجميع: بتغدري بيا يا مرة يا خسيسة يا خاينة العشرة! حسبي الله ونعم الوكيل فيكِ.
انتِ طالج يا باخيتة
قهقهت وقالت: الف بركة يا عمدة, الراجل
اللي زيك ما يتبكيش عليه, عليم الله كنت متحملاك عشان عيالي
وسط ركام الذهول الذي أحاط بصفية وألجمها
,اخترقت الأسماع نوافير سيارات قادمة صوب الباحة, فصوبت الجموع أعينهم نحو الصوت,
فإذ بسيارتين سوداوين فارهتين تتوقفان لتنبئان عن أمر عظيم, هرع السائق الأول
بالترجل وفتح الباب للسادة, فترجل صالح بمظهر جليل شامخاً بأنفه, وترجلت زوجته السيدة معالي عن
السيارة ترفل في ثياب سوداء أنيقة فاخرة , فأمسك بيد زوجته بفخار في مشهد يأسر
الأعين, فأشارت السيدة معالي إلى الحرس في كبرياء صامت أن يفسحا الطريق, فانصاعوا
حانين الرؤوس, فنفذت وزوجها السيد صالح إلى الساحة فكادت صفية أن تلقى مصرعها غلاً
وتمتمت بحقد دفين: صالح واد زيدان متجوز معالي بت ثابت بيه!! آآآخ يا مرك يا
صفية..كفتك رجحت ولا ايه يا صالح! لااااااه, الله في سماه مهما تكونوا ما تغلبوا صفية,
هرعت إلى العمدة تنفث في عرشيه وتحرضه على ما يقول لصالح, فقام إليه متوشحاً بغضبه
فما أن رأته السيدة معالي حتى ربعت ذراعيها وسددت إليه نظرة مترقبة لما أتى به في
هدوء يسبق العواصف, فزاغ العمدة عنها ببصره وتوجه بالحديث إلى صالح بلهجة حادة
مسيجة بالأدب لرفعة مقام الخصم : عرفت من
وين ان اختك جاية النجع النهاردة يا صالح بيه؟ مين عيون جنابك المدسوسة وسطينا؟
تبسم صالح وسدد نظراته إلى أحد الحضور
وحياه برأسه تحية امتنان, فنظر العمدة إلى من توجه التحية, فوجدها للسيد سلام الذي
رد لصالح ذات التحية باسما, فاندلعت النيران في قلب صفية وقالت بصوت مزمجر
كالنيران: سلام هو عين صالح في النجع!! سلام هو أساس البلا اللي نازل على روسنا
كيف صخور الجبل!!
وقف صالح في وسط الساحة وأخذ يسرد ما حدث
له مذ طرد من القرية
خرج صالح من القرية صفر اليدين, بعد أن
سلبوه ماله ولم يتركوا له شفراً ولا ظفرا..كان يكابد الطريق كمن عثرت خطواته في
أكوام رمال, لفحة الحر القائظ الذي أسال عرقه فيوضا, لا يضاهي تلك القيظ في قلبه
اللاهف..عزيز قوم أذله أراذلهم, رفع عينيه إلى السماء وقلبه المكلوم يشكو أوجاعه
إلى مولاه, فهو وحده من يعلم خالجة نفسه..تنهد متحسراً وقال بصوت مختنق وقد طفرت
عبراته: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله..وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير
بالعباد..حسبنا الله ونعم الوكيل ..سمع صوت إطارات سيارة على الطريق, وصوتاً
يناديه: صالح
التفت فإذ بها سلام, أوقف سيارته وترجل
عنها وأسرع إليه يقول: على وين يا صالح؟
والله ما خابر يا سلام, اديني ماشي على
وين ما ربنا يريد
أخرج سلام قلماً و دفتراً صغيراً من جيبه
وكتب شيئاً على عجالة وأعطى الورقة لصالح قائلاً: أمسك يا صالح, ديه
عنوان عمي ثابت في مصر, روحله, هو
مستنظرك, آنا حكيتله كل اللي حُصُل ورتبت معاه كل شيء.. مش صالح بيه واد الحاج
زيدان اللي ينذل ولا ينهان طول ما آنا حي على وش الدنيا
انقشعت بعض غيمات الحزن عن وجهه وقال:
الله يجزاك خير يا سلام يا خوي. ما خابرش اجولك ايه, طول عمرك واد أصول
أخرج من جيبه ظرفاً يكتظ بالمال وأعطاه
لصالح: خد دول خليهم معاك يا خوي يعينوك ع الطريج لحد ما توصل لعمي ثابت
لكن دول كاتير جوي يا سلام
صالح بيه واد الحاج زيدان ما يمشيش بأجل
منيهم
ربنا يزيدك من الخير يا سلام يا خوي..دول
دين في رجبتي..حتى لو ما عاودتش النجع هردهوملك أول ما اجف على رجلي
هتجف على رجلك وهتعاود النجع من تاني
نكس رأسه وقال: واختي اللي تهموها زور في
شرفها!
ارفع راسك, اختك أشرف ست في النجع, ومسير
الحج يبان مهما طال الزمن, كل ليل وله آخر. وعهد عليّ ما اخلي الفجرة يتهنوا بللي
عملوه. آنا هنيه عملهم الاسواد اللي هيخلي حياتهم جحيم
الله يعينك عليهم يا سلام..لكن هوصيك
وصية..لو في يوم من الايام أختي حياة ظهرت ولا عرفتلها طريج تبلغني
من غير ما تجول, كل شيء هيحصل في النجع
هيكون عندك علم بيه وانت في مكانك, وهنتشاوروا في كل كابيرة وصاغيرة. آنا هنيه
عنيك ويدك وضهرك
تطلقت أسارير صالح وشرع ذراعيه, فتبسم
سلام وشرع ذراعيه وارتميا في أحضان ود عميقة, بعدها ربت سلام على ظهره وقال: في
رعاية الله يا صالح يا خوي
استفاض صالح في قص ما حدث: وفي مصر,
استجبلني ثابت بيه أحسن استجبال وأكرمني على أفضل ما يكون الكرم, عطاني جصر باعيد
عن العيون وجوزني بته معالي, وكانت نعمة الزوجة الصالحة اللي وجفت جنبي وساعدتني
بالمال... وتاجرت وكسبت تحت اسم تاني ما حد يعرفه, ولا حد يعرف هي متجوزة مين, ما
فيش غير سلام بس هو اللي خابر حكاية جوازنا, لكن دارى عن الكل وسوى روحه مجاطع عمه
عشان ما دعهوش على جوازة بته..كل ديه عشان ما حد يسأله بت عمك اتجوزت مين..كل شيء
كان بيسويه سلام كان عشان يحميني وما حد يعرف طريجي ولا يدور وراي …ربنا يجازيك كل
خير على وجفتك معاي العمر ديه كلاته يا سلام يا خوي
تبسم سلام وقال: الحمد لله إنك رجعت
للنجع سالم غانم يا صالح يا خوي
تهايج الناس وعلا الهتاف باسم صالح,
فصرخت صفية وهي تصم أذنيها وتقول مهتاجة لتدير الدفة : ايه يا كلاب النجع! بجيتوا
الجضا اللي عم يحكم بين الناس بعد ما صدجتوا كدب صالح واخته!! خليكو كديه غفلانين
عن الحج وتجلدوا المظلوم بدل من الظالم..حياة اللي عم تدافعوا عنيها, هي اللي شيعت
ولدها جتل ولدي محمود ليلة عِرسه, واد حياة لازم يتجتل, انت وين يا واد حياة, وينك
يا جاتل ولدي
سددت نظرات مستعرة لمصطفى وضاحي وصاحت:
الملعون مصطفى ابو جارحي اللي اتربى في خيرنا وبعدها خانا, هياخد جزاته
بدت بسمة ساخرة على ملامح مصطفى فزادها
غليلاً, وأردفت: ضاحي ابو ذكري الخسيس اللي كان مسوي حاله منينا وهو حاطط يده في
يد صالح ورجالته, وفتش اسرارنا وباعنا لأعادينا لازمن ياخد جزاته على يد رجالة
الجبل
ابتسم ضاحي ولوح لها يحيها فجن جنونها
وزمجرت كالنيران المستعرة: كلكو هتاخدوا جزاتكو يا خاينين يا ولاد الحرام,
وهتشوفوا كيف يكون انتجام صفية. وواد حياة اللي جتل ولدي لازمن يكون جزاته الجتل
شقت الراقصة وداد الجموع وأزاحت الحرس
ونفذت إلى الباحة تصيح: اللي جتل ولدك هو بدر واد ضوي عشان ينتجم لورد..فاكرة ورد
يا صفية! ورد اللي رمتيها لولدك
ذرفت وداد العبرات وأردفت وقلبها يكتوي
بذكرى الآلام: دبحها كيف خوكِ بدران ما دبحني..أول ليلة خطى برجله في النجع استباح
عرضي وما خاف من اللي ياخد بحجي, عشان خابر اني يتيمة ومالي حد
سددت نظراتها إلى بدران الذي نكس الخزي
رأسه وقالت بنشيج وقلبها يحترق: فاكر يا بدران بيه!
أشار لها السيد سلام بالابتعاد ونادى
بدران بقوة: بدران
وقف بدران صامتاً ينضح الخزي من وجهه,
فسأله وهو ينظر في عينيه بثبات: مين جتل خوي عزت؟
أطرق رأسه وعلم ألا مناص من الصدق, فقد
بزغت الحقائق للرائي كشمس السماء, فقال: آنا اللي جتلت عزت خوك, واللي حرشتني عليه
صفية
فأخرج السيد سلام مسدسه وأطلق عليه الرصاص
للقصاص العادل, فأخرجت وداد خنجرها وسددت الطعنات لجسده المنسدح على التراب لتشفي
غليلها, فتهايج الناس وحدث هرج ومرج, واقتحموا الساحة للقصاص من صفية, فلاذت
بالفرار متخفية بشالها, عامدة بيت سكينة مشعوذة القرية والجموع على إثرها يركضون
انفض الحرس من حول حياة وزوجها فجبذها
صالح إلى حضنه وهو يناديها بشوق سنين عطشى: حياة
تشبثت بأحضانها وأسندت رأسها إلى صدره
ونشجت بحنين عمر مضى بأوجاعه: خوي صالح, يا جلبي يا خوي, يا جلبي
أغرقت وجنتها دموعه التي أهطلها قهر
البعاد عنها, وقال يربت على ظهرها بصوت يخالطه الفرح والبكاء: اتوحشتك يا حياة,
اتوحشتك جوي, جوي
أخذته نوبة من النشيج كالأطفال, أخرجته
منها زوجته وهي تمسح دموعها التي سالت للقاء الأخوين الذي أثار الشجون. وقالت
تبتسم بصوت يغالب النشيج: وبعدهالك عاد يا صالح! بكيتني انت وخيتك, خليني اخدها في
حضني آنا التانية, ولا هي خيتك وحدك!!
افسح لها الطريق فقالت لحياة بشوق: والله
اتوحشتك يا حياة
حبيبتي يا مرت خوي الغالية, والله جلبي
ما سيعاه الفرحة من وجت من نضرتكو مع بعض
الحمدلله يخيتي, نورتي النجع عاد
هرع مصطفى إلى والده وخلفه ضاحي يهرول,
ارتمى في أحضان والده هاتفاً به بشوق عميق سالت له عبراتهما وصاح الشاب بنشيج
وجسده يرتعد: بوي, اتوحشتك يا بوي, ما مصدجش روحي انك معاي
مصطفى, آآآه يا ولدي, جلبي انشج من الحزن
على بعادك, لكن ما كان باليد حيلة
خابر يا ابوي, خابر, وما بلومش عليك, لو
في مطرحك كنت عملت كديه عشان انجي البرئ
ربت خليل على كتفه, ثم عاد يضمه بشوق أب
حان, فسمع صوت ضاحي يقول: حمدالله بسلامتك يا ابو جارحي
استدار للرجل وشرع ذراعيه وعانقه عناق
الممتن لمعروف كبير وقال: ضاحي, الله يباركلك يا خوي, حميت ولدي وربيته أحسن رباية
وعلمته دينه
ربنا اللي حفظه برحمته عشان الخير اللي
عملته يا خليل, ربنا سبحانه وتعالى قال: وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان
الحمدلله يا خوي..الف حمد وشكر ليك يارب
اتى عمر يهرول مشرعاً ذراعيه لأخيه
الكبير وداعبه يقول: خوي جتال الجتلا, بالحضن ياخوي
قهقه مصطفى ووكزه في كتفه وقال: خوي
المجذوب, وين جرابك عاد
فرغ ورميته يا خوي ههه ..بس بجد مش عارف
اوصفلك سعادتي قد ايه لما اكتشفت انك انت الملثم اللي بيعاونا, كنت زعلان قوي عليك
لما كنت فاكر انك في صف المجرمين دول, وياما كلمت سلام بيه واستأدنته اني اقولك
اني اخوك وان ابوك عايش, اتاريك عارف كل حاجة ههه
كنت عارف كل حاجة إلا ان المجذوب يبجى
خوي ههه بس والله براوة عليك يا عمر, عملتها كيف ديّ
يا سلام! دانا اللي عايز اسألك انت كنت
معانا وعلينا ازاي وماحدش قدر يكشفك ههه
ههه كله بتوجيهات سلام بيه
آآآه شخصية غير عادية, هخلص الكلية واجي
اقعد جنبه عشان اتعلم منه كتير
ههه إن شاء الله يا عمر يا خوي
فتحت أبواب السيارة المرافقة لسيارة صالح
وخرجت منها سلمى تركض صوب أمها, وخلفها شاب عليه سمات الوقار يمشي بتؤدة,فترجلت
فتاة في السابعة عشر, بملامح هادئة ترفل في ثياب العز وعلى رأسها حجاب يتوجها,
وتبعت الشاب بخطوات كسريان الماء العذب في هدءة بين الثمار
سمعت حياة أصوات تناديها من بعيد,
إنهم بناتها يعدون صوبها عدو الظباء بلهفة واشتياق تكسيهما
عبرات الحبور يهتفون: أما, يا امّا. ما أن عبرت مسامعها أصواتهن حتى ذهلت عن
الدنيا ..تنظر إليهن عاديات صوبها فشعرت وكأن الضباب ينقشع عنهن رويدا رويدا حتى
ظهرت وجوههن كالشموس المضيئة أذهلت ناظريها فارتجفت وكأنها لا تصدق, أو كأنه حلماً
كأحلامها التي تؤانس نومها..ولكنها اليقظة بكل بريقها الآخاذ, فارتمين في أحضانها
بعبرات الفرح..أما هي فظلت تنقل بصرها إليهن ذاهلة وكأن الأرض تميد بها وتتذكرهن
أيام كن صغيرات بالجدائل وأصغرهن رضيعة..فمن هؤلاء الشابات اليافعات يرتمين
بأحضانها!! ظنت الفتيات أنها نستهن وتاهت عن ملامحهن بفعل الزمان فأخذن يذكرنها
وهي كالسكرى: آنا سلمى, بتك الكابيرة يا امّا, نسيتيني ولا ايه! وآنا وطفة يا
امّا, وطفة.فأمسكت عالية التي تركتها رضيعة يدها ونظرت في عينها باسمة وعبراتها قد
طفرت وقالت تغالب البكاء: آنا عالية يا امّا
أخذت تنظر إلى قدها وهيئتها ورونق الشباب
في ملامحها.ورفعت يدها إلى وجهها تتحسسه فاغرة فاها لا تصدق, فشعرت بدوار ووضعت
يدها على رأسها وسقطت مغشياً عليها
عاد السيد صالح إلى قصره منتصراً ممسكاً
بيد زوجته السيدة معالي, فالتقى بصابرين تحمل حقيبتها لتغادر القصر,نظرت إليه مع
زوجته بحسرة فات أوانها, لم يحفل بها صالح وكأنه لم يرها, وأخذ زوجته واتجها إلى
الدرج يصعدان وخلفهم الخدم يحملون الحقائب, فهوت روحها وتنكس رأسها وخرجت من القصر
كسيرة الفؤاد
**************************************
ظلت صفية تجري كمن فقدت عقلها بين
الحواري والأزقة, وتهرب ممن يقابلها تخفيا حتى نفذت إلى الأراضي الزراعية التي
طالما ألجأت الناس للهروب من سطوتها عبرها, فأخذت تجري وتشق الزروع ووابل من العرق
يسيل من جسدها, وصدرها يصعد ويهبط لهثاً وانفاسها تضيق, حتى نفذت إلى أرض خلاء,
وأسرعت كالمستغيث من النيران إلى بيت سكينة مشعوذة القرية, دفعت الباب الموارب
واقتحمت البيت المظلم المخيف تعلق أنسجة العنكبوب بوجهها فتزيحها بصراخ وضيق, حتى
نفذت إلى صحن الدار فقزت في وجهها قطة سوداء مخيفة ذات مواء غليظ على حين غرة
فصرخت ودفعتها, ونادت المشعوذة بصوت راجف: خالة ساكينة, انجديني يا خالة ساكينة
خرجت المشعوذة العجوز من إحدى الغرف,
تقول: واه! صفية! والله زمان يا بت الكلاف
هرعت إليها تقبل يدها متوسلة: انجديني يا
خالة ساكينة, احب على يدك انجديني, هيجتلوني
هه ما يجتلوكِ عاد! اسوي ليكِ ايه! مش
انتِ اللي أذتيهم!!
حدجتها بنظرة ملتهبة وصاحت بها تكز على
أسنانها: انتِ اللي حرشتيني عشان اعمل اللي عملته, انتِ اللي خلتيني اجتل واحرج
واسرج. آنا جيتك عشان اسوي عمل لحياة يخرب بيتها وبس
هه لو ما كان السواد في جلبك ما كنتِ
عملتِ اللي عملتيه..ما تلومنيش ولومي نفسك يا بت الكلاف
وكأنها الشيطان يقول
لأولياءه كما جاء في محكم التنزيل
أعوذ بالله من الشيطان
الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
(وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم
فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا
أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتون من قبل إن الظالمين
لهم عذاب أليم
دفعتها المشعوذة عن طريقها وهربت من
الباب الخلفي النافذ على الحقول, وأغلقته بالأقفال, فلم يبقى لصفية إلا باب واحد
تفزع إليه للخلاص, فخرجت منه تخفي وجهها بشالها, فألفت جموعاً يعدون صوبها فجرت في
اتجاه آخر, فلقت جموعاً أخرى تهرع خلفها, فالتجأت إلى طريق آخر فشهقت لهول الجموع
العاديات صوبها, فدار بصرها في كل الاتجاهات والهلع يتملكها فإذ بأعداد لا حصر لها
تعدو صوبها, فتسمرت مرتجفة تستسلم لمصير محتوم, فأحاط بها الناس كإحاطة السوار
بالمعصم يمطروها بوابل من الحجارة حتى شج رأسها وتفجرت الدماء وسالت على وجهها,
وظلت الأحجار ترتشق بجسدها حتى خرجت الروح الآثمة من الجسد الشقي فكبر الناس وهللوا
لهلكة طاغية القرية
******************************
أفاقت حياة فوجدت نفسها في فراش غرفة من
قصر أخيها صالح, وحولها بناتها يلتصقن بها ويوبلنها بوابل من قبل, وعمر يقف عند
الباب باسماً يرقب ما يحدث بين امه واخوته في صمت, قالت سلمى بلهفة: حمدالله
بسلامتك يا امّا
أخذت حياة تنقل بصرها بينهن فرحة وقالت
في نشوى السعادة: سلمى, وطفة, عالية. بناتي. ماشاء الله عليكو, كبرتوا كيف كديه
وبجيتوا عرايس! مهملاكو بجدايل هه , والله كانّه عشية..آآآه على الزمان اللي عدا
كيف البرج..آآآخ كان نفسي تكبروا في حضن جلبي..بس هنعملوا ايه! الله يجازي اللي
كانوا السبب عاد
ردت وطفة وهي تمسح عبراتها: المهم انك
رجعتيلنا يا امّا عشان تعوضينا عن الجساوة اللي شوفناها بحنيتك
الحمدلله يا بتي, ربنا يجدرني عاد
واعوضكم
سددت نظرة شفيقة إلى سلمى وربتت على يدها
تقول: سلمى, جاسيتي كاتير انتِ وخواتك يا بتي على يد اللي ما تتجيش ربها
والله يا امّا نسيت كل حاجة اول ما
وعيتلك جدامي
رفعت حياة بصرها إلى السماء شاكرة لله:
الحمدلك والشكر لك يارب, حفظتلي بناتي وردتهوملي بعد ما ظنيت إن العمر هيولي من
غير ما انضرهم بعيني, الحمدلله
ارتمت عالية على صدرها تذرف العبرات
فرحاً وتقول: ما جدراش اصدج اني في حضنك يا امّا, ربنا استجاب دعاي برحمته وجمعني
بامي اللي عمري ما نضرتها ومن يوم ما وعيت ع الدنيا وآنا اسمع عنيها وبس
فاضت عين حياة واحتضنتها بكل ما أوتيت من
حنان وهي تقول: الحمدلله يا بتي ان ربنا جمعني بيكِ وبخواتك جبل ما اموت
تشبثت بها الفتاة خوفاً وقالت: لاه يا
امّا, لاه, احب على يدك اوعاك تجيبي سيرة الموت ولا الفراج, آنا خلاص جلبي داب من
الحزن والفرجة
الله لا يحزنلك جلب ولا تشوفي مر في
دنيتك يا ضي عين امك
ياااااه يا امّا, ادعيلي تاني كديه, اول
مرة اسمع دعوة حنينة كديه, دعاكِ حلو جوي يا امّا
ههه الله يحلي دنيتك يا بتي ويكتبلك
السعد وهناوة البال
ارتمت عالية على صدرها تقبله وتقول: ربنا
ما يحرمني منيك ومن حنيتكِ يا امّا, اوعاكِ تفارجيني تاني يا امّا, اوعاك تفارجيني
تفارجني الروح جبل ما افارجك يا بتي
بعد الشر عليكِ يا امّا. ربنا يخليكِ ليا
ولخواتي يارب
وجهت حياة نظرها إلى عمر باسمة وقالت:
واه! جاعد باعيد ليه يا عمر!
سايبك براحتك مع بناتك يا ست حياة,
واديني هاجي اقعد جنبكو عشان اخد البركة ههه
ضحكت الفتيات, وقالت عالية ممازحة:! ولدك
بيتحدت كيف البحاروة يا امّا
واه! مش متربي في بحري يا بتي!!
جاءها عمر يزيحها ممازحاً: قومي يختي
كفاية عليكِ كدة, خليني اقعد جنب امي شوية
بجى كديه! ههه طيب يا عمر, مسيري اخد حجي
منيك تالت ومتلت
ضحكوا على روح المرح, فأخرج عمر من جيبه
خمسون قرشاً ووضعها في يد والدته وقال: خدي يا امي, مش خسارة فيكِ
نظرت إلى الخمسين قرشاً بازدراء وقالت:
ايه يا واه اللي عطيتهولي ديه! خمسين جرش يا فجري!
دي الخمسين قرش اللي اديتهاني بنتك
الإيحة عالية لما كانت فاكراني بشحت
انفجروا بالضحك, فقامت إليه عالية لتضربه
وهي تقول: آنا جيحة! طب وربنا ما ههملك, تعالى هنيه
حوشيها عني بنتك المفترية دي يا امّا
فقهقت حياة من مرح الأخوة التي حرمت منه
حتى وضعت يدها على صدرها, وظلت سلمى ووطفة يرقباهما ضاحكتان, فأخيراً قد سرت روح
المرح في مجرى حياتها الكئيب, وقالت حياة, خلاص بجى يا عالية, تعبتي اخوكِ من
الجري
خلاص يا امّا عشان خاطرك, وعشان خاطرك
كمان الخمسين جرش هدية مني ليكِ ههه
ههه خمسين جرش, ماعايزاش اجول جيحة آنا
التانية ههه اوعي تكوني بخيلة صُح يا بت
لاه وربنا يا امّا حتى اسألي خواتي, آنا
بس ما كنتش طايجاه عشان دوم كنت اشوفه مع اللي ما تتسمى
تنهدت حياة وسددت نظرة رضا إلى ولدها
وقالت: كان عم يجيب حجي وحجكو منيها يا بتي
مالت عليه عالية تقبل كتفه وهي تقول:
حبيبي يا خوي, ربنا ما يحرمني منيك يا عمر
ربت على يدها باسماً وقال: ولا يحرمني
منك يا عالية ولا من سلمى ووطفة
قامت إليه أختيه الكبيرتين تقبلان رأسه
وتقولان: ربنا ما يحرمناش منيك ويخليك لينا يا خوي
قام إليهما وضمهما إلى صدره فشعرتا بدفء
الأمان يجتاح دواخلهما..فالأخ الحاني من نعيم الحياة
دق باب الغرفة فذهب عمر ليفتح فألفى خاله
صالح باسماً وخلفه زوجته, فقال عمر: اتفضل يا خالي, مع ان احنا اللي ضيوفك
هه السرايا ديّ سرايتك وسرايا امك وخواتك
جبل ما تكون سرايتي يا عمر, تعالى في صدر خالك يا زين الشباب
ارتمى عمر في أحضان خاله الذي كان يربت
على ظهره بقوة وفخار, ثم اتجه إلى اخته وخلفه زوجته التي حياها عمر برأسه واتجه
إلى مقعده يرقب فرحة أمه بعودتها إلى أخيها الوحيد,فقامت الفتيات عن الفراش ووقفن
في حضرة الخال, الذي نشر بسماته الحانية بينهن, وقال: الحمدلله ان ربنا جمعنا بعد
طول غياب
ردت وطفة, اتوحشناك يا خال
ابتسم لها وقال: ربنا ما يحرمني منيكِ يا
وطفة ممم انتِ عالية بجى كديه
ضحكت وقالت: كديه يا خال, جمرة, صُح؟ ولا
ايه يا مرت خالي!!
هههه جمرتين في بعض ربنا يحميكِ. حمدا
بسلامتك يا حياة, نورتي السرايا ونجع ابو المنصور كلاته, والليلة هندبحوا الدبايح
ونعملوا ليلة كابيرة تجمع الحبايب كلاتهم عشان رجوعك
هه تسلمي وتعيشي يختي..ياااه يا زين ما
اخترت يا صالح يا خوي. والله جلبي عم يرجص من الفرحة اما وعيتلكم مع بعض. الحمدلله
الحمدلله يختي, إلا بالحج, ما سلمتيش على
جوز بتك
ردت حياة بتعجب: جوز بتي!!
نظرت معالي إلى سلمى تقول: انتِ لساك ما
جولتيش لامك انك اجوزتي ولدي!!
لاه والله نسيت من فرحتي بامي يا خالة معالي
انفجرت معالي بالضحك وقالت, طب بس وطي
حسك ليسمع ويجولك خليكِ جنب امك
قامت السيدة معالي إلى الباب ونادت: باسم
كان باسم زوج سلمى هو الشاب الوفور الذي
كان بالسيارة ونزل خلفها, دلف إلى الغرفة يبتسم بهدوء, واقترب من حياة يمد يده
بالسلام, فسلمت وقالت بتعجب: انت جوز بتي سلمى!
ليا عظيم الشرف إني أناسب من عيلة كبيرة
زي عيلتكم يا خالتي حياة
الله يكرم اصلك يا ولدي ههه ربنا يهنيكو
عاد
نظرت معالي إلى ولدها بفخاروقالت: باسم
ابني مهندس مدني وجده دايما يسلمه أهم مشروعاته في مجال الإنشاءات والعقارات
تبسمت حياة وقالت بحبور: بسم الله ماشاء
الله, ربنا يحفظك يا ولدي
نظرت وطفة إلى سلمى ووكزتها بكوعها في
جنبها وهمست في أدنها: انتِ اتجوزتِ من غير ما تجوليلي يا به؟
آآه, وآنا كنت لاجياكِ وين عشان اجولك
انت التانية! خالي اختارهولي وجوزهولي, اجوله لاه!!
يعني انتِ ما كنتيش رايداه!
لاه رايداه طبعاً, هو خالي كان هيجوزني
غصب عني
هي امه جالت اسمه ايه؟
هه باسم
لوت شفتها وقالت: باصم!
يا بت اسميه باسم مش باصم ما تفضحيناش
جدام البحاروة
باسم! وديه اسم يسموهوله!
اومال كنتِ رايداة معالي هانم بت ثابت
بيه بتاع مصر واللي طول عمرها في مصر ومعاشرة ناسها هتسمي ولدها ايه! هريدي ولا
جعيدي!! عنديه اخ اسميه تامر, هخلي خالي يجوزهولك
طامر!! لا يختي ما عايزاش الاسامي
المايعة ديّ ههه
تضاحكت الفتاتان همساً تدهسان بضحكاتهما
أحزان الماضي الأليم , صمتتا حين سمعتا دقة رقيقة على الباب, فنظر الجميع صوب
الباب فإذ بالفتاة الهادئة الملامح تقف عند الباب خجلى, فتبسم لها صالح قائلاً:
تعالي يا حياة
سرت سعادة في النفوس بسماع اسم الفتاة
وتوافدت إلى وجهها نظرات الارتياح لهدأة ملامحها, عدا عمر الذي خفض بصره تعففا
اقتربت الفتاة من حياة وقالت وبسمة على
محياها: حمدالله على السلامة يا عمتي
كبلت حياة فرحة الدهشة وصاحت: عمتك!!
فرد صالح: حياة بتي من معالي يا حياة
يختي, السنة دي هتدخل كلية الألسن إن شاء الله
ازدادت حياة فرحاً وتراقص صوتها في
انتشاء: الله اكبر, بتك!! تعالي في حضني يا جلب عمتك.
مالت إليها الفتاة تقبلها, فاحتضنتها
حياة وأجلستها إلى جوارها, وأخذت تربت على ظهرها وتقول: اسم الله يا بت الغالي اسم
الله..يااه يارب ديم على جلبي الفرح اللي اتحرمت منيه
رد صالح وهو يقوم عن مقعده استعدادا
لمغادرة الغرفة: آمين يختي, يلا يا معالي عشان نهمل حياة تجعد مع بناتها
رايح وين يا خوي اجعد خليني اشبع منيك
هنجعدوا كاتير يا حياة, الجيات اكتر من
الرايحات يختي إن شاء الله, يلا يا حياة يا بتي
تركت الفتاة حديث السمر مع بنات عمتها
اللاتي التففن حولها, واستأذنت عمتها: عن اذنك يا عمتي
اّذنك معاكِ يا جلب عمتك يا غالية..الله,
طيبة وهادية ووشها كيف الملاك
نظرت حياة إلى ولدها عمر تقول باسمة:
كانّها عروستك يا عمر
فغر عمر فاه وقام إليها مسرعاً يقول:
عروسة مين يا امّا, سيبيني في حالي الله يباركلك اكمل كليتي على خير وبعدها ابقى
افكر هتجوز مين, آنا لا احب حد يقولي ولا يوجهني ولا يرسملي حياتي
لوت شفتها بامتعاض وقالت: انت تطول تتجوز
بت خوي يا عويل انت!
ههه بقيتِ بين أهلك وناسك وقلبتي علية يا
ست حياة! ماشي
ههه آنا اجلب عليك يا عمر! دانت جلبي
دق الباب معلناً عن آتٍ جديد, فقالت حياة
ادخل يللي ع الباب
دلفت نعمة على استحياء فتبسمت حياة
وقالت: تعالي يا نعمة
هرعت إليها وانكبت على صدرها تبكي:
خزيانة منك وما جادراش ارفع عيني فيكِ يا ست حياة, هما اللي جبروني اشهد عليكِ
زور, حسبي الله ونعم الوكيل فيهم
خابرة يا نعمة, خابرة ان مالكيش يد في
اللي حُصُل
يعني مسامحاني يا ست حياة؟
مسامحاكِ من جلبي يا نعمة
الحمدلله..كديه أجدر اهمل النجع وانا
مطمنة
اخص عليكِ يا نعمة! كانّها هانت عليكِ
العشرة الجاديمة
لاه والله يا ست حياة, ولا يوم من أيامك
يا غالية..لكن..لكن غصب عني ما جادراش
ارفع عيني فيكِ
ما جولتلك سامحتك عاد, واه!!..اتجوزتي يا
نعمة
ايوة, ومعاي بتين
ماشاء الله , وجوزك بيشتغل ايه؟
مزارع
زين ومليح, طب خلاص, تجيبيه وتاجي, انتِ
تخليكِ معاي وهو يشتغل في أرض من أرضياتنا, لكن تهمليني وتمشي لاه, ان كانت هاينة
عليكِ عشرتي, عشرتك ما تهونش
نشجت واحتضنتها: يا حبيبتي يا ست حياة
غادرت نعمة الغرفة , فدقت جميلة الباب
ودخلت على حياة تقول: عيني عليكِ يا جميلة, لجت بناتها حياة واستغنت عنيكِ وعن
الدنيا وما فيها
صرخت حياة فرحاً وقفزت عن الفراش مشرعة
ذراعيها فغابتا في عناق حار بلهيب الاشتياق وعبرات الحنين,: جميلة يا حبيبتي يا
غالية, آآآه يا جميلة, آآه لو تعرفي كد ايه اتوحشتك
يا جلبي يا حياة, يا جلبي
قالت عالية: كفاكِ يا امّا, كفاكِ يا عمة
جميل’ عنينا ورمت من البكا
قهقه الجميع فاستدارت جميلة لعمر تقول
بمودة: كتر خيرك يا عمر يا ولدي, انت اللي جمعتنا بعد الفراج
الحمد لله يا خالتي جميلة, قد ايه فرحان
انك اجتمعتي بأمي اللي طول السنين دي عمرها ما نسيتك ودايماً تجيب سيرتك بالطيب
وتقول انك اعز حبايب عمرها
ربنا عالم يا ولدي ان امك هي أعز الحبايب
وانت وخواتك ولادي كيف عزت
سألتها حياة بلهفة: وينه عزت ولدك, نفسي
انضره بعيني
جاعد برا, هنادملك عليه
وقفت على الباب ونادته: تعالى يا عزت سلم
على خالتك حياة
تنحنج عزت إدناً في الدخول: إحم إحم
..حمدالله على السلامة يا خالتي حياة
الله يسلمك يا ولدي, ماشاء الله عليك,
والله كانّك بوك في ادبه واخلاجه الزينة, تسلم ربايتك واللي ربتك يا ولدي
ربنا يخليكِ يا خالتي جميلة
استأذن خليل في الدخول: يا جماعة يللي
هنا
ردت حياة: اتفضل يا خليل
ما أن دلف حتى ربتت جميلة على كتف حياة
وقالت: طب هاجيكِ تاني في الليل, اوعاكِ تنامي, هنجعدوا للصبح نتثغرن كيف زمان,
يلا يا عزت
خرجت جميلة وابنها فقال خليل للفتيات:
حمدالله على سلامة امكو يا بنات
الله يسلمك يا عم خليل
عمر..خد خواتك واخرجوا, ليا حديت مع امك
حاضر يا ابويا, يلا يا بنات
خرج عمر وأخوته وأغلقوا الباب خلفهم,
فتنهد خليل وقال لحياة: خلاص يا ستنا, دوري انتهى معاكِ بعد ما ظهرت برائتك جدام
اهل النجع, وهتعيشي بيناتهم براس مرفوعة
كاتم بكاء قلبه, وقال بصوت مرتعش: هشيع
للمأذون ديلواك عشان يخلصك
شهقت حياة ووضعت يدها على فمه تقول:
يخلصني من مين! من الراجل اللي حماني وأواني ورزجني منيه بالواد اللي كان سند وضهر
ورجعلي حجي من اللي ظلموني!! لاه يا خليل, اوعاك تاجيب السيرة ديّ تاني, الموت
عندي اهون من فراجك يا سيدي وتاج راسي, واه! كانّك ما خابرش لغلاوتك في جلبي! طب
دانت جلبي يا خليل..لو رايد تعرف انت عندي ايه, شوف اللي جبلك سوى فيا ايه وانت
سويت ايه وانت تعرف انك تساوي عندي الدنيا ومافيها يا ابو عمر
سرى الارتياح في ملامحه وضمها بحنان
فسكنت إليه
**************************************
اجتمع خليل الجارحي بصالح في بهو القصر
بصحبة ولديه مصطفى وعمر ليعطيه جوال الأموال الذي حفظه قائلاً: اتفضل يا صالح بيه,
ده المال اللي يخصك وحافظتلك عليه
تبسم صالح وقال بامتنان: مش مهم انك
حافظت ع المال, المهم عندي انك حافظت على اختي حياة وأكرمتها, وديه عشان انت راجل
شهم وكريم, وجاميلك ديه مهما عملت ما اوفهوش
وضع يده على صدره تحية وقال: الله يبارك
فيك يا صالح بيه, انا ما عملتش غير الواجب, اتفضل المال
المال ديه ما لازمنيش, ديه عشانك انت
ومصطفى وعمر
لاه لاه, ده حجك, الله يخليك عافيني من
الحديت ديه
آنا ما اغيرش جولي, خد المال عشان ما
بحبش الحديت الكاتير
هه متشكرين يا صالح بيه, ربنا يزيدك من
نعيمه
اسدى مصطفى له الشكر: متشكرين يا صالح
بيه
انت اللي بتشكرني عاد! الشكر واجب عليّ
وعلى كل أهل النجع يا مصطفى يا ولدي
ربنا يبارك فيك يا صالح بيه
وانت يا عمر, ما خابرش اجولك ايه غير
ربنا ربنا يجازيك خير ع اللي عملته, انت اللي جمعت الناس المتابعدة عشان يحطوا
يدهم في يد بعض ويجفوا في وش الباطل
الحمدلله يا خالي ان الحق ظهر
سمعوا قرعات نعال على الدرج, فرفع مصطفى
بصره, فإذ بعالية تنزل وخلفها أختيها, فنظر إليها باسماً واخفض بصره, فدارت وجهها
بطرف حرامها عن ابتسامة علت محياها ..خرجت الفتيات عامدات حديقة القصر, فقام خليل
عن مقعده يستأذن في الانصراف: بالإذن يا صالح بيه, يلا يا مصطفى, يلا يا عمر
قاموا عن مقاعدهم فقال صالح: على وين!
لاه, استنوا العشا عم يجهزوه, رايدين ناكلوا لجمة سوا
تتعوض ان شاء الله يا صالح بيه, هاخد
مصطفى وعمر عشان نتعشوا مع سيدة اختي, اتوحشت جعدة الطبلية ووكلها المليح
هه ربنا ما يحرمكو من بعض عاد
*****************************************
جلست جميلة وبنات أخيها في البهو يتسامرن
ويتضاحكن في الحديقة, وفجأة وقفت سلمى وكأنها تذكرت أمر هام, وقالت بتهلف: بوي يا
وطفة, بوي يا عالية,فرحتنا بامي نسيتنا بوي
تبسمت جميلة وقالت: طول عمر جلبك فيه
الخير يا سلمى يا بت خوي. اطمني, باشمهندس حسن وداه على سرايته
طيب يا عمة, هاخد الإذن من جوزي واخد
خواتي ونروحوا نطمنوا عليه
خدوني معاكو عاد اطمن على خوي
******************************
دخلت البنات إلى القصر متلهفات يتسابقن
نحو والدهن المنزوي حزيناً في مقعده في البهو, ينادينه بصفو وداد: بوي, بوي
رفع رأسه بتثاقل خجلاً وقال بأسى:
سامحوني يا بنات..ويا ريت تخلوا امكو كمان تسامحني ..جسيت عليكو كاتير وحملتكو فوج
طاجتكو..اتذليتوا وانتو في عز بوكوا
التففن حوله يقبلن رأسه حنوا يعلن عن
السماح, فدخلت جميلة تنادي باسمة: خوي, والله اتوحشتك يا كامل
أخفض بصره خجلاً وقال بصوت واهن: سامحيني
يختي. ظلمتك, وظلمت حياة وظلمت بناتي, كدبتكو كلكو وصدجت مرة خسيسة, عيشتها في
خيري وفي عزي وكان جزاتي انها تبليني بالمرض والعجز وجلة الحيلة
خدت جزاتها يا خوي, انساها وفكر في صحتك
صحة ايه يا جميلة! ما راحت الصحة وبجي
المرض
صحة ايه اللي راحت ديّ! طيب شوف حالك
كديه بعد طبختين تلاتة من يد اختك, هتجوم ترمح رمح كيف الفرس
ههه ربنا ما يحرمني منيكِ يا جميلة...حجك
في مال بوكِ محفوظ وهتاخديه بما يرضي ربنا .. وربنا يسامحني عاد
تسلم يا خوي, ربنا ما يحرمني منيك يا
كامل
أخذت البنات تتهامسن فيما بينهن ووالدهم
يرقب, فاقتربت سلمى على استحياء وقالت: بوي, خواتي بيستسمحوك يعني انهم يبيتوا
الليلة مع امي, وانا التانية استأذنت من جوزي عشان ابيت معاها, واحشنها حضنها جوي,
وآنا كلها يامين ومعاودة على مصر معاه, لكن خواتي مش هيهملوك وهياجوك كل يوم
يخدموك ويشوفوا طلباتك
ردت جميلة: آنا أولى بخوي, هاخد بوكوا
عندي, وانتو تبجوا تاجوا تسألوا عنيه وتجعدوا معاه كيف ماانتو رايدين
قبلت عالية رأس والدها وصاحت حباً: لاه
يا عمة, احنا ما نجدرش نبعد عن بوي, خليكِ معاه الليلة دي وبس, وانا ووطفة هناجيه
كل يوم
ربت على يدها باسماً وقال: ربنا ما
يحرمني من حنية جلبكو يا بتي ..كيف امكو في حنيتها وحديتها المليح
تنهدت جميلة لشجون أخيها المطلة من عينيه
وقالت بحسم: جولتلكو آنا أولى بخوي, وديه جولي الأخير, انتو كل واحدة فيكو مسيرها
تروح لبيت جوزها وما هتبجاش فاضية لبوها, لو جت يوم ما هتجيش التاني. لكن آنا
محتاجة اتونس بخوي اللي اتحرمت منيه العمر اللي ولى, اناكف فيه, يناكف فيا,
ونونسوا بعض ههه ولا ايه يا كامل
عمتكو عنديها حج يا بنات, أنا هجعد
عنديها, وانتو تبجوا تاجوا تسألوا عليّ...جميلة, طلعيني من هنيه, ما طايجش اجعد في
السرايا اللي خربتها بيدي
ما تجولش كديه يا كامل, تعمر بحس بناتك
واحفادك ان شاء الله
ربت على يدها باسما
********************************
مددت عالية جسدها مغمضة عينيها باسمة إلى
جوار والدتها التي كانت تداعب خصلات شعرها, فرغبت حياة أن تخبرها عن خاطب تقدم لها
في ذات اليوم, فقالت ممازحة: جال ايه يا عالية يا بتي, اتهيألي وأنا جاعدة كديه ان
مصطفى واد عمك خليل جاني وجالي رايد اتجوز بتك يا خالة حياة
قفزت الفتاة فرحاً وقالت, المتلتم!! صُح
يا امّا؟
واه! يا بتي بجولك عم يتهيألي
لوت الفتاة شفتها وعادت إلى الفراش تقول:
عم يتهيألك!! طب كملي تمليس على شعري يا امّا كملي
هههه رايداه حجيجة إياك؟
تلعثمت الحياة خجلاً: ها! آآلاه, لاه يا
امّا, عادي يعني
ههه يعني لو صُح توافجي عاد؟
بدت بسمة خجلى وقالت: واه! مش بتجولي عم
يتهيألك يا امّا!
ههه لاه, حجيجة عاد, جولتي ايه؟
أحمرت وجنتيها وقالت بخجل: الجول جول بوي
وجولك يا امّا
هه تعالي في صدر امك يا آخر العنجود يا
سكرة انتِ
مصطفى شيع مرسال لبوكِ وهياخد بوه
ويروحوله في الليل إن شاء الله
اتسعت ابتسامتها وراحت ووضعت رأسها في
حجر والدتها وأغمضت عينيها, فأحبت والدتها أن تداعبها, فكاتمت الضحك وقالت بجدية
مصطنعة: ولا اجولك يا عالية, لاه لاه,آنا مش موافجة, يعني بعد ما لجيت بتي اللي
اتحرمت منيها, ياجي العريس ياخدها من حضني ويفرجني عنيها!!
رفعت الفتاة رأسها تقول بامتعاض: يامّا
مين جال انه هيفرجنا عن بعض بس! آنا هجيكِ كل يوم أزورك بس وافجي على الجوازة الله
يرضى عنيكي
هههه بجى كديه! طيب يا ست عالية, موافجة,
يعني هيجينا احسن من مصطفى!!
شردت عالية قليلاً ثم قالت: تعرفي ياامّا
آنا موافجة على الجواز من المتلتم ديه ليه؟
هه ليه يا عالية؟
عشان هو مش زي أي حد, يا بوووي ياامّا
لما عرفت ان مصطفى ابو جارحي هو المتلتم اللي نجى اختي سلمى ونجاني من مهالك كتير,
وياما نجى ناس تاني وخرجهم من الكرب. ومن ناحية تانية راعب النجع ومشيب راسه ,
جنسه ايه ده يا امّا! وكيف كان بيسوي الهوايل ديّ
هه لما تتجوزيه ابجي اسأليه عاد
هسأله اومال ممم تعرفي يا امّا, طول عمري
كنت اتمنى اتجوز راجل جوي وشاديد والناس تهابه, وفي نفس الوجت يكون صالح وحافظ
كتاب ربه
هه اهو ربنا بعتهولك عاد, افرحي
يا بوي يا امّا, نسينا وطفة, كيف اتجوز
جبل اختي الكابيرة واكسر جلبها! لاه يا امّا, ما عايزاش, لما تتجوز وطفة في الاول
هأ! ومين جال هنجوزك جبل وطفة! هي بتي
شوية!!وطفة جاها بدل العريس تلاتة من ولاد أكابر النجع, ولساه جايلي من هبابة, بس
متحيرين بيناتهم وهي كمان متحيرة, عشان كديه تلاجيها حاطة راسها في راس سلمى
وعمالين يتثغرنوا
ههه والله هليتِ علينا بالفرح يا امّا .
تتصبحي بالخير يا جلب بتك
وانتِ من اهل الخير يا بتي ههه
اوعاك تجومي من جنبي لما انام
لاه ما تخافيش, هنام جنبك أها, بس عايزين
نصحوا بدري عشان نروحوا السرايا اللي خالك اشترهالنا
احنا هنمشوا من سرايا خالي!
واه! اومال يا بتي هنجعدوا فيها طوالي!
تثائبت فأمسكت بيد والدتها تضعها تحت
رأسها ونامت ووالدتها تداعب شعرها كطفلة
*************************************
في ذات الليلة المقمرة الزهراء,سيق
العمدة والشيخ سمحون وأتباعهما مصفدين بالأغلال وسط تهايج الناس وهتفاتهم بإنزال
أشد العقاب بهم قصاصاً عادلا, وحرق شباب القرية الماخور, وطالبوا بتولية سلام
مقاليد القرية بديلاً عن العمدة لإقامة
العدل بين العباد
*********************************************
أشرقت شمس الصباح على القرية وكأنها في
ثوب عُرس سعيد.تولى السيد سلام مقاليد القرية .وتجمع الناس في أرض المسجد القديم
ليعيدون بناءه يتقدمهم الشيخ سلطان الذي وضع لبنة الأساس للمسجد فتهللت الوجوه
حوله..نظر حسن إلى الشباب ومد ظهر يده, فتوالت أيادي الشباب فوقها فبدت كبناء صلب
لا يقهر..حسن, مصطفى, عمر, عزت, طائع, أشرف, وغيرهم الكثير والكثير
وتعالت أصوات الأطفال يرتلن القرآن في
كتاب القرية في صوت ملائكي
*********************************************
ولحد هنيه وخلصت روايتنا
تمت بفضل الله ومنته وعونه وتوفيقه
أرجو من الله العلي القدير أن تنال
استحسانكم قرائي الأفاضل
دمتم بكل الخير ولك مني خالص الود
هبة نور
سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم ❤️اللهم صل و سلم و بارك على نبينا محمد ❤️ الله يسعدكِ أستاذة هبة سعادة الدارين❤️أم رفيف
ردحذفاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد جزاك الله خير حبيبتي هقرا بقى سلمت يمينك
ردحذفطلع مصطفي ياهوبا
ردحذفزي ماقلت
وفعلا الاحداث اماطت اللثام عن الاحداث
هبه من اسيوط
أبكيتيني فرحًا فمهما طال الظلم والظلام يتنفس الصبح ويشرق بنوره للناس
ردحذفسلمت يداك وأسعدك الله كما أسعدتنى بكلماتك دائما
ونفع الله بك واستخدمك
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ردحذفاللهم صل وسلم وبارك على رسولنا الحبيب
ردحذفبصراحة مش عارفة اكتب حاجة ايه الجمال ده ايه الابداع ده ماشاء الله عليكي جمعتي الخيوط وشيلتي كل علامات الاستفهام وجننتينا ياهوبة
فرحت اوي ان مصطفى طلع الراجل المتلتم انا قولت مرة اني متوقعة يطلع هوه بس رجعت ف كلامي لما دبح الراجل بس بجد مكنتش قادرة اتوقع النهاية فعلا وان سلام ومصطفى هما الابطال عايزة اقعد اسقفلك لغاية ما ايدي توجعني ❤❤❤❤❤❤❤❤❤ وعايزة اعيط لان الرواية خلصت متشكرين يامبدعة ربنا ميحرمناش من ابدعاتك يارب ويكرمك بالسعادة والفرح دايما حبيبتي 💗💗💗💗💗💗💗💗
جميلة جميلة جدا جدا جدا.. جزاك الله خير الجزاء.. دمتى مبدعة
ردحذفاللهم صلي وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ردحذفحلقة مفعمه بالعدل ونصر المظلوم
ورد كيد الكائدين
تسلم ايديك رضيتي فضول القارئ بكل تشويق واثاره
ردحذفيا ألف نهار ابيض ياولاد
غلط انا لما قولتلك انك امرأة غامضة من الدرجة الأولى ؟
منين بيودي على فين ؟
بقا انت ياحسن يطلع منك كل دا ؟
بقا مصطفى اللي شبعت فيه دعاوي يطلع الملثم اللي انقذ النجع كله ؟
بقا سلام طلع بيحرك كل الناس دي ؟
بقا ضاحي وصقر طلعوا ناس كويسة وولاد حلال ؟
بقا سلام كان عارف طريق صالح ولا حس ولا خبر كدة ولا يعرفنا انه بخير حتى
لا بس عجبني لما ضرب رصاصه ف قلب بدران 😌
اخد حق اخوه العريس اللي اتغدر بيه ف غمضة عين 🥺
بقا استاذة هوبة العسل الكيووته يطلع منها الغموض والأكشن والإثارة دا كلها ؟
خلتينا نشك ف صوابع ايدينا يا استاذة هوبة 😂
خلتينا اتخنق من حسن الأمير الطيب واقول عليه سلبي اتاريه مش ساكت ياعيني .
نهاية صفية مرضية جدا بالنسبالي تتفضح على روؤس الاشهاد نصبت الليلة لحياة وسبحانه المعز المذل تتحط هي فيها واللي كانت ناوية عليه لحياة اتعمل فيها
وبزيادة .
ياه على كمية الظلم والغل والحقد اللي ف قلبها
ولابد من يوم معلوم تترد فيه المظالم ياصفية
كنت عايزة المال والجاه
خدتيهم لكن ماارتحتيش بقالك 20 سنة ماشفتيش راحة المال والجاه ما بيشتروش كل حاجة
الى ىالجحيم يا صفية ياللي انتِ مش صفية خالص .
نهاية كامل مرضية جدا
هو كان معمي واتعاقب على عماه اشد العقاب اتحرم من كل حاجة ف الدنيا
لم يكلف نفسه التحري عن اي حاجة فأصبح ذليلاً ف بيته لا يعرف مايدور فيه .
نهاية حورية تستاهلها ، لولاك ما ظلموا … !
ماكنت متوقعه خالص ان مصطفى يطلع منه كل دا
اللي تربى على القرأن صعب يزيح عنه ، ماشاء الله ع العهد ياصاحبي 😍
اعلمه الرماية كل يوم ولما اشتد ساعده رماني
اللي بدران علمه لمصطفى طلع على عينه 🤣
متشكرين يابدران الى الجحيم مع صفصف وكل حبايبك هتلاقيهم هناك ،
بس ماتنسيش يا استاذة هوبة ان قلت ان وداد هي اللي هتقتل بدران هي صحيح ما بدأتش لكن انتقمت منه بردو 😂
ياه اخير نجع ابو المنصور نضف
-------------
اما بقا الجانب المنعش ف الحلقة علاقة عمر باخواته وهزاره مع امه
ياه اخيرا شوفنا عالية بتهزر وبتضحك 😂 بس اخص ياعالية خمسين قرش بس تديهم للمجذوب انتِ مش عايشة معانا ف الدنيا يابنتي 😁
مبرووووك لعالية ومصطفى والله لايقين على بعض يا شباب 😄
وعقبال مانفرح باختنا حياة الصغيرة على اخينا الدكتور عمر ، واختنا وطفة كان نفسي تتجوز حسن رغم انه صعب بس هو اتظلم من اول الرواية يلا ربنا يعوضه 😂
شابووووه ليكِ يا استاذة هوبة ابدعتي فوق الوصف مافيش مشهد كنت اتمناه مش موجود ، كفيتي ووفيتي
مافيش نهاية لأي شخص كانت هتكون افضل مما كتبتيها
الرواية بحق ممتعة ومشوقة ورائعه وكل الأوصاف الجميلة
ابدعتي ابدعتي ابدعتي
سلمت يمينك كفيتي ووفيتي اخرجتي الرواية ف أبهى حُلة
عايزين جزء تاني بقا يكون للأبطال الصغيرين 😎
بهزر بهزر 🤭
احبك ف الله ايتها المرأة الغامضة 🥰🥰🥰🥰
تحفه جدا نهايه أثلجت صدري بصراحه 😂 منتظرين ابداع جديد أن شاء الله ❤️❤️
ردحذفعجزت الكلمات عن وصف الجمال
ردحذفبوركتي وبوركت أعمالك ونسأل الله العلى القدير أن يجعلها فى موازين حسناتك يوم القيامه اللهم امين اللهم امين
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ان لا اله الا انت نستغفرك ونتوب إليك
زينب محمد
Smsma Mohamed
ردحذفماشاء الله حلوه جداً جداً جداً تسلم ايدك يا مبدعتنا الجميله احداث كتيره غير متوقعه من مبدعتنا هوبه♥️♥️
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وع اله وصحبه اجمعين وسلم تسليما كثيرا ♥️♥️♥️
كاميليا محمد
ردحذفسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
سلمت يداك ابداع حقيقي الرواية قمة في الابداع والنهاية غير متوقعة واخيرا ظهر الحق ورد الحق لأصحابه زادك الله من فضله ودمتي مبدعة وفي انتظار رواية جديدة وإبداع جديد ❤️🌹
بجد هايلة
ردحذفابدعتي حقيقي
ربنا يكتب اجرك ويجعله في ميزان حسناتك
عائشة رضا
الله يبارك فيك
ردحذفجميلة جدا
انت مبدعة فى الروايه بعمومها
وابدعتى اكتر فى ختامها
تسلم ايدك
الله لا يحرمنا من قلمك الهادف
انا هند ام مريم
كانت مفأجاة جامدة ان مصطفي هو المتلتم فرحت أوي عشان كنت زعلانة عليه أوي الرواية كلها ع بعضها تحفة بجد زي ما عودتينا دائما بالتوفيق دائما ان شاء الله
ردحذفراءعة كعادتك يا استاذ ة هبة
ردحذفجزاكى الله خيرا
متميزة ما شاء الله عليكى
ردحذفحقيقي ربنا يسعدك
كفيتي ووفيتي رواية روعة الروعة
ردحذفماشاء الله الأحداث جميلة جميلة جميلة وممتعة جدا مكنتش عيزاها تخلص سلمت يمناك يا حبيبتي وجزاك الله خيرا
ردحذفاللهم بارك نهاية فى غاية الجمال ،بالرغم من أن تأجيل حلقات الرواية خد من جمالها حته بس الحلقة الأخيرة خليتها فى حتة تانية ❤️❤️ وكالعادة معتادين من حضرتك كل المفاجأت اللى تتوقع واللى ما تتوقعس😂
ردحذفكفيتى ووفيتى 🌷،و الى اللقاء في الرواية القادمة 😂.
الله الله على الجمال والروعة مش عارفه أقول ايه مجهود كبير قومتي بيه عشان تسعدينا بهذه الحلقه الجميله وهذه النهايه الرائعة المرضيه
ردحذفأسعدك الله كما اسعدتينا وجعله في ميزان حسناتك رواياتك دايما هادفه وبنتعلم منها الكتير
منتظرين منك المزيد إن شاء الله بس عايزين روايه كوميدي عشان احنا عيطنا كتير في الليل والدوادي
كان في روايه اسمها حارة الموعودين كنتي وعدتينا انك هتكمليها وتنشريها يا ريت والله يبقى كتر خيرك
مش عارفين هنعمل ايه يوم الخميس الجاي يا ريت يكون في حاجه على المدونه
في انتظارك دايما وانتظار كل جديد
دومتي مبدعه
ماشاء الله ❤❤❤
ردحذفالواحد كل اما يقرأ رواية لهوبة يقول مفيش ابداع بعد كدة مفتكرش ان الرواية الجاية هتبقا احلى واذ نتفاجىء برواية اجمل واجمل 🥰🥰
بصراحة انا بعد رواية خلف الجدران ظه كان رأيي وقبل ما اقرأ الليل والدوادي قلت لا مش هتبقا زي خلف الجدران في كمية الشخصيات والاحداث والمفاجآت اللي كانت في الرواية
ونتفاجىء بالابداع في الليل والدوادي
والله مش بكتب مجاملة ليكي لكن فعلا شهادة حق ❤❤ "احبك في الله"
فعلا كل روايه احلى من اللى قبلها مفيش فى جمال روايات استاذه هبه الجميله اسلوب راقى ومتقن وهادف وفيه مبدأ
حذفمتميز من كل الجوانب بارك الله فيها
ابدعتي يا استاذة وكأنك في الحلقة رديتي كل حتة ظلم ولو صغيرة انتي مش ناسياها هههه عملتيها ازاي دي هههههه لاء وكمان أنا قولت المتلتم ده عمر وخوفت لعائلة تحبه وتتصدم في الاخر أنه اخوها بس طلع مصطفي كان صعبان عليا أنه يبقي ظالم كفيتي ووفيتي جزاك الله خيرا حبيبتي
ردحذفاسماء
محتاجه اقرأ الحلقة الدسمه دي مرتين تلاته قبل م اعلق ..
ردحذفاللهم بارك حلقة فوق الرائعة سلمت يداك أيتها المبدعة عجزت حروفي عن الوصف
ردحذفجمال فوق جمال وروعة أداء يجذب من البداية
ولانستطيع دون توقف حتي النهاية
Sahar abdelhafez
قمة الإبداع 👌👌👌👌👌👌👌👌
ردحذفكفيتي ووفيتي حبيبتي المبدعة🤩🤩🤩
يا ريت الدنيا تكون بهذا العدل الجميل🤍
ربنا يعزك ويراضيكي ويبارك في قلمك يا غالية
إيمان إبراهيم 🌸🌸
اللهم صل وسلم على رسول الله
ردحذفايه الجمال ده كله برافو برافو برافو
سلمت يداك ربنا يبارك
يا ريت ما نتحرمش من إبداعك
في انتظار رواية جديدة ان شاء الله
سدد الله خطاك يا مبدعة
انا مش لاقيه كلام اعبر بيه عن مشاعرى وانا بقرا الروايه
ردحذفكان نفسى انسخ كل تعليق من تعليقات الحلوين اللى قبلى لانه بيعبر عنى و حياه قليل عليكى وعلى مجهودك
عارفه اكتر حاجه ينهون علينا ايه أن فى آخره ربنا هيقتص للمظلومين اتمنى ربنا ينصر كل ظالم ونشوف العوض فى الدنيا والآخرة
ابدعت كلمه قليله عليكى
اكتر حد كان نفسى يتعوض حسن
كنت اتمنى أنه يتزوج من وطفه لانه اتظلم كتير اوى و كان دائما طريقه الطاعه
ربنا يعوض كل انسان بيرصى ربنا رغم فتن الدنيا
ربنا يبارك فيكي أنا حزينه جدا أنها خلصت
كنت باكل الكلمات بعينى علشان اعرف حصل ايه وفى نفس الوقت قلبى بيدق أنها قربت تخلص
حقيقى. مشاعر كتير مبغبطه
بس ده اللى اتعودنا منه عليكى يا هوبه يا قمر
استودعك الله
ربنا ميحىكناش من ابداعاتك
Wafaa Ali
جزاك الله خيراً حلقة جميله جدا جدا وكبيرة جدا ما شاء الله وياريت يكون فيه رواية جديدة ❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
ردحذفاللهم صلي على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ردحذفاللهم صلي على محمد وعلى آله وصحبه وسلم 💓💓💓💓💓
ردحذفالله الله الله على الجمال
ردحذفمش ممكن الابداع و الجمال دا
كمية مشاعر رهيبة و انا بقرأ الحلقة
ببكى واضحك و اشتاق كل كدا مع بعضه
كان نفسى يطلع مصطفي هو الملثلم و الحمد لله طلع ابن حلال
مكنتش متخيلة ان فيه رواية احلى و لا اروع من خلف هذه الجدران
بس بصراحة ابهرتيني
شكرا يا هبة على السعادة اللي اديتهالى و ربنا يباركلك ويحفظك ويسعدك يا حبيبتي الغالية
سبحان الله والحمدلله والله أكبر ولاإله إلا الله 💕
ردحذفAfaf
سبحان الله و بحمده اللهم صلي على محمد عليه الصلاه و السلام
ردحذفلولو
😘😢💕
مبارك لك ولينا انتهاء ابداع جديد من ابداعاتك
ردحذفكل مرة بتثبتيلي انك كاتبة مميزة في وقت قل فية التميز والابداع
رواية اكتر من رائعة وخاتمة شافية موفية كل التساؤلات
الساحرة فعلا دورها حسيته شيطان واللي عملته في صفية لايق عليها وصفية تستحقه
فرحت ان مصطفى طلع برئ من الدم مكنتش حابة صدمة خليل الجارجي في ابنه
خليل زي ما حافظ على حياة ربنا بعتله ضاحي يحافظ على ابنه بس كدة رجالة الجبل كلهم تابوا🙈
سلام مطلعش سهل بقى ولا كان ساكت عن الظلم💪
احساس كامل بالحسرة والندم يستحقه بجدارة ياما بناته واخته حذروه بس كان اعمى البصيرة كان نفسي الحاجة فايقة هي كمان تكون موجودة وتشوف ظلمها وكرهها لحياة اخرته اية
كمان ان حياة يبقى عندها ولد حسرة تانية ان مش هي السبب زي ما كانت الحاجة فايقة بتقول
حسن بطل حقيقي في الرواية خسر كل حاجة وكسب دينه متوقعتش انه هو اللي طفي النور ساعة قتل محمود
كلام جميلة عن حياة بكاني ومشهد حياة لما شافت بناتها كمان بكاني حسبت اني شايفهم قدامي وعايشة معاهم
وطفة عسولة وسلمى رقيقة خالص
صالح وحياة نموذج جميل للاخوات وتضحيتهم وحبهم لبعض عكس بدران وصفية شيطانة و شيطان
العمدة دة عايز. الاعدام على ظلمه وطمعه
ياريت بقى الناس تتعظ وميخضوش في اعراض غيرهم
ربنا يجزيك خير على كل اعمالك ويرزقك كل ماتتمني وزيادة
متنسيش بقى في انتظار حارة الموعدين بشوق
ماشاء الله ياهوبا بتبدعي في كل روايه من رواياتك بصراحه مش عارفه اقولك ايه على جمال حلقة انهارده مبسوطه اوي ان بعض توقعاتي طلعت صح ومبسوطه اكتر من مصطفى ومش هننسي ضاحي وصقر لأنهم أصحاب الفضل بعد ربنا والشيخ سلطان وحسن
ردحذفانا كنت متوقعه ان صالح ليه يد قاللي بيحصل فالبلد لكن بصراحه فاق توقعاتي سلام بجد مافيش بعد كده كلام كل الخيوط في ايده وبيحركها صح وخليل احترمته اوي اما عن مصطفى وعاليه حاسه انهم لبعض من ساعت ماضاحي اتخانق معاه بسببها علشان هو حبها
انا بجد مش عارفه اكتبلك ايه انا للاسف مش بعرف اعبر عن اللي حاسه بيه بس بجد مبسوطه اوي ياكاتبتي المفضله
Zeze abdelslam
بس معلش ازاي مصطفى مظلمش
ردحذفو التعذيب اللي كان بيعذبه لأهل القرية لما يحاول يعرف لصفية مين حرق ديوانها و لا سرق البهائم
حضرتك كنتي بتوصفي كمية الالم و التعذيب اللي بيعانوه
ازاي يعذب ناس و هو اللي عامل الفعل ازاي يبقى فجأة فارس نبيل
لو حضرتك امعنت التفكير في قتل مصطفى للظالم لعلمت انه تبعا لذلك لن تمتد يده بأذى إلا لمن يستحق من فجرة الأهالي.. فكم من فجرة يستحقون العقاب حولنا...... هبة نور
حذفشكرا لردك كاتبتي الجميلة
حذفصحيح و لكن لأنها روايةيجوز ذلك
لكن في الواقع ليس لأحد أن يعاقب أحد إلا أولى الأمر (الشرطة و القضاء ) و الا لتحولت دنيتنا لنجع أبو المنصور
أما عن الأهالي السلبيه أو الذين خاضوا في الظلم مع أنهم مذلولين هؤلاء هم يشبهون كثير من حولنا
و هم السبب الذي جعل ذلك صفيه لهم هذا العمر الطويل
بارك الله فيك.. صدقت فيما ذهبت إليه..اي رواية هي أرض خيال رحبة يجتمع فيها الخير والشر.. المعقول واللا معقول.. ولكنها بالأخير يجب أن تهدف لنشر قيم الحق والخير والجمال
حذفسلمت يمينك و دمتي تنشري قيما و فضائل بكتاباتك و تكن لك علم ينتفع به أستاذتنا الغالية هبة نور💝
حذفالناس اللي كانت تتمنى أنهحسن يتجوز وطفة طب ازاي
ردحذفعمره ما ينفع أنه يتجوز بنت من بنات حياة مينفعش ابدا والله
بالفعل يستحيل ذلك لكثير من الاعتبارات.. هبة نور
حذف💖💖
حذفو ايه اللي عملته الساحرة سكينة في صفية لما نزلت لها البيبي
ردحذفراحت بسبب ذلك حلمت الحلم اللي بعدها قالت إنها بطنها فيها سكاكين و كذا
ايه تفسيره من الكاتبة
ليس هناك دخل لما فعلته الساحرة بالحلم.. اما عن الحلم فأتيت به للدلالة على انقطاع نسلها.. هبة نور
حذفسلمت يمينك حبيبتي
حذفنهاية مفرحة و جميلة و لا عجب أنها غير متوقعة
ردحذفانا عمري معرفته أتوقع معاك أستاذة هبة صراحة
ما شاء الله عليكي
شكرا جزيلا قرائي الأعزاء على تعليقاتكم الطيبة والإشادة بالرواية. الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات... تحياتي. هبة نور
ردحذفحبيبتي يا استاذه هوبا
حذفابداع وتناسق وتناغم
هبه من اسيوط
الرواية تحفة تحفة اكثر أكثر من رائعة جداً جداً جداً
ردحذفبجد انا مش عارفة اعبر عن اللي في قلبي ولا لاقيه كلام اقوله من جمال وروعة الروايه
كل لما تخلص روايه اقول مفيش احسن منها لكن حضرتك بتبدعي اكتر في الجديدة
جزاكى الله خيرا غاليتي وبارك فيكي ورزقك سعادة الدارين
ربنا يسعدك زي ما اسعدتيني
إني أحبك في الله غاليتي
نور الحق
الله... الله... الله
ردحذفإيه الحلاوة دي
أوبااااا وها هي أستاذة هوبا تضرب من جديد... إيه ده كله يا عسل
بقى انتي تخططي وترتبي وتعملي ده كله؟؟!!!
ده انتي تكتبي روايات بوليسية بعد كدة والله👏🏻👏🏻
بجد على اد فرحتي بعودة الحق لأصحابه وهلاك الباطل بس زعلت طبعاً إن الرواية الجميلة دي خلصت
وكأنها أصبحت قطعة منا وكل أسبوع ننتظرها بفارغ الصبر.
♥️وفي الختام..
أقول لكِ : أبدعتِ وأحسنتِ وأتقنتِ جميع الأدوار وجميع الشخصيات
دعائي لك بالتوفيق والنجاح ومزيد من التألق والإنجاز
👏🏻👏🏻👏🏻
♥️دُمتِ مُبدعة ♥️
مبدعه يا هوبه
ردحذفدُمتِ مُبدعة
ردحذفربنا يسعدك زي ما اسعدتيني
ردحذفإني أحبك في الله غاليتي
هبه من اسيوط
سلمت يداكى أستاذتنا الغالية على تعبك معانا ربنا يسعدك زى ما اسغدتينا ويلة شدى حيلك عاوزين كمان رواية بنفس النمط اسعدكى الله فى الدارين 🌹💜🌺 رباب محمد
ردحذفسلمت يمينك و دمتي اهل للحق وللفضيله بكتاباتك و تكن سبب عزه وفخر لك
ردحذفعائشه وحفصه
ماشاء الله على الجمال
ردحذفالنهاية غاية فى الابداع
سلمت يمناك
نهاية الاحداث غير متوقعة ...متخيلتش ابدا ان كل الخير ده يطلع من مصطفى
ردحذفاتوقعه من حسن او سلام لكن مصطفى لأ صعب
بس استغربت لما وافق بسهولة يمشي لما بدران بلغه انهم هيقتلوه قولت ازاي بهيبته وجبروته يخاف ويجري كده مش طبعه
حقيقي رواية جميلة جدا كالعادة أستاذة هبه
وان شاء الله نتابع معاكي رواية جديدة قريبا.
كنت عايزه اعرف ازاي عمر تعرف علي سلام بيه
ردحذفعمر يعلم اهم شخصيات القرية من والده، لذا فاختار من توسم فيه خيرا لمساعدته ومد يد العون له.. اما كيف عرفه فهذا امر بديهي.. فدائما علية القوم معلومين للعوام و لا غرابة ان يستدل عليه عمر او حجاب من اهل القرية.. تحياتي. هبة نور
حذفوهي وداد معاهم كمان
ردحذفوبنت خاله صفيه فينها اللي حرقتلها المشغل بتاعها
حذفهي من اهل القرية ونعمت بهلاك من اشقتها.. فبهلاك الظالم لا داع لسرد اسماء جميع من ظلموا. فهلاكه شفاء لصدور الجميع... تحياتي. هبة نور
حذفكنا عايزين رابط تجميع للروايه
ردحذفساضع الرابط إن شاء الله قريبا.. تحياتي. هبة نور
حذفهذه الحلقة تسمى حلقة (المفسره) و (الكاشفة) و(الموجزة) و (حلقة الجزاء)
ردحذففهي حلقه مفسره لكل ما خفي على القارئ من أحداث وكل ما أشكل عليه من غموض.
وحلقه كاشفه للدور الحقيقي لكل بطل من ابطالها سواء للقارئ أو لبقية الأبطال..
ف القارئ كان يعرف من البداية الدور الحقيقي الخبيث لصفية ولكن اغلب الابطال لم يعرفوا وجهها الحقيقي..
وايضا القارئ كان يعرف الدور الحقيقي للمجذوب.. واغلب الأبطال لم يعرفوه.
وبطل الرواية الحاج سلام كان يعرف حقيقة مصطفى ولكن القارئ لم يعرف حقيقته إلا في الحلقة الكاشفه...
والحقيقه أن هذا إبداع منقطع النظير من الكاتبه اللي تقرر توزيع الغموض بين القارئ والبطل بابداع واحتراف لا يثير مثقال ذرة من الشك حول حقيقته..
ف حققت في الحلقة الأخيرة عنصر المفاجأة بابداع كبير.. وأنهت دور كل الأبطال بالجزاء الذي يستحقه والذي يرضي القارئ في نفس الوقت.
واجمل ما يميز الحلقة انها موجزة لكل أحداث الرواية بشكل عجيب!!
هنيئا لك لتتمة الرواية هوبة
ردحذفوالحمد لله أن الحقيقة ظهرت وكل واحد خد جزاءه لكن صفية كنت أريد لها نهاية أسوأ صراحة 😁
كأن يجيها شلل رباعي وما تموت بسرعة حتى تشوف الفرحة في أهل النجع وماتقدر تتكلم وتموت بحسرتها 😂
بالنسبة لمصطفى أنا شكيت فيه أنه يمكن يكون عارف كل حاجة وبيمثل لكن لما قتل الرجل أزلت الفكرة من راسي هههه
لكنه لايق بعالية جدااا
بدران كيف ماكان طلع أحسن من أخته العقربة فقلبه لسة فيه بذرة خير لكن مع ذلك خد جزاته
كنت عايزة اعرف ام مصطفى هل عرفت ابنها انه هو اللي ساعدها عشان ماتبقى تدعي عليه😅
وبنت خالة صفية نسيت اسمها هي كمان ماعرفنا وين هي طبعا حتكون فرحانة بموتها ههه
بصفة عامة الرواية كانت رائعة كالعادة ونهاية مرضية🤩👏
جعلها الله في ميزان حسناتك ياغالية🌷😘
خاتمة ولا اروع من كده
ردحذفسلمت يمينك مبدعتنا
ياااه اليوم اللي مستنينه نشفي صدرنا بنصرة المظلوم
كل واحد اخذ جزاؤه على رؤوس الأشهاد
حورية وبدران وصفية العمدة سمحون
صفية جمعت كل الجمع ده عشان يشوفوا فضايحها بتفكرني بقصة الغلام
نالت جزاؤها واتفضحت بس ماكنتش اتوقع تتفصح في مشهد زي دي اقصى حاحة تجي على بالي ان عمر يتعرف على مصطفي ويحكيله ان أبوه عايش ويعرفه الحقيقةويقتلوا صفية بعد كده حياة ترجع
مصطفى اخر حاجة اتوقعها انه بدورين خالص
وسلام كنت بستغرب انه مش بيسيب النجع اتاريه له يد في رفع الظلم
مستغربة ان خليل عرض على حياة الانفصال بعد ما مهمته خلصت زي مابيقول هو عاش معاها وخلف منها وشكلهم على وفاق هل متوقع ان حياة لما تتجمع ببناتها تسيبه؟؟
لقاء حياة ببناتها مؤثر جدا بالذات عالية اللي تركتها رضيعة
الرواية رائعة جدا واستمتعنا بيها جدا
منتظرين المزيد لا تحرمينا من أبداعاتك
اية اللي حصل مع حوريه بعد ما خرجت من بيت صفيه بالفلوس
ردحذفوايه اللي خلاها تشهد
هيي من نفسها ولا ايه
عايزه اعرف ياهوبا
حذفلا مش من نفسها اطلاقا ومشاهدها مع عالية قبل اكتشاف السرقة تثبت ده.. فبالتالي لازم يكون في يقين انهم من اجبروها على ذلك قبل هروبها.... تحياتي. هبة نور
حذفالله الله الله
ردحذفحلقة رائعة جدا جدا جدا
ونهاية غير متوقعة بالمرة
فرحت اوي إن مصطفي طلع ماسك في العهد ومسابش الخير
بس صراحه طلع ممثل مبدع
اتأثرت اوي بلقاء حياة بالبنات
وعجبني اوي ضحك عمر وهزاره مع أمه وأخواته
صراحه من جال الحلقة مش قادرة اعبر ولا اكتب ايه ولا ايه
سلمت يداك ودمت مبدعة ودائما في تفوق يا حبيبتي
دمتى مبدعة و كاتبتى المفضلة دايما بحس ان قلمك واقعى ودايما نهايتك مبهجه والخير ينتصر فيها على الشر كنت مستغربة ازاى هتكون نهاية صفية بس كنت حاسه ان مصطفى وراه سر كبير جزيتى خيرااا دايما بنستفيد من رواياتك فى حياتنا بنتعلم منها كتير ❤بسملة ❤
ردحذفانا عايزه افهم اللي حصل مع حوريه وخلاها تشهد
ردحذفوهل هي مظبطه مع الملثم موضوع السرقه ياريت نقهم
طالما لم اذكر في تفاصيل الرواية ان هناك اتفاق مسبق بين حورية والملثم فإذا لم يكن هناك اتفاق وأمر السرقة حدث للوقيعة بينها وبين صفية. وبالطبع كما ظهر جليا ان هناك من يسيطر على اهل القرية وهو سلام وتابعه الملثم وغيرهم.. وقد سبق ان اوضح الملثم لعالية ان أمر حورية هم المسؤولون عنه.. اي انهم من سيحولون بينها وبين الهروب... ارجو ان يكون الامر قد فهم واتضح .. تحياتي.. هبة نور
حذففعلا هي حوريه بعد موضوع السرقه ده ايه اللي حصل معاها وجت ازاي الساحه
ردحذفوهل موضوع السرقه ده كان مخطط له معاها مع الملثم
فين ايامك ياهوبه بنستني الخميس عشانك
ردحذفبارك الله فيك واسعدك.. تحياتي.. هبة نور
حذف