حارة الموعودين( الأولى)
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والحمدلله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
حارة الموعودين
رواية بقلم
هبة نور
المقدمة
يا داخل حارتنا يا محروس من الله، عليك أماننا
وسلام من الله
حارتنا حارة الموعودين، حالتها حالة غير أي
حالة وعايزة ناس متبصرين
وعشان ما تفهم ايه العبارة، عايزين يا
حضرة شوية شطارة
شوية نباهة عشان ما تفهم مين كبيرها ومين
جابرها، ومين بإيده ماسك الدبارة،
يجيب
شمال ويجيب يمين في أهلها المتفرهدين
مدروخين، متبهدلين ولو فاتوها يجيبهم حنين
يا ضيف حارتنا تعالى بيتنا وشوف خيبتنا تهد
الجبال
بس اوعاك تعيب علينا يا خال، ما احنا شراكة
والخيبة واحدة وكل واحد وله شوال
حكاياتنا مش عن بيض أمارة وسُمر عذارى ولا حتى
عن مين عنده هم
القصة وما فيها عن مين عنده دم، مين عنده دين
وحكمة ورصين
يمسح دموعها ويسد جوعها، ينور دروبها للكحيانين
مش الحكاية حكاية حسد وشر حاسد لو يوم حسد، دي
ناس في رقابيها حبال من مسد
سبنا الحمار في المعمعة يرفس جنابنا، ونازلين
ضرب في البردعة
حكاية عن إحنا وهما، أصل إحنا إحنا وهما هما من
يوم ما خلقنا واحد أحد
هما
العلالي والمستعالي وابو زيد هلالي ونجم دهبهم دايماً ملالي
حارة بطبايع علت مراتب عويل وصايع، وابو سبع
صنايع راح في الوبا
دي حارة شقاها راح للقمارجي، راح للناضروجي
واهل العته
وبدل
ما نمسك في اللي عمانا
واللي خفانا واللي بإيده لسع قفانا
نعلق خيبتنا على اللي معانا، نقول نحسنا ونقول
وكسنا، نخمس في وشه ونهد عشه ونقول قضانا
يا أهل المحبة، الحارة عايزة ذرة محبة
وعشان يا خلي نحس بأمان، عايزين آذان وراه
نكبر، الله أكبر, الله أكبر
ذرة حنان تشبع جعان، ذرة أخوة وحبة مروّة وصاحب
مجدع من اللي هو
وعشان ماننجح في الامتحان، عايزين صلاة وذرة
إيمان
المقدمة من أزجال: هبة نور
***************************************
***********************************
في هذا الصباح السعيد، وحينما همت
أم هشام بدخول مطبخها لإعداد الإفطار لزوجها، سمعت زغاريد تنبعث من أعلى
لولولييييي لولوليييييييييي
فهرعت إلى الباب تفتحه ونظرت إلى
أعلى تسأل:
مين اللي بيزغرت فوق ؟
أنا أم هناء يا ام هشام
خير يا حبيبتي ؟
هناء بنتي اتخطبت والعريس جاي النهاردة هو وامه يلبسوها الشبكة
أمه! هي مش ام العريس ماتت الشهر اللي فات ؟ بالأمارة برضو امه ماتت في الشارع بعد ما نزلت من عندكو
لالا انتِ فاهمة غلط ,ده العريس اللي فات ,امه ماتت يا عيني على ناصية
الشارع ,اتكهربت في السلك العريان اللي ع الناصية ,وهو يا عيني نفسيته تعبت وساب
البلد , حتى رجعناله الشبكة قبل ما يسافر
خير ما فعلتوا ,هيبقى موت وخراب ديار ! بس ده تاني عريس أمه تموت اول ما
تنزل من عندكو ,أنا فاكرة أم العريس اللي جالكو من يجي تلات شهور ,أمه وقعت في
البلاعة اللي على ناصية الحارة وهو جاله
صرع
مممم قسمة ونصيب
يلا , ربنا يستر ع العريس ده وامه
نعمممم!
نعم الله عليكِ يا حبيبتي , بقول ربنا يتمم بخير ,عن اذنك , هروح افطّر ابو
هشام
اتفضلي يا حبيبتي
أغلقت الباب وهي تتمتم:
قطعتِ وقطعت جيرتك ولية فقر انتِ
وبنتك ,حد شاف كدة يا اخواتي ! عريس يجي يخطب هو وامه ,تقوم امه تتكهرب وهي خارجة
من بيت العروسة وهو يطفش ويسيب البلد ! واللي قبله أمه تقع في البلاعة وهو يتجنن !اللهم احفظنا
شاهدها زوجها أثناء خروجه من الغرفة بعد أن تهيأ للذهاب إلى ورشته:
بتكلمي نفسك ولا ايه يا ام هشام !
من اللي بسمعه يا اخويا ! البت دي باين عليها كعبها محني , ربنا يستر
وخطوبتها تتم النهاردة
بنت مين دي اللي بتتكلمي عنها ؟
البت وش الفقر هناء بنت ام هناء
اعوذ بالله ,ليه بس بتتكلمي عن بنات الناس وحش يا ام هشام!
أنا ما اتكلمتش وحش ,قدمها الاسود هو اللي بيتكلم وحش ,هو انت ناسي ان
ابوها مات يوم ما اتولدت!
الله يرحمك يا ابو هناء ,كان راجل طيب وكانت البت دي اول فرحته
فرحة ايه ! هو كان لحق يشوفها ! ده كان في زيارة لاهله في البلد واتصلوا
بيه اهل ام هناء قالوله مراتك ولدت وجابت بت ,قال هسميها هناء , أنا جاي حالا ,
وهو جاي في الطريق القطر ولع بيه ,اللهم احفظنا يارب
لا حول ولا قوة إلا بالله , يا ستي دي أقدار , الله يرحم والديكِ بقى كفاية
وشوفلنا لقمة ناكلها ,ولا انزل افتح الورشة
على ريق نومي!
لالا خلاص , هروح اهو
ما تنسيش بالليل تطلعي تباركي لام هناء
من عنيا يا اخويا , اوعدك لو الخطوبة تمت هطلع ابارك وارقص وازغرت كمان ,
ابقى قابلني ,ايوة صحيح , هتروح تجيب هشام بكرة من المطار ولا اروح انا وخالاته
نجيبه ؟
تروحي فين يا ست ! هروح اجيبه انا واخوه سمير
طب اتصل بسمير قوله
زمانه في الشغل دلوقتي ,هبقى اكلمه من الورشة ,الفطار بقى وكفاية كلام
مالوش لزوووم
حاضر يا اخويا حاضر ..يا حبيب امك يا هشام ,وحشتني يا نور عيني ,يجيبك بالسلامة
منصور ومراتبك عالية ,هخلص الفطار واتصل بأسماء مرات سمير عشان تيجي تساعدني في
تحضير الغدا بكرة ,مش هتعز نفسها عني بنت اختي حبيبتي
*******************************************
دق جرس الهاتف فردت أسماء على الفور:
الو ,ايوة يا خالتي وحشتيني
ما تشوفيش وحش يا حبيبة خالتك ,ازيك وازي سمير والعيال
كويسين قوي الحمدلله ,ماما بتسلم عليكِ وبتقولك هتبقى تيجي تسلم على هشام لما
يرجع بالسلامة
الله يسلمك ويسلمها يا حبيبتي ,ما هو انا متصلة بيكِ بخصوص هشام
هههه خير يا خالتي , عايزاله عروسة
؟ على العموم عروسته موجودة
لالا مش ده القصد ,اتهنى بيه الأول يختي قبل ما اجوزه واحدة تورهولي مرة في
الاسبوع زي ما بتعملي انتِ من ساعة ما
خدتِ ابني
هههه هو برضو يستغنى عنك يا خالتي ! هو بس مهدود حيله في الشغل ,لولا كدة
كان قعد تحت رجليكِ ليل نهار يا ست الكل
ههه غلبتيني يا بت ,آكلة دماغ بس بحب كلامك رغم اني عارفة ان نصه نصب وشغل
الاباندا ,نستيني يا بت يا اسماء كنت متصلة بيكِ ليه ,كنت عايزاكِ تيجيني بكرة
الصبح بدري عشان نعمل كل الأصناف اللي بيحبها هشام
من عيني يا خالتي ,يجي بالسلامة يارب ,هودي العيال عند ماما واجيلك جري ,في
طلبات ناقصة اجيبهالك وانا جاية ؟
ايوة ,هاتي معاكِ كام كيلو طماطم على كام كيلو بصل وبطاطس وطلبات السلطة
,انا عندي بقيت الطلبات هنا
مش عايزة لحمة ولا حاجة ؟
لا عندي ,وهدبح كام جوز فراخ على دكر بط على كام فردة حمام ,أصل هشام يحب
الحمام المحشي بالفريك قوي
هنعمله كل اللي هو عايزه يا خالتي مممم هبقى اجيب سلمى اختي معايا تساعدنا
ولزومها ايه سلمى ! انا وانتِ كفاية
لا ازاي بقى ! اهي برضو تساعدنا عشان نخلص بسرعة ,ايد على ايد تساعد
,وبعدين ده ابن خالتها اللي راجع من السفر
ايوة يا بنتي بس مش عايزين نتعب البنية معانا
تعب ايه بس يا خالتي ! هي هتتعب لأعز ولا أغلى من ابن خالتها!!
طيب يا بنتي زي بعضه ,ما تغيبوش عليا , بقولك ايه ,اوعي امك ولا حد من
اخواتك ولا خالتك نادية يجو ولا حد من
ولادها بكرة ,خليني اعرف اقعد مع ابني
براحتي ,اللي عايز يجي يسلم يبقى يجي بعد بكرة ,حتى الواد يكون خد نفسه
عندك حق والله يا خالتي ,وكمان الأكل مش هيكفي
اخرسي يا بت ما تقوليش كدة, هو انا بخيلة ولا ايه ! انا السبب اللي عندي
قلته ,أنا بيتي مفتوح لحبايبي في كل وقت ,,طب دانا ناوية اعمل عزومة كبيرة واجمع
كل اخواتي وولادهم حلاوة رجوع هشام بالسلامة
يجعله عامر بحسك دايماَ يا خالتي مع السلامة
الله يسلمك
, مممم أما البس جري و اروح عند ماما عشان اقول للبت سلمى تعمل ايه ,الكلام
في التليفون ما ينفعش ,كويس العيال بيلعبوا مع ولاد الجيران ,اخطف رجلي قبل سمير
ما يجي
***********************************************************
سمعت سلمى جرس الباب، فنظرت من الثقب، فرأت أختها أسماء ففتحت متعجبة:
أسماء! ايه يا اسماء ,مش عادتك تيجي بعد الضهر كدة
جاية في مهمة رسمية هههه اومال فين ماما والباشمهندس طارق ؟
ماما راحت عند اختك عبير ,اصلها عازماها على الغدا ,والباشمهندس بيلبس
ونازل ,اهو خرج على السيرة
ايه ده ! انتِ هنا يا اسماء! ايه اللي جايبك دلوقتي! ده زمان جوزك راجع من شغله
معلش يا طارق ,ما انا جاية ع السريع كدة عشان اقول لسلمى حاجة وماشية على
طول ,على فكرة صاحبك وابن خالتك الدكتور هشام راجع بكرة ان شاء الله
ما هو اتصل بيا وقالي ,يجي بالسلامة ان شاء الله ,هبقى اروح بكرة اسلم عليه
اوووعى
نعمممم!
اصل خالتي مش عايزة حد اول يوم
عشان يعني تشبع منه قبل الزحمة
ههه ماشي ,طيب انا نازل ,وما تطوليش بقى واللت والعجن مع اختك ياخدوكِ
وتتأخري على جوزك
ما تخافش ,مع السلامة انت
الله يسلمك .سلمى ما تنسيش تقولي لامي تعملي بتنجان مخلل جنب الأكل
طيب طيب ماشي ..اهو مشي يا اسماء ,كنتِ عايزاني في ايه ؟
هههه هاخدك معايا بكرة عشان تسلمى على ابن خالتك يا بت
ها! ههه ممم مش قلتِ خالتي مش عايزة حد
هو انتِ اي حد ولا ايه ! دانتِ بنت خالته وعروسته
آآآعروسته ! آآآهو ..آآهو قال انه هيخطبني ؟
هو جه ولا حد شافه يا بت انتِ ولا فاكرك ولا فاكر غيرك! انا عايزة اخدك
عشان افكره بيكِ ,شوية اهتمام منك على كلمتين حلوين نجيب المأذون ونكتب كتابكو
وافرح بيكِ بقى يا أختي ,يا بت دانتِ عديتِ خمسة وعشرين سنة ,أنا واختك عبير
اتخطبنا قبل ما نكمل سبعتاشر سنة
زفرت سلمى بضيق وقالت باحتداد:
اهو ده بقى الكلام اللي بيضايقني وما بحبش اسمعه
قبلتها أختها وقالت وهي تربت على ظهرها:
خلاص حقك عليا,أنا ما اقصدش والله اضايقك ,انا قصدي بس تتحركي شوية
وتتلحلحي كدة ,وبعدين ما تقلقيش ,هجوزهولك يعني هجوزهولك ,بس انتِ اسمعي كلامي في
كل كلمة اقولها وهو هيقول جوزوهالي لاموت نفسي هههه
ايوة يا اسماء بس ..بس يمكن هو له مواصفات مش موجودة فيا
بس يا بت انتِ بلاش خيابة,مالك مستقلية بنفسك كدة! دانتْ بكالوريوس تجارة
وحلوة وطيبة ,وكفاية انك بنت خالته ,هو هيلاقي احسن منك!
مممم مش عارفة ,خايفة اسمع كلامك وفي الآخر اتصدم
لا هتتصدمي ولا غيره ,هنفرح كلنا قريب ..اسمعي ,انا قلت لخالتي انك جاية
معايا بكرة عشان تساعدينا في الطبيخ ,حجة يعني عشان تيجي معايا وتكوني اول واحدة
في استقباله وتقوليله حمدا لله ع السلامة قبل ما يهجموا بنات عيلتنا وبنات عيلة
ابوه ,ولا ناسية ان عنده بنات عمات وبنات عمام والكل عينه عليه
يييي دي حرب بقى
ايوة حرب ,اديني بتكتكلك واخططلك
عشان تنتصري ,يااااه نفسي اغمض عيني وافتحها الاقيكِ في بيتك
هههه يا حبيبتي يا اسماء يا اختي امووه طول عمرك حنينة علينا كلنا
هو احنا لينا الا بعض! اقوم بقى جري عشان سمير زمانه جاي
ما أن همت بالمغادرة، حتى دق جرس الباب، فقالت سلمى:
دي اكيد ماما يا أسماء ,ليكِ نصيب تشوفيها
طب كويس
دقت الأم الجرس مرة أخرى وصاحت:
افتحي يا سلمى رجلي وجعاني
حاضر يا ماما جاية اهو
***********************
اهلاً يا ماما ,ما اتأخرتيش يعني عند عبير
دلفت والدتها البدينة، تجيبها ساخرة وهي تمشي الهوينى:
كنتِ عايزاني ابات هناك! ايه ده ,انتِ هنا يا اسماء! خير ؟
ازيك يا ماما ,عبير عاملة ايه ؟
حلوة الحمدلله ,في حاجة ولا ايه ؟
ابداً ,هشام جاي بكرة من السفر وعايزة سلمى بنتك تتلحلح وتيجي معايا عشان
نفرح بيها قريب
يارب يا بنتي يااارب ,ده نهار المنى والهنا والسعد لما اشوفها متجوزة
الدكتور هشام عن قريب ومنورة بيت عدلها ,دعيالك يا سلمى يا بنتي والله ,عدلهالها
ياااااااارب ..بس غريبة ان خالتك ما قالتليش ان ابنها جاي
ما هي مش عايزة حد دلوقتي عشان تتهنى بيه شوية ,واحسن برضو يا ماما ,ماهي
لو قالت للكل يبقوا هيجوا يجروا والشقة هتتملي بنات وفرصة سلمى تقل
لالالا كدة احسن ,خلاص ,نبقى نسلم عليه بعدين ,هو هيطير يعني .يلا يالسلامة
انتِ لحسن جوزك يجي من الشغل ما يلقكيش ويعملهالك مشكلة
ايوة يا ماما على رأيك ,انا مش قد جعورته ههههه
بس يا بت عيب تقولي على جوزك كدة ,هو يعني الراجل بيفتح جعورته إلا لما
الست تعصبه وتقل مزاجه!
ههه ماشي يا ماما ,سلام
الله يسلمك آآآآه ياني ادخلي يا بت يا سلمى هاتيلي حبة فوار ,الأكل اللي
كلته عند عبير راكز على قلبي هيموتني
هههه وانتِ بتتقلي في الأكل ليه بس يا ماما!
اعمل ايه ,البت يختي تقولي بتحط عسل في الأكل! طالعالي اسم الله عليها
اتفضلي الفوار يا ماما
شكرا يا حبيبتي ,اخوكِ رجع من الشغل ؟
رجع ونزل تاني ,رايح موقع البرج اللي بيبنوه ,وبيقولك اعمليله بتنجان
على الغدا
ماعندناش بتنجان ,ابقي اتصلي بيه يجيب معاه كيلو من عند أم نهى الخضارية وانا اخللهوله في ساعتها ,اقعدي بس دلوقتي وسيبك
من البتنجان وقوليلي ,هتلبسي ايه بكرة
***************************************
اتجه المهندس طارق إلى محل الخضروات وهو يحادث نفسه:
اما اروح اجيب كيلو البتنجان عشان امي تلحق تخلله ممم دي الأنسة نهى هي
اللي واقفة بدل والدتها، تنحنح وحياها:
احم احم السلام عليكم يا انسة نهى
عليكم السلام ،أي خدمة ؟
هي والدتك تعبانة ولا ايه ؟
ليه ؟
اصل مش متعود اشوفك واقفة في محل الخضار بدالها
طلبات حضرتك
احم احم كيلو بتنجان للتخليل
حاضر
وزنت الباذنجان ووضعته في كيس من النايلون وأعطته إياه:
اتفضل
متشكر آآآ هو انتِ في اخر سنة في كلية الآداب قسم فرنساوي ؟
هو في حاجة حضرتك ! اظن انك جاي هنا كزبون عشان تاخد بتنجان ,واديك اخدته
,انت مالك بقى في كلية ايه ولا اتخرجت ولا ما اتخرجتش اوووف
طيب طيب خلاص بالراحة، أصل يعني بقول لما تخلصي ممكن اشوفلك شغل
متشكرة لخدماتك ومع السلامة
الله يسلمك ...دي كانت هتضربني هههه
******************************************
سمعت أم هشام دقات على الباب وصوت إحدى الجارات تنادي:
افتحي يا ام هشااام
مين ؟
أنا أم محمود
اهلاً يا ام محمود اتفضلي
ايوة هتفضل ,اومال انا جاية ليه !
اعملك شاي
لا شاي ولا قهوة تعالي اقعدي اما اقولك ع اللي حصل امبارح
خير يا ام محمود ؟
هو انتِ مش دريانة بالدنيا ولا ايه ! دي البت هناء بنت ام هناء جالها عريس
امبارح , هو لبسها الشبكة وخد وامه ونزل , إلا وبعيد عنك أمه تخبطها عربية على
ناصية الشارع والسر الإلهي يطلع وهو يجيله
ازمة قلبية ويتنقل المستشفى
يختييي! العدو برا وبعيد ,احفظنا يارب وتوب علينا من جيرة الهم دي
بس اسكتِ يا ام هشام دي ام هناء وقعت من طولها ومن ساعتها راقدة عيانة
الله يشفيها ويكفينا شر قدمها وقدم بنتها
آمين, مش هتطلعي تسألي عليها ؟
هطلع ,ما هو الواجب ما ينفعش نهرب منه ,بس مش هغيب ,هسأل عليها اوام اوام
عشان الحق انزل احضر اكل لهشام ,اصله راجع النهاردة من بلاد برا
يا صلاة النبي , هو الدكتور هشام خلاص راجع! دا بقاله كتير قوي مسافر
ست سنين يا ام محمود ,ست سنين يختي لما شحتف قلب امه , من ساعة ما اتخرج من
الطب وهو خد اول طيارة وطار على برا وخد قلبي على جناحه ,بس اعمل ايه ! كنت بصبر
روحي واقول اهو بيدرس وقيمته بتعلى
ربنا يعلي مراتبه ,أنا مستنياه بفروغ الصبر عشان يشوفلي علاج لركبي
هو ماله ومال ركبك! ده دكتور قلب
ربنا يكفينا شر المرض ,إلا بالحق نسيت اقولك
خير يختي تاني في ايه؟
والخير هيجي منين واحنا قاعدين في الحارة الهم دي ! مواسير المية اللي في
المنور عمالة تسرب لما الحيطان نشعت وحالتها بقت بالبلا,والولية الجزارة صاحبة البيت مش سائلة واللي يكلمها تهب
في وشه زي الغولا
والله انا زهقت من البيت وصاحبة البيت ومن الحارة كلها,كلمناها كذا مرة وهي
مش معبرة حد ,هبقى اخلي ابو هشام يعدي عليها في المحل
ايوة يقولها ويكلمها ,احنا بندفع ايجار مش عايشين سفلئة ,أما اقوم بقى
وبكرة ابقى اعدي اسلم ع الدكتور ,فوتك بعافية
الله يعافيكِ يختي ,الولية دي ما تجبليش خبر عدل ابداً ,لا خير في البيت
ولا الجيران ولا الحارة .اما اطلع اسأل على ام اللي ما تتسمى المنحوسة اللي فوق
************************************
جلست هناء إلى جوار والدتها المريضة تبكي:
سلامتك يا ماما اهئ اهئ
الله يسلمك يا هناء يا بنتي
أنا هعملك شوربة خضار وجنبها فراخ
ماتعمليش حاجة يا بنتي ,ماليش نفس
اهئ اهئئئئئئ انا اسفة يا ماما ,انا السبب
لا حول ولا قوة إلا بالله ,السبب في ايه بس يا حبيبتي ! ده نصيب ,أنا كل اللي صعبان عليا الكلام اللي الناس
بيقولوه عليكِ لما هيوقفوا حالك
اهئ اهئئئئ بيقولوا علية وش نحس ,مش كدة ؟
الله يسامحهم يا بنتي , العفو من عندك يارب
يارب اهئ اهئئئئ
سمعتا دقات على الباب وصوت ينادي
أم هنااااء ,افتحي يختي انا ام هشام
روحي افتحي لخالتك ام هشام يا هناء
حاضر يا ماما اهئ اهئئئئئئئئ
**********************
أهلاً يا طنط ام هشام
آآآاهلاً آآاهلاً ,كان نفسي اسلم عليكِ وابوسك بس زي ما تقولي كدة عندي برد
واخاف اعديكِ
ولا يهمك يا طنط ,الف سلامة عليكِ
الله يسلمك ويسلمنا منك ,امك فين ؟
ماما راقدة في اوضتها عيانة اهئ اهئئئئئئ
طب بس بس يا بنتي الله يسترك ما
تقوقيش في وشي ,ألطف بيا يارب وطلعني من البيت ده سليمة ..انا داخلة لامك
اتفضلي اهئ اهئئئئئ ,أما اروح اعمل فنجان قهوة لطنط
**************************
دخلت أم هشام وحييت جارتها الراقدة في الفراش:
عواف يا ام هناء
الله يعافيكِ يا ام هشام ,اقعدي يختي استريحي
هي الدنيا فيها راحة !! عاملة ايه يا حبيبتي ؟
نحمده ,الحمدلله على اللي يجيبه ..تالت عريس يا ام هشام ,تالت عريس يختي
يحصل لامه اللي حصل والجوازة تبوظ اهئ اهئئئئ يا حبة قلبي يا هناء يا بنتي
معلش يختي ,قضاهم ,والمكتوب ما منوش مهروب ,ما تزعليش نفسك ,بكرة ربنا يحبر
بخاطرها ويعدلهالها
اهئ اهئئئ ازاي بس يختي ! انتِ مش دريانة بالكلام اللي بيقولوه الناس !
بيقولوا البت وشها نحس ع العرسان
ايوة يختي عندك حق ,هو ده اللي بيتقال ..اسمعي يا ام هناء ,بنتك طول ما
انتِ قاعدة في الحارة هنا عمرها ما هتتجوز ولا المأذون هيعتبلكو باب ,انتِ يختي
تاخديها وتمشي من هنا
نمشي نروح فين يا ام هشام !
سيبوا الحارة ,ابوس ايدك يختي سيبوا الحارة ,كله عشان مصلحة بنتك
نسيب الحارة ! اسيب عمري كله ! اسيب ذكرياتي مع أبو هناء !
ذكريات ايه يا ولية! انتِ لحقتِ تحفظي شكله! دا مات بعد تسع شهور من جوازكو
,يوم ما اتولدت المحروسة
صحيح كانوا تسع شهور ,لكن كانوا بمقام عمري كله ,اومال انا ما اتجوزتش بعده
ليه رغم ان جالي عرسان كتير ! عشرته ما هانتش ,وبنته اللي سابهالي حتة لحمة حمرا
ما هانتش عليا اجيبلها جوز أم اهئ اهئئئئئئئ
يا دي البكا والنواح ووجع القلب يا رب ,اصيلة يختي ,اصيلة
دي هناء جاية اهيه
جاية تعمل ايه !
اتفضلي القهوة يا طنط ,عملتهالك سادة
اللهم احفظنا ,وليه يا بنتي تعمليهالي سادة ! بتفولي علية!
بعد الشر على حضرتك يا طنط ,أصل نسيت اسألك سكرك قد ايه في القهوة ,عشان
كدة جبتهالك سادة ومعاها السكرية والمعلقة وحضرتك تحطي السكر اللي عايزاه
ما تنفعش يا صبية ,إن ما كانتش القهوة تتعقد ع النار مع سكرها ما تتشربش
اسفة ما كنتش اعرف ,هجيب لحضرتك حاجة تانية
لا تانية ولا تالتة ومهما جبتِ مش هشرب حاجة عملاها بإيديكِ
ايه !
آآأنا ما اقصدش ,اقصد يعني اني مستعجلة ولازم اقوم دلوقتي ..عن اذنك يا ام
هناء ,أصل ابني الدكتور هشام جاي النهاردة ولازم انزل اعمله الأصناف اللي بيحبها
يجي بالسلامة وتفرحي بيه ,أنا لما ربنا يعافيني هنزل اسلم عليه
تأنسي وتنوري ,عن اذنك
إذنك معاكِ يختي ,وصلي خالتك أم هشام يا هناء
حاضر يا ماما
لاااااا ,ماشية ورايا ليه!
هوصل حضرتك يا طنط
لااااا ابوس ايدك يا بنتي ابعدي عني ,انتِ ما بتوصليش حد إلا لحتة واحدة
,وانا مش عايزة اروحها دلوقتي , عن اذنك , يا منجي من المهالك يارب
********************************************************
في ساحة الانتظار في المطار، رمق والد الدكتور هشام ولده يخرج بحقائبه،
فتهلل وجهه وقال:
هشام اخوك خارج من المطار اهو يا سمير
أسرع سمير إليه شوقاً
هشام اخويا
سمير هههه وحشتني,استنى اسلم على بابا الأول,وحشتني قوي يا بابا
بالحضن يا حبيب ابوك,الف حمدلله ع سلامتك يا ابني
الله يسلمك يا بابا,بالحضن يا سمير
حبيبي يا ابو هشام, نورت مصر يا اخويا
بنورك يا سمير
يلا يا ابني نتوكل على الله, امك هتتجنن عليك
ياااااه أمي,وحشتني قوي قوي أمي,الحارة كلها وحشتني كأني غايب بقالي مليون
سنة عنها
اديك رجعتلها يا ابني, ألف حمدالله ع السلامة
الله يسلمك يا بابا
يلا يا سمير يا ابني حط شنط اخوك في العربية
حاضر يا بابا
نظر هشام شوقاً إلى سيارة والده ذات الطراز القديم وقال:
ياااه العربية العجيبة المحندقة بتاعتنا ههه كنت متخيل اني هرجع الاقيكو
غيرتوها
منين يا ابني! ادينا بنلصم بيها, يوم تمشي ويومين تقف, واهي ماشية
ههه دي عربية عبقرية, هي موديل سنة خمسين تقريباً يا بابا ؟
52 وانت الصادق يا ابني...ايه يا سمير يا ابني! ما تحط باقي الشنط في شنطة
العربية
ازاي بس يا بابا! دي ما خدتش غير اصغر شنطتين ومش راضية تقفل عليهم كمان
طب وبعدين
ماتتعبوش نفسكو يا جماعة, هاخد بقيت الشنط جنبي ع الكرسي
يا ابني مش عايزين نضايقك,بقول نوقف تاكس
لالا يا بابا, انا هاخد باقي الشنط جنبي
معلش يا ابني, ماكناش عارفين انك جايب شنط كتير, قلنا ده أكيد جايب شنطة
واحدة
ازاي بقى يا بابا! طب دي الهدايا بس في شنطتين كبار
والله يا ابني رجوعك لينا بألف هدية,يلا يا سمير,اخوك تعبان من السفر
عايزين نروحه يرتاح في حضن امه
ههه حاضر يا بابا, خلاص اهو, يلا اركب جنب شنطك يا ابو هشام
متشكر يا سمير..يلا بسرعة عشان الحارة وحشتني جدا وكل الناس اللي فيها
******************************************
كانت أسماء منهمكة في مطبخ أم هشام وأختها سلمى إلى جوارها تقول:
هاتي يا أسماء راس التوم دي أفصصهالك عشان طشة الملوخية
لاااا,اوعي ايدك، بلا طشة ملوخية بلا طشة بامية ,هيخلي ريحتك ما تطاقش وهشام يطفش منك يا سلمى,
أنا اللي هفصصه
ممم دي خالتي سميحة جاية
طب خدي قطعي الكام طماطماية دول على ما تخرج, أهلاً يا خالتي
أهلاً بيكِ يختي, دانا عملت صنية البطاطس بالفراخ اللي هشام ما بياكلهاش
إلا من ايدي وحبشت دكر البط وسلقته وحشيت الحمام فريك وسلقته ،وحطيت صينية الرقاق
أبو لحمة مفرومة في الفرن مع صينية المكرونة أم بشاميل، وسلقت اللحمة الكندوز
باللوري والحبهان والمستكة، يعني خلصت التقايل كلها وسايبالك التحمير وشوية الرز
والكلام الفاضي انتِ والمحروسة اختك، وانتو كل ده لسة ما خلصتوش يللي زي قلتكو
وزاحمين المطبخ ع الفاضي! دي هشام زمانه جاي
كل حاجة تمام والله يا خالتي, الحمام بالفريك حمرناه هو ودكر البط وحمرنا
اللحمة, بس اللحمة مشغتة وما عجبتنيش خالص
منها لله المعلمة جباير الجزارة,دايماً تديني اللحمة مشغتة,مع اني المرة دي
موصياها وقايلالها هشام ابني راجع من امريكا,انما اقول ايه! منها لله,القصد..المكرونة
بالبشاميل أخبارها ايه في الفرن هي وصينية الرقاق؟
استووا وتمام التمام يا خالتي,مش شامة ريحتهم المفحفحة هما وطاجن البامية
باللحمة الضاني وطاجن التورلي ومحشي ورق
العنب اللي عاملاهم بإيدي أنا وسلمى؟
اي والله شاماهم, ريحتهم تجوع الشبعان, والله ريقي جري
طب ما تدوقي يا خالتي
لا, مش قبل ما يجي هشام وناكل سوا..بتعملي ايه يا سلمى؟
بقطع الطماطم عشان السلطة يا خالتي
طب ما تصغيرهاش قوي وتفتفتيها زي امك ما بتعمل,بيبقى يوم ما يعلم بيه إلا
ربنا لما بتعملنا طبق سلطة
لا ما تخافيش يا خالتي,بعملها وسط
طب ما تنسيش اللمون والخل,وتحطي قرن فلفل شطة خليه يديلها طعم
حاضر يا خالتي
دقي التوم في الهون يا أسماء وكتري الكزبرة وناوليني السمنة البلدي عشان أنا اللي هعمل
الطشة, حكم هشام ما يحبش ياكل الملوخية إلا من إيدي
ربنا ما يحرمه من إيدك يا خالتي
ولا يحرمني من لسانك الحلو يا بنت اختي
تعيشي يا خالتي,التوم اهو, وادي السمنة
هاتي, يا بركة بسم الله الرحمن الرحيم ...الله أكبر على الملوخية
وجمالها,شامة يا بت يا سلمى ريحة السمنة البلدي
جميلة قوي يا خالتي
ابقي قولي لامك اللي بتطبخ بالسمنة الهولندي وأكلها ما يتاكلش
أوف,البركة في نفسك انتِ يا خالتي اللي ما يعلاش عليه
ههه تعيشي يا سلمى..يلا بقى اسيبكو تكملوا اللي وراكو واروح انا استنى هشام
في الشباك
ردت سلمى بغيظ:
اتفضلي يا خالتي اوووف, عاجبك يا أسماء خالتي والكلام اللي بتقوله على ماما
ده! اعوذ بالله كلامها زي السم
خديها على قد عقلها يا سلمى لحد ما تقضي مصلحتك وتتجوزي هشام, وبعدين أي
حما يا حبيبتي هتلاقيها كدة, كلامها زي الدبش ويعور,بس لو شاطرة بقى وطي عشان
الدبشة ما تجيش فيكِ وتفلق دماغك هههه
واوطي ازاي بقى يا ست أسماء؟
بالمسايسة والمحايلة والضحك ع الدقون, لا تدقي على كلامها ولا تركزي
فيه,حتى لو ركزتي اعملي حمارة ومش فاهمة هههههه
اوووف, بصراحة مش بحب النفاق
ده مش نفاق,الصراحة مع الحموات زي قرار إعلان الحرب كدة,وانتِ اللي هتبقي
خسرانة عشان جوزك هيقف في صف امه,لو كان من طلاب الآخرة يعني ههههه اسمعي يا سلمى,
لو عايزة تعيشي سعيدة, خليكِ زيي, خدي حماتك على قد عقلها وحسسيها إنها سوبر ومان
وكل الستات كتع وما يقدروش ع اللي هي بتعمله, وطول ما انتِ قاعدة تمجدي فيها وفي
بطولاتها المطبخية والأسرية عشان ما تحطكيش في البلاك ليست
بصراحة دي حاجة صعبة قوي,طيب ما كل واحد يعرف حدوده ويعامل الطرف التاني
بما يرضي الله وخلاص,أنا عندي استعداد أراضيها زي أمي وأخدمها كمان زي ما بخدم
أمي,بس بالتراضي والمحبة
يوووه اعملي اللي انتِ عايزاه يا سلمى ما توجعيش دماغي,المهم بس سايسي
أمورك لحد ما تتجوزي هشام
...هو اتأخر كدة ليه؟
هههه جاي يا حبيبة اختك جاي, هيروح مننا فين!
**********************************************
ما أن طلت أم هشام من نافذتها في
الدور السفلي، حتى وجدت الجارة التي في النافذة المقابلة والتي لا تبرح النافذة
صباح مساء تتلصص على الجيران.. إنها أم عوض، حيت أم هشام:
ازيك يا ام هشام
ييي أعوذ بالله من غضب الله، أهلاً يا ام عوض
هو الداكتور هشام اسم الله عليه جه ولا لسة ؟
وانتِ ايش عرفك إن هشام جاي النهاردة يا ام عوض؟
يوه! هو في حاجة في الحارة بتستخبى!! الصبح شوفت أم محمود وناديت عليها وجت
تحت الشباك وكلمة تجر كلمة عرفت منها إن هشام جاي النهاردة
آه يختي، جاي إن شاء الله وربنا يسترها عليه ويجي بالسلامة وينجينا من
الحارة ومن عيون أهل الحارة، كانت أمي الله يرحمها تقول ربنا ما يجعلنا جار وله
عنين يا ام عوض، عن إذنك يختي
إذنك معاكِ يا حبيبتي، مالها الولية دي بتكلمني من تحت ضرسها زي ما تكون مش
طايقاني كدة!!
تركت أم هشام النافذة ودخلت تزمجر غيظاً وتقول بأعلى صوتها:
اتنين نفسي ربنا يخفيهم من الحارة، البت هناء النحس وام عوض النقاقة
خرجت زوجة ابنها حين سمعت صوتها العال:
مالك يا خالتي بتزعقي ليه؟
بزعق من غلبي، كل ما اشوف الولية ام عوض قاعدالنا في الشباك زي العمل
الردي، بقول يارب استرها معانا
على رأيك يا خالتي، دي ما بتسيبش الشباك لا نهار ولا ليل، وبتتجسس على دبة
النملة، ده غير إنها حسودة وعينها وحشة
يا منجي، يا لطيف، ألطف بينا ونجينا منها ومن هناء أم وش نحس
أعوذ بالله، ما تجبيش سيرتها يا خالتي لنتنكد بعد الشر، دانا بترعب من اللي
اسمها هناء دي
العدو برا وبعيد يا بنتي، قادر كريم يرفع غضبه ومقته عنا، إبقي فكريني أجيب حدوة حصان أعلقها ع الشباك،
وخرزة زرقة وعين عفريت عشان ابخر الشقة من الواغش اللي ماليها
بس الحاجات دي حرام وشرك يا خالتي، كل المشايخ بيقولوا كدة
بس يا بت بلاش كلام فاضي، طول عمرنا عايشين على كدة، لا حد قالنا حرام ولا
حد كفرنا، اعملي اللي بقولك عليه
حاضر يا خالتي
ربنا يجيبك بالسلامة يا هشام يا
ابني
****************************************
شارفت السيارة على الوصول إلى الحارة، فانتشى هشام بعبيرها مغمضاً عينيه
وقال:
ياه! وحشني هوا حارة الموعودين قوي
قهقه أخوه وقال ساخراً:
آه، اللي كله عوادم وثاني أكسيد الكربون، بكرة صدرك يتملي منه وتقول أنا
إيه اللي رجعني الحارة تاني
أثناء قيادته أتت عربة التكتوك في اتجاه معاكس بسرعة وكادت تصطدم بالسيارة،
فصاح سمير:
حاسب يا حمار، الله يخلصنا من أشكالكو
غضب الأب ولامه:
يا ابني ما تغلطش في حد
يا حاج ما انت شايفه، جاي مخالف عكس الطريق وكان هيخبط العربية، وساعتها لو
حد كلمه على فلوس تصليح، هيطلعلنا سنجة
ويلم اصحابه الصيع ويقولك مش دافع ولا جنيه
تعجب هشام وقال:
إنت بتتكلم عن أهل الحارة!!
لا يا اخويا عن أهل زحل، ما انت بقالك سنين غايب ومش دريان
نظر هشام من نافذة السيارة فوجد التكاتك السوداء حوله تتقافز كالخنافس عكس
الاتجاهات وتتخللهم الدرجات البخارية التي تنتهج ذات الحركات الفوضاوية المسرعة،
والنوافير المتداخلة تصم الآذان، غير أن هشام يطرب لها شوقاً كمن يستمع إلى زقزقة
العصافير وشدو البلابل... على ناصية حارة الموعودين و التي يتصدرها هذا المطعم
للفول والفلافل، تسللت إلى أنفه رائحة الفلافل فجن عقله، فنظر فإذ بالناس يتكدسون
أمام المطعم، فصاح من أعماق أشواقه:
وقف هنا يا سمير
أوقف فين!!
قدام مطعم الفول والطعمية، ريحة الطعمية جننتني
يا عم فول وطعمية ايه! أمك وأسماء مراتي واختها من الصبح بيحضرولك المحمر
والمشمر، ولا انت ما اشتاقتش لأكل امك!!
اشتقتله أكيد، بس حقيقي مش قادر أقاوم الطعمية، أرجوك وقف
قال الوالد لسمير:
خلاص يا ابني، وقف العربية وانزل هات سندوتشين طعمية لاخوك
قال هشام بفرحة عارمة:
لا لا يا حاج، أنا هنزل بنفسي، اشتقت للوقفة قدام المطعم وشرا الفول
والطعمية، ياااه!!
هز أخوه رأسه متنهداً، وتنحى بالسيارة جانباً، فتح هشام باب السيارة وهرع
إلى مطعم الفول والفلافل، ووقف يزاحم الناس بابتسامة عريضة، وأذناه تطربان وهم
يطلبون مبتغياتهم:
هات يا عم بعشرة جنيه فول خليني امشي
يا عم بقالي ساعة طالب سندوتشين فول وسندوتش بطاطس
يا عالم خلصونا ورانا أشغالنا
ظل واقفاً ينتظر في نشوى حتى يصل إلى البائع وهو يتأمل قدرة الفول الكبيرة
ويرقب البائع وهو يغترف منها للزبائن، ويمد بصره إلى العامل الذي يقلي الفلافل
وذاك الذي يعمل السندوتشات، مر الوقت و بقى أمامه شخص واحد يتحدث مع البائع في
حدة:
يا عم ادينا بعشرة جنيه الطفح بتاع كل يوم خلينا نغور، ما تزقش إنت كمان
يللي ورايا
هه أنا مش بزق حضرتك، أنا بس بقرب من قدرة الفول عشان وحشاني
واحشاك! ليه يا اخويا! محروم منها!
هه فعلاً، أصل كنت مسافر ولسة راجع النهاردة
عجايب! وجاي تجري على قدرة الفول!! اغرق فيها يا اخويا اغرق، عالم فقر..
هات يا عم الفول خلينا نغور
اتفضل يا سيدي، بالسلامة..ايوة يا أستاذ
هه سندوتشين فول وتلاتة طعمية واتوصى بالسلطة والطحينة
من عنينا يا أستاذ. سندوتشين فول وتلاتة طعمية للباشا يا ولا
حاضر
هما بكام من فضلك
خمسين جنيه بس
يااااه!! دي غليت قوي، يعني الساندوتش بعشرة جنيه!! قبل ما اسافر كنت بشتري
السندوتش بجنيه تقريباً
هاها جنيه ايه يا أستاذ!، الجنيه بجلالة قدره اتلغى، الله يرحمه ويرحم
أيامه بقى. العملة دلوقتي عشرة جنيه وانت طالع، ويلا عشان الزباين هياكلونا بدل
الفول والطعمية, ما هي بقت حارة نمنم مش حارة الموعودين
يلا يا عالم خلصونا
حاضر حاضر، هحاسب وامشي..أتفضل ده دولار
دولار! يا عم انت جاي مكتب صرافة! ده مطعم فول وطعمية يا خواجة، لا نعرف
الدولار ولا يعرفنا لا مؤاخذة
لمحه والده من نافذة السيارة، فقال لأخيه:
إلحق اخوك يا ابني،واقف محتاس بالدولار، ما لحقش يحول مصري
نزل على عجل وصفع باب السيارة وهو يقول بتأفف:
ما هو اللي مستعجل ع الفول والطعمية يا حاج
لحق بأخيه يسأله كاظماً غيظه:
جبت كام ساندوتش يا هشام؟
خمسة ههه
خمسة!!
أخرج النقود للبائع وقال:
خد يا عم خمسين جنيه اهم
هات يا سيدي، بالسلامة
يلا يا عم خلينا نمشي، عايزة بعشرة جنيه فول وعشرين طعمية، ما تزقوش يا للي
ورا وخلوا عندكو دم
****************************
أفرش السندوتشات على السيارة وأخذ يلتهمها بشراهة، ترقبه نظرات أخيه
المتعجبة وضحك والده، انتهى من الأكل، فقال أخوه بضيق:
مش خلاص يا هشام ولا ايه!!
مد بصره إلى المقهي المجاورة للمطعم وقال باسماً:
طب مش نحبس بكوباية شاي معتبرة من ع القهوة هه
هرع إلى المقهى وخلفه أخوه يضرب كفاً بكف. كان ينبعث من الراديو أغنية
وطنية لطيفة تغنى بحماس
دور دور دور دوررر
لف الدنيا بحالهاااا
مهما تدوب في جمالهاااا
راح ترجع هنااااا
دور دور دور دوررر
مش راح تنسى زماااااني
ولا حتى تنسااااني راح ترجع هنااااا
دور دور دور دورر لف الدنيا بحالهااااا.......
جلس إلى أحد طاولات المقهى سعيداً بما يسمع في الراديو وكأنه ترحيب، وجلس
أخوه مبتئساً. فصفق هشام لصبي المقهى:
واحد شاي في الخمسينة يا بلدينا
حاضر يا أستاذ
استدار لأخيه يسأله:
أطلبلك شاي يا سمير؟
لا يا سيدي كتر خيرك، أنا مش عايز حاجة تسد نفسي عن الأكل اللي امي عاملاه،
أصلك مش عارف عاملة ايه!!
هه أنا مشتاق لأمي وحضن أمي أكتر من اشتياقي لأكلها
والله ما عارف امك هتعمل ايه لما تعرف انك رايحلها واكل وشبعان
أتى صبي المقهى بصينية الشاي:
اتفضل الشاي يا أستاذ
شكراً
قرب هشام أنفه من كوب الشاي يشمه وقال بانتشاء:
يا أخي ريحة الشاي في الحارة مختلفة
تنهد أخوه امتعاضاً وأسند رأسه إلى كفه يتأمله وهو ينقل بصره بين وجوه
المارة الغادين والرائحين و المباني القديمة
ودكاكين الحرفيين والباعة الجائلين الذين ينادون على بضائعهم، مرتشفاً
الشاي تعلو وجهه السعادة. ضاق أخوه ذرعاً وقال:
يلا يا هشام الله يكرمك، أمك زمانها اتجننت من القلق. ولا هي الحارة وحشاك
اكتر من امك!!
أخذ رشفة الشاي الأخيرة وقام على عجل وقال:
يلا عشان امي وحشتني قوي
هز أخوه رأسه بضيق متنهداً وسبقه إلى السيارة، فحاسب صبي المقهى وتبعه
************************************
كانت الأم تروح وتجيء وهي تتنهد وتقلب كفيها وتقول لزوجة ولدها:
اتأخروا قوي يا بت يا أسماء
آه والله يا خالتي عندك حق. دانا خايفة الأكل يبرد
اللي يبرد يتسخن، المهم يجوا بالسلامة... هي سلمى اختك فين؟
عمالة تزوق في الاطباق جوا ههه اومال.. هي هتزوقهم لأغلى من الدكتور هشام!!
*******************************************
ما أن وصلت السيارة إلى باب المنزل، حتى دخلت سيارة نقل صغيرة إلى الحارة،
تحمل أثاُث عروس وبعض النساء اللواتي يمسكن بالطبول ويغنين من الفلكلور الشعبي
يا ساتر استر من دخول الحااااارة
دي حارة وحشة والجيراااان أراااااارة
يا ساتر استر من دخول الحااااارة
مرت السيارة وهشام يتبعها ببصره من
نافذة السيارة مسروراً، تدلت أم عوض النقاقة بنص جسدها العلوي من النافذة ترقب
خروج الدكتور هشام من السيارة، فما أن نزل حتى زغردت
لولوليييي لولييييي حمدالله ع السلامة يا داكتور هشام
أهلاً، الله يسلمك يا خالتي ام عوض
تسلم من كل شر، افرحوا يا اهل الحارة، وتعالوا باركوا وهنوا عودة المحروس
اسم الله عليه من الخارج إلى أرض الحارة بسلام ، يا عم عبده يا طرشجي، يا عم فتحي
يا جزمجي، يا اسطى جمعة يا سمكري، الداكتور هشام وصل
خرج الحرفيين العجائز الذين لهزهم الشيب من دكاكينهم القديمة بقدم الزمان،
يهرولون قدر قوتهم وتجمعوا حوله يهنئونه بسلامة الوصول:
حمدالله ع السلامة يا هشام يا ابني
الله يسلمك يا عم عبده، اخبار الطرشي الحلو بتاعك ايه وحشني
ههه ما تشوفش وحش، هبعتلك شوية طرشي وصاية حلاوة وصولك عشان يفتحوا نفسك ع
الأكل
ازيك يا حضرة الداكتور
الله يسلمك يا عم فتحي، ياااه وحشتني القعدة في محلك وحكاويك وانت بتصلحلي
الجزمة
ههه تعيش يا ابني، وحشتنا ووحشتنا أيامك
الاسطى جمعة ههه ازيك يا اسطى جمعة يا أجدع اسطى سمكري في حارة الموعودين
حمدالله ع السلامة يا دكتور، ده نهارنا نادي النهاردة يا نوارة الحارة
الله يخليك يا اسطى جمعة، هبقى اجيبلك العربية تبص عليها كدة عشان محتاجة
شوية سمكرة زي ما انت شايف
وماله يا داكتور هشام يا سكرة، مالناش بركة إلا انت.. حمدالله على سلامة
الداكتور يا ابو هشام
الله يخليك يا اسطى جمعة، متشكرين ليكو كلكو يا جماعة ونجاملكو في الافراح
إن شاء الله
رمقت أم عوض أخوه وهو يخرج حقائب السفر الكبيرة من السيارة، فاتسعت حدقتاها
وقالت للدكتور هشام:
جبتلي معاك سبحة ومصلية يا داكتور؟
ههه لا والله، أنا كنت في أمريكا مش في السعودية
آه وماله يا اخويا، وأمريكا دي بيجيبوا منها ايه بقى؟؟
ههه بيجيبوا شهادة دكتوراة في جراحة القلب
الشر برا وبعيد، ان شالله اللي يكرهوني،
ألف بركة يا اخويا انك رجعت لحارة الموعودين بالسلامة. والله يا داكتور ما
عارفة اعمل ايه ولا ايه من فرحتي
متشكر جداً. اسمحيلي بقى اروح لوالدتي
روح يا حبيبي روح لنبع الحنان فرحها بالشنط اللي اخوك مش قادر يشيلها،
تلاقيها مليانة شيء وشويات، ادخل فرح امك و اغرق في حنانها
ما أن استدار ليدخل من باب المنزل الحديدي، حتى طاح فوق رأسه جردل مياه
أطاحت به إحدى الجارات، فغاب في ضحك هستيري حتى دمعت عيناه، فنظر والده وأخوه والجيران إلى أعلى
فإذ بها أم محمود، فزفر أخوه وما أن هم بتوبيخها حتى سبقته أم عوض:
جرا ايه يا ام محمود! عميتِ في نظرك يا بعيدة! غرقتِ الداكتور هشام اللي
لسة جاي بعرقه لحارة الهم يللي ما عندكيش دم
نظرت أم محمود إلى أسفل وشهقت ضاربة على صدرها:
يوه! يقطعني، والله يا دكتور ما شوفتك، كنت برمي جردل المية بحسن نية
والله، حمدالله ع السلامة
الله يسلمك يا خالتي ام محمود
لوت أم عوض شفتها وقالت:
شوف الولية الكهينة، ما شوفتهوش ازاي! مش سامعاني بزغرت أنا وستات الحارة!!
ستات الحارة بيزغرتوا عمال على بطال، اللي جوزها جه من الشغل بتزغرت واللي
حماتها مشيت من عندها بتزغرت، اللي اشترت فردة كوارع بتزغرت، هو انتو وراكو اللي
الزغاريت, وبعدين ما تقوميهاش حريقة يختي، أنا ما اقصدش اغرق الدكتور.. يا دكتور
هشام، ما تخافش المية نضيفة، دي شاطفة فيها المناطيل الجيمس بتوع محمود
ههههه حصل خير، عن إذنكو
نظرت أم محمود إلى أسفل وقالت لام عوض
ادخلي يختي من الشباك بدل ما انت قاعدة للساقطة واللقطة كدة
خليكِ في غسيلك المقيح وما لكيش دعوة يا ام محمود
يختي كُبة
كُبة في عينك...يا ترى الدكتور هشام جايب ايه لامه! يا فرحتك بابنك وبدخلته
عليكِ شايل ومحمل يا ام هشام، يا دي الفرح اللي داخل عليكِ
دخل على أمه بملابسه المبتلة وشعره الذي شعثته المياه، وصاح فرحاً
أمي
يا حبيب امك يا ... ايه ده!! اسم الله عليك يا حبيبي! جاي من بلاد برا
مبلول ليه كدة! هي المركب غرقت! انت مش قلت جاي في الطيارة!
ارتمى في أحضانها
أمي حبيبتي ههه وحشتيني وحشتيني
اهئ اهئئئ حمدالله ع السلامة يا هشام، نورت الحارة يا زينة الحارة، الدنيا
كانت مضلمة من غيرك ونورت لما هليت عليا... بس ايه اللي غرقك كدة يا ابني؟
رد أخوه بغضب:
الولية اللي اسمها ام محمود رمت عليه جردل مية أول ما دخل الحارة
يا وقعتها سودة!! والله لاطلع ابهدلها العمشة اللي بترمي الزبالة والمية من
غير ما تبص، لسة أول مبارح رامية قشر بطيخ على ابوك، سيبوني عليها اللمامة الدون اللي
ما عندهاش دم ، ماحدش يحوشني
رد زوجها
خلاص يا سميحة بقى ما تكبريس الحكاية، الست اعتذرت لهشام
آآآخ يا ناري، مسيرها تقع في ايدي، المهم حمدالله ع السلامة يا هشام يا نور
عيني ههه
الله يسلمك يا أمي. يااااه وحشني حضنك قوي
ربنا ما يغيبك عن حضني تاني يا حتة من قلبي . اقلع الجاكيتة المبلولة دي
لتاخد برد
أهي يا ستي الجاكيتة، رغم إن الجو حر أصلاً وكنت محتاج الجردل ده جدا عشان ينعشني
هههه
ههه طول عمرك واخد الدنيا ببساطة يا هشام يا ضنايا وبتشوفها بعين غير اللي
احنا شايفينها بيها. آآآه والله روحي اتردت فيا لما شفتك قدامي، إخص عليك يا هشام،
كل دي غيبة!
غصب عني يا أمي، الدراسة بقى ومشاغلها
ضحك والده وقال لها:
ابنك جالك يا ست وهتبطلي تقلبي دماغي، كل شوية هشام، هشام هاتولي هشام
ههه اهو جه ونور الدنيا على امه قلب امه ومعاه الشهادة الكبيرة ، دكتور
الدكاترة ونوارة حارة الموعودين
ربنا يخليكِ يا أمي، كله بفضل الله ثم دعواتك ودعوات أبويا يا ست الكل
هرعت أسماء زوجة أخيه لتهنئه بسلامة العودة، بينما وقفت أختها بعيداً
تتوارى خلف الستارة التي تواري الطرقة المؤدية إلى المطبخ ترقب الموقف ونبضات
قلبها تتعالى ووجهها ينضح عرقاً
هه حمدالله ع السلامة يا هشام يا ابن خالتي
الله يسلمك يا أسماء، أومال الولاد فين؟ أنا ما شوفتش ولادكوا، انتو يادوب
اتجوزتوا من هنا وانا سافرت من هنا
سيبتهم عند ماما بس بكرة هنجيبهوملك يسلموا عليك إن شاء الله، أحمد شبه
سمير وأروى شبهي ههه كبروا وبقوا عفاريت، وكمان ماما وطارق هيجوا يسلموا عليك
بكرة. أصل خالتي نبهت على العيلة كلها ماحدش يجي النهاردة عشان تشبع منك
يا حبيبتي يا أمي
ربتت أمه على كتفه باسمة. أشارت أسماء لأختها خلسة، فأتت تمشي على استحياء،
ابتلعت ريقها وقالت
حمدا لله ع السلامة يا دكتور هشام
الله يسلمك يا سلمى. ياااه كبرتِ وشكلك اتغير قوي
ردت أسماء عنها:
اتغير للأحلى، مش كدة يا هشام؟ ههه
وكزتها سلمى في جنبها خجلاً، وضيقت أم هشام عينيها ناظرة إلى أسماء ولسان
حالها يقول أفهم ما ترمين إليه أيتها الماكرة، واكتفى هشام بابتسامة، فصاح سمير في
زوجته:
يلا يا أسماء اغرفي، اغرفي أبوس ايدك ريحة الأكل هتجنني
ههه اومال لما تدوق بقى!! خليكِ انتِ يا سلمى مع هشام
لالا أنا جاية اساعدك
أوف! هبلة، أعمل فيها ايه اختي دي!! تعالي يختي
**************************
صفت أصناف وألوان من الطعام الشهي على المائدة، فسال لعاب سمير لمرآها وجرى
يجلس إلى المائدة وبدأ بالتهام الطعام، وكذا فعل أبوه، عدا هشام الذي جلس على
الأريكة، فقالت أمه:
ايه ده يا هشام انت هتقعد! يلا يا حبيبي، دانا عاملالك صنية البطاطس بالفراخ
اللي بتحبها من إيدي، ودكر البط حبشتهولك تحبيشة من اللي قلبك يحبها، والرقاق
باللحمة المفرومة بينادي عليك اهو، وشهقتلك شهقتين ع الملوخية يردوا الروح،يلا شمر
وتعالى زمانك هفتان يا حبيبي ومتشوق لأكل امك
ههه لا، بالهنا والشفا انتو يا أمي
بالهنا والشفا احنا ازاي يعني!!
أصل بصراحة لسة واكل سندوتشين فول وتلاتة طعمية من المطعم اللي على ناصية
الحارة، وحبست بواحد شاي ع القهوة، فمش قادر
إخص عليك الف إخص، جاي من بلاد برا تجري ع الفول والطعمية بدل ما تجري على
حضن امك وطبيخها! وانا اقول الواد اتأخر ليه ورايحة جاية من البلكونة للشباك لما
رجلي وجعتني وانت اتاريك مقضيها بين المطعم والقهوة! انت جاي عشان تفرسني يا ابني!!
يا أمي يا حبيبتي غصب عني والله، ما قدرتش أقاوم ريحة الطعمية
نظرت إلى سمير الذي يفترس الطعام بشراهة وصاحت به:
وانت يللي اسمك سمير يللي عمال تلوغ زي المفاجيع، ازاي توافقه ع اللي
عمله!!
يعني اعمله ايه يا أمي!! واحد ونفسه راحت للفول والطعمية. أقوله ما تاكلش!!
انقضت عليه والدته:
لا، أنا اللي هقولك ما تاكلش، قوم يا واد، قوم وهات ورك البط ده خسارة فيك،
قوم خد مراتك واختها وفارقوني
ايه يا أمي! أنا جعان والله، هاتي ورك البط اللي نتشتيه من ايدي حرام عليكِ،
وكمان أسماء هنا من الصبح ومافيش أكل في البيت
ماليش دعوة، قوم يااخويا خد المحسبة واختها وبالسلامة على برا، وكفاية حرقة
الدم اللي أنا فيها
قام هشام إليها يرجوها
خلاص يا أمي عشان خاطري، سمير ذنبه ايه بس!!
انت بالذات ما اسمعش حسك يا بتاع الطعمية يا ابو معدة مزيتة
صاح بها زوجها غضباً
ما تسيبي الواد ياكل يا سميحة، مش كفاية مصحينه من الفجرية عشان يجيب اخوه
من المطار!!
أنا قلت لا يعني لا يا صادق، وما تفوروش دمي اكتر ما هو فاير لسيبلكو البيت
وامشي, ما انا ما حدش حاسس بيا وباللي ابني الكبير اللي مستنية رجوعه من سنين
بفارغ الصبر عمله فيا، يلا يا واد انت من
غير مطرود انت والعصابة اللي جايبهالي
حاضر يا أمي، حاضر.. الله يسامحك يا هشام، اديني اتحرمت من أكلة حلوة زي دي
بسببك، يلا يا أسماء نجيب سندوتشات فول وطعمية وأمرنا لله
يلا يا سمير، يا خسارة تعبي ووقفتي على رجلي من الصبح ممم عايزة حاجة يا
خالتي؟
لأ يختي مش عايزة
طيب، يلا يا سلمى نحصل سمير اللي سبقنا زعلان
حاضر.. حمدالله على سلامة دكتور هشام يا خالتي
الله يسلمك يا محفلطة ... آخ يا ناري، طيب يا هشام، أنا كان قلبي حاسس اني
هتنكد النهاردة، ما انا اصطبحت بوش هناء النحس واتمسيت بام عوض النقاقة، واهي
بركاتهم حلت ع البيت وصحابه.. اشتاتا اشتاتا يا هناء، اشتاتا اشتاتا يا ام عوض،
أما اقوم ابخر الشقة
*********************************************
في صبيحة اليوم التالي، أعدت أم هشام طعام الإفطار ورصته على المائدة بوجه
متجهم، فجلس زوجها وحياها:
صباح الخير يا ام هشام
يسعد صباحك يا ابو هشام
نادت على هشام
انت يا سي هشام، هتفطر معانا ولا هتروح تجيب اتنين فول وتلاتة طعمية وتنقط
امك
خرج من غرفته ضاحكاً:
ههه لا طبعاً يا ست الكل هفطر معاكو، صباح الخير يا حاج
يسعد صباحك يا ابني، أظن ما وحشتك اوضتك ووحشك سريرك
آه والله يا حاج، أول ما حطيت دماغي ع المخدة نمت نوم مريح بشكل! أصل
السرير فيه ريحة ست الحبايب ههه
رفعت أمه حاجبها وتنهدت وطقطقت شفتها ثم قالت:
ال يعني واحشك ريحة امك قوي
هه وبعدين بقى يا أمي! هتفضلي زعلانة مني كدة عشان ما قدرتش آكل امبارح! ده
حتى بعد ما رجعت من صلاة الفجر انا وابويا رميت عليكِ السلام ما ردتيش عليا
رديت في سري، السلام لله. وبعدين على راحتك، تاكل هنا، تاكل برا، كل واحد
ينام ع الجنب اللي يريحه
ههه طب قشريلي بيضة بإيدكِ الحلوين
ماشي يا سي هشام
ما أن هم بأخذ البيضة من يد والدته حتى سمعوا طرق عنيف على الباب وصراخ:
اهئ اهئ طنط ام هشام افتحي، أنا هناء
يا لهوووووي، سلم يا رب سلم
أنا هروح افتح يا أمي
لأ يا هشام، لا يا ابني، ادخل استخبى انت، أنا فداك وفدا ابوك يا حبيبي
استخبى ايه بس!!
أكدت والدته التنبيه وهي ترتعش:
اسمع كلام امك يا حبيبي، خبيه جوا يا ابو هشام، أنا هروح افتحلها اشوف
عايزة ايه وش النحس دي ع الصبح
تنهد زوجها ونهز رأسه امتعاضاً من تصرفها، بينما وقف هشام يرقب الأمر، فتحت
أمه للفتاة وقالت بوجه مكفهر:
ايوة يا هناء، خير
اهئ اهئ الحقيني يا طنط الحقيني، كارثة يا طنط كارثة
ايه! أمك ماتت؟
لا يا طنط بعد الشر على ماما اهئ اهئ
أومال بتنوحي ليه ع الصبح يللي يكفينا شرك؟
أصل أنا كنت بطبخ عشان جايلنا ضيوف
من قرايب بابا النهاردة، والأنبوبة خلصت وماما مش فوق اهئ اهئئئئئ
طب يعني واحنا نعمل ايه!! عايزة تسوي الأكل عندنا هاتيه وربنا يسترها ع
المطبخ
لأ مش هينفع، أصلها حلل كبيرة ومليانة ومش هقدر أشيلها اهئ اهئئئئ، فلو
يعني الدكتور هشام يسمح ويطلع يركبلي الأنبوبة الاستبن يبقى كتر خيركو
نعم يختي! هو حد قالك انه راح أمريكا خد دكتوراة في تغيير أنابيب
البوتاجاز!! ده دكتور قلب يا عديمة النظر والمفهومية
أسرع هشام صوبهما يقول:
أنا هطلع أغيرلها الأنبوبة يا أمي
يا لهوي! تطلع فين يا ابني! هو أنا مستغنية عن شبابك! روحي يا بنتي الله لا
يسيئك شوفيلك حد غيرنا تجيبي أجله
اهئ اهئئئئئئئ
استني يا أنسة هناء، أنا طالع أغيرلك الأنبوبة
متشكرة قوي يا دكتور هشام اهئ اهئئئئئ
استنى يا هشام، استنى يا ابني أنا طالعة معاك، يا منجي من المهالك يارب،
توب علينا من الجيرة المهببة دي
**************************
أمسك بالأنبوبة الفارغة وقال لهناء:
مفتاح الأنبوبة لو سمحتِ يا أنسة هناء
أه، اتفضل يا دكتور هشام
وقفت أمه على أعتاب مطبخ هناء، ترقبه وهو يفك أنبوبة الغاز الفارغة بالمفتاح
الحديدي وجسدها يرتجف وعيناها متسعتان وكأنه يفك قنبلة تخشى انفجارها، فكانت تتعوذ
وتتمتم....فكها بسلام و سأل هناء التي تقف إلى جواره:
عندك جلدة يا أنسة هناء؟
أيوة، هجيبلك من درج المطبخ
اتفضل اهيه
شكراً
ظلت والدته تتعوذ وترتجف وتتضرع إلى الله:
يارب استر على ابني يارب، يارب داحنا غلابة، يا رب خد هناء وام هناء ووديهم
الصحرا عشان دول خطر يعيشوا مع بني أدمين..عالم بينا، استرها معانا يا كريم
أتم تركيب الأنبوبة الجديدة، فقال لهناء:
ممكن صابونة يا أنسة هناء؟
عايز تغسل إيدك؟
لا، عايز أتأكد إن الأنبوبة ما بتسربش غاز
طيب ما اجيبلك عود كبريت تجرب بيه ؟
هه لا ده خطر جداً، ومش عارف ازاي الناس بتعمل كدة، ده ممكن يسبب حريق
والعياذ بالله
صاحت أم هشام
يا شيخة اتقي الله، عايزة تولعي فينا يللي ربنا يهدك! بقى ده جزاء المعروف!
يا طنط ما اقصدش والله
هي ما تقصدش يا أمي، دي الطريقة الشائعة بين الناس للأسف.. يا أنسة هناء
احنا بنحط صابون وافر حولين المنظم وكل منافذ الأنبوبة، ولو كانت بتسرب هيحصل
فقاعات كبيرة في أماكن التسريب، وقتها نربط الأنبوبة كويس، ولو المشكلة ما اتحلتش
يبقى نغيرها خالص. هاتي صابونة بقى
حاضر، هجيبها لحضرتك من الحمام
سرعان ما عادت بقطعة الصابون، وأعطته إياها، قام باختبار الأنبوبة وتيقن أن
الأمر على ما يرام، فقال:
كدة تمام الحمدلله، ما حصلش فقاعات ولا حاجة، دلوقتي نشغل البوتاجاز بأمان
إن شاء الله
أشعل إحدى الشعلات وقال باسماً
اتفضلي كملي الطبيخ عشان الضيوف بقى.. بس في نصيحة أخيرة ومهمة جداً بخصوص
الأنبوبة
صاحت به والدته:
ما تيلا يا هشام، نصايح ايه تاني يا ابني! هو انت بتاع أنابيب! ده ايه الهم
ده!
لحظة يا أمي، يا أنسة هناء أنا لاحظت أنكم حاطين الأنبوبة الاستبن في
المطبخ
ودي فيها ايه يا دكتور؟
لا غلط جدا طبعاً وممكن يؤدي إلى كارثة، لأن المطبخ سخن وعلى طول بنشغل فيه
البوتاجاز، والأنبوبة الاستبن المليانة ومقفولة دي ممكن تنفجر من درجة الحرارة
والعياذ بالله
يا خبر! طيب نحطها فين؟
ممكن ورا باب الشقة أو البلكونة
مفهوم يا دكتور، شكراً
العفو، يلا يا أمي
ومستعجل ليه يا اخويا! مش تكتبلها روشتة للأنبوبة بالمرة!
هه عن اذنك يا أنسة هناء
اتفضل يا دكتور، متشكرة قوي ليك ممم شكراً يا طنط ام هشام
العفو يختي. يا مغيث، يا منجي من المهالك، الحمدلله ده الواحد اتشاهد
*******************************************
عادت تلك المرأة القوية الكادحة، أم نهى بائعة الخضار،عادت إلى منزلها في
الصباح، بعد غياب ليلة خارجه، ما أن سمعت نهى صوت المفتاح يدور في الباب، تهللت
وتركت كتاب تستذكره، وهرعت تستقبل والدتها:
حمدالله على السلامة يا ماما
الله يسلمك يا نهى آآآه يا رجلي. دانا قلت هاجي الاقيكِ لسة نايمة
لا نوم ايه يا ست الكل! دانا ورايا مذاكرة متلتلة صحيتلها من بدري، يادوب
صليت الفجر وقعدت اذاكر،. امبارح بطوله ما ذاكرتش عشان وقفت في الدكان وطلعت
تعبانة نمت ما حسيتش بنفسي
معلش يا بنتي والله غصب عني، كان لازم اكون جنب خالتك عطيات في ولادة
بنتها. انتِ عارفة اني ما اقدرش أقصر مع خالاتك، دول هما اللي وقفوا جنبنا وما
سابوناش للدنيا تطلش فينا بعد موت ابوكِ
عارفة والله يا ماما، ربنا ما يحرمناش منهم، المهم مريم بنت خالتي ولدت
وقامت بالسلامة؟
اه يا حبيبتي الحمدلله، ربنا رزقها بواد زي القمر
ربنا يخليهولها، تلاقي خالتي عطيات فرحت قوي
ايوة اومال، ما هو أعز الولد ولد الولد زي ما بيقولوا هه وخالتك بدرية كمان
حصلتنا على المستشفى وكلنا اتجمعنا هناك، عقبال ما يتجمعوا في فرحك يارب... عملتِ
ايه في الدكان امبارح؟
الحمدلله، ما فيش خضار بات، كله بيعته والفلوس اللي بيعت بيها حطيتها في
الدرج اللي جنب سريرك مع باقي الفلوس، والصبح قبل ما افتح عديت على اللي اسمها
المعلمة جباير دي اديتلها اجرة الشقة واجرة الدكان
قطبت نهى جبينها وأردفت وداخلها يتأجج غضباً:
ما تعرفيش يا ماما احساسي كان ازاي وانا بدفع للست دي أجرة بيتنا وأنا عارفة
اننا اصحاب البيت الحقيقيين وجوزها الزفت اللي اسمه المعلم عدوي ده خده مننا
بالغصب وموت بابا بحسرته
تنهدت والدتها وقالت لتلك الروح الثائرة:
ده كلام فات أوانه يا نهى يا بنتي. نحمد ربنا ان عدوي سابنا نقعد في البيت
وندفع أجرته
ازاي بس يا ماما! ده بيتنا، بيتنا يا ناس
بدت بسمة ساخرة على وجه والدتها وقالت:
معاكِ اللي يثبت يا بنت الحاج خضر صاحب البيت!
ما انتِ قلتِ انه غصب بابا على الإمضا هو والفتوات بتوعه واستغل ضعفه
هبت والدتها واقفة وقالت بإباء وشمم:
ابوكِ عمره ما كان ضعيف يا نهى، ابوكِ كان كبير الحارة دي، والناس كانوا
بيحبوه وكان له كلمة مسموعة عند الكل، الكل كان بيلجأله وقت الشدة، ويتحامى في
ضهره
اومال ايه اللي حصل بس يا ماما؟ ليه مش راضية تحكيلي ازاي اللي اسمه المعلم
عدوي ده عمل فيه كدة
تنهدت والدتها بعمق الماضي الدفين داخلها وقالت:
الكلام لا هيقدم ولا هيأخر يا نهى...خلينا في دنيتنا اللي اتكتبت علينا....
قوليلي.. حد ضايقك من الزباين ولا حاجة؟
ممم بصراحة حصل حاجة كدة، هي عادية بس أنا متعودة احكيلك كل حاجة
خير يا حبيبتي؟
عدا عليا امبارح المهندس اللي اسمه ايه ده، طارق، واشترى مني بتنجان، وقعد
يسألني هي مامتك فين وانتِ في سنة كام في الكلية عشان اجيبلك شغل ومش عارفة ايه
ايه! ده عايز يجرجر معاكِ كلام بقى
ما انا وقفته عند حده يا ماما وما اديتلوش فرصة
جدعة يا نهى، احنا مالناش إلا سمعتنا يا بنتي...انا عيشت عشانك يا نهى
وشقيت العمر ده كله عشان اربيكِ أحسن تربية..الضهر اللي اتحنى عليكِ يا بنتي أوعي
في يوم تكسريه
تبسمت وقبلت يد والدتها وقالت: أطمني على بنتك يا ماما
*****************************************
في منزل أم محمود ، خرج ولدها الشاب من الحمام بعد اغتساله لصلاة الجمعة يصرخ بها:
يا امّا، انتِ يا امّا، انتِ فين؟
عايز ايه يا محمود، انا بطبق كوم الغسيل اللي المحروسين اخواتك البنات
سايبنيه للخدامة اللي اسمها امهم، حتى يوم الجمعة اللي قاعدينه أجازة من الشغل ما
يساعدونيش اللي ينقرصوا دول! أنا عارفة هيتجوزا ويفتحوا بيوت ازاي!
يا ستي يفتحوا بيوت يفتحوا قهاوي ماليش فيه، تعالي شوفي الحيطان المنشعة
قبل البيت ما يقع علينا
يييييي يا دي الهم اللي بنبات فيه ونصبح فيه، منك لله يا معلمة جباير يا
صاحبة البيت، فالحة بس تلهف الإيجار كل أول شهر ومش هاين عليها تصلح السباكة
البايظة ولا المواسير اللي عمالة تنشع لما بوشت الحيطان، الهي تبوشي وتضيع معالمك
يا بعيدة
طب وبعدين يعني يا امّا! وبعد الدعا ده هنعمل ايه!
جاءت ابنتها الشابة منى على الصوت وقالت:
اه يا ماما لازم انتِ وبابا تتصرفوا مع الست دي، دا الحيطان اتقشرت من
المية المنشعة والمحارة بانت والمنظر بقى عرة، يعني لو جالي عريس دلوقتي ودخل
بيتنا يقول علينا ايه!
يقول علينا غلابة ويجيبلنا كسوة الشتا يا بنتي، وبعدين ريحي روحك الشباب ما
معهومش فلوس يتجوزوا، لا حد هيدخل علينا ولا حد هيكشف سترنا
يووووه انتِ بتفولي عليا انا واختي صفاء اننا ما نتجوزش!
لا يا بنتي أنا عندي أمل إن عصر المعجزات لسة ما انتهاش، بس خلينا نشوف حل
للبيت اللي متواينا قبل ما يقع بينا، أنا قلت لام هشام امبارح وقالت هتخلي عمك ابو
هشام يكلم الولية المعلمة دي ويوريها العين الحمرة
يا ماما هو عم ابو هشام فاضي! دول مشغولين بابنهم الدكتور هشام من ساعة ما
رجع من امريكا امبارح، آنا رأيي بقى انك انتِ تنزلي تكلمي المعلمة جباير دي, ولا
انتِ بتخافي منها يا ماما!
أخاف منها! أخاف منها ده ايه! دا انا صاحبة حق وعيني قوية، ايش حال إن ما
كانتش هي وجوزها شيخ المنصر واخدين نص بيوت الحارة وضع يد. أنا نازلالها، ناوليني
العباية السودة
يا ماما هو انتِ عندك غيرها!!
طب هاتي يختي وناوليني الطرحة خليني انزل للولية الجزارة المفترية دي، هو
احنا هنفضل ساكتينلها ولا ايه! ال يا فرعون ايه فرعنك قال ما لقيتش ام محمود تلمني
هههه جدعة يا ماما، ما يجيبها إلا ستاتها، ما تسكتلهاش
طب طبقي الغسيل على ما اجي وصحي اختك تعمل المسقعة عشان نتغدا بعد صلاة
الجمعة
حاضر يا ماما. يا صفاء اصحي يا صفاء عايزين نتغدا
************************************
نزلت إلى الشارع، وأمام محل الجزارة
الذي تدلت من أعلاه الذبائح المعلقة، تسمرت وشاهدت صبي الجزارة شحتة، يقطع
اللحم بالساطور لأحد الزبائن، ارتعد
جسدها حين أبصرت المعلمة ذات الجمال
الفظ جالسة بعباءتها المزركشة يتدلى على صدرها سلاسل ذهبية
غليظة وشعرها الأسود الطويل مطوق بإيشارب
ملون معقود على الجانب، ، تمسك بيدها المزينة بالأساور الذهبية العريضة
النارجيلة تدخنها والشرر يتطاير من عينيها لأمر كدر صفوها، فقالت أم محمود بارتعاد
يا امّا! هي مالها على وشها غضب ربنا كدة!! استر يارب، أنا كان ايه نزلني
لمحتها المعلمة فقالت باحتداد
واقفة مبحلقالي كدة ليه يا وليه! هتاخديلي تصويرة بالألوان!!
آآآ هاها عسل يا معلمة، ياخد عدوينك ان شاء الله..أنا بس يختي كنت جاية
اقولك كلمتين..يرضيكِ يختي الحيطان اللي عمالة تنشع دي والمواسير البايظة؟
اه يرضيني، في حاجة؟
ها!آآآ لا يختي مافيش ، بس يعني أنا قلبي على حالك ومالك، ما هي المية لو
فضلت تاكل في الحيطان كدة البيت هيقع
ما يقع ولا ياكشي يولع بيكو عشان ارتاح من خلقكو، دا ايه البجاحة دي! ايه!!
تدفعوا ملاليم كل اول شهر وعايزين خدمة خمس نجوم!!
اهئ اهئ طب خليهم نجمة واحدة بس يا معلمة احنا راضين
غوري يا ولية من وشي بدال ما اطير رقبتك بالساطورواعلقك زي الدبيحة دي
يا لهوي! الحقيني يا امّا
فرت كالفأر المذعور فقهقه شحتة صبي الجزارة
هههه دي الولية جريت يا معلمة، عالم تخاف ما تختشيش صحيح
تنهدت وعادت تدخن النارجيلة وعيناها تتقدان، فسألها الصبي باهتمام؟
مالك بس يا معلمة؟
مزاجي معكر قوي ياض يا شحتة
ما عاش اللي يعكر مزاجك يا ست المعلمين
هو اللي يصطبح بالحارة وبالخلق اللي فيها يروق ولا يشوف يوم عدل!! معلمك
مروق دماغه ورامي عليا حمل البيوت وسكان الندامة والمحلات وقرفها وداير ورا
الجوازة الرابعة
الرابعة!! ... ربنا يديك الصحة يا معلم عدوي
يا خويا قول ربنا يهده
ليه بس كدة يا معلمة!! بعد الشر عليك يا معلم
ألقت بلي الأرجيلة وهبت واقفة وقالت:
أنا رايحة عطفة ريحان
انطلقت من المحل على عجل وعيناها تتقدان فتمتم الصبي:
يبقى رايحة عند الست ناصرة والست فريال ضرايرها؟ دي شكلها هتولع، ربنا
ينجيك يا معلم عدوي
دلفت إلى محل الجزارة تلك الفتاة الشعبية المائعة التي يضج وجهها بالمساحيق
سوكا، والتي ألقاها الشقاء على أعتاب خدمة المعلمة جباير مذ نعومة أظفارها، كانت
تكن إعجاباً لصبي الجزارة شحتة الدائم التعالي عليها وتتحين الفرص للمجيء إلى
المحل لرؤيته: حيته بتغنج:
ازيك يا سي شحتة
أهلاً
مم هي المعلمة فين؟
في مشوار
مشوار فين يعني
لما ترجع ابقي اسأليها
...سي شحتة.. أنا عارفة ان مقامك عالي، عالي قوي، عارفة انك متعلم وابن
مدارس، وإن الشغلانة دي ما تليقش بيك ابدا
وبعدين؟؟
ممم ابداً.. كنت بس عايزة أقولك إني عارفة قيمتك كويس قوي
متشكر
امتعضت لمعاملته الفظة وقالت:
هو انت ما بتدنيش ريق حلو ليه يا سي شحتة؟
نظر إليها اندهاشاً أنها لا تعرف قدرها المتدني، وأشار إلى الدبلة الفضية
في إصبعه، فزفرت وقالت:
عارفة انك خاطب، وخاطب واحدة بنت مدارس زيك.. لكن خليك عارف ان ماحدش عارف
مقامك زيي، سلام
لوى شفته بسخرية، وشرد في واقعه الضبابي
***************************************
الله يسعدك أستاذة هبة❤️أم رفيف
ردحذفاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً طيباً مباركاً فيه 💕
ردحذفما شاء الله
تسلم إيدك يا جميلة
حلقة ممتعة وحلوة قوي وطبعاً حسك الفكاهي بيخلينا دايماً في حالة اندماج مع الاحداث
ربنا يحسن ما بين إيديكي ودامت لنا روحك الحلوة وقصصك الجميلة
💓دُمتِ مُبدعة 💓
اللهم بارك بجد تحفه اوي وجميلة جدا
ردحذفأسلوبك في السرد ، تناسق الكلام مع الموضوع يعني أنت بتتكلمي عن حارة ومكان شعبي شوية فبتتكلمي بنفس طريقتهم تقريبا ودا بيخلينا نعيش الأحداث كأنها حقيقية فعلا
دا غير الحس الفكاهي حقيقي أنا فطست من الضحك وغيرتيلي مودي بجد تسلم ايدك
اعتقد ان هشام هيطلب ايد هناء وأمه هتنهار بقى وتقوله والله ما يحصل ابدا والأحداث هتكون رائعه بإذن الله
ممكن تكون هناء يكون دا قدر عادي خالص بس الناس لأن مفيش دين فمش فاهمين حاجه في الدين وممكن يكون حد عاملها عمل مثلا أو
عجبني خجل سلمى وادبها جدا بس حساها مش هتعرف تتعايش مع أم هشام زي اسماء رغم إن في تصرفات ضايقتني من اسماء بس هي شاطره عرفت تكسب حماتها وترد عليها بأدب وتاكل بعقلها حلاوة وحافظت على بيتها وزوجها
ردحذفبصراحه أم هشام شكلها ست أويه اوي
ازاي جالها قلب تمشي ابنها وبنات اختها من غير اكل وكل الوليمة دي موجوده ما شاء الله دي تكفي الحارة كلها وتعبوا معاهم كمان
مفيش حلقة النهارده ولا ايه
ردحذفيااه اخيرا خلصت امتحانات وشوفت ابداع حضرتك كالعادة
ردحذفحقيقي اعمال حضرتك ليها رونق خاص بحبه