تجربة الفقر ( قصة قصيرة)

 



وبما أنها إحدى فتيات العائلة الثرية, فقد جربت كل متع الحياة. كل شيء في حياتها يضج بالرفاهية, من حذائها المصنوع من أرقى أنواع الجلود, حتى سيارتها الفارهة التي لا تقودها بنفسها. فبنات العائلة الترفة, يتولى عنهن القيادة سائق جلب لهذه المهمة, إمعاناً في إظهار الترف..كل يوم عدا العطلات يقلها إلى الجامعة, ثم يعود إليها ليقلها إلى المنزل..كانت ترقب دائماً من نافذة سيارتها, الطلبة والطالبات المتراصين على أرصفة المحطة في انتظار الأتوبيس..تلمع عيناها وتلتصق بمشاهد الفقر المثيرة. يراودها خيالها لخوض تجربة الفقر. أجل تجربة الفقر. فهي قد جربت كل ما اشتهت في هذه الحياة ولم يتبق إلا تلك التجربة التي بالتأكيد ستكون مثيرة جدا, وستحكي عنها لكل قريباتها من بنات نفس العائلة, وصديقات نادي الطبقات العليا..أجل يجب خوض تلك التجربة المثيرة وانتظار الأتوبيس ومزاحمة البؤساء في الصعود على درجه المتهالك. غداً ستفعل..هكذا حسمت أمرها..وعندما أقلها السائق في الصباح, طلبت منه عدم العودة في الظهيرة..وحين انتهى يومها الدراسي, أسرعت فرحة إلى محطة الأتوبيس. وتحت وطأة الحر القائظ وقفت وسط الأعداد المتدفقة من الطلبة والطالبات تجفف عرقها الذي لولا شطحات عقلها لتبدل إلى هواء المكيف البارد يصحبه رذاذ عطر الياسمين..ظلت تنتظر الأتوبيس الذي تأخر كالعادة التي لم تألفها هي, وألفها جميع المتراصين الذين يتفصدون عرقاً, وبالرغم من ذلك يتبادلون المُلَح والنُدر وحكايا الشباب المرحة.ضاقت ذرعاً وأرسلت زفرة حنق وهي تنظر إليهم بتعجب, ولسان حالها يقول(علام يضحكون هؤلاء الأشقياء! تواتر قدوم الطلاب حتى لم يعد هناك موضع لقدم.وضعت يدها على أنفها, فلم تعد تحتمل رائحة العرق المنبعثة بمزيج مزيلات العرق الرديئة, والتي هي قمة الرفاهية لهؤلاء البؤساء

 

وأخيراً جاء الأتوبيس, وأثار فزعها نفيره الذي أبهجهم, فقد حمل لهم بشرى العودة إلى بيوتهم البسيطة. هرع الجميع يتدافعون ويتزاحمون للصعود..بينما بقت هي ملتصقة بالرصيف ذاهلة مما ترى...أخرجت جوالها وطلبت من سائقها الحضور في التو واللحظة..معلنة باستسلام...... فشل  تجربة الفقر

 

 

تمت

 

تجربة الفقر

 

قصة قصيرة بقلم. هبة عبد العظيم نور

 

**************************

  

 



تعليقات

  1. الفقر قدر و مكتوب مش تجربة لان اللى بيجرب ليكون عايز يستمتع و الفقر فقير الاستمتاع

    ردحذف
  2. اللهم صل وسلم و بارك على نبينا محمد❤️ أم رفيف

    ردحذف
  3. اللهم لاتجعل الدنيا اكبر همنا

    ردحذف
  4. هههههه حقيقه مؤلمه ربنا يعين الناس
    Wafaa Ali

    ردحذف
  5. فكرتيني بالشعلقة في الاتوبيسات ايام الجامعة
    تحسي ان الاتوبيس يجي كأنه الفرج جه حتى لو هتقفى ع الباب طول الطريق

    ردحذف
  6. كل ممنوع مرغوب هو ده حال الدنيا وما حدش عاجبه حاله
    ربنا يتولانا جميعا يارب

    ردحذف
  7. طيب هو يا أخت هلة مينفعش العكس الله يكرمك 😂😂😂

    ردحذف
  8. 👍
    نور الحق

    ردحذف
  9. أم عبدالرحمن الهيثمي31 أكتوبر 2022 في 1:19 م

    🤣🤣
    هديتشي اتبطيتشي 😂
    ماحدش عاجبة حاله

    ردحذف
  10. سلمت يداك

    ردحذف

إرسال تعليق