الحلقة الثالثة( الفصل الثاني, الجزء الثاني) الليل والدوادي

 

مع ظهيرة اليوم التالي, أرسلت صفية في طلب سائس البهائم. الذي تنظف من أدران الروث وارتدى أنظف ثيابه و آتاها مهرولاً ينتابه الروع. وقف أمامها مرتعداً, زائغ البصر, يشعر بقشعريرة من هول فخامة القصر وفخامة سيدته التي تجلت في ثياب فاخر,على أريكتها تهز ساقيها التي وضعت إحداها فوق الأخرى..جاهد في فتح فمه فخرجت الأحرف مبعثرة: أ.ط..تحت أمرك يا ست

جهزت حالك؟

 

جهزت حالي لايه؟

 

واه! مش جولتلك هتتجوز؟

 

...آنا!!..والله يا ست كنت مفكرك بتتمألسي عليّ

 

اتسعت حدقتاها غضباً ونهرته: فاضيالك آنا عشان آجي لحديك اتمألس عليك!

 

آآآ معلش يا ست, حجك عليّ..آنا ما اجصدش, آنا...

 

أشارت بيدها بعنجهية وقالت: كفاك حديت وتعالى خد مني الفلوس ديّ

 

أخرجت من بين طيات صدرها مبلغاً ومدت يدها إليه فهرع إليها يأخذه منحنياً متهللاً وهو يقول: تسلمي يا ستنا, من يد ما نعدموهاش عاد

 

الفلوس ديّ تاجيب لك بيهم هدمة ناضيفة عشان العروسة ترضى عنيك عاد لما تطلبها من بوها

 

من عيني يا ست...لكن ما تآخذنيش, آنا هتجوز مين؟

 

أطلقت ضحكة ماجنة وقالت: أرجص على سعدك يا كلاف البهايم, هتتجوز سلمى بت كامل بيه الكابيرة

 

اتسعت حدقتاه وفغر فاه من هول المفاجأة. فرت الكلمات من شفتيه وعُقد لسانه. فقالت صفية: مالك يا واه! ما مصدجش روحك ولا ايه!

 

استجمع الكلمات ولهج في ذهول استبد بملامحه: اللي جولتيه ديه يا ست ما يصدجوش عقل..كيف آنا كلاف البهايم اللي مااحتكمش غير على بيت من طين وبالكاد بحصل جوتي وجوت امي , اتجوز بت كامل بيه بت الحسب والنسب!! كيف!!

 

هاها يبجى أمك داعيالك عاد وربنا استجاب دعاها..روح ديلواك جهز حالك, وفي الليل تعاود ع السرايا عشان تطلب البت من بوها

 

...طيب وهو كامل بيه هيرضى إن بته تعيش في بيت من طين بعد ما اتربت في الجصور عاد!

 

يا بوووي. كفاياك رط إنت التاني. راسي وجعتني منيك. جولتلك تاجي في الليل تطلب البت من بوها وما لاكش صالح بحاجة

 

حاضر يا ست, حاضر

 

خرج يهرول, بينما هي تبتسم ابتسامة شامتة ملء فيها ...خرج محمود من غرفته يتثاءب والقى عليها التحية

 

إصباح الخير يا امّا

 

ردت متهمكة: هأ توك صحيت! حمدالله بسلامة امك

 

انفجر ضاحكاً, وهرع يرتمي على أريكتها ووضع رأسه في حجرها, وقال بلهجة طفولية: فليني من القمل كيف زمان يامّا

فألقت برأسه بعيداً وهي تسبه: يا شيخ اتطين باعيد عني. ناجصاك انت التاني!

 

واه! مالك يا امّا ما طايجانيش ليه!

 

ماطايجاش عمايلك. شوف بجالي كد ايه ما نضرت خلجتك. كل يوم تاجي وش الصبح وتصحى مع المغارب. تخرج انت والواد الفقري بدري واد ضوي غفير العمدة وتسهروا للصبح عند المخفية وداد

 

واه! رايداني اعمل ايه طيب! خلاص, افتحيلي عيادة وشغليني داكتور هههه

 

محمود, اخفى من جدامي, ماطايجاش انضرك. اعمل ايه في بختي! حظي إسواد في ولادي التنين. واحد عم يخدم غيري, وواحد مافيش منيه منفعة لا ليا ولا لغيري

 

طب وربنا ظالماني يا امّا. انتِ ماخابراش آنا صاحي بدري ليه, جايبلك مُصلحة زينة زينة لو ريتيها ما هتصدجيش وهتمسكي فيها بيدك وسنانك

 

ومُصلحة ايه ديّ يا خوي!!

 

امبارح يا امّا, خدت الواد بدري واد ضوي ونزلنا المركز اشتري شوية خلجات جاديدة كيف كل شهر, والاجيلك ايه, السرايا اللي عم اشوفها في طريجي وعم تلف راسي لف كل ما نضرتها في الروحة والجاية, مكتوب عليها للبيع

 

واحنا مالنا عاد!

 

مالنا كيف يا امّا. بجولك سرايا مليحة في المركز, في المركز يا امّا, يعني جنب الناس المليحة باعيد عن العالم الفقر بتوع نجع ابو المنصور دول, لازمن نشتريها يا امّا, صاحبها مسافر على بلاد برا عند عياله ومستعجل على بيعها

 

ولينا ايه احنا في المركز عشان نشتروا فيه سرايا! لا سكتنا ولا رجلنا مولفة عليه

 

هتولف عليه يا امّا وهتترتع في سراياته كماني..خبر ايه يا امّا! ما بتزهجيش من نجع ابو المنصور ديه اللي لازجة فيه ليل نهار!

مراعية مصالحي ومصالحكو اللي لو غفلت عنيها هبابة الف يد هتتمد وتسرجني

 

ما يسرجوا يا امّا, هو كان مالنا في الاساس! مااحنا كمان سرجينه هههه

 

لكمته في صدره وسبته: اخرس جطع لسانك اللي عم ينجط سم ديه. المال مالنا واليد اللي تتمد عليه اجطعها

طب خلينا في السراية اللي عم احكيلك عليها, السراية لازماني ياامّا

 

لازماك في ايه يا محسَب!!

 

ههه هتجوز فيها

 

اه وماله, تتجوز وتخلف واصرف عليك وعليها وعلى عيالكو اللي هترازونا بيهم

 

واه! وما تصرفيش ليه يا امّا! المال كاتير عنديكِ, طب دانتِ لو كلتيه وكل صبح ليل ما هيخلُص..جولي بجى انك ما عايزاش تفرحي بيا وتشوفي خلفتي

 

آنا عايزة اشوفك راجل جدامي في الاول, تجف جنب امك وتكون دراعها اليامين

 

يعني وانتِ ناجصة ناس حواليكي يا امّا! دانتِ بإشارة منيكِ النجع كلاته ياجي تحت رجليكِ, واللي مشغالهم عنديكِ كيف النحل اللي عم يشغي

 

حتى لو كان..ولدي حاجة تانية

 

طيب بس اشتريلي السرايا دي. وانتِ هتشوفي محمود ولدك ديه حاجة تانية صُح

 

ودي مطلوب فيها كد ايه ؟

 

ولا حاجة, صاحبها كانه زاهد في المال, طالب فيها عشرين مليون بس

 

يا اخي جاك عشرين ماليون جزمة على دماغك, جوم فز غور من جدامي

 

أمسك بيدها وأخذ يقبلها ويرجوها: وافجي يا امّا, لو ليا غلاوة عنديكِ وافجي, ايه يعني عشرين مليون تفرحي بيهم جلب محمود الغلبان

 

اوف. خلاص يا محمود, موافجة, عشان ما تجولش أمي عم تحرمني

 

حضنها وأخذ يمطر رأسه بالقبلات: ربنا يخليكِ ليا يا امّا وما يحرمنيش منيكِ يا صفية يا ست النجع انتِ

 

ههه هو حد بيقدر ياكل عقلي زييك!

 

طب يلا جومي البسي عشان نلحجوا الراجل بجى

 

اجوم وين! لاه, خليها بكرة, النهاردة جايينا ضيف غالي ع السرايا ولازمن نوضبوا حالنا

 

ضيف! ضيف مين ديه؟

 

ههه مغاوري كلاف البهايم, جبته عشان يخطب سلمى من بوها

 

قهقه حتى كاد ينشق صدره وقال: والله يا امّا انتِ عليكِ مُخ عم يطلع دهب..تستاهل ,بس يا ريتك كنتِ جوزتيه للبت اللي اسميها وطفة عشان جلبي جايد نار منيها وفي تار بايت من زمان

 

دورها جاي ..هتروح مني وين!

 

طب يعني هننزلوا المركز ميتى؟

 

بكرة في الصبح, ديه يعني لو جدرت تصحى جبل المغارب

 

دانا هصحى من الفجر, ولا فجر ايه, دانا ماهنامش من الاساس عشان نلحجوا السرايا قبل ما تتباع

******************************

 

في ذات المساء عاد السائس إلى القصر, بعد أن استبدل جلبابه الرث بجلباب جديد, فبدا مهندم بعض الشيء, اصطحبته صفية إلى الدور العلوي للقاء كامل..فصعد خلفها ملجماً بدهشته, وعيناه تتفرس في الأثاث الفخم ومظاهر الثراء حتى بلغ غرفة كامل..أوقفته خارجاً ودخلت تنادي كامل بصوت جهور: كامل, العريس جه

 

...خليه يدخل

 

تعالى يا مغاوري

 

دلف بأقدام متثاقلة, وحيا كامل منحنياً

 

كيفك يا كامل بيه

 

مليح..اجعد

 

أخذ ينظر إلى المقعدين الفارهين فشعر بالهيبة من الجلوس على إحداهما. فجلس أرضاً, فنهرته صفية: جعدت ع الأرض ليه! جوم اجعد فوج وجول لكامل بيه على طلبك

 

رفع بصره إليها, وهز رأسه باضطراب, ونهض واقفاً, فجلس على المقعد, ترقبه نظرات كامل..ظلت عينا السائس تتنقل في اضطراب بين كامل تارة, والأرض تارة, ولم يستطع أن ينبس ببنت شفة. فوكزته صفية بغيظ وقالت: جول لكامل بيه انت جاي هنيه ليه عاد.

 

فتلعثم قائلاً: ح..حا..حاضر يا ست هجول اها

 

ازدرد ريقه ثم قال بصوت راجف: كامل بيه. آنا .آنا طالب..طالب.. يد بتك الكابيرة

 

ابتسمت صفية ثم ربتت على كتفه في رضا, ثم استدارت إلى كامل, فإذ به ينظر إلى السائس بوجوم, إثر أحاديث تدور برأسه. فكيف به أن يقبل بتلك المصاهرة المنكسة لقيمته وقامته. فهرعت صفية إلى جواره لتحثه على القبول. فهزت كتفه بقوة, وأخذت  تومئ له برأسها, أي وافق يا كامل,,,تنهد كامل, ثم قال بغير رغبة في الأمر.. موافج

 

تنفست صفية الصعداء, ثم ضحكت قائلة: الف بركة يا كامل, هروح اجيب العروسة تشوف عريسها عاد

 

****************************

انطلقت إلى غرفة البنات, وفتحت الباب بعنف, ونادت سلمى بجفاء

 

سلمى

 

فقامت إليها عالية, وسألتها حانقة: عايزة منيها ايه؟

 

فنهرتها صفية بحدة: إنتِ تخرسي وتحطي لسانك في خشمك, جومي إنتِ التانية فزي يللي اسمك سلمى عشان يشوفك العريس.هاها من حجه عاد يشوفك جبل ما يتجوزك..مش يمكن ما تعجبيش كلاف البهايم!! هاهاا

 

أطلقت ضحكة خرقاء..فقامت سلمى تضع حجاباً على رأسها في إذعان استعدادا للخروج مع زوجة أبيها. فصاحت فيها عالية: ما تروحيش مع المرة ديّ, جولتلك ما تروحيش

 

لكن سلمى كالصماء تذرف العبرات بلا روح, فصاحت عالية في زوجة أبيها: والله يا عجربة يا اخت واد الليل يا بت كلاف البهايم, ماحد هيجطع دابرك من السرايا ومن نجع ابو المنصور كلاته غيري. ومهما سويتِ, جوازة اختي من الكلاف ما هتمش

 

انفرج فم صفية بابتسامة ساخرة, وجذبت ذراع سلمى وخرجت غير آبهة بكلام عالية التي زأرت غيظا..كانت وطفة ترقب ما حدث ويدها على خدها, وكأنها تعلم أنه لا سبيل لمقاومة الحية الرقطاء

 

************************

أوقفت الفتاة المرتعدة نصب عينيه, وصوت نشيجها يطن في أذنيه, تفرس في قسماتها غير مبال بسيل الحزن الذي فاض من عينيها.. ذاهل هو, كمقام حقير بسطوا  له فراش أمير..فقد أخذ الأمر بمجامع عقله وألقاه في معقل دهشته..أخرجته صفية عن ذهوله سائلة: ايه رأيك في عروستك عاد؟

 

نطق وما زال بصره معلقاً بالفتاة: وديّ عايزة جول يا ست! هو آنا أطول بت الأصول والمجام العالي!!

 

هاها سمعتِ عريسك حديته مليح كيف! جال في حجك كلام ما جالوش أكبر كابير في النجع

 

اختلست الفتاة النظر إليه, فأجهشت بالبكاء وهرعت مسرعة إلى غرفتها, فانتابه القلق, وقال بوجل: خبر ايه يا ست! هي ما رايدانيش ولا ايه؟

 

واه! واحنا عندينا بنيتا تريد وما تريدش! إحنا عندينا بنيتا مربَيات, يتجوزوا اللي أهاليهم يشاوروا عليه

 

ونعم الرباية يا ست, ونعم الرباية

 

طب روح انت ديلواك وفرح امك بالعروسة المليحة اللي هتنور دارك الخميس الجاي

 

انكب على يدها يقبلها غبطة وسرورا: ربنا يخليكِ لينا يا ست وما يحرمناش منيكِ ومن كرمك..ولا يحرمنا منيك يا كامل بيه

********************************

مع نسمات الصباح الندية,وصياح الديكة, اصطحب عزت والدته بسيارته إلى أرض والده التي يرعاها المهندس حسن..عند تلك الخضار البهيج توقف, وترجلا عن السيارة, أبصرا حسن منهمكاً بين الفلاحين إرشاداً وتوجيها:

 

خلعوا الحشايش اللي مالهاش نفع ديّ, لانها بتاخد من غذا الزرعة وتضعفها, واحنا رايدين الزرعة عفية والمحصول وفير

 

أوامرك يا باشمنهدز

 

ابتسم عزت ولوح بيده منادياً: يا باشمهندس

 

التفت حسن, فأبصر عزت ووالدته, فأشرق وجهه لمرآهما, وهرع إليهما وفاض الترحيب من قلبه: يا مرحب بعمة جميلة الغالية

 

الله يبارك فيك يا باشمهندس

 

اقبل على عزت فتعانقا بود صاف: حمدالله ع السلامة يا دكتور عزت

 

الله يسلمك عاد يا باشمهندس

 

جيت حد باب البيت سألت عنيك مرتين, والمرتين كنت عند عمك سلام

 

أي والله أمي بلغتني, عشان كديه جولت لامي هفطر واعدي ع الباشمهندس في الأرض, جالتلي خدني معاك اطل ع الزرع

 

سألها حسن: وايه رأيك في الزرع عاد يا عمة جميلة؟

 

ودي عايزة رأي عاد يا باشمهندس! يسلم شبابك. ماشاء الله لا قوة إلا بالله. زرع عفي وشاديد كيف ما عودتنا, الكل بيجول يابختك بالباشمهندس حسن, مخلي محصول أرضك أحسن محصول في نجع ابو المنصور

 

كله بفضل الله..ديه عشان عم تطلعي حق الفقير والمسكين من خير أرضك وعمرك ما حرمتيهم, لازمن ربنا يبارك ويزيد

 

الحمدلله, ربنا يجعل الدنيا في يدنا وما يجعلها في جلوبنا يا باشمهندس

 

يارب..صُح نسيت اجولك, عدا عليّ الحاج عبد الباسط ابو ذكري, وكان رايد يشتري المحصول على عوده, لكن ما رضيتش عاد, جولتله ما بنبيع جبل الحصاد

 

عين العقل عاد يا باشمهندس..اهملك مع صاحبك, واروح اجعد تحت النخلة اللي هناك ديّ, اشتجت للجعدة في الغيط, خلي واحدة من البنيتا دولا تعملي كباية شاي ع الوقيد حبر تاجيل تعدل الدماغ

 

ههه على عيني حاضر يا عمة جميلة

 

شقت جميلة طريقها وسط الفلاحات والفلاحين العاملين في الأرض, تلقي عليهن السلام ببشر وبشاشة, فتهلل الجميع لرؤية سيدتهم العطوفة اللينة معهم, رغم علمهم بشدة بأسها وقوة شكيمتها على من يستحق. وردوا التحية بمحبة بالغة..نادى حسن على إحدى الفلاحات

 

نبوية, ولعي الوجيد واعملي شاي لعمة جميلة يكون تاجيل ومتظبط

 

على عيني يا باشمهندس. وانتوا هتشربوا انت والداكتور؟

 

نشربوا, ما نشربوش ليه!

 

راحت الفتاة تجمع الحطب لتشعله بعيداً لتعد الشاي

 

******************

أخذ عزت وجلسا إلى ضفة الترعة يتسامران ويقذفان الحصى الصغير في الماء بين الحين والحين, كما يغلب طابع الطفولة على الراشدين أحياناً في خلسة عن الوقار..تنهد حسن بعد هنيهة من صمت وقال: آنا ريتك يا عزت ليلة ما كنت خارج من سرايا خالك كامل بيه

 

ريتني!! كيف وآنا ما نضرتكش!

 

...عشان كنت غضبان وما شايفش جدامك

 

تنهد عزت وصمت

 

فأردف حسن: آنا عارف إن ليكم حق عند خالك كيف ما النجع كلاته عارف, لكن والله ما بيدي يا خوي عزت. آنا لو..

 

قاطعه عزت: ماعليكش لوم يا حسن, ولا الحق عنديك, وخابر زين انك مغلوب على أمرك في السرايا وما في يدك حيلة

 

التقط حسن دبشة والقاها في الماء بعنف وشديد غيظ وقال متضجراً

 

.....ربنا عالم آنا بكره السرايا ديّ كد ايه من صغري. كانها سجن وحديده راشج في صدري وما عارفش أخلص منيه..كاتير لميت خلجاتي عشان أهمله واعيش في دار جدتي الله يرحمها, بعد امي ما هدت دار بوي وخفت أثرها..لكن أمي لما تنضرني مفارج بتبكي وتتحنن عليّ ما اهملهاش وتجولي ما هسمحاكش لو عصيتني...بخاف أكون عاق وربنا يحاسبني..طلبي لرضا ربي هو اللي مصبرني ع العذاب ديه...أمي مهما كان, وما اجدر أخالف أمرها, طالما ما أمرتنيش بمعصية

خابر يا حسن..موقفك صعب ومافيش حاجة في يدك..لكن آنا ما ههملش حق أمي في يد خالي مهما طال الزمن

 

ربنا يردلك حقك يا عزت

 

عادا إلى الشاي يرتشفانه..فحاول حسن أن يستعذب حديث آخر: ما جولتليش صُح, كيفه سلام بيه؟

مليح الحمدلله..كان هيسافر على اسكاندارية بكرة في الصبح, بس أجل السفر كام يوم عشان ياخد مرته وبته معاه..وبعد ما يعاود, لينا مع خالي كامل جول تاني

 

هكذا عاد إلى حديث الحقوق..فصاحب الحق لا تخمد نيرانه إلا بعودة حقه

*******************************

في ذات الصبيحة والتي سافرت فيها صفية وولدها محمود إلى المركز لشراء القصر الذي وعدته به بتكتم عن الجميع, خرجت عالية من القصر على عجل , عامدة قصر السيد سلام, والذي هاله وزوجته تلك الزيارة الباكرة لضيفة لم تمر بأعتابهم يوما..استقبلها السيد سلام بترحاب يشوبه ارتياب. فبادرت تقطع شكوكه: ما تآخذنيش يا عمي سلام, إني جيت في وجت كيف ديه, والله ما جابني غير الشديد الجوي

 

خير يا بتي

 

لاه مش خير يا عمي. آنا جاياك تشوف صرفة مع بوي اللي عايم على عوم مرته, وجبل بكلاف البهايم اللي جابته يتجوز سلمى اختي الكابيرة

 

بهت الرجل وزوجته وتبادلا نظرات الدهشة. جاهد السيد سلام في كظم غيظه الذي اتقد في عينيه, فردت السيدة:

 

كيف يا بتي بوكِ يرضى يحط مجامه في الطين كديه! حد يهون عليه ضناه!

 

يكفيكِ شر السم اللي عم تبخه مرته في ودانه من جبل ما تدخل السرايا. بوي كانّه مسحور وما واعيش بيجول ايه ولا عم يسوي ايه

 

بس كديه ما يرضيش ربنا, لازمن حد يتدخل ويمنعه

 

عشان كديه جيت لعمي سلام وعشمي فيه كابير

 

هز سلام رأسه بأسى وقال: لو كان الأمر بيدي يا بتي, ما كنت سمحت لبوكِ يسوي في اختك كديه. لكن آنا ماليش حكم.. في الأول والآخر ديه بوها وهو المسؤل عنيها

 

انتفضت الفتاة عن مقعدها وقالت بحنق شديد:يعني ايه يا عمي! نهمله يظلم اختي الكابيرة كيف ما ظلم امي ونحطوا يدنا على خدنا ونجولوا نصيبها كديه! آنا جيتك يا عمي سلام عشان ماحدش يلوم عليّ ويجول بت مالهاش كابير وماشية براسها, لكن يمين بالله لو ما كنت الاجي حد يجف في وش بوي ومرته لكون جاتلاها المرة ديّ ومالهاش عندي دية

 

شهقت زوجة السيد سلام : يا مري! جول حاجة يا سلام

 

طب بس اجعدي يا بتي خلينا نتحدتوا بالعقل

 

عقل ايه يا عمي! هو اللي عم يسويه بوي ديه ما يخليش الواحد عقله يشت منيه!

 

اقعدي واستهدي بالله واسمعي الحديت لآخره

 

لا إله إلا الله

 

جلست الفتاة, فقال السيد سلام: آنا هكلم العمدة ونجمعوا كبارات النجع ونروحوا لبوكِ لحد باب سرايته ونكلموه بالحسنى ونرجعوه عن الجوازة ديّ

 

يا ريت يا عمي, عشان لو ما رجعش, هيبجالي جول تاني ماحد هيرجعني عنيه

 

طيب يا بتي. اتوكلي على الله و ارجعي السرايا ديلواك واطمني

 

تسلم يا عمي. فوتكو بعافية

 

هرعت خلفها زوجة السيد سلام: طب اجعدي افطري معانا يا بتي

 

تعيشي يا خالة نجاة

 

بالسلامة يا بتي

 

اغلقت الباب خلف عالية برفق وهي تقول بأسى : الله يكون في عونك عاد يا بتي..ايه اللي عم يحصل ديه يا سلام. آنا ما مصدجاش اللي سمعته

 

افرج السيد سلام على ثورة حبيسة قمعها في وجود الفتاة, فصاح غضباً: جن كامل ابو الحجاج, جن . ومش من ديلواك, من زمان, من وجت ما صدج في مرته بت الأصول حديت الزور اللي اتجال في حجها. ديلواك لازمن حد يجف جصاده قبل ما يضيع البنيتا كيف ما ضيع أمهم. ناوليني العمة والعباية, آنا رايح للعمدة

 

طب بس استنى اما نفطروا عاد, وبعدها تروح وين ما بدك

 

افطري انتِ وبتك, آنا ما عايزش وكل ولا شرب ديلواك, يلا همي

 

حاضر يا خوي حاضر. ربنا يعديها على خير الحكاية الملخفنة ديّ

****************************************

استشرف عمر مدخل القرية, فمشى إليه واثق الخطى, إلى جواره صديقه المضطرب الفؤاد زائغ العينين كالمقبل على الجحيم...عند مدخل القرية لمحهما أحد رجال صفية فهرع إليهما بوجه متجهم واستوقفهما.سألهما بصوته الأجش: على وين يا جدع انت وهو ؟

 

ارتعدت فرائص منتصر ونظر إلى صديقه والخوف قد جحظ من مقلتيه, فطمئنه عمر بنظرة خفية. ثم رد على سؤال السائل:

 

أنا عبد الله, وديه خوي عبد الجليل. معلش ما بينطجش عشان لسانه تاجيل

 

إمعاناً في إتقان دوره, أخذ منتصر يستخدم بعض الإشارات بيديه ويصدر أصواتاً غير مفهومة كما يصيغ الأبكم حديثه

 

آآآآآ

 

فقال الرجل: آآه عشان كديه..وانت من وين يا عبد الله وايه جابك نجع ابو المنصور؟

 

إحنا من نجع ابو مسالم, وبوي شيعنا عشان نشتري باهيمة من السوج

 

نظر إليهما في ارتياب, وأخذ يفرك ذقنه, ثم قال! سوج! سوج ايه عاد!

 

سوج النجع, مش في سوج هنيه ولا ايه!

 

أطال نظرة ريب إليهما, ثم قال: ادخل انت وخوك واسأل أهل النجع, يمكن حد يدلك ع السوج عشان تشتري الباهيمة

 

سمح لهما بالدخول ولم يصرح بأمر ارتيابه. أرسل خلفهما من يرقب خطواتهما

 

 

*****************************

ولحد هنيه وخلصت حلجتنا

 

اشوفكم السابوع الجاي إن شاء الله

 

وعايزة اسأل عن الناس الغاليين الغايبين عن التعليجات وهما عارفين نفسيهم مليح ومافيش داعي منيه الحديت

 

نتمنى نشوفوا اساميكم منورة في التعليجات  إن شاء الله

 

ورايدة أشكر الغاليين الحاضرين والمنورين ديما واللي كل كلمة بيكتبوها بجراها بجلبي جبل عيوني

 

أم رفيف, أم رقية, جوجو, أم هبة, هدى البليسي, بسملة ,عفاف, دكتورة مدلين, أم عبد الرحمن الهيثمي, شيماء سعيد, اسماء, حواء أم هالة, نور الحق, أم جهاد وشمس, كاميليا محمد, أم عبد الرحمن الهيثمي, دكتورة رشا, وفاء علي, زيزي عبد السلام, أم حمزة, إيمان إبراهيم..واخيراً بنوتتي الجميلة رقية, روح طنط اللي منورة المدونة ربنا يحفظها حبيبة قلبي

 

 

لا تنسوا الاكثار من ذكر الله والصلاة على رسول الله صل الله عليه وسلم

 

اللهم صل وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله