السادسة عشر ( حارة الموعودين)
كانت المعلمة جباير
تقرقر بنارجيلتها عند الظهيرة في ردهة المنزل، حين سمعت جرس الباب، فنادت غادة
القابعة في غرفتها:
يا غادة، تعالي يا بت
شوفي مين ع الباب... يا غادة
خرجت متأففة:
يعني يا ماما تخرجيني
من اوضتي عشان افتح الباب! هي الزفتة اللي اسمها سوكا فين؟
راحت مشوار عائلي
عائلي! هي دي عندها
عيلة! أوف
دق الجرس مرة أخرى،
فصاحت بها والدتها:
روحي يختي افتحي واعملي
حاجة مفيدة بدل خساير الشركة اللي نازلة ترف على دماغك ودماغنا، ومش ناقصين نفخ ع
الصبح.
زفرت مرة أخرى واتجهت
إلى الباب تغمغم بضيق:
أنا عارفة ايه اللي
خلاني خدت اجازة من الشركة النهاردة!
فتحت الباب فألفت أخاها
رضوان أمامها:
رضوان! هه انت لسة
فاكرنا!
ههه ازيك يا غادة،
وحشتيني
ايوة ما انت عشان كدة
بتسأل عليا، دانا بقالي شهرين ما شوفتكش
سوري يا غادة، والله مش
فاضي والشغل واخد كل وقتي، غير اني لسة بدور على عروسة جديدة
ييييي والله أنا اتخنقت
من كتر جوازاتك و طلاقاتك. انت ما بتزهقش!! أنا اتجوزت مرة واطلقت وتوبت ومش ناوية
اكررها
هههه عبيطة... ماما
فين؟ جاي أصالحها عشان الموقف السخيف اللي حصل يوم فرح بابا
ما تفكرنيش بالليلة
العجيبة دي. ادخل،ماما قاعدة بتشرب شيشة هناك اهيه
طب مزاجها رايق ولا
معكر؟
ده سؤال برضو! ماما على
طول مزاجها معكر وبتتخانق مع دبان وشها
ربنا يبشرك بالخير..
طيب هدخل عشان استلقى وعدي
اتجه إلى والدته
يناديها مبتهجاً:
الملكة، ست الكل، مساء
الفل على ست المعلمين
حدجته بنظرة باردة،
ونفثت أوار النارجيلة، وزوت وجهها عنه، فانكب على يدها يقبلها ويقول ضاحكاً
يستعطفها:
أهون عليكِ يا ست الكل؟
نتشت يدها من بين يديه،
وصاحت به غاضبة:
ايوة تهون. طالما بعتني
لابوك ووقفت في صفه وضحكت اللي يسوى واللي ما يسواش عليا، يبقى تهون، وحسابي معاك
مسيري أصفيه، بس حظك اني مش فاضيالك اليومين دول. واتفضل روح مطرح ما جيت
قال ضائقاً:
يا ماما أنا مش عارف
انتِ مش عايزة تصدقيني ليه! قولتلك إني ما كنتش أعرف أي حاجة عن المقلب اللي بابا
عمله فيكِ، وإني اتفاجئت بكل حاجة زيي زييك. يبقى تاخدي موقف مني ليه!
تنهدت ولوت شفتها،
وعادت لنارجيلتها، فشعر أنها لانت بعض الشيء، فأخرج علبة مخملية صغيرة من جيبه،
وجلس إلى جوارها، فتح العلبة فظهر خاتم من الماس بفص من الياقوت الأحمر، فقدمه
إليها باسماً:
اتفضلي يا ست الكل،
عربون صلح، ولو انه ما يليقش بالمقام العالي يا ملكة حارة الموعودين. خاتم ألماظ
حر بفص ياقوت
نظرت إلى الخاتم
بامتعاض، ولوت شفتها وقالت بازدراء:
ياما جاب الغراب لامه.
ايش فهمك انت في الالماظ!
ههه حقك يا ست الكل يا
ملكة المجوهرات.. سماح بقى يا ماما، دانا برضو رضوان حبيبك
زفرت أوار النارجيبلة
وتنهدت، وقالت:
خلاص، سماح يا رضوان
اعتدلت وأردفت بلهجة
تحذيرية غليظة:
بس ورحمة شرف ابوك لو حصل من ابوك مغرز تاني من
غير ما تبلغني، هتكون القاطعة المانعة اللي بينا
تبسم بارتياح، وأخرج
علبة السجائر الباهظة الثمن من جيبه، أخرج سيجاراً وأشعله بقداحته، سحب نفساً وزفر
أوراه في الهواء وقال:
أوعدك يا ست الكل إني
لو عرفت أي حاجة، هبلغك
دق جرس الباب، فقالت
له:
روح افتح يا رضوان،
تلاقيها البت سوكا جت
ايه! أنا افتح لسوكا
الخدامة!
يوه! أومال اقوم افتح
انا وانت قاعد زي التيس!!
خلاص يا ماما، خلاص، من
غير غلط
ذهب إلى الباب متأففاً،
وفتح، فألفى سوكا أمامه وخلفها ابنة عمها، وكان على وجهها فرحة البشرى، فقالت إذ
هو يطالع ابنة عمها بازدراء:
انت هنا يا سي رضوان!
يا ألف أهلاً
أهلاً يختي. مين البت
اللي معاكِ دي؟
دي بنت عمي، ادخلي يا
زوبة
حيته زوبة:
سا الخير يا بيه
طالعها بازدراء وهو يدخن
سيجارته، نفث الأوار بتعال، واستدار عائداً إلى جوار أمه ، فرفعت زوبة نصف شفتها
العلوي امتعاضاً، وهمست في أذن سوكا؟
هو ماله الجدع ده قرفان
مننا كدة!
مالكيش دعوة بيه، انتِ
جاية للمعلمة، تعالي ورايا
تبعتها إلى حيث المعلمة
جباير، وقالت بفرحة عارمة:
البت زوبة طلعت من
الحبس يا معلمة، وطي على ايد المعلمة بوسيها يا بت يا زوبة
انكبت زوبة على يد
المعلمة تقبلها وتدعو لها بطول البقاء:
ربنا يخليكِ لينا وما
يحرمناش منك يا أجدع معلمة في حارة الموعودين، ويقدرنا على رد جمايلك يا عسل
قهقهت المعلمة وقالت:
كفارة يا بت. اديني
طلعتك من حبستك، ناقص بقى تردي الجميل
أشارت إلى عينيها وقالت
بحماس:
من عيني دي قبل عيني دي
يا كبيرتنا
سحبت المعلمة نفساً من
الأرجيلة ونفثته في الهواء وقالت:
البت سوكا قالتلك ع
المشوار اللي عايزاكِ فيه؟
ايوة، سوكا رستني ع
الدور من أوله، ومستنية إشارة من صباعك الصغير
نفث المعلمة أوار
النارجيلة وهزت رأسها باستحسان وقالت:
ماشي. امشي انتِ دلوقتي
يا زوبة، واستني مني تلافون
حاضر يا معلمة، سلام
اتجهت زوبة لباب
المنزل، تتبعها سوكا، وطفقتا تتهامسان، تتبعهما نظرات رضوان المندهشة، استدار
لوالدته و سألها:
مين زوبة دي يا ماما؟
ومشوار ايه اللي عايزاها فيه؟
ما تحطش في بالك يا
رضوان... روحي يا بت يا سوكا اعمليلنا اتنين شاي، ولا تشرب قهوة يا رضوان؟
لا خليها شاي، أنا
القهوة بتاعتي بشربها في الكافيه اللي متعود عليه، ماحدش يعرف يظبط القهوة غيرهم
وماله، يبقى خلينا في
الشاي، اتنين شاي يا بت يا سوكا، وخفي رجلك
عيني يا معلمة
قالت لرضوان قبل أن
تنصرف والفخار ملء ناظريها:
سي رضوان، مش المهرجان
بتاع اخويا رضا المطرب اللي هيولع الدنيا، المعلمة هتعمله الجمعة الجاية وشباب
الحارة وبناتها كلهم هيحضروا! مش هتيجي مع المعلمة يا سي رضوان؟
لوى شفته ساخراً وأشاح
بوجهه، فامتعضت، ووجهت خطواتها إلى المطبخ
فجأة، سمعوا طرقاً
مدوياً على الباب، فاتسعت أحداق الجميع، حتى غادة في حجرتها، فخرجت تتبين ما
الأمر، فتحت سوكا، فألفت أمامها المهندس محمد شحتة والشرر يتطاير من عينيه، شعرت
بالرعب، وكأنها تيقنت من سبب غضبه، فقالت بارتجاف:
في حاجة يا سي شحتة؟
دفعها إلى الداخل،
وأمطرها بوابل من الصفعات فعلا صراخها،
آآآه آآآآه حرام عليك
يا سي شحتة، هو انا عملت ايه! آآآآه
فانتفضت المعلمة وولدها عن مقعديهما، وصاحت به:
ايه اللي بتعمله ده يا
ياض يا شحتة! وازاي تتجرأ تيجي البيت من غير إذني! انت اتجننت!!
صاح بها:
ايوة اتجننت، اتجننت
لما بقت حياتي مستباحة من حيوانة زي دي. قوليلها عملت ايه مع ملك خطيبتي، قوليلها
انها بعتت كلبة من عينتها تفتري على ملك والموضوع ينتهي انها تروح قسم شرطة
والبوليس يحقق معاها
نظر إلى رضوان وصاح به
مهتاجاً:
يا رضوان باشا، قول
للمعلمة تبعد خدامتها الحقيرة عن سكتي، وإلا المرة الجاية هقتلها
وجه تحذيره إلى سوكا
التي تضع يديها موضع صفعاته باكية:
لو اتعرضتِ لملك مرة
تانية، أنا همحيكِ من على وش الأرض، وده آخر تحذير يا حشرة
استدار إلى رضوان، وأطال
نظرة حادة في عينيه ، وأنفاسه ثائرة في صدره، فبدت نظرات الشفقة في عيني رضوان
دونما كلمة، فهرع المهندس محمد شحتة إلى
باب المنزل غاضباً، غادره وصفع الباب خلفه تتبعه نظرات سوكا من خلف العبرات،
فاشتعل الغضب في قلب رضوان تجاه سوكا، فانقض عليها، وأمسك بجمتها، بيد، واليد
الآخرى بها سيجارته، وصاح بها:
عايزة ايه من المهندس
محمد شحتة يا بت؟
صاحت متألمة باكية
بصراخ:
مش عايزة حاجة يا سي
رضوان، مش عايزة حاجة
صاحت غادة غيظاً منها:
بصراحة البت دي زودتها
قوي يا رضوان، وحاطاه في دماغها وعايزة تاخده من خطيبته بأي طريقة.هي حصلت انها
تودي خطيبته القسم!
قبض رضوان على ذراع
سوكا بغلظة، وأطفأ سيجارته المشتعلة في ذراعها وهو يسبها، فصرخت من شدة الألم:
آآآه دراعي، حرام عليك
يا سي رضوان
دفعها إلى الأرض، وأخذ
يركلها، وسط ضجيج صراخها، ثم وضع حذاءه على رأسها وأخذ يتوعدها:
اسمعي يا بت، إياك
تتعرضي مرة تانية للمهندس محمد شحتة ولا خطيبته. اعرفي مقامك وما تبصيش للي أعلى
منك، وإلا بشرفي هدمرك
ردت ناشجة مرتجفة:
حاضر يا سي رضوان، حاضر
بس اعتقني لوجه الله
صاحت به والدته غاضبة:
ما كفياك يا رضوان
بهدلة في البت، هو كان حصل ايه لده كله! خناقة بنات وانفضت، ايه اللي حشرك انت!
صاح غاضباً:
يا ماما كفاياكِ انتِ
يا ماما، يعني مش كفاية اننا ظلمناه مرة يوم ما حرمناه من وظيفة محترمة، ورميناه
في الشغلانة اللي قلت قيمته دي! كمان عايزاه يسيب خطيبته الدكتورة عشان تجوزيه
خدامتك!! انتِ عايزة توصليه لفين بالظبط! ما تشيليه من دماغك
ما تلم نفسك يا رضوان.
هو مين ده اللي احطه في دماغي ولا استعناه ياض!! البت سوكا بتحبه، مالي أنا! كنت
دخلت جوا قلبها وقولتلها حبيه! شيل جزمتك من فوق راسها، هي كانت أجرمت ولا أجرمت
لما حبت النحنوح!!
هز رأسه وزفر ضائقاً،
رفع حذائه عن رأس سوكا، وهرع إلى باب المنزل، فحدجت غادة والدتها بنظرة استياء،
وعادت إلى غرفتها، فنظرت المعلمة إلى سوكا وقالت:
قومي يا بت يا سوكا،
قومي ولا يهمك من اللي حصل.. شيلي الواد شحتة من دماغك واعتبريه كلب وراح. عيشي
لروحك ودلعي روحك يا بت، بلا حب بلا طين، خدنا ايه من الرجالة إلا الهم!! قومي يا
بت شغليلنا فيلم حلو كدة كله رقص ومغنى يفرفشنا، وهاتيلنا الكاجو والفستق والبندق
وعين الجمل خلينا نتسلى
نهضت عن الأرض بتثاقل،
متألمة من الجرح في ذراعها، وقالت ناشجة:
حاضر يا معلمة
اغسلي وشك وروقي كدة،
وحطي مرهم الحروق ع الحرق اللي في دراعك، وفرفشي وانسي الدنيا، إياك ترجعي معيطة
غمغمت وروحها تحترق:
وحرق قلبي أداويه بإيه
يا ناس!!
هزت رأسها انصياعاً
للأمر، والدموع تنهمر من مقلتيها، أعلن قلبها توبته عن المحبوب، ونكست بيرق العشق
******************************************
كانت هناء تساعد
والدتها في المطبخ، فقالت لها والدتها:
يلا شهلي شوية يا عروسة
عشان نبعت الغدا لعريسك ههه زمان الدكتور هشام على وصول
أنا خايفة مامته تزعل
اننا بنأكله
وهتزعل ليه! يعني نسيبه
من غير أكل لحد هي ما ترجع من عند أختها!!
والله يا ماما أنا
خايفة منها قوي لتبوظ الجوازة، وتقول لهشام كلام وحش عني
لا ما تخافيش، هشام
عارف كل الكلام الوحش اللي بيتقال عنك، ومع ذلك جه خطبك، يلا بقى اعملي طشة
الملوخية، دي عجبته قوي المرة اللي فاتت
الطشة اللي عجبته؟
ييي الملوخية يا هناء،
طشة ايه اللي هتعجبه! احنا نزلناله طبق ملوخية ولا طبق طشة! وخلصيني بقى وسيبيني
اعمل صينية الرقاق ابو لحمة مفرومة
هزت هناء رأسها، وشرعت
في الأمر الذي طلبته والدتها، ولكنها سمعت جرس الباب
جرس الباب يا ماما
روحي افتحي، وانا هعمل
الطشة
حاضر يا ماما
ذهبت هناء لتفتح، فألفت
أمامها والدة هشام، فشهقت فزعاً، وقالت:
طنط ام هشام
تبسمت أم هشام وقالت
بلطف:
ازيك يا هناء يا بنتي
يا حبيبتي؟ عاملة ايه وحشاني قوي، قوي يا روحي
اتسعت حدقتا هناء، وأشارت
إلى نفسها وقالت بدهشة؟
أنا يا طنط!!!
ايوة انتِ يا نن عين
طنط.. أنا جيت من عند أختي جري على هنا، حتى ما دخلتش شقتي، أصل أنا عايزاكِ في
كلمتين.. ممكن أدخل؟
ردت الفتاة بعينين
مرتابتين:
اتفضلي يا طنط
دخلت أم هشام وقالت وهي
متجهة لأحد الأرائك:
هي ماما مش هنا ولا
ايه؟
لا ماما هنا، بتطبخ
لهشام ملوخية ورز وفراخ وصينية رقاق باللحمة المفرومة، ولازم سلطة عشان هو بيقول
ما تبعتوليش أكل من غير سلطة عشان مفيدة لصحته، ازي صحتك يا طنط؟
كمتت أم هشام غيظها
وغمغمت وهي تفرك يديها:
والله عال يا دكتور،
أتاريك ما بتسألش على امك، طبعاً، هايص في الملوخية والرقاق ابو لحمة مفرومة، ولا
هامك عمر امك اللي هيضيع بسبب عمايلك
مالت هناء برأسها
وسألتها:
حضرتك بتقولي حاجة يا
طنط؟
لا يا روح طنط، أنا بس
بدعيلك في سري، ربنا يحنن قلبك عليا
أمسكت بذراع الفتاة
برفق وقالت:
اقعدي يا حبيبتي عايزاكِ في كلمتين
حاضر يا طنط
جلست الفتاة وقالت
بعينين زائغتين:
نعم يا طنط
قالت ام هشام باستعطاف:
يا هناء يا حبيبتي، أنا
بعتبرك بنتي اللي مخلفتهاش، وطول عمري ادعيلك بالزوج الصالح
الحمدلله ربنا استجاب
لحضرتك وهشام خطبني
آه ما هو من حظ امه
تباكت أم هشام وقالت
بنشيج مصطنع:
يعني يرضيكِ يا هناء يا
بنتي انك تتجوزي هشام وانا اموت؟
وتموتي ليه يا طنط؟
توقفت أم هشام عن
البكاء المصطنع وقالت بغيظ:
اموت ليه ازاي! يا بنتي
انتِ ما شوفتيش كام واحدة ماتت ليلة خطوبتك من ابنها!
عمرهم كدة يا طنط،
اعملهم ايه!
يا حبيبتي انتِ عايزة
تفرسيني! يا بنتي اتقي الله فيا وفي شبابي اللي ما اتهنتش بيه. هستفيد ايه أنا لما
تتجوزي ابني وأنا اكون من الأموات بسببك!
يا طنط أوعدك انك لو
موتي هاجي ازور قبر حضرتك كل أسبوع واحط عليه ورد
يختيييييي دانتِ
ناويالي نية سودة بقى، مخططة تموتيني وتيجي تزوري قبري
أموت حضرتك ازاي! يا
طنط ما حدش بيموت غير في اليوم اللي ربنا كاتبه، أنا ماليش دخل
يا شيخة اتقي ربنا بقى،
شوفيلك شوفة غير ابني وحلي عن سمانا
هو حضرتك عندك سما غير
بتاعتنا؟
يا نفوخييي، يا نفوخي
يا امّاااا
خرجت أم هناء من
المطبخ، وقالت وهي تجفف يدها بمنشفة صغيرة
سلامة نفوخك يا ام
هشام، ليكِ وحشة والله
انتفضت عن مقعدها وثارت
في وجه أم هناء
الهي تشوفي كل وحش انت
وبنتك، إن ما كنتيش تبعدي عن ابني
احنا يا حبيبتي لا
قربنا من ابنك ولا جينا جنبه ولا رمينا شباكنا عليه، ابنك اللي جه بمحض ارادته
وخطب بنتي، وابوه موافق
ايوة يختي، ابوه موافق
وبنتك موافقة وانتِ موافقة وعملاله ملوخية وعمالة تزغطي فيه زي دكر البط عشان
تنسيه امه اللي هتجيبوا أجلها
الأعمار بيد الله وحده
يا حبيبتي.. هبعتلك الغدا بتاعك زي هشام، أكيد مش هتقدري تطبخي، ما انتِ راجعة
تعبانة من عند اختك.. ألا هي عاملة ايه بصحيح؟
حدجتها أم هشام بنظرة
متقدة من فرط برودها وثقتها منقطعة النظير، خرجت من الباب وصفعته خلفها، ونزلت
الدرج تحادث نفسها:
لا، لا، أنا ما اديش
عقلي لغيري، دول ساحرينله، ساحرينله، ساحرينله. دي الولية بتتكلم زي ما يكون الواد
في جيبها. منك لله يا ام هناء انتِ وبنتك النحس. واستنى عليا يا هشام، بس اما اشوف
وشك
فتحت باب شقتها،
واندفعت إلى الداخل مغتاظة، خلعت خمارها وألقته على الأريكة، وجلست تفرك يديها
غيظاً، فسمعت المفتاح يدور في الباب، فأدركت أنه هشام، فوضعت يدها على خدها،
وأشاحت عنه بوجهها، تهلل حين رآها:
أمي، ايه النور ده!
رجعتي امتى؟
اعتدلت وردت بضيق:
وانت كنت عايزني أرجع
ولا عايز تشوف وشي! ما انت بقالك عيلة تانية وأم تانية عمالة تأكلك المحمر والمشمر
والملوخية. هتسأل في امك ليه!
هههه انتِ عرفتِ إن
خالتي أم هناء بتبعتلي الغدا كل يوم؟
أه ما هم بيدربوك على
العيشة من غيري بعد ما يجيبوا أجلي
بعد الشر عليكِ يا أمي
الشر انت جبتهولي لحد
باب بيتي
انتفضت عن مقعدها وقالت
بلهجة تحذيرية:
هشام. انسى موضوع جوازك
من البت ام بوز فقر دي
رد عابساً:
أمي من فضلك، أنا هتجوز
هناء، ومش هتجوز غيرها. أنا لقيت فيها فتاة أحلامي
قصدك فتاة نحسك يا عين
امك
من فضلك يا أمي ما
تتكلميش كدة عن هناء. أنا بحب هناء ومش شايف في الدنيا غيرها
شهقت وضربت على صدرها
وقالت:
سحرولك يا هشام، سحرولك
وشبشبولك
يا امي ايه الكلام ده!
سحر ايه بس! أنا واعي جداً للي بقوله وللقرار اللي اتخذته، وقريب قوي هنجيب الشبكة
إن شاء الله
أخذت أم هشام تولول
وتبكي:
يا دي الشبكة السودة
اللي هنتشبكها. راح شبابك هدر يا سميحة، يا صغيرة وما شبعتيش من النيا
يا أمي ما تقوليش كدة
أرجوكِ.. أنا هثبتلك إن هناء مش نحس
ايوة ابقى تعالالي
الأرافة وتف على قبري واثبتلي.. بس يكون في علمك يا هشام، أنا هموت وانا غضبانة
عليك وعلى المنحوسة اللي هتجيب أجلي يوم خطوبتكو.. وابقى عيش بقى بذنبي وضميرك
يأنبك طول عمرك. بكرة تندم لما تشوف قدمها النحس، وتقول يا ريتني سمعت كلامك يا
امّا، بس هيكون فات الأوان
يا أمي تفائلوا بالخير
تجدوه
قالت باستعطاف:
يعني خلاص يا هشام يا
ابني يا حبيبي؟ مافيش أمل ترجع في الجوازة دي عشان خاطر شباب امك اللي هيروح هدر؟
يا أمي ده موضوع
محسوم.. عن إذنك هطلع أجيب الغدا من عند خالتي ام هناء وراجعلك حالاً
خرج هشام من المنزل
وصعد الدرج بخفة، فجلست أم هشام تقول باستسلام:
خلاص، مافيش مفر، هشام
ابني زي اللي على عنيه غشاوة ورايح يرمي نفسه في بير، وساحب امه من ايديها ع
الأرافة ومش هامه اهئ اهئئ يا خيبتك في ابنك يا سميحة، لا حنية ولا رحمة ولا عنده
دم... جايالك يا امّا، جايلك يا خالتي نحمده. الله يسامحك يا هشام يا ابني انت
وابوك اللي عايم على عومك
عاد أبو هشام من
الخارج، فتفاجأ بزوجته:
سميحة! انتِ جيتِ؟
ومالك اتخضيت كدة زي اللي شاف عفريت!
ههه وانتِ الصادقة أنا
شوفت قمر
أه قمر في ليلة كحلي..
ازيها يا صادق؟
هي مين دي؟
بهية بنت خالتك اللي
ناوي تتجوزها بعد ما تدفني! والله وهيخلالك الجو وتاخدها وتروحوا السيما
ايه يا سميحة اللي
بتقوليه ده! وانا مالي ومال بهية!
مالك ومالها ازاي يا
صادق! انت مش كنت هتخطبها قبل ما تخطبني!
يا ست وما حصلش نصيب
وبهية اتخطبت، وانا جيت خطبتك وعيشت معاكِ احلى سنين عمري يا ام هشام يا وش
الخيرههه
سنين عمرك اللي جاية
احلى مع بهية
يسمع من بقك ربنا يا ام
هشام
يا ليلة مش فايتة! انت
بتغيظني يا صادق! يبقى انت ناوي صحيح تتجوزها بعد ما اموت
يا ست يمكن انا اسبقك
واموت قبلك. حد عارف عمر مين هينتهي قبل مين!
لا اطمن، هناء النحس
بتموت أم العريس اللي يخطبها مش ابوه
يا ولية شيلي الكلام
الفارغ ده من دماغك
ايوة ما انت عايز تخلص
مني والدنيا تبقى بمبي وتعيش على هواك مع حبيبة القلب
ههههه كل واحد بياخد
نصيبه يا ام هشام
بقى كدة يا صادق!! يعني
مضحي بيا بعد العمر ده كله يا خاين العشرة! اهئ اهئئئئ
ابداً يا أم هشام. لكن
بجاريكِ في الكلام اللي بتقوليه.. هي أم هناء ما بعتتش الغدا؟
اتسعت حدقتاها وقالت
بدهشة:
حتى انت بتاكل من اكل
ام هناء؟
ايوة، ما هي كتر خيرها
بتعمل حسابي... عارفة أكلها بيفكرني بأكل مين؟
بأكل امك؟
لا. أكل بهية بنت خالتي
هههههه
يا لهووووي حوشوا عني
الراجل الفراس ده
قهقه الحاج صادق، ونزل
الدكتور هشام، يحمل صينية الغداء، وعلامات البشر على وجهه، فوضع ما بيديه على المنضدة و زف إلى والديه البشرى:
باركولي يا جماعة،
هنروح أنا وهناء ووالدتها بكرة نجيب الشبكة، وهنعمل الخطوبة في شقتهم يوم الخميس
الجاي إن شاء الله
وقع الخبر على رأس
والدته كالصاعقة، فهبطت في المقعد، بينما تهلل وجه والده، واحتضنه وهنأه:
ألف مليون مبروك يا
دكتور، ربنا يتمم بخير يا ابني
الله يبارك فيك يا بابا
أخذت أم هشام تحادث
نفسها ناشجة:
يوم الخميس الجاي! يعني
كل اللي فاضلي في الدنيا لحد يوم الخميس الجاي! منك لله يا هناء، حسبي الله ونعم
الوكيل فيكِ وفي امك... اعمل ايه يا اخواتي! اروح فين واجي منين! الواد وابوه
بايعني ومش هاممهم اهئ اهئئئ كدة يا صادق يا عشرة عمري! ما كنتش عارفة إني رخيصة
عندك كدة وعايز تخلص مني.. يا ميلة بختك في ابنك وجوزك يا سميحة اهئ اهئئئئئ
**************************************
اتخذت نعمة قرارها
بقبول العمل، لدى عمة الأستاذ عمر، بعدما استخارت الله.. هاتفته لتبلغه قرارها، رد
على الهاتف:
أهلاً يا أنسة نعمة
أهلاً بيك يا أستاذ
عمر. أنا خلاص قررت أقبل الوظيفة اللي حضرتك عرضتها عليا
طيب كويس جداً. يبقى تستلمي
الشغل من بكرة إن شاء الله
إن شاء الله.. بس يعني
كنت عايزة أعرف المواعيد. أصل ما اقدرش اتأخر بالليل
طبعاً عندك حق. احنا مش
هنأخرك. يعني هو الشغل هيبدأ الساعة عشرة الصبح إن شاء الله، لحد الساعة ستة
المغرب. ويوم الجمعة أجازة اسبوعية. تمام كدة ولا في أي ملحوظة؟
لالا كدة كويس قوي،
ومناسب جداً
وكمان ما تشيليش هم
المواصلات. أنا هبعتلك كل يوم الساعة تسعة الصبح عربية بالسواق لحد باب البيت،
هتاخدك لحد سراية عمتي، وترجعك البيت بعد الشغل
لالا مالوش لزوم. كدة
هتعب حضرتك
لا مافيش تعب ولا
حاجة.. دي من ضمن مميزات الوظيفة هه
متشكرة جداً يا أستاذ
عمر
طيب اديني العنوان عشان
أدونه عندي من فضلك
اتفضل....
أعطته العنوان، وأنهت
المكالمة وأسرعت خارج غرفتها فرحة لتزف البشرى إلى والدتها التي كانت تخيط ثوباً
مهترئاً لابنتها طالبة الثانوية
ماما، ماما يا حبيبتي،
بلغي الأهل والخلان والحبايب والجيران إن بنتك الأستاذة نعمة بعد طول انتظار ومرار
ودمار وعار وشنار،اتوظفت وهتستلم شغلها بكرة إن شاء الله هههه
شهقت الوالدة فرحاً
وألقت ما بيدها جانباً قائلة:
صحيح يا نعمة؟
ايوة يا ماما، مش
قولتلك مستنية الأستاذ عمر يشوفلي وظيفة كويسة!
وهتشتغلي ايه بقى يا
نعمة؟
همت نعمة أن تفتح فمها،
فتراجعت وأطرقت، وبعد مشاورات عاجلة مع نفسها، قررت ألا تخبر والدتها عن طبيعة
العمل، خوفاً من أن تؤذي مشاعرها، لأنها بالطبع لن تطلق لفظة على تلك الوظيفة غير
خادمة.. لذا وقعت في براثن الكذب، وقالت متلعثمة:
آآآ ال.. الوظ.. آه يا
ماما.. الوظيفة في شركة استيراد وتصدير كبيرة قوي
وهو انتِ يا بنتي
بتفهمي في الاستيراد والتصدير! ولا دي من أساسه كانت دراستك!
هههه يا ماما يا
حبيبتي، ومين في حارة الموعودين بيشتغل بشهادته! ده المهندس بيشتغل في محل جزارة،
وسلميلي على شحتة هههه والدكتور مبيض محارة ههه
والمدرس سواق تاكسي، والمحامي بيشتغل نقاش، والمحاسب بيوصل طلبات دليفري،
وحتى اللي عنده واسطة مش بيشتغل بشهادته برضو، بيشتغل أه في وظيفة كبيرة، بس مش
بتاعته ولا على مقاسه هههه ، واهي الحارة سداح مداح ماحدش فاهم مين بيودي على فين
واهي ماشية ببركة دعا الوالدين هههههههههه
على رأيك يا بنتي. ربنا
يجعلها وظيفة السعد والهنا يارب
ايوة يا ماما ادعيلي.
انتِ عارفة المرتب كام؟
كام يا حبيبتي فرحيني؟
عشرين ألف جنيه
جحظت عينا والدتها
وقالت ذاهلة:
عشرين ألف جنيه! ليه؟
هي شركة استيراد وتصدير ولا شركة مخدرات!
ههه يا ماما هو أي مصدر
للفلوس الكتير لازم يبقى مخدرات! في ناس شرفا كتير ومعاهم فلوس كتير ربنا يزيدهم
ويباركلهم، وبعدين الاستيراد والتصدير فلوسه حلوة قوي برضو
ربنا يزيدك من فضله يا
حبيبتي، أهم حاجة تكون وظيفة فلوسها حلال
ابتسمت وجلست إلى جوار
والدتها وقبلتها قائلة:
حلال يا ماما، حلال
وربنا يباركلنا ويثبت اقدامنا فيها
يارب يا نعمة يا بنتي..
الوظيفة دي جت في معادها.. ياااه الحمدلله والشكر لله
**********************************
في المساء ، توجه
الدكتور هشام إلى منزل أخيه الأصغر سمير، ليدعوه إلى حفل خطبته، رحب أخيه به في
منزله بحفاوة، بينما لوت زوجته أسماء شفتها في مطبخها حين سمعت صوته، لعلمها السابق أنه خطب جارته هناء وفضلها على
أختها..وأطفأت الموقد على الشاي التي كانت تعد، وذهبت إلى غرفتها وأغلقت الباب
بعنف وهي تزفر.. قال سمير لأخيه مرحباً:
نورتنا يا هشام يا
اخويا والله
ده نورك يا سمير..
أومال الولاد فين؟
بيلعبوا عند الجيران
أنا جبتلهم معايا
شيكولاتة، كنت عايز اديهالهم بنفسي
هخلي أسماء تتصل
بجارتنا تبعتهم، وتعملنا اتنين شاي، عن إذنك
ههه طيب يا ريت تخلي
الشاي شربات عشان أنا خطوبتي على هناء يوم الخميس الجاي إن شاء الله
والله؟ ههه ألف مبروك
يا هشام يا اخويا. ربنا يتمملك بخير. أكيد هكون موجود معاك إن شاء الله
ما تجيش من غير أسماء
والولاد
ايوة طبعاً طبعاً، لازم
الولاد يحضروا خطوبة عمهم، وأسماء لازم تيجي تعمل الواجب مع العروسة
إن شاء الله
أطرق سمير هنيهة، ثم
قال:
طيب وامك عرفت؟
طبعاً عرفت
ممم وافقت؟
لا طبعاً، بالعكس،
الموقف في البيت متوتر بسببها
شعر سمير ببعض التردد
في سؤال يجول بخاطره، ولكن بالأخير أفصح عنه:
ما تآخذنيش يعني يا
خويا، اشمعنى هناء!! أنا مش بتدخل في حياتك، لكن عايز أعرف وجهة نظرك
وهو ايه اللي يعيب هناء
من وجهة نظرك يا سمير؟
... هي بصراحة مافيش
حاجة تعيبها، غير بس الكلام اللي بيتقال عنها، واللي ما تزعلش مني يعني، بيحصل
فعلاً
هو ايه اللي بيحصل بس
يا سمير! أي شيء بيحصل له سبب بعيد كل البعد عن هناء.. أظن يعني مش هي اللي كشفت
السلك العريان اللي كهرب والدة عريسها الأولاني.. ولا هي اللي حفرت البلاعة اللي
وقعت فيها والدة خطيبها التاني، ولا هي اللي كانت سايقة العربية اللي خبطت والدة
خطيبها التالت
ايوة بس مش ملاحظ إن
دايماً والدة العريس هي اللي بيحصلها كارثة وتموت!!
دي أقدار يا سمير..
هناء مالهاش أي علاقة
طيب وابوها اللي القطر
ولع بيه؟
يعني بدل ما نحاسب
المسؤولين عن الكوارث دي واللي أهملوا في أداء أعمالهم، هنحاسب هناء بدالهم ونقول
هي السبب!!
... واضح يا هشام يا
اخويا انك مقتنع مليون في المية إن هناء بريئة من تهمة النحس
أكيد بريئة..ويكون في
علمك هناء بالنسبة لي عمرها ما كانت فتاة أحلامي، هي إنسانة كويسة ومتدينة، وجارة عزيزة... واللي خلاني أقدم على
خطوة الجواز منها ، إني عايز أثبت للجميع انها مش السبب في الكوارث اللي بتحصل
معقول يا هشام! يعني
هتضحي بإنك يكون لك زوجة تختارها بمقاييس المنطق والعقل، عشان بس تثبت إن هناء
بريئة! طب وهتعيش ازاي معاها وانت مش مقتنع بيها؟
صدقني الاقتناع الحقيقي
بالزوجة بيكون بعد الزواج مش قبله.. قبل الزواج بتكون البنت مجرد أمنية أو حلم
رومانسي عايز تحققه وتحوله لواقع.. لكن ممكن بعد الزواج تكتشف إن الحلم الرومانسي
ده كان وهم كبير لما تتضح عيوب الزوجة
تلفت سمير حوله ليتيقن
أن مسامع زوجته في قارة أخرى، وقال هامساً:
أه والله يا اخويا عندك
حق، ده مش وهم بس، ده مقلب والواحد شربه
قهقه هشام وقال:
عشان كدة بقولك إن
الاقتناع الحقيقي بالزوجة، أو بالزوج كشريك للعمر، بيكون بعد الزواج والعشرة
والمواقف والسنين.. يا إما تقتنع إنها زوجة طيبة العشرة والصحبة، يا إما تقتنع انك
كنت على خطأ.. فترة الخطوبة مهما طالت، عمرها ما هتبين الحقيقة.. كل العيوب في
الفترة دي بتكون مجملة ومزينة ومزخرفة.. عارف اللوحة الجميلة اللي بتبهرك من بعيد،
لكن لما بتقرب بتكتشف كل الأخطاء والعيوب والنقائص اللي فيها؟ مرحلة الزواج هي
مرحلة الاقتراب والتدقيق في اللوحة الجميلة.. وقتها بنكتشف إن كلنا موجودين في
اللوحة دي، والعيوب ده متوغلة فينا كلنا.. كل واحد له عيوب غير التاني.. بس في
عيوب نقدر نتعايش معاها، وفي عيوب قاتلة ما نقدرش نتجازوها ونكمل مسيرة الحياة..
وكل طرف في العلاقة عليه إنه يشوف هيقدر يكمل مع الطرف التاني ويتقبل عيوبه ولا
لا.. بس قبل ما يدقق في العيوب، عليه إنه يمعن النظر في المزايا وجميل الصنائع، ويقارنها بالعيوب، ويشوف أي كفة في الكفتين
هترجح. عشان يكون القرار صائب
عندك حق يا هشام..
بالنسبة لي وبالرغم من أن أسماء فيها عيوب، لكن بصراحة مزاياها أكتر، أكتر بكتير
وانت أكيد مزياك أكتر
بكتير من عيوبك عشان كدة هي حابة حياتها معاك
ههه اتمنى...طيب عن
إذنك أروح اقولها تعملنا شاي، وخلي الشربات يوم الخميس عند العروسة إن شاء الله
بإذن الله يا سمير
فتح سمير باب الغرفة،
فوجد زوجته مستلقية على الفراش، تقلب في جوالها بوجه عبوس، فقال:
ايه يا اسماء! نايمة
كدة ليه؟
أوف، تعبانة
تعبانة مالك! وبعدين ده
شكل واحدة تعبانة! ما انتِ بتقلبي في الفيس بوك اهو!
اعتدلت وقالت بامتعاض:
يا دي النيلة ع الفيس
بوك وسنينه! ما الواحد طول النهار ما بين طبيخ ونفيخ وغسيل ونشير وتنضيف. تقوم كل
ما تشوفني ماسكة التليفون تديني كلمتين في جنابي! أهو الواحد بينفث عن خنقته بدل
ما ينفجر
هههه خنقتك من مين! مني
ولا من اخويا!
زفرت وهزت رأسها، وعادت
تنظر في جوالها فقال يطيب خاطرها:
على فكرة الجواز قسمة
ونصيب، ومش معنى إن اخويا ما خطبش اختك، يبقى اختك فيها عيب
ردت بانفعال:
عيب ايه اللي في اختي!
سلمى اختي ست البنات وما تتعيبش
عارفين يا ستي، عارفين.
ربنا يرزقها بالزوج الصالح
هيرزقها إن شاء الله،
هيرزقها غصب عن عين اخوك اللي شايف نفسه
أدرك ما بها من حرقة
وجدان، فتبسم وقال:
طيب قومي اعملينا اتنين
شاي
المية قاطعة
ههه لا مش قاطعة
الشاي خلص، والبقال
قافل
هههه أنا لسة جايبلك
باكو امبارح يا سوسة، قومي بقى وبطلي
غلاسة
أوف، حاضر يا سمير،
حاضر، عشان خاطرك انت بس
تسلمي يا سمسمة
ما أن استدارت حتى قال:
على فكرة خطوبة هشام
يوم الخميس في شقة العروسة
استدارت له، وزفرت
بضيق، فقال:
اعملي حسابك واجهزي
انتِ والعيال
ابقى خد عيالك وروح،
أنا مش رايحة
عيب يا أسماء. انتِ بنت
أصول. وكمان عشان ما يبقاش شكلك وحش قدامهم ويتقال انك زعلانة عشان ما خطبش اختك
استغفر الله العظيم..
حاضر, هحضر حفلة الخطوبة، واجهز فستان اسود على امك
انزعج سمير وصاح بها:
أعوذ بالله منك ومن
فالك يا شيخة، بعد الشر على أمي. بتقولي كدة ليه!
ضحكت ساخرة وقالت:
بحب فيك براءتك يا
سمير. يعني مش عارف اللي بيحصل لأم اللي بيخطب البت النحس دي! يلا انتو حرين. هو
انا هخاف على امكو أكتر منكو! مع إن خالتي هتوحشني والله
بس بس بلاش عبط في
الكلام. مش هيحصل حاجة إن شاء الله، والليلة هتمر بسلام
يا سلام! يا سلام وسلم
وكمان سلم هههه أما اروح اعمل الشاي
واتصلي على جارتك تبعت
العيال، عمهم جايبلهم شيكولاتة
هما ناقصين شيكولاتة!
أنا جايبالهم النهاردة قد كدة. ربنا ما يحوجني لحد انا وعيالي
طيب اتصلي يا ست وخلي
العيال يجوا يسلموا على عمهم
ماشي. هتصل.. فين
موبايلي حبيبي اللي بيخفف عليا وطأة الحياة ومعاناتي مع البشر
ضحك زوجها وأخذ يضرب
كفاً بكف، وعاد لأخيه
وإذ هما يحتسيان الشاي،
سمعا طرق الصغار المتواتر على الباب وندائهما
يا ماماااااا
يا بابااااااا
افتحواااااااا احنا
جينااااا
ضحك سمير وقال لأخيه:
أحمد وأروى جم، هروح افتحلهم
بدل ما يكسروا علينا الباب
ههه وحشيني بشكل الولاد
دول!!
فتح لهما أبوهما، وقال:
يا أهلاً، وحشتونا،
ادخلوا سلموا على عمكو
هرع الطفلان إلى عمهما
وهما يهتفان بمرح:
عمووو عموووو هييييه
هههه أهلاً أهلاً حبايب
عمو، حضن كبير يا ولد، وانتِ كمان يا أنسة أروى
شكرتها أروى الصغرى:
شكراً يا عمو. جبتلنا
شيكولاتة؟
ههه طبعاً طبعاً،
اتفضلي يا أنسة أروى الشيكولاتة
شكراً يا عمو
وانت يا أستاذ أحمد ههه
شكراً يا عمو.
الشيكولاتة دي حلوة وفيها بندق كتير، بابا مش بيجيبلنا منها
نهره والده:
عيب يا ولد
رد العم وهو يداعب وجنة
الطفل باسماً:
يا سمير سيبه على
راحته. الطفل هو الكائن الوحيد اللي بيعبر عن مشاعره بتلقائية ومن غير زواق
ايوة بس دول بيفضحونا
قدام الأغراب
هههه يا اخي ياما فضحنا
ابوك وامك
هههههه على رأيك يا
هشام, وياما خدنا بالشبشب من امك، وإلا
كان عيارنا فلت وكان زماننا قلالات الأدب لحد دلوقتي
هههه كانت أيام
قالت الطفلة ببراءة:
انتو بتضحكوا على ايه؟
رد الوالد:
على ذكرياتنا
يعني ايه ذكرياتنا؟
ههه بكرة يبقالك ذكريات
وتفتكريها وتضحكِ، روحي بقى نامي عشان عندك حضانة الصبح
اسمها كي جي يا بابا
ماشي يا ستي
سبقها أخوها الأكبر،
وهمت بالمغادرة، ثم استدارت إلى والدها ووضعت يدها في وسطها وقالت:
بابا، أنا عايزة لانش
بوكس
طب روحي بدل ما اديكِ
بوكس في وشك
العيال اللي معايا كلهم
عندهم لانش بوكس، وانا مش عندي وماما بتديني سندوتشات في كيس، وانا بعيط
معلش، ابقي خدي معاكِ
منديل نشفي دموعك
ماشي. ابقى هاتلي انت
يا عمو لانش بوكس عشان معاك فلوس كتير
قهقه الدكتور هشام،
ونهرها والدها:
امشي يا بنت يا قليلة
الأدب روحي لماما، وإياك تتكلمي مع الكبار كدة مرة تانية، بلا لانش بوكس بلا زفت
جرت الطفلة، فزفر سمير
وقال:
مش عارف يا اخويا ايه
اللانش بوكس اللي طالعين فيه ده، ويكلفوا الأهالي زيادة عن طاقتهم والعيال يغيظوا
بعض!! لازم يكون فيه سندوتشات رومي مدخن وتفاح وموز وعصير وبسكوت، نصرف على ده كله
منين! احنا مكفيين مصاريف المدارس لما هنكفي اللانش بوكس! فيها ايه لما نرجع لأيام
زمان والعيل ياخد سندوتشين تلاتة جبنة بيضا في كيس نايلون، ومعاه زمزمية مية
جاءته طفلته مسرعة
وقالت بصوت عال وهي تغلق إحدى عينيها:
اسمها فلاسك يا بابا
قالت الكلمة وجرت،
فقهقه الدكتور هشام، ثم هز رأسه متنهداً، وقال ببعض الامتعاض:
للأسف بقينا مجتمع
استهلاكي بشكل مش طبيعي، الناس بيكلفوا نفسهم بنفسهم ما لايطيقوا
الستات بتقلد بعض يا
سيدي
خليك منصف يا سمير وقول
إن الرجالة كمان بتقلد بعض، وكله عايز يظهر أفضل من التاني، سواء نوع عربيته أو
موبايله، أو مظهره الخارجي
قصدك الاوت فيت يا هشام
يا اخويا
تعالت قهقهتهما وكل
منهما ضرب كفه بكف الآخر
***********************************
نزلت نعمة في الصباح
قبل التاسعة، لتكون في انتظار السيارة التي سيرسلها عمر بسائقها.. ما أن رآها
الأسطى حودة إذ هو جالس أمام ورشته، يتناول إفطاره، الممتزج بدخان سيجارته، حتى
ابتهج وتوقف عن الطعام وحياها:
صباح الخير يا أنسة
نعمة
ردت بتأفف:
صباح النور
هو انتِ واقفة كدة ليه
لا مؤاخذة؟ مستنظرة حد؟
زفرت وقالت:
مستنية عربية الشغل
أشاحت بوجهها، فتمتم:
عربية الشغل!! دي لقت
شغلانة بقى
سبل عينيه وأخذ يدندن
ليستميل قلبها وقد وضع يده على قلبه الولهان، وأم عوض ترقب وتلوي شفتها ذات اليمين
وذات اليسارحين سمعت غناءه:
ولا يا ولاااا
ارحمني يا ولااااا
آه يا ولا يا ولاااا
آآآه آآآه آآآآه يا ولااااا
ولا يا ولااااا
ارحمني يا ولااااا
يا....
توقف عن الغناء وانتفض
عن مقعده كمن قرصه ثعبان، حين رأى سيارة فارهة تتوقف أمام نعمة، وقد مالت إلى
السائق تسأله عن شيء، وبعدها فتح لها الباب الخلفي فركبت وسط ذهوله وذهول أم عوض،
انطلقت السيارة بنعمة، فأخذ يحادث نفسه غاضباً:
هي ايه العبارة! هي
البت دي هتمشي على حل شعرها عشان تجيب فلوس ولا ايه!!
نادته أم عوض وقالت
تلوك سمعة الفتاة بسانٍ نجس وهي تهز رقبتها وحاجبيها:
اسطى حودة. بنات حارة
الموعودين بقوا على افرانكا، بيجيلهم عربيات ملاكي ياخدوهم من تحت البيوت
أطال نظرة صامتة إليها
وداخله يفور كالماء في المرجل، فتفاجأ بصوت رجالي من خلفه يحيه:
****************
إلى هنا انتهت حلقتنا
نلتقي يوم الخميس
القادم إن شاء الله
لا تنسوا ذكر الله
والصلاة على الحبيب عليه الصلاة والسلام
لا إله إلا الله ولا
حول ولا قوة إلا بالله
اللهم صل وسلم وبارك
على محمد
جزاك الله خيراً
ردحذفاللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد
ردحذف♥
ردحذف♥♥♥♥♥♥
ردحذفجميله جميله جميله تسلم ايدك يا هوبا
ردحذفشكرا انك سبب سعادتنا و ترويح نفسنا
Wafaa ali
سبحان الله و بحمده اللهم صلي على محمد تسلميلي يا هوبه على نشر ربنا يحفظك و يشفيك 😍😍😍😍 لولو
ردحذفجزاك الله خيرا
ردحذفتسلم ايدك
ام عمر محمود
كاميليا محمد
ردحذفلا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
الحلقة جميلة جدا وسلمت يداك 🌹❤️ ودمتى مبدعة
لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله
ردحذفاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد
حلوووووة اوى يا استاذه هناء بتفكرنى بالست اللى كانت جوزها اسمه محمود محمود انت جيت يا حبيبي 😂😂😂😂😂😂😂😂ومنتظرين حفلة الخطوبه واللى هيحصل فيها ربنا يستر وفين حبيبة الملايين صباح 😂😂😂😂😂😂
ردحذفاللهم صلِ على محمد
ردحذفالحلقة جميلة جدااا ،،،،مبدعة كالعادة أستاذة هبة
كل حلقة مشوقة اكثر من قبل
Afaf
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد واله وصحبه وسلم
ردحذفجزاك الله خيرا يا هوبا انك نزلتي الحلقة رغم تعبك ربنا يعفو عنك ويصرف عنك السوء
ردحذفعلى الرغم من ان سوكا حقودة وتستاهل الصراحة بس مش عارفة ليه حته كدة مخلياني متعاطفة معها هي نفسها تكون افضل بس بطريقة شر ربنا يهديها حاسة انها هتكون فيوم من الايام من عيلة القوم المزيفين الهابطين بسبب اخواها وهتنتقم من كل بما فيهم رضوان( وسعت مني صح )
الاخ رضوان اللي بيبيع ويشتري في الستات صعب عليه المهندس شحته طيب ما تحاول تساعده ولا هو كلام بس
ام هشام بجد عسل اوي الله يرحمك يا حبيبتي
حاسة ان الوهم بتاعها هيخليها يغمي عليها او يحصل لها حاجة يوم الخطوبة بس مش هتموت
نعمة ربنا يستر عليها المشكلة انها مصارحتش مامتها بالشغلانة بتاعتها وكمان غلطت لما خلت العربية تيجي تاخدها من عند البيت
الراجل اللي اسمه حودة دة غلس ورخم
حلقة جميلة يا استاذة
ردحذفانا ضحكت اوي على هناء وام هشام بتقولها لو متي هروح ازورك 🤣🤣🤣🤣
وامها ما صدقت بقى بتعملهم الاكل ضايقتني الصراحةليكي حق يا طنط ام هشام كل الناس اجتمعت على موتك🤣🤣
الصوت الرجولي دة مين ميكنش عمر
الله يكرمك يا استاذة نزلي الحلقة بسرعة
امل
🥰🥰🥰🥰حلقة جميلة اوي بس هي هناء النحس راكبها الصراحة وكمان ردها ع ام هشام اضاف انها هبلة دي ولا ساذجة ولا علي نيتها ولا ايه مش عارفة
ردحذفومبسوطة لنعمة اوي ان ربنا فتح لها باب رزق من الوضع عقبال متجوزين عمر بقي 😍
الحلقة تحفة تسلم ايدك
ردحذفبس سؤال معلش
محمد شحته عرف واتأكد ازاي إن سوكا هي سبب للي حصل لملك
وازاي عرفوا يخرجوا بنت عمها من السجن
Smsma Mohamed
ردحذفتسلم ايدك يا هوبه ياترى مييين الصوت الرجولى ده؟؟؟
ف انتظارك باذن الله
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وسلم تسليما كثيرا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ردحذفاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً طيباً مباركاً فيه 💕💕
ما شاء الله
حلقة حلوة ويارب سوكا تبعد بقى عن الدكتورة ملك.. مش غريبة على رضوان تربية جباير وعدوي اللي عمله فيها.. سادية وذل وقهر فظيع علشان كدة نفسها تخرج من تحت ايديهم وتتطلع للأفضل بس اسلوبها وطريقتها حقيرة مش عارفة اقول تستاهل اللي جرالها ولا صعبانة عليا
يمكن اللي حصل لها ده يزود كرهها وحقدها على شحتة وملك
ربنا يسترها
ام هشام لسة مصممة ع اللي في دماغها ربنا يقويها ع اللي جاي 😂
هناء دي بنت طيبة وغلبانة قوي مش عارفة تحتويها وتطمنها لا لما تموتي هاجي ازورك😂 بتفرسها
منتظرين المزيد يا جميلة
حلقة رائعة جدا
🌷دُمتِ مُبدعة 🌷
احلى حاجة حصلت العلاقة اللى اخدتها سوكه .. تسلم ايدك يا بشمهندس 😂😂
ردحذفواضح كده أن نعمة مش هتسلم من لسان أهالى الحارة والمفروض كانت رفضت موضوع العربية ده
مستنيه يوم الخميس جدا عشان احضل خطوبة هءام وهناء واضحك على اللى هتعمله سميحه 😂😂
تسلم ايدك يا هوبه 🌹
ولاء القوصى
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد
ردحذفحلقه جميله جدا ماشاء الله تسلم ايدك
جمييييلة جمييييلة جداااا
ردحذفسلمت يداكي يامبدعة
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
لا إله إلا الله
نور الحق
جميلة حبيبتي 💖
ردحذفتسلم إيدك 🌸
إيمان إبراهيم
سلمت يمينك ياهوبه
ردحذفجوجو
تسلم ايدك يا أستاذة هوبة
ردحذفمش مرتاحة لحوار العربية اللي هتروح تاخد نعمة دي 😂
وميرسي ليكِ ع العلقة اللي أخدتها سوكا ، الحمد لله بردت قلبي
بس مش عارفة ليه اتدايقت من هشام لما قال انه خطب هناء علشان يثبت للحارة انها مش نحس ، وانا اللي كنت فامرة بيحبها 😄
يلا بقا اهو احنا منتظرين
وأسفة ع التأخير
هروح اقرأ الحلقة التانية حري 🏃🏃♀️