الحلقة الرابعة عشر( أنا وكيفن وضوء القمر)
قالت العروس بنبرة كسيرة وهي تغالب البكاء:
كيفن ! وأين هو كيفن!!!
جاء صوت كيفن من بعيد مزلزلاً
ــــ هأنذا جئت إليكِ عروسي الجميلة هههه
صرخت أنجيليكا فرحاً وقفزت في الهواء:
ــــ كيفن هههه
اتجهت الأعين صوب الصوت، فرمقوا كيفن يدخل من الباب
مسرعاً تفيض ملامحه سعادة...قطع الرواق متجهاً إلى عروسه وسط همس الحضور، واستبشار
والدته التي رمقته على مسافة:
ـــــ ولدي كيفن! كيفن جاء يا ماكس ههه. الشكر للرب.
وصل إلى عروسه التي لامته برفق المحب:
ـــــ أهكذا يا كيفن!! ما الذي أخرك عني كل هذا الوقت؟
شعرت بالحرج أمام الجميع.
أجابها بابتسامة هادئة:
ــــــ عذراً أنجيليكا. ذهبت لأحضر لكِ خاتماً محفور
عليه اسمك. هذا كل ما أخرني.
ـــــ كنت أشعر بالغيظ الشديد. فعندما رأيتك كأن ثلجاً
وضع على ناري المتقدة بقلبي من جراء فعلتك وتأخيرك هه
اتسعت ابتسامته وقال وهو يتنحى عنها:
ـــــ تفضلي أمامي لنتمم إجراءات الزواج عند الآب دانيال
بدت الدهشة على وجهها وقالت:
ــــ ما هذا! ألن تمسك يدي يا كيفن ؟
ـــــ قلت لكِ أنجيليكا أريد أن أشتاق. لن ألمسك إلا بعد
إتمام إجراءات الزواج حتى يزيد شوقي هه
ابتسمت وأومأت برأسها، وتقدمت أمامه إلى القس دانيال:
وقف القس لاستقبال العروسين. ولكن عيناه ذواتا الدهاء
تلتصقان بكيفن. ألقى كيفن التحية على القس ببسمة توارى خلفها البغض:
ـــــ مرحبا الآب دانيال
بادله القس بسمة تحوي حقد دفين على ذاك الصابئ المخادع:
ـــــ مرحبا يا ....... كيفن هه لِمَ تأخرت ؟؟؟
أخرج كيفن من جيب سترته علبة مخملية صغيرة. فتحها وقال:
ـــــ لأحضر لأنجيليكا هذا الخاتم.... ما رأيك في تقليدٍ
جديد سيتبعه الأزواج من بعدنا يا آبانا ؟
كان القس يتأهب للحيلة التي يحيكها كيفن في الخفاء..
سأله والدهاء يلمع في عينيه:
ـــــ ما هو أيها
المخترع ؟
ـــــ بدلاً من أن اُلبس أنا الخاتم لأنجيليكا، تمسكه
أنت بيدك المباركة وتلبسها إياه هه
قهقه القس وقال وهو يفرك ذقنه:
ـــــ ولِمَ لا تلبسها أنت إياه يا ...... كيفن ؟ههه
ـــــ أريد أن تحل بركات يديك على الخاتم ههه
ـــــ ههه حسناً .... هاتي أصبعك يا أنجيليكا كي تحل
البركة
ـــــ ها هو يا آبانا ههه
ألبسها القس الخاتم، ثم استدار لكيفن وقال ببسمة العداء:
ــــــ كيفن. طأطأ رأسك قليلاً لأمسح عليها بيدي أنت
وعروسك لأبارككما
ـــــ هههه لا بأس . هأنذا أخفضت رأسي قليلا
أمسك برقبة كيفن التي تدلت له، وقال ساخراً وهو ينظر في
عينيه بعمق:
ــــــ ماذا أفعل إذا كنت طويل القامة جداً يا كيفن !!!
ابتسم كيفن وقال وهو يحرك رقبته:
ـــــ أعطني البركات كي ارفع رأسي. فقد بدأت رقبتي
تؤلمني
ضغط القس بقبضته على جانب رقبته وقال وهو ما زال ينظر في
عينيه ببسمة العداء:
ـــــ هه رقبتك هذه تستحق ........
اتسعت ابتسامة كيفن وقال:
ــــ تستحق ماذا
يا آبانا ؟
ـــــ تستحق نيل البركات يا ...... كيفن هاها
ظلا يتبادلان نظرات كراهية صامتة وعلى وجههما سلام
الابتسام...استدار القس إلى أنجيليكا وقال مشيراً بعصا الصليب في يده:
ـــــ اقتربي أنجيليكا كي أمسح على رأسك وأباركك أنتِ
أيضاً
اقتربت العروس وطأطأت رأسها وطفق القس يباركها...ثم
استدار لكيفن وقال:
ـــــ هيا يا كيفن، أعطني بطاقتك الشخصية ..وأنتِ يا أنجيلكا
أعطني بطاقتك
وضعت شقيقتها البطاقة في يدها باسمة، فأعطتها أنجيليكا
للقس وعيناها تشع سعادة:
ـــــ هاهي بطاقتي يا آبانا..... أين بطاقتك يا كيفن ؟؟.....
ما هذا! لِمَ تبحث في جيوبك هكذا ؟؟؟
كان كيفن يفتش جيوب سترته باضطراب لحظه الجميع. أجابها
متأففاً:
ـــــ انتظري يا أنجيلكا.. أوه! أوف! أين ذهبت البطاقة!
طفرت دمعة من عيني أنجيليكا، وضربت الأرض بقدمها متحسرة:
ــــ يا للحظ السيئ! أين ذهبت بطاقتك يا كيفن!
أجابها كيفن بتوتر:
ــــ اهدئي أنجيليكا، اهدئي
هنا قهقه القس.. وكأن خيوط الحيلة الخفية بدأت تلوح أمام
عينيه...سأل بمكر وهو يتفرس في ملامح كيفن التي أجادت الخداع:
ـــــ أنسيت البطاقة يا ....... كيفن؟ ههه
ـــــ يبدو الأمر كذلك يا آبانا ، من شدة فرحتي نسيت
بطاقتي هه
ـــــ ههه إذن فأسرع إلى بيتك واحضرها يا ....... يا
شديد الفرحة
وقف كيفن في وسط القاعة وقدم اعتذار للجميع:
ـــــ عذراً للجميع. سأذهب مسرعاً لأحضر بطاقتي التي
نسيتها وآتي بقمة السرعة
انطلق كيفن من القاعة كالإعصار، فتربد وجه القس واستدار
إلى أحد أتباعه يسر له حديثاً:
جوزيف! اذهب وراء كيفن واتبعه أينما ذهب دون أن يشعر وتعال
بلغني بما حدث
ـــــ سمعا وطاعة يا آبانا
انطلق تابع القس خلف كيفن ليقتفي أثره..فكاتم القس نفسه
حديثاً وعيناه تضيق وتتسع مع أفكاره:
ـــــ يبدو أن هذا الماكر ينوي أمراً لا أعلمه... ولكن أين سيفر مني هاها...
الأمر الأكيد أنه لن يعود...ولكن أين سيذهب وماذا ينوي.... لا أعلم حتى الآن. ولكن وحق الرب لألقننه درسا
لن ينساه....هو الذي سيتسبب في قتل من هرب من أجلها...... يوما ما سأبكيك دماً يا
عبد الله
*******************************
توقف ليون صديق كيفن بسيارته أمام الكنيسة، فلمح كيفن
يغادرها مسرعاً، فاندهش وناداه بأعلى صوته:
ــــ ماهذا! ما هذا!!.. كيفن
تأفف كيفن وعاد لأجل ليون وهو يرسم ابتسامة:
ــــ ليون! كيف
حالك؟
ـــ ههه بخير. أأنهيت مراسم زواجك ؟
ـــــ لا، لا . نسيت البطاقة يا ليون. أدخل إلى قاعة
الكنيسة وانتظرني
أنطلق كيفن، بينما قال ليون وهو يتجه إلى باب الكنيسة:
ــــ حسناً ههه عريس ينسى بطاقته يوم عرسه!! يبدو أنه لا
يشتاق إلى عروسه. لا يعنيني الأمر. سأدخل وأنتظره
دخل السيد ليون فوقعت عيناه على العروس. فتبسم
اعجاباً وغمغم:
ـــــ العروس جميلة جداً. ذوقه راق السيد كيفن هاها
سأذهب لأحيها
اتجه إلى العروس. انحنى وأمسك بيدها وطبع عليها قبلة
وقال باسماً:
ـــــ طاب مساؤك أيتها العروس الجميلة
ـــــ من أنت ؟
نظر إليها والإعجاب يفيض من عينها ..عرفها بنفسه وأمطرها
غزلاً:
ــــ انا ليون صديق العريس. أهنئك بالحفل السعيد... وأهنئ
كيفن على ذوقه الراق واختياره لأجمل فتاة في ميونخ.. بل في ألمانيا بأسرها
انفرجت أسارير العروس وقالت:
ــــ اشكرك هه أنت لطيف جداً
ــــ وأنتِ جميلة جداً
ـــــ هه أشكرك مرة أخرى
مضى وقت طويل ولم يعد كيفن..بدأ المدعوون في التأفف
والانصراف تباعاً، وخلت القاعة إلا من القليل ومن بينهم والدة كيفن ووالده اللذان
أسندا رأسيهما إلى يديهما من فرط ملل الانتظار. فانخرطت العروس في بكاء مرير، وبثت
أحزانها إلى والدها:
ـــــ تأخر كيفن مرة أخرى يا أبي. وبدأ الناس في الانصراف
أجابها الأب وهو يتأجج غليلاً:
ــــ الأمر مهين جداً.. هيا يا ابنتي لن ننتظر أكثر من ذلك
استدار إلى زوجته وأمرها:
ـــــ هاتي أنجيليكا يا ايفيلين. سنغادر القاعة
حاولت الأم أن تتمهله بلوعة الرجاء:
ـــ انتظر يا ديفيد. ربما حدث شيء أخره. ننتظر
صاح مغاضباً:
ــــ لن ننتظر.
استدار لابنته وسألها وكأنه يستحضر جوابها:
ــــ أترغبين في
الانتظار أنجيليكا كي تهان كرامتك أكثر من ذلك!
ردت انجيليكا بنشيج ودموعها تنهمر:
ـــــ لا. لا يا أبي. قد ضقت بكيفن ذرعاً، هيا، هيا
اعترضها السيد ليون صديق كيفن، وسألها باهتمام:
ــــ إلى أين أيتها العروس الجميلة ؟؟؟
أجابت بنشيج:
ـــــ سأنصرف يا سيد ليون. صديقك هذا لا يصلح أن يكون
زوجاً أبداً
تبسم وقال:
ــــ هذا من حسن حظي
ــــ ماذا! أسعيد أنت بأن كيفن لم يحضر!
اتسعت ابتسامته وقال بعذوبة:
ــــ بالطبع ..لأنه لا يستحق هذا الجمال الفتان ...
الجمال لا يقدره غير رقيق المشاعر
ــــ لا افهم
ــــ ما رأيك تتزوجيني بدلاً عن كيفن ؟
اتسعت حدقتاها من فرط السعادة، ثم ضحكت وأعلنت عن قبول
العرض المدهش في وقتها الحالك.
ــــ موافقة.
نادت أباها الذي شارف على الخروج من الباب:
ـــــ أبي!
سأتزوج السيد ليون
عاد الأب يركض وهو يتساءل والسعادة تغمره:
ــــ حقا ؟ معك بطاقتك يا ولدي ؟
ــــ بالطبع ها هي.
قهقه الأب ونادى في الحضور:
ــــ إذن أيها الجمع! ستتزوج ابنتي انجيليكا من السيد
ليون بدلا عن المدعو كيفن. تصفيق
هاج هائج السيدة نيكولا:
ــــ ماهذا العبث! . ولدي كيفن قادم. اخبرهم يا ماكس.
أشاح والد أنجيليكا بيده قائلاً:
ــــ لا يخبرنا ولا نخبره. لا نريد زواج ابنتنا من ابنكم
المدلل الذي لا يقدر مسؤولية الزواج. وجدنا العريس المناسب
حدجته السيدة نيكولا بنظرة مشتعلة، ثم استدرت لزوجها
وصاحت:
ــــ هيا يا ماكس نترك لهم القاعة. تبا لكم جميعاً. وتبا
لكيفن هذا. وحق الرب لأعاقبه عقابا لا يتخيله. هيا يا ماكس
تبعها السيد ماكس وهو يدمدم سباباً لكيفن:
ــــ لا أعلم ما هذه التصرفات الغريبة لولدك! أسقط
هيبتنا أمام الجميع بفعلته
*******************************
من فوق تلك الرابية التي يتدفق أسفلها النهر، وقف كيفن
إلى جوار سيارته برفقة صديقه محمد..بدأ يتأهب للأمر الذي اتفقا على إتمامه.. قال
لصديقه وهو يشمر عن ساعديه:
ــــ هيا يا محمد لندفع سيارتي إلى النهر.
ــــ .....ألا يوجد حل
آخر يا عبد الله ؟؟؟
ــــ لا يوجد أي حل آخر غير أنهم يتأكدون من موتي. وأتزوج
من عائشة ونحيا في أي مكان آخر في مأمن من الأخطار.... والله لا يهمني حياتي أنا.....
أنا أخشى عليها هي
أشفق محمد عليه من مغبة الأماني قائلاً:
ـــــ .... ولكن ربما رفضت الزواج منك يا عبد الله
هز كيفن رأسه وقال بيقين قد وقر في قلبه:
ـــــ لا أتوقع ذلك. أنا في شدة الحاجة إليها كزوجة
صالحة. وأنا حديث عهد بإسلام، ويجب أن تكون بجانبي.
تبسم كيفن ونظر إلى الأفق البعيد وهو يخال صورته أمامه،
وترجم أحاسيس قلبه:
ـــــ قلبي يحدثني أنها لن ترفض....
أخفق ناظريه وقد تسلل هاجس إلى نفسه، أطفأ وهج بسمته،
وقال:
ـــــ ولكن الذي يشغلني هو أنني لا أملك المال الكافي
لأوفر لها مسكناً مناسبا يليق بها، وليس عندي المال الكافي لأنفق عليها
دب الحماس في نفسه وأعلن:
ـــــ ولكن سأعمل ليلاً ونهاراً كي أجعلها تحيا معي حياة
كريمة، ولكن بعيداً عن ميونخ.
سأله محمد وقد أغضن حاجبيه:
ــــ وأين ستذهب إذن ؟
زفر كيفن أنفاسه ورفع ناظريه إلى السماء وقال بنبرة
حائرة:
ــــ لا أدري.
تبسم محمد ووضع يده على كتف عبد الله وقال:
ـــــ عبد الله.. أنا أحتاجك معي في مدينتي دوسلدورف.
سأفتح مكتباً للعقارات وستعمل معي إن شاء الله.
أشرق وجه عبد الله بابتسامة وقال ببعض التعال:
ـــــ موافق بالطبع.... رغم أني لم أعتد على العمل تحت
إمرة أحد.
قهقه محمد وقال:
ـــــ يا أخي اقول لك ستعمل معي وليس عندي ههه.... أقدر
الكبر الذي مازلت لم تتخلص منه.
ـــــ والله لا اقصد يا أخي... أنا مستعد أن أعمل أي عمل
حلال لأجمع المال الذي يمكنني من السفر خارج ألمانيا...
ولكن فقط أردت أن أوضح أنها المرة الأولى التي أعمل فيها
لدى أحد.
قال محمد ببسمة هادئة:
ــــ وأنا قلت لك ستشاركني. أنا بمالي وأنت بمجهودك في
الإدارة. لأنني لن أكون متواجد بالمكتب كثيراً، فلي أعمال أخرى أديرها. وستكون أنت
السيد المطاع في العمل.
اجتاحت السعادة روح كيفن لأنه سيظل سيداً كما اعتاد في
سابق حياته... وقال:
ــــ ستترك لي الإدارة بالكامل؟ ...حقا هذا كرم أخلاق
منك يا محمد.
أومأ محمد برأسه وقال ولا تزال بسمة الود على محياه:
ــــ تعلمت من قصص الرسول عليه الصلاة والسلام الإيثار،
وكيف أفضل أخي في الله على نفسي... . وعندما استشعرت أن في داخلك شيئاً ما يرفض
العمل تحت إمرة أحد، ولكنك مضطر للقبول، فرأيت أن الحل أن أترك لك الإدارة بالكامل...
واعتبرني ضيف ثقيل يحل بالمكتب في الأسبوع ولو مرة
ـــــ هههه يا أخي والله لا أعلم كيف أشكرك على كرم أخلاقك
ـــــ بل صلِ على من علمنا حسن الخلق وأعظم الفضائل .
عليه أفضل الصلاة والسلام
رد كيفن ونبضات قلبه تلهج مع لسانه:
ـــــ عليه أفضل الصلاة والسلام... ذ. مشتاق جدا لزيارته
يا محمد . آآآه! أمامي الكثير من المعوقات الآن تمنعني عن الزيارة. أريد أن أرتب
حياتي أولاً وبعدها إن شاء الله أتوجه لزيارة النبي الحبيب عليه الصلاة والسلام...
وأرجو من الله أن تكون معي زوجتي عائشة
ـــــ ههه سأدعو الله لكما أن تجتمعا كزوجين قريباً إن
شاء الله
رفع كيفن يديه إلى السماء وقال بقلب يتوسل إلى مولاه:
ـــــ يااااارب.
استدار إلى محمد وقال يتعجله:
ــــــ والآن ادفع معي السيارة إلى النهر
استجمعا قواهما ودفعا السيارة من أعلى الرابية، فسقطت في
النهر
أطلق عبد الله ضحكة ارتياح وقال لمحمد:
ــــ غرقت السيارة..... سأختفي أنا الآن وأبلغ أنت
الشرطة عن سقوط السيارة.
ربت محمد على كتفه وقال يطمئنه:
ــــ حسنا سأفعل.... لا تغلق هاتفك يا عبد الله حتى أستطيع
الاطمئنان عليك.
ــــ ههه تذكر أن تمحو الرقم القديم
ــــ ههه قد فعلت. سأهاتفك على الرقم الجديد إن شاء الله
يا عبد الله
*******************************
أسرع جوزيف الذي ترصد كيفن، إلى القس دانيال ليخبره بما
رمقته عيناه:
ــــ آبانا دانيال
قام إليه القس يسأله وعيناه تتقد:
ــــ ما الأمر يا جوزيف؟. أين ذهب هذا الأحمق؟
ــــ حدث شيء غريب جداً يا آبانا
زفر القس حانقاً ولكمه في صدره وصاح به يتعجله:
ــــ انطق
ــــ كان معه شاب آخر، وقاما بدفع سيارته إلى النهر وأغرقاها
انفجر القس بضحك اهتزت له أرجاء الرواق..ثم قال وهو يمشي
بخطوات رصينة متفكراً في الأمر:
ـــــ هكذا؟ ههه حسناً.... فإنه بهذا يريد أن يغرق كيفن
في أعماق النهر لكي يُولد عبد الله ويحيا في مأمن هههه كم يعجبني ذكائه. إيهٍ يا
عبد الله ههه أيها المغامر.
توقف القس ثم استدار لجوزيف يسأله وقد أسدل حاجبيه:
ـــــ وأين ذهب بعد ذلك يا جوزيف؟
أزدرد جوزيف ريقه وقال برهبة خوفاً من بطشه:
ــــ ...لا أعرف.
هز القس رأسه باسماً وقال بيقين:
ــــ ممم أنا أعرف.... لن يبعد عن محبوبته وسيعود حتما ليأخذها
ههه سأبعث من يراقبون المكان ليلاً و نهاراً
اكفهر وجه القس وأصر على أسنانه وأعلن عن وعيده:
ـــــ أصبح الانتقام منه شغلي الشاغل، ولابد أن يأتي
يوما لأشفي غليلي منه تبا له، تباً له
*******************************
كان والد عائشة ينتظرها بسيارته عند المشفى ليقلها إلى
المنزل بعد انتهاء عملها، وفي الطريق تجاذبا أطراف الحديث والذي بدأ بسؤال والدها
اللطيف:
ـــــ كيف كان يومك يا حبيبتي؟
ـــــ ممم الحمد لله. ولكن سمعت خبراً أحزنني جداً
ـــــ خيراً يا حبيبتي ؟
ـــــ الدكتور لوكاس مدير المستشفى، أصيب بالشلل إثر
حادث سيارة للأسف
ـــــ لا حول ولا قوة الا بالله
ــــ الأمر الذي يزيد الحزن أن زوجته تخلت عنه وسافرت إلى
كندا لتحيا مع ولدها، وتركته مع الخادمة
أشفق الدكتور سالم عليه:
ـــــ لا إله إلا الله. أمر محزن حقاً
قالت عائشة باستنكار:
ـــــ كيف يا أبي لهذه المرأة أن تترك زوجها المريض وتتخلى
عنه وهو في أمس الحاجة إليها!!!
ــــ الغرب أو كثير منهم لا تحكمهم العواطف كمجتمعاتنا
الشرقية يا بنيتي للأسف
أطرقت عائشة قليلاً ثم قالت:
ـــــ هل يمكننا زيارته يا أبي ؟
ـــــ لا مانع بالطبع يا بنيتي سأصطحبك غداً لنزوره سوياً إن شاء الله
استطرد الأب ناظراً إليها بفخار:
ـــــ كم أنتِ
طيبة القلب، ولا تحملين غلاً لأحد
تبسمت وقالت:
ــــ هكذا تعلمنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم
ـــــ نعم المعلم عليه الصلاة والسلام
*******************************
نما خبر موت كيفن إلى عائلته، فشق الصراخ والنحيب قلب
والدته، إثر الفاجعة التي كادت تطيش عقلها، عضت شفتيها تحسراً وقالت ودموعها
تغرقها:
ـــ كيفن ولدي!!لا، لا، كيفن يا ماكس، مات ولدي يا ماكس،
مات ولدي آآآآه كيفن...كيف سقطت سيارته في النهر! كيف! كيف!! بسبب السرعة بالتأكيد بسبب السرعة آآآآه عندما ذهب لإحضار بطاقته
الشخصية أسرع بسيارته بدرجة جنونية وسقط في النهر. آآآه يا كيفن! كيف سأحيا من
بعده يا ماكس! ليتني أموت لأرتاح من عذابي.
كان والده منزوياً في مقعده ذاهلاً، ودموع قلبه الكليم
تنهمر
دق جرس الباب..فانتبه الوالد، وقام يتكئ على أحزانه
ويمشي بخطوات وئيدة صوب الباب وهو يقول لزوجته التي تتململ في مقعدها وتحدث نفسها
كالملتاثة:
ـــــ سأذهب لأرى من الطارق. ربما جاء أحدهم ليواسينا في
وفاة ولدنا الوحيد.
فتح الباب فألفى القس دانيال أمامه، فقال وعبراته تتدفق:
ـــــ آبانا دانيال!
دلف إلى المنزل وهو ينعي كيفن بصوت عال:
ـــــ جئت لمواساتكما في وفاة عريس السماء. مع يسوع و القديسين في الملكوت الأعلى يا كيفن. أين
أمه المكلومة
ــــ تفضل يا آبانا. منهارة من البكاء
تأوه القس وبالغ في خداعهما:
ـــــ آآآآه مصاب أليم آلمنا جميعاً. السيدة نيكولا! كفِ عن البكاء، ففقيدك يسبح في الملكوت مع
القديسين
رجته السيدة نيكولا بنشيج:
ــــ صلِ لأجله، صلِ لأجل تقديس
روحه إلى الأبد في الأمجاد السماوية يا آبانا
ــــ سأفعل. وهل عندي أغلى من كيفن قدس الرب روحه حتى أصلِ
من اجله !!!. اهدئي، يكفيكِ فخراً أنه مات
على دين آبائه
عضت على شفتها لوعة وقالت تغرقها عبراتها:
ــــ وهذا هو عزائي الوحيد يا آبانا. قدس الرب روحك يا
ولدي... ننتظر ظهور جثته يا آبانا بفارغ الصبر حتى أقبله
وارى القس بسمة وقال بمكر:
ــــــ لن تظهر الجثة
ــــ ها! كيف يا آبانا ؟؟؟
قال وهو يتوعد وعيداً خفياً:
ــــ ربما جرفها النهر بعيداً، بعيداً.. حتى الآن لا
نعرف أين ستظهر جثته مممممم عيوني ترقب. لا تنتظري ظهور الجثة سيدة نيكولا . فربما
أيضاً أكله تمساح... ربما فتكت بلحمه سمكة قرش مفترسة. فلا تشغلي بالك بجثته
نشجت بالتياع وهي تعصر عينيها لتفرغ ما بها من دموع:
ـــــ آآآه ولدي..ولدي!!
دق جرس هاتف السيدة نيكولا، فحمله إليها زوجها الخائر
القوى:
ــــ أختك صوفيا على الهاتف.
ـــــ لابد أنها سمعت بالفاجعة واتصلت تواسيني.
ردت السيدة نيكولا بنشيج الثكلى:
ـــ ألو! صوفيا! كيفن مات يا صوفيا، ولدي الوحيد مات يا صوفيا
ردت خالته الراهبة صوفيا وبصوتها رعدة البكاء وقلبها
يقطر دماً:
ـــــ قرأت الخبر صباحاً في الجريدة، وليتني ما قرأت.. كيفن
ليس ولدك وحدك يا نيكولا. إنه ولدي الذي لم أنجبه ..كنت أعنفه حين أعنفه بقلب الأم
الذي تخاف على ولدها .. آآآآآه ذهب للأبد ..رحل عن خالته المحبة.... ولكن الأمر
الأهم عندي أنه مات مؤمناً ..مات محباً ليسوع والصليب آآآآآه يا كيفن...هذا عزائنا
في مصابنا. أشكر الرب أن مات ولد أختي مسيحيٌ صالح....... سآتيكِ غداً حبيبتي
لأواسيكِ وتواسيني في وفاة ولدنا كيفن.
انخرطت الخالة في بكاء مرير، وأجابت الأم بنشيج قد شق
صدرها:
سأنتظرك صوفيا...أودعك الآن
وضعت الأم الهاتف جانباً، فسألها القس مغضناً حاجبيه:
ــــ الراهبة الصالحة صوفيا هذه التي كانت تتحدث ؟
ـــــ أجل يا آبانا.. هي صوفيا
أطرق القس وأسر إلى نفسه حديثاً:
ـــــ (ممممم الوحيدة صوفيا من استطع أن أئتمنها
على الخبر، كي استعين بدهائها في عقاب هذا الكافر...هي متشددة ومتعصبة
ليسوع جداً... ولو علمت بإسلامه لفتكت به ومزقته هو والطبيبة)
نهض القس عن مقعده وتأهب لمغادرة المنزل..قال قبل أن
يغادر:
ــــ استأذنكما بالإنصراف الآن. تجلدا.. . المصاب مصابنا
جميعاً . . عندما تأتي صوفيا أرسلاها إليّ لأواسيها بنفسي
*******************************
عاد الدكتور سالم بصحبة ابنته عائشة إلى المنزل.
استقبلتهما زوجته بترحاب كبير.
ـــــ ها هما حبيبيّ قد جاءا، سالم وعائشة. مرحباً ههه
ضحك زوجها وألقى السلام على زوجته ذات الوجه البشوش:
ـــــ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حبيبتي
ـــــ السلام عليكم يا أمي الحبيبة
ــــ وعليكما السلام يا قرتا العين ههه هل أحضرتما لي
شيئا طيبا؟
قهقه الدكتور سالم وأشار إلى عائشة قائلاً:
ــــ لم أجد أطيب من ابنتك كي احضرها لكِ ههه
ـــــ هههه أريد شيئا آكله، لا شيئاً أضمه بحنان هكذا ههه تعالي يا حبيبتي
ضمت عائشة وقبلتها، فتبسمت وقالت:
ـــــ اشكرك على القبلة الحانية يا أمي. بالطبع أبي أحضر
لكِ الشيكولاتة التي تحبينها
ــــ لِمَ اخبرتيها؟ أحب أن أرى أمك حين تفاجئ بقطعة
الشيكولاتة وتقفز كالأطفال هههه
ضحكت السيدة مريم وقالت بمرح:
ــــ أنا كالأطفال يا سالم!! ههه حسناً أعطني إياها
وسأقفز فرحاً. فقط عندما تذهب عائشة لاستبدال ملابسها حتى لا تقول جُنت أمي هههه
ــــ ههه افعلي ما شئتِ يا أمي، فأنا أحب مرحك. لا حرمنا
الله منك يا غالية ههه استأذنكما في الانصراف
اتجهت إلى غرفتها فقالت والدتها بلطف:
ــــ لا تتاخري حبيبتي، فسأعد المائدة
ــــ حسنا يا أمي
استدارت إلى زوجها وقالت كالأطفال:
ــــ اعطني قطعة الشيكولاتة يا سالم هههه
ــــ ههه كم ستدفعين ؟
ــــ ههه أدفع لك دعوات في كل وقت كي يحفظك الله لنا يا
زوجي الحبيب. أليس هذا يكفي ؟
ــــ ههههه يكفي جداً حبيبتي . تفضلي قطعة الشيكولاتة
*******************************
جلست عائشة ووالداها يتناولون العشاء..فسألتهما الوالدة
بمرح:
ـــــ ها! اخبروني ما رأيكم فيما أعددت؟
مدحت صنيعها عائشة:
ـــــ رائع جداً يا أمي. سلمت يداكِ يا حبيبة
تلذذ الدكتور سالم بالطعام وهو يهز رأسه انتشاءاً:
ــــ مممم لذيذ جداً يا مريم. طعامك دائما شهي . سلمتي
يا حبيبة
ــــ قربي لأبيكِ طبق الحساء يا عائشة
ــــ سأفعل يا أمي. هاهو يا أبي. تفضل
ــــ اشكرك يا بنيتي . ممممممممم الله !!!!!!! الحساء
طعمه طيب المذاق جداً
ــــ هههه بل أنت الطيب القول حبيبي. سلم لي لسانك يا سالم
قطع حديثهم دقات جرس الباب في تلك الساعة المتأخرة،
فارتابوا جميعاً، وتوقفوا عن الطعام..سألت عائشة بقلق:
ــــ ما هذا! من يدق علينا الجرس في هذا الوقت؟
قالت الأم والقلق يعصف بملامحها:
ــــ اذهب وسل من الطارق يا سالم
ــــ سأذهب لأرى
وقف الدكتور سالم خلف الباب يسأل عن الطارق:
من بالباب؟
أجابه صوت لم يطرق مسامعه من قبل:
******************************
إلى هنا انتهت حلقتنا لهذا اليوم
ألتقيكم يوم الاثنين القادم إن شاء الله
لا تنسوا ذكر الله والاستغفار والصلاة على الحبيب عليه
الصلاة والسلام
استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد
كاميليا محمد
ردحذفلا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد
الحلقة رائعة سلمت يداك 🌹❤️
هو الواحد خايف ليه 😭
ردحذفدا مين اللي بيخبط؟
محمد ولا دانيال ولا كيفن
ياترى 🤔🤔
صعبت علبا ام كيفن
ربنا مايفجع حد ف أولاده
الحمد لله على نعمة الإسلام
تسلم ايدك وعينك يا استاذة هوبة
بجد الرواية فاقت الوصف مافيش وصف ليها
رائعة واكثر
ربنا يجعلها ف ميزان حسناتك ❤️❤️❤️
انا هند ام عمر
ردحذفتسلم ايديك
جزاك الله خيرا
رواياتك ادمان لى
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
ردحذفسلمت يداك
ردحذفرواية رائعة بكل معاني الروعة
تعلقت بها وبأحداثها جدا لدرجة أني كل شوية أحكيها لأهلي وصاروا يقولون لي انت كل شويه تحكيها هي لحست مخك ولا ايه
بجد انت مبدعة
ربي يوفقك ويزيدك من فضله
ميرو
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً طيباً مباركاً فيه 💕
ردحذفلئيم دانيال ده وخبيث ما فاتوش يراقب كيفن وحتى عائشة..
وكمان هيتوصى بيه مع الخالة صوفيا..
ربنا ينجيه منهم
لغة العيون بين كيفن و دانيال واضحة لكن للأسف ذكاء كيفن خانه المرة دي وما قدرش يأمن من مكر هذا الداهية
يا تري لسة مخبي له إيه؟؟
في شوق للمزيد يا غالية
🌷دُمتِ مُبدعة 🌷
لا إله إلا الله وحده لا شريك له
ردحذفمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفر الله العظيم رب العرش العظيم واتوب اليه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ردحذفهو مافيش حلقة النهاردة ولا إيه؟؟
فينك يا استاذة هوبة 🤔
ردحذففيش حلقة.ولا ايه ؟
السلام عليكم
ردحذفانا سلوى
بتابع حلقاتك دايما بس مش عارفه ادخل المدونة باسمى
سلمت يداك يا هوبة
احبك في الله ♥
اعملي تسجيل دخول من على blogger في جوجل
حذف