الحلقة الخامسة عشر( أنا وكيفن وضوء القمر)
وقف الدكتور سالم خلف الباب يسأل عن الطارق:
ـــــ من بالباب؟
أجابه صوت لم يطرق مسامعه من قبل:
ـــــ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ــــــ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته . ...... لحظة
من فضلك أيها الطارق.
هرع إلى زوجته:
ــــــ مريم! خذي عائشة وادخلا. يبدو أنه شخص غريب.
ـــــ حسنا. هيا يا عائشة لننصرف حتى يستقبل والدك ضيفه
ـــــ هيا يا أمي. ولكن من الضيف؟
ــــ ههه ألم تسمعي أباكِ يقول يبدو أنه شخص غريب!
ــــ ممممممم . خيرا إن شاء الله
عاد الدكتور سالم إلى الباب وأسرع بفتحه ليجد
أمامه شيخ ملتحي هادئ الملامح لا يعرفه:
ـــــ مرحبا. مَن؟
ــــ السلام عليكم يا أخي
ــــ وعليكم السلام
ـــــ أنا أسمي الشيخ عبد الهادي، إمام أحد المساجد في
ميونخ.
ـــــ مرحبا يا أخي تفضل، تفضل
ـــــ ههه معي ضيف آخر تعرفه جيداً.
ـــــ ضيف آخر أعرفه! من هو؟
ظهر كيفن الذي كان يتوارى عن ناظريه:
ــــ أنا يا سيد سالم
تربد وجه الدكتور سالم:
ـــــ كيفن!
رد الشيخ عبد الهادي باسماً:
ـــــ بل اسمه عبد الله يا أخ سالم. هل ستسمح لنا
بالدخول؟
ــــ بالطبع تفضلا.
تبعاه إلى الداخل، فبلغ منهما غرفة الأضياف:
ـــــ مرحبا بالأضياف. تفضلا ها هنا.
رد الشيخ عبد الهادي:
ــــ نشكرك يا أخ سالم. اجلس يا عبد الله
ـــــ استأذنكما للحظات حتى أحضر واجب الضيافة
ـــــ نشكرك يا أخي
همس الشيخ لكيفن عن انطباعه:
ــــــ ممممم رجل ذو سمت طيب.
ـــــ حقا هو رجل طيب جداً. أحبه بصدق. يتعامل دائماً بأخلاق
الإسلام السمحة
همس الشيخ ضاحكا:
ـــــ تمدحه آملاً أن يعطيك ابنته. أليس كذلك يا عبد
الله ؟ ههه
ــــ هذه هي أمنيتي التي أدعو الله دائماً أن يحققها
ربت الشيخ على كتفه ودعا له:
ـــــ كتب الله لك الخير يا عبد الله يا ولدي.
*******************************
لم يجد الدكتور سالم زوجته في غرفتهما، فناداها تحسساً:
ــــ مريم! أين ذهبتِ ؟
أتته نبرة خافتة:
ــــ في المطبخ يا سالم. أكمل عشائي الذي صرفنا عنه
أضيافك.
دلف إلى المطبخ ضاحكاً.
ــــــ فهلا انتظرتِ حتى ينصرف الأضياف! ههههه
قالت وهي منهمكة في طعامها:
ـــــ انتظرت طويلاً حتى أتيت أنت وابنتك حتى نتناول
العشاء سوياً، وغير مستعدة أن أنتظر حتى ينصرف الأضياف أيضاً
ـــــ هههه وأين عائشة؟ ألم تكمل عشاءها هي الأخرى ؟
ـــــ لا، شبعت العصفورة هههه تعلم أنها لا تأكل كثيراً
ـــــ هههه كلي أنتِ حبيبتي بدلاً عن ابنتك... لكن الآن
من فضلك أعطني طبقاً من الفاكهة وبعض الحلوى للأضياف، وبعدها أعدي لهم أي شراب
عشبي ساخن
ــــ أمرك زوجي الحبيب. ولكن من هم الأضياف ؟؟
اتسعت ابتسامة دكتور سالم وقال:
ــــ لن تصدقي
ــــ من يا سالم ؟
ـــــ عبد الله، ومعه الشيخ عبد الهادي.
غضنت حاجبيها دهشة وسألته:
ــــ من عبد الله، ومن الشيخ عبد الهادي؟
ـــــ عبدالله هو كيفن سابقاً ههه والشيخ عبد الهادي لم
أتعرف إليه بعد. ولكنه إمام أحد مساجد ميونخ.
استشاطت السيدة مريم غضباً:
ــــ كيفن!! آآآخ . هذا الشاب ماكر جداً، لا أرتاح لأفعاله.
تارة كيفن، وتارة عبد الله. أخشى في آخر الأمر أن يعتنق الديانة اليهودية ويصبح حزقيال. تباً لهذا المتقلب.
اكتفى الدكتور سالم بالضحك، ولم يعلق على كلامها. بل
تعجل مطلبه:
ـــــ هههه أعطني طبق الحلوى، وطبق الفاكهة، وعندما
تنتهي من إعداد الشراب دقي على هاتفي حتى أجئ لآخذه منك
ــــ تفضل حبيبي هاهو طبق الفاكهة وهاهو طبق الحلوى . لا
تعطي كيفن منهما هههه أعطي الضيف الآخر فحسب
ــــ هههه كوني متسامحة كعادتك يا مريم.... على العموم
سنعرف كل شيء. أستأذنك سأذهب للضيفين فقد تأخرت عليهما كثيراً
تفضل يا سالم
*******************************
عاد الدكتور سالم إلى أضيافه، بينما هرعت السيدة مريم
إلى غرفة ابنتها لتخبرها عن الأضياف..دقت الباب استئذاناً:
ـــــ عائشة
ـــــ تفضلِي يا أمي
ألفتها تجلس إلى الحاسوب:
ــــ مممممم
ماذا تفعلين يا حبيبتي ؟
ــــ أتصفح بعض المواقع الإسلامية على النت. أبحث عن تسجيلات
صوتية لمحاضرات لأحد المشايخ الذين أجلهم. أهناك شيء يا أمي ؟
ــــ أتعرفين من جاء لزيارتنا ؟
ــــ من يا أمي ؟
ضحكت الأم وقالت:
ــــ عبد الله... أو كيفن ... أو أحدهما هههه ومعه إمام
مسجد.
زفرت عائشة وردت بحنق شديد:
ــــ كيفن!! وكيف لأبي أن يستقبل هذا الكاذب! لا أحب من
يتلاعب بالدين.
تنهدت الأم وقلبت كفيها حيرى وقالت:
ـــــ يا بنيتي يبدو أن الأمر ملتبس علينا جميعاً؟
ردت وقد عصف الغضب بملامحها:
ــــ أي أمر وأي التباس يا أمي! يوماً يراه أبي في
المسجد ساجداً ينشج بالبكاء، وبعدها أراه أنا معلقاً صليباً في رقبته، ويوماً
يتزوج في الكنيسة، ويوما يأتينا بصحبة أحد المشايخ. ما هذا!!! هذا عابث.
ربتت أمها على ظهرها وقالت ببسمة هادئة:
ــــ اهدئي، وستتضح
الأمور حبيبتي
أومأت برأسها بعدم الاكتراث وعادت إلى الحاسوب تقول:
ــــ لا شأن لي بأموره
اكتشفت وجود صديقتها فاطمة على النت فتهللت كطفلة في
مرح:
ـــــ هههه هييييييييه فاطمة على النت الآن، سأتحدث
إليها
ــــ أتركك مع صديقتك تتحدثان وأذهب أنا.
شهقت الأم فجأة لتذكرها أمر ما، فسألته عائشة:
ـــــ ما الأمر يا أمي ؟
ــــ نسيت أن أعد الشراب الساخن. سيغضب والدك. أتركك
وأسرع أنا قبل أن يسمعني كلمات يعنفني بها هههه
ــــ هههه أسرعي يا أمي. وعندما ينصرف الأضياف أخبريني
حتى أخرج لاحتساء الشاي معكما
*******************************
جالس الدكتور سالم أضيافه مرحباً:
ــــ حللتما أهلاً ونزلتما سهلاً أيها الضيفان .... لِمَ
لم تمتد أيديكما إلى الفاكهة والحلوى! تفضلا
شكره الشيخ على حفاوته:
ــــ نشكرك يا أخ سالم
أسدى له كيفن الشكر باسماً:
ــــ نشكرك سيد سالم على حسن الاستضافة
حدجه الدكتور سالم بنظرة عميقة وقال بنبرة ساخرة:
ـــــ مممم مرحباً يا عبد الله .... أم أنك كيفن ولم
تحسم أمرك بعد ؟
رد كيفن والصدق يلوح على محياه ويفيض من حواسه:
ــــ والله أنا أسلمت ولم أرتد أبداً... كيف أرتد عن
الإسلام بعد أن من الله عليّ به وهداني إلى الطريق المستقيم! والله لم أشعر براحة
في حياتي إلا بعد أن نطقت الشهادتين. وهأنذا سأنطقهما..أشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمدا رسول الله
تبسم الدكتور سالم وحمد الله:
ــــ الحمد لله يا ولدي. الحمد لله أن هداك الله
اكفهر وجه الدكتور سالم فجأة وسأله:
ـــــ ولكن ألم تتزوج في الكنيسة ؟
نظر عبد الله إلى الشيخ عبد الهادي فأومأ برأسه باسماً
وقال:
ــــ أخ سالم، سأشرح لك الأمر بدلاً عن عبد الله
ــــ تفضل يا شيخ عبد الهادي
ــــ عبد الله عندما أسلم لم يخبر أهله بإسلامه خوفا من
بطشهم به، وبكم أنتم أيضاً
غضن الدكتور سالم حاجبيه وعبر عن دهشته:
ـــ بطشهم عليه وعلينا أيضا!.. لا أفهم.
أسهب الشيخ:
ــــ أهل عبد الله مسيحيين متشددين مرتبطين ارتباطاً
وثيقا بالكنيسة، وعندهم الارتداد عن المسيحية لا يكن له جزاء إلا القتل. وبما أنهم معتقدون أن ابنتك هي من
حاولت إقناع ولدهم بالإسلام، فإن علموا بإسلامه فسيبطشون بها وبه أيضاً ... وقد
سبق أن هددت أمه ابنتك من قبل. اليس كذلك ؟
ـــــ بالفعل حدث ذلك.
استطرد الدكتور سالم وقد تربد وجهه واحتدت نبرته:
ــــ ولكن إلى هذا الحد يصل بهم التفكير؟ أيعتقدون أني
تاركهم يمسّون ولو شعرة واحدة من ابنتي الوحيدة؟
قال الشيخ عبد الهادي بنبرة هادئة:
ــــ يا سيد سالم! لهذا الأمر أخفى عبد الله إسلامه، أراد
بذلك أن يبعدهم عن ابنتك وتحيا آمنة.
هز الدكتور سالم رأسه متحيراً وسأله:
ـــــ وكيف تزوج في الكنيسة إذن؟
رد كيفن عن هذا السؤال بنفسه:
ــــ أنا لم أتزوج في الكنيسة يا سيد سالم. أنا اضطررت
إلى الذهاب والتصنع أني سأتمم مراسم الزواج، ولكن حاولت خداعهم وأسقطت سيارتي في
النهر حتى يظنون أني غرقت بسيارتي، وبهذا لن يبحثوا عني مرة أخرى، وأحيا حياة آمنة
بعيداً عن مؤامراتهم ورغبتهم في إيذائي أو إيذاء الدكتورة عائشة.
أومأ الدكتور سالم برأسه:
ــــ ممم فهمت الأمر واتضح أمامي. أنت الآن لم تعد كيفن
. كيفن غرق بكل مشاكله. أليس كذلك ؟
ــــ بالطبع. الحمد لله. تيقن الجميع من موتي وسأحيا
آمنا بعيدا عن الملاحقات والأخطار.
ــــ ولكن يا ولدي ألا تخش أن يراك أهلك ؟
أعلن كيفن عن ترتيبات مستقبله:
ــــ لن أعيش هنا. سأنتقل إلى الحياة في دوسلدورف. سأعمل
هناك مع أحد أصدقائي... والحمد لله وفر لي منزلاً لأعيش فيه أيضاً أنا وزوجتي إن
شاء الله
تبدى الاندهاش على ملامح دكتور سالم:
ــــ زوجتك!...أتزوجت أنت يا ولدي؟
رد الشيخ عبد الهادي:
ــــ دعني أنا أتكلم بصفتي وليّ لعبد الله يا أخ سالم.
جئنا الآن نطلب يد ابنتك الدكتورة عائشة للزواج من عبد الله المسلم الموحد بالله.
شده الدكتور سالم وبقى صامتاً للحظات، ثم نطق لسان
الحيرة:
ــــ يتزوج عائشة !!..... لكن ..........
سأله الشيخ عبد الهادي باهتمام بالغ:
ــــ أعندك اعتراض على عبد الله يا أخ سالم ؟
ــــ الأمر ليس كذلك ولكن ........ لكن. أصبحت اشعر
بالقلق على ابنتي.
أجاب الشيخ يطمئنه:
ــــالقلق زال وكل الأخطار زالت الحمد لله. فلِمَ التردد
في تزويج ابنتك لشاب مسلم صالح اختار الإسلام ديناً ومحمدا رسولاً ويحتاج إلى وجود
زوجة صالحة كابنتك المصونة لتقف إلى جواره وتشد من أزره ويحيا حياة كريمة!... إن
وافقتم سأعقد له عليها الآن بعد إحضار الشهود
تبسم الدكتور سالم وأسدى نظرة فخار إلى عبد الله وقال
باعتزاز:
ــــ والله أنا أشد فرحا من أي أحد بعبد الله وإسلامه .
وابنتي لن اعزها عليه ولكن الأمر أيضاً يحتاج مشورتها ومشورة والدتها . لست وحدي
صاحب القرار في هذا الأمر.
فجأة دقت السيدة مريم على هاتف زوجها كما اتفقا فقال:
ــــ استأذنكما قليلا . سأحضر لكما شرابا ساخناً
ـــــ تفضل يا أخ سالم
تعالت خفقات عبد الله داخله، وبدا كالغريق في البحر
الهادر يتعلق بأمل النجاة..عبر عما تختلج به نفسه:
ـــــ أشعر بالقلق يا شيخ عبد الهادي... أتعتقد ستوافق
العروس ؟
بدت بسمة على محيا الشيخ وقال وهو يربت على كتفه:
ــــــ لا تقلق يا عبد الله يا ولدي. إن شاء الله
ستوافق... أشعر بالتفاؤل منذ دخلت هذا المنزل الطيب.
ابتلع ريقه بتوتر وقال راجفاً:
ـــــ يارب... . سأصدم جداً إن لم توافق عائشة.
ـــــ الصبر يا ولدي، الصبر. كن واثقا بأنه لا شيء يحدث
في ملك الله إلا بأمر الله سبحانه وتعالى
ناجى الله بكل جوارحه:
ـــــ يارب... أنت تعلم كم أحتاج هذه المرأة الصالحة. يارب
لا تردني خائبا
*******************************
دلف الدكتور سالم إلى المطبخ، فألفى زوجته تحمل صينية
صفت عليها كؤوس الشراب، وتقول بنبرة مرحة:
ـــ ها هو الشراب الساخن يا سالم ههه
ـــــ هههه اشكرك يا روح سالم. ماذا أعددتِ يا مريم ؟
ــــ ينسووون هههه
ـــــ عظيم جدا يا مريووم ههه ممممم ......... أأأأ
لحظت أنه يريد أن يتفوه بأمر، لا يعلم من أين بادئته،
فقالت بخفة ظلها:
ــــ ماهذا حبيبي! أشعر أنك تتردد في إخباري بشيء ما. أفصح
ولا تخف. اعتبرني كأمك ههه قل ولن أعاقبك يا ولدي الصغير سالم، ماذا فعلت ههه
ـــــ هههه أمي! لا،لا، أخاف أن أقول يا أمي خشية عقابك ههه
ترك المزاح وعاد إلى وقاره:
ــــ انتظريني
حبيبتي. سأقدم الشراب للأضياف وأعود إليكِ
في التو لنتحدث في أمرٍ هام لا أستطيع حسمه وحدي
اتجه إلى أضيافه، بينما عبث القلق بقلبها وقالت:
ـــــ مممم أقلقني وذهب . يا تُرى ما الأمر ؟
******************************
وضع الشراب أمام الأضياف وقال بوجه طلق:
ــــ تفضلا شراباً ساخنا
ـــــ جزاك الله خيرا يا أخ سالم.
سأله عبد الله متلهفاً وقلبه يترجرج داخله:
ــــ هل وافقت العروس يا سيد سالم؟
قهقه الدكتور سالم وقال:
ـــــ يا ولدي لم اخبرها بعد. استأذنكما في الذهاب
لمشاورتها وأمها.
قال عبد الله وهو يهز ساقيه باضطراب:
ـــــ تفضل
أطرق الشيخ رأسه باسماً من صنيعه هنيهة ثم قال:
ــــ يا عبد الله اهدأ يا عبد الله
ــــ لن أهدأ قبل أن يستريح قلبي بموافقتها
أخذ الشيخ أحد الكؤوس وقدمها له قائلاً:
ــــ اشرب الينسون ههه يسر الله لك أمرك يا ولدي
ــــاللهم آمين ... تأخر كثيراً في المشاورة.
ــــ هاها يا ولدي، الرجل خرج لتوه من هذه الغرفة وربما
لم يصل لغرفة ابنته بعد
عاد يدعو باضطراب:
ــــ يارب
*******************************
عاد الدكتور سالم إلى زوجته المتلهفة، فسألته والقلق
يعصف بها:
ـــــ ما الأمر يا سالم؟
ــــ عبد الله جاء ليخطب عائشة
اتسعت حدقتاها غضباً وأعلنت بغلظة:
ــــ لا، غير موافقة، اعتذر له من فضلك
تجاوز عن غضبها وسألها بابتسامة هادئة:
ــــــ ولِمَ لا توافقين يا أم عائشة ؟
ردت بحنق شديد:
ــــ لا ارتاح لتصرفاته. ابنتي ليست رخيصة لألقي بها
لرجل لا نعرف كيف يفكر ولا نعلم صدقه من كذبه
رد زوجها وقد اتسعت ابتسامته:
ــــ وهو لأجل ذلك أحضر معه الشيخ عبد الهادي، وهو رجل
دين يبدو عليه الوقار والهيبة. ولم يكن ليأتي مع عبد الله إلا لعلمه بصدقه. وان
كنتِ تقصدين ارتداده.. فهو لم يرتد. ولكن فقط تظاهر انه مازال على المسيحية حتى
يأمن بطش أهله
سرت نسمات الارتياح في روض قلبها وسألت بحبور:
ــــ حقا؟ ..أفهم من ذلك أنه أسلم ولم يرتد ؟
ــــ أبداً لم يرتد. بل أسلم وحسن إسلامه. فلا تخشِ شيئا
خطر هاجس بخلدها، فسألت بقلق:
ـــــ ولكن ماذا سيقول لأهله عندما يتزوج عائشة؟
ــــ لن يقول لهم شيئاً، لأنهم يعتقدون أنه مات غريقاً
في النهر. فقد أشاع بينهم ذلك واختفى ليحيا آمنا مع زوجته في مدينة دوسلدورف
ردت بعينين زائغتين، بنبرة أم قلقة..وكأن دواخلها ترفض
هذا المصير المعتم لوحيدتها:
ــــ زوجته! ومن ستكون ؟
ــــ هاها ستكون ابنتي عائشة إن شاء الله. بعد موافقتها
بالطبع. ولكن إن وافقت فسيتزوجها اليوم.
شدهت الأم:
ــــ اليوم!! كيف ذلك!! ألن يمهلني بعض الوقت لأهيئ له
عروسه؟
ــــ يا مريم! يجب أن تعلمي أن وجود عبد الله هنا سيشكل
خطراً على حياته، لذا فيجب عليه أن يبتعد بأسرع وقت.
تنهدت بعمق وقالت:
ـــــابنتك بغرفتها، فاذهب واخبرها بالأمر
ــــ أليس من الأفضل أن تتحدثي أنتِ معها ؟
أومأت برأسها:
ــــ حسناً، سأفعل
ـــ وأنا سأنتظرك هنا حتى تأتيني بردها. لن أستطيع
الخروج بغير ردٍ حاسم.
*******************************
كانت عائشة ما زالت تحادث فاطمة صديقتها عبر النت، هنئت
فاطمة بخبر خطبتها السعيد:
ـــــ والله أسعدتني يا فاطمة. مبارك الخطبة يا حبيبة.
ومتى سيتم زواجك ؟
ــــ الشهر القادم، عائشة حبيبتي إن شاء الله
بدا الذهول على ملامح عائشة وقالت:
ــــ ممممم أتخطبين بالأمس، وتتزوجين الشهر القادم يا فاطمة!!!!
أليس الأمر به سرعة كبيرة ؟ أعتقد أنه من الأفضل أن تطول فترة الخطبة ولو لثلاثة أشهر
حتى تستطيعين التعرف أكثر على طباع هذا الخاطب. إنه زواج، وستكونين في بيت رجل لم تعهديه ولم تعهدي طباعه من قبل.
ــــ ههه لا،لا، أبي يعرفه ويعرف أباه جيداً. فهو شاب
تقي من أسرة ملتزمة. لذا فأبي متحمس جداً لإتمام الزواج بأقصى سرعة
ــــ لوت عائشة شفتها إيماءً بعدم الاقتناع وقالت:
ــــ أنا عن نفسي يا فاطمة إن تقدم لي خاطب، سأشترط أن
تطول فترة الخطبة لستة أشهر على الأقل، حتى أتعرف إليه جيداً
ــــ هههه أنتِ وشأنك يا صديقتي الحبيبة. قدر الله لكِ
كل الخير
طرقت والدة عائشة الباب استئذاناً:
ـــــ عائشة
ــــ أمي تطرق الباب يا فاطمة. تفضلِي يا أمي الحبيبة
ــــ السلام عليكم حبيبتي ممممم أما زلتِ تتحدثين إلى
فاطمة عبر النت؟
ــــ أجل يا أمي . تعالي لتلقي عليها السلام . فقد
سألتني عنك
ـــــ هاها السلام عليكم يا فاطمة
ــــ وعليكم السلام خالتي مريم، اشتقت اليكِ
ــــ امي، هنئي فاطمة بخطبتها. خطبت وستتزوج بعد شهر
المسكينة ههه
ــــ ههه حقا ؟ مبارك، مبارك الخطبة يا فاطمة. فرحت جداً
لأجلك يا ابنتي
ــــ بارك الله فيكِ يا خالتي مريم. العقبى لعائشة إن
شاء الله
ذهبت السيدة مريم لركن بعيد من الغرفة وأشارت إلى عائشة
أن تأتيها، فستأذنت صديقتها:
ــــ أمي ذهبت لآخر الغرفة وتشر إليّ. سأتركك قليلاً
وأعود مرة أخرى. ابقِ ولا تغلقي المحادثة فمازلت أحتاج أن
أتحدث إليكِ يا فاطمة
ــــ حسناً، سأنتظرك حبيبتي
هرعت إلى أمها تسألها بنبرة قلقة:
ــــ خيراً يا أمي؟
ضحكت السيدة مريم وقالت وهي تضع يدها على فمها:
ـــــ ههه عبد الله جاء لخطبتك
فغرت عائشة فاها واتسعت حدقتاها..شعرت بدوار وكأن العالم
يميد بها...ردت ذاهلة:
...... مَن؟؟
ـــــ ههه مثلما سمعتِ. هو مسلم موحد مثلك.. وفعل كل ذلك
خوفاً من أهله. ولم يتزوج بالكنيسة، بل أشاع انه مات غرقا كي يفر منهم..... هل
أنتِ مستعدة للزواج منه ؟
تبسمت عائشة خجلاً وقالت:
ــــــ هه من تقصدين يا أمي؟
ــــ عبد الله كما سمعتِ هاها.. ولكن إن وافقتِ ستتزوجين
في دوسلدورف، وليس في ميونخ. وستتزوجين الليلة
تملك الذهول عائشة:
ـــ ماذا!!.....الليلة!!
تبسمت أمها وهمست في أذنها:
ــــ ما رأيك؟
أعلنتها بغير تردد:
ــــ موافقة يا أمي. لن أتخلى عن عبد الله. والله لأقف
بجانبه وأثبته. وإن شاء الله سنكوّن أسرة إسلامية تخشى الله في جميع أقوالها
وأفعالها... إن كان أحدا غير عبد الله وتقدم إلىّ فلم أكن لأوافق بهذه الطريقة
ـــــ هههه إذن فجوابك النهائي هو الموافقة أيتها العروس
الجميلة
ردت بنبرة تتأجج حماساً لهذه الرسالة:
ــــ بالطبع يا أمي. وذلك لأنني فخورة جداً بعبد الله
الذي فضل الفرار بإسلامه بعيداً عن أهله ووطنه، على أن يحيا بينهم على عقيدة فاسدة...
فرحتي بإسلامه ورغبتي في الوقوف إلى جواره
دفعتني للموافقة
أعادت الأم عليها موعد الزواج وهي تغمز باسمة!
ـــــ مممممم ستتزوجين الليلة
أطرقت عائشة طرفها خجلاً وقالت بنبرة خافتة:
ــــ أمي! بالله لا تخجليني
ـــــ ههههه
ارتسمت علامات الحياء على وجه العروس الجميل.سأخبر أباكِ
**************************
عادت السيدة مريم تحمل البشرى لزوجها:
ــــ سالم. وافقت عائشة
ابتهج الأب:
ــــ وافقت!! ههه حمدً لله. سيفرح عبد الله جداً عند
سماع هذا الخبر. فقط أريد أن اسمع منها شخصياً. استأذنك في دخول غرفتها
ـــــ ههه تفضل يا أبا العروس
دلف غرفة ابنتها بعد طرق الباب:
ـــــ عائشة
أجابت وعيناها قد خلدت إلى الأرض خجلا:
ــــ تفضل يا أبي
ــــالسلام عليكم حبيبتي
ــــ وعليكم السلام يا أبي
ــــ هههه أراكِ تنظرين إلى الأرض خجلا . معنى ذلك أنكِ
وافقتِ كما قالت أمك ؟
ــــ مممم الرأي ما تراه أنت يا أبي
ــــ هاها على بركة الله يا بنيتي. أتركك لأخبر عبد الله
بموافقتك
ـــــ تفضل يا أبي
خرج والدها فأسرعت إلى صديقتها لإكمال المحادثة:
ـــــ فاطمة. رجعت إليكِ. السلام عليكم
ــــ وعليكم السلام. غبتِ كثيراً جداً. أين ذهبتِ؟
ــــ ههه جائني خاطب الآن
ـــ ههه حقا؟ ومن هو ؟
ــــ هو شاب ألماني كان على غير الإسلام. وقد هداه الله
والحمد لله وأسلم وتقدم لخطبتي الآن
تهللت فاطمة:
ــــ رائع ههه أنتِ محظوظة حبيبتي. لأن زوجك بالطبع
سيتعلم كثيراً عن الإسلام على يديكِ وسيثيبك الله. حقا أسعدني هذا الخبر السار.
ومتى ستتزوجين؟
بهتت عائشة وغمغمت:
ـــــ ممممممم ماذا سأقول لها بعد أن أعطيتها محاضرة في
طول فترة الخطبة.
بالأخير أعلنت بحسم:
ـــــ فاطمة. سأتزوج الليلة إن شاء الله
قهقهت فاطمة حتى دمعت عينيها، فسألتها عائشة وكأنها تجهل
السبب:
ــــ مممم ما الذي قلته أثار ضحكك يا فاطمة؟
ــــ هههههههه لا شيء حبيبتي، لا شيء. خطبتي منذ لحظات
وستتزوجين بعد سويعاتههه والله إني لفرحة جدا لأجلك حبيبتي . بارك الله لكِ في
زوجك وحياتك ورزقك الذرية الصالحة
ـــــ اللهم آمين، ولكِ بمثل حبيبتي فاطمة. أتركك الآن
لأنجز بعض الأمور
ـــــ ههه تفضلي يا أجمل عروس. سأهاتفك غدا لأطمئن عليكِ
حبيبتي
ــــ وأنا سأنتظر مهاتفتك فاطمة صديقتي وأختي الحبيبة.
السلام عليكم
ــــ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته حبيبتي عائشة
*******************************
كان عبد الله يرقب باب الغرفة بين الفينة والفينة
مترقباً دخول الدكتور سالم..رمقه قادماً، فقال للشيخ بتوتر:
ــــ ها هو قادم. لا أرى أي علامات تبشر على وجهه يا شيخ
عبد الهادي
ــــ يا عبد الله اصبر. يا ولدي اصبر
ألقى الدكتور سالم السلام على أضيافه متعمداً إخفاء أي
بشر على ملامحه متلاعباً بأعصاب كيفن دعابة له:
ـــــ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رد الشيخ السلام:
ــــ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أخ سالم
انتصب عبد الله واقفاً، وقبض على يده راجياً:
ــــ بالله طمئن قلبي يا سيد سالم
غضن الدكتور سالم حاجبيه وسأل بمكر مرح:
ــــ اطمئن قلبك على ماذا يا ولدي؟
نفد صبر كيفن، فقال كالعطشان يتوسل إلى صاحب البئر:
ــــ يا سيد سالم. بالله لا تتلاعب بأعصابي. قل لي هل
وافقت العروس؟
بدا البشر على وجه الدكتور سالم وقال وهو يشد على يد عبد
الله:
ــــ أجل وافقت يا ولدي. مبارك إن شاء الله
وكأن طوق نجاة رمي إليه في خضم الأمواج المتلاطمة..سمع
العالم ينشد ترانيم السعادة..ها هي هدية رب السماء إليك فانعم يا من أضناك
الشقاء...قبض على ذراعي الدكتور سالم وسأله وكأنه لا يصدق أنها ستكون رفيقة دربه:
ــــ حقاً؟ حقا ما سمعت؟ وافقت الدكتورة عائشة؟
ـــــ أجل وافقت يا ولدي. اهدأ وإلا تراجعنا عن الموافقة
ههه
ـــــ لا، لا، سأهدأ. أنا هادئ جداً ههه هذا أجمل خبر
سمعته بحياتي. الحمد لله، الحمد لله... أين هي حتى نعقد العقد ونسافر؟
ـــــ ههه سأذهب لأخبرها أن ترتدي ملابس مناسبة استعداداً
لأن نذهب لإتمام عقد الزواج
تعجله كيفن بقلبه المتلهف:
ــــ هيا يا سيد سالم، هيا من فضلك.
قال الدكتور سالم بهدوء أثار غيظ كيفن:
ـــ أنت لم تشرب الينسون. أعتقد إنه برد جداً . سأخبر أم
عائشة أن تعد لك غيره
رد كيفن ودواخله تتأجج:
ـــ لا،لا، أنا لا أريد أي شيء غير إتمام العقد والاختفاء
عن ميونخ بأقصى سرعة. بالله هيا، هيا.
قهقه الدكتور سالم، وربت على كتفه:
ــــ ههه حسناً يا ولدي. سأذهب لإحضار العروس.
اتجه الدكتور سالم إلى غرفة ابنته، بينما ظل عبد الله
واقفاً يترقب باضطراب..فهنأه الشيخ ليذهب ببعض توتره:
ــــ ههه مبارك يا عبد الله يا ولدي. قلت لك أني شعرت
بالتفاؤل منذ دخلت هذا المنزل الطيب وجلسنا إلى صاحبه ذي السمت الطيب
أشرق وجه كيفن، ولهج لسانه حمداً لله:
ـــ الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله. لم يخيب الله
رجائي.. الحمد لله
*******************************
تم عقد النكاح، وسط فرحة الحضور..وأعلنها عاقد الأنكحة:
ـــــ بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير
اللهم آمين
احتضنت السيدة مريم ابنتها وقد طفرت عبرات السعادة:
ـــــ مبارك يا عائشة، مبارك يا حبيبة أمها ههه
ـــــ بارك الله فيكِ يا أمي الحبيبة
ضمها والدها وقبل رأسها، وقال بنبرة شجية:
ــــ مبارك يا عائشة يا ابنتي
ــــ بارك الله فيك يا ابي الحبيب
أسدى لها الوالد بنصائحه:
ــــ أصبح عبد الله زوجاً لكِ الآن. أطيعيه يا بنيتي،
وكوني له الزوجة الصالحة التي تعوضه عن أهله الذين ضحى بهم لأجل الفرار إلى الله
ــــ إن شاء الله يا أبي. فأنا ما قبلت الزواج منه إلا
لأجل ذلك. أعانني الله على أن أكون له زوجة مطيعة لينة، تعينه على طاعة الله اللهم
آمين
ــــ اللهم آمين يا ابنتي
اقترب الشيخ عبد الهادي من عبد الله، وقدم لها تهنئة
حارة:
ــــ مبارك يا عبد الله يا ولدي. جعل الله لك هذه المرأة
زوجة صالحة تعينك على التقرب إلى الله.
ـــــ بارك الله فيك يا شيخ عبد الهادي. أشكرك على وقوفك
إلى جواري حتى تمام الأمر
ـــــ أنت كأبن من أبنائي، وشرف لي أن أقف إلى جوارك.
هاهو محمد جاء ليهنئك ههه
عانقه محمد جذلاً وقدم تهنئته:
ـــــ مبارك، مبارك يا عبد الله. سعدت لأجلك كثيراً
والله
ـــــ بارك الله فيك يا محمد. والله لإنك نعم الأخ. لا
أعرف كيف أشكرك لجميل صنائعك معي.
ــــ لا تقل ذلك يا رجل. هيا لأصطحبك وعروسك إلى
دوسلدورف إن شاء الله
كان هناك شيء يدور في خلد الشيخ عبد الهادي..فاتجه إلى
الدكتور سالم ليفصح عنه..فبدأ بتقديم التهنئة:
ــــ يا أخ سالم. مبارك زواج ابنتك من ولدنا عبد الله.
جعلها الله زيجة مباركة إن شاء الله.
ـــــ بارك الله فيك يا شيخ عبد الهادي.
ـــــ عندي اقتراح، وأود لو قبلته
ــــ تفضل باقتراحك
ــــ اقترح أن تغير منزلك، وتسكن في حي آخر في ميونخ.
ـــــ مممم كنت أفكر في ذلك حتى نبعد عن أي مراقبة. فلا
نعلم إلى أين ستسير الأمور.
بشره الشيخ بخير المآل:
ــــ تسير إلى ما هو أفضل إن شاء الله، ولكن علينا الحذر.
ربما جاءت ابنتك تزورك وزوجها. فيجب أن يكونا آمنين إن شاء الله
أومأ الدكتور سالم برأسه قائلاً:
ــــ غداً إن شاء الله سأبحث عن سكن آخر
ــــ ولِمَ تبحث؟ هناك بالفعل سكن آخر في المنطقة التي أسكن
بها، وهناك والحمد لله عندنا مسلمين متحابين.. وحتى المسيحيون هناك لا يؤذون أحد.
ابتهج الدكتور سالم لهذا العرض:
ــــ حسناً جداً. سأبيع هذه الشقة في أسرع وقت وانتقل
وزوجتي إلى السكن الآخر الذي اخترت لنا يا شيخ عبد الهادي
لاطفه الشيخ ملاطفة الصديق:
ــــ وفرصة يا رجل تتعرف زوجتي بزوجتك . فبالتأكيد بعد
زواج ابنتكما ستحتاج زوجتك إلى من يؤنس وحشتها في غربتها.
ـــــ إن شاء الله. سيكون نعم الجوار يا شيخ عبد الهادي
*******************************
وفي الشارع الذي تحفه الأشجار، وقف عبد الله بعيداً إلى
جوار سيارة محمد، يرقب عروسه التي تعانق عيناها الأرض، ظلت ترقبهما السيدة مريم
وتكاتم الضحك..مالت إلى أذن ابنتها وهمست:
ـــــ عائشة ههه زوجك ينظر إليك. فهلا ذهبتي إليه؟
ــــ ها!! لا،لا، أشعر بالخجل يا أمي. ولِم لا يأتي هو!!!
ـــــ ههه يبدو أنه يشعر بالخجل أيضاً.
اتجهت السيدة مريم إلى زوجها وقالت وهي تكاتم الضحك:
ــــ سالم. العريس والعروس يشعران بالخجل، ويقف كل منهما
بعيداً وكأنه يخشى لو اقترب من الآخر أن تصعقه الكهرباء ههه
قهقه الدكتور سالم وهمس لها:
ــــ سأذهب إليه وأحضره
كي يقترب ويأخذ عروسه
ذهب إليه الدكتور سالم:
ــــ يا عبد الله ههه
ــــ مرحبا السيد سالم
ــــ تعال وخذ زوجتك
ــــ هاا !!!!!!! مممممم سأفعل إن شاء الله.
ظل متسمراً بمكانه يرقبها عن بعد... وكأنه يهاب الاقتراب
من صاحبة الضوء...أعاد والدها الطلب ضاحكاً:
ـــــ تحرك تجاه عروسك وخذها يا عبد الله هههه تحرك يا
ولدي فمازلت بمكانك
اتجه عبد الله صوبها بخطوات أبطأتها الرهبة..فأسرع
الدكتور سالم يقول لزوجته:
ــــ مريم ابتعدي انتِ عنها، فربما يشعر بالخجل لوجودك
ــــ هههه سأبتعد بعد أن أهنأه
اتجهت السيدة مريم صوبه تهنئه:
ــــ مبارك يا
زوج ابنتي الحبيبة ههه وأنت أيضاً أصبحت ولدي الحبيب هههه
تبدت بسمة على محياه وقال:
ـــــ جزاكِ الله خيراً، وبارك الله فيكِ السيدة مريم
قالت بحنان غامر، ونظرة مفعمة بالأمومة:
ـــ قل أمي. فأنا أشعر إني أمك حقا يا ولدي
تذكر عبد الله أمه، فشرد حزيناً وهو يغمغم:
ــــ أمي!
أمسكت السيدة مريم بيده وسألته بحنو:
ــــ لِم شرد ذهنك يا ولدي ؟ يبدو أنك تذكرت أمك. أليس
كذلك ؟
ـــــ......أجل..... تذكرتها. كم أرجو من الله أن يهديها
للإسلام
ـــــ هداها الله يا ولدي آمين
أفرج عن ابتسامة حبسها الشرود وقال:
ـــــ أشكرك يا أمي مريم
ربتت على ذراعه وقالت وعيناها تلمعان سعادة:
ـــ أتركك مع زوجتك لتصطحبها إلى السيارة لتسافرا سوياً.
بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير يا ولدي
اقترب من عروسه..تنحنح باسماً ليلفت انتباهها، وألقى
السلام على تلك التي حظيت الأرض بعناق عينيها:
ــــ احم احمممم السلام عليكم
ـــــ مممم وعليكم السلام
ــــ ههه لا أدري كيف أبدأ الحديث ولكن ...... أشكرك على
منحي شرف الزواج منك. وأرجو من الله أن أكون لكِ زوجاً صالحاً يكرمك ولا يهينك أبداً..
وسأبذل قصارى جهدي لإسعادك إن شاء الله.
ــــ ممم شكراً
قهقه عبد الله وقال ساخراً:
ـــــ أقول لكِ كل هذه الكلمات، وتردين بكلمة واحدة!!!
ــــ لا اجد ما أقول، عذراً
ـــــ ممممم حسناً... تفضلي لنركب سيارة محمد وننطلق إلى
دوسلدورف
ــــ تفضل. سأتبعك
ـــــ حسناً يا عائشة هههه
لأول مرة ينطق اسمها مجرداً..فقد اعتاد أن يقول سيدتي
الطبيبة..لذا ضحك..فأخيراً تحطمت صخرة الاغتراب...تذكرت عائشة شيئاً ما، فتوقفت
ونادته:
ــــ من فضلك يا عبد الله، عندي أمر هام يجب أن أفعله قبل مغادرة ميونخ
استدار وقد غضن حاجبيه:
ـــــ وماهو ؟
ــــ أريد عيادة مريض من فضلك.
رد وقد علت الدهشة ملامحه:
ـــــ مريض!
ــــ أجل. وسأخبر أبي كي يأتي معنا لزيارته من فضلك
سأل بفضول قاتل:
ــــ ومن هو هذا المريض ؟
ــــ إنه دكتور لوكاس مدير المستشفى السابق. أصيب بالشلل
للأسف على إثر حادث. وهذه فرصتي الأخيرة لزيارته. وأرغب في اصطحاب أبي معي حتى
يتعرف إليه، ويعينه بقدر المستطاع في مرضه ومحنته.
أرسلت عيناه نظرات الفخار وعبر عن احساسه بها:
ــــ كم أنتِ عظيمة! لم يشغلك أمر زواجك والسفر مع زوجك
عن أداء واجب إنساني كهذا.
ــــ هذا أمر عادي. لا تعطه أكبر من حجمه
ابتسم وقال وهو يتجه صوب والدها:
ــــ سأخبر السيد سالم كي يأتي معنا لزيارة دكتور لوكاس
قبل سفرنا.... وسانتظركما في السيارة حتى
تعودا.
*******************************
سمعت الخادمة في منزل دكتور لوكاس قرع الأجراس، فهرعت
تسأل:
من الطارق ؟
أجاب الدكتور سالم:
ــــ من فضلك نحن ضيفان جئنا لزيارة دكتور لوكاس
فتحت الباب، فألفت الدكتور سالم وإلى جواره عائشة:
ــــ مرحباً. تفضلا. من أنتما حتى أخبره ؟
أجاب الدكتور سالم:
ــــ قولي له الدكتورة عائشة ووالدها يرغبا بزيارتك
ــــ حسنا سأخبره. تفضلا هاهنا بالجلوس
ــــ شكراً
*******************************
دلفت الخادمة إلى غرفة الدكتور لوكاس، الذي يجلس على
مقعد متحرك وتعلو وجهه الكآبة:
ــــ دكتور لوكاس
رد بحدة:
ــــ ماذا تريدين؟
ــــ الدكتورة عائشة ووالدها جاءا لزيارتك
اتسعت حدقتاه ذهولاً، وانعقد لسانه هنيهة..ثم قال بدهشة:
ــــ الدكتورة عائشة..... أيعقل هذا!!.... . أدخليهما
ــــ أمرك.
عادت إلى الضيفين لتقودهما إلى الغرفة:
ـــــ تفضلا. دكتور لوكاس بانتظاركما
دلفت الدكتورة عائشة وخلفها والدها..حيت الدكتور لوكاس
بابتسامة:
ـــــ طاب مساؤك دكتور لوكاس. جئت لزيارتك أنا ووالدي
حياه الدكتور سالم ببسمة ودودة:
ـــــ مساء الخير دكتور لوكاس
رد بملامح متجهمة:
ـــــ مرحبا بكما. تفضلا بالجلوس
جلسا، فواسته عائشة:
ــــ حزنت جداً لأجلك دكتور لوكاس. وأعتذر عن التأخر في
زيارتك. والله لم أكن أعلم إلا بالأمس
ظل صامتاً يرقبهما بملامح خالية من أية تعبير
ـــــــ.................................................................
أطرقت عائشة قليلاً ثم قالت:
ــــ أشعر أنك غير راغب بوجودنا. أراك تنظر إلينا صامتا
في دهشة. هل نتركك الآن لتنال قسطا من الراحة
؟
ــــ لا،لا، على العكس تماماً.... أنا فقط آآآآ لم أتوقع
هذه الزيارة منكِ أنتِ على وجه الخصوص دكتورة عائشة ...
تفاجئت حقاً عندما أخبرتني الخادمة بوجودك ورغبتك ووالدك
في زيارتي
ــــ ههه ولِم
أنا على وجه الخصوص من تتعجب لزيارتها ؟
أطرق رأسه خزياً، وقال والندم يعتركه:
ـــــ كنت دائما فظاً معك، واعتدت على نهرك أمام الجميع .....
كنت أظن أن مرضي سيشفي غليلك تجاهي. وأنه سيفرحك ....وطالما فكرت فيكِ وكنت أقول
لنفسي.. أكثر شخصية سترتاح من عدم وجودي وستفرح لمرضي هي الدكتورة عائشة.
بدا الابتئاس على وجه الدكتورة عائشة وقالت:
ــــ لا حول ولا قوة الا بالله. والله لقد أحزنني الخبر
جداً . من قال أنني أتشفى في مرض أستاذي الدكتور لوكاس!
بدد الابتسام تلك الكآبة على وجهه.. وراح يمدحها:
ــــ كم أنتِ إنسانة رائعة حقاً
عاد للتجهم مردفاً:
ـــــ تزوريني بعد أن تخلى الجميع عني... بما فيهم زوجتي
كاترين، التي أحسنت إليها طوال سنوات زواجنا... فكان جزائي أن تتخلى عني وتهاجر
إلى ولدنا في كندا، وتتركني والمرض والذكريات الأليمة والوحشة والعزلة عن العالم .
اصبحت غير راغباً في الحياة. ليتني امت وأسترح.
رد الدكتور سالم بلطف:
ـــــ دكتور لوكاس! لا تقل ذلك يا أخي. الحياة حقاً بها
الكثير من المتاعب ،ولكن لا تتمنى الموت.
ـــــ ولمن احيا يا .......... عذراً.. لم تخبرني باسمك
ـــــ أنا سالم أحمد والد الدكتورة عائشة، أعمل أستاذاً
للقانون الدولي في جامعة لودفيدج
ـــــ مرحبا السيد سالم. سعيد جدا لزيارتك. سررتما قلبي
حقا بهذه الزيارة . وسررت جدا لتسامح الدكتورة عائشة معي
ــــ ابنتي تعلمت ذلك من رسولنا الكريم عليه الصلاة
والسلام . تعلمت أن تتسامح ولا تضمر ضغينة لأحد
ــــــ ...... تعاليم دينكم جميلة جداً . إنها تعاليم
تسموا بالنفس فوق كل آفات البشر... حتى الآن متعجب من أمركما... ولكن سعيد جداً
بهذه الزيارة .... سأدق الجرس للخادمة حتى تأتيكما بواجب الضيافة.
شكره الدكتور سالم، وأفصح عن عجلته:
ـــــ لا، لا. شكراً. فنحن على عجل. زوج عائشة منتظرها
الآن وستسافر معه
ــــ حقا ؟ هههه أهنئك على زواجك دكتورة عائشة. ولكن
حزنت لأنك ستسافرين ولن تزوريني مرة أخرى
ــــ ههه اشكرك على التهنئة. إن شاء الله سأزورك عندما
أجيئ إلى ميونخ مرة أخرى
نهض الدكتور سالم عن مقعده استعداداً للمغادرة وقال بود:
ــــ أنا من سيزرك دوماً إن شاء الله دكتور لوكاس
تهلل الدكتور لوكاس:
ــــ حقا سيد سالم؟ إنك بذلك ستشعرني إنني مازلت حياً وهناك من يسأل
عني ويهتم بأمري.
أخرج الدكتور سالم قلم ومفكرة من سترته..كتب رقم هاتفه
على عجل..أعطى الورقة للدكتور لوكاس ووعده:
ــــ إن شاء الله سأزرك
كثيراً . هذا رقم هاتفي إن احتجت أي أمر فلا تتردد في مهاتفتي
أطرق الدكتور لوكاس قليلاً ثم قال بنبرة رجاء:
ــــ أيمكنني أن أطلب منك أمرا يا سيد سالم؟
ــــ تفضل دكتور لوكاس
طفرت دمعة من عين دكتور لوكاس، وقال:
ــــ اود ان أعانقك
ــــ ههه بل انا من أود
ذلك وهأنذا أفعل دكتور لوكاس
مال إليه دكتور سالم وعانقه..تبسم الدكتور لوكاس وأسدى
إليه الشكر:
ــــ اشكرك جداً ... بارك الرب لك في ابنتك الطيبة .
سعيدٌ جداً أن نكن أصدقاء
ــــ سأكون أسعد . نستأذنك في الإنصراف . هيا يا عائشة
ــــ هيا يا أبي
. استأذنك دكتور لوكاس
ودعها باسماً وقال بحنو:
ــــ تفضلي يا ابنتي . باركك الرب
ما أن غادرا الغرفة، حتى فاضت عيناه بالدموع...عادت إليه
الخادمة بعد أن ودعت الضيفين عند الباب..رمقت تلك الدموع ووجه الشارد، اتجهت من
المنضدة التي تجاوره، واستخرجت قرصاً من إحدى علب الأدوية، وصبت كأساً من الماء،
وقدمتهما إليه وسألته وقد رقت لحاله:
ــــــ دكتور لوكاس..... أراك تبكي منذ خرج أضيافك
ــــ أجريا الدموع بعيني بحسن صنيعهما.... من أي شيء صنعت قلوب هؤلاء!....
من أين لهم بكل هذه الرحمة في القلوب !!!
*******************************
عاد جوزيف بأنباء يترقبها الآب دانيال:
ـــــ آبانا دانيال....تزوج كيفن من الطبيبة وتوجها إلى دوسلدورف
الآن
جن جنون القس وانقض عليه آخذاً بمجامعه:
ـــــ ايها المجنون! وكيف تأتي وتتركهما دون أن تعرف أين
سيقيما في دوسلدورف!!
ـــــ لا تتعجل يا آبانا. فقد أرسلت أحدهم يراقبهم ويعرف
أين سيقيمون.
ــــــ أها!! ههه.. هكذا تكون اليقظة يا جوزيف. اذهب أنت
الآن
*******************************
وصلا إلى دوسلدورف في سيارة محمد، توقف بالسيارة عند
بوابة المنزل الذي أعده لهما:
ـــــ حمدالله على سلامتكما.
ـــــ سلمك الله يا محمد
ـــــ تفضل يا عبد الله.. هذا هو مفتاح المنزل.. سمي الله وافتح الباب وادخل أنت وعروسك. بارك
الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير اللهم آمين.
ـــــ آمين
ترجل عبد الله عن السيارة، وأسرع بفتح الباب لعائشة
باسماً وقال:
ــــ تفضلي بالنزول
نزلت عن السيارة وتنحت جانباً، فقال محمد:
ــــ استودعكما الله. إن احتجت أي أمر هاتفني يا عبد
الله. عندك الطعام معد على المائدة.
ــــ هاها أحتى الطعام لم تنس إعداده يا محمد! ولكن هل
تذكرت ما طلبته منك ؟
ــــ هذا أمرٌ يسير ههه نعم تذكرت. تفضل أنت وعروسك الآن.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ــــ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أخي.
هما بالدخول، فتذكر عبد الله شيئاً فنادى محمد الذي هم
بالتحرك بسيارته:
ـــــ محمد! انتظر.
أين الحقائب يا رجل ههه أتعطنا الطعام وتطمع في الحقائب؟ ههه
ــــ أوه! والله قد نسيت. انتظر سأعطيك حقائبك يا عبد الله ..ها هي واحدة
آآآه ثقيلة جداً هه وهاهي الأخرى..أثقل من الأولى.
ـــــ أشكرك يا محمد. سأصعد بالأثنين. فأنا مسكين ومضطر ههه
ــــ وأنا سأنطلق حتى لا أحملهم مرة أخرى ههههه. السلام
عليكم
ـــــ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا محمد
توجه عبد الله إلى باب المنزل يفتحه:
ـــــ بسم الله الرحمن الرحيم.... تفضلي يا زوجتي
الجميلة
ــــ بسم الله الرحمن الرحيم
دلفا إلى المنزل، فقال عبد الله ضاحكاً:
ــــ ـحقيقة أنا مثلك، هذه أول مرة أدخل إلى هذا المنزل
وسنتفقد معالمه سوياً...تعالي ننظر إلى أين يؤدي هذا الممر
ــــ ههه ضع عنك الحقيبتين، فهما ثقيلتين
ـــــ هههه أشفقتي
عليّ من حملهما ؟
ــــ مممم أجل
ــــ ممم ههه أشفقتِ عليّ لأنك تحبيني، اليس كذلك ؟
ـــــ ... أين حجرتي لأستبدل ملابسي ؟
ـــــ حجرتك!...تقصدين حجرتنا
أطرقت برهة ثم قالت بتعجب:
ــــ حجرتنا!! مممم أأسف جداً.. فلم أعتد على أن يشاركني أحد
حجرتي
قهقه عبد الله وقال:
ـــــ كان هذا في السابق زوجتي الحبيبة، أما الآن فلا ههه....
إن كنتِ تشعرين بالخجل فأنا أيضاً أشعر به أكثر منك
ضحكت وقالت:
ــــ ها!! ..أنت تخجل أنت هههه
ضحك عبد الله وقال:
ـــــ ولِم لا
!!! مممممم كم أنتِ ماكرة وقلبك أسود ههه....
إنسي كيفن وصنائع كيفن، فالذي يشعر بالخجل هو عبد الله المسكين الذي أمامك ههههه....
أليس الإسلام يجُب ما قبله؟
بدت بسمة على ثغرها وقالت:
ــــ غلبتني بحديثك. ممممم سأصدقك أنك تشعر بالخجل يا
عبد الله ههه.
ـــــ هههه هيا لنعرف اين هي حجرتنا زوجتي الحبيبة.
*******************************
عثر عبد الله على الغرفة، فنادى عائشة:
ـــــ تعالي يا عائشة ها هي الغرفة. بسم الله الرحمن
الرحيم. أين هو زر المصباح! .ها هو ههه أضاءت الغرفة يا صاحبة الضوء تفضلي
ردت باندهاش:
ــــ صاحبة الضوء!... هذه ليست المرة الأولى التي تسميني
فيها صاحبة الضوء... ما سر هذه التسمية يا عبد الله ؟
صب كأساً من اللبن ومده إليه باسماً:
ــــ اولاً خذي
من يدي كأس اللبن لنتقاسمه سوياً
ابتهجت عائشة وقالت:
ـــــ كأس لبن في ليلة العرس على السنة النبوية ... أسعدتني
جداً أنك بدأت الليلة بإعطائي كأساً من اللبن. سأشرب بعضه وأعطيك بعضه. بسم الله
الرحمن الرحيم
شربت نصف الكأس على عدة رشفات ومدته إليه فقال باسماً:
ــــ هنيئا مريئاً
ــــ جزاك الله خيراً . تفضل واشرب أنت
ــــ بسم الله الرحمن الرحيم
ضحكت فبدت للآلئ فمها البيضاء وقالت:
ـــــ هنيئا مريئاً يا عبد الله
أطال نظرة إلى ثغرها الباسم وقال جذلاً:
ــــــ هذه أول مرة أرى فيها بياض أسنانك هاها كنتِ
متحفظة عن الضحك والكلام معي دائماً
ـــــ أكنت تريدني أن أمازحك وأضحك أمامك وقد كنت غريباً
عني ؟
ــــ لا، على العكس.... كان تحفظك معي يزيدك علواً في
نظري، ويزيدني تشبثاً بكِ حبيبتي.
أطرق برهة ثم هتف باسمها:
ـــــ عائشة!
ــــ أمرك زوجي
قال متيماً:
ــــ احبك
تبسمت بخجل وأخفضت بصرها:
ــــ ألن تسمعيني إياها ؟
ـــــ أود أن أسمعك إياها ولكن ....... مازلت أشعر بالخجل
ـــــ حسنا. أغمضي عينيكِ وانطقيها.
ــــ هاها بل أدر ظهرك أنت وسأقولها.
ـــــ حسناً. سأدير ظهري حتى أسمع أجمل كلمة تقت إلى
سماعها من بين شفتيكِ حبيبتي.
ــــ أحبك
تقافز قلبه من فرط السعادة واستدار يمسك كفها ويقول:
ـــــ أنا أحبك أكثر... إنطقيها مرة أخرى.
ــــ هاها لا تكن طماع ... مرة واحدة تكفي.
ــــ لا، أنا طماع جداً.. بالله أسمعيني إياها مرة اخرى،
فكم تقت إليها حبيبتي.
ــــ أحبك
ـــــ يا إلهي!!. كأنني في عالم آخر حبيبتي... حقاً لا أصدق
أنكِ صرتِ زوجتي وقرة عيني.
أغمضت عينيها وقالت باسمة:
ــــ كلامك جميل، جميل... وأنا أيضاً سعيدة جداً أنك
أصبحت زوجي يا عبد الله.
ــــ حقا حبيبتي ؟ ... حقا سعيدة بزواجنا ؟
ــــ والله إني سعيدة جداً بزواجنا، وأسعد بإسلامك
وإيمانك الذي وقر في قلبك
ــــ الحمدلله على نعمة الإسلام..... أتعلمين ماذا أود
أن أفعل الآن ؟
ــــ ماذا تريد أن تفعل حبيبي ؟
أشرق وجهه لسماعها تلك الكلمة التي طالما تاق إليها،
فقال:
ـــــ حبيبتي أنتِ ... كم هي جميلة كلمة حبيبي من بين
شفتيكِ
ـــــ ممممم قل لي ماذا تريد أن تفعل ولا تغير الموضوع
ههه
ـــــ منذ رأيتك في غرفتك تصلين قبل الفجر، عندما فتحت
الرياح نافذتك، ورأيت وجهك المضيء كضوء القمر، تمنيت أن أصلي معك وأن أشاركك هذه
الروحانيات الجميلة بعيداً عن العالم وصراعاته. سلام نفسي وحياة قلب مع الله
ـــــ يا الله !! أرأيتني وأنا أصلي يا عبد الله في
اليوم الذي فتحت فيه النافذة بفعل الرياح ! ألهذا تلقبني بصاحبة الضوء ؟
هز رأسه باسماً وقال:
ـــــ أجل. لأنك حقا صاحبة الضوء... أنتِ من أضأتِ طريقي
حينما رأيت نور إيمانك في وجهك حبيبتي
ـــــ بارك الله فيك حبيبي.... هيا حبيبي لنتوضا ونصلي
سوياً كما كنت تتمنى. فلنبدأ حياتنا بالصلاة كي يباركها الله
ــــ هيا حبيبتي. سأسبقك وأتوضأ ههه والله لا اصدق نفسي
أن كل الأماني تحققت واصبحت حقيقة بين يدي....إسلامي واستقامة حياتي، ثم جمعي
بحبيبتي في بيت واحد كزوجة ... والله لا أدري كيف أشكر ربي
ـــــ أسجد شكراً له يا عبد الله. أسجد لله ولا تسجد
لغيره. الحمدلله.. رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ نبياً ورسولا، أسجد
لله حبيبي، أسجد شكراً
سجد عبد الله بقلب شاكر:
ـــــ الحمدلله ،اشكرك يا ربي، أشكرك.
ــــ ذاهب للوضوء حبيبتي.
ــــ تفضل حبيبي.
*******************************
دخل أحد حراس الكنيسة على الآب دانيال، ليخبره بقدوم
زائر يترقبه:
آبانا دانيال. الأم صوفيا جاءت وتطلب لقاءك.
انتفض عن مقعده وقد تهلل وجهه وقال وهو يتهيأ
لاستقبالها:
ـــــ صوفيا!...ادخلوها، ادخلوا صوفيا. جاءت في وقتها:
دلفت والكآبة تربض على ملامحها..أحنت رأسها وحيته:
ــــ طاب صباحك الآب دانيال
ـــــ مرحباً صوفيا...اقتربي وخذي البركات:
قبلت يده وأجهشت بالبكاء وقالت:
ــــ جئتك لتواسيني يا آبانا ..مات كيفن ولد أختي
انفجر القس ضاحكاً، فتملكها الذهول، وقالت:
ــــ ما هذا!!..أتضحك يا آبانا وقد صعدت روح ابن أختي كيفن
إلى الملكوت الاعلى مع القديسين وغاب للأبد ؟
انخرطت في البكاء فقال:
ــــ إهدئي يا صوفيا واجلسي ها هنا أمامي، فلي معك حديثٌ
طويل
جلست وقالت بنشيج:
ــــ تفضل يا آبانا دانيال
ـــــ كيفن لم يمت يا صوفيا
فغرت فاها مشدوهة للحظات ثم قالت:
ـــــ ماذا تقول يا آبانا!. كيفن مات غرقاً في النهر، وقد
وجدوا سيارته في النهر بالفعل. فكيف تقول أنه لم يمت!!
ضحك وقال ساخراً:
ــــــ إبن أختك الماكر، الذي يظن أنه أصبح في مأمن من
الأخطار، هو من ادعى ذلك
هز رأسها غير مستوعبة لما تسمع..ثم استوضحته:
ــــ ماذا!....لا افهم شيئا! ..أفصح عن الأمر أكثر.
تأججت دواخل القس وصاح بغليله:
ـــــ الكافر دخل الإسلام
وكأن صاعقة نزلت على رأس صوفيا أفقدتها صوابها، فانتفضت
عن مقعدها تصرخ وتتحرك بهياج كالرياح الهوجاء:
لا... لا تقل ذلك يا آبانا... لا، لا، ليته مات، ليته مات
..كارثة.. هذه كارثة...
عضت يديها غليلاً وسألت بصوت متحشرج وعيناها تتقد:
ـــــ آآآآخ! أين هو الفاجر؟ أين هو ليمزق إرباً. لن
أهدأ حتى أراه مضرجا في دمائه.
قهقه القس وربت على كتفها وأثنى عليها:
ــــــ كنت متأكد من ردة فعلك بالغضب والحنق من فعلته.
أعادت السؤال والشرر يتطاير من عينيها:
ــــ أخبرني أين هو؟ أين هو يا آبانا؟
رد بحكمة وهو يتجول في الرواق وعيناها تتبعه:
ـــــ اكظمي غيظك وكفاكِ عضاً على يديكِ.... الأمر لا
يؤخذ هكذا.. . فكما عاملنا بالدهاء فلن نرد إلا بالدهاء.
ردت كالنار المستعرة:
ــــ لا أحتمل. لا أحتمل. أخبرني بمكانه، وعندي من سيمزقونه.
ــــ إهدئي يا صوفيا. كل هذا سيحدث، فلا تقلقي. لن يقتل
وحده. بل سيقتل هو ومن دفعته للإسلام.
تذكر عائشة فتأجج قلبه غلاً وقال بوعيد:
ــــ الطبيبة ..آآآآخ الطبية.. . وحق الرب لن أتركها
بدت الدهشة على ملامحها وقالت:
ـــــ الطبيبة!!...عمن تتحدث يا آبانا ؟
ــــ طبيبة أفسدت عقله، وأوقعته في شباك حبها، فأطاعها وأسلم وترك دين آبائه
تأججت نيرانها ضد عائشة وتوعدتها:
ــــ آآآخ!.. . هذه الفاجرة. أين هي ألأخرى؟أخبرني. وحق
الرب لتذبح كالشاة أمام عينيه، وسألطخ وجهه بدمائها... وبعدها... يقتل هو الآخر.
ـــــ هاها سيحدث.. لا تقلقي. إنه يظن أننا كسائر الناس
اقتنعنا أنه مات غرقاً.. فذهب وتزوج بالأفعى، وسافرا إلى دوسلدورف ليحيا بعيدين عن
الأخطار هاها... مسكين.. لن يهنأ كثيراً.
عاد تعض على يديها غلاً وتقول بنفاد صبر:
ـــ يا آبانا! يا آبانا لِم نتركه!! بل نرسل من يقتله
ويقتلها الليلة.
قال القس وعيناه تتقد دهاءا:
ــــ كل شيء سيرتب... وهو من الأساس في نظر القانون قد
مات، ولا يوجد أي شخص بإسم كيفن هاها... فعندما يُقتل فلن يشعر به أحد. وهي ستمزق أشلاءها
وتلقى في النهر.. فقط الهدوء.. الهدوء يا صوفيا.. سننتقم شر انتقام فاهدئي
أصرت على أسنانها وقالت:
ــــ آآآخ. أهكذا يفعل بنا الفاجر!! اشتعلت نيران الغضب في قلبي. لا استطيع تحملها.لا
أستطيع.
ــــ دعي نيران الغضب المشتعلة في قلبك، ولنتكلم عن
الخطوة القادمة بعد أن عرفنا مكانه.....فقط عليكِ أن تحتفظي بهذا السر ولا تخبري
أحد.... أمه وأبوه يعلمون أنه مات والأمر
انتهى.... عودي إلى برلين ..ولكنني أريد إحدى
الراهبات من تلميذاتك كي تعيننا. فاختاري أكثرهن دهاء وارسليها بعد شهر من الآن
أومأت برأسها وقالت:
ــــ سأفعل... صلي من أجل أن تهدأ النار في صدري ضد هذا الكافر.
ـــ إهدئي يا صوفيا، إهدئي .... يمكنك الإنصراف إلى
برلين الآن.. وعندما أهاتفك عليكِ بالحضور مرة أخرى
أحنت رأسها انصياعاً للأمر..ثم عادت للوعيد بصوت من
جحيم:
ــــ أهم شيء عندي أن يقتلا أمام عيني. يذبحا ويمزقا.. فإسالة دم هذا الفاجر ومن تزوجها أقل اعتذار
ليسوع والصليب.. .
نظرت إلى الصلبان المعلقة على الجدران وذرفت العبرات
متحسرة وقالت بنشيج:
ــــ دعني أقبل صلبان الكنيسة صليباً صليباً كاعتذار مني..
وياليت يسوع يقبل ..يا ليت يسوع يقبل..
وقفت أمام لوحة يسوع تعصر عينيها دموعاً وتقول متحسرة:
اهٍ يا يسوع! تركنا الحياة ومتعها لأجلك يا يسوع، وهم
يتركوك لأجل متع الحياة يا يسوع ..عذرا أيها الصليب، عذراً أيها القديسون ..سننتقم
للجميع ..دعني أقبل الصلبان. دعني يا آبانا..عل روحي ترتاح من العذاب.
ــــ اذهبي وقبلي الصلبان أيتها الراهبة الصالحة صوفيا
*******************************
إلى هنا قد انتهت حلقاتنا لهذا اليوم
أظنها حلقة مضاعفة تعوض التأخير ههه
حللتم أهلاً ونزلتم سهلاً بمدونتكم
ألتقيكم بعد عيد الأضحى المبارك إن شاء الله
كل عام وأنتم بخير
تحياتي
جزاك الله خيرا
ردحذفتسلم ايدك
نفع الله بك الاسلام والمسلمين
انا هند
هي حلقة جميلة ودسمة ومليانة احداث
ردحذفبس بردو عايزين حلقة كمان تعويض ليوم الاثنين ، اه الحق حق يا استاذة هوبة
ثانيا بقا تسلم ايدك وعينك
بس دانيال الخبيث هيعمل ايه فيهم ربنا يلعنه 😭
صوفيا ف ثانية كدة اتشقلب حالها من حب لكره نعوذ بالله منكم
مصيبة لأمه كمان تعرف وتتمنى موته 😒
تسلم ايدك حبيبتي رائعة جدا جدا
ردحذفكاميليا محمد
ردحذفلا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد
الحلقة رائعة ومليئةبالاحداث زادك الله من علمه ونفع بك وسلمت يداك 🌹❤️
كل عام وانتم بخير
ردحذفعيد سعيد ان شاء الله
سلمت يداك
ردحذفكل عام و أنتى بخير
لولولولولو لولي...
ردحذفمبروك يا عبدالله.. ومبروك يا عائشة
أخيرررراً
هو دانيال ده مش هيسيبهم في حالهم ولا إيه؟؟
وصوفيا هتطلع عليهم القديم والجديد
دكتور لوكاس ده شكله وشه هينور بالإسلام عما قريب
حلقة جميلة يا جميلة
🌷دُمتِ مُبدعة 🌷
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ردحذفهو مافيش حلقة اليوم يا جميل ولا اجازة العيد؟؟
ال
ردحذفيا اخيرا يا عبد الله زواج مبارك
ردحذفصوفيا بتبوس الصلبان وما هي تضر ولا تنفع
سيدنا عيسى برئ من اللي بيعملوه
ربنا يثبتنا على الايمان والاسلام