زوجي ,أنا لست ......

زوجي أنا لست......

قصة قصيرة بقلم هبة عبد العظيم نور

********************************


*********************************



نعم..اليوم هو عرسي كما يعتقدون..الجميع فرحون..الجميع يهنئون..لهم كل العذر..فهم لا يعلمون..يا إلهي..لا أستطيع سماع زغاريدهم ..لا أستطيع..تستحيل في أذني إلى صراخ..كفوا كفوااا..آآه أذني..سأصمهما بكلتا يدي..كفوا بالله كفوا..فتحت أمي باب غرفتي فرحة وهي تحمل فستاني الأبيض..لِمَ هي فرحة!ما أراها إلا حاملة لأكفاني..قبلتني أمي وضمتني إلى صدرها قائلة..سأفتقدك يا زهرتي الجميلة..ولكن لا عليكِ..سأزورك كل يوم في منزلك الجميل..هيا ارتدي فستانك فزوجك أوشك على المجيء ..انصرفت أمي وظللت أنا فريسة لمارد الخوف الذي أحال حياتي إلى سواد قاتم..أجل خائفة..خائفة من زوجي..بل ترتعد فرائصي..كل فتاة تحلم بليلة عرسها وتخال زوجها ملاكاً يحمل إليها الزهرالأبيض متبسماً..لكن أنا..أنا أخال زوجي متجهماً يخرج سكيناً من سترته ويطعنني به بقوة غضبه..أجل سيفعل ذلك..بلا أدنى شك سيفعل عندما يكتشف أنني لست...لست عذراء..لا ..لا تلوموني فلم أفرط يوماً في نفسي لأحد..كل شباب قريتنا يعلمون ذلك ويرددونه فيما بينهم..ليلى ابنة الحاج يزيد أجمل وأعف بنات القرية..كان حلما لهم جميعاً أن يتزوجونني..منذ أن بلغت مبلغ النساء وكنت وقتها في المرحلة الإعدادية.. وهم يتقدمون لخطبتي وأبي يرفض ويقول..ابنتي ليلى ستكمل دراستها وستدخل الجامعة..كانت أمي تعترض على استحياء ولكن أبي قوي الشكيمة ولا راد لأوامره..مرت السنوات سراعاً وتخرجت من الجامعة ..وفي اليوم الذي ذهبت فيه لأطمئن على نتيجة الليسانس..اشتدت فرحتي..قد حصلت على درجة الامتياز كعادتي كل عام ,انطلقت فرحة من الجامعة لأنني أخيراً فرغت من سنوات الدراسة الطويلة..وأخيراً تحقق حلم أبي بأن أحصل على شهادة جامعية,كم سيفرح لهذا الخبر الذي انتظره طويلاً..حمداً لله أنني قدرت أن أحقق له السعادة..كنت في طريقي إلى البيت ..أمشي وأنا مجهدة بعض الشيء في الطريق الزراعي الطويل الذي خلا من المارة,وفجأة...شدت سيقاني  يد بقوة إلى داخل الأرض المزروعة بأعواد الذرة الشاهقة الارتفاع..صرخت فكمم فاهي بيده ..وكان ما كان..رأيت وجه هذا الشاب المارق فلم أتعرف عليه..شاب غريب عن قريتنا..أجل غريب..فلا يجرؤ شاب من قريتنا أن يفعل بي هذه الفعلة المشينة ويجردني من عذريتي ويوصم أبي بالعار..فعل الماجن فعلته وهرب ..هرب وتركني أنا للعار والفضيحة والمستقبل المجهول..قبل أن يهرب ضحك قائلاً..خلصتك أيتها الشريفة من الشرف..فلا شرف في هذه الحياة..وهرب كالشبح...استجمعت نفسي واتكأت على قوتي الخائرة وسترت نفسي بملابسي التي توحلت ..نهضت بتثاقل ولملمت أغراضي واتجهت إلى المنزل حبيسة الدموع محطمة الوجدان..كنت أخاف حتى من مجرد البكاء حتى لا يفتضح أمري..قررت ألا أخبر أبي وأمي..وكيف أخبرهما بهذا الخطب الجلل! لو علم أبي لسقط صريعاً ..لو درت أمي لأصابها الشلل..يا إلهي..دبرلي فإني لا أحسن التدبير..ربي إني مغلوب فانتصر
*********************************
بقلم هبة عبد العظيم نور
*********************************


عدت إلى البيت بوجه شاحب وملابس ملطخة بالأوحال..هال أمي ما رأت وضربت بيدها على صدرها صارخة..مابك؟حاولت انتزاع ابتسامة من شفتيّ اليابستين وقلت..لا تنزعجي يا أمي..انزلقت قدمي في الوحل في طريقي إلى المنزل لأنني مجهدة بعض الشيء ولا أدرى أين أضع خطواتي..أخذت أمي نفساً عميقاً من الراحة التي شعرت بها ..وقالت..ولكن الابتئاس قد بدا على وجهك يا ابنتي.هل رسبتي؟قلت,لا..نجحت..نجحت بتقدير امتياز يا أمي وانكببت على صدرها ابكي بكاءا مريراً ممزوجاً بحسرة ما فقدت.احتضنتني أمي وهي تقول.تبكين هذا البكاء في يوم تخرجك وتقعين في الطريق وتتوحل ملابسك!والله إن العين أصابتك..وأخذت تتمتم ببعض آيات القرآن وأنا في أحضانها.ثم قالت..اذهبي يا ابنتي واغتسلي من أوحالك ,لا أريد أن يعد أبوكِ ويراكِ بهذا المظهر المقبض..ذهبت واغتسلت واستبدلت ملابسي واتجهت إلى القبلة أصلي وأشكو بثي وحزني إلى ربي
*********************************
بقلم هبة عبد العظيم نور
*********************************
بدأ الخطّاب يترددون على أبي ويقولون ها هي ابنتك تخرجت في الجامعة ..وكل خاطب لا أجب أبي إلا بالرفض والبكاء..حتى ضاق صدر أبي وأمي.ولكنهما عجزا عن إقناعي.وكانت علتي دائماً أنني لا أريد الزواج لأنه لم يأت من يستحقني. اعتزلت الحياة والناس وظللت حبيسة الجدران في بيت أبي غير آبهة بالعمر الذي يمضي..كم تمنيت الموت حتى أستريح ..يا إلهي..وكأنني أنا الخاطئة التي فرطت في عفافها!

*********************************
بقلم هبة عبد العظيم نور
*********************************

.مضت عشر سنوات..تزوجت خلالها أخواتي الصغيرات.ويأس أبي وأمي من أمر زواجي..فقد انصرف الخطاب عني ووصفوني بالمتكبرة التي تنظر إلى الناس من أعلى..وقالت عني بعض نساء القرية أنني متزوجة من الجن,وأخريات قلن أنني مسحورة ..فليعتقدوا ما يشاؤون..فربي هو العالم بسريرتي
ذات يوم..أتي خالي إلى منزلنا وحدث أبي بأمر ابن  أحد تجار البلدة وأنه شاب تقي وعلى خلق ويعمل مع والده في تجارته ويريد والده أن يزوجه بفتاة من أسرة متدينة .فرشحني له..رشحني وهو لا يعلم أنني لست كفئاً لهذا الرجل ..ما ذنب رجل مثله أن يكتشف هذه الفاجعة ليلة عرسه!هل سيصدقني إن قلت له أنني ضحية ولست جانية! هل سيصدق أنه لا ذنب لي؟لا.لا.لن يصدق.فمن أين يعرفني ليصدقني؟وكيف ستكون ردة فعله عندما تنزل على رأسه هذه الصاعقة في يوم فرحته؟لالا.لن أوافق.سأرده كما رددت غيره..لن أسمح لأحد في القرية أن يقول ليلى ابنة الحاج يزيد ليست عذراء..لا ..الموت أهون من هذا العار
*********************************
بقلم هبة عبد العظيم نور
*********************************

...حاولت الرفض بشتى الصور ولكن هذه المرة أبي لم يقبل أن أنبس ببنت شفة..وافق على الخاطب...وجاءت لحظة أهابها حين استدعوني لرؤيته..شاب كث اللحية.. حسن الطلعة.. قوي البنية بدرجة تهابها النفس..لم يبتسم ولو بسمة واحدة طيلة اللقاء,وهذا ما زاد خوفي وارتجافي..لم يوجه لي كلمة أو سؤال ولم ينظر إليّ إلا نظرة واحدة عابرة..ربما عنى بذلك أنك ما زلتِ لا تحلين لي ولن أطيل النظر إليكِ..لم يتكلم مع والدي إلا عن العائلات الكريمة وتربية الفتيات على العفاف ليكن زوجات صالحات حافظات لعرض الزوج في حضوره وغيابه..يالها من طامة كبرى..وكأني أرى مصيري نصب عيني..هذا الرجل لن يقبل إلا بزوجة عفيفة حفظت نفسها وترفعت عن الزلل...وها هو يوم عرسي,أو يوم حتفي لا فرق...ماذا سأصنع لأجنب أهلي العار والفضيحة!!لا حل أمامي سوي الوقوع خانعة تحت قدميه أقبلها وأتوسل إليه باكية ألا يخبر أحداً بهذه الهتيكة,سآخذ سكيناً وأحمله بين طيات ملابسي لأعطه إياه..فليقتلني إن شاء..يا إلهي..ماذا سيفعل بي!
*********************************
بقلم هبة عبد العظيم نور
*********************************

انتهت مراسم العرس ووضعت البيشة على وجهي  واصطحبني زوجي إلى منزلنا الذي ستشهد أركانه مهزلة عمري..ضحية تدافع عن نفسها وتحاول مستميتة تبرئة نفسها من جرم لم ترتكبه..حقاً مهزلة ...ما إن دخلت المنزل حتى حسرت أنفاسي وتجرعت غصة في حلقي وبدأ جسدي في الارتعاد حتى كدت أن أسقط..التقطني زوجي وحال بين سقوطي..أيضاً لم يبتسم ..لم يتفوه بكلمة غير ..لا أحب المرأة الضعيفة..يبدو أنك تهابيني وتهابين الموقف..لا عليكِ ..سرعان ما سنتآلفا..هكذا قال وهو مقطب الجبين..استشعر عدم الرحمة في هذا الكائن..يبدو أن الصباح لن يبزغ إلا وأنا جثة هامدة بضربات السكين..ولكن ..لا مفر من مواجهته..حملني بيدين قويتين إلى غرفتنا الخاصة..ظل يقترب شيئاً فشيئاً وأنا أرتعد..مد يده ورفع البيشة من على وجهي.وما أن هم  حتى انتفضت وقلت انتظر..استدرت وأخرجت السكين من بين طيات ملابسي وقلت له..هذا السكين لك واحكم بما تراه..يجب أن أخبرك أنني لست..لست..فأكمل عبارتي وقال,لستِ عذراء..أعلم ذلك لأنني من فعلت..سقط السكين من يدي وفغرت فاهي
*********************************
بقلم هبة عبد العظيم نور
*********************************


..فاستطرد قائلاً..إغفري لي ما فعلت بكِ..كنت قبل أن يهدني الله شاباً طائشاً أحيا في المدينة مع أمي المطلقة من أبي والذي يحيا في هذه القرية..لم تعرفيني..لم تقع عينك عليّ أو على أي شاب  يوماً من شدة حيائك..وإذ أنتِ مارة ذات يوم..كنت أجلس على مقهى القرية مع بعض الشباب والذين ظلوا يمدحونك ويمدحون جميل خلقك وحيائك وأدبك الجم..قلت لهم لا تنخدعوا بالظاهر.ربما هذه تفعل الأفاعيل دون علم الجميع..فقالوا لي اصمت ولا تزد كلمة بحق المحصنات واتقي الله..أثار الأمر غضبي وانتويت أن أثبت لهم أنني على صواب وهم على خطأ..أرأيتِ كم كنت فارغ العقل ولا دين لي!تربصت بكِ على الطريق واختبأت خلف أعواد الذرة وظل بصري معلقاً بخطوات أقدامك..وما إن اقتربتِ حتى جذبتك بكل قوتي وفعلت فعلتي الشنعاء..وها ئنذا ألتقط السكين الذي سقط من بين يديكِ..ولأنظر ماذا تفعلين بي أيتها الشريفة العذراء........سقطت على الأرض وانخرطت في البكاء..لا أعرف هل هو بكاء فرح أم بكاء حنق عليه أم بكاء نصري بعد غلبتي!! ولكن..هل أغفر لهذا الرجل برب السماء؟
*********************************
بقلم هبة عبد العظيم نور
*********************************



تعليقات

  1. ربنا يهدي شباب المسلمين ويصرف عنهم أصدقاء السوء
    يارب احفظ بنات المسلمين جميعا
    قصة جميلة جدا سلمت يداك حبيبتي
    😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘

    ردحذف
    الردود
    1. اللهم أمين ...انتِ الأجمل يا ميرو يا عسل

      حذف
  2. 😭😭😭😭😭😭😭😭😭

    ردحذف
  3. ماذا فعلت
    احساس مختلط بالتوتر والخوف وبين هم وانزاح
    تمسك بالسكين وتطعنه كما فعل بها وعاشت ١٠ اعوام حزينة مكسورة
    ودمر لها مستقبلها وغير مجرى حياتها
    لا يمكن ان تسامح حتى مع شعوره بالندم
    ذكرى هذا اليوم ستظل تراودها

    ردحذف
  4. جميل جدااا لو كل عاصى فاق وتاب قبل فواات الاوان ...ربنا يهدى شباب وبنات المسلمين اجمعين يارب

    ردحذف
  5. ربنا يهدي شباب المسلمين جميعا

    ردحذف
  6. اللهم اهدنا و أصلح حالنا... 10 سنين اتسبب لها بالوجع و الألم و في الآخر يجي كده بكل بساطة!!!!
    كان شاب و طايش إيه العذر اللي أقبح من الذنب ده؟!!!
    ما هو لو كل أب و أم أحسنوا تربية أولادهم و علموهم الحرام قبل الحلال مكنش حد استحل حرمات الغير..
    حسبنا الله و نعم الوكيل

    ردحذف
  7. الشاب الطائش دة سخر من شرفها بعد ما ارتكب جريمته و جاي دلوقتي يصلح غلطته بعد 10 سنين وجع و حرمان من شباب كتير احسن منه 100 مرة مينفعش يعيشوا مع بعض و هي جواها كمية الألم و الكره ناحيته ممكن تسامحه لكن مستحيل تقبل تعيش معاه تحت سقف واحد
    التوبة مش معناها تقبل بوجوده في حياتها
    دمتي مبدعة

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا على رأيك soltyrei الجميلة ..دمتِ راقية

      حذف
  8. ربنا يحفظ بناتنا ويهدي شبابنا

    لا اظن انها تقدر تسامحه
    لكن مضطرة تعيش معاه عشان سمعتها
    بس ليه رغم عملته دي متجهم كده في معاملته
    هي ناقصة نكد وهم ما كفاية اللي عمله فيها
    ربنا يهدي الجميع
    Walaa walaa

    ردحذف
    الردود
    1. ده اللي غاظني منه.. متجهم و لا ابتسم ابتسامة واحدة يطمنها 😬😬😬

      حذف
    2. ممكن زعلان من نفسه ومش قادر يسامح نفسه فمش قادر حتى يبتسم

      حذف
    3. شكرا walaa على رأيك ,ولكن أذهب إلى ما ذهبت إليه أم نور واقول لكِ ولluli ربما لا يقوى على الابتسام لاحساسه بالذنب

      حذف
  9. جميلة اوى تسلم ايديكى ياهوبة

    ردحذف
  10. مؤلمة جدا جدا ربنا يحفظنا وبنات المسلمين جميعا بحفظه

    ردحذف
  11. تسلم ايدك استاذة هبة

    مش عارفة حكم كلمة بحق السماء

    تمنيت انو حضرتك خاجة قبل الحلقة عشان اعرف اعلق

    الحلقة المدمجة تقيلة جدا و التلفون بيهنج و مش بعرف اكتب خالص تعليق و لا اقرا الحلقة حتي كويس
    بعد اذنك لو تجعليهم حلقتين
    كالهادة مقسمين
    يا رب تشوفي تعليقي
    جزاك الله خيرا
    و الله اني احبك في الله
    احرجتيني بذوقك و كرمك والله

    ردحذف
    الردود
    1. احبك الذي احببتني فيه حبيبتي ,وانا كمان بحبك يا ياسمينة ...طيب معلش والله مش هينفع دلوقتي لاني مضطرة اسجل خروج حالاً ..لو ما عرفتيش تقرأيها لحد بالليل اكتبي هنا تعليق وانا هقسمهوملك حبيبتي

      حذف
  12. ياااااااااه صعبة أوي.......لعل الله يذهب مافي قلبها منه ...ويقبل توبته وتوبة التائبيين......ياارب

    ردحذف
  13. جميلة جداً ... ربنا يهدي شباب المسلمين أجمعين يارب
    يااااه على قدر ما هو هم وحمل وإنزاح من على قلبها ... على قدر ما في قلبها من غصة وحنق تجاه الشخص ده ...
    فهي الآن بين خيارين إمَّا أن تعفو وتصفح وتغفر له ... أو تبقى معه مؤقتا ثم تحسم أمرها بالفراق...
    🌷دمتي مبدعة🌷

    ردحذف
  14. دمتى رائعه
    اسلوبك فى السرد والقص ممتع بشمل غير عادى اكثر بكثير
    من اسلوب الحوار
    سلمت على الاسلوبين 😍😍

    ردحذف
  15. جميله جدا.. ربنا يحفظ بنات المسلمين اميين.
    يكفينا ان في يوم قيامة وربنا الحق هو اللي حيحاسبنا

    ردحذف

إرسال تعليق