حارة الموعودين( السابعة)
سرعان ما عادت سوكا
تركم بين يديها رزم الأوراق المالية التي طلبتها سيدتها، اتسعت حدقتا أخيها وهو
ينظر إلى المال بشبق، أعطت سوكا المال إلى المعلمة جباير وقالت:
الخمسين ألف جنيه يا ست
المعلمين
أخذتهم وعدت الرزم، ثم
سددت نظرة إلى رضا وقالت:
خد يا واد يا رضا،
الخمسين ألف دول تقسمهم عليك وعلى المؤلفاتي والمزيكاتي، وقولهم قصاد المال ده
المعلمة جباير عايزة أغاني تسلطن الدماغ
هرع يأخذ المال ضاحكاً،
وقد أخذته سكرة الذهول وهو يكبش المال ويلصقه بصدره:
عنيا يا معلمة. دانا
هخليهم يعملوا أغاني متكلفة وتعمر الدماغ.. يا بركة دعاكِ لابنك يا ام رضا
طب فارقنا دلوقتي
وابتدي في الشغل التقيل بقى وما تضيعش وقت
حاضر يا معلمة، سلام
اتخذ طريقه إلى الباب
مسرعاً، فهرعت خلفه سوكا :
انت يا واد يا اهطل
انت، هتنزل برزم الفلوس في إيدك كدة قدام أهل الحارة الجعانين!! استناني عند الباب
لما اجيبلك شنطة بلاستيك سودة
عين العقل يا سوكا
يختي. طول عمرك واعية ومصحصحة
اومال مبرشمة زييك!!
أولته ظهرها، فلوى شفته
و أشاح بيده
عادت إليه بكيس
بلاستيكي أسود، وقالت بحدة:
هات الفلوس يا واد
خدي
أخذت منه الخمسين
ألفاً، فعدت خمسة وعشرين ووضعتهم في الكيس البلاستيكي وقالت:
اتكل انت
ايه ده! ما تحطي باقي
الفلوس يا سوكا
باقي الفلوس دي حقي يا
ولا. مش سبق وقلتلك أي عز هتبقى فيه، هنكون فيه شراكة!
ايوة يا سوكا بس الفلوس
دي المعلمة قالتلي قسمها بينك وبين المؤلفاتي وبتاع الماظيقا
ماظيقا!! اسمها مزيكا،
وما تطجنش كدة لتطفش المعجبين
أخذ يتلفت حوله فاغراً
فاه، ثم قال:
هما فين المعجوبين
دول!!
هيجوا يا واد، هيجوا.
طول ما بتغني وحواليك طبلة ورق هيجولك، الناس تحب الفرفشة
ربنا يجيبهم بالسلامة
نظر للمال الذي أخذته
وحدجها بنظرة ضيق وقال:
بس انتِ كدة طماعة يا
سوكا، يعني الخمسة وعشرين الف اللي انا خدتهم، أقسمهم بيني وبين الناس اللي هتشتغل
معايا، وانتِ تنهبي الخمسة وعشرين ألف لوحدك يا بت!!
بتة اما تبتك. مش أنا
يا واد صاحبة الفضل اللي شارت عليك تغني وقدمتك للمعلمة؟
أيوة
يبقى خلاص، حلال عليا
الخمسة وعشرين ألف.. ولا نفضها سيرة واقول للمعلمة رضا مش هيغني وتاخد منك الخمسة
وعشرين وما تطولش منهم تعريفة!!
اتسعت حدقتاه وتشبث
بالمال وقال راجفاً:
لا، لا، لا خلاص يا
سوكا. أنا راضي اقسم الخمسة وعشرين بيني وبين ولعة وحريقة
ما تبقاش أهبل يا واد،
انت ادي كل واحد منهم ألف جنيه عربون، وقوله لك الف تاني لما الأغاني تخلص، وخد
انت الباقي اتهنى بيه
ايه! بس كدة يبقى ظلم
رفعت حاجباً وقالت:
خلاص يا خويا، قسمهم
عليكو بالعدل ودوقهم طعم الالفات عشان يطعموا فيك اكتر ويقاسموك في لقمتك، وخليك
طول عمرك جعان
لا خلاص يا سوكا، أنا
هعمل زي ما قلتيلي عشان انت كلامك موظون
استاءت من نطقه لكلمة
موزون وفتحت الباب ودفعته إلى الخارج وقالت باحتداد:
امشي يا واد، امشي عشان
مش طايقة اسمع كلامك المطجن اللي بوظلي طبلة ودني
هز رأسه وانطلق قابضاً
على كيس المال، فصفعت الباب خلفه وهي تدمدم سبابا:
غور، بيطجن زي البهيم.
أنا عارفة هيسترقى امتى ده!
****************************************
عاد رضا إلى البيت
الفقير الذي يسكنه ووالدته، دخل وهو يواري
الكيس الذي يحوي المال خلف ظهره، واتخذ طريقه إلى غرفته على أطراف أصابعه، فلمحته
والدته إذ هي خارجة من إحدى الغرف، فصاحت به:
ايه اللي مخبيه ورا
ضهرك ده يا واد يا رضا؟؟
ارتجف وصاح بها:
يا امّا خضتيني يا امّا
سلامتك من الخضة يا عين
امك. ما قولتليش ايه اللي مخبيه ورا ضهرك ده؟
تلجلج رضا:
دده! ددده، أه، ده درة
مشوي
طب هات كوز
كوز ايه يا امّا! ما
تسيبيني في حالي! انتِ على طول كدة عينك ع اللي في ايدي!!
اخص عليك واد قليل
الأصل وخسيس بصحيح. بقى انا يا واد عيني ع اللي في ايدك! دانت طول عمر ايدك فاضية
وانا اللي مليهالك من خيري. ولا نسيت اني بعت دهبي عشان اجيبلك التوكتوك عشان
يبقالك قيمة وسط الحارة، بدل ما انت داير تتسكع طول النهار من غير شغلة ولا مشغلة،
التوكتوك اللي بتصرف فلوسه على برشام مزاجك وما بتديش امك منه نكلة. ولولا اخواتك
البنات بيأكلوني كان زماني مت من الجوع، وبعد اللي عملته عشانك ده، مستخسر فيا كوز
درة يا خلفة الندامة!
يوووه يا امّا! انتِ كل
شوية هتذليني بالوطكطوق! خلاص مش عايظه. بكرة ابقى نجم كبير في السما و ارقب عربوية
نظرت إلى أعلى وقالت
بتعجب:
نجم في السما وتركب
عربية!!!
خفضت رأسها تقول:
قُطع البرشام وسنينه.. يا رضا يا ابني فوق، فوق
وبطل البرشام وشوف أكل عيشك. الوتكتوك ده لو راح منك هتتبهدل
قهقه رضا وقال:
وربنا يا امّا انتِ ست
بركة ومش فاهمة أيوتها حاجة... تعالي يا امّا اقعدي أما افهمك عشان انتِ مهما كان
امي وبعتبرك زي والدتي، وعارف انك بتحبيلي الخير
ان شالله يخليك يا
ضنايا
جلست على الأريكة
وقالت:
اديني قعدت، فهمني بقى
ينوبك ثواب
جلس إلى جوارها وأخفى
الكيس خلف ظهره، وقال:
النهاردة يا امّا روحت
لسوكا اختي عشان أخد منها قرشين، استنيتها ع الناصية، نزلت بهدلتني وقالتلي مش
هديك ولا مليم
طول عمرها قليلة أصل زي
امها الله لا يرحمها، وبعدين حصل ايه؟
قالتلي انت صوتك حلو
وغني ياض يا رضا، وخدتني عند المعلمة جباير وسمعت صوتي وعجبها، وقالتلي شوف حد
يظبطلك كام غنوة ملعلعة كدة وانا هعملك مهرجان
تعجبت والدته وقالت!
ايه يا رضا الكلام اللي
بتسمعهولي ده! اوعى ياواد تكون متقل العيار وخيالك سرح بيك
أخرج الكيس من خلف ظهره
وقال وهو يفتحه:
لا يا امّا، وعشان
تصدقي شوفي الفلوس اللي اديتهالي المعلمة عشان ادفع عربون للمؤلفاتي والملحماتي
أبصرت المال، فشهقت
ضاربة على صدرها:
ايه ده يا رضا!! دي
فلوس بحق وحقيقي؟؟
اومال يعني ورق كوطشينا
يا امّا!!
وده كله هتديه للي قلت
عليهم دول؟
لم يشأ أن يخبرها أن له
النصيب الأكبر حتى لا تطمع به، فقال:
ايوة يا امّا، كل
الفلوس دي ليهم، هقسمها بالنص بينهم
الله! طب وانت يا
ضنايا؟
لا، أنا في الآخر بقى،
لما اغني هقبض واقبضك إن شاء الله
مدت يدها على المال
وقالت:
يا واد طب اديني منهم
تمن كيلو لحمة ولا فرخة، امك هفتانة، واخواتك هروني مسقعة وفول نابت
أزاح يدها عن المال
وقال بتأفف:
يووه يا امّا! بقولك
فلوس مش بتاعتنا، خليهم يروحوا لصحاب نصيبهم بقى
طب واحنا يا واد يا
رضا؟
اصبري يا امّا. بكرة
الفلوس تجري ورانا ونبقى بشوات، والحارة دي كلها تعرف احنا مين ويضربولنا تعظيم
سلام
انفجرت والدته بالضحك
وقالت:
قال على رأي المثل،
تعالى يابا شرفني، قاله لما يموت اللي يعرفني... الحارة كلها يا واد عارفة أصلنا
وفصلنا، هو احنا جداد عليهم!!
هه الفلوس بتنسي يا
امّا، أكم من أكابر الناس بتبوس جزمهم، وهما في الأصل كانوا جزم قديمة .. فهمتِ
حاجة يا امّا؟
ايوة يا ضنايا, يعني
انت دلوقتي جزمة قديمة، وبكرة هتبقى باشا وعليك القيمة
الله يكرمك يا امّا...
انا هريح شوية، وصحيني كمان ساعة عشان مواعد ولعة وحريقة على قهوة الشمامين
حاضر يا ضنايا، ربنا
ينجح مقاصدك يارضا
*******************************
مرت الساعة، فدفعت والدة
رضا باب غرفته وضغطت زر المصباح، وقد تهيأت لمغادرة البيت لأمر ما، وطفقت توقظه
على عجل:
اصحى يا رضا، قوم يا
واد عشان تروح للشمامين اللي مواعدهم ع القهوة، يا واد اصحى
فتح رضا عينيه وقال
متثائباً، وهو يمدد ذراعيه:
صحيت اهو يا امّا
رمق النظر إلى عباءتها وقال
وهو ما زال مضطجعاً:
انتِ خارجة ولا ايه يا
امّا؟
ايوة، رايحة ابص على
خالتك عشان عيانة
الله يرحمها
يا واد فوق يا واد،
بقولك خالتك عيانة، ما ماتتش
ربنا يجعل مثواها الجنة
ان شاء الله
أشاحت بيدها واستدارت
عامدة باب المنزل...نهض رضا، وقام عن الفراش يفرك عينيه، واتجه صوب الكيس
البلاستيكي. فتحه ليخرج ألفين من الجنيهات.. فلحظ أن بعض الرزم تنقصه.. عد الرزم
ليتأكد، فوجدها وقد تقصت ثلاثة آلاف، فأدرك أن والدته هي من أخذتهم، فزفر وقال:
طيب يا امّا. أدي جزاء
اللي يعرفك إن معاه فلوس.. خدت تلات تلاف جنيه تعمل بيهم ايه دي! هتشتري عزبة في
المرموطية!!
أخذ ألفين من الجنيهات،
وضعهما جانباً، وعقد الكيس البلاستيكي، وعمد إلى إخفائه حتى لا تصل إليه يد
والداته.. أحضر كرسي خشبي، واعتلاه، وقذف بالمال فوق خزانة الملابس.
****************************************
اتجه رضا بملابسه الرثة
وهيئته المزرية إلى مقهى فقيرة، داخل زقاق من أزقة الحارة، رواد هذه المقهى من
مدمني المخدرات والحشيش ممن يطلق عليهم( مساطيل)، لذا فالدخان المنبعث من الآراجيل
هو دخان أزرق..جميعهم على شاكلته، غير أنه يشعر من داخله بازدراء لهم، كونه سينشق
عن الجمع ويصبح نجم يشار إليه بالبنان، كما وعدته المعلمة جباير. تنحنح بتعاظم و
جلس على أحد المقاعد الشاغرة، فجاءه نادل المقهى والذي يجلب له الحبوب المخدرة،
وحياه:
يا مرحب يا برشامة
نظر إليه رضا بازدراء
وقال يوبخه:
البورشام اللي انت
جبتهولي ده مضروب، انت بتغشني ياض يا ريعو؟؟
بغشك ازاي يعني! هو انا
اللي بصنعه يا رضا يا برشامة!! انا لا مؤاخذة مورد، اللي بيدهولي التاجر بجيبهولكو
من غير غش. انا ما اقبلش الحرام
دانت الحرام ذات نفسه
ياض.. روح هاتلي شريط بورشام عشان حاسس إن دماغي مش مطرحها
اومال ايه اللي فوق
رقبتك دي؟
ده عقلي الباطل ياض
ربنا يخليهولك
ويخليك لامك
وإذ هما يتحدثان،
اندفعت نحوه فتاة شعبية ترتدي عباءة سوداء وشعرها المخضب بالأصفر معقوص بوردة
قماشية كبيرة فاقعة الألوان، كالألوان
التي صبغت بها شفتيها وبشرتها، إنها هند صديقته، نادته بغضب:
واد يا رضا، بقى انت
ياض هتبقى مطرب وما قولتليش يا خاين!!
مين اللي قالك يا بت يا
هند؟
جلست على الكرسي الآخر
وبينهما المنضدة الصغيرة وقالت:
أمك قابلت امي وهي
رايحة عند خالتك وقالتلها
ضرب جبهته بكفه غيظاً
من أمه وقال ساخراً:
طول عمر أسراري معاكِ
في بير يا امّا
نعم نعم نعم!! هو انت
ما كنتش عايزني اعرف يا واد يا رضا! بقى دي أخرة الحب والغرام اللي بينا!!
يا بت يا هند افهمي
ونضفي مخك. أنا كنت مستني لما الأغاني تتكتب وتتلحم وأجي تحت بلكونتكو أغنيهالك
واطلبك من ابوكِ
لا يا اخويا، اطلبني من
ابويا الأول وبعدين نقعد نغني ونلحم الأغاني سوا
ليه! فاكرة نفسك ولعة
ولا حريقة! الأغاني لها سلاطينها
اومال انا ابقى ايه ياض
يا رضا!!
انت حبيبتي يا هند،
أغلى بني أدمة عندي في الدنيا دي. كفاية ان انتِ الوحيدة اللي بتسلفيني من غير ما
تهزئيني زي ما بتعمل سوكا اختي والعالم الغجر اللي في الحارة، وكمان عمرك ما
طالبتيني ع الفلوس، رغم إن ليكِ عندي يجي ستومية واربعين جنيه
انفرجت أساريرها وضربته
على يده بدلال قائلة:
دانت حبيبي ياض يا رضا،
ودايما أصبر نفسي واقول بكرة رضا يجي يطلبني من ابويا ونتجوز ويبقالنا بيت يتقفل
علينا
ههه هيبقى أحلى بيت يا
بت
رفعت حاجباً وحذرته:
اوعى يا واد يا رضا لما
البلية تلعب معاك وتبقى مغنواتي متصيت تغدر بيا
عيب يا هند، عيب، انتِ
كدة بتشتميني وبتتهميني في مرجلتي
اخص عليك يا رضا، دانت
كلك مرجلة ياض
جاءه أحدهم يناديه:
رضا يا برشامة، بقى
صحيح هتغني وتعمل مهرجانات زي ما قالت امك؟؟
الله يسامحك يا امّا،
لميتِ عليا الأشكال الضالة
استدار إلى هند يقول:
قومي يا بت روحي عشان
ما يصحش تقعدي وسط الرجالة
ههه حاضر يا سبعي يا
ابو المرجلة كلها. هستناك بكرة ع الناصية, سلام
استدار إلى الشاب الذي
يحدثه وأجابه عن سؤاله:
ايوة يا ميمو يا سنجة،
هبقى مغنواتي ويتعملي مهرجانات. عندك ايوتها اعتراض؟
اخص عليك يا رضا يا
برشامة، دانا استمنالك الخير يا جدع، دانت زي اخويا الصغنن
تعيش
نادى الشاب في مساطيل
المقهى
يا رجالة، رضا برشامة
اخونا وابن حتتنا هيبقى مغنواتي ويتعمله مهرجانات، وبالمناسبة المزحولة دي عايزينه
يغنيلنا غنوة
هتف المساطيل من بين
الدخان الأزرق وهم ينظرون إليه بأعينهم المنتفخة التي يحيطها السواد:
غني يا رضا
دارت عيناه بازدراء في
وجوههم وهيئاتهم، وأنشد بتأفف:
رافضك يا زمااااني
يا أوااااني
يا مكاااااني
أنا عايز أعيش في قوقب
تاااااني
فيه عاااالم تااااني
فيه لسة أمااااني
فيه البورشااااام
لسة بورشاااااام
يسطل في ثوااااااني
هتف المساطيل وحيوه،
فأكمل وهو يسدد نظرات الازدراء إليهم:
عااااالم جراااابيع
شلة مقاااااطيع
بينهم راح اضيييييع
وإذ هو مندمج في
الغناء، جاءه الشخصان اللذان ينتظرهما في هيئتين لا تختلفان عنه وعن مساطيل
المقهى، فناداه أحدهما
يا برشامة
ههه يا مرحب بمعلم
الكلام الموزون، ازيك يا سيد يا حريقة
الله يخليك
رحب بالآخر
ازيك يا مجدي يا ولعة
تعيش يا برشامة
تعالوا اقعدوا عشان
نتفق ع الشغل العالي اللي طلبته المعلمة جباير عشان تعملنا احلى مهرجان
جلسا إلى المنضدة، فقال
المؤلف:
قبل المهرجان والشغل
العالي، عايزين ناخد عربون عشان الدماغ تشعشع ونشتغل بمزاج المزاج
أخرج من جيبه الألفين
جنيه، وقسمهم بين المؤلف والملحن بالتساوي وقال:
خدوا عرقكو من قبل ما
تعرقوا يا رجالة
نتش كل منهما نصيبه
بعينين متسعتين، وطفق يعده ولعابه يسيل، ورضا يرمق إليهما النظر حتى فرغا من العد،
فقال:
تمام يا رجالة؟
تمام
قال الملحن:
طيب ده العربون، اومال
الباقي قد ايه وامتى؟
ليكو زيهم بالظبط بعد
ما تسلموني الأغاني
اعترض المؤلف:
زيهم! يعني العبارة
كلها أول عن آخر ألفين جنيه!! دول ما يجيبوش همهم
وأكد الملحن على
الاعتراض:
ايوة ما يجيبوش همهم،
هو احنا بنبيع ترمس يا رضا يا برشامة!!
زفر رضا وقال:
يا جدعان اصبروا يا
جدعان لما نعمل المهرجان والفلوس تيجي تجري علينا وتاخدنا كلنا بالحضن، اجيبلكو
منين دلوقتي! المعلمة ما ادتنيش غير اربع تلاف ليكو، وحتى انا ما ادتنيش ولا مليم
وقالتلي لما الاغاني تجهز ابقى اقبضك، اعمل ايه انا! يا جدعان اقفوا جنبي يا جدعان
ووروني المرجلة
نظرا كلاهما إلى الآخر،
وهزا رأسهيما في رضا، فقال المؤلف:
خلاص يا رضا، احنا
هنرضى بالألفين جنيه دول والألفين اللي في ذمتك، ونشتغل من الليلة، مش عايزين نوقف
المراكب السايرة
اتسعت ابتسامة رضا
وقال:
ايوة كدة يا جدعان، ادي
المرجلة ولا بلاش.. يلا ألف بقى يا حريقة خليها تولع
لا انا ما بألفش
الكلام، الهوا هو اللي بيحدفه عليا، وانا بستفه وارصه جنب بعضه ويادوب أزود عليه
كلمتين موزونين عشان يتظبط
هرش رضا في رأسه وقال:
ازاي يا جدع؟؟
اقولك عشان تتعظ، ما
سمعتش الغنوة اللي بتقول خلي بالك من الواد، أنا نازل يا سعاد؟
ايوة سمعتها كتير،
وياما شغلتها في التوكتوك عشان الزباين تتسلطن
طب أنا راضي ذمتك، ده كلام
أغاني برضو؟
هرش رضا خلف أذنه وقال:
بصراحة لا
عليك نور، اهي الأغنية
دي المؤلف سمعها لما كان واحد جارهم نازل ع السلم، وقبل ما يقفل باب الشقة، قال
لسعاد مراته، خلي بالك من الواد أنا نازل يا سعاد، راح صاحبنا المؤلفاتي لمها من
الهوا وزود عليها كام كلمة اتحدفت عليه ورصهم جنب بعض وجاب بتاع المزيكا عشان
يدلعهم ويخليهم غنوة
آآه فهمت
وافهمك تاني، في أغنية
بتقول هاتوا الفلوس اللي عليكو، اه يا امّا أه وأه يا با، دي عيلة واطية ونصابة
ايوة عارفها، سمعتها
كتير
اهي دي المؤلف سمعها من
خناقة في قلب الشارع بين واحد وأهل مراته، كانوا ناصبين عليه في قرشين ومش عايزين
يدهومله
ربنا يكفينا شر الخناق
والمشاكل والعالم اللبش.. طيب يعني انت هتجيب الكلام منين دلوقتي في ليلتك العجب
دي؟؟
نفث أوار سيجارته وقال:
قلتلك الهوا هو اللي
هيحدف الكلام
ايوة طب نعمل ايه
دلوقتي؟
تنقطنا بسكاتك عشان
اعرف اركز في البشرية اللي رايحة جاية حوالينا
ماشي، اسكت يا ولعة خلي
حريقة يركز
أخذت عينا المؤلف تتفرس
في المارة الغادين والرائحين، عل أذناه تلتقط ما تقوله شفاههم.. فجأة دخل إلى
الزقاق مجموعة من الصبية يتقافزون، فهرع إليهم صبي من داخل الزقاق يسألهم:
انتو كنتو فين يا عيال
طول النهار؟
احنا روحنا الجنينة
مضى الصبية إلى وجهتهم،
فأخرج مؤلف المعجزات دفترته وطفق يسطر باندماج وصوت عال:
احنا روحنا الجنينة،
والنمل اتلم علينا
أصل حبيبي مسكر، والنمل
بياكل سكر
سكر، سكر, سكر، سكر
امتدح رضا ما كتبه المؤلف
حريقة:
الله، يا سلام عليك
وعلى كلامك الموظون يا حريقة
برق له عينيه وقال
واضعاً إصبعه على فمه:
هششش
خلاص خلاص، هسكت اهو.
مال رضا إلى الملحن
وهمس في أذنه:
باين عليه مش معانا في
الدنيا
هو حريقة كدة لما بينزل
عليه الوحل
آآآه فهمت. يا مهون
يارب
هتفرج إن شاء الله
مر أمامه رجل يتحدث في
الهاتف إلى زوجته ثائراً، فألق المؤلف مسامعه عند فم الرجل:
ارجعي يا تهاني وهاتيها
لبر
فانكب المؤلف على دفتره
وهو يقرأ ما يكتب بصوت عال:
ارجعي يا تهاني،
وهاتيها لبر
أصلك يا تهاني، ما
انتيش عارفاني
أنا واد شراني، بقلب في
ثواني
انتشى رضا ورفع يديه
يحيه ويشيد بما كتب:
يا حلاوتك يا حريقة،
أدي الكلام ولا بلا
رفع رأسه وعاد يرقب
شاحذاً مسامعه، لكنه لم يسمع من المارة إلا همهمات لم يفهمها، فسمع مواء قط فالتفت
له، وعلى الجانب الآخر سمع عواء كلب فالتفت ناحيته، أخذ نفساً من سيجارته، ووضعها
بعرض المطفأة، ثم انكب على دفتره يكتب ويقول بصوت عال
القطة بتقول نو، والكلب
بيقول هو، هو , هو, هو, وانا مشعلق في
الجو .. الجو , الجو, الجو , الجو
رفع المؤلف رأسه وقال
للملحن، يلا لحن يا ولعة
الحن ايه!!
الله! الكلام اللي انا
كتبته
وانت كنت كتبت كلام!
انت كنت عمال تهوهو
ايوة، كان لازم اهوهو
عشان اعبر عن الكلاب
وهما كانوا عينوك
محامي!
ثار المؤلف وأخذ بمجامع
الملحن:
يا عم وانت مالك، أنا
اكتب على مزاجي، وانت تلحن وانت ساكت
ازاح يده بعنف واحتد
عليه:
نزل ايدك يا حريقة وما
تعملش حركة انت مش قدها
هب المؤلف واقفاً وصاح
به:
لا قدها ونص، وما تزيحش
ايدي كدة
فهب الآخر واقفاً ووكزه
في صدره، انتفض رضا عن مقعده يفض الخناق
ايه يا حريقة، ايه يا
ولعة، هي هتقلب بغم ولا ايه! يا جدعان دي قاعدة الاتفاق، مش عايزينها تبوظ ويبوظ
معاها مستقبل تاريخنا
زفرا وعادا للجلوس،
فجلس رضا وقال:
ايوة كدة اهدوا
واستهدوا خلينا نشوف أكل عيشنا.. يلا لحم الكلام الموزون يا ولعة
ماشي، عشان خاطرك بس يا
رضا
لاطفه المؤلف باسماً:
وانا ماليش خاطر عندك
يا ولعة!
هه دانت حبيبي يا حريقة
طب يلا يا عم الملحنين
لحن
ماشي يا عم المؤلفين...
رضا، خلي الواد ريعو يشيل الصينية من ع الطرابيزة
ليه! هي الصينية هتعطل
اللحم في ايه لامؤاخذة؟
لا مش الفكرة، بس عايز
الطرابيزة فاضية عشان اجرب اللحن عليها
آآه هتطبل يعني
ايوة، اومال الحن ازاي!
في دي عندك حق.. واد يا
ريعو. تعالى خد صينيتك، عشان معطلة الفن ياض
ماشي يا نجم
أخذ ملحن الروائع
الدفتر الذي يحوي درر الكلمات، وبدأ يقرع على المنضدة ويغني بصوت نشاز لا يختلف عن
لحنه الشاذ، ورضا يستمع بكل حواسه
القطة بتقول نوووو
الكلب بيقول هووو
وانا مشعلق في الجووو
فبدأ رضا بالغناء على
قرع المؤلف للمنضدة
القطة بتقول نووو
والكلب بيقول هووو
وانا مشعلق في الجووو
الجوو الجوو الجووو
قام المساطيل يحملون
الأراجيل وفي أفواههم مباسمها، يرقصون على هذي الكلمات، وغيرهم قاموا يصفقون،
وتوقف بعض المارة ممن هم على شاكلتهم، يشاركونهم الرقص، وفتحت بعض النسوة النوافذ
يزغردن، ورضا يصيح بحنجرته:
القطة بتقول نووو
والكلب بيقول هووو
وانا مشعلق في الجووو
إيهٍ يا حارة
الموعودين!..فهكذا أصبح الحال بك.. ساطل وسطل ومسطول وبينهم مساطيل يرقصون.. أو
يرفسون .. لا فرق
***************************************
عاد رضا بعد منتصف الليل
إلى البيت، فألفى والدته تجلس إلى التلفاز الصندوقي القديم ذا الألوان الباهتة،
وتشاهد فيلماً كوميدياً، و ترتدي جلباباً جديداً ومنسوج عليه وردات كبيرات فاقعات
الألوان، وكذا الإيشارب الذي تعصب رأسها به، وأمامها على المنضدة الصغيرة لحم مشوي
تنهشه وزجاجة كبيرة من المياه الغازية قد هدرت ثلاثة أرباعها، وتضحك وتتمايل مع
المشاهد الكوميدية، فناداها رضا مغتاظاً:
أمّا
تجاهلت نداءه وأخذت
تقهقه وتميل واصفة الممثل:
هههه ينيلك، قلبي هيقف
من الضحك
هرع رضا وحال بينها
وبين التلفاز، وهتف غاضباً:
أمّا، كلميني
اوعي يا واد من قدام
التلافزيون خليني اكمل ضحك
نزع قابس التلفاز وقال:
وادي الفيشة اهيه،
وريني هتتفرجي ازاي
يوووه يا واد ما تقلش
مزاجي، حط الفيشة خليني اكمل فورجة
مش قبل ما اعرف سرقتي
فلوسي ليه! بقى بتسرقيني يا امّا وتضيعي الفلوس ع الكباب والجلابية ام ورد!! وكمان
بتشربي ازوزة!! بتاكلي كباب يا ام رضا!!
طعنتيني في ضهري يا امّا
يا خويا اتلهي! هي
الفلوس كانت بتاعتك! دي فلوس المعلمة جباير، وطالما اديتهالك، يبقى أنا ليا حق
فيها، وأنا خدت حقي
حقك ايه يا امّا!!
الفلوس لحد دلوقتي فلوس المعلمة جباير، ولو لقيتنا صرفناها في سكة غير اللي
شاورتلنا عليها، هتيجي تهد البيت ع اللي فيه
تهده، اهو اموت وانا
شبعانة وواكلة كباب ولابسة جلابية جديدة.. شايف الورد اللي ع الجلابية يا واد يا
رضا؟ ايه رأيك في ذوق امك؟ ههه دا لما تبقى مغنواتي هشرفك. حط فيشة التلافزيون يا
واد خليني اكمل الفيلم بتاع الجدع المضروب ابو دم خفيف ده هههه ينيله، عسل
نظر إليها شزراّ، ووضع
قابس التلفاز، وعمد إلى غرفته يتمتم
*************************************
قصت المعلمة جباير على
زوجها المعلم عدوي ما حدث من أمر اكتشافها لنجم جديد، فقهقه وأخذ يضرب كفاً بكف
بقى اخو البت سوكا صوته
حلو وهتعمليله مهرجان! هههأ، طب وانتِ مالك و مال السكة دي يا جباير!
بصراحة ما كانش ليا
فيها، وكنت ناوية أطرد الواد بالخصوص انه جايلي وانا مش طايقة روحي ولا طايقة اشوف
حد قدامي ومزاجي معكر، لكن بقى لما سمعته مزاجي علي وبقى آخر صهللة
يا جباير اعقلي يا
جباير وخليكِ في اللحمة وتجارة الكيف ، الطرب له ناسه المتسيطة، الأستاذ عزب
الرايق والاستاذ صنقر الأصيل، يا سلااااام اهو دول أهل الطرب الأصيل بصحيح
طب بشرفك لخليه يمسحهم،
وهسميه رضا التمساح
تمساح ايه وسلعوة ايه
يا ولية! اختاري اسامي رومانسجية زي اللي سمعتهالك لكبار المطربين
لااا هو رضا التمساح
وانا حرة في اسم المطرب اللي استكشفته يا عدوي
انا مالي انتِ حرة،
تسميه تمساح ولا حنش، الهي ياكلك ويريحني
*********************************************
في تلك الصبيحة، كانت
والدة هالة وحدها في المنزل، حين سمعت دقات مرجفة على الباب، ارتعدت معها فرائصها،
وضعت يدها على صدرها مغمغمة:
يا حفيظ يا رب، ايه
الخبط والرزع اللي ع الباب ده
اقتربت من الباب، فسمعت
جلبة بالخارج وأصوات رجال متداخلة، سألت بارتجاف:
مين؟
أتاها صوت أجش يصيح:
افتحي يا ولية
وليه! يا لهوي! سلم
يارب
تسترت بحجابها وفتحت
الباب بارتعاد، فأبصرت ما أوقف الدماء في أوصالها، عصبة من خمسة رجال أشداء غلاظ
يقفون أمام الباب، فشهقت وسألت بارتجاف:
انتو مين وعايزين ايه؟
قال كبيرهم:
احنا رجالة المعلم عدوي
وجايين نبلغك رسالة
رسالة ايه كفاالله
الشر؟
المعلم بيقولك إن بنتك
اللي اسمها هالة ما تلزموش، وانه نقل العطا على عروسة تانية، وباعتنا عشان ناخد
بقيت العشرين كيلو لحمة، وحساب اللحمة اللي طفحتوها
يا مصيبتي!! مش عايز
هالة، ونقل العطا على عروسة تانية! وكمان
عايز بقيت اللحمة، ويحاسبنا ع اللي كلناه كمان!
ايوة، واللي اتبقى من
الأكل قالنا نجيبه وما نخليش فتفوتة، عشان هو مش هافية لامؤاخذة
يادي الخيبة! المعلم هو
اللي قالكو كدة بذات نفسه؟؟
ايوة، المطبخ فين؟
وانتو مالكو ومال
المطبخ! انا هدخل اجيبلكو بقيت اللحمة من الفريزر
لا ما تتعبيش نفسك،
احنا هنعرف ناخدها ازاي، ادخلوا يا رجالة
يدخلوا فين، يا لهوووي،
الحقوني يا ناس
اخرسي يا ولية خلي يومك
يعدي
ازاحوها واقتحموا
المنزل، فوقفت ذاهلة تضرب كفاً بكف، بينما الجارات يصطففن على درجات السلالم،
ملتصقات بالدرابزين يصكون وجوههن ويشهقن ويتهامسن، ويمددن الأبصار إلى داخل الشقة
المقتحمة، هرعت والدة هالة خلف عصبة الرجال، فوجدتهم قد أفرغوا الثلاجة من اللحم
الذي بعث به المعلم عدوي، إلى جانب دجاجة مسكينة كانت مخزنة بالثلاجة، فصاحت والدة
هالة:
سيبوا الفرخة، الفرخة
بتاعتنا يا ظلمة
اخرسي يا ولية، كله من
خير المعلم، هاتوا الحلل والصواني اللي مليانة أكل في التلاجة دي عشان ما ياخدوش ع
العز ده
طفقوا يخرجون الصواني
والطناجر المكتظة بالطعام واللحم، فصرخت المرأة
يا لهوي، سيبوا الحلل
والصواني، انتو هتاخدوا الأكل بالحلل والصواني بتاعتنا يا ظلمة!
ايوة، اومال هنفضيهم في
كياس يا ولية! واخرسي ما اسمعش حسك عشان بيوترني وأنا بأدي مهام وظيفتي، يلا يا
رجالة خلصونا
اهئ اهئئئ يا حللي يا
امّا، أه يا صواني عمري اللي ابويا جبهالي من الحجاز، طب سيبولنا حاجة نطبخ فيها
قلت اخرسي يا ولية.
هاتوا الخلاط ده عشان اللي عندي في البيت باظ والولية مراتي مصدعاني في الداخلة
والخارجة، هاتلي خلاط، هاتلي خلاط، وانا مش فاضي اجيب
أمرك ياريس
يا لهوووي، إلا الخلاط،
ده بالشيء الفيلاني وما نعرفش نعوضه
قلت اخرسي يا ولية
لاجيب أجلك.. خلاص يا رجالة؟
تمام يا ريس
خرجوا يحملون اللحوم
والطناجر والصواني بما حوت، وخلاط الطماطم وعمدوا إلى الباب وخلفهم والدة هالة
تبكي أوانيها وخلاطها
اهئ اهئئئ مع السلامة
يا حللي، هتوحشوني يا صواني جهازي اهئ اهئئئ الله يرحمك يا خلاط يا أصيل
لمح كبيرهم ثلاثة أساور
في معصمها، فقال ساخراً:
لابسالي غوايش دهب
يختي! فاكرة نفسك الملكة نازلي!! اقلعي الغوايش دي
شهقت واتسعت حدقتاها
وصاحت به:
غوايش ايه اللي اقلعهم!
كان جابهم المعلم هما كمان!
كله من خير المعلم يا
ولية، احمدوا ربنا إنه سايبكو تعيشوا في الحارة. وبعدين اعتبريهم تمن اللحمة اللي
طفحتوها في العزومة
كانت عزومة مقندلة،يا
لهوووي إلا الغوايش الدهب، على جثتي
يبقى انتِ اللي
اجبرتيني اخلعهم بمعرفتي
نتش الأساور من ذراعها
وهي تتشبث بهم صارخة
الغوايش الدهب اللي
حيلتي، الحقوني يا ناس اهئ اهئئئ
خرجوا جميعاً من
المنزل، فاستدار كبيرهم يقول:
سمعينا دعوة حلوة
للمعلم يا ولية:
اهئ اهئئئ ربنا يخليك
لينا يا معلم عدوي يا لهوووووي اهئ اهئئئئئ
صاح الرجال في الجارات
المصطفات على الدرج:
واقفة كدة ليه يا ولية
منك ليها!! غوروا على شققكو
فرت النساء مذعورات
يحتمين ببيوتهن وهن يصحن
يا لهوووي اجروا يا
ستات ليخطفونااااا
سكري الباب يا بت يا
عواااطف
إلا هي ام هالة عملت
ايه للمعلم يا ستاااات
ايش عرفنااا تلاقيها
عملت عملة سووودة
سلم يارب سلم
**************************************
استيقظت المعلمة جباير،
وخرجت من غرفتها، جلست على الأريكة، ونادت خادمتها:
بت يا سوكا
أتتها تهرول
يا صباح الفل يا معلمة
الواد اخوكِ عمل ايه مع
الجدع المؤلفاتي والجدع بتاع المزيكا يا بت؟
مش عارفة والله يا
معلمة، هخطف رجلي النهاردة واعدي عليه في البيت أشوف عمل ايه
اوعي يا بت يكون ناوي
يلهف الفلوس ويصرفها ع البرشام، عشان ساعتها اخليه يتشاهد على عمره
لالالا يا معلمة، ده
رضا واخد الحكاية جد قوي ونفسه يبقى مطرب والناس تحكي وتتحاكى عنه
الليلة يا بت يكون
الخبر الأكيد عندي، يا يسلمني الأغاني، يا يسلمني الخمسين ألف جنيه
حاضر يا معلمة، الليلة
هجيبلك رضا يغنيلك الأغاني بنفسه ونحدد معاد المهرجان
طب امشي انجري وضيبلي
حجر الشيشية خليني اعمل الاصطباحة بتاعتي
من عيني يا معلمة
عمدت سوكا إلى المطبخ،
فخرجت غادة ابنة المعلمة من غرفتها تقهقه وتقول مستنكرة:
هو الكائن اللي انتِ
مطلعاه من بلاعة المجاري ده يا ماما، متخيلة إنه هيبقى مطرب!
هيبقى أجدعها مطرب،
وبكرة تقولي أمي قالت
طيب يا ماما لو عايزة
فعلاً تكتشفي مطرب، أجيبلك حد دارس موسيقى في الكونسرت فتوار
في الكوركور ايه يختي!!
ده معهد موسيقي يا
ماما. عندي استعداد أجيبلك شاب وسيم كدة ببدلة وكرافت ويكون دارس على ايد متخصصين
ويكون صوته جميل
رفعت المعلمة جباير نصف
شفتها العلية وأشاحت بيدها قائلة:
ودول اسمهم مغنواتية
برضو!! دي عالم كئيبة بعيد عنك، هيقعد بقى يقولك أهٍ أيها القلب المعذب في الليالي
الأحلوكي
قهقهت غادة، أتت سوكا
تهرول بأحجار النارجيلة الملتهبة، وقامت برصها على النارجيلة، وأعطت اللي للمعلمة،
فأخذته وأومأت لها بالانصراف، وضعت المبسم في فمها، وبدأت تسحب أنفاسها، نفثت
الدخان واستطردت حديثها متدني الذوق مع
ابنتها:
اسمعي كلام امك يا
غادة، الناس دلوقتي عايزة المفرفش اللي بيهلفط بأي كلام مع لحن يرقصهم عشان ينطروا
الهموم من على جتتهم. وأنا عايزة ألم أضعاف الفلوس اللي هرميها. هي دي التجارة، اتعلمي
من امك
ههه ممم براحتك يا
ماما، فلوسك وانتِ حرة. صحيح أخبار بابا وهالة ايه؟
لسة ما جاتليش أخبار
طيب وانتِ ما سألتيش
بابا ليه؟
نفثت أوار النارجيلة
وقالت بحسم:
أنا ما اسألوش ولا
اعمله سعر هو واللي هياخدها. أنا بستقصى من برا والأخبار كلها هتكون عندي النهاردة
. مستنية تلافون مهم جايلي
طيب لما تعرفي حاجة
قوليلي, أنا هلبس عشان اروح الشركة
مش هتفطري يا بت؟
لا، هنطلب دليفري أنا
والكاست بتاعي
قازد!!!
فريق العمل يا ماما
صاحت بها والدتها:
فريق ايه يا بت! انتو
هتلعبوا كورة!! ما تركزي في الشغل يا غادة بدل ما تجيبي دورف الشركة وابوكِ
يفضحنا، كورة ايه اللي راحة تلعبيها انتِ وخايبين الرجا اللي مشغلاهم عندك! انتو
اتهبلتوا!!
اتسعت حدقتا غادة وغمغمت:
يا نهار ابيض! كل ده
عشان قلت كاست! انا جيبته لنفسي، بكلمها انجليزي ليه ع الصبح.... حاضر يا ماما
هركز في الشغل ومش هنلعب كورة، عن إذنك
إذنك معاكِ يختي. عيال
مش شايلة هم القرش ولا عارفة قيمته.البت اطلقت و فاتحينلها شركة طويلة عريضة عشان
تلم المهابيل صحباتها ياكلوا ويلعبوا كورة. واخوها كل شوية يتجوز ويطلق
ويدفعنا ملايين من دم قلبنا للمتاعيس اللي
بيطلقهم. ادي الخلفة واللي بيخلفوها
دق هاتف المعلمة جباير،
فانتفضت وأمسكت به، إنه الرقم الغامض الذي تنتظره:
الو
رد الطرف الآخر بنبرة
هادئة
أهلاً يا معلمة جباير
مستنظراك من الفجر،
سمعني أخر أخبار جوازة عدوي ايه
المعلم عدوي صرف نظر عن
جوازة هالة عبد الغفار، وخطب واحدة تانية خالص
اتسعت حدقتاها وسألت
بتلهف:
واحدة تانية مين؟
المعلم عدوي مكتم على
الموضوع ولحد دلوقتي ماحدش عارف
استشاطت غضباً:
ولما انت مش عارف،
مصبحني بتليفونك ليه!!
عشان اقولك الأخبار
اللي أعرفها
وتعرف ايه إن شاء الله؟
المعلم جاب للعروسة
الشبكة من الماس بقيمة مية وخمسين ألف دولار
صعقت وأصابها الدوار
فوضعت يدها على جبهتها، وقد انعقد لسانها،
فقال الطرف الآخر:
معايا يا معلمة؟
ردت ذاهلة:
شبكة ألماظ بمية وخمسين
ألف دولار!!!! عدوي جايب للمخفية الجديدة شبكة ألماظ بمية وخمسين ألف دولار!!
ايوة. و كمان المعلم
طلب أوردر فستان الفرح من باريس بناء على طلب العروسة
شعرت بدمائها تفور
وقالت باحتداد:
العروسة عايزة فستان
الفرح من بلاد برا!! ليه! تبقى مين؟ بنت مين البت دي؟ جنسها ايه اللي عمال يرمي
الملايين تحت رجليها؟؟؟
قلتلك يا معلمة ما
اعرفش، لكن أعرف إن المعلم ناوي يعمل حفل زفاف أسطوري ويدعو له كل أصدقائه في
العالم
ضربت على صدرها وقالت
بعينين متسعتين ذهولاً:
يعني ناوي كمان يصرف
ملايين ما لهاش عدد ع الفرح؟
ايوة، ده اللي وصلني.وكمان
العروسة اشترطت إنها ما تسكنش في الحارة، عشان كدة اشترالها شقة خمسوميت متر في
جيمي لاند
فين يا اخوياااا؟
جيمي لاند، الكومبوند
بتاع جميل بيه عزيز اللي في أرض بعزق
بعزق! اشوفك متبعزق يا
جميل يا عزيز أنت وعدوي في ساعة واحدة.. ما عندكش أخبار تاني يا جلاب الهنا؟؟
لا.. لو عرفت أي حاجة
تاني هبلغك. سلام يا معلمة
سلام يا خويا. داهية في
أخبارك اللي تسم البدن ع الصبح
ألقت الهاتف على
الأريكة ودواخلها تشتعل غيظاً
آآآآخ يا ناري، شبكة
ألماظ بمية وخمسين ألف جنيه يا عدوي الكلب!! وهتسكن المتعوسة في أرض بعزق يا
مبعزق!! وكمان باعت يجيب فستان للبت اللي
هيتجوزها من بلاد الخواجات!! الله يرحم أيام البلغة والجلابية المرقعة يا عدوي.
وكمان عايز يعمل فرح كبير ويعزم معارفه اللي برا!! نضفت يا عدوي وبقالك معارف برا
وجوا يللي كنت بتنام في بير السلم ببطانية مقطعة!! آآآخ يا زمن. صحيح كلابها سابت
على ديابها
انتفضت عن المقعد تنادي
ابنتها
بت يا غادة، انتِ يا بت
يا غادة
أتتها تهرول وبيدها
إصبع طلاء الشفاه:
ايوة يا ماما في ايه،
بكمل لبسي عشان اروح الشغل
بلا شغل بلا طين. خدي
أجازة النهاردة عشان عايزاكِ يا بت
عايزاني في ايه يا
ماما؟
شفتٍ ابوكِ وعمايله
اللي أسود من قرن الخروب!!!! جاب شبكة ألماظ للبت اللي هيتجوزها بمية وخمسين ألف
دولار، وشقة خمسوميت متر في أرض بعزق،عشان السنيورة مش عايزة تقعد في الحارة، و
بعت يجيب فستان العروسة من بلاد برا، وكمان هيعمل فرح بالملايين
ايه!! ليه إن شاء الله!
كل ده عشان هالة!!
لا يا بت. الكلام مش
على هالة، ابوكِ سابها وخطب واحدة تانية
ومين هي دي؟
لسة ماحدش عارف، مخبي
اللئيم ومكتم ع الخبر، الهي يجينا خبرك يا عدوي آآآخ يا ناري
وانتِ مين قالك يا ماما
على الأخبار دي؟
جالي تلافون
من مين؟
ما تسأليش
والله يا ماما أنتِ
وبابا طبعكوا أغرب من بعض. ما حدش عارف عنكو حاجة ولا بتخططوا لإيه ولا بتدبروا
لإيه
أنا ما بخططش إلا
عشانكو، ابوكو بقى بيخطط ضدكو وضدي أنا بالذات
تنهدت غادة وقالت:
طب وعايزاني في ايه بقى
يا ماما؟
احنا يا بت هنحضر الفرح
الاغبر ده
انتِ يا ماما هتحضري
الفرح!!
ايوة هحضر عشان اضيع
عليه فرحته، وهيبته بالمرة، إن ما خليته مهزءة وسط الخلق، ما ابقاش أنا جباير
ناوية تعملي ايه يا
ماما؟
لا، اللي هعمله ده ما
حدش هيعرفه غير ليلة الفرح، ده سلام خصوصي مني ليه هيطرقع على قفاه... بس أنا مش
هبان في الصورة وماحدش هيشك فيا،هههأ هتزوق واتغندر والبس عباية مرشقة جواهر أغلى
من الشبكة اللي جابها للمزبلة اللي هيتجوزها، عشان يعرف إنه مهما حاول يعليها،
جباير أعلى، أعلى قوي وما فيش مقام يعلى على مقامها.. وكمان يا بت يا غادة عايزة
الولية الخواجاية اللي اسمها ايه دي اللي بتجيلك تزوقك في المناسبات
آآه مدام سيمون
هي. عايزاها بقى
تمكيجني مكياج فخيم كدة يا بت، عشان مهما كانت العروسة حلوة، الكل يحلف إني أحلى
منها
ههه ماما انتِ مش
محتاجة ميك اب، انتِ قمر حتى وانتِ صاحية من النوم
وعايزة ابقى قمرين يوم
فرح ابوكِ
حاضر يا ماما، هتصل
بمدام سيمون واحجزها، عشان بيبقى عندها شغل كتير.. بس المشكلة أنا مش عارفة معاد
الفرح
اتصلي بالمتعوس ابوكِ
اسأليه، بس اوعي تقعي بلسانك وتقولي امي اللي بتسأل.. اعملي حجتك إنك عايزة تعرفي
المعاد عشان تلحقي تجيبي فستان شياكة تحضري بيه الفرح، وما تنسيش تاخدي منه تمنه.
احنا أولى بالملايين اللي عمال يبعترها ابن سعدة
طيب وانتِ يا ماما مش
هتاخدي تمن العباية اللي هترصعيها بالجواهر؟ دي هتتكلف ملايين يا ماما
انتِ عبيطة يا بت!! ده
أول سؤال هيسألهولي فستان ايه اللي هيتكلف الملايين دي كلها.. وانا قلتلك يا غادة
اني هفاجأه، مش بس بهيئتي، لا، دي بأفعالي كمان اللي ما تخطرلوش على بال.. استنى
عليا يا عدوي... يلا يا بت اتصلي بابوكِ عشان تعرفيلنا معاد فرحه الاغبر امتى
وهيعمله في انهي مصيبة. بس اوعي تسأليه مين العروسة، عشان ما يعرفش اننا درينا إنه
ساب البت اللي اسمها هالة، خليه فاكرنا لسة على عمانا
حاضر يا ماما، هجيب
موبايلي من جوا
بسرعة، وتعالي كلميه
هنا قدامي
عادت بالهاتف وجلست إلى
جوار والدتها، وضغطت رقم والدها الذي استقر على مكتبه في وكالته للتو، رد من فوره:
غادة بنتي ع الصبح كدة!
هههأ يا صباح النرجس والتمر حنة على عيونك
ههه ميرسي يا بابا،
صباح البونسيه وعصفور الجنة
هههأ دانتِ اللي عصفورة
بتزقزق في ودني
ههه الله عليك يا بابا،
رايق يعني ع الصبح وبتسمعني كلام حلو
اه يا غادة رايق وفايق
ومزاجي عال العال
يا رب دايماً يا بابا..
أنا متصلة اسألك على معاد فرحك عشان الحق أجيب فستان سواريه شيك مع شنطة وجزمة
يليقوا بالمناسبة دي، والاكسسوارات كمان
ههه حبيبة ابوكِ يا
غدغود. عقبال ما اجاملك يوم فرحك يا سنيورة قلب ابوكِ.. الفرح يوم الخميس اللي بعد
الجاي
هتعمله فين يا بابا؟
في اكاندة سبع نجوم ،
اسمها خواجاتي وملخفن كدة مش عارف اقوله، بس هقفل معاكِ واخلي اخوكِ يبعتهولك ع
التلافون
ههه وانا مستنية. مبروك
يا بابا، طيب ابعتلي بقى تمن الفستان والجزمة والشنطة وما تنساش تمن الاكسسوارات
من عنيا يا غدغود، قبل
الضهر يكون مضاف لحسابك في البنك تلاتة ماليون جنيه. يكفوا؟
ممم يعني. كويسين يا
بابا. ميرسي كتير ليك. باي باي
مع ألف باي باي يا
حبيبة ابوكِ
انهى مكالمته معها
وهاتف شقيقها، فرد متثائباً
ايوة يا بابا، صباح
الخير
انت لسة نايم ياض! ما
وراكش شغل تصحاله من بدري!
طقطق شفته بضيق وقال:
يا بابا في مهندسين
بيكلفوني اكتر من تلتوميت ألف جنيه مرتبات كل شهر عشان يسيبوني ارتاح
ربنا يريحك من الدنيا
وبلاويها
انت بتدعي عليا يا
بابا!!
انت يا ابني ما يحوئش
فيك دعا، القصد عشان ننهي المكالمة اللي تسد النفس دي ع الصبح، ابعت لاختك عنوان
الاكاندا اللي هعمل فيها فرحي على تليفونها
ههه حاضر، الف مبروك يا
بابا، وعقبالي
خلاص نويت تطلق بنت
رشيد جاد المولى؟
اه ههه وهكسر وراها
أولة
اكسر يا اخويا، ما انا
اللي بدفع تمن الأولل يا حيلة
ههه ربنا يخليك لينا يا
بابا
بس يكون في علمك ياض يا
رضوان، لو اتجوزت وطلقت تاني، انا مش هدفع مليم
ربنا يسهل يا بابا
بالسلامة يا شاه بندر
المطلقين
وضع الهاتف جانباً،
ونادى على الساعي:
واد يا حنكش
جاءه يهرول:
نعم يا معلم
فين القهوة المظبوط
بتاعتي ياض؟
هوا يا معلم
هم الساعي بالخروج،
فدخل رجل خمسيني فخم الهيئة، متجهم الوجه، إنه والد زوجة ابن المعلم، ألقى تحية
على مضض
صباح الخير يا معلم
عدوي
قام عن مكتبه يرحب به:
يا أهلاً، يا أهلاً،
أشرقت الأنوار يا رشيد باشا ههه اتفضل اقعد
جلس الرجل عابساً، فقال
المعلم عدوي للساعي:
خليهم اتنين قهوة مظبوطين ياض يا حنكش. رشيد باشا بيشربها مظبوط
زي حالاتي
حاضر يا معلم
غادر الساعي المكتب،
فأعاد الترحيب بضيفه:
يا ألف أهلاً وسهلاً يا
رشيد باشا. لكن ايه المناسبة السعيدة اللي حدفتك علينا من غير معاد؟
رد الرجل باحتداد:
مناسبة سعيدة ازاي
وابنك رضوان عايز يطلق بنتي نوران!! ولا انت ماعندكش فكرة عن الخبر ده!
لا عندي خبر، رضوان
قالي
وده يرضيك يا معلم
عدوي!
قسمة ونصيب يا رشيد
يعني ايه قسمة ونصيب!!
يعني من الآخر كدة الواد
مش مرتاح
مش مرتاح ازاي!! مش كنت
تسأله عشان نفهم؟
رد المعلم ببعض الحدة:
دي خصوصيات بين الراجل
ومراته، ايش دخلني فيها!! كل واحد حر
هدأ المعلم نبرته وأردف
بلطف:
وبعدين يا رشيد يا
خويا، بنتك لا أول ولا آخر واحدة تطلق
دخل الساعي أثناء
الحديث، يضع القهوة، فاستطرد المعلم:
عندك غادة بنتي، اتطلقت
وعايشة سلطانة زمانها، وبعد الطلاق عملت حفلة فخفخة ونزلت رقص هي وحبايبها. أهي
بنتك تاخد العشرة مليون المؤخر وتعمل بمليون ولا اتنين حفلة وترقص وتغني هي
وحبايبها وتضرب الدنيا طبنجة، والباقي تطلع بيه على كفر الشيخ ولا اسمها ايه
البتاعة التانية دي، أه شرم الشيخ، خليها تعوم وتنبسط بالبكيني زي غادة
قام الرجل عن مقعده
تهيؤاً للمغادرة وقال غاضباً:
أنا مربي بنتي كويس،
عمرها ما هتقلد واحدة أبوها ما ربهاش ولا هتتعرى قدام الأسافل
غادر الرجل المكتب
غاضباً تتبعه عينا المعلم اللتان ضيقهما وهو
يعبث بأطراف شاربه، ثم سأل الساعي:
االراجل ده شتمني ياض
يا حنكش؟
هو يستجري يا معلم!!!
أنا بقول كدة برضو ...
غور من وشي ياض... داهية تنكد عليك وعلى رضوان ع الصبح
وانا مالي يا معلم!!
غور ياااض
***********************************
في طريقها إلى منزل
أخيها، عقدت سوكا العزم على المرور إلى شحتة في محل الجزارة.. رمقته يبيع لأحد
الزبائن، فانتظرت خارجاً حتى أخذ الزبون مأربه وغادر المحل، دخلت تتشدق بالعلكة،
تجهم حين رآها، وقبل أن يهم بالكلام، ابتدرته معتذرة:
أنا عارفة إني غلطت
فيك... معلش يا سي شحتة.. حقك عليا. كان انقطع لساني قبل ما اقولك الكلمتين اللي
زعلوك دول. أنا قلت كدة من قهرتي منك، عشان بتبصلي من فوق ومش معبرني
تبسم لها لأول مرة وقال
بلطف:
أنا اللي آسف، أنا كمان
أهنتك
تطلعت في وجهه الباسم
ذاهلة، أسندت ظهرها إلى الحائط وقد وضعت يدها على صدرها ، وقالت بميوعة:
يا لهوي!! أهو أنا أبيع
عمري عشان الضحكة الحلوة دي يا سي شحتة. وربنا قمر، قمر، يا لهوي! ايه حلاوتك دي
يا جدع!!
صدمه انعدام حيائها،
وسقوطها، وارى غضبته، ورد بابتسامة باهتة:
... متشكر
دخل أحد الزبائن، فقال
لها شحتة بنبرة هادئة:
ممكن بقى اشوف شغلي!
هه ماشي.. طب بقولك
ايه، أنا خدت الرقم بتاعك من المعلمة جباير، ودلوقتي هبعتلك حاجة كدة خصوصي ع
الواسطب
كظم الضحك كون اللفظة
الإنجليزية خاطئة، فأردفت تقول:
بس أمانة عليك يا سي
شحتة ما تسمعها دلوقتي، لما تروح البيت بالسلامة ابقى اسمعها، وبكرة زي دلوقتي
هعدي عليك تقولي رأيك في اللي سمعته. استبينا؟
هز رأسه بابتسامة
باهتة، واستدار إلى الزبون:
تحت أمرك؟
غادرت المحل هائمة،
تستدير لتنظر إليه بين الفينة والفينة حتى انعطفت إلى أحد الأزقة التي ابتلعتها.
وجدت عربة التوكتوك
الخاصة بأخيها أمام البيت، فعلمت أنه بالداخل
عند الباب وقفت تطرق
بعنف وتنادي:
يا رضا، واد يا رضا،
افتح ياض انا سوكا
فتحت زوجة أبيها تختال
في جلبابها فاقع الألوان، طالعت سوكا هيئتها من أعلاها لأسفلها و صنعت بالون من
العلكة خارج فمها، ثم فرقعته وقالت وقد رفعت حاجباً:
ايه النضافة اللي بقيتِ
فيها دي يا مرات ابويا!!
ورثت خالي اللي في شبرا
الخيمة
هيهي هو انتِ ليك أهل
من أساسه!!
لمي لسانك يا سوكا،
عشان لسة شايفة في المنام إني ماسكة واحدة ونازلة فيها ضرب بالشبشب
نظرت سوكا إلى قدمي
زوجة أبيها، فألفتها تلبس شبشب بلاستيكي جديد، فأنفجرت ضاحكة بميوعة
هيهييي وكمان لبستِ
شبشب جديد!! شكلك قلّبتِ الواد رضا في قرشين
هزت رأسها ووضعت يدها
في وسطها وقالت تكيدها:
ابني حبيبي يختي،
بيديني من غير ما اطلب، ربنا يزيده من نعيمه
استبد الغيظ بسوكا،
ودفعتها بعيداً ودخلت تنادي أخاها:
واد يا رضا، انت يا
متعوس، واد يارضا
خرج يترنح، فاركاً
عينيه من أثر النوم:
ايوة يا سوكا، ايه
الغاغة دي! قومتيني مفظوع وربنا
فزعة تفزعك يا أخي. انت
يا واد خدت الفلوس وصرفتها على امك!!
لا وربنا، أمي خدتهم من
ورايا وانا نايم
اغتاظت أمه وسبته:
يفضحك يا بعيد، طول
عمرك مشمت فيا اللي يسوى واللي ما يسواش
سددت سوكا نظرة كيد لها
وقالت تتشدق بالعلكة:
سرقتك يعني، مش جديد
عليكِ السرقة يا مرات ابويا، في يوم من الأيام سرقتِ ابويا من امي
أشاحت بيدها وصاحت:
كانت جوازة سودة، وسرقة
مغبرة. ابوكِ خد اللي ورايا واللي قدامي، وخلفت منه عيال أشّطوني وبيعوني البيت
اللي حيلتي
تستاهلي يا مرات ابويا
اكتر من كدة مليون مرة. ذنب امي اللي ماتت مفروسة منك، وذنب الضرب اللي كنتِ
بتضربيهولي وانا عيلة بنت سبع سنين، ذنب المدرسة اللي طلعتيني منها عشان ما كملش
علام، وفي الآخر رمتيني أخدم في بيت المعلمة جباير من غير ما يرفلك جفن
رميتك في الأملة والهنا
والنعيم، عايشة في بيت المعلمة واكلة شاربة نايمة متبغددة. بس انتِ ما بيتمرش
فيكِ. دا بدل ما تبوسي ايدي وتقوليلي كتر خيرك يا مرات ابويا نجدتيني من الفقر!!
حدجتها بنظرة متقدة
وقالت بغليلها:
رمتيني في الجهل والمذلة
وقلة القيمة. منك لله
أشاحت زوجة أبيها
برأسها غير مكترثة، فتدخل رضا لاسترضاء سوكا
خلاص بقى يا سوكا، أمي
كانت عايزالك الخير، معلش سامحيها عشان خاطري
عمري ما هسامحها، بس
أنا لامة الدور ومش عايزة انتقم، عشان خاطرك، وعشان خاطر إخلاص وبطة، انتو مهما كان
اخواتي
أصيلة يختي، ربنا
يخليكِ لينا يا سوكا.... هاتي حاجة صاقعة من الطلاجة لسوكا يا امي
والله ما في اسقع ولا
ابرد منك ولا منها، أنا رايحة عند ام عبده اشرب معاها الشاي، وارجع مالقيش البت دي
هنا، اوعى من وشي
ماشي يا امّا
خرجت لزيارة جارتها،
فاعتذر رضا لأخته:
ما تظعليش من امي يا
سوكا
مش ظعلانة يوووه عديتني
منك لله، مش زعلانة يا اخويا. الواحد لما يزعل، يزعل من بني أدمين
تمعر وجهه غضباً
لالالا يا سوكا، غلط في
امي ما اقبلش، دي مهما كانت ست الحبايب يا حبيبة
متأسفين يا خويا، فضنا
من سيرتها بقى وخلينا في موضوعنا. عملت ايه مع بتاع الكلام وبتاع المزيكا
ههه عملنا أحلى حلاوة
وهنتعشى كلنا بقلاوة. دا حريقة كتب شوية كلام! لوز على عنب على مانجا، وولعة لحم
الحام ع الطرابيزة! ترقص الحجر فوق الشيشية. دا الناس اللي ع القهوة رقصوا رقص لما
فرهدوا، والستات زغرطوا زغاريظ ولعت الزقاق كله
ايه ده! انتو كنتوا
عاملين فرح ياض يا رضا؟
لا، بس اما غنينا
وطبلنا الناس اتلمت، وخصوصاً على أغنية تهاني
تهاني مين؟
اسم الغنوة، حتى اتفقنا
اننا نسمي المهرجان بإسمها، مهرجان تهاني
هههه تصدق يا واد حلو
اسم المهرجان وربنا! سمعني حتة من الغنوة يا واد
ماشي
أسمعها غث الكلمات
وأردأ الألحان، فانتشت طرباً وقالت:
يا لهوي ع الجمال يلا!!
دانا هفرح المعلمة واقولها رضا عامل شغل هيكسر الدنيا
احنا هنطربقها يا سوكا
وانتِ الصادقة
***************************************
قبل أن يخلد المهندس
محمد شحتة إلى النوم، تذكر ما أرسلته سوكا على هاتفه، فجلس على مقعد وبدأ يسمع،
فتفاجأ بأغنية حب متدنية المعاني، فأخذته هيسترية من الضحك إذ هو يستمع، ولسان
حاله يقول( أهكذا انتهى بك المطاف أيها المهندس المدني إلى أن تطلب ودك فتاة شعبية
جاهلة بأغنية غثة على شاكلتها!) أخذ يضحك ويضحك ويضرب كفاً بكف إذ هو يسمع:
هواياااا يا هوووى
ونظرتك دواااا
سكر على مية بيضااااا
وغرام على مستووووى
يبدو أن الخادمة سوكا
تمارس حرباً من نوع آخر ضد غريمتها الطبيبة النفسية الدكتورة ملك. وتحلم أن يكون
هذا المهندس غنيمتها بالأخير، ضاربة عرض الحائط بالفارق الثقافي والاجتماعي.. ولا
دين في حساباتها يأمرها
بالتعفف والترفع عن الزلل، فتعاليم الدين وحسن الخلق طلاسم لا تفهمها
**************************
عاد المهندس طارق من
المقهى بعد لقائه المعتاد بابن خالته الدكتور هشام في مساء كل ليلة، وجلس يتسامر
مع والدته التي سألته بفضول:
هو هشام ما لمحلكش ولا
جاب سيرة إنه ناوي يخطب يا طارق؟
لا يا ماما... ماما أنا
كنت عايز اتكلم معاكِ في موضوع مهم
اعتدلت في جلستها
وسألته بعينين متسعتين:
موضوع ايه؟
مممم ايه رأيك في نهى؟
نهى مين؟
نهى يا ماما، نهى بنت
ام نهى الخضارية
أعوذ بالله من غضب
الله، بتسأل عليها ليه كفالله الشر؟
ايه يا ماما في ايه! هي
مالها نهى عشان تتكلمي عنها كدة! دي مؤدبة وخلوقة وجد جداً
تغور من وش امها، ولية
كشرية وكارهة الحياة، الواحد بيشوفها بيتغم ع الصبح، والله ما ببقى عايزة اشتري
منها خضار ولا اصطبح بوشها، بس أقول ايه!، السوق بعيد وبستقرب الدكان بتاعها، اوعى
تكون ناوي تشوف شغل لنهى دي ولا تبلي بيها مصلحة حكومية، الناس مش ناقصة كآبة يا
ابني
هههههه لا يا ماما، انا
مش هشوفلها شغل ولا حاجة، أنا عايز اتجوزها
اييييه! قلبي، اسندوني،
دوا الضغط فين؟ الحقوني بدوا السكر، حد يفوقني عشان هسورق
هههه ايه بس يا ماما يا
حبيبتي، الأنسة نهى إنسانة أخلاقها ممتازة، وكفاية جديتها في التعامل، بصراحة أنا
بقالي فترة مراقبها, بنت جد كدة وبميت راجل
وايه يا ابني بس اللي
يجوزك راجل، دانت شاب وباشمهندس قد الدنيا، خد واحدة وشها بيضحك عشان الدنيا
تضحكلك بدل ما تاخد المتعوسة دي، اقولك، ابعد عن بنات الحارة الفقر دي كلها وابعد
عن الشر وغنيله
على العموم أنا حسمت
أمري، ومقتنع بالأنسة نهى
بقى كدة يا باشمهندس!
يعني رأي أمك مش مهم بالنسبة لك!!
ما اقصدش والله يا
ماما، بس أنا اللي هعيش معاها، مش حضرتك، يعني اقتناعي أنا بشخصيتها أكيد أهم
طب يا حبيبي حسمت أمرك
واقتناعك انت أهم! عايز مني ايه بقى!!
كنت عايزك تكلميني عن
أبو نهى
تنهدت في أسى وقالت:
الله يرحمك يا حاج خضر،
ماجاش في الحارة راجل زيك، كانت خطوته كدة بس ع الأرض ترج الحارة، الكل كان يتمنى
يسلم عليه، كان واقف في ضهر الغلابة، وبياخد حقهم من أي مفتري، أومال، كان راجل
بتاع ربنا ويصلي الفرض بفرضه وله هيبة ومقام بصحيح.. كان له في الحارة بيت ومحل
عطارة كبير، كبير قوي وارثه عن ابوه ، ده غير مخزنين كبار للبضايع ، وكان ربنا فاتحها
عليه من وسع والكل بيشكر في أمانته
الله! أومال الأملاك دي
راحت فين؟؟
ممم خدها المعلم عدوي،
عارف الوكالة بتاعته؟ كان مكانها محل العطارة والمخازن بتاعة الحاج خضر، وخدهم وضع
يد وبلطجة، والبيت اللي عايشة فيه ام نهى بالإيجار هو والدكان، كان أساسهم ملك
جوزها الحاج خضر، كله بلعه المعلم عدوي في كرشه اللي ما بيتمليش
استشاط المهندس طارق
غضباً:
خدها يعني ايه!
ههه خدها زي ما خد
أملاك ناس كتير، بيمضيهم على ملكهم ويبصمهم كمان وماحدش يقدر يفتح بقه
ايوة يا ماما بس انتِ
قلتِ إن الحاج خضر كان راجل قوي وله هيبة
الهيبة دي كسرها المعلم
عدوي، يوم ما لم فتوات الحارة واتكاتروا عليه
ثار طارق:
ايه البلطجة دي! وبأي
حق!! طب والناس الغلابة اللي بتقولي إن الحاج خضر كان سندهم، ليه ما دافعوش عنه
ووقفوا في وش المعلم عدوي!
ههه يقفوا في وش مين
ياابني!! دي كانت معركة كبيرة بالشوم والسنج، والناس جريوا استخبوا وقفلوا
البيبان، وانتهى الأمر إن المعلم عدوي كسر هيبة الحاج خضر ومضاه على أملاكه
ايه الجبروت ده! أما
راجل منحط وقذر بصحيح! يعني يبقى البيت بتاعهم وياخده منهم ويأجرلهم فيه شقة!! إيه
الظلم والجور ده!!
يا بني انت بتتكلم في
ايه! بلا ظلم بلا جور، ده بقى واقع وام نهى رضيت بيه
رضيت مغصوبة طبعاً
ايوة، أصل أم نهى بنت
ناس غلابة على قدهم، أبوها الاسطى شافعي
كان عنده حتة دكانة صغيرة في زقاق
الطرابيشي تحت البيت اللي ساكن فيه، وكان بينقش فيها ع النحاس، كان نقاش نحاس إيده
تتلف في حرير، وكان صاحب الحاج خضر الروح بالروح، والاتنين من سن بعض، وكان عنده
اربع بنات، اصغرهم وأحلاهم فردوس، وكل بناته كانوا متجوزين، وفردوس هي اللي عايشة
معاه ومع امها في البيت.. والمعلم خضر رغم عزه وماله بس ما كانش متجوز ولا عمره
فكر في الجواز، كان عايش للناس وبس، لحد ما في يوم الاسطى شافعي قاله حرام عليك
عمرك اللي بيعدي من بين ايديك وشعرك اللي شاب وانت ولا ليك في الدنيا لا عيل ولا
ونيس، وعرض عليه يتجوز فردوس، وكان في الوقت ده أكبر منها بخمسة وعشرين سنة
بدت الدهشة على ملامح
طارق وقال:
يجوزها راجل أكبر منها
بخمسة وعشرين سنة! أكيد غصبها
أبداً، وافقت عليه ممم
ناس بيقولوا عشان عزه وماله، وناس تانية بيقولوا عشان كانت بتحترمه وتوقره عشان
واقف في ضهر الغلابة.. اهي اتجوزته ونحسها حل عليه وبقى منهم، ومات مقهور ومذلول
وسط الحارة
فهميني أكتر يا أمي
عشان مش فاهم، ايه اللي جاب المعلم عدوي في سكته!
المعلم عدوي لما حب
يفرد قلوعه ع الحارة بعد ما استولى على دكان الجزارة بتاع حماه أبو جباير، المعلم
ضرغام، وفي ظرف خمس ست سنين لم حواليه بلطجية وأباضيات من جوا الحارة ومن براها
عشان يخوف أهلها ، ما كانش حد واقفله غير الحاج خضر، الحاج خضر جمع فتوات الحارة
اللي ماكانش عاجبهم عمايل المعلم عدوي ولا فتونته على الناس الغلابة ، وكمان الناس
الغلابة كانوا في ضهره.. وفي ليلة من الليالي وقفوا في وش بعض، كل واحد ومعاه
فتواته، والناس الغلابة اتجمعت عشان تتفرج والكل كان بيهتف بإسم الحاج خضر
ومرجلته.. لكن بقى المعلم عدوي هو اللي انتصر هو والفتوات والأباضيات بتوعه، رجالة
الحاج خضر اتضربوا واتبهدلوا والمعلم عدوي
ضرب الحاج خضر بشومة على دماغه، بقى يطوح في الحارة، وقتها الغلابة فهموا إن عدوي
هو اللي غلب، جريوا يستخبوا في بيوتهم، وما حدش سعف الحاج خضر، وقتها المعلم عدوي
مسكه من رقبته واقعده ع الأرض وطلع عقود البيع ومضاه على أملاكه كلها، البيت ومحل
العطارة والمخازن.. الراجل بعد ما مضى، روح بيته وماطلعش عليه صبح.. مات بحسرته ع
اللي حصله.. وقتها كانت نهى يادوب ما كملتش ست شهور، والمعلم طرد أم نهى من البيت
هي وكل السكان، رجعت على بيت أهلها الإيجار، وولاد الحلال اتوسطوا عند المعلم
عدوي، راحت صعبت عليه وأجرلها الشقة اللي كانت عايشة فيها مع الحاج خضر، وأجرت منه
الدكان وبقت تبيع فيه خضار، وطول عمرها كشرية وما بتسمحش لراجل يتكلم معاها ولا
يطمع فيها، ومطلعة نهى زيها.. وكان في طراطيش كلام زمان إن المعلم عدوي عرض عليها
الجواز عشان كانت عاجباه وداخلة مزاجه، اصل ام نهى كانت حلوة زي ما قلتلك، وقالها
انه هيربي البت أحسن تربية، لكن ام نهى رفضت وقالت عمر بنتي ما هيربيها اللي قتل
ابوها ولا هيكونلي راجل
اختلطت مشاعر الغضب
بمشاعر الإكبار لأم نهى وقال:
بصراحة ست جدعة وصاحبة
مبدأ، ورغم كل اللي حصل لكن وقفت على رجليها وشقيت واشتغلت وربت بنتها أحسن
تربية.. حقيقي أنا فخور بيها جدا
افخر بيها براحتك يا
حبيبي، لكن تناسبها لا
ليه بس يا أمي! دانتِ
المفروض تشجعيني على الارتباط بنهى، لإنها نبت طيب من بيت طيب
بقولك ايه يا طيب،
الماضي بتاعهم ده تنساه، احنا لينا اللي وصلوله، أم نهى يا حبيبي لا حد فاكر انها
كانت مرات الحاج خضر ولا يوم كانت تتعدله حرمة. أم نهى اللي الناس تعرفها دلوقتي
هي أم نهى بياعة الخضار الغلبانة، ولما سيرتها بتيجي بيتقال أم نهى الخضارية..
واظن ده نسب ما يشرفش، ما هو انا ما بربيش واتعب واطلع مهندس عشان اتشرف بيه، يقوم
رايح جايبلي بنت بياعة الخضار ويقولي جوزيهالي
حاضر يا ماما، هنسى
انها بنت الحاج خضر وانها من بيت عز و أصول، وهفتكر انها بنت ام نهى الخضارية الست
الشقيانة اللي يشرفني اني اتجوز بنتها
ثارت والدته:
يا ابني انت عايز
تفرسني! بقولك نسبهم هيقل قيمتنا
ههه كلنا ولاد حارة
الموعودين يا أمي ومافيش حد أحسن من حد
آآآآخ يعني أخرة المتمة
هناسب أم نهى الكشارية وتقع في ارابيزي طول العمر!!
ادعي بس ربنا يتمم بخير
يا أمي، عايزك بقى تحددي معاهم معاد وتروحي تفاتحيهم
هييييح حاضر لما افضى
ان شاء الله يا حبيبي أوعدك أول جمعة تهل علينا في السنة الهجرية اللي بعد الجاية
هروح اشرب الشاي مع ام نهى وافاتحها
إن شاء الله يوم الجمعة
الجاية
جاية فين؟
يوم الجمعة إن شاء الله
تروحيلهم يا أمي
أووووف حاضر، يا سلمى،
كوباية شاي يا بنتي عشان جالي صداع
حاضر يا ماما
لم تشأ والدته أن
تتحداه كونه عنيد وصاحب قرار، لكنها أضمرت في سريرتها أن تستخدم الحيل حتى تمنع
هذه الزيجة الغير مناسبة من وجهة نظر فخامتها!!
*******************************************
في هذا الصباح الذي
يحمل أملاً بالله لا ينقطع، إستيقظت نعمة
وخرجت من غرفتها، فألفت والدتها تجلس شاردة والهموم قد اتخذت متكأ على ملامحها،
تبسمت نعمة وجاءتها تغني بمرح مداعبة إياها:
سحر عنيكِ العسسسسلية
وسماااارك والخفيييية
بيقولوا انك مصريييية
هههه صباح الخير يا
ماما
نظرت إليها وتنهدت وردت
على مضض:
صباح النور
الله! مالك بس يا
ماما!!
هيكون مالي يا نعمة!!
الحال زي ما هو ما بيتغيرش، ومش عارفة هنعمل ايه في الديون اللي علينا ولا مصاريف
اخواتك ولا الأكل ولا الشرب ولا التعليم، ولا الهم اللي ما باينله أول من آخر ده!!
ومعاش ابوكِ مش مكفينا
يا ماما هتفرج إن شاء
الله، النهاردة هنزل الف على شغل وإن شاء الله مش هرجع إلا لو لقيت وظيفة كويسة
أشاحت والدتها بيدها
وعبرت عن ضيقها:
يييي أنا زهقت من
الكلام اللي كل يوم تقوليه، هنزل الف على شغل يا ماما، مش هرجع إلا اما الاقي شغل
يا ماما، وكل مرة ترجعي قفاكِ يقمر عيش
ههههه والله ضحكتيني
وأنا ماليش نفس يا ماما. قفايا اتهزأ ع الصبح،
طب يعني أنا ذنبي ايه! بدور وما بلاقيش. اعمل سطو مسلح على بنك ولا اخطف
رهاين أجانب واطلب فدية!
بلا خيبة، يا ريتك كنتِ
تعرفي تعملي كدة
هههه عارفة انك بتهزري.
طول عمرك تنصحيني أنا واخواتي نبعد عن المال الحرام ولو كان دهب واترمى تحت رجلينا
هزت والداتها رأسها
بأسى وقالت:
أستغفر الله العظيم من
كل ذنب عظيم. سامحني يارب
ايوة كدة يا ست الكل
استغفري، إن شاء الله هتفرج يا ماما
إن شاء الله يا بنتي
طيب عن إذنك بقى هروح
اتوضى واصلي الضحى قبل ما انزل
مش هتفطري؟
لا يا ماما ماليش نفس
لا، هقوم أقمر العيش و
اعملك سندوتشين جبنة وكوباية شاي سادة.. معلش بقى مافيش لبن ونسينا شكله
هو سائل لونه أبيض
ولذيذ الطعم يا ماما وبيتباع عند اللبان هههه
ههه نسأل الله من فضله
يا بنتي
***************************************
انتهت الحلقة
سلام الله عليكم ورحمته
وبركاته
مرحباً بعودتكم إلى
مدونتكم، حللتم أهلاً ونزلتم سهلاً
إلى اللقاء في حلقة
الخميس القادم إن شاء الله
دمتم بكل الخير
لا تنسوا ذكر الله
والصلاة على الحبيب عليه الصلاة والسلام
لا إله إلا الله وحده
لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
اللهم صل وسلم وبارك
على نبينا محمد
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد نعمه دى عسل ربنا هيكرمها اخر كرم اية جبروت عدوى ده هو ومراته اسوء من بعض ونهى وام نهى حاجة تحزن بصراحة الظلم والقهر انها تشوف قاتل زوجها كل يوم بيتهنى بماله
ردحذفحلقه اكثر من رائعه استاذتنا الجميله ❤️
ردحذفاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد
ردحذفالحلقة رائعة اللهم بارك مش قادرة ابطل ضحك
ردحذفمع ان الحلقة بتحكي واقع للاسف الاغاني الهابطة والمغنيين اللي من تحت بير السلم وفي الاخر بيكونوا نجوم
حقيقي زعلت على ام هالة طب كانوا سابولها الفرخة
وازاي ميسون تسمح بكدة لصاحبتها
ام طارق عسل زي اختها. لكن مؤذيين
للناس
ام نهى دية حقيقي ست بمية راجل وزعلت على زوجها لكن للاسف الدنيا ماشية مع البلطجية
المعلم عدوي حقيقي كرهته جباير على قد كدة ارحم منه والله اعلم
دول اخرتهم سوداء
قبل ما ابدأ قراءة الفصل ده المفروض التاسعه مش السابعه
ردحذفاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم
ردحذفتسلم ايدك ياحبيبتى 💖💖
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد
ردحذفسلمت يداك
في انتظارك من دلوقتي
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد
ردحذفالحلقة رائعة ودسمة تعوض الغياب بس ايه خفة الدم دى يا استاذة ولا الاغانى عسل ربنا يسعدك دنيا وآخرةسلمت يداك ودمتى مبدعة 🌹❤️
ما شاء الله تسلم ايدك قلمك وافكارك
ردحذفماشاء الله تبارك الله جميله
ردحذفتسلم ايدك يا قمر جميله جدا متي مبدعه
ردحذفتسلم ايدكى يا هوبه حلقة ممتعه،🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸❤️❤️❤️❤️❤️
ردحذفالحلقة جميلة ،،،،،أحداثها مشوقة ما حسيت بالوقت وأنا اقراها. Afaf
ردحذفعدوي وعيلته بيتعاملوا مع المليون جنية معاملة المية جنية 😂
ردحذفجدعة يابت ياميسون داخلك بتقلك اهبشي اللي تقدري عليه ياغالية 😂😂
مستبشرة بيكِ ، بس جباير ناوية على فضايح وشكل هيكون ف دم ف القاعة 😀
ياراايح كتر من الفضايح بتاعتهم
عدوي متجبر بشكل فظيع منه لله على عمايله ف أبو نهى حالهم صعبه جدا ، يعتبر اكتر ناس صعبواعليا ف الرواية ، ربنا يرد حقوقهم 😢
المفروض ام طارق عارفة الحكاية اقل حاجة توافق ومش تعطل الدنيا ، بس شكلها زي اختها
ام هشام انا مش بحبها الولية دي 😒
¯¯¯
انا معدتي قلبت بسبب تأليف الغنوة اللي هيعملوها يارب جباير تشفيهم وتبيعهم عندها ف المحل 😂😂
بس عموما هي زوقها معفن وممكن تنبهر بيها وتديهم فلوس زيادة على التلوث السمعي دا 🤣
للأسف كنت حاسة ان سوكا ضحية وبتعوض النقص اللي عندها بحبها لشحتة المتعلم
🙄
هو الراجل دا شتمني ياض يا حنكش ؟
ابدا يامعلم هو يقدر
ابغي اقولك يامعلم ان هزأك 😂😂 بس استحي ، يلا مانت راجل مهزء 😃😃
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ردحذفاللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً طيباً مباركاً فيه 💕
💓عوداً حميداً يا غالية💓
حلقة بتجاوب على سؤالنا في حلقة قبل كدة إيه اللي وصل ام نهى للحالة دي
أكيد لكل ظالم نهاية وعدوي وعيلته كلهم هيدفعوا تمن الظلم اللي وروه للناس الغلابة وطمعهم وجبروتهم
الغريبة العيلة كلها عدوي وراته وعيالهم مافيش حد فيهم عنده دين.. كلهم مغدومي الدين والضمير والأخلاق كدة.. ما فيش ذرة أصول ولا عرف حتى؟
لابد من يوم معلوم تترد فيه المظالم...
حلوة قصيدة كوكب تاني دي.. دماااار 😂
حلقة رائعة َجميلة بس فورت دمنا شوية😒
🌷دُمتِ مُبدعة 🌷
سبحان الله و بحمده اللهم صلي على محمد الهي يسعدك زي ما تسعدين بطول الحلقات لولو 💖💖💖😘
ردحذفتسلم ايدك يا أستاذة هوبة 🥰🥰🥰
ردحذفابداع من الاآخر اللهم بارك
ربنا يفرحك ويسعدك زي ما بتسعدينا ❤️❤️
الحلقة مشبعة بتاع اليوم 😂
ردحذفمش عارفة ليه عدوي يفكرني ببدران ورجالته مع ان الاخير باقي عنده شوية قلب ههه
لكن اللي يعمله في اهل حارته ضروري حيترد له 😐
اتمنى نعمة تلاقي شغلانة كويسة
وهالة كمان يرزقها ربي بزوج صااالح هاا صالح ويتقي الله فيها 😁
ويارب نهى تكون من نصيب المهندس ويتبدل حالها وهو ان شاء الله يجيب لها حقها 👍🏻
حنشوف مين حيفوز في الفرح جباير ولا العروسة 😂
منتظرة الحلقة الجاية باذن الله ❤️وفقك المولى ياغزال الفلا😎
حلقة جميلة كالعادة يا استاذه تسلم الأفكار الحلوة دى تنفعى تألفى مهرجانات منتظره على فكرة رضا هيعمل ايه 😂😂😂😂 (بسملة)
ردحذفرائعة رائعة رائعة بجد حلقة غاية في الروعة والجمال بجد مفيش كلام يصف سعادتي بالحلقة بارك الله فيكي غاليتي ورزقك سعادة الدارين
ردحذفنور الحق ☝️☝️
ردحذفخسارة الحلل والخلاط ..
ردحذفجميلة الحلقة تسلم ايدك
Walaa. Walaa
جميلة الحلقة أستاذتنا الغالية سلمت يداكى ❤️🌹 رباب محمد
ردحذففين حلقه اليوم ياهوبا
ردحذفحلقة جميلة حقيقي انت مبدعة ما شاء الله عليك زادك الله من فضله يا حبيبتي
ردحذفالاحداث واقعية اوي
حلقة جميلة وكبيرة
ردحذفحضرتك بتهتمى بالتفاصيل وانا بحب كدا وربنا يبارك فيك الصياغة ممتازة اللهم بارك
تسلم ايدك
جزاك الله خيرا
اللهم صل وسلم و بارك على سيدنا محمد
ردحذف