الحلقة السادسة عشر(أنا وكيفن وضوء القمر)
بعد أداء الصلاة في غرفتهما، نظر عبد الله إلى وشاح
عائشة الأبيض الذي ما زال يحجب شعرها عن ناظريه..تبسم هاتفاً باسمها:
ـــــ عائشة حبيبتي.
ـــــ ممممم
ـــــ كنت أود أن أسألك سؤالاً من فضلك.
ــــ مممم تفضل
ـــــ يا تُرى ما لون شعرك؟؟؟ حتى الآن لم أره.
ــــ مممم ألم نكن نصلي سويا؟ المرأة لا تصلي كاشفة
شعرها.
ـــــ هاها! قد انتهينا بفضل الله من صلاتنا. مممم أعتقد
أن شعرك ملبداً كشعر الزنجيات. أليس كذلك ؟
اتسعت حدقتاها دهشة ولاذت بالصمت، فأردف ضاحكاً:
ـــــ وأعتقد أيضاً أنه من الصعب جداً تصفيفه. أليس كذلك؟
هاها.
زادت حدقاتها اتساعاً, فزاد في إثارة حفيظتها ضاحكاً:
ــــ حبيبتي أنا أعلم أن هذا هو السبب في حرصك ألا
أرى شعرك حتى الآن ههه... عائشة حبيبتي.. أنا أحبك وسأظل أحبك، حتى لو كان شعرك مثلما
وصفت وأكثر .... لا داعي أن تريني إياه، فأنا لا أحب إحراجك ههه
ردت بغيظ شديد:
ـــ أنا! أنا شعري ملبد وصعب تصفيفه!!! أهكذا! أهكذا يا
عبد الله !!!. تفضل ها هو شعري
كشفت عن شعرها فإذ به ينهدر كأمواج بحر حريري أسود،
فأبهر ناظريه، ففاضت شفتاه غزلا:
ــــ يا إلهي! جميل. جميلٌ جداً. شعرك أسود وطويل جداً كشعر الهنديات، توقعت أنه
جميل ولكن ليس بهذه الصورة، ولم أكن أتوقع أنه طويلٌ هكذا
ــــ ههه ولِم
لم تتوقعه بهذا الطول ؟
قهقه وقال:
ـــــ لأني أعلم أنك طبيبة، والطبيبة دائما مشغولة. فمن
أين لكِ بالوقت لتصفيف كل هذا الشعر!
ضحكت وأجابته:
ـــــ تصفيفه ليس صعباً، لأنه ناعم جداً كما ترى.
ظل يحدق في ملامحها إعجاباً، فسألته خجلى:
ـــــ لماذا تنظر إليّ هكذا!
ـــــ.....لأنني أراكِ بشكل مختلف لأول مرة .. شعرك أضفى
عليكِ جمالاً وغير ملامحك بشكل كامل...لم أكن اتوقعك بهذا الجمال!
تبسمت وقالت:
ـــــ قل ماشاء الله لا قوة الا بالله.
ــــ ههه تخافين أن تحسدك عيناي؟ فأنا أنظر إليكِ بعين
العاشق وليس بعين الحاسد
ـــــ مممم أخجلتني هاها.. ولكن ماشاء الله لا قوة إلا بالله تقال عندما ترى ما
تحب من نفسك وأهلك ومالك أيضاً حتى يحفظه الله لك.
ـــــ حقا؟.. حسناً، سأقولها حتى يحفظك الله لي حبيبتي يا منة
مَن بها عليّ ربي. ماشاء الله لا قوة إلا بالله.
أطرق قليلاً ثم قال وقد تبدت بسمة على محياه:
ــــــ حبيبتي هناك دعاء لا أحفظه جيداً، وأطلب منكِ أن تذكريني به حتى أقوله بالله
عليكِ.
ـــــ هاها تحت أمرك في أي دعاء تحب أن تتعلمه ... أي
دعاءٍ تقصد ؟
ــــ اقتربي هاهنا إلى جواري حتى أسمعه جيداً
ـــــ حسناً، هائنذا قد اقتربت.... ماهو الدعاء الذي
تريد تذكره ؟
ـــــ الدعاء الذي يقال قبل لقاء الود.
ارتجفت خجلاً، وقالت وقد ألصقت بصرها بالأرض حياءا:
ــــــ.....ألا يوجد دعاء آخر تريد أن تتذكره!!
ـــــ هاها.. بالطبع يوجد أدعية كثيرة، ولكن هذا الدعاء
هو ما أحتاجه في هذه الساعة .. أريد أن
أذكر الله في كل أقوالي وقبل كل أعمالي.. وقد سمعت أن قول هذا الدعاء عندما يقوله الزوجان
قبل اللقاء، وقدر بينهما الولد فإن الله يحفظه من الشيطان....... حبيبتي أقدر حمرة الخجل التي علت وجنتيكِ هاها ولكن لا مفر
من هذا الدعاء الآن . أم تريدنا أن نبدأ اللقاء بغيره ؟
ـــــ....لا.. أسمعه واحفظه .. سامحك الله يا عبد الله...
قتلتني خجلاً
ــــ ههههه سامحكِ الله حبيبتي ، قتلتِني عشقاً ... قولي
الدعاء حتى أحفظه وأقوله بعدك إن شاء الله
ـــــ اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا
ـــــ اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا
******************************************
عاد الدكتور سالم من صلاة الفجر، فنادى زوجته فلم تجب،
فظل يبحث عنها حتى وجدها تجلس في غرفة ابنتها يحيطها ظلام دامس، فتحدث إلى نفسه
متعجباً:
ـــــ ما هذا! مالها تجلس وحدها في الظلام! مريم!. أضغط
زر المصباح لأرها.
أشعل الضوء يناديها:
ــــ مريم
ردت بنشيج:
ـــــ يا سالم، اطفئ المصباح
ـــــ هاها ما هذا ! مالك تجلسين في الظلام وتبكين أيضاً؟
ردت وقد علا نشيجها:
ـــــ حتى لا تراني أبكي وتسألني ما الذي يبكيكِ يا مريم
ـــــ ههه حسناً، وقد وقع ما تجنبتي حدوثه وسأسلك.. ما
الذي يبكيكِ يا مريم؟
ـــــ اشتقت إلى ابنتي.اشتقت إلى عائشة
ــــــ ألهذا السبب تبكين يا حبيبتي ؟ ...اعتقد أن الذي
يبكيكِ شيء آخر
ـــــ وما هو؟
قهقه وقال
ــــــ أنك كبرتِ وتقدم بك السن وأوشكتِ أن تصبحين جدة ههه
التفتت إليه كالنمرة المفترسة وقالت:
ــــ عمن تتحدث! أنا! أنا يا سالم كبرت وتقدم بي العمر!.
أنا ما زلت شابة غضة صغيرة. أنت الذي تقدم بك العمر وحدك يا سالم
عادت للنشيج فضحك من قولها:
ـــــ أهكذا! ههه حسناً حبيبتي. أنا كبرت وتقدم بي العمر،
وتركك الزمن بجدائلك تلعبين في الطرقات ههه
ردت بنشيج، عامدة الأخذ بثأرها:
ــــــ أتسخر من حديثي يا سالم! ممممم تراك حبيبي قد
نسيت أنك أكبر مني بأثنى عشرة سنة
ـــــ مممم هههه تركت مريم البكاء على فراق ابنتها لتأخذ
بثأرها مني ههههه فالنساء لا يحتملن صدمات الحقيقة. لا بأس حبيبتي . حقاً أنتِ ما
زلتِ شابة جميلة وأنا أصبحت رجلا مسناً فتحمليني ههههه
ـــــ حبيبي لا تقل ذلك هاها أنت ما زلت صغيراً يا أبا
عائشة....حفظك الله لي حبيبي وبارك في عمرك
ـــــ وحفظك يا
أروع حبيبة ويا أعظم زوجة
ـــــ هاها تخجلني دائماً برقة كلماتك حبيبي. بل أنت
الأروع والأجمل والأعظم يا عشق سنيني
ـــــ بارك الله فيكِ حبيبتي. ها!. أعتقد أن البكاء على
فراق ابنتك لا محل له الآن بعد أن علت البسمة محياكِ.
ـــــ وكيف لا أتبسم وأنت بجانبي حبيبي. الحمدلله على
نعمة الزوج الصالح، الحمدلله
ـــــ الحمدلله على نعمة الزوجة الصالحة، الحمدلله
شرد في الماضي البعيد لبرهة باسماً، ثم قال:
ـــــ أتذكرين يا مريم يوم أن جئت لخطبتك؟
أشرقت روح الماضي في دواخلها فعلا الابتسام وجهها وقالت:
ـــــ وهل يُنسى هذا اليوم يا سالم! ههه قبلها بيوم جاءت
أمك لزيارتنا، ولم ألق بالاً لتلك الزيارة. فأمك صديقة لأمي واعتدت ان أراها عندنا
من آن لآخر.. . لكن هذه المرة كانت تعاملني بطريقة مختلفة ههه
ــــ كيف ؟.أخبريني هاها.
ــــ ما إن فتحت
لها الباب حتى ظلت تقبلني وتقول ماشاء الله كبرتِ يا مريم. ما أجملك من عروس ههه
وظلت تقبل وتقبل، فاندهشت وقلت في نفسي ما
بها خالتي دُرة تعاملني كأنها لأول مرة تراني!. ألم تلحظ أني كبرت إلا اليوم ؟
ضحك واستزادها:
ــــ وماذا حدث بعد ذلك ؟
ـــــ لا شيء.أدخلتها إلى غرفة الجلوس، ودخلت غرفتي فإذ بعدها
أمي تناديني وتقول تعالي اجلسي إلى خالتك دُرة فهي تريد أن تتحدث إليكِ. خرجت وجلست
إليها فهممت بالجلوس في كرسي بعيدا إلى حد
ما فجذبتني من ذراعي وضحكت وقالت اجلسي إلى جواري يا حبيبتي هاها. حقا ظللت احدث
نفسي واقول هناك أمرا يُدبر وأنا لا أعلمه ههه فبعدها قالت أمي جاءت خالتك دُرة لتخطبك لولدها سالم.فاتسعت
حدقة عيني من الدهشة وجريت إلى غرفتي فضحكتا من صنيعي هههه
ــــ هههه لم تحدثيني يوماً عن هذا الأمر. ها. أكملي يا مريوم.
ــــ مممممم بعدها دخلت أمي وقالت ما رأيك في ما سمعتي ؟ قلت لها لا أدري
هاها. قالت سالم معيد في كلية الحقوق ويكبرك بإثنى عشر عاما فشهقت وقلت إنه كبير جداً هههه
ـــــ ممممممم أهكذا قلتي لأمك؟
ــــ ههه لا تغضب حبيبي فهائنذا قد وافقت وتزوجتك... أمي قالت إنه شاب ملتزم وعلى خلق وأنا سعيدة أنه تقدم لكِ دون غيرك. فبكيت وقلت لا أريد الزواج . أريد أن أبق معك ومع أبي يا
أمي هاها
قهقه وقال:
ـــــ ومن اقنعك بالموافقة إذن ؟
ـــــ لا أحد هاها
ظللت في فراشي مستيقظة طوال الليل أفكر فيما استحيت أن أسأل عنه أمي وهو يا
ترى ما شكل سالم هذا...تخيلتك قصيراً وبديناً كأمك ههه
انفجر ضاحكاً، فاعتذرت:
ــــ آسفة جداً
حبيبي ههه. لم أقصد إهانة أمك رحمها الله
. فقد كنت أحبها كثيراً . ولكن ربما لأن
أخي عاصم كان ما زال صغيرا وهو يشبه أمي
تماما وكان نحيفا مثلها ولون عينه كلون عينيّ أمي فتخيلتك أنت أيضا تشبه أمك في كل
شيء هههه
ـــــ هههه أضحكتني
يا مريم أضحك الله سنك. ها! وبعدها حبيبتي ؟
ــــ بعدها نمت وحلمت بك عدة أحلام.. مرة أراك
أسود، ومرة أبيض، ومرة خمري البشرة، ومرة بدين، ومرة شعرك ناعم، ومرة مجعد،
حتى سئمت من الأحلام واستيقظت على صوت أمي تقول قومي يا مريم رتبي المنزل معي،
فسالم وأبوه سوف يأتيا لزيارتنا بعد صلاة
العشاء وعندنا الكثير من الأعمال..وأصرّت
أمي أن أصنع لكم الحلوى بنفسي هاها
قهقه وقال:
ـــ وليتكِ ما فعلتِ. أتذكر الكعكة المحترقة هههه وأتذكر
البسبوسة التي كانت كقطع الأحجار ههه
ــــ مممم افصح أفصح عما كان في صدرك وكتمته عني طيلة
هذه السنوات التي قضيتها في مطبخي كي أرضيك
ـــــ هههه لا عليكِ حبيبتي. قدرت صغر سنك وقتها وأنك لم
تجيدي الطبخ وصنع الحلوى بالشكل الكافي هههه.. ها. نأتي ليوم الزيارة الجميلة هذه
والتي خطبت فيها حبيبة قلبي مريوم. أكملي يا مريوم
أسهبت في حديث الذكريات:
ــــ عندما وصلت أنت،
كان كل ما يشغلني أن أراك كي أعرف فقط ماهو شكلك ولا يهمني جميلٌ أم قبيح
، فقط أردت أن أعرف ما هو شكل الرجل الذي سأتزوجه. وجاءت اللحظة الحاسمة هاها دخلت
أمي وقالت تعالي يا مريم لتنظري إلى سالم
وينظر إليكِ ففوجئت بالعبارة وقلت هل سينظر
إليّ يا أمي؟ فضحكت أمي وقالت أجل
يا حبيبتي، فهذه هي الرؤية الشرعية، ويجب أن ينظر إليكِ وتنظري إليه... حينها شعرت
بخجل شديد وقلت لها لا . أنا أستحي أن
أنظر في وجه رجل هاها فنهرتني واجتذبتني بشدة ودخلت للرؤية الشرعية
قهقه وقد تجلى الماضي نصب عينيه:
ــــ أتذكر.. رأيت قمراً يدخل إلى الغرفة قائلاً السلام
عليكم ههه وبعدها جلستِ ناظرة إلى الأرض لمدة دقيقتين أو ثلاث ثم انصرفتِ مسرعة من
الغرفة ولم تنظري إليّ هاها
ضحكت وقالت:
ـــــ خجلت جداً.. كنت أشعر أن جسدي يرتعد، وبدأ العرق يتصبب
حتى كاد يغرقني ههه فلذا فضلت الإسراع إلى غرفتي ..ولاحظت أمي ذلك فقالت ادخلي مرة
أخرى وانظري إليه فهذا حقك.قلت لها كيف ادخل مرة اخرى؟ قالت قدمي هذا الشراب واجلسي ههه
ــــ ههه رأيتك تدخلين وكاسات الشراب تتخبط في بعضها
بفعل يداكِ المرتعشة، فقمت وأخذت منكِ الصينية
لمعت عيناها وقد غابت في أروقة الماضي ووصفت تلك اللحظة
بابتسامة عريضة:
ـــــ وهنا رأيتك. يا الله !! لا أنس هذا المنظر.. شاب
طويل وأنيق، وملامحه تختلط فيها الوسامة بالرجولة بالوقار بابتسامة كلها حياء
ضحك وقال وهو يشير إلى نفسه:
ـــــ كل هذا أنا؟
ــــ بل وأكثر حبيبي.... شعرت بألفة غير عادية منذ
رأيتك. وذهبت الى غرفتي هذه المرة وأنا فرحة جداً.. وجلست على فراشي أنظر الى سقف
غرفتي وأداعب خصلات شعري متبسمة، واقول يا تُرى هل أعجبته وهل ستتم الخِطبة ؟
ــــ هاها اعجبتني حقاً حبيبتي، وأعجبني أكثر حياءك..
وها هي الخطبة تمت وتزوجنا وانجبنا عائشة وزوجناها الحمدلله
أطرقت باسمة وعادت تقول:
ـــــ أتعرف يا سالم!.. يقولون أن المرأة عندما تنجب
طفلاً يشبه زوجها يكن دلالة على حبها الشديد له
ــــــ أسمع هذه المقولة هاها
ــــ مممممم ألا تلاحظ أن عائشة تشبهك جداً؟ هاها فعلام يدل ذلك يا سالم ؟
قهقه وقال:
ـــــ وأنا احبك أكثر يا أم عائشة. حفظك الله لي حبيبتي
مريوم
عادت للنشيج مرة أخرى وأمسكت بمنديل ورقي تجفف دموعها،
فاستاء قائلاً:
ـــــ لا حول ولا قوة الا بالله. ما الذي يبكيكِ مرة أخرى؟
ـــــ اشتقت لأبنتي يا سالم.أريد أن أرى عائشة. سأتصل
بها الآن.
همت بالقيام فصاح بها:
ــــ يا مريم! الساعة الآن تقريباً السادسة صباحاً
ــــ وما العجيب في ذلك ؟
ــــ العجيب أنك ستتصلين بابنتك صبيحة زواجها في هذا
الوقت العجيب.. . ماذا سيقول زوجها عنا؟
ردت بنشيج، تستعطفه بنظراتها:
ـــ سأتصل واقول لها صبيحة زواج مباركة واغلق على الفور
رد باحتداد:
ــــ مريم! قلت لكِ لا. هيا إن كنتي ترغبين في النوم بعض
الوقت، وإلا أفعلي شيئا مفيداً . حذاري أن تتصلي بعائشة الآن. أسمعتِ؟
ردت بنشيج ونظرات حانقة:
ــــــ أنت لا تشعر بقلب الأم يا سالم..هكذا الرجال
قلوبهم كالأحجار
قهقه وقال متعجباً:
ـــــ ألم أكن رقيقا منذ قليل!. آهٍ يا معاشر النساء.
تتقلب مشاعركن تجاه الرجل ألف مرة في يوم
واحد ههه
نفذ إلى أسماعهما صوت جرس هاتفها، فقال زوجها مندهشاً:
ــــ ماهذا! هاتفك يدق يا مريم. من المجنون الذي يتصل في
الصباح الباكر!
هرعت إلى الهاتف فإذ قلبها يقفز فرحاً وهي تقول:
ــــ عائشة ههه
أرأيت يا سالم ؟ أتصلت حبيبتي في السادسة صباحاً، فلم تطق بعداً عن
أمها حبيبتها. تركت زوجها لعيون أمها
ــــ ههه والله يبدو أن ابنتك ورثت عنك الجنون. اهنئي بها. كان الله في عون المسكين عبد الله
ردت على الهاتف بنبرة متهللة:
ــــ السلام عليكم ههه كيف حالك حبيبتي العروس الجميلة .
اشتقت اليكِ، اشتقت إليكِ.
ــــ ههه وعليكم السلام أمي الحبيبة. بل أنا من اشتقت
أكثر . كيف حالك يا أمي وكيف هو أبي ؟
نظرت إلى زوجها وقالت تداعبه:
ــــ أبوكِ هاهو بجانبي. جالس يبكي إلى جواري ويقول اشتقت لأبنتي ههه
رد الوالد ضاحكاً:
ــــ أنا!! ههه هاتي عائشة أسمع صوتها
خذي أباكِ يريد
أن يسمع صوتك، وبعدها سأخذ الهاتف وأذهب بعيداً كي أطمئن عليكِ أيتها
العروس ههه
غمعمت عائشة بعيداً عن الهاتف:
ـــــ ممممم ما الذي جعلتني اتصل !... أعطني أبي يا أمي
ــــ خذ يا سالم هاهي عائشة
ــــ السلام عليكم ورحمة الله ههه كيف حالك ابنتي
الحبيبة وكيف حال زوجك؟
ـــــ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أنا بخير وعبد
الله بخير الحمدلله. صلى الفجر ونام، وأمسكت
أنا بهاتفي كي أطمئن عليك وعلى أمي .. كيف حالك يا أبي؟
ــــ بخير حال حبيبتي ... أتعرفين حقاً أن البيت ينقصه
شيء كبير جداً بغيابك يا ابنتي ؟ حقا هذه المرة الأولى التي أشعر فيها بهذا
الإحساس القاسي
ـــــ دام لي عطفك يا أبي . فرحت جداً بهذه الكلمات
والله . كنت أعتقد أنكما استرحتما مني ههه
ـــــ كيف تقولين ذلك وقد كنتِ كالنسمة الرقيقة التي
داعبت أحاسيسنا ثم مضت بهدوء
ــــ ههه كلامك جميل يا أبي
حاولت أمها امتشاق الهاتف من يده وهي تقول بتلهف:
ــــ هات، هات يا سالم. تحدثت إليها طويلاً.
ضحك وهو يومئ لها أن تصبر، وقال منهياً حديثه لابنته:
ــــ جمل الله حياتك بطاعته يا ابنتي . بلغي سلامي لعبد
الله. خذي أمك المتلهفة عليكِ وتحاول امتشاق الهاتف من يدي بكل قوتها ههه
ــــ هههه هاتها يا أبي.
أعطى الهاتف لزوجته التي ضيقت عينيها وقالت بمكر:
ــــ ممممممم قلت لابنتك كلاما لم تسمعني مثله يوماً.
سأنتهي من المكالمة ثم أعود لأثأر منك ههه
ـــــ وانا سأذهب لأختبئ تحت الفراش خوفا منكِ ههه
ــــ سأنزل ورائك
فلا مفر من ثأري هههه
ضحك وانصرف عنها، فعادت للحديث مع ابنتها..فأخذا في سرد
الأحاديث، حتى قالت عائشة:
ــــ أتركك الآن لأحضر طعام الإفطار لزوجي يا أمي أريده أن يستيقظ فيجد إفطاره معداً وجاهزاً إن
شاء الله
ــــ ههه تحاولين أن تقلدينِي لتصبحي زوجة رائعة مثلي
تماما. أليس كذلك ؟
ـــــ هههه مجرد محاولة يا أمي وليتني أستطيع
ـــــ تستطيعين حبيبتي عليكِ أن تعملي جاهدة على إسعاد زوجك. هو أهم
إنسان في حياتك يا ابنتي، احرصي على مشاعره وكسب قلبه بجميل أفعالك وتجنبي إغضابه،
وإن حدث وغضب فسارعي لإرضائه حبيبتي . صدقيني حينما يغضب الزوج تشعرين كأن العالم
ضاق بكِ ولن تجدي رغبة في فعل أي شيء ولا حتى مجرد الرغبة في الكلام مع ايٍ من
البشر حتى يرضى عنكِ.
ضحكت عائشة وقالت بمكر:
ــــ ممممم فهمت، فهمت.أها!!
ــــ ما الذي فهمتيه يا حصيفة عصرك ؟ههه
ــــ عندما كانت تحدث بينك وبين أبي أي مشاحنة أو مشاجرة
ويقاطعك كنتِ تقاطعي العالم معه، وكنتِ
تقاطعيني أنا ايضاً وتنهريني دونما ذنب ههه
وتقولي ابتعدي عني لا أريد أن أرى أحد .. وإن اتصلت بكِ أي صديقة أو قريبة كنتِ
ترفضي الرد عليها وكنت أرى الضيق على وجهك.
حتى يرضى عنكِ أبي وتعودين إلى مرحك وضحكك وتغرقيني بالقبلات ههه
ــــ ههه لهذا أريدك أن تضعي زوجك ورضاه عنكِ في المقام
الأول بعد رضى الله عنكِ حبيبتي
ــــ إن شاء الله يا أمي... لا تحرميني من دعواتك الطيبة
النابعة من قلبك لابنتك التي تحبك
ـــــ حبيبتي يا عائشة. أسعد الله أيامك مع زوجك ورزقكما
الذرية الصالحة وحفظكما من شر كل ذي شر اللهم آمين
ــــ آمين يا أمي آمين . استودعك الله . السلام عليكم
ــــ وعليكم السلام يا حبيبتي
*************************************
غمغمت عائشة وهي تتجه إلى المطبخ:
ــــ ممممممم اذهب إلى المطبخ لأحضر طعام الإفطار وأوقظ
زوجي الحبيب عبد الله
دلفت إلى المطبخ فتفاجئت بعبد الله يعد طعام الإفطار. فقالت له باندهاش:
ــــ ها!! . عبد الله في المطبخ !!! ألم تنم حبيبي ؟
ــــ هاها صباح الخير حبيبتي. لا لم أنم، ولم أكن أنوي النوم من الأساس.
ـــ ممممم وماذا كنت تنوي إذن ؟
قال يلومها بلهجة المحب:
ــــ كنت أنوي أن نجلس سوياً نتكلم ونتسامر مع بعضنا
البعض، فكنت متشوقاً للحديث إليك... ولكنك منذ رأيتني مضطجعاً على الفراش وتدثّرت،
أطفئتِ المصباح وأسرعتِ إلى خارج الغرفة
تهاتفين أمك هههههه ما أخبارها يا ترى .
من الواضح إنك اشتقتِ إليها جداً
أطرقت رأسها خجلاً وغمغمت:
ــــ مممممممم مخالفة زوجية منذ أول صبيحة ممممممم كيف أعتذر.
ضحكت واعتذرت:
ــــ حبيبي! آسفة جداً.. والله اعتقدت أنك مرهق من السفر وترغب
في النوم، فما أردت إزعاجك
ــــ ممممممم ههه حسناً حبيبتي. ولكن كان من الأفضل أن
تسأليني قبل خروجك من الغرفة أتريد شيئاً يا حبيبي ؟ ههههه أليس هكذا ؟
تصنعت البكاء تغنجاً وقالت:
ــــ ممممممم هكذا !اهئ اهئ واضح انك لم تقبل اعتذاري
ـــــ هاها ما اجمل تصنع البكاء بالتغنج
ابتسمت وأطرقت رأسها، فقال:
ــــ سامحتك حبيبتي. لم يحدث شيء... كيف حال والدك
ووالدتك ؟
ــــ بخير الحمدلله. ولكن ماذا تفعل الآن ؟
ــــ أعد لكِ طعام الإفطار حبيبتي ههههههه فأنتِ لم تتناولي العشاء
ضحكت وقالت:
ـــــ تعجبت من الاصناف الموجودة على المائدة ههه لم أعهدها
في حياتي. هل كانت لذيذة ؟
ـــــ ههه أنا أيضاً رفضت أن آكل عندما رفضتِ أن تشاركيني، لذا ادخلت كل الطعام
إلى الثلاجة
ــــ مممممم لو كنت أعلم أنني سأتزوج بالأمس كنت أخبرت
أمي تعد لنا طعاماً أعرفه ههه ولكن هذه الاصناف فلا ههه
ـــــ ههه إنها أكلات تشتهر بها دوسلدورف حبيبتي. حقاً
شهية وإن ذقتيها ستعجبك كثيراً.. سنعيد تسخينها
عند الغداء
ــــ سنعيد تسخينها وستأكلها وحدك. فأنت ألماني متحيزاً لأكلاتكم، ولكن أنا مصرية متحيزة لطعام أمي ههه
ــــــ ههه وأين هي أمك الآن! ليس أمامك غير الأطباق الألمانية، وعندما تشعرين
بالجوع ستأكلين منها....حبيبتي يجب أن تتعرفي على الشيء أولاً قبل أن ترفضيه هههه
ربما أعجبتك هذه الأطعمة أكثر من أكل أمك
ـــــ ههههه ربما حبيبي. أعطني هذه البيضات التي في يدك
حتى أحضر لك الإفطار.
ــــ لالالالالالا سأساعدك حبيبتي .. سأعد أنا البيض،
وقطعي أنتِ الجبن وضعيه في طبق
ـــــ حبيبي لا أريد أن أرهققك. بالله اذهب أنت وانتظرني
على المائدة. أريد راحتك
ــــ راحتي عندما اكون إلى جانب حبيبتي. أحبك، أحبك،
أحبك يا عائشة
ــــ أُحبُك، اُحبُك، أحبك يا حبيبي
أغمض عيناه وهام، فقالت متبسمة:
ـــــاغمضت عينيك وستنام واقفا حبيبي !
ــــ بل شردت مع أجمل الأحاسيس التي جمعت قلبينا، وهمت
بها في عالم آخر مممممم أنسيتني.. ماذا
نحن نعملا هنا يا حبيبتي ؟
ضحكت وقالت:
ــــ أعتقد كنا نعدا طعام الإفطار
قهقه وقال:
ـــــ هيا نكمل قبل أن نهيم مرة أخرى
ـــــ ههههه هيا حبيبي
***************************
على
مائدة الإفطار سألها متفكهاً:
ـــــ ما رأيك في البيض المسلوق حبيبتي؟هههه.
ـــــ هههه ألذ بيض مسلوق أكلته بحياتي حبيبي
ـــــ وهل يختلف
طعم البيض المسلوق يا ماكرة انتِ! ههه
ــــ هاها الاختلاف ليس في طعم البيض، ولكن الاختلاف في
أن حبيبي هو من أعده. فكيف لا يكن مختلفاً! فهو بمذاق الحب يا حبيبي.
تبدت بسمة على محياه وأطرى شدو شفتيها:
ـــ حبيبتي رومانسية وشاعرية، وتنطق بأعذب الكلمات
ــــ لأن حبيبي يسقني حباً، ويغمرني حباً، فكيف لا أفيض حبا! أحبك، أحبك يا حبيبي.
أمسك بكفها وقلبه يخالجه الخوف والرجاء:
ـــــ حبيبتي، أحبك، أحبك.... أخاف أن يكون ذلك حلماً. أخاف..
أخاف أن أستيقظ ولا أجدك.. أخاف.
قبضت بكفها الآخر على كفه وراحت تغرس نبتة اليقين في
قلبها وتسقه أملا:
ــــ لا حبيبي. بل هي الحقيقة فلا تخف. لا حرمني الله
منك يا عبد الله
ــــ لا حرمني الله منك حبيبتي عائشة
*****************************
هاتفه صديقه محمد، فرد
ـــــ السلام عليكم يا محمد
ــــــ وعليكم السلام ورحمة الله . كيف حالك عبد الله
ــــ الحمدلله بخير حال . كيف حالك أنت؟
ــــ انا بخير،
ومخطوبتي حفصة تريد أن تزور زوجتك لتهنئها
ــــ ههه لحظة أخبر زوجتي من فضلك.
ـــ تفضل بالطبع
نادى زوجته ليستأذنها:
ـــــ عائشة.. حفصة مخطوبة محمد تود أن تأتي لتهنئتك
ــــ مرحبا بها. متى ستأتي؟
ــــ لحظة حبيبتي ... محمد متى ستأتي مخطوبتك ؟
ــــ سأحضرها معي الآن، فأنا أيضاً سآتي لتهنئتك ههه
غضن عبد الله حاجبيه وسأله:
ــــ أعاقد عليها أنت حتى تصطحبها بسيارتك ؟
ـــــ ههه ماشاء الله ! ونعم الإلتزام يا عبد الله. لا تخش
شيئاً. أنا عاقد عليها بالفعل الحمدلله
ـــــ إذا كان الأمر كذلك فمرحباً بكما ههههه سأنتظرك إن
شاء الله
ـــــ إن شاء الله يا أخي. السلام عليكم
ـــــ وعليكم السلام
ما أن وضع الهاتف حتى قالت عائشة جذلة:
ـــــــ سمعت ما قلت لصديقك يا عبد الله. أنا جد مسرورة
أنك لا تتهاون في التزامك بتعاليم الإسلام
ـــــ حبيبتي أنا جلست طيلة سنوات عمري ابحث عن الدين
الحق فكيف لي عندما اجده أن أتهاون في تطبيق تعاليمه!
ـــــ الحمدلله حبيبي... أنا سعيدة جداً أنك زوجي يا عبد الله
تبسم وقال منتشياً:
ـــــ بل أنا الأسعد أنك زوجتي يا حبيبة القلب يا صاحبة
الضوء.
ـــــ ههه أحب هذا اللقب كثيراً عندما تنادني به.....
أتركك وأذهب لأعد واجب الضيافة حتى نكرم الاضياف
****************************************
سمعا دقات جرس الباب، فقالت عائشة:
ــــ افتح يا عبد الله،
يبدو أن الأضياف قد وصلوا
ــــ سأفتح يا حبيبتي. انتظري الضيفة في غرفتك، وانا
سأصطحب محمد إلى حجرة الجلوس
ــــ حسنا حبيبي
****************************
انتظرت عائشة الضيفة في غرفتها، فألفت أمامها شابة
ألمانية طويلة القامة، قد أضفى الحجاب الهدءة على ملامحها، تلقي عليها السلام بروح مرحة لتذيب جليد اللقاء
الأول:
ـــــ السلام عليكِ
بادلتها عائشة ذات الروح وذات الابتسام وردت التحية بأفضل
منها:
ـــــ وعليكِ السلام ورحمة الله، مرحبا حبيبتي،
تفضلي
جلست وقالت:
ــــ اشكرك. أنا إسمي حفصة، وأنتِ عائشة، أليس كذلك؟
ــــ مرحبا حفصة. بلى، أنا عائشة مممم ولكن ملامحك
ألمانية يا حفصة ! هل حفصة اسمك فعلا ؟
ــــ هه أنا كنت مسيحية وكان اسمي مارجريت. حفصة هذا
إسمي الذي اختاره لي محمد بعد إسلامي
ـــــ مممم هل كنتِ تعرفين محمد من قبل إسلامك ؟
ـــــ أجل، فقد كان اسمه جورج وكان صديقي، وكنت أحبه جداً..
فعندما أسلم أصرّ على قطع علاقته بي
وحزنت لذلك كثيراً، وبكيت بشدة حتى لا يبتعد عني، ولكنه
قال لا يجوز له أن تكون له صديقة بعد إسلامه،
فقلت له إذن أنا أريد أن أسلم على أن تتزوجني. فوافق
بالطبع
بدا الابتئاس على ملامح عائشة وقالت:
ــــ ماذا!!... أعلم من ذلك أنكِ غير مقتنعة بالإسلام
ولكنك فقط أسلمتِ لأجل حبيبك ؟؟؟
تبسمت حفصة وقالت:
ــــــ لا تنزعجي هكذا يا عائشة...هذا بالفعل كان في أول
الأمر، لكن والله أنا الآن أشد حباً وحرصاً على الإسلام من كثير من المسلمين....
أحببت الحجاب، وأحببت العفاف، وأحببت القرآن، وعشقت الصلاة بين يدي الله ..فقد
تعلمت الكثير على يد داعيات فاضلات، وأصبح حب الله أكبر من حبي لذاتي. الحمدلله
ـــــ يا الله !!!!!!! ما أجمل كلامك يا حفصة. ليت
المسلمات المفرطات في حيائهن وعفافهن وحجابهن وحبهن لله ورسوله أن يسمعن كلماتك
النابعة من قلبك تلك يا حبيبة. كم علقتني كلماتك الجميلة بكِ وأحببتك يا حفصة
ــــ وأنا أيضا منذ دخلت غرفتك ورأيتك أحببتك يا عائشة .
أحبك في الله يا أختي
ـــــ أحبك الذي أحببتني فيه يا حفصة. مرحبا بكِ يا
اختي. لحظة احضر لكِ واجب الضيافة، حتى لا يشغلني حلو حديثك عن ضيافتك هههه
ـــــ ههه بارك الله فيكِ أختي عائشة
عادت
عائشة بصحيفة الفاكهة:
ــــ هأنذا قد
أحضرت لكِ بعض الفاكهة
ــــ شكراً، شكراً ههه جزاكِ الله خيراً . ممممم اخبريني
ما رأيك في طعام العشاء؟ فقد اعددته لكِ بيدي وأرسلته مع محمد
أطرقت باسمة هنيهة ثم قالت بخجل وهو تواري الضحك:
ــــ ممم والله لا أدري ما أقول لك يا حفصة هههه
ــــ مممممم أحزنتني كثيراً . هل هو سيء إلى هذه الدرجة
يا أختي؟
ــــ لا،لا والله لم أقصد . فقط يا حبيبة أنا لم أتعرف
على الأطباق، لذا فلم أقترب منها هههه
ـــــ ههه وأين ذهبت الاطباق الشهية حتى اعرفك عليها ؟
ـــــ ههه حفظتها بالثلاجة
ـــــ حسناً. أخرجيها من الثلاجة لأعرفك عليها في الحال
ههه
ــــ ههه تعالي يا حفصة
اصطحبتها إلى المطبخ وأخرجت الأطباق من الثلاجة وقالت
ضاحكة:
ــــ ها هي أكلاتكم
التي لا أعرفها..أخبريني عن كل واحدة منها ما اسمها ومن أي شيء صنعتيها حتى
تشهيني ههه
ــــ ههههه هذا الطبق اسمه راينيشير زاوير براتن
انفجرت عائشة بالضحك وقالت:
ـــــ هذا إسم أكلة أم معركة حربية!!
ـــــ هههه معركة حربية. إنه شهي جداً
ــــ مما تصنعينه يا حفصة ؟
ــــ هو عبارة عن لحم بقر مشوي يتم نقعه في الخل
والتوابل لبضعة أيام... سمي الله وخذي هذه
القطعة مني
ــــ بسم الله الرحمن الرحيم ممم طعمها لذيذ حقاً . سلمت يداكِ يا حفصة...
وما اسم هذا الطبق الآخر ؟
ــــ هذا الطبق خاص فقط بأهل دوسلدورف يا عائشة، واسمه
دوسلدورفير زينفرو ستبراتن
ضحكت عائشة وقالت:
ــــ لا،لا،لا حقاً أسماء أكلاتكم طويلة ومعقدة. ومما
صنع هذا أيضاً
ـــــ إنه لحم بقر مشوي ولكن بصلصة الخردل. وهذا النوع
من الخردل لا يصنع إلا عندنا في دوسلدورف، وفي ديجون بفرنسا... تفضلي هذه القطعة. سمي
الله أولاً
ـــ هههه بسم الله الرحمن الرحيم ممممم وهذا شهي أيضاً.
سلمت يداكِ ... تعرفين.. أنا من ستعد لكِ طعام عرسك من المطبخ المصري ههه
ـــ حقا يا عائشة ؟ والله سأكون سعيدة بذلك جداً
أردفت حفصة بسؤال:
ـــــ ألم تخرجي
للتنزه في دوسلدورف ؟
ـــــ بالطبع إن شاء الله سأخرج أنا وعبد الله لنتجول في
أنحاء دوسلدورف ونتعرف على معالمها
ــــ اتمنى لكما قضاء وقتاً سعيداً، واتمنى لكما حياة
هانئة وهادئة وجميلة، وأن يرزقكما الله الذرية الصالحة آمين
ـــــ آمين إن شاء الله . ولكن لم تخبريني متى زواجك
ـــــ كان زواجي سيتم بعد أسبوع في هذا المنزل، ولكن
أجلنا الزواج لأجلكما وأنكما الأحق بهذا المنزل
تبدى الخجل على وجه عائشة وقالت على استحياء:
ــــ يا الله! سامحيني، فأنا السبب في تأخير زواجك يا
حفصة
ــــ حبيبتي لا عليكِ. نحن نجهز منزل آخر وسنتزوج بعد
شهر على الأكثر إن شاء الله
ــــ إن شاء الله يا حفصة . جمع الله بينك وبين زوجك على
خير اللهم آمين
ــــ آمين حبيبتي
****************************************************
نظر محمد في ساعة يده، فتفاجأ بمضي وقت طويل، فقال:
ــــ يا إلهي! تأخرنا كثيرا يا عبد الله عندكم. سأدق على هاتف
حفصة حتى ننصرف
رد عبد الله ممازحاً:
ــــ يا أخي اجلس، لِمَ العجلة! ههه
بادله محمد المزاح:
ــــ ههه حسناً، سأجلس
ـــــ لا،لا،لا، أعتقد أنك بالفعل تأخرت يا محمد ههه
ــــ حتى لا تفكر في مجاملتي مرة أخرى هاها سأدق على
هاتف حفصة
تذكر محمد شيئاً هاماً فقال:
ـــ أوه! نسيت...خذ مفتاح سيارتي حتى تصطحب زوجتك خارج
المنزل وتتنزها. دوسلدورف جميلة جداً، من أروع
المدن الألمانية.
ــــ ههه تحدثني كأني غريباً عن ألمانيا. قد سبق لي
زيارة دوسلدورف أكثر من مرة ، وأعرف معالمها جيداً. ولكن سأصطحب زوجتي للترويح
عنها بزيارة معالم دوسلدورف الرائعة.
ـــــ أتمنى لكما وقتا طيباً.
ـــــ ولكن إن تركت سيارتك فكيف ستعود بمخطوبتك؟
ــــ سأستأجر سيارة. لا تلقِ بالاً
تبدى الاستياء على وجه عبد الله، وابدى اعتراضه:
ــــ لا،لا. لا داع لذلك, إنما أنا من سيستأجر سيارة.
ــــ لا والله. سأترك لك سيارتي ومن الاسبوع القادم حين
تنزل إلى العمل إن شاء الله ستأتي لمعرض السيارات عندي وتختار سيارة.
ـــــ يا أخي لا مال عندي لشراء سيارة.
ــــ يا عبد الله سأقسط لك ثمنها، وإن لم تستطع سداد
الاقساط فلن اطالبك وألح عليك هاها..
عندما تبدأ العمل ستتيسر كل الأمور فلا تقلق بإذن الله
أسدى عبد الله نظرة امتنان إلى صديقه محمد إزاء روح
الإيثار التي شعت من أعماقه:
ـــــ حقاً، لا أعرف كيف اشكرك.
نظر عبد الله في ساعة الحائط أمامه ليلفت نظر محمد
للمغادرة، وقال ممازحاً:
ـــــ ممم مرحبا بك يا محمد ،مرحباً
ـــ ههه سأدق على حفصة لا تقلق.
دق جرس هاتف حفصة، فقطع حديثها الودود مع عائشة، فنهضت
حفصة وودعتها:
ــــ إنه محمد . استودعك الله يا عائشة
ــــ هل ستأتي لزيارتي مرة اخرى؟
ــــ بالطبع. فقد صرنا اختين متحابتين في الله يا اختي.
السلام عليكم
تبادلتا القبلات الودودة، وردت عائشة السلام على من أحبت
ــــــ وعليكم السلام ورحمة الله يا حفصة
*********************************
دخل أحد أعين القس دانيال مسرعاً ليخبره بأمر ما:
ــــ آبانا دانيال! أسمعت أن هناك قطعة أرض ينتوي
المسلمون أن يبنوا عليها مسجدا؟
هاج هائج القس:
ــــ ماذا! أي مسجد يريدون بناءه!. ألا يكفيهم ما بنوا
من مساجد! أنهم يريدون أن يغزوا أوروبا بمساجدهم. لا، وحق الرب لن يكون.
ــــ ولكنهم أخذوا تصاريح للبناء يا آبانا، الحكومة الألمانية
موافقة على هذا الأمر.
أبرق القس وأرعد:
ــــ ولو أخذوا ألف ألف تصريح لن يتم بناء المسجد. ما هذا!!
أستتحول أوروبا إلى مسلمين ومساجد، وتهدم الكنائس على رؤوس مرتاديها!!!
رد التابع بأسى:
ــــ وأين هم مرتادوها يا آبانا!
لكمه القس في صدره بعنف وصاح به مهتاجاً:
ــــ خسئت. لا تنطق بمثل هذه الكلمات. أنا هنا لأحمي دين
يسوع. وإن أراد المسلمون بناء مسجد فسيهدم على رؤوسهم
تبدت ابتسامة ارتياح على وجه التابع حين تذكر وقوع أمر
مشابه وبدأ في سرده على مسامع القس:
ــــــ سمعت يا آبانا أنه كان هناك قطعة أرض ينوي المسلمون
في المانيا أن يبنوا عليها مسجد، فقام أهالي
المنطقة وبعض القساوسة بذبح عددا كبيرا من الخنازير على الارض التي سيتم
عليها بناء المسجد وغرقوها بدماء الخنازير وعلقوا رؤوس الخنازير فيها ههه
انفجر القس ضاحكاً وقال:
ــــــ هكذا يكون الدفاع عن أوروبا ضد غزو المسلمين هاها
أطرق القس مفكراً، ثم قال وهو يعبث بشعر لحيته:
ـــــ ولِم لا نفعل ذلك على هذه الأرض؟
ــــ يا آبانا هناك من القساوسة من يوافقون ويدافعون
عن أحقية
المسلمين في بناء المساجد ويقفون معهم
تربد وجه القس وقال:
ــــ ماذا!! تبا لهم.
زاده التابع اشتعالا حين قال بمكر:
ــــ ومن بينهم آبانا فيليب.
أصر القس على أسنانه وقال والغيظ يزمجر داخله:
ــــ فيليب!! آآآخ! سأذهب إلى فيليب هذا.. سأسمعنه ما
يكره. كيف يكون ممثلاً عن يسوع وهو يخونه. غداً سأذهب إلى هذا الفيليب.
ــــ أتأمرني بأي شيء يا آبانا.
ــــ انصرف أنت الآن يا ستيفين.
ما أن خرج التابع حتى دخل الحارس لينبئ القس بوصول من
يترقب:
ــــ الآب دانيال. هناك راهبة أتت من برلين تقول أن من
أرسلتها هي الأم صوفيا
تهلل وجه القس وقال على الفور:
مرحبا بها، أدخلها
عاد يجلس على كرسي البابوية الفخم بعنجهية وتعاظم، وعيناه
ترقبان الباب البعيد بثبات....دلفت راهبة عشرينية إلى الرواق تصاحبها قرعات أجراس
الكنيسة، تمشي بخطوات ملكية واثقة، وعينان حادتان، وملامح جامدة تجافي
الابتسام...نظرت عن يمينها فإذ بتمثال العذراء..انحنت أمام التمثال مغمضة العينين،
وأشارت إلى صدرها بعلامة الثالوث..ثم عادت تقطع الرواق إلى القس بذات الخطوات
الواثقة حتى بلغت الكرسي البابوي، فانحنت أمام القس وحيته بكبرياء:
ــــ طاب صباحك يا آبانا دانيال.
ــــ مرحبا. ما اسمك ؟
ـــــ مانويلا. أرسلتني الأم صوفيا، وقالت نفذي تعاليم
الآب دانيال، فإنه يريدك في مهمة عظيمة لخدمة يسوع.
ــــ حقاً. أريدك في مهمة عظيمة دفاعاً عن دين يسوع.
ـــــ وأنا في
خدمة يسوع ودين يسوع... ما الأمر يا آبانا؟ سمعا وطاعة قبل أن أعرف
ــــ باركك الرب يا مانويلا. هكذا تكون الراهبة الصالحة،
اجلسي
ــــ لا أستطيع أن أجلس امامك آبانا دانيال.
ــــ اجلسي فلي معك حديث طويل
ــــ سمعا وطاعة. ولكن سأسجد تحت قدميك أولاً يا آبانا.
ــــ باركك الرب. اسجدي
سجدت أمام الكرسي البابوي تعظيماً للقس..ثم قامت وهي
تشير إلى صدرها بعلامة الثالوث، وقالت بعد أن جلست على مقربة منه:
ــــ ما المطلوب مني يا آبانا دانيال؟
ــــ سأرسلك لمهمة لمراقبة أحد أعدائنا
غضنت حاجبيها وقالت باندهاش:
ــــ أراقب!!
ـــــ لي عيون تراقب من الخارج، ولكن أحتاج إلى عين
تراقب داخل المنزل.
ردت بذات الملامح الجامدة:
ــــ وكيف لمن سأراقبهم أن يثقوا بي ويدخلوني إلى منزلهم
؟
ــــ إذا التزمتِ أوامري سيدخلونك
****************************
إلى هنا انتهت حلقتنا لهذا اليوم
اعتذر عن التأخير..فما أعاقني غير انقطاع الكهرباء
لقرابة ست ساعات بالأمس
التقيكم يوم الخميس القادم إن شاء الله
لا تنسوا ذكر الله
والاستغفار والصلاة على الحبيب عليه الصلاة والسلام
لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله
استغفر الله وأتوب إليه
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد
من أجمل ما قرأت
ردحذفجزاك الله خيرا
ردحذفتسلم ايدك
سبحان الله و بحمده❤️
ردحذفاللهم صل و سلم و بارك على نبينا محمد❤️
جزاك الله خيرا ❤️أم رفيف
كاميليا محمد
ردحذفلا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد
عودا حميدا أستاذة هبة لا حرمنا الله من قلمك وابداعك بنتظر الرواية بفارغ الصبر دمتي مبدعة ومتميزة 🌹❤️
سلمت يمينك يا أستاذة هوبة
ردحذفحلقة دسمة وطويلة 🥰🥰