حارة الموعودين( الثالثة عشر)

 


هرع الدكتور هشام إلى منزل خالته لطيفة، ليعلن للجميع خبر خطوبته لهناء، قرع الجرس، فتسترت سلمى وفتحت الباب، خجلت وارتبكت حين رأته، فقالت

 

دكتور هشام!

 

تبسم وقال خافضاً بصره:

 

ازيك يا سلمى

 

زادت خجلاً، فصفعت الباب في وجهه من فرط ارتباكها، فضحك، وعادت تفتحه معتذرة:

 

أنا اسفة والله، ما اقصدش، آآ اتفضل، اتفضل، خالتي سميحة مع ماما وخالتي نادية بيتفرجوا على المسلسل وبياكلوا بسبوسة، اتفضل

 

متشكر

 

دلف إلى غرفة الجلوس، فوجد خالته لطيفة تنهش في بواقي صينية البسبوسة، وأمه ممددة على إحدى الأرائك تتابع مسلسل تليفزيوني، وفي المقعد المجاور لها أختها نادية تلصق بصرها مشدوهة بالتلفاز وتقزقز اللب، فتبسم لمنظرهن، وألقى السلام:

 

السلام عليكم يا جماعة الخير

انتبهن لدخوله، ورددن التحية متهللات:

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

ازيك يا خالتي نادية وازي عمي حمدي والولاد؟

 

كلهم كويسين ما عادا باسم اللي مطلع عيني

 

هه ربنا يهديه

 

أشارت له خالته لطيفة:

 

تعالى كل بسبوسة يا هشام، في حتة فاضلة في الصينية، من نصيبك بقى

 

عاتبها برفق:

 

ايه ده يا خالتي لطيفة! تاكلي صينية بسبوسة لوحدك! معقول كدة!

 

لوحدي ازاي يا حبيبي! أمك وخالتك نادية وسلمى كلوا معايا

 

اعتدلت والدته جالسة، نظرت إلى أختها لطيفة وهزت رأسها وتنهدت، وقالت:

 

الله وكيلك يا هشام يا ابني، أنا خدت حتة وخالتك نادية حتة، وسلمى ما كملتش الحتة بتاعتها، وخالتك لطيفة قامت بالواجب مع باقي الصينية

 

ردت خالته لطيفة بضيق:

 

الله أكبر، اكفينا شر العين واللقمة المنظورة يارب. شايفاني واكلة عجل لوحدي يا سميحة! ما كانتش صينية بسبوسة اللي هتبصيلي فيها دي يختي. الله يرحمك يا امّا، كانت تقول اللقمة المنظورة لا تسري ولا تمري

 

ضحك هشام وقال لخالته:

 

أمي ما تقصدش يا خالتي، هي بس خايفة عليكِ. فعلاً الحلويات والدهون بالكميات الكبيرة هتأثر على قلبك وشراينك

 

أنا شرايني زي الفل، اتفلحوا في شراينكو انتوا

 

نادت على سلمى:

 

يا سلمى، هاتي غدا للدكتور هشام

 

حاضر يا ماما

 

لا متشكر يا خالتي، أنا كنت جاي أقولكو على خبر يفرحكوا

 

انتهبت الشقيقات، وأتت سلمى من المطبخ مسرعة، وتوارت في الطرقة، وألقت بمسامعها خارجاً، وقالت والدته:

 

خير يا حبيبي فرحنا

 

تبسم هشام ابتسامة عريضة وقال:

 

أنا قررت أخطب هناء جارتنا

 

صرخت الأم والخالات:

 

يا لهووووي

 

دمعت عينا سلمى، وهرعت إلى غرفتها تبكي، وانقضت عليه والدته:

 

ايه اللي بتقوله ده يا هشام! انت اتصابت في نفوخك! ولا يكون العفاريت اللي في الزار خرجوا من عند ام هناء ونزلولك تحت لبسوك!!

 

أولاً الزار ما اتعملش لإني طلعت عند خالتي ام هناء و طردت كودية الزار واللي معاها

 

وانت مالك انت! ايش دخلك انت! ايش حشرك انت!! وايه يطلعك عند الملبوسة بنت الملبوسين دي!!

 

يا أمي كان لازم أعمل كدة، أنا بحب هناء من زمان وعايز اتجوزها

 

اتسعت حدقتا والدته وأخذت تنظر إليه كمن طاش عقله وتحرك سبابتها يمنة ويسرة وتهز رأسها وتقول:

 

لا، لا أكيد أم هناء عملتلك عمل، أنا مديش عقلي لغيري. أنا سايباك بعقلك وزي الفل، أغيب يومين عن البيت تنصاب في نفوخك وتيجي تقولي هتجوز هناء!! انت عارف يعني ايه تتجوز هناء! يعني هتعدم امك عن قريب وتتيتم وتترفد من الشغل وتصيع في الشوارع، عشان أنا هموت مش راضية عنك

 

يا امي بعد الشر عليكِ، ربنا يديكِ طولة العمر

 

طولة عمر منين! وانت يعني اهبل ومش عارف إن اللي يخطب هناء أمه بتموت ليلة الخطوبة! اهئ اهئئئ الله يسامحك يا هشام، وأنا اللي كنت فاكراك بتحبني، بقى عايز تخلص مني يا ابني! ليه يا ابني! أنا عملتلك ايه! وأنا اللي كنت مستعجلة، واقول امتى ابني يرجع من امريكا! أتاريني كنت مستعجلة على قضايا اهئ اهئئئ يا حسرة قلبي على شبابي يا أماّ.. أتاريني بقالي تلات تيام أحلم بامي، وأقول هي مالها بتجيلي كل يوم ليه، أتاريها جاية تاخدني اهئ اهئئئئئئ

 

ربت على كتف والدته، وقال:

 

كفاية عياط بقى يا أمي، خلينا نتفاهم بالعقل

 

أطاحت بيده وصاحت به:

 

عقل ايه! انت خليت فيا عقل! دانا هتصل بابوك يجي هنا يشوفلك صرفة، تليفوني فين يا ولاد!

 

ابويا عارف من ساعة ما رجعت من أمريكا

 

شهقت وضربت على صدرها:

 

يا لهوي! بقى صادق عارف وساكت!! بقى كدة يا صادق!! وانا اللي بحبك وأقول عليك راجل طيب وعشرة عمري الغالية، وانت عايز تخلص مني وتجيب أجلي! طبعاااً، ما هو عشان الجو يخلاله ويتجوز بهية بنت خالته، ما هي جوزها مات والجو خليله، وبكرة يدفني ويعيد الذي مضى مع ام الخلول، قال يا مآمنة للرجال يا مآمنة للمية في الغربال

 

يا أمي ايه اللي بتقوليه ده بس! أبويا ما قالش عشان أنا اللي طلبت منه كدة، وقالي ما تعملش أي حاجة من غير رضا امك

 

تبسمت وقالت:

 

يا حبيبي يا صادق، يا أصيل يا طيب يا ابن الناس الطيبين، أنا ظني فيك ما يخيبش أبداً يا غالي

 

استدارت لهشام تبرق وترعد:

 

أنا بقى مش موافقة، وابوك قالك ما تعملش حاجة من غير رضا امك. انسى الموضوع ده خالص يا هشام لو باقي على امك وعلى حياتها. اذا كنت بقى يا ابني مش فارقة معاك وعايز تخلص مني روح اتجوز هناء

 

يا أمي أنا مش فاهم ايه دخل هناء بحياتك!!

 

نظرت إلى شقيقتيها وقالت:

 

طب حد يرد عليه يا جماعة عشان أنا كلامي بيقف في زوره ومش فاهمني

 

قالت خالته نادية:

 

يا هشام يا ابن اختي اسمع كلام امك، البت اللي اسمها هناء دي نحس، نحس، ما فيش حد خطبها إلا وامه ماتت يوم الخطوبة

 

داهمت خالته لطيفة آلاماً مفاجئة في القلب وسقطت على الأرض صارخة:

 

آآآه قلبي، قلبي، هموت، قلبي هيموتني الحقوني

 

هرع الجميع صوبها، وبكت أختها نادية:

 

أبلة لطيفة، مالك يا أبلة؟

 

أخذت أم هشام تهزها وتقول:

 

ايه اللي جرالك يا لطيفة! كنتِ زي الوردة المفتحة وسط صينية البسبوسة  يختي، نحس مين وصابك يختي! هتسبقيني وتروحي لامك بدالي ولا ايه!!

 

ردت لطيفة بصوت متحشرج:

 

أنا فداكِ يختي، وحسبي الله ونعم الوكيل في ابنك

 

ما تخافيش يا لطيفة، هتقومي منها يختي بإذن الله، عفريت النحس اللي على هناء، بيصيب أم العريس مش خالته:

 

يمكن العفريت جاله حول المرة دي يا سميحة

 

لا يا حبيبتي ما تخافيش ولا تبشري على نفسك، وربنا ينجينا جميعاً من هشام وعمايل هشام اللي عايز يشحن امه وخالاته ع الآخرة ويفضى لوش النحس

 

جاءت سلمى من غرفتها مسرعة تصرخ وانكفأت على والدتها باكية تقول:

 

مالك يا ماما يا حبيبتي

 

هتوحشيني يا سلمي، سلميلي على اخواتك وقوليلهم هشام ما يمشيش في جنازتي

 

انكبت سلمى على صدرها تبكي وتقول:

 

بعد الشر عليكِ يا ماما يا حبيبتي، أنا ما اقدرش أعيش من غيرك

 

صاح بهم هشام ضائقاً:

 

وسعوا يا جماعة، وسعوا خلوني اشوف مالها

 

جلس على ركبتيه وأمسك بمعصمها يتحسس النبض، وقال:

 

حاسة يإيه يا خالتي لطيفة:

 

حاسة روحي بتطلع وقلبي بيرفرف، ان شالله تكون مبسوط انت وعروستك يا ابن اختي

 

زفر وقام عنها، وقال:

 

أنا هطلب الإسعاف حالاً، نبضها مش منتظم

 

أخذت والدته تولول وتخبط على فخذيها:

 

طبعاً مش منتظم، ولا حاجة هتنتظم في الدنيا تاني من تحت راس الجوازة دي. منك لله يا هناء يا وش النحس، اهو سرك الباتع نزل على اختي خلاها تفرفر، وشكلنا هنفرفر واحدة ورا التانية. حسبي الله ونعم الوكيل

 

طلب الإسعاف وعاد يقول:

 

يا أمي أنا مش فاهم ايه علاقة هناء بللي حصل لخالتي! خالتي كلت كمية أكل وحلويات كبيرة جداً زي عادتها، ودي نتيجة طبيعية

 

اديك قولت، زي عادتها، خالتك لطيفة طول عمرها عبارة عن كرش وطلعله بني أدمة، طول عمرها بتاكل وتلهط حلو وحادق ومقلي ومشوي ومحمر وعمر ما جرالها حاجة، اشمعنى بقى يجرالها ده كله يوم ما تسمع بخطوبتك لهناء! يا اخواتي لو ما كانش ده نحس، نسميه ايه!!

 

تنهد وهز رأسه بحسرة من مقالها، وقال لسلمى وخالته نادية:

 

من فضلكوا لبسوها عباية بكم وغطوا شعرها عشان الإسعاف هتيجي تشيلها

 

صرخن باكيات جميعاً، وقالت ام هشام

حبيبتي يختي، كان مستخبيلك فين يا بنت امي وابويا!! منك لله يا هناء، منك لله يا بعيدة.. بس أنا مش هسكت، مش هسكت والجوازة دي مش هتتم إلا على جثتي

 

******************************************

 

في الصباح، أخذ عنتر عربة الفول ذات العجلات، ليبدأ يومه الأول كبائع فول في حارة الموعودين.. أخذ يدفع العربة فوق الأرض غير المستوية، فترتطم العجلات بالحصى والأحجار الصغيرة. وصوت احتكاك العجلات بالأرض يحدث جلبة السعي على الأرزاق..  اتجه بها إلى ورشة عم صادق النجار لغرض في نفسه.. حين اقتربت العربة، انتبه عم صادق لجلبة العجلات، فنظر حيث الصوت المنبعث، فإذ به يرى عنتر، فتبسم.. أوقف عنتر العربة وحياه:

 

السلام عليكم يا عم صادج

 

عليكم السلام ورحمة الله يا ابني.. نازل متأخر ليه كدة! دي الساعة عدت تمانية والموظفين راحوا أشغالهم والعيال راحوا المدارس. كدة خسرت زباين من أول يوم ههه

 

غصب عني والله يا عم صادح, لساها برديك الحكاية ملخفنة. طول الليل عم أطيب الفول واحبشه ، واجهز جزايز الزيت والدجة والمخللات، يا بووووي شغلانة ما يعلم بيها إلا ربنا. وتو ما خلصت عبيته في الجدرة ونزلت بيها طوالي، عديت على فرن العيش وجبت منيهم العيش اللي ربنا قسم لي بيه، وجولت اعدي عليك عشان اديك حساب العربية اللي ما حاسبتنيش عليه.. بجى كديه يا عم صادج! ليه ما نادتش عليّ وجولتلي وينه حساب العربية لما استلمتها منيك؟ وربنا آنا الفرحة بالعربية نستني اعطيك حجك

 

هه الحق عند ولاد الأصول ما يضيعش يا عنتر يا ابني, وانت ابن حلال، ونظرتي فيك ما تخيببش

 

ربنا يكرم أصلك يا عم صادج. الحساب كام عاد

 

اللي تدفعه يا ابني

 

تعجب عنتر:

 

اللي ادفعه كيف يعني! جول رايد كام يا عم صادج

 

قولتلك اللي تدفعه، ولو عايز تأجل الدفع لحد ما ربنا يفتحها عليك، ماشي، أنا مش مستعجل

 

تبسم عنتر وقال:

 

بوي طول عمره يجول، الحق ما يرتاح غير عند اصحابه.. عشان كديه هجدر حجك ولو بخستك سامحني

 

أخرج عنتر محفظته من جلبابه، وسحب منها الف من الجنيهات، وأعطاها لعم صادق على استحياء وقال:

 

اتفضل يا عم صادج. دول ألف جنيه، وربنا لو كنت اجدر ادفع أكتر من كديه كنت عطيتك، لكن دي فلوس سالفها وربنا العالم عشان ابتدي الشغل والحال ينصلح وابعت فلوس علاج بوي .. لكن أوعدك لما الحال يتحسن هجيبلك جديهم مرتين

 

أخذ عم صادق الألف جنيه وأخرج منها خمسمائة وأعطاها لعنتر وقال:

 

أنا حقي خمسوميت جنيه بس، دول خليهوملك يا ابني، انت أولى بيهم في ظروفك دي

 

واه! تاخد خمسوميت جنيه بس يا عم صادج! انت كديه بتبخس حج نفسك

 

قولتلك خد بقيت فلوسك واتوكل على الله شوف شغلك، وسيبني أنا كمان اشوف شغلي.. ومن بكرة تنزل بدري عن كدة، اعمل حسابك تصلي الفجر وتتوكل على الله  بعربية الفول

 

نظر عنتر نظرة إكبار لعم صادق وقال:

 

حاضر يا عم صادج. بس قبل ما امشي لازمن ادوجك الفول بتاعي, يمين بالله حتى لو ما كانش لك فلوس عندي من النوبة اللي فاتت، دي كانت نيتي، اني اعدي عليك وادوجك الفول قبل أي حد، عشان تبجى أول واحد ياكل فول من يد عنتر

 

هه ماشي يا عنتر يا ابني

 

********************************

أخذ عنتر يدفع العربة وينعطف من زقاق إلى عطفة حتى وصل إلى حارة الموعودين، فتوقف بالعربة أمام صالون الحلاقة، واتجه إلى الاسطى زيزو الحلاق الذي كان يجلس أمام دكانه يحتسي الشاي، يبدو أنه يريده في أمر هام أطل من عينيه وهو يلقي السلام:

 

السلام عليكم يا اسطى زيزو

 

عليكم السلام ورحمة الله. انت تعرفني يا بلدينا؟

 

الناس كلاتها خبراك وبيشكّروا فيك ويجولوا عليك راجل جدع، وبالخصوصي همام واد عمي

 

هو همام الصعيدي يبقى ابن عمك؟

مش لزم يعني، لكن بوه وبوي ولاد عم صُح. أنا اسمي عنتر

 

هه ما هو مكتوب على عربية الفول، يا مرحب يا عنتر، أي خدمة؟

 

قال عنتر على استحياء:

 

أنا كنت جاصدك في خدمة صغيرة كديه

 

خير؟

 

أنا هجف جريب منيك بعربية الفول، جصاد بيت عم صادج النجار، تعرفه؟

 

هو في حد في حارة الموعودين يا يعرفش عم صادق النجار! ايه الخدمة اللي انت قاصدني فيها؟

 

كيف ما جولتلك آنا هجف جريب منيك طول النهار، ولو فيها اساءة أدب كنت عايز رقم التلافون ابتاعك اعطيه لبوي عشان لما يحبوا يطمنوا عليّ يتصلوا حداك

 

هو انت ما معاكش موبايل!

 

لا يا خوي. كيف ما بيجولوا العين بصيرة واليد جصيرة، وكل جرش اتحصل عليه، أولى بيه علاج بوي

 

أصيل يا عنتر. وماله، اديك الرقم، استنى اكتبهولك في ورقة

 

اتفضل

 

قام عن مقعده ودلف إلى محله، وعاد بعد قليل بالورقة تحوي رقم الهاتف، وأعطاه لعنتر

 

الرقم اهو يا عنتر، أي خدمة

 

الله يكرمك يا خوي

 

أطرق عنتر، وعاد يقول والخجل يعتركه:

 

طيب لو تسمح يعني اكلمهم اطمنهم عليّ واعطيهم الرقم؟

 

أه وماله، الناس لبعضيها، اتفضل

 

أخذ الهاتف ودق على رقم هاتف والده، الذي أجاب بصوت أنهكه المرض

 

يا مُرحب يا عنتر يا ولدي

 

بدا الشوق على قسمات عنتر

يا مُرحب يا بوي، اتوحشتك جوي

 

وانت كمان يا ولدي، لجيت شغل عاد؟

 

الحمدلله يا بوي، هشتغل بياع فول، ادعيلي يا بوي

 

ربنا يوسع عليك يا ولدي.. معلش يا عنتر، عارف ان الحِمل عليك تاجيل

 

ما تجولش كديه يا بوي. مهما عملت ما هوفيش حجك عليّ

 

الله يرضى عنيك يا ولدي، خد امك أها، عقلها هيشت منيها من يوم ما فارجتها عاد، خدي يا مباركة

 

قالت الوالدة بشوق عارم:

 

هات يا خليل خليني اسمع صوت ولدي، كيفك يا عنتر

 

الحمدلله يا امّا، كيفك انتِ عاد؟

 

مليحة يا ولدي الحمدلله. خليك في شغلك وأكل عيشك وأوعاك من حريم بحري يضحكوا عليك ويلموا منيك الجرشينات

 

قهقه عنتر وقال:

 

حريم بحري ايه يا امّا عاد! أطمني، أنا لا عندي وجت لحريم ولا حدايا جرشينات

 

واه! بنصحك يا ولدي، يعني اهملك لبنيتا بحري يتلفوا حالك ويبددوا مالك!

 

ههه ريحي روحك يا امّا. البنيتا هنيه ربايتهم مليحة ومش كيف ما بتسمعي عنيهم.

 

ايوة يا ولدي بس بيجولوا عنيهم يعني انهم..

 

قاطعها قائلاً:

 

يا امّا كل مكان خلقه ربنا فيه المليح والعفش من مشرجها لمغربها

 

عنديك حق يا ولدي، وحشني كلامك المليح اللي يتحط ع الجرح يطيب

 

ربنا يجرب الباعيد يا امّا. كفاية حكاوي عاد عشان التلافون مش بتاعي، اكتبي الرقم اللي هعطهولك ديلواك ولما تعوزوني كلموني عليه، بس مش كاتير، مرة في السابوع كفاية عشان ما نعطلش حال الناس معانا

 

خلاص يا ولدي، لافيني الرقم عاد

 

أعطى الرقم لوالدته، وشكر الحلاق واتجه بعربة الفول ليستقر بها أمام منزل عم صادق النجار، فكانت أم عوض في استقباله تحملق في وجهه وفي عربة الفول بعينيها الحادتين وتقرأ ما كتب عليها:

 

فول عنتر! هو انت اسمك عنتر يا بتاع الفول؟

 

ايوة يا ست

 

قهقهت وقالت:

 

وما جبتش عبلة معاك تقليلك طعمية ليه؟

 

تجهم ورد بامتعاض:

 

هتتمألسي عليّ ليه عاد يا بت عمي!

 

بنت عمك منين! انت هترمي بلاك علينا!! انت ايه اللي موقفك هنا؟

 

واخد الإذن من عم صادج النجار

 

آآه يبقى أكيد هتديلهم الفول ببلاش

 

ما حصلش يا ست. أنا اللي مديون لعم صادج من ساسي لراسي

 

هو انت تعرفه منين؟

 

حظي المليح وبركة دعا امي اللي ساجته في طريجي

 

أه يعني عرفته ازاي

 

يا ست الله يخليكِ أنا ما حبش رط الحريم، شوفيلك حرمة زييكِ ورطي معاها وسيبني لحالي

 

هو انت فاكرها سايبة، أي حد يدخل الحارة كدة ،  يبيع ويشتري من غير ما نعرف هو مين! وريني البطاقة

 

ههه هو انتِ ظابط إياك

 

ايوة أنا مديرة أمن مديرية الحارة

 

يا ست الله يهديكِ، لازمك فول خدي، ما لازمكيش اجفلي الشباك وروحي شوفي لجمة اطبخيها لراجلك

 

صاحت به:

 

هي مين دي اللي تقفل الشباك يا اعمي القلب والنظر انت! دانا لو قفلت الشباك الحارة تضيع. وبعدين أنا طابخة مسقعة من امبارح وقاعدة فاضيالكو.. هات شندوتش فول دوقني فولك اما اشوف حلو ولا ما يستاهلش

 

حاضر يا ست

 

أعد لها رغيفاً من الفول، وبعض المقبلات وأعطاه إياها:

 

اتفضلي يا ست

 

أخذت الرغيف وقالت:

 

اسمي خالتك أم عوض. عين أعيان حارة الموعودين وفخر ستاتها

 

أنعم وأكرم يا خالة أم عوض

 

طبقت في الرغيف بأسنانها، وقالت باستحسان:

 

لا والله حلو الفول. خلاص أنا موافقة انك تقف هنا. بتبيعه بكام عشان اديك فلوسك

 

تبسم وقال:

 

لاه، ده هدية مني يا خالة أم عوض

 

تعيش يا عنتر، باين عليك ابن حلال مصفي

 

وقف أحدهم لطلب الفول، فقال لها:

 

طيب بعد إذنك اشوف شغلي عاد

 

وانا ماسكاك! ما تشوف شغلك يا خويا. ما كل اللي عايز شغل يترمي على حارة الموعودين. ناقصين هم احنا، واهي ختمت بعنتر اللي ناقصله عبلة

 

خرج الدكتور هشام، وتبسم حين رأى عنتر واتجه صوبه يقول:

 

انت لازم عنتر اللي قالي عليه ابويا

 

غضن عنتر حاجبيه وقال:

 

ومين بوك يا ابو عمو؟

 

ردت أم عوض عنه:

 

ده الدكتور هشام ابن عم صادق النجار

 

تهلل وجه عنتر وقال للدكتور:

 

بسم الله ما شاء الله، هو عم صادج عنده وِلد داكتور!

 

هه ايوة يا سيدي، أخوك هشام صادق

 

أكبره عنتر لتواضعه، وقال باسماً

 

ونعم الرباية يا داكتور. تجول لبياع الفول السريح انك خوه من غير ما تحط لقب جبل اسمك!!

 

هه يا سيدي كلنا اخوات وربنا سخرنا في الدنيا لبعض

 

الله يحميك ويحفظك يا داكتور هشام

 

تعيش. اديني بقى سندوتشين فول حلوين كديه عشان افطر بيهم في المستشفى

 

بس كديه! عنيا يا داكتور

 

طفق يعد السندوتشات، فقالت أم عوض وهي تزج اللقمة الأخيرة من رغيف الفول في فمها:

 

فوله حلو يا دكتور هشام, خد منه على ضمانتي

 

هه شكراً يا خالتي ام عوض

 

حياها عنتر  ملوحاً بيده باسماً

 

توشكري يا خالة أم عوض

 

أسدلت حاجبيها وسألت الدكتور هشام:

 

هي خالتك لطيفة عاملة ايه؟ سمعت من ولاد الحلال انها في المستشفى وامك قاعدة معاها، مش فاكرة مين اللي قالي والله

 

هه الحمدلله بتتحسن، دعواتك ليها

 

ربنا يشفي كل مريض، كان نفسي ازورها، بس ما اقدرش اسيب الحارة لوحدها

 

أعطى رغيفي الفول اللذين  لفهما بورقة كبيرة وزج معهما بعض المقبلات، للدكتور هشام وقال:

 

اتفضل يا داكتور، صحتين وعافية على جلبك

 

متشكر يا عنتر. اتفضل حسابك

 

لاه، لاه، ودي تيجي عاد! أخد منيك تمن السندوتشات! دانت ابن عم صادج الغالي

 

أصر الدكتور هشام:

 

لو ما أخدتش الفلوس مش هاخد السندوتشات. اتفضل خد حقك

 

ماشي يا داكتور. نهارك إبيض عاد

 

نهارك زي الفل يا عنتر. السلام عليكم

 

عليكم السلام ورحمة الله يا واد الأصول

 

****************************************

 

كان وعده لنعمة، دائم الورود على خاطره، لذا خطط عمر للحديث مع عمته سهاد بشأنها، وكان اليوم هو موعد زيارته لها في قصرها القديم ذا الأثاث التراثي الفخم، الذي ورثته عن أجدادها، كانت عمته السيدة الستينية الوقورة تنتظره في حديقة القصر على مقعدها المتحرك، مرتدية نظارة القراءة وتقرأ كتاباً كعادتها، وخلفها خادمتها وحافظة أسرارها نجاة، السيدة الأربعينية هادئة الطباع، دخل عمر إلى حديقة القصر بسيارته، فسمعت عمته صوت النفير، فتهلل وجهها ووضعت الكتاب جانباً،واشرأبت بعنقها وقالت:

 

عمر جه يا نجاة

 

في معاد بالمظبوط زي كل أسبوع يا سهاد هانم

 

توقف عمر بسيارته، وهرع إلى عمته، حياها وأمسك يدها يقبلها:

 

السلام عليكم. ازيك يا عمتي

 

عليكم السلام يا عمر يا حبيبي. أنا الحمدلله بخير، وحشتني

 

جلس وقال باسماً:

 

وحضرتك كمان وحشتيني جداً يا عمتي

 

ماما عاملة ايه؟

 

ماما بخير الحمدلله.. ازيك يا مدام نجاة

 

الحمدلله يا أستاذ عمر. اعملك القهوة المظبوط بتاعتك؟

 

ياريت

 

طيب عن اذنكو

 

اتفضلي

 

لحظت عمته تلك الهموم في عينيها والتي يواريها خلف ابتسامته، فأدركت ما أهمه بإحساسها، وقالت:

 

أنا عارفة انك متضايق عشان طارق ابنك اللي اتحرمت منه، دايماً بشوف الحزن في عينيك

 

تنهد بعمق وقال:

 

بقالي أكتر من سنة ما شوفتوش، وكل ما احاول اشوفه الهانم مامته وأهلها يمنعوني.. طارق عنده سبع سنين دلوقتي.. متخيلة يعني ايه ابني يكبر بعيد عني وما اشوفوش! غير انه بيتربى بطريقة عبثية مدمرة على ايد والدته!!

 

زفر عمر وقال بثورة عارمة:

 

أنا هتجنن يا عمتي، هتجنن. أنا موافق إني أدفع تمن غلطة جوازي من بسنت، لكن إبني ذنبه ايه!!

 

تنهدت العمة وأطرقت، ثم رفعت رأسها، وربتت على كتفه وقالت:

 

أنا عارفة إن الوضع قاسي عليك وعلى الولد. لكن ما تيأسش، شوف ابنك ولو بقوة القانون

 

تعرفي يا عمتي إني مش عايز ابني يتعرض للتجربة دي! كان نفسي أشوفه بشكل طبيعي، حتى لو مرة في الأسبوع أخده عندي، أحاول حتى أصلح اللي بيفسدوه في عقله وتربيته.. كارثة يا عمتي إنه يتربى وهو شايف أمه من غير حجاب وبتلبس قصير وتسهر وتسافر على راحتها، الولد كدة هيتعلم الدياثة وعدم الغيرة على العرض، ده غير انه لا يعرف حاجة عن الصلاة ولا القرآن ولا أي حاجة تخص دينه. الوضع ده بيألمني أكتر من ألم حرماني منه

 

سددت إليه العمة نظرة شفقة، وعادت تربت على كتفه، وقالت:

 

حاول تاني يا عمر، ما تيأسش يا حبيبي

 

تنهد بعمق وهز رأسه وتبسم ملتاعاً

 

أتت الخادمة بصينبة عليها قدحاً من القهوة وكوباً من الماء، وضعتها أمام عمر، وقالت:

 

اتفضل يا أستاذ عمر

 

متشكر

 

أمرتها السيدة سهاد بلطف:

 

من فضلك سيبينا لوحدنا شوية يا نجاة

 

حاضر يا سهاد هانم

 

نظر إلى الكتاب الموضوع على جانب المنضدة وسألها باسماً

 

ها، والأستاذة سهاد علم الدين أستاذ الأدب الفرنسي بتقرأ ايه؟

 

هه دي رواية أحدب نوتردام ليفيكتور هوجو

 

أعتقد ده أكتر كاتب بتقرأيله وبتعيدي القراءة لأعماله من فترة للتانية

 

فعلاً.. بسميه نصير الضعفاء والمهمشين

 

هه للدرجة دي!

 

أكيد.. اللي بيميز كتابات فيكتور هوجو هو رفضه للظلم والقهر، وانتصاره للمظلوميين واللي الظروف قست عليهم.. في الرواية دي، شخصية الأحدب أو كوازيمودو، القبيح الدميم، واللي كانوا الناس بيعاملوه بقسوة، حب الجميلة أزميرالدا، مش عشان جمالها، أطلاقاً، كان حبه لها بسبب عطفها عليه وإحسانها إليه، ما كانش حبه لها حب رجل لامرأة، لكن كان حب الصفات الإنسانية المتجلية في شخصية أزميرالدا من عطف وحنو واحتواء

 

تبسم عمر وقال:

 

أنا من النهاردة هسميكِ أزميرالدا يا عمتي عشان الصفات الإنسانية النبيلة اللي بحبها فيكِ

 

قهقهت العمة وقالت:

 

هو انت أحدب نوتردام اللي بقرأ عنه!

 

قهقه عمر وحدّب ظهره وقال:

 

أنا كوازيمودو الأحدب يا أزميرالدا الجميلة

 

تعالت قهقهتهما، ثم قالت لعمر بامتنان:

 

حقيقي يا عمر بستمتع جداً بزيارتك وحديثنا عن قرائاتي وأرائي، ببقى محتاجة حد مثقف أتناقش معاه ويحاورني

 

تنهدت مبتئسة وقالت:

 

لكن انت مش بتفضى ولا بتقدر تزورني غير مرة كل يوم سبت

 

غصب عني يا عمتي والله، لكن ما تفتكريش إن الموضوع مش شاغلني، عشان كدة جاي أعرض عليكِ إنسانة مثقفة وممتازة جداً، تيجي تقعد معاكِ وتناقشك وتحاورك، لكن بمقابل مادي

 

أغضنت عمته حاجبيها وقالت:

 

مين دي؟ تعرفها يا عمر؟

 

الحقيقة مش معرفة كاملة، بس قدرت أخد لمحة عن شخصيتها واتجاهاتها

 

قابتلها فين وازاي؟

 

هي انسانة من الطبقة الفقيرة، جت عندنا المدرسة، عشان تشتغل، لكن للأسف ما لقيتش مكان بينا، وعشان كدة فكرت انها تيجي عندك القصر، وتكون بمثابة مؤنسة ورفيقة هادية ليكِ ولكتبك

 

بدا الضيق على وجه العمة وقالت:

 

أنا مش عارفة انت بتفكر ازاي يا عمر! عايز تجيبلي واحدة من الشارع ما تعرفش عنها حاجة وتدخلها القصر!! تعرف منين انها أمينة أو ما عندهاش ميول عدوانية!! إذا كنت بقيت عبء عليك ومتأذي نفسياً من زيارتي الأسبوعية، خلاص، ما تبقاش تيجي، عن إذنك

 

طفقت تنادي على خادمتها

 

نجاة، يا نجاة

 

أفندم يا سهاد هانم

 

تعالي دخليني أوضتي

 

حاضر

 

وقف عمر وأومأ للخادمة أن تتوقف مكانها، وجثا على ركبتيه أمام مقعد عمته، أمسك يدها وطبع قبلة عليها وقال باسماً:

 

بقى كدة برضو يا أزميرالدا الطيبة نصيرة الفقراء والضعفاء!! طيب أنا سحبت منك اللقلب

 

قهقهت العمة وقالت:

 

أنت عايز مني ايه يا ولد!

 

عايزك تقابليها وتديها فرصة، وصدقيني مش هتندمي، وبعدين من فضلك ما تقوليش إني متأذي نفسياً من زيارتك، عارفة ليه؟

 

ليه؟

 

عشان انتِ جزء من كياني، غالية عندي جداً يا عمتي، وصدقيني أنا اللي محتاج أشوفك وأقعد معاكِ أكتر من احتياجك ليا

 

تبسمت ومسدت شعره بيدها برفق وقالت:

 

ربنا يخليك ليا يا عمر يا حبيبي

 

ويخليكِ ليا يا عمتي ازميرالدا يا نصيرة الضعفاء

 

قهقهت وقالت:

 

اسمها ايه البنت دي؟

نعمة

 

هزت رأسها باستحسان وقالت باسمة:

 

جميل، اسم من الأسماء القديمة الجميلة اللي اندثرت

 

نظر عمر إلى بعيد مستحضراً نعمة أمامه وقال:

 

وهي كمان من الشخصيات القديمة اللي اندثرت

 

كلمني عنها يا عمر

 

أخذ يسرد على أسماع عمته مآثرها التي أسرته:

 

*******************************************

هذا هو اليوم الذي اتفقت نعمة مع عمر أن تهاتفه لتعرف مصير الوظيفة.. ضغطت رقم هاتفه وجلة مرتجفة الفؤاد، رأى عمر رقماً غريباً ظهر على هاتفه، وهو في المدرسة، فوقع في نفسه أنها نعمة، انتحى ورد على الهاتف:

 

السلام عليكم

 

ردت باضطراب

 

آآآ عل عليكم السلام يا أستاذ عمر. أنا نعمة

 

أهلاً يا أنسة نعمة

 

أنا اتصلت في المعاد اللي حضرتك حددته، يا ترى حضرتك لقيتلي وظيفة؟

 

أيوة

 

تهللت نعمة وقالت:

 

بجد يا أستاذ عمر؟ طب استلمها امتى؟

 

هه مش لما تعرفي ايه هي الوظيفة!

 

طيب هي ايه؟

 

شوفي يا أنسة نعمة، عندي عمة مثقفة وكانت أستاذ سابق للأدب الفرنسي في إحدى الجامعات في الخارج، وهي حاليا مقيمة لوحدها في قصرها مع الخادمة بتاعتها، لكن هي محتاجة ممم تقدري تقولي حد يحاورها ويناقشها في قرءاتها، لأنها قارئة نهمة. وللأسف مالهاش صديقات، فمحتاجة صديقة مثقفة تقعد معاها كل يوم بمقابل

 

ابتئست نعمة وقالت:

 

بس أنا مش خدامة يا أستاذ عمر، أنا جامعية ومثقفة، وأظن دي وظيفة ما تليقش بيا

 

مين قال خدامة! صدقيني لو وصف الوظيفة خدامة ما كنتش عرضت عليكِ الأمر. لكن صدقيني دي بمثابة رفيقة مثقفة بمقابل.. والمقابل مجزي على فكرة... عشرين ألف جنيه في الشهر

 

شهقت نعمة واتسعت حدقتاها وقالت:

 

عش.. عشر.. عشرين ألف جنيه؟ دول في السنة؟

 

ههه في الشهر

 

يا خبر! بصراحة المرتب ما كنتش احلم بيه ممم بس ما تآخذنيش الوظيفة محتاجة تفكير.. سيبني كام يوم أفكر واصلي استخارة، وهتصل بيك اقولك ردي

 

تمام، اتفقنا، خدي وقتك وفكري واستخيري براحتك

 

مع السلامة يا أستاذ عمر

 

الله يسلمك

 

وضعت الهاتف جانباً، وحارت في أمرها

 

********************************************

 

في منزل عم سوكا، وقبيل عُرس ابنتهم بيومين، كان هناك نقاش محتدم حول كيفية الاحتفال، قام صابر ابن عم سوكا، المدرس المثقف، وقال بغضب لوالده:

 

أنا مش موافق يا ابويا انكو تعملوا الفرح بالمستوى المتدني ده

 

مستوى متبني ازاي يا ابني!

 

يا ابويا ما ينفعش تجيبوا حشيش وبيرة وواحد مسطول يغني

 

صاحت العروس التي كانت تسمع هي واختها زوبة بامتعاض وتتشدقان بالعلكة:

 

جرا ايه يا صابر! انت عايز تغم المعازيم ولا ايه! مش عايز حشيش وبيرة يعني ايه! انت عايز سعيد يرمي عليا اليمين ليلة الفرح عشان ترتاح!!

 

لوت والدتها شفتها ضيقاً لكلامها بحق أخيها، وصنعت أختها بالوناً من العلكة خارج فمها وفرقعته وهي تنظر إلى أخيها صابر بامتعاض، وصاح بها والدها:

 

استني يا بت يا شيماء اما نستفهم من اخوكِ، وما تطلعيش زي وابور الزلط كدة.. ايوة يا صابر يا ابني. كمل كلامك وعرفنا مقاصدك

 

يا ابويا أنا مكسوف أعزم زمايلي المدرسين. أزاي اعزمهم على فرح بالشكل ده! يا ابويا أنا راجل مدرس محترم وكل معارفي محترمين, وده فرح أختي، وكان نفسي أعزمهم عليه، لكن أعزمهم عليه ازاي وانتو جايبين حشيش وبيرة وواحد مسطول يغني!

 

هرش والده في رأسه وقال:

 

يعني انت بصريح العبارة كدة. لا عايز حشيش ولا بيرة، ولا عايز رضا ابن عمك يغني في الفرح

 

مظبوط يا ابويا

 

صاحت زوبة:

 

مظبوط ده ايه يا ابا! انت هتعوم على عومه وتجيب حانوتي يغني في فرح اختي وتقلبها ميتم ولا ايه!! واهو بدل الحشيش والبيرة ابقوا وزعوا قرص وبلح ابريمي عشان صابر يتفشخر قدام زمالاته المحترمين. ياكشي يولعوا باحترامهم ونرتاح منهم

 

صاح بها والدها:

 

يا بت اخرسي انتِ كمان. مالك انت، هو كان فرحك!

 

يو! فرح اختي الصغيرة ونن عيني وكتكوتة قلبي

 

شرعت اختها ذراعيها لها استعدادا لتبادل الأحضان وقالت:

 

تعالي في حضن اختك يختي

 

حبيبتي يختي حبيبتي, ولا بعد حضن الأخت ابداً

 

تعانقتا وتبادلتا طرقعة القبلات المزعجة، فصاح بهما والدهما

 

ما تبس يا بت انتِ وهي أما نشوف أخوكوا عايز يقول ايه. كمل يا أستاذ صابر. كنت بتقول انك مش عايز رضا ابن عمك يغني في الفرح

 

رضا ايه بس اللي يغني في الفرح! دا انسان ما يشرفش. كفاية انه مدمن برشام

 

ايوة يا ابني، بس ده كان هيوفر علينا أجرة مغنواتي

 

إذا كان على كدة ما تشيلش هم يا ابويا. في أخو واحد زميلي، صوته حلو جدا وانسان راقي  ومتحضر

 

مالت العروس إلى اختها وهمست متعجبة:

 

ايه الإنسان المتحمبر ده يا  زوبة يختي؟ سمعتِ عنه قبل كدة؟

 

لا وربنا يختي، أعدمك لو كنت أعرف

 

استطرد صابر:

 

وما تشيلش هم الفلوس, اخو صاحبي هيغني مجاملة

 

وماله يا ابني. هات المغنواتي اللي انت عايزه

 

أشاحت العروس بيدها وصاحت بوالدها:

 

يجيب المغنواتي اللي هو عايزه يعني ايه! هو كل من قال يا ليل يا عين بقى مغنواتي! المغنى له اسطواته

 

صاحت بها والدتها:

 

انتِ تخرسي خالص, انتِ دورك في الفرح عروسة، وهيقعد جنبك نطع اسمه عريس. تقعدوا بإدبكوا ومربعين إيديكو وتسمعوا كلام الاستاذ صابر ابني الفالح المتعلم المتنور

 

صاحت العروس:

 

يا دي ابنك المتعلم المتنور اللي فلقتينا بيه يا امّا. ما كنتِ خدتيه وهربتِ بيه من زمان وريحتي روحك وريحتينا بدل ما انتو عايشين وسطنا غلط

 

قلت اخرسي يا بت. قاعدة على قلبك أنا والأستاذ صابر عشان نعلمكوا الأدب، ولو ما سكتيش هخليه يوقفك وشك للحيط ويعبطك بالخرزانة

 

اديني اتكتمت يا امّا. بس وربنا لو الفرح باظ لخلي حماتي واخواتها يقوموا معاكِ بأحلى واجب، ومش هتلاقي اللي يحوش عنك. وربنا لما يجي حسن أخويا لقوله، عشان هو مش هيعجبه اللي انتوا عايزين تعملوه ده. فينك يا اسطى حسن يا اخويا يا ابو كلام موزون

 

أشاحت والدتها بيدها، واستدارت باسمة لولدها وقالت:

 

اسم الله عليك يا سي الأستاذ صابر. عين العقل يا حبيبي. ايوة كدة خلي الفرح ينضف من الواغش

 

تعيشي يا ست الكل. كدة بقى أقدر أعزم زمايلي واتشرف قدامهم. اتصلوا بقى بللي اسمه رضا برشامة ده وقولوله ما يجيش

 

رد والده:

 

لا عيب يا صابر. ده برضو مهما كان ابن عمك. هو لما يجي هفهمه العبارة وأخليه ياخد واجبه ويمشي زي أي معزوم

 

تمام يا والدي

***********************************

 

في ليلة عُرس ابن عمها، خرجت سوكا من محل مصففة الشعر، تتألق في الفستان الأحمر القصير المضمخ بالعطور، وتصفيفة شعر ملائمة للحفل، وأصباغ فجة يضج بها وجهها، فزادت ملامحها شعبية وتدني.. لكنها حين أبصرت نفسها في المرآة، رأت أنها ذات جمال آخاذ يأسر الأعين. فمضت على كعبيها العاليين تتمايل بخصرها قاصدة محل الجزاة وقلبها يهفو حنيناً إلى عصي القلب عله يراها في زينتها فيذوب عشقا. رمقته فتعالت دقات قلبها، ونادت بتغنج:

 

سي شحتة

أبصرها فاتسعت حدقتاه تعجباً من مظهرها الزري، وظهرت ابتسامة ساخرة على محياه  للدنو والحقارة، ولم ينبس ببنت شفة، فاقتربت بدلال وقالت باسمة:

 

النهاردة فرح بنت عمي. عقبالك يا سي شحتة

 

قريب إن شاء الله. عقبالك انتِ لما تلاقي الإنسان المناسب

 

اشتعلت دواخلها غيظاً، وقالت بتحدٍ:

 

ما حدش عارف النصيب فين ولا مع مين يا سي شحتة. الواحد من دول يبقى متهيأله ان معاه أملة، وفي الآخر يعرف انه كان واخد مقلب عمره، ويسيبها عشان ياخد ست ستها. ما تحكمش بالظاهر. الناس جواها بلاوي تشيب، والدنيا دوارة. وبكرة تعرف عدوك من حبيبك. وساعتها مش هقفل بابي في وشك زي ما قفلت بابك في وشي بدل المرة ماليون.

 

مالت إليه وهمست بتغنج:

 

فوتك بعافية يا سيد الرجالة... وسيد قلبي

 

نصرفت تتبعها نظراته المندهشة ولسان حاله يقول( أما آن لهذه الفتاة المتدنية أن ترتحل عن عالمي بكل حقارتها!)

**********************************

 

جاءت العروس الشعبية ذات الثوب الأبيض، بصحبة عريسها، ووجهها الذي ضيعت ملامحه الأصباغ الفجة يبدو عليه التأفف، جلسا في الكوشة وسط والتبريكات المتداخلة، وطبل النساء وزغاريدهن،زغردت زوبة أخت العروس التي كانت ترتدي فستان سهرة مزين بفجاجة ووجه ملطخ بالمساحيق، وشعر مخضب بالأصفر الفاقع يؤذي الناظرين، مالت على أختها تقبلها:

 

الف مبروك يا شيماء يا حبيبتشييي

 

الله يبارك فيكِ يا زوبة، عقبال ليلتك يا بت

 

ان شالله يا رب، بس وربنا ما هعزم صابر اخويا

 

وجهت بصرها للعريس وهنئته وهي تشير إلى أختها:

 

مبروك عليك الحلويات دي يا سعيد يا جوز أختي

 

الله يبارك فيكِ يا زوبة، عقبال ليلتك انتِ والواد صبحي

 

تعيش يا جوز اختي تعيش

 

اومال هو فين مش شايفه؟

 

زمانه جاي، هبروح فين!!....  شيماء، أمك جاية تسلم عليكِ يا بت ، تعالي يا امّا، بالإذن أنا بقى اروح ارحب بالمعازيم

 

رأت العروس والدتها تصعد إلى الكوشا فنادتها متهللة:

 

أمّا

احتضنتها الأم وقالت:

 

حبيبة امك يختي, اسم الله يا شيماء، قمر يا بنت قلبي وعيني قمر

 

تعيشي يا امّا. ما اتحرمش منك يا رب

 

مبروك يا سعيد يا جوز بنتي

 

الله يبارك فيكِ يا حماتي

 

أغرورقت عينا أم العروس بالدموع وقالت وهي تمسح عينها بمنديل قماشي وتنشج، وابنتها العروس تربت على ظهرها بشفقة:

 

 

خلي بالك من شيماء، حطها في عينك واوعاك تزعلها، دي هتسيب أهلها وهتتغرب معاك

 

تتغرب فين يا حماتي! داحنا هنسكن في الحارة اللي وراكو

 

برضو غربة يا ابني. طالما البت من دول فاتت بيت ابوها، تبقى اتغربت. وأنا كل يوم هعيط واقول يا ترى انتِ فين يا شيماء

 

ربنا يكملك بعقلك يا حماتي. اومال المغنواتي اللي قال عليه صابر فين؟

 

لسة سائلة صابر، قالي زمانه جاي يا امّا. بالإذن عشان هروح اسلم ع الحريم اللي داخلين الفرح دول

 

 

غادرت والدة العروس الكوشة، فقال العريس لعروسه بامتعاض:

 

أنا مش عارف يعني ايه اخوك اللي اسمه صابر،ِ يمشي رأيه ع الكل ويقول ما فيش حشيش ولا بيرة! اومال نضايف الرجالة اللي جاية تجاملنا بإيه! بلبن كامل الدسم ولا نوزع عليهم كل واحد علبة زبادي!

 

يووو يا سعيد، ابويا جايب علب فيها شندوتشات و جاتوه وجنبهم حاجة ساقعة

 

شندوتشات وحاجة ساقعة! ربنا يعدي الليلة دي على خير وما يطيرش فيها رقاب

 

ويطير فيها رقاب ليه! احنا قاتلينلهم قتيل!!

 

أكتر، عشان احنا كدة بنهزأ الرجالة اللي جاية

 

يا خويا يبقوا يحششوا ويتسطلوا في حتة تانية، ما حبكش في الفرح. حتى عشان يبقوا فايقين للمغنى

 

مغنى!! دانتوا حتى ما هان عليكو تجيبوا مغنواتي عليه القيمة. مش قايل لابوكي وسمعاني بودانك اللي مدلل منها حلق نازل لحد ركبك دي، لما قولت لابوكي هات شلاطا يغني في الفرح؟

 

وبعدين يا سعيد بقى! ما تهمد شوية. قولتلك اخويا صابر هيجيب اخو زميله يغني

 

اخو زميله! يبقى أكيد مغنواتي محفلط وشعره مسبسب وبيغني بدبدوب احمر، والفرح هيقلب بغم

 

أشاحت بيدها وقالت بضيق:

 

طب بس بس مش طايقة اسمع وكفاية حرقة دمي من صابر

 

احنا لسة شوفنا حرقة دم! ده حتى رضا برشامة ابن عمك، أخوكِ صابر منعه يغني في الفرح. وربنا يستر من الجدع المغنواتي

 

أخذ العريس ينظر شزراً إلى صابر الذي يجلس بجوار والده ويغمغم بالسباب

 

جاء أحدهم لتهنئة والد العروس:

 

مبروك جواز بنتك يا اسطى عابدين

 

الله يبارك فيك وعقبال وولادك يا معلم زكي

 

سمعنا انكو هتجيبوا رضا برشامة يغني

 

رد صابر عن والده:

 

لا والله يا اسطى زكي, احنا جايبين مطرب محترم

 

رد الرجل بامتعاض:

 

مطرب محترم! هو هيغني في حفلة أوائل الطلبة يا خوجة افندي!! ده فرح وناس جاية تنبسط

 

وحضرتك ليه افترضت إن المطرب اللي انا جايبه مش هيبسطكو!

 

أشاح الرجل بوجهه ممتعضاً وطفق ينظر إلى الطاولات الفارغة، ثم استدار لوالد العروس يقول:

 

اومال فين الحشيش والبيرة يا عابدين!!

 

لا مافيش

 

مافيش! مافيش يعني ايه يا عابدين! طب كنت قولنا نجيب من بيوتنا طالما ما معاكش فلوس تصرف على ضيوفك

 

حدج والد العروس، ولده صابر بنظرة غاضبة وقال:

 

عجبك الكلام اللي جبتهولنا من اللي يسوى واللي ما يسواش ده!

 

رد صابر عن والده:

 

احنا هنوزع على المعازيم علب وكل علبة فيها سندوتشين جبنة وحتة جاتوه ومعاهم حاجة ساقعة يا اسطى زكي

 

شندوتشين جبنة وحاجة ساقعة يا جنباب الخوجة!! هو الفرح معمول لسنة كام؟.. أما اروح اقعد على طرابيزة المعلم الدمياطي أشوفه حل الواجب ولا هيسقط في سنته

 

أشاح والد العروس بيده، واستدار لولده يسأله:

 

اومال فين اخو زميلك ده عشان يجي ينهق ونبدأ الليلة الكوبيا دي ونخلص

 

اتصلت بيه وزمانه جاي في السكة... عن اذنك هقوم استقبل مجموعة من زمايلي

 

اتفضل يا سيدي

 

لمح العريس والدته قادمة، فلفت نظر العروس الواجمة:

 

افردي وشك يا شيماء، أمي جاية تبارك

 

احتضنته والدته وهنئته:

 

الف مبروك يا سعيد يا حبة عين امك

 

الله يبارك فيكِ يا امّا

 

سددت نظرة للعروس وقالت بامتعاض:

 

مبروك يا عروسة ابني

 

الله يبارك فيكِ يا ام سعيد

 

ايه يا بت ام سعيد دي! ما تتكلمي عدل وتقولي يا نينة ولا يا ماما

 

أنا ماليش إلا أم واحدة لن يكركرها الزمن يا حماتي، هقولك يا نينة وربنا يلم الجوازة دي على خير

 

قولي اللي تقوليه يختي. كله هيطلع من بقك زي السم

 

زفرت العروس ومالت إلى العريس تهمس في أذنه:

 

خلي امك تلم الدور، عشان وربنا ما طايقة الطرحة اللي على دماغي

 

أمّا، روحي اقعدي مع خالاتي عشان متوغوشين عليكِ

 

ريحالهم يا خويا ريحالهم.. هو رضا برشامة ما جاش ليه؟ أهلي وأهل ابوك بيبصوا لبعض بغل، وخايفة يمسكوا في بعض والليلة تبوظ، اهو رضا يغني ويولع الفرح ويلهيهم شوية

 

رد العريس بامتعاض:

لا يا امّا، رضا برشامة مش هيغني، اللي هيغني واحد تاني من طرف الأستاذ صابر

 

يا لهوي! ما لقيتوش إلا صابر! أنا قلبي ما كانش مستريح للجوازة دي. بس اهو قضا نزل على دماغنا ساعة غفلة

زفرت العروس وهمت بالرد عليها، فأمسك العريس ذراعها ورد عنها:

 

روحي يا امّا شوفي المعازيم، وقوليلهم المغنواتي زمانه جاي

 

ماشي يا سعيد. ليلتك بيضا يا عريس

 

ليلتك زي القشطة يا امّا

 

كان حسن السباك شقيق العروس، يضرب كفاً بكف في استياء من قرار والده باستبعاد رضا من إحياء الحفل، وخلو الطاولات من الخمور والمخدرات، زفر وجلس إلى جوار والده:

 

بقى دي ليلة فرح تعملها لبنتك يا ابا! تعالى شوف المعلمين والاسطوات اللي كلوا وشنا، وكمان ولا منكو هتخلوا رضا يغني، ولا منكو جبتوا مغني عدل يفرفش المعازيم!

 

الليلة لسة ما ابتدتش، أصبر، المغنواتي اللي جايبه صابر اخوك زمانه جاي والطقس هيبقى طقس

 

الطقس هيبقى طقس! ابقى قابلني يا ابا

 

لمح حسن، سوكا تدخل إلى العٌرس فاتسعت حدقتاه انبهاراً من جمالها من وجهة نظره، المتدنية أسرع صوبها، وأمطرها بوابل من الغزل:

 

ايه الحلاوة دي يا سوكا! هو القمر نزل من السما ولا احنا اللي طلعناله!

 

قهقهت وقالت:

 

لا نزلكوا يا واد ولابس فستان أحمر

 

وربنا قمر يا سوكا، ومغطية على كل بنات الليلة

 

هما فين البنات دول يا واد! ده كلهم غفر

 

هههه عسل، وربنا عسل.. مش هتحني بقى وتوافقي على جوازنا ونلم الشمل يا بنت الناس؟

 

رفعت حاجباً وقالت:

 

لم شملك على حد غيري يا حسن. أنا مخطوبة

 

مخطوبة!.. مخطوبة لمين؟

 

لصاحب النصيب

ايوة يعني، يطلع مين صاحب النصيب ده؟

 

اصبر يا حسن، أصبر. بكرة تشوفه وتملي عينك منه. ما انت هتبقى ابن عم المدام هيهيي بالإذن

 

مضت، تتبعها عيناه مغمغماً بضيق:

 

طيب يا سوكا، بكرة تقعي على جدور رقبتك، وساعتها مش هتلاقي حد غيري يا بنت عمي. بكرة الزمن يلف بيكِ لفته ويجيبك تحت رجلي

 

 

أتى المغني فقام صابر عن مقعده، وقال لوالده:

 

المغني جه، عن إذنك هروح استقبله

 

أسرع صابر الخطا صوب المغني، ومد والده بصره صوبه فاستصغره في نظره، كونه شاباً نحيفاً هادئ الملامح، يرتدي بذلة أنيقة، فأشاح الوالد بيده

 

لمحت زوبة، ابنة عمها سوكا تتجه صوبها، فاستقبلتها منبهرة:

 

ايش ايش ايش، يا بت يا سوكا بتجيبي الحلاوة دي منين؟

 

من عند البقال يا بت هيهييي

 

ينيلك يا سوكا، عقبالك يا بت

 

تنهدت وأغمضت عيناها ووضعت يدها على قلبها وقالت والمنى يقتلها:

 

يارب يا بت يا زوبة، يا رب

 

فتحت عيناها وأردفت تذكرها بوعدها:

 

وساعتها يبقالك الحلاوة، لما انول المراد.. اهي الليلة جوازة شيماء وحجتك خلصت، افضيلي بقى عشان تعملي المشوار اللي اتفقنا عليه

 

آه، بتاع الداكتورة النفساوية؟

 

آه يا بت

 

عيني يختي. يومين كدة بس نخلص الصباحية والزيارات بتاعة الناس اللي هتيجي تبارك لشيماء، وافوقلك بقى

 

ماشي،هروح اسلم على شيماء وعريسها  على ما يجي رضا

 

لا ما هو مش هيغني

 

شهقت بتدني ورفعت نصف شفتها العلوي وقالت:

 

ليه يختي؟

 

الأستاذ صابر بيه باشا افندي اخويا مش راضي, وراح جاب المغنواتي النشفان اللي قصادك ع المرسح اهو

 

مدت بصرها ورأت المغني النحيف ذا البذلة الأنيقة، فشهقت وقالت:

 

هو ده اللي هيغني يا بت؟

 

آه هو

 

هو ده فيه نفس يغني! ده لو قال يا ليل بس هيقع من طوله

 

مالناش دعوة، يبقى صابر يشيله ويجري بيه ع الاسعاف

 

طيب يختي هروح اسلم على عمي وبعدين اسلم على شيماء

 

روحي يا سوكا، وانا هروح اشوف امي غطسانة فين

 

جاءت سوكا إلى عمها تهنئه:

 

عمي، الجلابية واللاسة هياكلوا منك حتة. ايه الحلاوة دي، طب وربنا احلى من العريس هههه

 

انتشى عمها وقام عن مقعده ضاحكاً، يعانقها:

تعيشي يا سوكا، عقبال ليلتك يا بت

 

يارب يا عمي.. مش عارفة الواد رضا اخويا وفرقته اتأخروا ليه!

 

هو بقى عنده فرقة كمان؟

 

أه اومال ايه! ده المهرجان بتاعه قرب، والمعلمة جباير اتفقت مع قاعة كبيرة قوي، وانت أول المعزومين. بس قال أوجب مع عمي واغني في فرح بنته الأول.. بس انتو بقى مش عايزينه. بشوقكو يا عمي. خلي المغنواتي الضعفان ده ينفعكوا

 

 

 

 

 

صعد المغني على المسرح، ومعه فرقته الموسيقية الكلاسيكية، استقروا على مقاعدهم، فأمسك المغني مكبر الصوت، وقدم التهنئة للعروسيين:

 

مساء الخير. بنهني العريس والعروسة وبتمنى لهم حياة زوجية سعيدة

 

امتعض العريس لرؤية المغني وسأل العروس:

 

مين الواد اللي عامل زي الفار المسخسخ ده؟

 

يوه! ده المغنواتي

 

هي ليلة باينة من أولها. أنا بقول نقوم نروح

 

مالك شايل منه كدة! ما تسمع الأول، ما يمكن ده اللي هيولع الفرح

 

بدأ المغني في الغناء، بينما يرشقه الحاضرون من الطبقة الشعبية بنظرات الامتعاض، فهو ليس على شاكلة المطربيين الذين يجلبونهم في أعراسهم. فأخذ في الغناء أمام الشفاه الملتوية، لا يسدد إليه نظرات الافتخار غير الأستاذ صابر ورفاقه، فكانوا يشحذون شفار أسماعهم للطرب الذي تتوق أنفسهم إليه، خاصة وهو يقول:

 

نااااار

 

نااااار

 

حبك نااااار

 

بعدك نااااار

 

قربك ناااااار

 

نار يا حبيبي

 

استشاط العريس غضباً وقال لعروسه:

 

نار ايه وبنزين ايه! الواد ده شغال في المطافي!! هو ايه اللي نار، نار، نار!!

 

يووه يا سعيد، مش قولتلك هو ده اللي هيولع الفرح! عشان تبقى تصدقني

 

عاد العريس للاستماع مكرهاً، بينما أخذت العروس تلوي شفتها بتواتر يمنة ويسرة تعبيراً عن الامتعاض

 

كان صابر ورفاقه يستمعون بانسجام ويرددون معه همساً

حبك ناااار

 

حبك نار مش عايز اطفيهاااا

 

ولا اخليهاااا دقيقية تفوتني ما احسش بيهااااا

 

ناااااار ناااااار نار يا حبيبييييي

 

انتفض والد العروس عن مقعده وصاح بالمطرب

 

انت جاي تفول علينا بالعذاب ليه يا ابنييي، اتقي الله فينا احنا قاعدين في فرح مش في جهنم

 

زفر صابر من شدة الضيق، بينما هز المطرب رأسه استجابة لوالد العروس، واستدار للأوركسترا وهمس لهم بتغيير اللحن، وطفق يغني أغنية أكثر سعادة وبهجة من وجهة نظره:

 

دي السهرة تحلى

 

سوا سواااا

 

هنغني غنوة

 

سوا سوااااا

 

سوا سوا سوااااا

 

استدار العريس للعروس وهو يوسع رباط العنق قليلاً على رقبته المختنقة وقال بغيظ:

 

هو كدة بيغني ولا بيصوصو يا شيماء؟

 

يوه يا سعيد، يصوصو ولا يهوهو احنا مالنا! احنا دافعينله حاجة من جيبنا!! ممكن لله يا صابر يا اخويا بوظتلي ليلتي

 

وربنا احنا هنبقى مهزءة الحارة من تحت راس اخوكِ سي صابر، والمغني الهزوء اللي جاي يصوصو ويصدعنا

 

قالت العروس بحسرة:

عيني عليا وعلى بختي! بقى ده فرح شيماء غندورة الحتة!! كله من الأر والحسد، البت زينة جارتنا قالتلي ليلتك هيبقى لها العجب يا بت يا شيماء

 

ما هي صدقت وليلتك لها العجب اهيه

 

طفق المغني، يغني أغنية مختلفة علها تنال رضاهم:

 

طير بينا يا قلبي

 

ولا تقوليش

 

السكة منين

 

ده حبيبي معاياااا ما تسألنيششش

 

رايحين على فين ايحين على فين

 

على فين على فين

 

طير بينا يا قلبي

 

فجأة دخل رضا بفرقته بزي غريب وقصة شعر أغرب، وألوان أكثر غرابة، وأساور بلاستيكية ملونة حول معصميه، وسلاسل بلاستيكية غليظة حول رقبته، برفقة صديقته هند بفستان خليع ووجه ملون،  فضج السرادق بمن فيه وتوقف الغناء والعزف، وهتف الحضور الشعبي ومن بينهم هند التي كانت تهتف مع الجمع بحماس وتتقافز وتصفق:

 

رضاااا رضاااا

 

غنيييي

 

يا رضااااا

 

رضاااا رضااااا

 

غنييي

 

يا رضااااا

 

حياهم رضا، وصعد إلى المسرح، وجلست هند في الصف الأول تنظر إليه بهيام، واختطف مكبر الصوت من المطرب وقال له:

 

طير انت وقول لامك غطيني وصوتي يا امّا

 

غادر المطرب المسرح غاضباً، فوجه رضا التهنئة والتحية للعروسين عبر مكبر الصوت:

 

طحية  طايرة حايرة بايرة للعروصين الحلوين، شيماء بنط عمي وعريصها،

 

 

نظر إلى عمه وقال:

 

أحلى طحية لابو العروسة عم عابدين، عم المنطقة كلها والمناطق الشقيقة . انزل بالماظيكا خلينا نولعها يا عم

 

وطفق يغني ويتراقص، فقام الجميع عن المقاعد وبدوأ يرقصون ويغنون معه:

 

ليلة ورد يا حبايب

 

ليلة أنس يا قرايب

 

ليلة ورد يا حبايب

 

ليلة أنس

 

يا قرايب

 

غمز بعينه لهند ووجه إليها الغناء

 

مسا الأنوار يا أسمررر

 

مسا الأنوار يا سكررر

 

مسا الأنوار يا أسمررر

 

مسا الأنوار يا سكرررر

 

صعدت هند إلى المسرح وشاركت بالرقص على غناءه الغث، والعروسان يتراقصان في الكوشة بفرحة عارمة، والزغاريد تصم الآذان

 

ليلة ورد يا حبايب

 

ليلة أنس يا قرايب

 

استاء صابر ورفاقه من مستوى الغناء الهابط، فأشار لرضا بالتوقف عن الغناء، فتوقف، فصاح صابر غاضباً:

 

احنا عايزين غنا محترم، ما تبوظش الحفلة

 

فقال رضا عبر مكبر الصوت:

 

واحنا ابو الاحترام يا ابن عمي وهنسمعك احلى كلام عشان انت ظلمت روحي وفؤادي وطحية لسكان المعادي ههههه تحب تسمع لمين؟

 

غني لعبد الحليم

 

وماله، عبد الحليم صاحبي وحبيبي ولسة متعشي معايا امبارح .. ما بوصليش بغربنة كدة! أنا لما باخد البورشام بجتمع بكل المطربين أحياء وأموات وبنعمل أحلى ليالي أنس، انزل بمظايكة ظلموه يا ابني

 

بدأ رضا يغني:

 

ظلمووووه

 

ظلموووه

 

وارتاحوا لما سجنووووه

 

قفشوووه

 

حبسووووه

 

واتاريهم قبل ما ينسوووه ظلموووه ظلموووه

 

جبت الطبيب يدااااوي

 

سألني الجرح فيييين

 

قلت اسأل دق قلبي اللي مضروب جزمتين

 

كان صابر ورفاقه يسمعون باستياء كبير، فأتم رضا الغنوة وقال عبر مكبر الصوت:

 

ياريت العروصين يشرطفونا ويجوا ع المرسح عشان نبدأ احلى ليلة بأحلى رقصة للعروصين

 

ثم وجه كلامه إلى الحضور السعيد:

 

أنا هغني واقول حلوين، وانتو تردوا وتقولوا قوي، وانا اقول طعمين وانتو تقولوا قوي، ماشي؟

 

ضج الناس بالهتاف، وبدأ بالغناء

 

حلووووين

 

قووووي

 

طعميييين

 

قووووي

 

الله أكبر عليناااا

 

حلويين

 

قووووي

 

طعمييين

 

قوووي

 

لا قبلنا ولا بعديناااااا

 

قاما العروسان ونزلا عن الكوشة وتوجها إلى المسرح بخطوات راقصة والعروس تزغرد والنساء ينفجرن بالزغاريد، فقامت سوكا عن مقعدها واتجهت بخطوات راقصة صوب عمها وجذبته بيديها من طرفي الشال الذي وضعه حول رقبته، ليقوم ويشاركها الرقص، فقام يرقص معها على الغناء، فانتفض صابر الذي شعر بالحرج أمام رفاقه، وهرع إلى والده وهمس في أدنه:

 

يا ابويا اقعد بوقارك من فضلك، أنا اتحرجت قدام زمايلي

 

صاح به والده:

 

يا خويا خدهم وغوروا بقى فلقتونا وليلة البت كانت هتبوظ

 

صاح والده بزملائه:

 

يلا ياض يا افندي انت وهو من هنا، يلا ياض جبتولنا الفقر ببدلكوا وكرفنتاتكو جاتكو الهم

 

اعتذر صابر لرفاقه وغادر معهم العُرس الهزلي... أما كان الأولى بك يا أستاذ صابر أن تقاطع الغناء لحرمته وتحرم المعازف التي حرمها الله، بدلاً من استبدلال الهزل بالضلال وتكون في زمرة الضلّال!! اللهم قنا الفتن والضلال، واغننا عن الحرام بالحلال

 

*************************************************

 

عاد المعلم عدوي وعروسه الحسناء ميسون، من رحلتهما إلى أوروبا، ووصلا إلى عشهما السعيد.. ما أن تلقيا بعض الراحة من وعثاء السفر، حتى سمعا صوت جرس الباب، فقالت ميسون بتعجب:

 

ايه ده! هو بتاع الدليفري اللي طلبناه لحق يوصل بالسرعة دي!

 

لا مش معقول، ده لو مستخبي تحت السلم هياخد وقت أكتر من كدة، اكيد حد تاني

 

أوف، لو ضيف ما تطولش معاه، أحنا عايزين نخرج بعد الغدا، ولا انت ناسي انك عازمني على العشا برا؟

 

مش انا اللي عازمك، ده جميل بيه والمودام بتاعته اللي عازمينا ع العشا في الفندق الجديد بتاعه

 

قالت بانبهار:

 

واو! هو عنده كام فندق؟

 

ما تعديش، عنده فنادق أكتر من الفساتين اللي شاريهوملك من بلاد برا

 

سمعا رنة أخرى أكثر طولاً على الباب، فقال:

 

أما اروح افتح اشوف مين الرزيل اللي جاي من غير معاد

 

ما تطولش زي ما قولتلك يا دودي

 

التفت وضحك:

 

هههأ دودي! طب بس لحد يسمعك يستقل بيا وبشنبي

 

خرج من الغرفة وذهب إلى الباب، فتح فوجد أمامه المعلمة جباير مرتدية عباءة فاخرة وتبتسم له، فهلع حين رأها:

 

مين! جباير!

 

ههه اومال. مع إني واخدة على خاطري من هزارك البايخ معايا والمقلب اللي عملته فيا، بس قولت أجي ابارك واهني واعمل الواجب، ما انا بنت المعلم ضرغام واتعلمت منه الأصول

 

ألف رحمة ونور عليك يا معلمي يا ابو الأصول والمفهومية. اتفضلي يا جباير، بيتك ومطرحك يا ام رضوان

 

دلفت تضحك وتقول:

 

بقالك سنين طويلة ما قولتليش يا ام رضوان

 

عشان عمري ما شوفتك غير معلمة وبنت كار يا جباير، اتفضلي اقعدي في الاستريبشن، ولا تحبي تقعدي في اوضة المسافرين؟

 

أخذت عيناها تدور في المكان وتنظر إلى الأثاث الفاخر الذي يزين المكان الفسيح، وقالت:

 

لا ذوقك حلو يا عدوي.. ولا ده ذوق الننوسة؟

 

هههأ ذوق الننوسة يا بوغاشة فؤادي

 

قهقهت وقالت:

 

ده باين الجوازة الجديدة عدلت مزاجك وخليتك تشوف الدنيا بمبي

 

انفجر بالضحك وقال:

 

بصراحة آه، اصل الحريم اعتاب، ومرسون دي قدمها عسل ووشها وش الخير عليا

 

تبسمت بمكر وقالت:

 

وماله، ان شالله يكون ده رأيك على طول يا ابو رضوان

 

انتِ كمان بقالك كتير ما قولتليش يا ابو رضوان

 

طالما فتحت نفسي وقولتلي يا ام رضوان، يبقى لازم اردهالك يا ابو رضوان يا غالي

 

توجس خيفة وغمغم:

 

الولية دي يا إما سخنة، يا إما بتدبر لي مصيبة، ربنا ينجينا منك يا جباير

 

أسدلت حاجبيها وقالت:

 

بتكلم نفسك ولا ايه! مالك يا راجل!

 

كويس، أنا كويس، اتفضلي في الاستريبشن على ما ادخل اناديلك مرسون عشان تسلم عليكِ

 

وأنا مستنياها وهديتها في البوك بتاعي اهيه

 

جلست، فنظر إليها بارتياب، ثم استدار عامداً غرفة النوم ليخبر عروسه الفاتنة بقدوم ضيفة عزيزة.. فيا ترى ماذا في جعبتك يا جباير من مكائد!! وهل سينكشف الخداع للمعلم عدوي قبل وقوعه!! غداً تميط الأيام اللثام إن شاء الله

 

**************************************

 

إلى هنا انتهت الحلقة

 

إلى اللقاء الخميس القادم إن شاء الله مع الصراع المحتدم بين المعلم عدوي والمعلمة جباير

 

لا تنسوا ذكر الله والصلاة على الحبيب عليه الصلاة والسلام

 

سبحان الله، الحمدلله، لا إله إلا الله، الله أكبر، لا حول ولا قوة إلا بالله

 

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تعليقات

  1. الله يسعدكِ أستاذة هبة❤️أم رفيف

    ردحذف
  2. جميله كالعاده يا استاذه ❤️
    Walaa samy

    ردحذف
  3. جميلة حبيبتي تسلم ايديك ❤️

    ردحذف
  4. رائعة كالعادة أستاذة هبة. بس أيه الهدية اللى ممكن تكون داخل البوك؟

    ردحذف
  5. جزاك الله خيراً ♥

    ردحذف
  6. اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد

    ردحذف
  7. ❤ مبدعة كالعادة ❤ وبتخلينا نشوف المشهد بوصفك الجميل لكل حاجة 🌷🌷🌷🌷
    هدى البليسي

    ردحذف
  8. كاميليا محمد
    لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد
    الحلقة رائعة جدا ودمها خفيف والله انت عسل يا استاذة دومتى مبدعة وسلمت يداك ❤️🌹

    ردحذف
  9. تسلم ايدك حبيبتي حلقة شيقة كالعادة جيبالها تعبان ولا اية
    سماح

    ردحذف
  10. وأخيرا نزلت الحلقة بعد طول انتظار 😂
    انا والله مشفقة على البنت هناء فهي بريئة من هذه الاتهامات اللي يتهمونها 😑فلا توجد حاجة اسمها نحس وان شاء الله تتغير نظرتهم منها 😁
    اما بالنسبة للعرس فأنا مستغربة جدا أن يكون فيه خمر وحشيش فهل يوجد فعلا هكذا في الأعراس الشعبية🤨 تبقى مصيبة والله وحتى صابر المتعلم أخطأ لما جاب مغني هو في الأصل يكون إنشاد لكن نقول ايه في الأحياء الشعبية🤷🏻‍♀️
    المعلمة جباير ذكرتني بنعمة الله في الحاج متولي 😂 قادرة هههه
    اما نعمة فأظنها ستوافق على الوظيفة وتصلح لها صراحة وان شاء الله ستخبها عمته وهي اللي تطلبها له كعروسة 😂
    كنت عايزة أعرف صباح الشحاتة هي نفسها مرات البيه ولا توأمها لازم تتكلمي عنهم الأسبوع الجاي ياهوبة عندي فضول زي أم عوض 😂

    ردحذف
  11. جميله جدا عذرا على التاخير عندنا امتحانات هههه ادعوا لحفصه ارجوكم هههه Wafaa ali

    ردحذف
  12. حلقة جميلة كالعادة ❤️❤️💝

    ردحذف
  13. لا إله إلا الله
    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد
    مبدعة كالعادة
    ان شاء الله في انتظارك

    ردحذف
  14. سبحان الله و بحمده اللهم صلى على محمد عليه الصلاة و السلام حلقه رائعه كمعتاد سلمت يديك لولو 💕💕💕😘

    ردحذف
  15. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً طيباً مباركاً فيه 💗
    هههههههههههههههههههه و ههههههههههههه
    حلفة جميلة جداً والله وخلتنا نسامح حضرتك ع التأخير اللي حصل بسبب خفة الدم الحلوة دي😊
    صابر عامل للمعازيم لانش بوكس في الفرح 😂

    فعلاً المهمة بتاعة عمة الاستاذ عمر ما ينفعش لها غيرنعمة وإن شاء الله تكون فاتحة خير عليهم كلهم
    وربنا يتمم جوازة هناء والدكتور هشام على خير بإذن الله ويبعد عنه القرشانات امه وخالاته
    عنتر الصعيدي ده شكله طيب ومحترم قوي علشان كدة ربنا رزقه بكل اللي بيتعامل معاهم زيه وطيبين
    يا ترى مخبية لنا احنا كمان إيه يا جباير.
    حلقة جميلة ورائعة كالعادة يا جميلة😍

    🌷دُمتِ مُبدعة 🌷

    ردحذف
  16. smsma mohamed

    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وسلم تسليما كثيرا


    دمتى مبدعه ف انتظارك باذن الله💓💓💓

    ردحذف
  17. الله الله
    الحلقة طويلة وجميلة ودسمة 😂
    تسلم ايدك يا أستاذة هوبة

    شاطر الدكتور هشام ياترى بقا هيقدر على أمه ولا هتشتغل ف العشرة الكرام 😂
    ماشاء الله خالته مسحت صينية البسبوسة وشايفة ان وش هناء هو السبب
    ياولية طب وصنية البسبوسة اللي خلصتيها 😂😂
    سلمى صعبت عليا ، بس اكيد مستخبي ليها حاجة احسن 💚

    مبروك العربية يامعلم عنتر
    والله نفسي من زمان اكل فول من ع العربية 😂😂😂
    انا مخنوقة من الولية ام عوض دي ياخبر مش فايت ع الفضول والغتاتة ياولاد 🙄

    ايه اللطافة والجمال والهدوء اللي عند سهاد هانم دا ؟
    ماشاء الله ، رزق نعمه بعد الشقا والتعب والصبر ، ربنا مش بيضيع صبر ابدا 🥺


    اما بقا بالنسبة للشمامين وسوكا معاهم فلاااا تعليق بجد 😒😒

    انا مش عايزة ملك يجرالها حاجة يا أستاذة هوبة 😭😭 ارجوكِ سيبي ملك تعيش وتتبسط وسوكا تتسك على دماغها بالله

    عدوي وجباير 😶
    جباير مش هتسكت واعتقد مهما تعمل ف ميسون مش هيقف ليها عدوي 😩
    ياخوفي منك يا جباير
    هي ممكن تأذي ميسون وعدوي يتفرج ومش يفرق معاه ولا هيقف ف وشها
    ولا ميسون مش هتسمح اصلا ؟
    يلا اهو احنا منتظرين 😂

    تسلم ايدك مرة تانية يا أستاذة هوبة 😍

    ردحذف
  18. حلقة جميلة يا هوبا قوي قوي زي ما رضا بيقول
    ربنا يستر من جباير وعمايلها هترمي ميسون بماية نار ولا اية
    مش المفروض عدوي يقولها على جباير عشان تعرف تاخد ساتر

    صابر هزء نفسه واصحابه يعني عارف اخواته وابوه يستاهل كنت فاكراه هيجيب منشد
    سوكا مخبية اية لملك انا خايفة على البنت من الغل اللي عند سوكا
    عنتر ابن اصل وبار بأهله بس المعلم عدوي اكيد مش هيسيبه يهنأ بعربية الفول
    طنط لطيفة دية بتفكرني بحد اعرفه
    ام هشام دية دمها خفيف بس هتطلع عين هناء
    نعمه هتوافق المرتب مغري بالنسبالها جدا وعمه عمر شكلها ست لطيفة جدا

    مديرة امن مديرية الحارة ست مشكلة ربنا يهديها وتركز فحالها بدل مهي مركزة مع احوال الناس

    ردحذف
  19. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد
    حلقة جميلة ودمها خفيف ماشاء الله عليكي موهبه و إبداع فوق الوصف

    ردحذف
  20. الله يسعدك يا هوبه زى ما خلتينى اضحك الضحك ده كله مع سميحة واخواتها 😂😂😂😂😂😂

    متوقعتش ابدا يكون النجار ابو الدكتور هشام بس بعد ما عرفت اتأكدت أن هشام القمر ده تربية واحد زى صادق 💞💞

    أما فرح شيماء حدث ولا حرج طبعا ده انعكاس لحالة طبقة العشوائيات فى زمانا ده 💔💔

    طبعا مش محتاجه اقولك مستنيه الحلقة الجاية بشوق قد إيه عشان اعرف جباير ناويه على ايه 💃💃

    تسلم ايدك حبيبتي
    تحياتي 🌹
    ولاء القوصى

    ردحذف
  21. جميلة حبيبتي 💖
    إيمان إبراهيم 🌸

    ردحذف
  22. متي الحلقه ياهوبا

    ردحذف
  23. في حلقه النهارده ياهوبا ؟

    ردحذف
  24. رائعة جدا
    سلمت يداكي يامبدعة
    نور الحق

    ردحذف

إرسال تعليق