أنا وكيفن وضوء القمر( الثالثة والعشرين)

 


وضعت مانويلا الهاتف واتجهت مسرعة إلى عباءة الصلاة ترتديها، فقُرعت الأجراس مرات متتالية، فقالت بصوت عال

ــــ قادمة، قادمة... من بالباب؟

ــــ الزهراء

ــــ من !! ما الذي جعلها تصعد خلفي هذه المرأة !! بدأت أن أخاف حقاً

فتحت الباب وقد افرجت عن ابتسامة مصطنعة:

ـــــ مرحبا سيدتي

ــــ السلام عليكِ

ـــــ وعليكِ  السلام تفضلي بالدخول

ــــ يئست من أن تفتحي الباب . ظننتك قد استغرقتِ في النوم

ــــ هه بل استغرقت في الصلاة كما ترين فأنا أرتدي عباءة الصلاة

ــــ اللهم قو إيمانك يا زينب

ــــ ايماني قوي جداً هاها تفضلي ها هنا سيدتي

ــــ ممممم أيمكنني ان ادخل الى غرفتك

بدا الفزع على ملامح مانويلا وقالت باضطراب:

ـــــ ماذا !!... لِمَ ؟؟

ــــ هه ولِمَ فُزعتِ هكذا!.. أهناك شيء ترغبين في إخفائه ؟

تلعثمت وهزت رأسها منكرة:

ـــــ آآآانا !! لالالا . إطلاقاً . ولكن لا افهم لِمَ تريدين دخول غرفتي ؟

ــــ ههه أود أن أرى كيف ترتبين أغراضك يا عروس ولدي .. أعرف المرأة المرتبة من ترتيبها لغرفتها وأغراضها

ــــ اطمئني سيدتي.. أنا مرتبة جداً، وأعشق النظام

أبدت السيدة إصرارها:

ــــ لن أصدق قبل أن أرى بنفسي

أطرقت مانويلا وزفرت أنفاسها حانقة، فضحكت السيدة وقالت:

ــــ لا تضيقين بي ذرعاً أيتها العروس . فأنا مثل أمك رحمها الله. هكذا فعلت مع حفصة أيضاً

ــــ ممم يبدو أنك لن تهدئي إلا عندما تدخلين غرفتي، إذن فلا بأس، تفضلي

تبعتها السيدة إلى الغرفة، ظل بصرها يدور في أرجائها بتمعن..فقالت منويلا:

ـــــ مارأيك في غرفتي؟ . مرتبة. أليست كذلك ؟

ــــ بالطبع مرتبة، ومنظمة جداً..افتحي خزانة الملابس هذه 

ــــ .... خزانة الملابس!!....حسناً، سأفتحها

فتحت خزانة الملابس، وقالت بابتسامة فاترة:

ـــــ مارأيك سيدتي في ترتيبي لملابسي ؟

ــــ مممممم رائع بحق

ــــ أرى عينيكِ تدوران في المكان وكأنك تبحثين عن شيء ما

قالت السيدة بملامح جامدة:

ــــ لا. فقط أعجبتني غرفتك ونظامك وأبدي إعجابي بمهارتك في الإخفاء

ارتبكت مانويلا وقالت:

ــــ إخفاء!!.. عن أي اخفاء تتحدثين ؟

ــــ هه إخفاء مشاعر غيظك من صنيعي ... لا عليكِ ... اتركك الآن فقد تأخرت جداً

تنفست مانويلا الصعداء وقالت باسمة بارتياح:

ـــــ امكثي قليلاً لتحتسي فنجاناً من القهوة سيدتي والدة الخاطب 

ـــ أشكرك . لنا لقاءات أخرى يا زينب . أعطني رقم هاتفك حتى يتسنى لي الاطمئنان عليكِ، فقد أصبحتِ ابنة لي

ــــ ممم حسناً،  سأكتبه لكِ

كتبت رقم هاتفها على قصاصة ورق، وأعطتها إياها:

ــــ ها هو الرقم

ــــ شكراً يا زينب . السلام عليكم

 

ـــــ وعليكم السلام سيدتي

 

غادرت السيدة المنزل، فأغلقت مانويلا الباب وزفرت بعدما تخلصت من هم السيدة الذي جثم على صدرها:

******************************

عادت السيدة إلى عائشة، فرحبت بها:

ــــ مرحبا امي الزهراء . هل سألتِ زينب عما كنتِ تريدين ؟

ــــ هاها بكل صراحة صعدت خلفها لأرى إذا كانت تخفي أشياء أخرى خاصة بالنصارى كالأيقونات أو الصور فلم أجد شيء

ــــ هههه حمدالله . أعتقد أنك تيقنتِ أنها مظلومة ولا تستحق كل هذه الشكوك في أمرها

ــــ نتمنى يا ابنتي. فقط كوني على حذر. وأحمد الله أنها هي من طلبت تأجيل الزواج حتى نستوثق من أمرها أكثر

ــــ إنها مسكينة يا أمي، فافتحي لها قلبك ولا تغلقيه في وجهها

ـــ لا أغلق قلبي في وجه أحد يا بنيتي . نسأل الله أن يبصرنا بالأمور

ــــ اللهم آمين يا امي

سمعت عائشة صوت عبد الله يناديها:

ــــ عائشة

ــــ إنه عبد الله يناديني . أستأذنك يا خالتي

ــــ تفضلي يا حبيبتي

**************************************************

هرعت عائشة إلى زوجها تسأله:

ــــ ما الأمر حبيبي

ــــ هههه طال مكوث الأضياف عندنا وحرموني منكِ حبيبتي  وزاد الشوق  إليكِ  يا مهجة قلبي

ـــــ ههه والله أنا من اشتقت اليك أكثر  يا قرة عيني.. ولكن  ألهذا  السبب  جئت حبيبي ؟

ــــ أجل، جئت لأراكِ وأطلب منكِ أن تبلغي أمي الزهراء أن محمد واحمد سبقاها إلى السيارة

ــــ ولِمَ لم يدق احدهم على هاتفها ؟

ــــ هاتفها مغلق على ما اعتقد أو ربما  توجد صعوبة في الاتصال

ــــ سأبلغها حبيبي

***************************************

كان محمد وأخيه ينتظران أمهما في السيارة، ما أن رآها محمد حتى تعجلها:

ـــــ هيا يا أمي اركبي حتى ينطلق بنا احمد. فقد تأخرت على حفصة كثيراً

ـــــ هاها تباً للأشواق يا ولدي

ــــ ههه هيا يا أمي، هيا . سمي الله وانطلق بالسيارة يا أحمد 

ــــ بسم الله توكلت على الله ، لم تخبريني  يا أمي  ما رأيك في زينب مخطوبتي ؟

ــــ الأهم  من رأيي هو رأيك يا أحمد

قهقه محمد وقال لأخيه:

ــــ رمت أمك  الكرة في ملعبك، حتى وإن ظهر ما يسوؤك  من العروس تكن أمك  بعيدة عن اللوم ههه

ضحكت والدتهما وقالت لمحمد:

ــــــ دائما تظلمني يا ولدي. فقط أنا أردت أن أوضح أنها عروسه هو، ومن ثم فهو حر في اختياره لأنه  هو من سيعيش معها . ألست سعيداً بها يا أحمد ؟

ــــ ... والله يا أمي  أنا  تعلقت بها بسبب ما بلغني عنها من قيام لليل وصلاة وذكر، وهذا يدل على عمق إيمانها بالله

ـــــ ممم افهم من ذلك أنك ستتوكل على الله وتتم الزواج منها يا ولدي ؟

ــــ إن شاء الله يا امي . رغم أني أحس  أنها  .......

سألته أمه بتلهف:

ــــ أنها ماذا يا ولدي ؟

ـــ إنها غير مرحبة بالأمر أو مجبرة

تدخل محمد في الحديث:

ــــ مجبرة ! يا أخي  لم يجبرها أحد. ربما الخجل الذي كان يبدو عليها هو الذي  جعلك تشعر بذلك

ــــ .....لا أعلم ... . أريد أن أراها مرة أخرى وأن  أتحدث  إليها، ولكن قبل ذلك أريد إرسال هدية لها مع حفصة زوجتك يا محمد

قهقه محمد وقال مازحاً:

ــــــ ألم تجد غير حفصة  زوجتي؟ ههه

ــــ ولِمَ لا يا محمد!... . أهناك شيء حدث بينها وبين زينب ؟

ــــ لالالا، أنا أمزح بالطبع . اشتري ما شئت من هدايا وسأرسلها مع حفصة إن شاء الله.

استطرد محمد مداعباً مشاعر أخيه:

ــــ  تمهد لنفسك طريقاً الى قلبها عن طريق الهدايا. أليس كذلك ؟ هاها

ـــــ ههه أريد أن أذيب جليد مشاعرها نحوي شيئا فشيئا إن شاء الله

قالت الوالدة:

ــــ مممممم يبدو أنك تعلقت بها يا ولدي وتفكر في كسب قلبها بأية وسيلة

ــــ هاها وهل هذا يزعجك يا أمي ؟

ــــ على الاطلاق يا ولدي. أنا لا يهمني غير سعادتك أنت  وإخوتك  

ــــ حفظك الله لنا يا أمي

ـــــ وبارك فيك وفي إخوتك  وأبيك يا ولدي . مممممم اقتربنا من منزل محمد يا أحمد

بالقرب من أحد محال الحلوى، قال محمد لأخيه

قف بالسيارة هنا يا أحمد، سأنزل

قالت الأم متعجبة:

ــــ  يا ولدي منزلك في الشارع القادم فانتظر

ـــ لا . سأنزل هنا لأشتري لحفصة بعض الكعك، فهي لم تأكل مما أخذناه للعروس. أشعر بالخيانة لأنني  أكلت  شيئاً بدونها هاها

ــــ ههه وأنا  لا أرضى  أن  تكون خائنا يا ولدي، فانزل واحضر لزوجتك ما شاءت من حلوى

ـــــ بارك الله فيكِ يا أمي. السلام عليكم

ــــ وعليكم السلام يا ولدي

ــــ وعليكم السلام يا اخي

***************************************************

في عالمهما السعيد..نادت عائشة عبد الله:

ــــ عبد الله أين  أنت  يا حبيبي؟ . لِمَ اختفيت منذ أن  غادر الأضياف  المنزل!

أتاها صوته من المطبخ:

ـــــ أنا  هنا. أعد العصير وبعض الكعك وسآتيكِ حالاً حبيبتي

ــــ ههه بارك الله فيك حبيبي

**************************************************

بعد قليل آتاها يحمل الكعك وكوباً من العصير:

ــــ هأنذا  قد جئتك يا حبيبتي ههه

ـــــ ههه أحضرت كوباً واحداً من العصير ككل مرة يا حبيبي!!

ــــ لنرتشفه سويا يا حبيبتي . رشفة لكِ ورشفة لي  هاها هيا سمي الله وابدأي أنتِ، تفضلي

ــــ هههه أشكرك حبيبي . بسم الله الرحمن الرحيم  ممم سلمت يداك حبيبي، رائع

ـــــ رائع لأنه لامس شفتيكِ حبيبتي . قربي الكوب لأرتشف منه من موضع شفتيك

ــــ تفضل يا أغلى الناس

ــــ سلمتِ يا أغلى من الماس ههه بسم الله الرحمن الرحيم ممم طعمه رائع . سلمت يداي حقاً ههه

ــــ ههه سلمك الله وحفظك ورعاك  يا عمري . دعني أضع انا قطعة من الكعك في فمك

ــــ لا، ابدأي أنتِ، فأحب دائماً أن آكل  من موضع فمك، فبالله لا تحرميني. افتحي فمك حبيبتي

ــــ ههه بسم الله الرحمن الرحيم مممم جميل جداً هذا الكعك . أعطني الشوكة هذه المرة لأضع قطعة الكعك في فمك  مثلما فعلت معي هههه

ــــ تفضلي الشوكة وهأنذا  أفتح  فمي

ــــ سمي الله حبيبي

ــــ بسم الله الرحمن الرحيم ممممم جميلة كاليدين اللتين  أطعمتاني  ههه

ــــ ههه أنت الأجمل حبيبي

ــــ افتحي فمك خذي هذه مني

 

ــــ ههههه ها هو فمي

ـــــ وهأنذا أخدعك  وآكلها  أنا هههه

ـــــ ههههه أهكذا !!!!!!!!! حسناً، سأفعلها بك يوما واجعلك تفتح فمك في انتظار وضع قطعة الكعكة فيه ثم اخدعك وآكلها  أنا هاها

ــــ ههه أداعبك  حبيبتي فلا تغضبي.

استطرد عبد الله بسؤال:

 ولكن أخبريني إن رزقنا الله بولد  فبماذا تحبي ان نسميه ؟

ــــ إن شاء الله أريد أن أسميه عمر. فأنا أحب سيدنا عمر بن  الخطاب  رضي الله عنه كثيراً .

ــــ سمعت اسمه من قبل ولكن لا أعرف  سيرته للأسف

ــــ إذن دعني أقصها  عليك حبيبي فهي من أروع  قصص من دخلوا في الإسلام

ــــ شوقتيني حبيبتي . كلي آذان صاغية فقصي عليّ قصة إسلام سيدنا عمر بن  الخطاب

بدأت تسرد على أسماعه المصغية قصة إسلام عمر بن الخطاب:

ـــــ كان سيدنا عمر رضي الله عنه  رجلا قويا شديدا ويهابه الناس  ويخافونه لشدة بأسه وقوته  وكان  من أشد  الناس عداوة لدين الإسلام وكان يكره الرسول عليه الصلاة والسلام . وذات مرة سل  سيفه وتوجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتله وبينما هو في طريقه قابله أحد الصحابة وكان يكتم اسلامه فقال له إلى أين يا ابن الخطاب ؟ قال سأذهب إلى محمد وأقتله فقال الصحابي وهل تظن أن أهله سيتركوك ؟ فقال سيدنا عمر هل اتبعت محمد ؟ فقال الصحابي لا . وقال له أختك فاطمة وزوجها قد أسلما واتبعا محمد . فغضب عمر وتوجه إلى بيت اخته مسرعا  وكانت أخته  وزوجها سعيد بن زيد عندهم خباب بن  الأرت يعلمهم شيئا من القرآن فطرق عمر الباب بقوة فقالوا من بالباب قال عمر فخافوا واختبأ خباب بن الأرت  وعندما فتح  زوج أخته  الباب قال له عمر هل اتبعت محمد حقا ؟ فقال زوج أخته  أجل فهو على الحق فضربه عمر بشدة وتوجه إلى أخته  وكانت تمسك بصحيفة من القرآن فقال لها هل اتبعتِ محمد حقا فقالت أجل فهو على الحق فضربها ضربة شديدة فسقطت الصحيفة من يدها فقال لها هاتي هذه الصحيفة فقالت له لا فإنك مشرك نجس وهذا قرآن لا يمسه إلا المطهرون فاذهب وتوضأ أولا ..فتوضأ عمر وأخذ الصحيفة وقرأها وكان فيها هذه الآيات

بسم الله الرحمن الرحيم

طه، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى، إلا تذكرة لمن يخشى، تنزيلاً ممن خلق الأرض والسماوات العلى، الرحمن على العرش استوى، له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى.

 

ــــ فاهتز كيان عمر رضي الله عنه لكلام القرآن وقال ماهذا بكلام بشر..وقال أريد أن أقابل محمد، فقال له خباب بن  الأرت، أنا آخذك  إليه، فذهب به إلى دار الأرقم بن أبي الأرقم..وكان الصحابة هناك  يجتمعون مع الرسول عليه الصلاة والسلام فطرق الباب فقالوا مَن ؟ فقال عمر فاختبأ الصحابة وقال سيدنا  حمزة بن  عبد المطلب رضي الله عنه دعه لي يا رسول الله فقال الرسول عليه الصلاة والسلام دعه يدخل يا حمزة فعندما دخل عمر قام إليه الرسول وأمسك بكتفيه بشدة وقال أما آن الآوان يا ابن  الخطاب ؟ فقال عمر رضي الله عنه . أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله...فكبّر الصحابة من شدة الفرح بإسلام عمر رضي الله عنه . وكان إسلامه نصراً للمسلمين وللإسلام  بعد أن  كان في الخفاء...قال للرسول صلى الله عليه وسلم ألسنا على الحق ؟ قال الرسول صلى الله عليه وسلم أجل..وقال عمر وهم على الباطل ؟ قال الرسول صلى الله عليه وسلم أجل..قال عمر فَفِيمَ الإختفاء إذن !!!..قال الرسول عليه الصلاة والسلام وما ترى يا عمر؟ ..قال نخرج ونطوف بالكعبة. فقال الرسول نعم يا عمر..فخرج المسلمون  يكبروا ويهللوا  في صفين ، صف على رأسه عمر بن  الخطاب وصف على رأسه حمزة بن  عبد المطلب وبينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم   حتى وصلوا للكعبة وطافوا حولها وهم يقولون الله اكبر ولله الحمد فخافت قريش ودخلوا بيوتهم خوفا من إسلام عمر  ومنذ ذلك الوقت اصبح نشر الدعوة الإسلامية في العلن...وعند الهجرة هاجروا سرا من مكة إلا عمر هاجر علانية أمام أعين قريش وقال من أراد أن ييتم ولده فليأتي خلف هذا الوادي فجلست قريش خوفا من عمر

انتهت عائشة من سرد القصة وكبرت:

ــــ الله اكبر يا عمر، الله اكبر يا بن  الخطاب.. قصته نفخر بها جميعا ورب الكعبة.....ما رأيك يا حبيبي في قصة إسلام سيدنا عمر رضي الله عنه ؟

بدا الحزن والوجوم على وجه عبد الله وقال متحسراً على حاله:

ــــ آآآه كم تنقصني شجاعته! ...أين أنت يا عمر كي أتعلم منك الشجاعة!!

أردف ثائراً كليث جريح:

ــــ تأثرت عندما قال ألسنا على الحق ؟ أليس هم على الباطل؟؟؟ ففيمَ الإختفاء إذن !!!! فِيمَ الاختفاء!!... اللهم لا حول ولا قوة الا بالله . حين يأتي زمان يخاف أهل  الحق من أهل  الباطل. اللهم لا حول ولا قوة الا بالله.

ــــ حبيبي اهدأ، بالله لا تحمل نفسك ما لا تطيق.

أقسم لها على براءته من الخنوع ثائراً لرجولته:

ــــ والله، والله لولاكِ ما خفتهم، أخاف عليكِ أنتِ يا عائشة، أخاف عليكِ. على استعداد لمواجهتهم ولكن أخاف عليكِ فماذا أفعل!!ماذا أفعل! ياربي أعني، أعني يا ربي.. أصبح أهل الباطل يتحكمون فينا

بكت عائشة وأخذت تربت على صدره الثائر:

ــــ حبيبي بالله اهدأ .. أعلم  والله أنك لا تنقصك الشجاعة وأنك  تخشى عليّ. اقدر ذلك ولن أحملك  ما لا طاقة لك به، ماذا عسانا أن نفعل حبيبي وقد تحالفت قوى الشر علينا من جميع الجهات..ليس لنا من دون الله  نصيرا  فالنستعن به

أومأ برأسه وربت على يدها وقد هدأ بعض الشيء، فحمد الله:

ــــ الحمدلله على كل حال . ولكن حقاً عندما سمعت قصة عمر رضي الله عنه  تأثرت بقوته وشجاعته ومواجهته أهل الباطل ... كم نحتاج إلى عمر رضي الله عنه بيننا لنتعلم كيف يكون المسلم الشجاع

 

ــــ حبيبي، الحكمة أيضاً مطلوبة في مواجهة الشرور. ويجب أن تعلم أن   الكفار في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كان عندهم نخوة وشهامة وكانوا يحترمون النساء ولا يعتدون على حرمات البيوت، أما الآن فأعدائنا لا نخوة عندهم ولا احترام للنساء ولا لحرمات البيوت والله المستعان

زفر لهيب أنفاسه وقال يكاتم غليله:

ــــ الله المستعان

*******************************

نادى الدكتور سالم زوجته وهو يشاهد التلفاز:

ــــ يا مريوم، أين  الشاي

أتاه صوتها من المطبخ:

ـــ أعده يا  حبيبي

ــــ كل هذا الوقت تعدين الشاي؟

ــــ ههه عذراً حبيبي، تلقيت مهاتفة من عائشة ولذا تأخرت. أعتذر بشدة

ــــ ههه تثرثرين مع ابنتك وتتركيني انتظر الشاي بالساعات

أتته تحمل صينية الشاي وتقول ضاحكة:

ــــ ساعات ! حبيبي أنت طلبت الشاي من حوالي نصف ساعة فقط، ومع ذلك هاهو الشاي حتى لا  أتأخر ربع ساعة اخرى و تقول طلبته من أيام هههه

ــــ هاها بارك الله فيكِ حبيبتي . كيف هي عائشة ؟

ــــ بخير الحمدلله . أريد أن أراها يا سالم . أشتقت إليها كثيراً

ــــ وأنا والله اشتقت اليها كثيراً وإلى  عبد الله أيضاً . إن شاء الله نسافر اليها قريبا يا حبيبتي

ـــ ان شاء الله حبيبي

قطع حديثهما الودود جرس هاتفه، فأمسكت به زوجته لتعطيه إياه وقالت:

ــــ هاتفك يا سالم تفضل . الدكتور لوكاس

ــــ هاها نسيت أن أغير اسمه الى الدكتور محمدي

ــــ حقاً من اختار له هذا الاسم؟

ــــ هو من  اختاره من فرط حبه للرسول عليه الصلاة والسلام ...  السلام عليكم دكتور محمدي

ــــ وعليكم السلام يا أخي سالم، كيف حالك . غاضب منك، فأنت لم تزورني منذ أسبوعٍ كامل

ــــ هههه والله أعتذر يا أخي . كان عندي الكثير من المشاغل، ولكن كنت أنوي  زيارتك غداً

ـــ سأنتظرك إن شاء الله لنفطر  سوياً

ــــ لا، صعب جداً على الإفطار . فأنت تعلم أن لدي محاضرات في الصباح

ــــ هاها ومن قال انني اقصد الصباح! انا قد نويت  الصيام غداً إن شاء الله، وسأنتظرك على المغرب لنفطر سوياً

ــــ ماشاء الله . هل ستصوم  الاثنين والخميس ؟

 

ـــ أجل . إن شاء الله . أريد أن أعوض ما فاتني من عبادات وقربات  إلى الله سبحانه وتعالى

ــــ تقبل الله منك يا أخي . إذن فسأصوم غداً معك إن شاء الله،  آتيك  عند المغرب بطعام أعدته  زوجتي

ــــ ههههه سأكون سعيد بذلك إن شاء الله ..... سالم !

ــــ امرك دكتور محمدي

قال بحنين جارف:

ــــ أريد أن أزوره يا سالم

ــــ من هو ؟

ــــ الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام

ــــ عليه الصلاة والسلام . ..أتود أداء العمرة ؟

ــــ أجل يا أخي . أريد أن أقف إلى جوار قبره وأسلم عليه عن قرب

ابتئس الدكتور سالم وقال بشفقة:

ـــ تقف ! والله أرجو من الله أن يشفيك وتقف على قدميك يا أخي

قال برجاء:

ــــ يارب، يارب أريد أن أسجد بين يدي الله ولو مرة في حياتي، يا إلهي!!.. أشعر أنه أمل بعيد

ــــ لا بعيد ولا عسير على الله . ثق في رحمته سبحانه

ـــ ونعم بالله .ماذا عن زيارة الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام ؟

ــــ عليه الصلاة والسلام...مارأيك دكتور محمدي أن نسافر في العشر الآواخر من رمضان؟

ــــ بعيدٌ جداً، رمضان باقي عليه حوالي أربعة  أشهر

ــــ هاها انتظر وستمر سراعاً

ــــ المشتاق تمر عليه الثواني ثقال كالجبال

ــــ ههه حاول أن تتصبر بالصلاة والسلام عليه حتى يحين الوقت لزيارته، فكلما اشتد الشوق زاد جمال لحظة اللقاء

ــــ اللهم صل وسلم وبارك عليك يا سيد العالمين يا محمد

ــــ عليه الصلاة والسلام

 

فرغ الدكتور سالم من المحادثة، فقالت زوجته والسعادة تغمرها:

ـــــ حبيبي سالم هل سنسافر  لأداء العمرة في العشر الآواخر من رمضان ؟

رد ضاحكاً:

ـــــ  أهناك من ذكر اسمك وقال ستسافرين معنا ؟ هههه

ــــ ماذا !! بل سأسافر إن شاء الله وقدمي تسبق  قدمك

ـــــ ههه بالطبع حبيبتي والله . أنا أمزح معك يا مريم . ستسافرين معي حبيبتي إن شاء الله

 

 

ـــــ  ونأخذ عائشة وزوجها أيضاً مممممم ربما لا تستطيع بسبب الحمل

ـــــ هههههه وزوجها لن يستطيع خوفاً من أن يتركها وحدها

ـــــ ممممممم لا بأس . مرة اخرى نصطحبهما معنا إن شاء الله

**************************************

في هذا المساء، دقت عائشة أجراس باب مانويلا تحمل باقة من الزهر وكيس أنيق ونادت:

ـــــ افتحي يا زينب، أنا عائشة

ــــ هههه مرحباً عائشة، كنت على وشك النزول إليكِ حالاً ... ما هذه الزهور التي تحمليها وماهذه الاشياء التي بداخل هذا الكيس ؟

ـــــ هههه إنها  هدايا من أحمد. أرسل إليكِ باقة الزهور وهذه الأشياء . حقاً لا أعلم ما في الكيس هههه

قالت شاردة:

ــــ زهور من أجلي  أنا !!

ضحكت عائشة ونادتها من العالم الذي غابت فيه:

ــــ زينب، زينب هاها فيما شرد ذهنك !!!

ـــ ها ! لا،لا شيء.... هذه أول مرة أشعر أن هناك من يهتم بشأني ويهاديني

ــــ انه ليس أي أحد . إنه  خاطب ويتودد بالهدايا

ــــ ممممم أشكرك

ــــ ههه بل الشكر له هو. أنا  لم أجلب  لكِ شيئا

ــــ جزاه الله خيرا .... ولكن هل أنا مهمة عنده لهذه الدرجة ؟

ــــ هاها كيف لا تكونين مهمة وقد اختارك لتكوني زوجته !

همست شاردة:

ــــ زوجته !

أفاقت من شرودها وقالت:

ــــ مممممم تفضلي بالدخول يا عائشة

تعذرت عائشة:

ــــ أشكرك حبيبتي . يجب أن أنزل سريعاً، فزوجي على وصول

ـــــ.....أتحبين زوجك يا عائشة ؟

ـــــ وكيف لا أحبه  وهو الرجل الذي احتواني بحنانه ورعايته ومحبته وحلو حديثه!

صمتت تنظر إلى عائشة في دهشة، فضحكت عائشة وقالت:

ـــــ أراكِ صامتة يا زينب وتنظرين إليّ في دهشة

ـــــ .... ليست دهشة.. ولكنها مشاعر غريبة تتسلل الى قلبي وكأني في عالم آخر ... أشكرك يا عائشة

 

 

ــــ هههه أتركك مع الهدايا والدهشة والمشاعر التي تتسلل إلى قلبك وانزل انا لاستقبال زوجي، السلام عليكم

ــــ عليكم السلام

أخذت باقة الزهر والهدايا، وأغلقت الباب..ظلت تتأمل في الزهور وتحدث نفسها في نشوى:

ــــ كم  هي رقيقة هذه الزهور ممممم ماهذا  إن معها بطاقة ملونة بها كلمات ...ماهذه الكلمات !

أمسكت البطاقة تقرأ ما حوته من كلمات:

(أرسلت الزهور لتتحدث بدلاً مني . فربما تستطيع أن تعبر عما عجز عنه لساني...اشكرك على موافقتك على الخطبة وأرجو من الله أن يتم زواجنا سريعاً)

تبسم وجهها المخادع بصدق لأول مرة مذ جاءت إليهم وقالت بنبرة هادئة:

ـــــ مممممممم كلماته رقيقة جدا ومهذبة وليس بها ما يُخجل....يا تُرى هل أحتل تفكيره الى هذا الحد ؟ مممم ولكنني لم افكر فيه إطلاقاً

وإذ هي في نشوتها، دق هاتفها، فإذ به دانيال على الهاف، ردت من فورها:

ــــ طاب مساؤك الآب دانيال

ــــ مرحبا مانويلا، كيف حالك؟

ــــ ممممم أرسل الخاطب إليّ زهوراً وكلمات رقيقة

هاج هائج القس:

ــــ ماذا! تبا له ولزهوره، يريد ان يستميل قلبك هذا الوغد، يريد أن يشغل تفكيرك بمعاني كلماته

ــــ لكن الكلمات رقيقة بحق . ليس بها الفاظ حب ولا غزل ولا أي شيء يخدش الحياء

صاح به القس غاضباً:

ــــ مانويلا! ما الذي أسمع !!!

تذكرت رهبانيتها فبكت وقالت ناشجة تطلب الصفح:

ــــ آسفة  يا آبانا، يبدو أن حياتي خارج الدير ستحملني بالخطايا

رد بغلظة:

ــــ أين  هي الزهور ؟

ــــ بيدي

ـــ القها أرضاً

ألقت الزهور بعنف فتانثرت على الأرض وقالت للقس باكية:

ــــ هأنذا  قد فعلت

ــــ دوسيها بقدميكِ وابصقي  عليها

وطأت الزهور بقدميها وبصقت في الهاتف، فصاح بها:

ــــ على من تبصقين ؟

ردت ناشجة:

ــــ أبصق  على الزهور

ــــ ظننت شيئاً آخر . وماذا عن الهدايا؟ . أريد أن أطهرك من الدنس قبل أن أغلق الهاتف

فتحت الكيس الملون، فأبصرت ثوباً، فأخرجته وقالت:

ــــ أحضر لي ثوباً ها هو

ــــ مزقي الثوب

ــــ ماذا!

صاح بها:

ــــ مزقي الثوب

وضعت الهاتف جانباً ومزقت الثوب وأنفاسها تتلاحق..ثم عادت للهاتف وقالت بصوت متهدج:

ـــــ مزقته يا آبانا

ــــ هاها باركك الرب مانويلا . هكذا تخلصتِ من الدنس وتطهرتِ . كلما أرسل هدية   فافعلي بها مثلما فعلتِ في هذه الأشياء .. والآن دعينا من  الحديث عن الخاطب العابث ، ماذا عن كيفن وزوجته ؟

ــــ لا جديد

ــــ راقبيهما جيداً . الوقت قد اقترب للانتقام  ولعودتك للدير

ــــ في انتظار ذلك يا آبانا

ــــ  باركك الرب مانويلا

أنهى القس المحادثة ونادى على أحد أتباعه:

ـــــ جوزيف

ــــ سمعاً وطاعة يا آبانا دانيال

ــــ احضر لي خنجر واشحذه جيداً

ــــ خنجر!! ... سمعاً وطاعة يا آبانا

انصرف التابع للقيام بالأمر، فقهقه القس وتوعد كيفن:

ــــ أريد أن أستعد جيداً ليوم الانتقام العظيم هاها صبراً يا كيفن يا ماكر يا كافر.. وحق يسوع لن تفلت من يدي أنت والحرباء وما في بطنها، فصبراً

*******************************************

 

إلى هنا انتهت حلقتنا

قرب موعد الانتقام يا كيفن كما قال القس دانيال ..فهل من سبيل للنجاة!

 

انتظروني يوم الاثنين القادم بمشيئة الله

 

لا تنسوا ذكر الله والصلاة على الحبيب عليه الصلاة والسلام فإنها ليلة الجمعة فأكثروا

 

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد

 

لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله

 

 

 

 

 

 

 

تعليقات

  1. روووعة يا كاتبتنا الجميلة فى انتظار الحلقة القادمة بشوق

    ردحذف
  2. اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد ❤️جزاك الله خيرا❤️أم رفيف

    ردحذف
  3. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً طيباً مباركاً فيه 💞
    بدأ الطرق على قلب إيمانويلا يؤتي بثماره وها هي تلين لولا ذلك الماكر دانيال..
    وكم هي ذكية خالة الزهراء..
    حلقة جميلة ورائعة كالعادة يا غالية..
    💞دُمتِ مُبدعة 💞

    ردحذف
  4. تسلم ايديكى وعنيكى يا حبيبتى ❤️ اكتر من روعة الحلقة وسرد الأحداث
    رباب محمد

    ردحذف
  5. ممممم الخبيث دانيال
    ان شاء الله الخنجر يتحط ف قلبك
    حاسة ان زينب هتميل لأحمد وومكن من تصرفات عائشة معاها تسلم لما تشوف الإسلام على حق
    بس لسه عند اعهراضي على عائشة انها تستضيف حد عندها غريب وهي ف ظروفها دي

    الست ام أحمد ماشاء االله حماة المانيةة بحق وحقيقي

    ياترى هستندلي يا زينب ولا هتوبي على آحر مرفع

    تسلمي يا أستاذة هوبة لا حرمنا الله منم ولا من كتاباتك 💗🤍

    ردحذف

إرسال تعليق