الثامنة( حارة الموعودين)

 


كانت هالة في العمل، منهمكة وزميلاتها في أوراق أمامهن، حين فج عطر نسائي ساحر، أغمضن معه أعينهن.، يصاحبه قعقعات كعب عال يقترب من حجرة المكتب، ففتحن أعينهن يرقبن من القادمة، عدا هالة التي كانت تتيقن أنها ميسون، فأبدت ابتسامة يقين.. وقفت ميسون عند الباب باسمة، صعقن حين رأينها ترفل في أزياء باهظة الثمن وتتزين بمشغولات ذهبية رقيقة..انبهر الجميع عدا هالة.. حيت ميسون الفاغرات أفواههن:

 

ههه ازيكو، وحشتوني

 

ميسون!

 

ايه الحلاوة دي!

 

ايوة يا عم، العز بان علينا اهو.. هي دي الشبكة؟

 

لا يا روحي، دي هدايا دهب بسيطة من عدوي، لكن الشبكة من الماس الحر، سمعتِ عنه قبل كدة؟

 

ههه لا، هسمع عنه فين! ربنا يجعلنا من بركاتك يا ست ميسون

 

ههه عقبالكو.. راجعالكو تاني، بس عايزة هالة في كلمتين

 

اتجهت إلى هالة وحيتها:

 

ازيك يا هالة

 

أهلاً ميسون

 

جيت اسلم عليكِ واشكرك

 

تشكريني على ايه!

 

هه عشان انتِ السبب في جوازي من عدوي

 

آآه مبروك

 

الله يبارك فيكِ ممم مامتك عاملة ايه

 

وضعت هالة قلمها، وقالت بضيق:

 

ماما عيانة من ساعة ما المعلم عدوي بعت رجالته هجموا على البيت وخدوا منها كل حاجة حتى الغوايش اللي لابساها

 

يا خبرا! معقول عدوي يعمل كدة!! أنا ما اعرفش والله

 

هأ! وحتى لو تعرفي، كنتِ هتعملي ايه! هتمنعيه عن ظلمه!

 

وما امنعوش ليه!!

 

ههه عشان انتِ مش هتتجوزيه عشان الغلابة مثلاً، أو عشان ترجعي حقوق المظلومين.. انتِ هتتجوزيه عشان ميسون.. ميسون وبس

 

ههه تعرفي يا هالة أنا أكتر حاجة بحبها فيكِ ذكاءك، وعشان أكتر واحدة فاهماني ممم أنا فرحي أنا وعدوي يوم الخميس اللي بعد الجاي.. بس أسفة مش هقدر أعزمك، أصل عدوي عازم ناس مهمين قوي من دول مختلفة, وهيجوا على طايراتهم الخاصة

 

ياااه ههه طيارات خاصة مرة واحدة!! تستاهلوا كل خير

 

أرجوك ما تزعليش عشان مش هقدر اعزمك. أصل هو اللي محدد قائمة المعزومين

 

ما تلزميش عزومتك يا ميسون. ولا يلزمني معرفة أي حد قريب من عدوي، طول عمركو في سكة غير سكتنا، وعمر ما في سكة واحدة هتجمعنا في يوم من الأيام.. عن إذنك عشان عندي شغل

 

ممم اوكيه. أنا كمان لازم أمشي عشان السواق بتاع عدوي مستنيني، بشتري حاجات ناقصاني

 

أعادت هالة إليها النظر وقالت بابتسامة ساخرة:

 

جود لاك ميسون

 

********************************************

في حرم الجامعة، قرر باسم ابن السيدة نادية، والتي هي خالة الدكتور هشام الموظفة الحكومية، قرر أن يمضي قدماً في خطته التي وضعها للزواج من زميلته الثرية، وقف يرقب عن بُعد، زميلته مي، التي وسطها بينه وبين فتاته، فرمق النظر إليها وهي تلح على الفتاة بشأنه، ضاقت الفتاة ذرعاً وقالت:

 

يا بنتي فلقتيني بباسم بتاعك ده

 

يا منة قلتلك إنه معجب بيكِ وعايز يخطبك

 

وانا قلتلك بابي مش هيوافق

 

ليه يعني! عشان لسة طالب؟

 

ده سبب من ضمن الأسباب، والسبب التاني، عشان أنا كمان لسة طالبة، وبابي قالي إنه مش هيوافق على أي عريس يتقدملي إلا بعد ما اخلص الكلية

 

اسمحيلي بقى، باباكِ ده مستبد

 

بدا الغضب على ملامح منة وقالت بنبرة تحذير:

 

مي، اتأدبي. أنا ما اسمحش لحد يقول على بابي كدة

 

أنا أسفة يا منة. بس أصل باباكِ كدة هيضيع عليكِ فرصة الارتباط بإنسان بيحبك

 

عبثت الكلمة بقلب الفتاة، فقالت بعينين لامعتين:

 

... بيحبني!!

 

ايوة. هو قالي كدة بنفسه، وقالي كمان إنه مستعد يأجل الجواز لحد ما تتخرجي، لكن على الأقل لازم خطوبة عشان يحس إنه له ومش هتكوني لحد تاني غيره

 

مدت مي بصرها إلى باسم وأشارت لمنة برقبتها صوبه وقالت تستدر عطفها:

 

شايفة واقف متوتر هناك ازاي!.. يا حرام! صعبان علية قوي

 

نظرت منة إليه من خلف نظارتها وكظمت الابتسام، ثم استدارت لصديقتها تقول:

 

باين عليه هيمان قوي

 

مش قولتلك! ههه يا بختك، يا ريت ألاقي حد يحبني كدة

 

أعادت النظر إليه، وتبسمت له، فانتشى ورد الابتسام وطفق يعدل ياقته..فضحكت صديقتها وقالت:

 

ايه ده! انتِ بتضحكيله!! ههه شكلك ابتديتِ تحني على المسكين ده

 

ممم تعرفي إن شكله لطيف

 

لا بقى مش لطيف بس، دا قمر يا بنتي، قمررر

 

ههه انتِ جريئة قوي يا مي، ازاي تقولي على شاب كدة! هو باباكِ ومامتك ما ربوكيش خالص! ههه

 

ههههه لا، أصلهم بيصحوا متأخر ههه خلينا في الجد بقى، ها.. أناديه عشان تتكلموا مع بعض وتتعرفي على شخصيته؟؟

 

شهقت الفتاة وردت بتوتر:

 

لالالا، إذا كان عايز يتقدملي، يبقى يجي يقابل بابي، لكن كلام معاه لا

 

ههه عز الطلب، ده باسم هيطير من الفرح لما يعرف. قولي رقم باباكِ بقى عشان أسجله على تليفوني وادهولي

 

اوكيه، اكتبي

 

أخذت مي الرقم، وهرعت به إلى باسم، وقالت:

 

جبتلك الرقم يا عم، ابسط

 

ههه مي، والله ما عارف اشكرك ازاي يا مي

 

لا يا كتوموتو مش عايزاك تشكرني، أنا عايزاك لما تتجوزها تشوفلي شغلانة معتبرة عند ابوها، سي بابي اللي فالقانا بيه ده ههه

طبعاً، طبعاً يا مي، أنا لازم أردلك الجميل أضعاف أضعاف، أنا جدع وانتِ عارفاني

 

أنا عارفاك أه، بس مش متأكدة أنك جدع بصراحة

 

هههه بكرة تتأكدي بنفسك

 

بصراحة يا باسم، أنا ساعدتك توصلها عشان ينوبني من الحب جانب أنا كمان، واهو، نفّع واستنفع

 

هههه تعرفي بحس إن شخصيتك شبه شخصيتي

 

أكيد، مش بيقولوا الطيور على أشكالها تقع

 

أه، وستي وجيدة الله يرحمها، والدة والدتي كانت تقول، أتلم تنتون على تنتن، واحد نتن والتاني أنتن ههههه

 

تربد وجهها وقالت بلهجة تحذيرية:

 

لا النتانة دي هتشوفها على حق، لو غدرت بيا يا بسوم

 

عيب يا مي. أنا عمري ما كنت غدار ولا خاين. وهتشوفي بكرة إني قد كلمتي، وهشدك معايا ونقب على وش الدنيا سوا

 

ماشي يا بسوم.. هصدقك

 

********************

 

وقفت نعمة عند محطة الأتوبيس التي تعج بالناس المنتظرين الحافلات على الأرصفة المتقابلة، كل حسب وجهته... تراهم عند وصول الحافلات يهرولون ويتدافعون بالأكتاف.. ظلت تترقب وصول الأتوبيس الذي سيحملها إلى وجهتها

 

مر وقت طويل يثير الضجر، وإلى الآن لم يصل الأتوبيس إلى المحطة.. شعرت بألم في قدميها، فطفقت ترفع قدم وتحط أخرى بالتبادل لتشعر ببعض الراحة..أبصرت الأتوبيس قادماً، فشهقت واتسعت حدقتاها، وجرت تتسابق مع الناظرين، تدفعهم ويدفعونها في مهزلة غير أدمية، ولكنها بالأخير نجحت أن تضع قدمها في الأتوبيس، ولحقت بأحد المقاعد بجوار النافذة، فتنفست الصعداء... تحرك الأتوبيس واتخذ طريقه بين الشوارع والميادين المتسعة، ونعمة تمد النظر إلى العالم الرحب الفسيح، ترى المحال والشركات التي سبق ووطأتها قدماها باحثة عن عمل، فلم تفلح مقاصدها، فاليوم عمدت إلى وجهة أخرى لم تطأها أقدامها من قبل، علها تجد بغيتها وتسر قلب والدتها الذي أنهكته الهموم.. اقتربت المحطة التي ابتغتها، فقامت عن مقعدها واتخذت طريقها إلى الباب وسط  اللحوم البشرية المتشابكة والتي تكتظ بها الحافلة وأنفاسهم الممزوجة بروائحهم المتداخلة تلهب وجنتها.. أخيراً توقف الأتوبيس عند المحطة المبتغاة، ونزلت من رحمه كوليد جديد يستكشف الحياة.. وقفت بين مفارق الطرق، فاختارت هذا الطريق هامسة لنفسها:

 

ادخل الشارع ده، وانا وبختي بقى، يارب ألاقي شغل النهاردة يارب، يارب أنا تعبت والله، أجبر بخاطري، مش عشاني، عشان خاطر ماما واخواتي الغلابة يارب

 

دخلت إلى الشارع المكتظ بالمحال والشركات والمعارض وكافة أشكال التجارة الرائجة.. نظرت إلى أعلى إحدى البنايات، فقرأت لافتة عن شركة تجارية، فأسرعت إلى مدخل البناية ومنه إلى الدرج، حتى بلغت الطابق الكائن به الشركة.. دخلت بغير تردد، فألفت سكرتيرة حسناء منهمكة في العمل على الحاسوب، فحيتها باسمة:

 

السلام عليكم يا أختي

 

رمقت السكرتيرة إليها النظر من أعلاها لأسفلها، فارتسم الازدراء على ملامحها لمظهرها البسيط فوخز قلب نعمة، وردت السكرتيرة بفتور:

 

أي خدمة؟

هه كنت بسأل على وظيفة، أنا مؤهل عالي، خريجة آداب فلسفة و...

 

قاطعتها السكرتيرة بنفور:

 

مش محتاجين موظفين

 

عادت السكرتيرة لعملها على الحاسوب، ونكست نعمة رأسها وقلبها يبكي إثر نظرات الازدراء التي سددت إليها، وغادرت المكتب لتبحث عن وجهة أخرى، فلا مفر من البحث عن عمل اليوم

 

نزلت إلى الشارع الفسيح، فألفت عن يمينها محل كبير لبيع الملابس الباهظة الثمن، ما أن خطت داخله حتى ألفت  البائعات يتحركن وكأنهن نحل في خلية، وهناك يقف صاحب المتجر، فهرعت إليه تسأله بتلهف:

 

لو سمحت هو حضرتك صاحب المحل؟

 

ايوة، بتدوري على موديل معين؟ إحنا عندنا كله براندات عالمية

 

لا أنا كنت بدور على شغل

 

هز رأسه وقال بفتور:

 

مش محتاجين موظفين

 

هزت رأسها وانصرفت بخطوات بائسة إلى الخارج... ومن هذا المحل إلى ذاك ومن هذه الشركة إلى تلك.. لم تحصل إلا على نفس الرد.. لا حاجة لنا بموظفين جدد.. أياأيها الحظ العاثر لا تكن رفيق دروبنا بأمر واحد أحد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد

 

ظلت تنقل بصرها بين اللافتات المعلقة أعلى المتاجر الفاخرة، قرأت لافتة لمحل خمور، فشهقت هلعاً وابتعدت عن المحل مستعيذة بالله

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ربنا يهديكو

 أثناء سيرها المتأني والتفرس في اللافتات المعلقة، لمحت تلك اللافتة أعلى أحد البنايات لشركة إستيراد وتصدير، فأسرعت إلى مقر الشركة

 

دخلت المقر في الطابق الأعلى، فألفت أمامها رجل أنيق يتحدث عبر هاتفه ثائراً قاطعاً البهو ذهاباً وإياباً، استطاعت أذنها أن تلتقط بعض الكلمات حول تعسر حصوله على العملة الأجنبية، أما عن الشركة فخوت على عروشها من الموظفين. انتظرت نعمة تفرك كفيها بتوتر، أنهى حديثه وسألها باحتداد:

 

عايزة ايه؟

 

ردت بتلعثم

 

آآآ أنا كنت بدور على شغل

 

رد صارخاً:

 

مافيش زفت. ادينا مش لاقين زفت دولار ولاعارفين نستورد ولا نصدر، واديها خربت وقعدنا على تلها

لا حول ولا قوة إلا بالله، ربنا يعوض عليك وعلينا

 

غادرت المكتب وهي تغمغم وتهز رأسها بأسى على حال الرجل:

 

يا عيني! الراجل عقله هيشت..  اللي يشوف بلاوي الناس تهون عليه بلوته

 

 عادت للسعي بين المحال والشركات دونما جدوى، حتى شعرت بإنهاك شديد وبعض الدوار إثر الجوع الشديد الذي يفترسها.. لا يمكنها العودة إلى المنزل قبل الحصول على عمل، فلا طاقة عندها لتحمل نظرة الحزن في عيني والدتها، وحسرة الحرمان في أعين أخويها.. لا مفر من استمرار البحث رغم جلافة بعض الردود والأوجه اليابسة من الابتسام.. ولكن عليها تناول ما يسد بعض رمقها.. فتحت حقيبتها فلم تجد إلا أجرة العودة.. فإن اشترت بها رغيف من طعام الفقراء، لعادت إلى المنزل سيراً على الأقدام، وهذه تهلكة مع المسافة البالغة الطول إلى الحارة.. قررت أن تتحمل الدوار الذي أصابها بأن تستند إلى الجدران.. حاولت المجاهدة والسير.. خطوة.. خطوة.. خطوة.. لا.. لم تستطع أكثر من ذلك، فالدوار شديد والشارع يميد بها.. أبصرت محل شاورما، والناس يصطفون أمامه منتظرين أن يحين دورهم، وشاهدت تلك التل من اللحم المكبس بشكل هرمي ضخم، والعامل يقطع بسكينه الكبير ويضع في الخبز الفاخر.. ابتلعت ريقها وسال لعابها إشتهاءً.. ولكن هذا ليس مكانها، ولا هذه الوجبة التي تعتادها معدتها الفقيرة.. وكأن بؤس العالم تجمع في يومها.. لا عمل.. لا طعام..لا وجه طلق ولا كلمة طيبة تلقتها.. مضت في طريقها تترنح جوعاً، تكاد أن تسقط لولا عون الله

 

أبصرت بعينيها اللتين غبشهما الجوع، أحد الشوارع الجانبية عن يمينها، فانعطفت لعلها تجد من يحنو عليها بلقمة تسد رمقها وتتعهد بدفع الثمن لاحقاً.. لمحت متجر بقالة كبير، به سيدة في عمر والدتها، تتمتم على مسبحة في يدها، يتلألأ  البشر على ملامحها التقية.. اقتربت على استحياء وقالت للسيدة بخجل يقتلها:

 

السلام عليكم، والله حضرتك أنا مش شحاتة، أنا بنت ناس وخريجة جامعة، من الصبح بدور على شغل ومش لاقية، وتعبت والله من كتر المشي، وما كنتش عاملة حسابي إني هتأخر كدة، فماجيبتش معايا فلوس اشتري بيها سندوتش، مش معايا غير أجرة الأتوبيس اللي هروح بيه. فلو حضرتك تديني ساندوتش، وهجيبلك تمنه والله أول ما نقبض معاش بابا الله يرحمه، ولو مش مصدقاني، هوريكِ البطاقة

 

فتحت حقيبتها وأخرجت البطاقة ومدتها لصاحبة المحل، فتبسمت السيدة وأزاحت يدها بلطف، وقالت:

 

مش محتاجة تقولي كل الكلام اللي قولتيه ده يا حبيبتي، كفاية تقولي عايزة سندوتش وانا ادهولك من عنيا

ايوة بس أنا مش شحاتة، ومش عايزة السندوتش ببلاش، أنا بس عايزاه على النوتة، اكتبي حساب السندوتش وجنبه إسمي، أنا اسمي نعمة رزق

 

استحضرت السيدة الآية الكريمة( وتحسبهم أغنياء من التعفف) فتبسمت ورحبت بها:

 

أهلاً بيك يا نعمة، اعتبريني زي والدتك، يعني لو بنتي هتاخد سندوتش هدفعها تمنه!!

 

ايوة بس..

 

قاطعتها قائلة:

 

عارفة حبيبتي إن عزة نفسك مش سامحالك. لكن لو اعترتيني والدتك أكون شاكرة وممتنة ليكِ

 

تبسمت نعمة وقالت:

 

ده شرف ليا

 

الشرف ليا أنا يا بنتي، اتفضلي اقعدي

 

جلست نعمة على أحد المقاعد، مطأطئة رأسها في خجل، فأعدت السيدة ثلاثة سندوتشات من الخبز الفاخر، ووضعت بهم اللحم البارد وإلى جوارهم بعض المقبلات وزجاجة عصير وكوب من الماء البارد، ووضعتهم أمام نعمة، وقالت بابتسامة لطيفة:

 

اتفضلي يا حبيبتي

 

جحظت عينا نعمة وهي تنظر إلى مائدة الكرم أمامها وقالت:

 

ايه ده كله! ده كتير قوي، كفاية سندوتش واحد من غير العصير ولا كل اللي حضرتك حاطاه ده

 

هزت السيدة رأسها باسمة وقالت بلطف:

 

بالهنا والشفا يا حبيبتي

 

تركتها السيدة تأكل بلا رقيب حتى لا تتسبب في إحراجها، وطفقت تمر على الأرفف ترتبها، وتحدث عمال المتجر.. فالتهمت نعمة الطعام بنهم شديد يتناسب وجوعها حتى أنهت الأخضر واليابس أمامها وحمدت الله على كرمه وعطائه الذي تجسد في هذه السيدة التقية

***********************

كانت السيدة أعدت بعض الشاي لها ولنعمة حتى تشعرها بالألفة وأن ما جمعهما كان لقاء ودود وليس حاجة ألجأتها إلى المحل

 

اتفضلي الشاي يا حبيبتي

 

ههه كمان شاي! حضرتك تعبتي نفسك قوي

 

لا تعب ولا حاجة يا حبيبتي. انتِ نورتيني النهاردة.. ها احكيلي عن نفسك شوية

 

شعرت نعمة بالارتياح للسيدة وبدأت تسرد مأساتها ومأساة والدتها وأخويها وشظف العيش وصروف الدهر.. فرق قلب السيدة وقالت تثبت فؤادها باسمة:

 

استبشري خير يا بنتي، لنا رب كريم عالم بينا.. ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعاً، وعند الله منها المخرج.. ضاقت، فلما استحكمت حلقاتها فرجت، وكنت أظنها لا تفرج

 

طابت نفس نعمة واجتاح البشر نفسها التعسة، فقالت باسمة:

 

الله.. ونعم الله... والله ما تعرفيش استبشرت بكلام حضرتك قد ايه

 

أكثري من الاستغفار يا بنتي، وخاصة استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه.. إلزميها بكثرة يومياً بدون ملل، وإن شاء الله تجدي الفرج

 

إن شاء الله هعمل بنصيحة حضرتك من النهاردة

 

ودايماً وإبداً، يعني مش لما أزمتك تفرج، تبعدي عن ساحة الاستغفار، خليكِ ملازمة الساحة دي طول عمرك، وهتلاقي الخير والفضل الكبير من الله. هو سبحانه اللي وعدنا وبشرنا في كتابه العزيز بثمار الاستغفار

 

بسم الله الرحمن الرحيم( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال وبنين، ويجعل لكم جنات، ويجعل لكم انهارا)

 

مدت السيدة يدها بالمسبحة إلى نعمة وقالت:

 

ودي هدية مني، خليها رفيقتك اللي تذكرك بالتسبيح والاستغفار دائماً

 

انفرجت أسايرير نعمة وقالت:

هدية مقبولة. مش هفرط فيها أبداً.. وإن شاء الله ربنا يقدرني وأجي لحضرتك تاني في يوم من الأيام

 

إن شاء الله يا حبيبتي

 

دق هاتف نعمة، فأخرجته من حقيبتها على استحياء كونه قديم صغير مهشم، وجدت صديقتها رانيا، فردت على الفور:

السلام عليكم ازيك يا رانيا

 

عليكم السلام، ايه يا نعمة فينك! ده عاشر اتصال بيكِ وتليفونك برا الخدمة

 

معلش والله يا رانيا، أصل انا برا البيت ويمكن الشبكة مش مجمعة

طب بقولك ايه، لقيتلك شغلانة حلوة قوي

 

صرخت فرحاً

 

بجد يا رانيا؟

 

أه والله، هكلمك كمان ساعة اقولك على التفاصيل عشان هدخل ملف القضية للأستاذ

 

طيب ماشي، إن شاء الله أكون في البيت كمان ساعة ونتكلم براحتنا، مع السلامة

 

قالت نعمة بفرحة عارمة:

 

شفتِ حضرتك وشك حلو عليا ازاي! اهو لقيت شغلانة، بس ادعيلي اتقبل فيها بالله عليكِ

 

إن شاء الله يجبر يخاطرك يا حبيبتي

 

يارب، طيب أنا هقوم بقى عشان يادوب اروح افرح ماما واكلم صاحبتي استفهم منها

 

مع السلامة يا حبيبتي. ربنا يوفقك

*****************************************

في ذات موعد الأمس، عادت سوكا إلى محل الجزارة لتسمع قرار شحتة، تقبض على كيساً بلاستيكياً، ما أن رآها تدخل إلى المحل، حتى وجم وامتعض، ولكنه لصق ابتسامة مصطنعة على محياه، تبسمت وأخذت طريقها إلى مقعد المعلمة تتبعها نظراته المندهشة، وضعت الكيس على المنضدة الصغيرة، وأشارت له ليأتي، تنهد بضيق وتبعها:

 

ايوة يا سوكا

 

فتحت الكيس البلاستيكي، فإذ بهم الخمس وعشرون ألفاً وزادت عليهم حفنة آلاف تملكها، وبعض المشغولات الذهبية، نظر إلى المال والذهيبات بتعجب، ثم سألها:

 

ايه ده يا سوكا؟؟

 

هه دول اسم الله على مقامك يا سي شحتة، تحويشة عمري من ساعة ما اشتغلت عند المعلمة وأنا عيلة صغيرة، دول يطلعولهم كدة تلاتين ألف، وكام حتة الدهب دول يساوا اكتر من متين ألف، اصل كنت كل ما احوش قرشين، اجري ع الصايغ اجيب بيهم حتة دهب

 

طفقت تخلع خواتم أصابعها، وقرطها، وتقول بحماس:

 

وخد دول كمان، الاربع خواتم والحلق اللي حيلتي. حلال عليك يا سي شحتة، أمانة عليك ما تكسفني.

 

أردفت بفخر وجبين عال:

أوعى تفتكر إن دول بس وخلاص على كدة، لا، ههه أصل انت ما تعرفش، الواد رضا اخويا من ابويا، صوته حلو قوي، والمعلمة هتعمله مهرجان، وبكرة يبقى أحسنها مطرب والفلوس تنزل عليه زي الرز، لا وايه بقى، أنا هبقى شريكته في كل حاجة

 

تنهدت وسبلت عينيها وأردفت بميوعة:

يعني الخير اللي هيعم عليا، هيعم عليك وزيادة يا سي شحتة

 

.... انتِ عايزة مني ايه يا سوكا؟

 

.... قلبك اللي دوخني وراه يا جدع

 

أطرق يفكر، من أين له بكلمات تحسم الأمر ولا تجرحها، أعاد إليها النظر وقال:

 

سوكا، أنا هقولك كلمتين، واتمنى تفهميني صح.. يا ريت تعتبريني مجرد أخ، مش أكتر

 

وكأن كلماته خنجر رشق في صدرها، فتأوه خافقها إثر الألم القاتل و همت تلومه وغصة في حلقها، فأشار لها بكفه أن تصمت، واستطرد حديثه:

 

أنا عارف انك بتقولي في نفسك، إننا متساويين، طالما احنا الاتنين شغالين عند المعلمة جباير

 

لا يا سي شحتة، كان انقطع لساني لما قلتلك كدة، أنا....

 

أرجوكِ اسمعيني للآخر ما تقاطعنيش.. يا سوكا صحيح إن الوضع ده هو القائم حالياً، لكن الفرق كبير.. الوضع اللي أنا فيه ده مؤقت، مسيره يتغير، واشتغل ببكالوريوس الهندسة، وأكون في المكانة اللائقة بيا.. لكن يا سوكا أنتِ...

 

ما تكملش يا سي شحتة.. عارفة انك هتقول لكن يا سوكا انتِ طلعتِ ولا نزلتِ خدامة جاهلة، حتى لو ملكتِ الدهب والدنيا كلها بين ايديكِ، لا الجهل هيسيبك، ولا مقامك الواطي هيعلى

 

سوكا، أرجوكِ ما تزعليش مني، أنا ما اقصدش اجرحك

 

......... فاهمة يا سي شحتة.. كل واحد بياخد اللي في مقامه.. وانت خطيبتك بنت مدارس ومتعلمة زييك، ولابد أهلها ناس تشرف.. مش زي أهلي

 

..... أنا آسف يا سوكا

 

عاد إلى مكانه وأولاها ظهره، فأطالت نظرة إليه، طفرت معها عبراتها.. مضت بأموالها، وفؤادها الذي أعتدت له فيه متكأً، أعلن بخفقات مدوية  أن لن يرضى بغيره مليكا.. ولكن.. كيف السبيل إلى ذاك العنيد ذا القلب الشبم!! طفقت تقدح شرار الفكر السفلي

*******************************

عادت سوكا إلى منزل المعلمة جباير، باكية بقلب يتأجج غيظاً، فألفت المعلمة أمامها وعلى وجهها علامات الغضب وصاحت بها:

 

كنتِ فين يا بت يا سوكا! ازاي ارجع من عند  الجواهرجي ما لاقاكيش يا بت!!

 

أجهشت سوكا بالبكاء ، فهال المعلمة ما رأت، فسألتها:

 

مالك يا بت يا سوكا؟

 

ردت بصوت أرعشه البكاء:

 

قالي انتِ مش قد المقام، انتِ حتة خدامة ما تساويش، وعمر مقامك ما هيعلى مهما عملتِ

 

غضنت المعلمة حاجبيها وسألتها:

 

هو مين ده يا بت؟

 

.... سي شحتة

 

قهقهت المعلمة وجلست على الأريكة وقالت:

 

شحتة!! انتِ لسة حاطاه في دماغك يا بت؟

 

هرعت إليها وجلست تحت قدميها تترجاها:

 

أبوس إيدك يا معلمة، ابوس رجلك خليه يتجوزني، إنت بكلمة واحدة منك تجيبيه تحت رجلي، يا معلمة انتِ امي اللي مربياني وماليش غيرك، اعتبريني زي الست غادة

 

يا بت اعقلي يا بت، عايزاني اجوزهولك غصب عنه ازاي!!

 

ردت باكية راجية تستعطفها:

قوليله هطردك من الشغل، هشردك في الشوارع لو ما كنتش تتجوز سوكا

ردت المعلمة برفق:

 

يا بت الجواز بالرضا والقبول.. ما حدش بياكل لقمة مش على نفسه

 

مسحت سوكا عينيها بأطراف كمها وسددت نظرة إلى المعلمة وقالت تذكرها:

 

ما انتِ في يوم من الأيام كلتِ لقمة مش على نفسك لما اتجوزتِ المعلم عدوي يا معلمة

 

تجهمت المعلمة، وأطرقت قليلاً، ثم ردت وعيناها قد شردت تخال الماضي السحيق أمامها:

 

... والنتيجة كانت ايه!! عايشة مع راجل كارهني وكارهاه.. عمر قلبي ما صفيله ولا راسي ارتاحت على كتفه في يوم من الأيام.. عايزة تبقي زيي يا سوكا؟

 

ايوة يا معلمة، عايزة ابقى زيك، اتجوزه حتى لو كارهني ومش طايقني، المهم يكون ليا وما يكونش لواحدة غيري

 

.... عايزة تاخديه من حبيبته يا بت؟

 

أصرت على أسنانها وردت بغليل:

 

بكرهها، بكرهها يا معلمة، بكرهها من غير ما اعرفها ولا اشوفها، بكره علامها اللي علا مقامها، قد ما بكره جهلي اللي ذلني وخلاني بتداس تحت الرجلين

 

بلاش خيابة يا بت. وانتِ ناقصك ايه!! دانتِ عايشة عيشة، خطيبته المتعلمة مش عايشاها، لو كان معاها فلوس زي اللي معاكِ، كان زمانها جهزت بيها نفسها واتلمت هي وهو في شقة. دول عايشين عيشة ضنك

أعيشها معاه يا معلمة، إن شالله يأكلني طوب أنا راضية

 

قهقهت المعلمة وهزت رأسها وقالت:

 

يا عيني ع الحب

 

ابوس ايدك يا معلمة، جوزيهولي

 

تنهدت المعلمة وقالت:

 

اسمعي يا سوكا.. الواد ده ما اقدرش اجي عليه اكتر من كدة، أنا صحيح بعدته عن شركة المقاولات. بس ده عشان خاطر ابني يبقى هو الكل في الكل، وما حدش يعلى عليه.. لكن حكاية الجواز دي، لا، لا هغصبه ولا ليا دعوة بالسكة دي

 

أخذ صدرها المضطرم يصعد ويهبط، وقالت بعينين متقدتين:

 

يبقى انا اللي هتصرف يا معلمة

 

هتعملي ايه يا بت يا ام دماغ طاقة؟؟

 

.... أنا عايزة اعرف البت خطيبته دي بتشتغل ايه وفين؟

 

مالك ومالها يا بت!

 

.... ما تخافيش يا معلمة، مش هأذيها.. أنا بس عايزة اشوفها، واشوف هيئتها وكلامها المزوق المتعلمة بنت المدارس

 

حذرتها المعلمة بغلظة:

 

بت يا سوكا، أي حركة كدة ولا كدة والبوليس مسكك، ما تتصليش بيا ولا بالمعلم عدوي، أه، بلاويكِ شيليها لوحدك

 

قلتلك مش هأذيها يا معلمة، أنا ما وديش نفسي في داهية، ولا هبان في الصورة... قوليلي يا معلمة هي بتشتغل ايه؟

 

داكتورة نفساوية

 

غضنت حاجبيها وقالت:

 

ايه!!.. يعني ايه؟

اقولك يا جاهلة، دي بيروحوا عندها المتعقدين والمخنوقين واللي كارهين عيشتهم، ويقعدوا يفضفضولها وهي تطبطب عليهم وتقولهم معلش

 

استدرجت سوكا، المعلمة وعلمت كل شيء عن الدكتورة ملك ومكان عملها.. ترى.. ماذا تريد أن تفعل سوكا بأفكارٍ هي نتاج عقلها المحدود ونفسها الشرهة!!

 

عادت غادة ابنة المعلمة من عملها، فرمقت سوكا تتجه إلى غرفتها باكية، فسألت والدتها:

 

مالها البت دي يا ماما؟؟

 

هه واقعة في غرام شحتة وعايزة تتجوزه

 

ايه!! البت دي اتجننت ولا ايه! ده مهما كان مهندس وابن ناس، ده غير انه خاطب دكتورة، هي فاكرة انه هيسيب دكتورة عشان يتجوزها الخدامة دي!!

 

تنهدت المعلمة وقالت:

 

ربنا ما يبليكِ بالحب يا غادة، بيخلي الواحدة نهارها ليل، وليلها نهار، وعقلها بيشت منها

 

اللي يحب يحب على قده، إنما دي اتجننت

 

سيبيها في ويلها، وخلينا في ويلنا، خلينا نخلص من ترتيبات فرح المتعوس ابوكِ، اطلبيلي الخواجة أنطون الجواهرجي

 

الله! انتِ مش روحتيله يا ماما عشان تختاري الجواهر اللي هترصعي بيها العباية البيضا الحرير اللي جبتيها؟

 

روحت ملقيتوش، رغم إني قايلاله إني هعدي عليه، ده ليلته سودة معايا اطلبيهولي

 

اوكيه يا ماما

 

ضغطت رقم الجواهرجي، فرد أحدهم:

 

الو

 

ايوة، ممكن أكلم مسيو انطون لو سمحت؟

 

مين عايزه؟

 

غادة العدوي

 

أهلاً أهلا يا مدام غادة، مسيو انطون معاكِ

 

ميرسي

 

أعطت الهاتف لوالدتها، فرد الجواهرجي

 

مساء الخير غادة هانم

 

انا مش غادة هانم يا خويا، أنا المعلمة جباير

 

أوه! مساء الخير معلمة جباير، إيه ليلة سعيد دي!!

 

سعيدة مبارك يا خواجة، جرا ايه يا انطون، مش قايلالك هعدي عليك النهاردة! ازاي اروح ما لاقيكش واللي يقابلوني صبيانك!!

 

هه بردون معلمة جباير، اضطريت أسيب المحل عشان مشوار خاص، وقلت للمساعدين بتوع الأنا يشوفوا كل طلباتك

 

لا، انا ما برتاحش في المعاملة الا معاك، بحب ذوقك في الجواهر يا انطون، تلاميذك الخيبانين ما ينفعونيش

 

ههه ميرسي، ميرسي كتير معلمة جباير، أحرجتيني بذوق جنابك. حددي معاد وأنا في انتظار

 

فاضي دلوقتي يا خواجة؟

 

ايوة معلمة

 

خلاص، هتصل بالسواق يجهز العربية واجيلك على طول، مسافة السكة يا خواجة انطون

 

في انتظار تشريف سعادتك معلمة

 

**********************************

 

 

 

 

 

****************************************

عاد الدكتور هشام من المستشفى، ليتفاجأ بوالدته، تقف خارجاً تدق حدوة حصان حديدية في الحائط الذي يعلو باب المنزل وقد أحاطتها بخرز أزرق ، فاستشاط غضباً:

 

ايه اللي بتعمليه ده يا أمي!!

 

أهلاً يا هشام. بدق حدوة حصان وعلقت شوية خرز أزرق على الباب عشان يحمونا من الحسد والنحس اللي حل علينا يا ابني

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. يا أمي ده شرك، الله يهديكِ شيلي الكلام الفاضي ده

 

صاحت به غاضبة:

 

لا يا هشام مش هشيله، انت مش دريان بللي جرايلنا من ساعة ما جيت من أمريكا!! أول ما دخلت الحارة روحت كلت طعمية وسيبت أكل امك واتنكدت بسببك وضغطي علي، وأول ما خطيت قدام البيت برجلك وقع عليك جردل مية واتبهدلت، واخرة المتمة كلت لحم حمير عند خالتك، ده غير اخوك اللي ما بيكلمنيش ولا بيسأل علية من يوم ما جيت.. احنا محسودين واتنشينا عين من ام عوض، ده غير النحس اللي نحستهولنا هناء الله يكفينا شرها

 

تنهد بضيق ونظر إلى الطابق العلوي، ثم أعاد النظر إليها يقول:

 

طيب بس وطي صوتك عشان هناء ما تسمعش

 

يا سلام! خايف على إحساسها قوي وش الفقر!! يا خويا يا ريتها تسمع هي وامها ويخلوا عندهم دم ويفارقونا

 

هز رأسه بأسى، وقال لوالدته برفق:

 

طيب الله يهديكِ شيلي حدوة الحصان والخرز الأزرق ده وخلينا ندخل نتفاهم جوا

 

مافيش تفاهم لا جوا ولا برا، والحدوة والخرز مش هيتشالوا

 

زفر غضباً وقال:

 

بقى كدة يا أمي! يعني مش عايزة تسمعي الكلام وتشيلي مظاهر الشرك دي وتغضبي ربنا علينا!! براحتك يا أمي، أنا هدخل أخد شنطتي وأدور على مكان تاني أعيش فيه، لأني مستحيل أعيش في مكان كله شرك ومعاصي

 

اندفع إلى داخل المنزل فتبعته والدته تبرق وترعد:

 

شوفت يا سي هشام!! أديك قلبت على امك وعايز تسيبلها البيت وتمشي، دانت أول مرة تعلي صوتك عليا يا دكتور يا متعلم، دانت ما عملتهاش وانت عيل صغيربيلعب في الحارة. كل ده وتقولي ما اتنحسناش!! أومال النحس يبقى ازاي!!

 

رد غاضباً:

 

أمي، انتِ اخترتِ اللي يريحك حتى لو فيه معصية لله، سيبيني أنا كمان أختار الوضع اللي يريحني عشان احافظ على ديني

 

هرع إلى غرفته ليجمع أغراضه، فأسرعت خلفه تبكي كذباً لتشعره بالذنب وتثنيه عن قراره، بعدما رأته أنزل حقيبة السفر من أعلى خزانة الملابس وفتحها وبدأ يلقي بها ما تطوله يده من ملابس مرتبة في الخزانة:

 

بقى كدة يا هشام!! بقى عايز تبعد عن امك عشان تحافظ على دينك! ليه يا ابني! هي امك بتحضر عفاريت ولا بتفتح المندل!! دانا عايزة احافظ على البيت يا هشام واطرد الواغش اللي ملاه

 

يا أمي لو عايزة تحمي البيت من الحسد والنحس عندك المعوذتين وسورة البقرة، عندك أذكار تلتزمي بيها للحفظ. لكن تدخلي صور الشرك بيتنا واحنا ناس بنصلي وانتِ أولنا، يبقى كدة حرام وربنا هيحاسبنا

 

أطرقت رأسها وقالت باستسلام:

 

خلاص يا هشام، هشيل حدوة الحصان والخرز الازرق اللي مزعلينك. بس ما تسبنيش وتمشي. كفاية اخوك سمير اللي مش بيكلمني. اتحسدت يا ناس واتصبت في عيالي اهئ اهئئئئ ده سمير كان كل يوم يكلمني في التليفون يصبح عليا من الشغل، وكل يوم جمعة يجيلي يتغدا معايا اهئ اهئئئ آه ياني يامّا ع اللي جرالي يا امّا

 

تبسم هشام واقترب منها يضمها إلى صدره ويقول بلين:

 

يا أمي اعترفي انك انتِ اللي زعلتِ سمير يوم ما قومتيه من على الأكل و طردتيه هو ومراته واختها

 

صاحت به:

 

وافرض يعني عملت كدة، يقوم يقاطعني!! هو هيربيني ولا ايه الواد ده!!

 

هه لا طبعاً أكيد ما يقصدش، هو بس واخد على خاطره شوية، وقالي سيبني براحتي لحد ما اهدا

 

يا سلام! على ايه ده كله! ما كانش ورك بطة اللي خدته من إيده الفجعان الدني!! براحته، لا عايزاه يجي ولا عايزة اشوف شكله. قلة أدب.. وانت ياخويا رجع هدومك في الدولاب ورصها زي ما كنت راصاها، ما تكركبليش الدنيا

 

ههه حاضر يا أمي. هرجع كل حاجة زي ما كانت، وانتِ الله يهديكِ روحي شيلي مظاهر الشرك اللي فوق باب الشقة

 

حاضر يا اخويا. هجيب الكماشة واشيل مظاهر الشرك اللي فوق باب الشقة عشان ترتاح، عقبال ما نشيل مظاهر النحس والحسد اللي اسمهم  هناء وام عوض من الحارة عشان نرتاح كلنا وبالنا يهدا

*********************************************

 

في ساعة العصاري، سمعت هناء صوت جرس الباب الذي لا يقرعه إلا محصلي فواتير الكهرباء والمياه، ذهبت تسأل من خلف الباب بتأفف:

 

بتاع المية ولا بتاع الكهربا؟

 

لا، أنا أم محمود جارتكو، افتحي يا هناء

 

تهلل وجهها وفتحت ترحب بالجارة:

 

طنط ام محمود، ازيك، وحشتيني قوي

 

ههه ان شالله ما تشوفي وحش يا نضري. ازيك يا هناء وازي ماما؟

 

الحمدلله يا طنط، اتفضلي، ماما ممددة شوية في اوضتها

 

نايمة؟

 

لا مش نايمة، بتحب تقعد مع نفسها في الضلمة

 

ضربت أم محمود على صدرها وجلست تقول:

 

تقعد في الضلمة لوحدها ليه! دي كدة يركبها عفريت ينططها، وانتو مش ناقصين

 

غصب عنها يا طنط، نفسيتها تعبانة عشاني.. ما حدش بيسأل علينا وقرايبنا قاطعونا. ربنا يخليكِ عشان جيتِ تسألي علينا. دي ماما هتفرح قوي، عن إذنك هديها خبر

 

اتفضلي يا حبيبتي

 

انصرفت هناء تتبعها نظرات الشفقة من أم محمود وهي تمصمص شفتيها حسرة وتغمغم:

 

كبدي يا بنتي، شابة زي الفل بس بختها مدوحس

 

دخلت هناء على والدتها التي تعصب رأسها بإيشارب أسود أخفى جبهتها وحاجبيها، منسدحة على فراشها في ظلام دامس.. ضغطت ذر المصباح ونادتها:

 

ماما

 

الفلوس عندك في درج الكومودينو يا هناء

 

فلوس ايه يا ماما؟

 

بتاعة الكهربا والمية

 

لا يا ماما، دي طنط ام محمود جاية تسأل علينا

 

شهقت أم هناء فرحاً وانتفضت عن فراشها:

 

ايه! أم محمود جاية تسأل علينا! الله يجبر بخاطرها يارب. أنا خارجالها، اعمليلنا تلاتة شاي، على كام حتة كيك وحصليني

 

حاضر يا ماما

 

اتجهت والدة هناء صوب الباب بتثاقل إثر ألم ساقيها، فبدت كالعرجاء، خرجت على أم محمود باسمة ترحب بها، فهال أم محمود منظرها:

 

ازيك يا ام محمود، نورتينا يا حبيبتي

 

يا لهوي! ايه يا ام هناء مالك يختي! ايه القمطة السودة اللي قامطة بيها دماغك دي! ومالك ماشية زي المكسحين كدة!!

 

جلست قبالتها بتثاقل تتأوه:

 

آآآه ياني يا عضمي، تعبانة والله يا ام محمود ومش قادرة امشي

 

ما هو من قعدتك في الضلمة، اخرجي للشمس عشان عضمك يتصلح

 

لا عايزة شمس ولا عايزة نور، خليني كدة زي ما انا عايشة لحد ما اقابل وجه رب كريم

 

مصمصت أم محمود شفتها بأسى وقالت:

 

عارفة يختي إن كل اللي انتِ فيه سببه هناء

 

آآآه يا ام محمود، آآآه على حسرة قلبي على بنتي اللي شايفاها بتدبل يوم عن يوم

 

ابصرت أم محمود هناء قادمة بصينية الشاي والكعك، فقالت لوالدتها:

 

طب بس، بس، عشان هناء جاية

 

وضعت هناء صينية الشاي، وقالت بلطف:

 

اتفضلي يا طتط الشاي والكيك، أنا اللي عاملة الكيكة دي ههه

 

ههه يختي الف اسم الله، شاطرة يا هناء، تسلم إيدك يا حبيبتي، اقعدي

 

ما انا هقعد يا طتط، بس الأول اعرف سكرك قد ايه عشان احطه في الشاي

 

سيبك من السكر دلوقتي واقعدي، انا ليا معاكو كلمتين؟

 

جلست هناء، وقالت بانتباه، وعينا والدتها تترقبان:

 

خير يا طنط إن شاء الله؟

 

بقى بصراحة كدة أنا مش عاجبني الوضع اللي انتِ فيه ده

 

تنهدت هناء متحسرة وقالت:

 

يعني اعمل ايه يا طنط!!

 

لا تعملي، تعملي كتير قوي. شوفي يا هناء، لا في حاجة اسمها نحس ولا حد قدمه نحس، إذا كان ع النحس، الحارة كلها منحوسة من فوقها لتحتيها، وانتِ مالكيش ذنب في اللي بيحصل. ما هم بناتي الاتنين اهم، اتخرجوا من الجامعة وبدل ما يقعدوا على مكاتب ويشتغلوا شغل يليق بيهم ويتقالهم يا هوانم، بيشتغلوا شغلانتين انيل من بعض، واحدة بياعة في محل جزم، والتانية بياعة في محل عطارة، لما بتجيلي كل يوم هدومها مليانة فلفل وشطة ونقعد نعطس طول الليل لغاية ما نتهد وننام. ولا الواد محمود ابني، ما هو متخرج من كلية التجارة، ومالقاش شغلانة غير مبيض محارة مع ابوه.. النحس راكب الكل يابنتي، وانتِ مالكيش ذنب

 

هزت أم هناء رأسها وقالت بحسرة:

 

تقولي لمين وتعيدي لمين يا ام محمود! اللي بيعطس في الحارة بيقول هناء السبب

 

منهم لله يختي، ربنا يجازيهم على قد السمعة اللي مطلعينها ع البت الغلبانة

 

تنهدت والدة هناء وقالت:

 

اشربي الشاي يا ام محمود وكلي حتتين كيك

 

هشرب حاضر

 

أخذت تضع السكر في كوب الشاي أمامها، وقالت وهي تقلب بالملعقة الصغيرة:

 

شكلك مش عاجبك كلامي يا ام هناء

 

عاجبني يختي، سلم لسانك، بس مهما تقولي، الحارة دي مش هتغير رأيها في هناء بنتي

 

لا هيغيروه، لو عملنا زار

 

اتسعت حدقتا هناء وقالت والدتها باستنكار:

 

زار ايه يا ام محمود!! احنا بتوع الكلام ده برضو!!

 

وماله الكلام ده يا ام هناء!! أنا نويت اعمل لبناتي عشان عقدهم تتفك ويتخطبوا، قلت بالمرة نعمل لهناء معاهم، واتفقت مع كوديا الزار تيجي يوم الجمعة بعد الصلاة بإذن الله من غير مقاطعة

 

نظرت هناء ووالدتها إلى بعضهما البعض بعينين حائرتين، فقالت أم محمود بحسم:

 

اسمعي يا ام هناء، أنا جيت انصحك يختي لوجه الله، عشان النحس يحل عن بنتك وتفرحي بيها، جايز يكون معمولها أعمال سفلية، ودي مش هتتفك إلا بالزار

 

قالت أم هناء بتردد:

 

ايوة يا ام محمود، بس بصراحة بخاف من الحاجات دي، وبعدين ايش ضمنا كوديا الزار ما تكونش نصابة

 

نصابة!! اخص عليكِ، أنا برضو هجيبلكو واحدة نصابة!! دي ست مبروكة ساكنة عند اختي في العطفة، وبتفك أعمال ولو متغاظة من حد وواكل قلبك تعمله عمل، اسمعي كلامي دي سرها باتع.. طب ايه قولك بقى دي فاكة لبنت اختي العروسة عمل اسود ومنيل، البت من ساعة ما اتجوزت من سنتين لا طايقة جوزها ولا هو طايقها وماسكة في كلمة الطلاق. لما عملنالها زار العمل اتفك وعايشة متهنية هي وجوزها.. أنا بقى لما لقيت كدة، قلت أبداً، لازم اعمل زار لبناتي، ولهناء كمان، ما هي زي بنتي وحالها مزعلني

 

انفرجت أسارير والدة هناء ودعت للجارة:

 

تعيشي يختي. حبيبة وغالية يا ام محمود

 

ههه الهي تتهني يختي وتفرحي بهناء.. نشرب الشاي وناكل الكيك الحلو ده، واقولك على طلبات كوديا الزار عشان تحضريها قبل يوم الجمعة

 

قالت أم هناء بتردد:

 

أيوة بس..

 

مافيش بس، هتقعدي تبسبسي لامتى!! لحد بنتك ما تشيب جنبك وترخص في سوق العرايس!!

 

تبادلت هناء ووالدتها نظرات الحيرة للحظات، ثم تبسمت الأم وأومأت لابنتها برأسها راضية، واستدارت لام محمود وقالت:

 

خلاص يا ام محمود، نشرب الشاي وقوليلي طلبات كوديا الزار

 

وماله يا حبيبتي، قومي يا هناء هاتي ورقة وقلم وتعالي

 

حاضر يا طنط

 

**************************************

عاد سمير شقيق الدكتور هشام من عمله منهكاً، وبعد تناول الغداء، جلس أمام التلفاز متجهماً فأتته زوجته أسماء بالشاي

 

الشاي يا سمورة

 

تسلم ايدك

 

ممم هو انت لسة زعلان من امك من ساعة ما طردتنا! هههه

 

يوووه ما تفكرنيش بقى يا أسماء، وما تجبليش سيرة امي تاني

 

ههه أهو كلام، بتعمل فيك قد ما بتعمل وبرضو بتجري عليها

 

المرة دي لأ، اللي عملته مش شوية، بقى أنا تطردني وتاخد ورك البط من إيدي!

 

تنهدت أسماء وقالت والمكر يطل من عينيها:

 

أصلها يا حبيبي بصراحة كدة كانت عاملة العزومة دي كلها وواقفة من الصبح على رجليها معانا تحمر وتشمر عشان خاطر ابنها الكبير اللي راجع من السفر جناب الدكتور هشام، فلما بقى لقيته شبعان مش هياكل راحت محرمة علينا كلنا الأكل وانت أولنا يا مسكين ممم بصراحة حقك تزعل، هو انت مش ابنها زي الدكتور هشام ولا ايه!!

 

قفلي ع السيرة دي يا أسماء عشان مش طايق اتكلم فيها، وأمي دي مش هعتبلها بيت تاني وكفاية لحد كدة، ولو اتصلت بيا مش هرد، أنا مش صغير للي عملته فيا

 

دق جرس هاتفه، فأمسكت به أسماء، فوجدت والدة زوجها على الهاتف

 

هه دي امك يا سمير

 

تهلل وجهه واختطف الهاتف يقول:

 

أمي!! الو ايوة يا أمي وحشتيني

 

ازيك يا واد يا سمير

 

الحمدلله يا حبيبتي، ازي صحتك انتِ

 

بقى يا واد اسبوعين بحالهم ما اسمعش صوتك! وتعدي على ابوك في الورشة امبارح يا جبان وما تعديش على امك، ايه! زعلان ولا ايه؟

 

ههه وانا اقدر ازعل منك يا ست الكل، بس شوية مشاغل كدة

 

بتعمل ايه دلوقتي؟

 

ابداً، اتغديت وهشرب الشاي

 

ماشي، هسيبك تشرب الشاي مع مراتك وتعالى بعد المغرب اشرب القهوة معايا، السبرتاية جنبي اهيه

 

ههه تعيشي يا أمي، إن شاء الله هصلي المغرب واجيلك، مع السلامة

 

لوت أسماء شفتها بامتعاض وقالت:

 

ممم اصطلحتوا؟

 

هه الحمدلله، بصراحة كنت متنكد آخر نكد وواخد على خاطري منها، بس بعد اتصالها ده انبسطت قوي

 

ربنا يبسطك كمان وكمان يا حبيبي، اشرب الشاي

 

ماشي يا سمسم

 

ألا صحيح هو هشام اخوك مش ناوي يخطب؟

 

ما اعرفش

 

ممم هو مش لاقي عروسة ولا ايه!! لو مش لاقي نجيبله، تلاقيه ما عندوش وقت يدور

 

ونجيبله ليه! هو عيل صغير!! واسكتِ بقى خليني اشوف البرنامج من غير زن، مش العيال يناموا، تمسكي وداني انتِ

 

أنا قايمة وسايبالك اوضة الانتريه خالص

 

أخذت تغمغم:

 

هما الرجالة كدة، الواحد ما يعرفش يحكي معاهم في موضوع اللي اما يهبوا في وشه... وبعدين بقى! أعمل ايه في حكاية سلمى اختي!! اجوزها لهشام ازاي!! منك لله يا خالتي سميحة، لو ما كنتيش طردتينا، كان زمان هشام اتعلق بسلمى وخطبها... أنا هتصل بعبير اختي لما سمير يروح لامه، عشان نشوف حل، اهي مهما كانت الكبيرة ولازم نشورها.. ربنا يفك عقدتك يا سلمى يا أختي ونفرح بيك ياااارب

 

************************************************

 

كانت عبير شقيقة المهندس طارق الكبرى، في المطبخ تغسل الصحون وتغني غيظاً من بنتيها المراهقتين العاكفتان على النت:

يا بنات يا بنات يا بناااات

 

ده اللي ما خلفش بنااااات

 

ما جالوش نقطة لدلوقتي ولا ضغط وانهياراااات

 

ادخل المطبخ وحدي، واغسل الموااااااعين وحدي

 

وبناتي اسم الله عليهم متابعين الترينداااااااات

 

آآآآه يا بنات يا بنات يا بنااااات

 

ألقت بالصحن في الحوض وصاحت:

انتِ يا بت انتِ وهي، حد يعبر الخدامة اللي من غير اجرة اللي جابهالكو ابوكوا، بت يا مرام يا عديمة الإحساس، يا زفتة الطين يا ميار

 

جاءتها الكبرى مرام  تهرول وبيدها جوالها

 

نعم يا ماما يا حبيبتي

 

حبك نسناس.  ما فيش مرة تخلي عندك دم وتقولي أساعد ماما في الطبيخ ولا غسيل المواعين؟

 

معلش يا ماما، أصل كان في حتة تريند تحفة، عروسة بيئة قوي وبترقص بمطوة هههه

 

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وانتِ مالك ومال الناس المنحطة دي!

 

ده تريند يا ماما وكله بيتابعه، وأنا بقى لازززم اتابع كل تريند، ولا عايزة صاحباتي لما يسألوني تابعتي التريند الفولاني اقولهم ما شوفتوش!!

 

لا يا بنتي دي تبقى مصيبة سودة وسيرتك تبقى على كل لسان

 

شوفتِ بقى يا حبيبتي!

 

طب غوري من وشي عشان أنا ضغطي ارتفع من الكلمتين اللي سمعتهم منك، وروحي صلي المغرب قبل ما العشا يأذن

 

يووو حاضر يا ماما حاضر

 

ابعتيلي الست الهانم اختك الصغيرة

 

كلمي ماما يا ميار

 

جاءت على مهلٍ، تمسك بجوالها و ترد بهدوء مثير للأعصاب

 

نعم يا ماما

 

جاك نعامة ترفسك، سيبي الزفت اللي في ايدك ده وشوحيلي بصلة عشان اطبخ

 

يعني ايه اشوح بصلة يا ماما؟

 

يختيييي قطعي البصلة مكعبات صغيرة، وحطي شوية سمنة من البرطمان في الحلة ولما يتقدحوا حطي البصلة

 

ممم يتقدحوا ازاي يعني؟

 

آآآه قلبي، قلبي، الحقوني يا نااااس، حد يا خدها من وشي قبل ما تجبلي جلطة

 

ايه يا ماما يا حبيبتي، فهميني بالراحة وانا هعمل اللي حضرتك عايزاه

 

السمنة لما تسخن تبقى اتقدحت، حطي عليها البصلة وقلبيها لحد ما تبقى دهبي، وحطي عليها شوية الطماطم المعصورين في الخلاط دول، وشوية ملح وفلفل وسيبيهم يتسبكو

 

نظرت الفتاة للسمن والبصل باشمئزاز وقالت:

 

ياي يا ماما! طب وليه وجع القلب ده يا حبيبتي! ما تطلبي الأكل دليفري وتريحي نفسك وتريحينا

 

دليفري!! اهو ده اللي كان ناقص

 

يا ماما، الدليفري ده زي العصايا السحرية، تضربي بيها كدة تلاقي واحد واقف قصادك ومعاه برجر، تضربي بيها كدة تلاقي واحد معاه شاورما فراخ، أوبيتزا أو كريب وكل اللي نفسك فيه، ولا طبيخ بقى ولا سمنة ولا مواعين ستيكي

 

ستيكي!

 

أه يا ماما، ستيكي يعني مدهننة كدة وغلسة وتخلصي عليها نص ازازة الصابون السايل عشان تزيلي الدهون، يعني الدليفري توفير للصابون السايل اللي حضرتك بتشتكي انه غلي، غير ان الأكل الاستيكي ده هو اللي متخن حضرتك كدة ومتخن بابا كمان، وممكن يجيبلكو كوليسترول وقلب وضغط ويجرالكو حاجة بعد الشر واحنا ما نقدرش نعيش من غيركو، يعني هننكد على مين!!

 

يا سلام! والأكل بتاع المطاعم ده هو اللي صحي! ده كله مرض وحاطين فيه حاجات معفنة وانتو تاكلوا وتزيحوا جاتكو القرف

 

حتى لو حاطين فيه حاجات معفنة بس طعمه حلو وعارفين يسوقوله، وكفاية اننا بناكله في اطباق الفوم اللي بيبعتوها ومش بنغسل مواعين، أنا قلبي عليكِ يا ماما صدقيني

 

طب سيبك من البصل اللي مزعلك وتعالى حمري البطاطس دي عشان ابوكِ بيحب يحلي بيها بعد الأكل، أهو الزيت اتقدح اهو مالكيش حجة

 

حاضر يا ماما

 

ما أن وضعت بعض أصابع البطاطس في المقلاة، حتى تناثر الزيت المغلي وأصابت إحدى قطراته إصبعها، فصرخت وبكت

 

آآآه صباعي يا ماما، صباعي

 

هرعت إليها الأم متلهفة

 

ماله يا حبيبتي، ماله

 

جت عليه نقطة زيت سخنة آآآه يا ماما مش قادرة

 

لوت الأم شفتها وقالت بامتعاض:

 

نقطة زيت سخنة! ده ايه الدلع المريء ده!!

 

جاءت أختها الكبرى تجري متلهفة:

 

مالك يا ميار؟ يا خبر! هو الزيت طرطش على صباعك؟

 

اهئ اهئ آآه

 

يا حبيبتي يا أختي! أطلبلك الإسعاف؟

 

اهئ اهئ لأ، هاتيلي مكعب تلج أحطه عليها

 

حاضر...اهو يا أختي أهو حطيه

 

هاتي

 

ها؟ صباعك هدي شوية

 

ايوة اهئ اهئ

 

طب تعالي ادخلك اوضتك، اسندي عليا

 

ماشي اهئ اهئئ

 

وقفت الأم ترقبهما فاغرة فاها وقد تملكها الذهول.

 

عادت إلى أعباءها تقول عجباً

 

عوض عليا عوض الصابرين يا رب، دول مش بنتين، دول مصيبتين، صبرني على عشرتهم يارب دانا غلبانة وعايزة اطلع من الدنيا بعقلي

 

دق جرس هاتفها، فمسحت يديها في مريول المطبخ، وأمسكته، تهلل وجهها عندما وجدتها أختها أسماء

 

أسماء حبيبتي، اتصلتِ في وقتك يا غالية يا بنت الغالية

 

هههه ازيك يا بيرو وحشتيني

 

والله انتِ أكتر يا أختي، ازي سمير والعيال؟

 

الحمدلله بخير، مرام  و ميار عاملين ايه؟

 

آآآخ عملهم أسود، هيشلوني يختي

 

ههه بعد الشر عليكِ. والله وحشوني العيال دول، هبقى اجي ازوركو وأعرف مزعلينك في ايه، بس أنا دلوقتي متصلة بخصوص سلمى اختك

اتسعت حدقتاها قلقاً:

 

مالها سلمى اختي بعد الشر؟

 

لا ما تتخضيش. أنا بس نفسي اجوزها لهشام ابن خالتك سميحة ومش عارفة اتلم عليه، فقلت اتصل بيكِ عشان تجيبيهولنا

 

هههه يعني أخطفه ولا اعمل ايه؟

 

انتِ هتهزي يا عبير! دانا عملت المستحيل عشان اجمعهم في يوم ومش عارفة، أول ما جه خدتها وروحت عند خالتك سميحة بحجة انها تساعدنا في الطبيخ، بس الموضوع قلب بغم، وخالتك طردتنا كلنا

 

قهقهت عبير حتى دمعت عيناها:

 

بقى خالتك سميحة طردتكو! والله خالتي سميحة دي عسل هههه انتو عملتولها ايه؟

 

يووو يا عبير، مش وقت حكاوي، قلت خلاص مش مهم عزومة خالتي، أخلي ماما تعزمه، اهو منها نغديه، ومنها يتكلم مع سلمى، يمكن يخلي في عينه حصوة ملح ويخطبها، يقوم الكهين يروح من غير معاد، وتكون سلمى مش هناك

 

هههه يا لهوي على حظك يا سلمى يا أختي!!

 

أنا بقى متصلة بيكِ عشان حظها يتعدل

 

ازاي يا أختي؟؟

 

بقول تخلي جوزك يعزم هشام عندكو، وابعتلك سلمى كأنها بتساعدك، يمكن هشام يخلي عنده دم ويخطبها

 

هههه والله كان على عيني يا أختي، بس جوزي فعلاً عزمه

 

ايه!!! يعني جه عندكو وما قولتيش يا عبير!!

 

لا، ده عدا على أشرف في معرض السيارات بتاعه عشان يسلم عليه، وأشرف حلف ليغديه، وبعت جابله كباب وكفتة واتغدوا سوا

 

زفرت أسماء، واستغفرت

 

أستغفر الله العظيم، هو موضوع خطوبته من سلمى معقرب كدة ليه!!

 

ههه اقولك على حاجة، اللي له نصيب في حاجة بياخدها يا أختي، من غير اللف والدوران والشيل والحط ووجع القلب اللي انتِ فيه ده

 

لوت أسماء شفتها وردت باستياء:

 

شكلك كدة مش شايلة هم سلمى

ازاي بقى!! طب دانا نفسي افرح بيها، بس أنا مش حاباها تتعلق بهشام ونعشمها انه هيخطبها، وفي الآخر يروح يخطب واحدة تانية، واختي تتقهر. ساعتها هتقهر على قهرتها أكتر من قهرتي من جوز الباردين اللي عندي

 

طيب يا عبير. هقفل معاكِ عشان اروح اشوف العيال غطسانين بيهببوا ايه

 

مش هشوفك عند ماما يوم الخميس؟

 

إن شاء الله هجيلكو

 

خلاص، أنا هعملك صينية الرقاق باللحمة المفرومة اللي بتحبيها واجيبهالك معايا

 

وجنبها بفتيك يا أختي الله يخليكِ

 

ههه من عنيا يا سمسم، سلام بقى عشان أشرف زمانه جاي

 

الله يسلمك يا حبيبتي

*************************************

 

 

فور عودتها، بشرت نعمة والدتها بخير، وأسرعت إلى غرفتها،وأغلقت الباب واختلت بالهاتف، وضغطت رقم صديقتها:

 

السلام عليكم يا نعمة

 

عليكم السلام يا رانيا، ايه بقى حكاية الشغل اللي لقيتهولي ده

 

ده يا ستي شغل في مدرسة انترناشونال

 

ايه!! يا حبييتي دول بيدرسوا بالانجليزي، وانا الانجليزي بتاعي منهار

 

لا ما هو مش مطلوب مدرسة مواد أساسية، المطلوب مدرسة موسيقى

 

مدرسة موسيقي!! هههه حد قالك إني حفيدة سيد درويش ولا بنت اخت ام كلثوم !!

 

ايوة يا نعمة بس صوتك حلو، فاكرة واحنا في ثانوي لما كنتِ بتغني في حصة الموسيقى؟؟

 

ايوة فاكرة، بس كنت بغني أغاني وطنية، وكمان كنا بنات مع بعض في الفصل ومن غير موسيقى

 

ما علينا يا ستي، دول أطفال في ابتدائي صبيان وبنات، يعني مش هتغني قدام رجالة ، وابقي غني يا ستي أغاني وطنية

 

لا برضو، الموسيقى حرام، وانتِ قلتِ عايزين مدرسة موسيقى

 

يووو يا نعمة! تعبتِ قلبي معاكِ. قلتلك غني من غير موسيقى، اتصرفي.. وبصراحة هما عايزين مدرسة موسيقى تحل محل مدرسة الموسيقى الإسبانية اللي كانوا متعاقدين معاها، بس حصل ظروف وأجلت نزولها مصر، ومديرة المدرسة عايزة تسد خانة العجز دي عشان أولياء الأمور ما يعملوش مشاكل

 

وانتِ عرفتِ منين بقى الكلام ده كله؟

 

أصل بنت خالة ماما بتشتغل فراشة في المدرسة، وسمعت كل الحوارات دي، فانا اتصلت بالمدرسة واتأكدت انهم عايزين مدرسة موسيقى. هي صحيح شغلانة مؤقتة، بس اهي حاجة تاخدي من وراها كام ألف يصحلوا حالك شوية

 

قالت نعمة بتردد:

 

... بس أنا خايفة أكون بعمل حاجة حرام، أنا عايزة فلوس من مصدر حلال

 

يييي هو انا قلتلك هتشتغلي في بار الخواجة يني!! قلتلك هتغني لشوية أطفال وهتاخدي مقابل، ولا عاجبك حالك ولفك ع الشغل والبهدلة اللي انتِ فيها دي!!

 

أطرقت نعمة تفكر هنيهة، ثم قالت:

 

خلاص، هقبل الوظيفة. بس لو لقيت بقى انهم هيصروا إني استخدم الموسيقى هسيب الشغل، وعوضي على الله

 

روحي بس وشوفي الدنيا فيها ايه، لو ما عجبكيش الحال يا ستي إبقي سيبي الشغلانة

 

طب اديني العنوان وقوليلي اروح امتى؟

 

من بكرة الساعة تسعة الصبح تروحي، بدل ما تتأخري وحد يلطش الشغلانة، المدرسة اسمها مدرسة كارمنيوس للغات

 

ايه! هي اسمها مكعبل كدة ليه!

 

سيبك من اسمها دلوقتي، بقولك ايه، اوعي تروحي بالهدوم المهلهلة بتاعتك، أوعي تزعلي مني، أنا أهم  حاجة عندي إنك تتقبلي في الوظيفة، ودي مدرسة انترناشونال، والمظهر عندهم مهم

 

طقطقت نعمة شفتها وقالت:

 

وانا اجيب هدوم مناسبة منين بقى!! داحنا يا دوب معانا تمن العيش والغموس

 

بقولك ايه اتصرفي يا نعمة، أنا والله يا حبيبتي لو عندي حاجة مناسبة كنت اديتهالك، كل اللي حيلتي طقمين ببدل فيهم انا واختي

 

عارفة يا حبيبتي، ربنا يصلح حالك وحالنا.. هحاول استلف هدوم مناسبة من بنات الجيران

 

ربنا يوفقك يا نعمة، لما ترجعي بكرة من المدرسة إن شاء الله اتصلي بيا طمنيني عملتِ ايه

 

ربنا ما يحرمنيش منك يا رانيا، شايلة همي وبتدوريلي على شغل بقلب صافي واخلاص

 

انتٍ اختي يا نعمة، ونفسي والله ربنا يصلح حالك

 

ربنا يخليكِ يا حبيبتي، مع السلامة

 

وضعت نعمة هاتفها الفقير جانباً، وأطرقت تفكر من أين تأتي بملابس مناسبة للوظيفة..تذكرتها فاتسعت حدقتاها فرحاً، أجل، هي هناء، انتفضت عن الفراش وهرعت إلى خارج الغرفة، وقالت لوالدتها مستبشرة:

 

ماما، الوظيفة اللي جابتهالي رانيا صاحبتي في مدرسة لغات، بس محتاجة هدوم عليها القيمة كدة عشان اروح بيها، هدومي مش هتنفع

 

يا دي البخت!!طب والحل ايه يا نعمة؟؟

 

هخطف رجلي لحد هناء، اجيب منها طقم حلوة كدة

 

شهقت والدتها وقالت متسعة الحدقتين:

تروحي فين!! هناء مين اللي تروحي تاخدي منها هدوم! يا بنتي هو احنا ناقصين نحس!!

 

يا ماما حرام تقولي كدة، وحرام والله الظلم اللي أهل الحارة ظالمينه لهناء ده، مالها يعني!! هو كل اللي يحصله مشكلة يقول هي السبب!!

 

بقولك ايه يا نعمة، لو عايزة حالك يتعدل ابعدي عن هناء. ماحدش بينجى من تحت ايديها

 

هزت نعمة رأسها حسرة على هناء وقالت:

مسكينة يا هناء يا حبيبتي! .. بس انا بقى يا ماما مصرة إني استلف منها طقم حلو اروح بيه المدرسة

 

طب ما تستلفي من نهى بنت ام نهى

 

اتكسف بصراحة، كفاية الفلوس اللي علينا لطنط ام نهى. أنا رايحة لهناء

 

روحي يا حبيبتي، روحي البسي هدومها عشان المرة دي البيت يقع بينا وترتاحي من التدوير ع الشغل

 

هههه عن إذنك يا ماما

 

اتفضلي.. سلم يا رب، سلم. الله يسامحك يا نعمة يا بنتي. مستعجلة على قضانا ليه بس!!

 

************************************

سمعت هناء ووالدتها الجرس أثناء تناولهما العشاء في الردهة والأجواء حولهما مظلمة إلا ضوء خافت ينبعث من الطرقة المؤدية للمطبخ، فأصابتهما الدهشة، فقالت هناء:

 

يكون مين يا ماما؟ ده العشا أذن، وبتوع الكهربا والمية زمانهم ناموا من بدري

 

انا عارفة يا بنتي! يمكن خالتك ام محمود نسيت تقولنا على بقيت طلبات الأسياد

 

يمكن الأسياد هما اللي بيخبطوا يا ماما

 

اتسعت حدقتا والدتها، وضعت يدها على صدرها وقالت بارتجاف:

بسم الله الرحمن الرحيم. ما ترعبنيش يا هناء اكتر ما انا مرعوبة

 

ليه يا ماما؟ هما الأسياد دول مش بني أدمين زينا؟

 

أخذت والدتها تتلفت حولها بعينين مرتعبتين، وتسمي الله بارتجاف وقد ازدردت ريقها:

بسم الله الرحمن الرحيم

لا يا هناء، دول بسم الله الرحمن الرحيم

الجن اللي بيشوفونا واحنا ما بنشوفهومش

 

انتفضت هناء عن مقعدها وجرت تشعل المصابيح وتصيح

 

يا مامااا، يا مامااااا

 

قالت والدتها مرتعشة:

 

ما تخافيش يا هناء

 

إذا كان انتِ مرعوبة يا ماما

 

لا يا حبيبتي مش مرعوبة، أنا بردانة، شغلي المروحة

 

يا ماما بردانة ازاي وعايزة المروحة!

 

يووو يا هناء، افتحي الباب وخلصيني

 

لا يا ست ماما، افتحي انتِ أنا خايفة

 

حاضر.. بسم الله الرحمن الرحيم

فتحت والدة هناء فرجة بسيطة من الباب، فأبصرت نعمة، فتنفست الصعداء وشرعت الباب على مصراعيه، ورحبت بنعمة بوجه شاحب:

 

ازيك يا نعمة يا حبيبتي، ايه المفاجأة الجميلة دي، اتفضلي

 

هه ازيك انتِ يا طنط، ربنا يخليكِ، انتو كنتوا نايمين ولا ايه! دانا كنت همشي

 

لالا صاحين يا حبيبتي، وكنا بنتعشى، اتفضلي، يا ألف خطوة عزيزة

 

شكراً يا طنط، اومال هناء فين؟

 

أنا اهو، ازيك يا نعمة، وحشتيني

 

وانتِ كمان والله!

 

نقلت نعمة النظر بين هناء ووالدتها المرتعبتان وقالت:

 

هو انتو مالكو في ايه؟ انتو عيانين بعد الشر؟

 

ردت والدة هناء:

 

لا يا حبيبتي مش عيانين ولا حاجة، بس كنا بنشوف فيلم رعب ودمنا نشف بعيد عنك

 

هههه وليه بس تشوفوا أفلام رعب يا طنط!! شوفوا حاجة كويسة، ولا اقولك، أدكروا الله

 

لا إله إلا الله يا بنتي. اسيبك مع هناء وادخل اعملكو حاجة تشربوها.. ولا تتعشي يا نعمة؟ الأكل محطوط اهو على الطرابيزة، سمي واقعدي كلي

 

ههه تسلمي يا طنط، شبعانة والله. أنا بس كنت عايزة هناء في خدمة

 

وماله يا حبيبتي، انتو اخوات.. هناء, شوفي اختك نعمة عايزة ايه. عن إذنكو هعملكو عصير

 

اتفضلي يا طنط.. ازيك يا هناء وحشتيني

 

لا أنا زعلانة منك يا نعمة، اقعدي الأول عشان أفش غلي منك

 

هههه والله وحشتيني يا هناء، بحب كلامك التلقائي اللي زي كلام العيال الصغيرين ده

 

اعمل ايه! ما هو الكبار مش بيصاحبوني ومش عارفة بيتكلموا ازاي

 

ههههه يا حبيبتي دي صحوبيتك شرف

 

ايوة ما انا عارفة، أهل الحارة بيقولولي... مش بتسألي عليا ليه يا نعمة بقالك كتير؟

 

والله غصب عني يا هناء، الظروف المادية صعبة قوي،  ومعاش بابا الله يرحمه مش بيكفي،وانتِ عارفة إن ندى اختي في ثانوية عامة وعايزة كتب وملازم، هي ربنا يكرمها مش بتاخد دروس عشان توفرلنا، بس برضو محتاجة أكل وشرب عشان تعيش هههه وعاطف طلباته كتير، عيل بقى ومش فاهم، غير إيجار البيت بتاع المعلمة جباير اللي ما بترحمش، وفواتير الكهربا والمية وطلبات البيت يااااه هم ربنا يعينا عليه، وكل يوم كنت اخرج الف على شغل لما كعوبي دابوا

 

يا نهار أبيض!! طيب ليه مش بتجيبي طنط واخواتك وتتغدوا معانا كل يوم؟ والله عندنا أكل كتير، واحنا اخوات ناكل مع بعض

 

ههه يا حبيبتي يا هناء! ربنا ما يحرمنيش منك. أنا اخيراً لقيت شغل الحمدلله، بس قالولي عشان اتقبل لازم يكون مظهري كويس، وانا مظهري زي ما انتِ شايفة كدة، لو شافوني هيعملولي محضر تسول هههه

 

لا ما تقوليش كدة. الناس مش بهدومها، الناس بقلوبها

 

هههه ده عند الناس الطيبين اللي زيك يا هناء. تعالي شوفي نظرات الازدراء اللي بشوفها لما ادخل مكان اسأل على شغل ههه بتبهدل والله

 

ربنا يسامحهم الناس والله.. أنا زعلانة منهم كلهم

 

ربنا يصلح حال الجميع.. أنا كنت عايزة منك خدمة يا هناء

 

أؤمريني يا نعمة

 

تسلمي يارب.. آآآ كنت عايزة طقم خروج حلو كدة من بتوعك عشان اروح بيه المقابلة بكرة

 

تحت امرك، خديهم كلهم، أنا مش بخرج أصلاً ولا عايزة اخرج

 

ربنا يهنيكِ بيهم يا حبيبتي. كفاية طقم واحد وهرجعهولك

 

... انتِ مش خايفة يا نعمة تلبسي هدومي وتبقي زيي؟؟

 

بس بلاش كلام فارغ. وانتِ فيكِ ايه يعني!!

 

مش بيقولوا عليا نحس!!

 

دول ناس عندهم نقص إيمان للأسف. وبدل ما يحلوا مشاكلهم، بيرموا الأسباب على غيرهم.

 

يعني انا ماليش ذنب يا نعمة؟

 

لا يا حبيبتي مالكيش أي ذنب

 

ههه أنا بحبك قوي يا نعمة

 

وانا والله بحبك وبدعيلك بالزوج الصالح وربنا يستجيب إن شاء الله

 

يارب يا نعمة، عشان ماما زعلانة قوي

 

ربنا يفرح قلبك وقلبها يارب

 

يارب، تعالي معايا نقي اللي انتِ عايزاه من دولابي

 

طيب، يلا

 

جاءت والدة هناء تحمل صينية العصير وقالت:

 

على فين يا بنات، جيبتلكو العصير

 

هاتيه يا ماما، هنشربه في أوضتي

 

اتفضلوا يا حبيبتي

*************************************

على العشاء اجتمعت عبير وزوجها على المائدة، فطفقت تقص عليه ما حدث من بنتيها:

 

يعني انت يرضيك اللي بيعملوه فيا بناتك ده يا أشرف!!

 

رد وهو يفترس هبرة من اللحم

 

انتِ اللي دلعتيهم يا عبير، ناوليني طبق الكفتة ده

 

اتفضل يا حبيبي، بس سيبلي صباعين

 

هحاول، يا ما قلتلك يا عبير ما تدلعيش البنات، وقفيهم معاكِ في المطبخ يا عبير، لكن انتِ كنتِ بتقولي لسة صغيرين، اغرفيلي شوية رز كمان

 

اتفضل يا حبيبي، ألف هنا، الحلة فضيت/ صحتين على قلبك

 

تعيشي، فاللي بيحصل من البنات دلوقتي هو نتيجة دلعك يا عبير، أمي كانت بتقولك دايماً هاتي كرسي خشب صغير ووقفي البت من دول ع الحوض تغسل المواعين حتى لو مش هتنضفها، وهتنضفي وراها، بس برضو اسمك عودتيهم يساعدوكي، احدفيلي رغيف اغمس بيه شوية الطبيخ اللي زي العسل دول

 

 

 

اتفضل يا حبيبي مطرح ما يسري يمري.. ما هم كانوا بيصعبوا عليا يا أشرف، كانوا صغننين قوي زي القطط، وايديهم صغنونة يدوب تمسك عروسة لعبة، اقوم اوقفهم على كرسي واخليهم يغسلوا المواعين! قلبي ما طاوعنيش

 

أهم كبروا يختي، اشربي بقى نتيجة دلعك.. هما ما جاوش اتعشوا معانا ليه صحيح؟

 

مش عايزين ياكلوا طبيخ يا سيدي، بعتوا جابوا شاورما

 

شاورما! حد يسيب الأكل اللي زي العسل ده وياكل شاورما!! تسلم ايدك يا عبّور، بس مش شايفة انك كلتِ كتير قوي؟

 

أنا!!!!

 

اومال امي!! خفي أكل شوية يا عبير، وزنك زاد قوي، حصليني بطبق البطاطس المحمرة وكوباية الشاي ع الانتريه على ما اشغل الماتش

حاضر يا حبيبي، بس حاسب كرشك يخبط في الشفونيرة

 

 

 

 

 

***************************************

 

في اليوم التالي، وعلى حسب موعدهما، التقى الدكتور هشام بابن خالته المهندس طارق، الذي عثر له على شقة للإيجار في عطفة الطرابيشي لتحويلها عيادة.. انتظرهما صاحب الشقة في الردهة حتى يفرغا من المعاينة.. وبالأخير خرج الدكتور هشام وخلفه ابن خالته وقال بارتياح للرجل:

 

بصراحة الشقة ممتازة، وتنفع عيادة هايلة يا حاج محمد

 

رد الرجل بلطف:

 

ربنا يجعلها فتحة خير عليك يا دكتور هشام

 

اللهم آمين

 

هنكتب العقد امتى يا ابني؟

 

بكرة إن شاء الله، بعد ما اخلص شغلي في المستشفى، هجيب المهندس طارق ونجيلك ومعانا قيمة الإيجار، وتكون انت جهزت العقد يا حاج

 

طيب والتأمين يا ابني؟

 

رد المهندس طارق عن ابن خالته:

 

ولزومه ايه التأمين يا حاج محمد! ههه هو احنا غُرب! دانت أعز حبايب والدي الله يرحمه

 

رحمة الله عليك يا أستاذ جمعة. كان أعز الحبايب. يا ما اتجمعنا في الخير والمعروف

 

رد المهندس طارق ضاحكاً:

 

يبقى تكرمنا عشانه بقى

 

خلاص يا باشمهندس طارق. مش هاخد تأمين عشان خاطر والدك الله يرحمه، وعشان انت والدكتور هشام ولاد أصول ومحترمين

 

شكره الدكتور هشام:

 

ربنا يخليك يا حاج محمد. ده من ذوقك.. نتوكل على الله ونمضي العقد بكرة إن شاء الله، عشان ألحق اجهز العيادة

 

على خيرة الله يا ابني.

 

***********************************

نزلا إلى العطفة، وأثناء السير، لمح المهندس طارق، ورشة للنقش على مصنوعات النحاس، فتوقف أمامها وتذكر الحاج شافعي جد نهى لوالدتها، وصديق الحاج خضر والدها وشرد فيما سردت والدته على مسامعه من أسرار الحارة وظلم المعلم عدوي ، بينما  تنسم الدكتور هشام عبير الماضي وهو يرقب الرجل الذي ينقش باحترافية بالغة وكأنه رسام يبدع لوحة زيتية.. استدار الدكتور هشام إلى المهندس طارق وقال يخرجه عن شروده:

 

واضح انك معجب زيي بنقاش النحاس وسرحت فيه

 

هه لا والله أنا سرحت في حكاية حكتهالي أمي عن نقاش نحاس، عاش هنا في عطفة الطرابيشي

 

لمعت عينا هشام وقال بشغف العاشق لسبر أغوار ماضي الحارة:

 

ايه حكاية نقاش النحاس ده؟

 

بعدين احكيهالك.. أصلها حكاية طويلة.. بس اللي أقدر اقوله إنه يبقى جد نهى لوالدتها

 

هه نهى! صحيح ما قلتليش، ليه ما خطبتهاش لحد دلوقتي؟

 

إن شاء الله يوم الجمعة أمي رايحة لخالتي أم نهى عشان تفاتحها في الموضوع

 

يعني حددتوا معاد مع خالتي ام نهى؟

 

ايوة، عديت عليها  في الدكان امبارح وانا راجع من الشغل وقلتلها، وبصراحة رحبت وقالت هنكون في انتظار والدتك أنا وخالات نهى

 

طيب خير إن شاء الله

 

وانت مش ناوي تخطب يا هشام؟؟

 

أطرق هشام قليلاً، ثم قال:

 

والله يا طارق إنت أول واحد اتكلم معاه في الموضوع ده.. بالفعل في انسانة مرتاحلها جداً، وبفكر جدياً إني أخطبها

 

هه ودي مين بقى يا دكتور؟

 

.... هناء جارتنا

 

بدت علامات الدهشة على وجه المهندس طارق وقال:

 

هناء!!

 

ايه المدهش في الأمر؟

 

الحقيقة اللي أثار دهشتي، هو إنك عارف الناس بتقول عليها ايه

 

وانت بتعتقد في الخرافات دي يا باشمهندس!!

 

لا طبعاً يا دكتور. الدهشة انتابتني بس بسبب الكلام الشائع عنها، لكن أنا بشجعك إنك تقدم على الخطوة دي، مهما كان رأي الناس، مع إني عارف إن خالتي سميحة هتعلن الحرب عليك وهتستعدي عليك العيلة كلها هههه

 

 

مهما كان موقف أمي، مش هتراجع..أنا مقتنع بهناء جدا،  إنسانة متعلمة ومهذبة، ومن بيت طيب، متدينة وعلى خلق..ودي المواصفات اللي عايزها في الإنسانة اللي هتشاركني حياتي إن شاء الله

 

طيب ونويت على امتى يا هشام؟

 

مستني بس أخلص تجهيزات العيادة، وبعدين افوق لخطوبتي من هناء

 

ههه شكلك داخل على معركة حامية الوطيس، ربنا معاك يا صديقي

 

********************************************

 

توقف قطار الفقراء القادم من أقاصي الصعيد، بدأ الناس ينزلون حاملين أمتعتهم، ومن بينهم هذا الشاب الثلاثيني القوي البنية ذو البشرة السمراء، كان يرتدي جلباباً فضفاضاً، ومعتمراً عمة فوق رأسه، ويحمل بؤجته خلف ظهره.. أخذ يتفرس في الجموع المنتظرة على الأرصفة، والمسافرين الغادين والرائحين. الفقراء والأغنياء والكبار والصغار بصحبة أبائهم. وأصوات القطارات العالية المزعجة هي السيد في هذا المكان.. وقف يتلفت ذاهلاً وينظر إلى تلك الأعداد الرهيبة من البشر وغمغم قائلاً:

 

يا بوووي! كل دي خلج!! هتروح وين وسط الخلج دي كلاتها يا عنتر!!

 

مضى ببؤجته يطالع وجوه الناس وعمال المحطة الذي يجرون أمتعة المسافرين على عربات اليد، وعمال النظافة الذين يكنسون، وصوت مذيع المحطة الذي يعلن عن أرقام القطارات وموعد مغادرتها أو قدومها إلى المحطة.. وسط هذا الضجيج والصخب، عمد إلى أحد الأكشاك المصطفة على الأرصفة لبيع المأكولات والمشروبات للمسافرين، سأل صاحب الكشك:

 

نروحوا كيف لحارة الموعودين يا ابو عمو؟

 

هه حارة الموعودين! هي ناقصة ناس، ياعم ارجع الصعيد

 

يا ابو عمو دلني نروحوها كيف، وربك هو الرزاق

 

ونعم بالله.. شوف يا سيدي، اخرج برا المحطة، هتلاقي برا مليون مواصلة مكتوب عليها حارة الموعودين، نط في أي حاجة منها هتلاقي نفسك في الحارة

 

الله يجازيك خير يا ابو عمو

 

ويجازيك خير وتلاقيلك شغلانة يا ابو خالو هههههه

 

وبعد ساعة وأكثر من بحثه عن حافلة تقله، بلغ مراده ووصل إلى حارة الموعودين.. وقف على ناصيتها يتأمل كل ما بدا منها من محال ودكاكين وبشر، خطى أولى خطواته في الحارة متوكلاً على الله:

 

توكلنا عليك يا كريم

 

شق طريقه داخل الحارة، واستوقف أحد المارة يسأله:

 

وين وكالة المعلم عدوي يا ابو عمو؟

 

وكالة المعلم عدوي! انت عايز حاجة من هناك؟

 

أي نعم، واد عمي عم يشتغل هناك، همام واد دهشور. بوي جالي روح لهمام واد عمك وهو هيدبرلك شغل وسكن عاد

 

أه، طيب هتمشي لآخر الحارة لا تحود شمال ولا يمين، هتلاقي الوكالة في وشك ومكتوب عليها بالبنط العريض، وكالة المعلم عدوي، مش بتعرف تقرا برضو يا بليدينا؟

 

أي نعم، انا معاي دابلوم زراعة

 

نشرفنا، أي خدمة تاني؟

 

متشكرين يا ابو عمو

 

العفو، نورت حارة الموعودين

 

اتخذ طريقه إلى وكالة المعلم عدوي، حاملاً بؤجته خلف ظهره.. ترى  ما الذي تخبئه لك الأقدار يا عنتر!!

 

***********************************************

 

إلى هنا انتهت حلقتنا لهذا اليوم

 

نلتقي مع أبطالنا بعد رمضان المبارك وعيد الفطر إن شاء الله ، أعادهما الله علينا وعليكم وعلى الأمة الإسلامية بالخير واليمن والبركات

 

كل عام وأنتم بكل الخير

 

تحياتي لكم

 

هبة نور

 

 

 

 

تعليقات

  1. كل عام وانت بخير حال يا حبيبتي
    ويارب من المعتوقين رقابهم من النار
    مقدرتش انام الا لما اقرا الحلقة
    جميلة زي كل اللي فاتوا
    عجبني نعمة جدا وحسن توكلها على الله والست صاحبة المحل
    فعلا ذكر الله افضل حل لتفريج الكروب
    عبير عسولة وبناتها شبه بناتنا للاسف وناتج دلعنا فيهم ربنا يهديهمكلهم
    سوكا بقت تخوف يا ترى هتعمل اية فالدكتورة ربنا يستر من الناس اللي ما بتخاف من ربنا دية
    اخيرا هشام هيدخل الحرب مع مامته وربنا يستر
    الست جابتله حدوة حصان عشان تمنع نحس هناء راح يجبلها هناء معاها😅

    ردحذف
  2. كل عام وانت بخير يا حبيبتي ويزيدك من فضله وتحققي كل اللي نفسك فيه يارب

    ردحذف
  3. كل سنة وانتى طيبة وبخير يا هبة ... رمضان كريم عليكى وعلينا كلنا
    حلقة انهارده هايله بجد تسلم ايدكى 👏👏👏

    عجبنى اوى تناولك لموضوع الدجل والشعوذه وازاى ناس كتير بسيطه بتعول عليهم كل خطوة فى حياتهم من غير ما يدركوا ان ده شرك والعياذ بالله 😢

    وبحب اوى خفة دمك فى المشاهد الكوميديه وبطلتها انهارده عبير واسرتها 😂

    كنت فاكرة هشام هيخطب نعمة بس طلع لهناء بطيبة قلبها لها أحلى نصيب 💖

    اما نعمة فأتمنى تفضل تتقى الله فى نفسها وترفض وظيفة مدرسة الموسيقى وتفوض امرها لله

    مستنيه كمان اشوف سوكا ناويه على ايه مع شحته وملك 💔

    تحياتى
    ولاء القوصى

    ردحذف
  4. سلمت يمينك يا هبه
    مبارك عليكم الشهر ذوكل عام وانتم بخير
    جوجو

    ردحذف
  5. مبارك عليكم الشهر
    كل عام وانتم بخير
    رمضان مبارك
    تسلم ايدك يا قمر
    ربنا يكفينا شر الشرك و أهله
    Wafaa ali

    ردحذف
  6. الحلقة حلوة اوى اوى اوى صراحة تحفة تستاهل المتابعه والأحداث بجد كاننا معاهم( بسملة)

    ردحذف
  7. شهادتنا مجروحة فى كتاباتك الجميلة صراحه بنستنا الحلقة بفارغ الصبر (بسملة ) ❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

    ردحذف
  8. سبحان الله و بحمده اللهم صلي على محمد جميله جدا الحلقه يا كاتبة الغاليه 💖💖💖💖😘 لولو

    ردحذف
  9. يانهار ابيض ع الجمال ياناس
    طيب احب كتاباتك ايه اكتر من كدة ؟
    السؤال الصح ، ياترى مخبيلنا ايه ايتها المرأة الغامضة 🤔
    -------------------------
    هو انا لو قلت ان هناء صعبت عليا جدا وكنت هعيط علشانها هتصدقيني 😢
    ليه حارة الموعودين فيهم ناس وحشين قوي كدة ، والله يستاهلوا عمايل عدوي وجباير فيهم
    خطوة جريئة يادكتور هشام والله امك هتموت بحسرتها 😃😂
    وهيتهموا هناء المسكينة فيها
    جميلة هناء وغلبانة ويارب تكون من نصيبه 🥺

    البت سوكا يارب تتسكِ ع دماغك يابعيدة عايزة تتجوزي الراجل غصب 🙄
    ياترى هتعملي ايه ف ملك يامفترية 😣
    اد ايه جباير قلبها طيوب وحنين ومش رضيت تضغط على شحته اكتر من كدة وتجوزه سوكا ، الواحد احتار من حنانك وقلبك الطيب ياجبورة 😂😂

    ميسون مادية وخايفة تقع وماحدش يسمي عليها 🙄

    مش عاجبني تخطيط أسماء لجواز اختها من هشام
    هتكسري قلبك اختك ياحزينة
    اشرف زوج مصري أصيل
    حاسب وانت معدي كرشك يخبط ف الشيفونيره 😂😂😂😂

    تسلم ايدك يا استاذة هوبة ابدعتي ❤️❤️❤️❤️❤️

    ردحذف
  10. كل سنة وأنت بألف صحة وعافية ورمضان مبارك علينا وعلى الأمة الاسلامية
    الرواية ماشاء الله طويلة ومشبعة 😁
    أعجبني تصرف المرأة في معاملة نعمة وان شاء الله تلاقي شغلانة أحسن من الاولى
    بالنسبة لهناء فياريت تتراجع عن الزار ده وماتعملشي حاجة حرام عشان ربي يرزقها ان شاء الله ويفرج عنها بكثرة الدعاء
    عبير البطلة الفرفوشة بتاع الرواية 😁وفعلا زوجها عنده حق فالبنات لازم تعوديهم على الشغل منذ الصغر عشان لما يكبروا يساعدوكي من غير ماتطلب حتى 👍🏻 وحتى الجوال مفيش حرية مطلقة يشاهدوا أي شيء وهذه مهمة الوالدين ضروري تكون مراقبة وشوية حزم في هذا الموضوع فنحن مسؤولون عنهم وسنسأل عليهم يوم القيامة
    ياترى عنتر ده ايه حكايته وما الدور الذي سيكون عليه أهو شر أم خير؟ ننتظر ونشوف
    اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى ٱله وصحبه أجمعين❤️

    ردحذف
  11. حلقة جميلة جدا كالعادة وكل عام وانتي بخير وصحة وسلامة ❤️❤️ هستني الحلقة الجديدة بفارغ الصبر

    ردحذف
  12. كل عام وانتي بخير وصحة وسعادة وسلامة يا مبدعة
    جميلة جدا جدا
    ربنا يجعله رمضان مبارك علينا جميعا يا رب
    في انتظارك ان شاء الله

    ردحذف
  13. جزاك الله خيراً حلقة جميلة جداً

    ردحذف
  14. كل عام وانتي بكل خير

    ردحذف
  15. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    🌷كل سنة وحضرتك وكل قراء المدونة الجميلة بخير وصحة وسعادة يارب 🌷

    الحلقة طبعاً جميلة جداً ورائعة... والكوميديا منك زي العسل والله😂
    في أول حلقة توقعت إن هشام يخطب هناء.. ولما ظهرت نعمة حولت العطا عليها... دلوقتي رجعت هناء تاني؟؟
    يا ترى مخبية إيه لسة يا جميل
    دايماً تضربي بتوقعاتنا عرض الحائط والسور كدة؟؟
    خايفين على الباشمهندس شحتة والدكتورة ملك من سوكا المؤذية دي.. دي لعنة وحب تملك مش حب طاهر أبداً.. الجهل وقلة الدين بيوصلوا الإنسان لأكتر من كدة
    منتظرين الحلقات الجاية على شوق علشان نعرف الحرب اللي هتقوم بين الدكتور هشام وامه هترسى على إيه

    💓دُمتِ مُبدعة 💓

    ردحذف
  16. عيد فطر مبارك
    متشوقين للحلقات

    ردحذف
  17. جميلة جدا كالعادة وكل عام وانتي بخير وصحة وسلامة ❤️❤️ هستني الحلقة الجديدة بفارغ الصبر
    وعيد مبارك علي كل اعضاء المدونه

    ردحذف
  18. Smsma mohamed
    تسلم ايدك حبيبتي مبدعه كالعاده
    وف انتظار باقى ابداعاتك💓💓

    ردحذف
  19. هل في حلقات ياهوبه
    انا هبه اسيوط

    ردحذف
  20. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    كل سنة وانتو طيبين صاحبة المدونة و أهالي المدونة الكرام 💓
    هي حارة الموعودين دي منحوسة بجد ولا إيه؟؟
    إحنا فكرنا انك هتتخلصي من فكرة النحس المسيطرة على الناس يا أستاذة هوبا تقومي توقفي فيها كتابة تاني علشان نشعر إنها إسم على مسمى😂
    غيري فكرتنا عن نحس الحارة واكتبي تاني الله يسعدك ده احنا كنا اتعلقنا بيها
    ينفع كدة تشعبطينا وتهلي بينا؟؟ 😕

    ردحذف
  21. عايزين الحلقه ياهوبا

    ردحذف
  22. سلمت يداكي يامبدعة قمة في الجمال والروعة
    جزاكى الله خيرا غاليتي وبارك فيكي ورزقك سعادة الدارين
    نور الحق

    ردحذف
  23. جزاك الله خيرا
    تسلم ايدك
    الحلقة رائعة اللهم بارك

    ردحذف

إرسال تعليق