أنا وكيفن وضوء القمر( الخامسة والعشرين)
علمت عائشة أن ما سكن رحمها هو ذكر، فهنئتها حفصة بفرحة
عارمة:
ـــــ مبارك ههه مبارك يا عائشة. كنت أشعر أنك تحملين
ولد يا أختي الحبيبة
ـــــ هههه بارك الله فيكِ يا حفصة . العقبى لكِ إن شاء
الله
ـــــ إن شاء الله حبيبتي
قالت مانويلا بابتسامة باهتة:
ـــــ سعيدة لأجلك يا عائشة، مبارك
هههه بارك الله فيكِ يا زينب وأتم الله زواجك على خير
ـــــ مممممم زواجي!
قالت عائشة جذلة:
ـــــ سأهاتف عبد الله لأخبره
قالت حفصة:
ـــــ تفضلي حبيبتي اخبري زوجك واسعديه واسعدي معه
تنحت عائشة بهاتفها، بينما اقتربت مانويلا من حفصة،
ونادتها بإلحاح:
ـــــ حفصة، يا حفصة
زفرت وردت بتأفف:
ـــــ ما الأمر ؟
ـــــ مالها عائشة فرحة هكذا ؟ أعندما تحمل المرأة ويقرب
ميعاد ولادتها تفرح هكذا ؟
ـــــ بالطبع .. ستتزوجين وتجربين هذه المشاعر قريباً
ـــــ ممممممم هل أنتِ حامل ؟
ـــــ ليس بعد
ـــــ لِمَ ؟؟
ـــــ أستغفرك ربي وأتوب إليك.. . عندما يأذن الله
سبحانه وتعالى سأحمل
ـــــ ممم أنا لا أعرف لِمَ هناك إمرأة تتزوج وتحمل، وأخرى لا تحمل إلا بعد وقت طويل، وثالثة لا تحمل أبداً، لِمَ ؟؟
ـــــ لا إله إلا الله . لأن الكون يديره خالقه . لذا
فقدرته مطلقة في كونه. وهذا أكبر دليل على أن الكون له خالق ولا يدار بطريقة آلية
كما يزعم الملحدون . فإن كان الكون يدار بطريقة آلية لكان لقاء الذكر بالآنثى
دائما يعقبه حملاً...ولكن تدبري جيداً ستجدي أن هناك من تُرزق بالحمل، وهناك من لا
ترزق، وهذا لأنها إرادة الله وحده. لا إله إلا الله
أطرقت مانويلا قليلاً، ثم سألت والحيرة تطل من عينيها:
ـــــ ألا يوجد غير إله واحد ؟
ردت حفصة بارتياب:
ـــــ لا إله إلا الله. ألستِ مسلمة؟
ـــــ أأأأأأ أجل أأأأ أجل مسلمة . وهل سؤالي يتنافى مع
الإسلام ؟
ـــــ الإسلام قائم على التوحيد . لا يوجد للكون غير إله
واحد . ألم تشهدي ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله ؟
ـــــ أأأ أجل شهدت، شهدت
اسمعيني الشهادة مرة اخرى
ـــــ ها!!..لِمَ ؟
غضنت حفصة حاجبيها وقالت باندهاش:
لِمَ !! هل عندما أطلب منك نطق الشهادة، أكون قد طلبت
طلبا غريباً!
فجأة داهمت آلالام مانويلا، فصرخت تمسك بموضع الألم:
ـــــ آآآه، آآآه، آآآآه
فزعت حفصة وسألتها:
ما بكِ؟
أتت عائشة تسأل بانزعاج:
ما بها زينب يا حفصة ؟
آآآآه، آآآآه
ردت حفصة:
ـــــ لا أدري
يا عائشة، ما بكِ يا زينب ؟
ردت بصراخ وهي تتلوى من الألم في موضع الزائدة:
ـــــ أشعر بألام هنا هنا
قالت عائشة والقلق على ملامحها:
ـــــ ماهذا! إنه مكان الزائدة . تشعرين بألام حادة يا
زينب؟
ردت باكية متململة:
ـــــ آآآآه أجل يا عائشة، أجل، أتألم بشدة آآآه
حوقلت عائشة وتعجلت حفصة:
ـــــ لا حول ولا قوة الا بالله . هيا ننطلق بها إلى
المستشفى بسرعة، بسرعة يا حفصة
ـــــ ما الذي أصابها !!!!
***********************************
دق هاتف عبد الله، فأبصر اسم زوجته التي ما لبث أن أنهى
محادثته معها، فوخزه القلق:
ـــــ عائشة !!!!!! السلام عليكم حبيبتي
ـــــ عليكم السلام يا حبيبي . اغثنا يا عبد الله زينب
اصابتها آلام حادة ونقلناها إلى المستشفى فاكتشفوا التهاب الزائدة وادخلوها على
الفور لغرفة العمليات ولا مال كافٍ معنا حبيبي
ـــــ لا حول ولا قوة الا بالله . اعطني عنوان المستشفى
حبيبتي
أخذ العنوان وقام عن مقعده مسرعاً يلملم حاجياته استعداداً
لمغادرة المكتب، فسأله محمد:
ـــــ إلى أين يا عبد الله ؟
ـــــ أأسف يا محمد لن أستطيع المكوث معك . علمت من
زوجتي أن زينب دخلت غرفة العمليات لتجري جراحة الزائدة، ولا مال كافٍ معهم
ـــــ زينب مخطوبة اخي أحمد ؟
ـــــ وهل هناك غيرها!!!
ـــــ لا حول ولا قوة الا بالله . حسناً، أعطني عنوان
المستشفى وسأتبعك أنا وأحمد إن شاء الله على الفور
ـــــ ها هو العنوان، السلام عليكم
ـــــ وعليكم السلام . سأهاتف أحمد ليأتي على الفور
هاتف أخاه من فوره:
ـــــ السلام عليكم يا محمد
ـــــ وعليكم السلام يا أحمد . مخطوبتك في
المستشفى يجرون لها جراحة الزائدة
اتسعت حدقتاه وقال متلهفاً:
ـــــ زينب !!!!! ومتى حدث ذلك ؟
ـــــ أخبرني عبدالله وذهب مسرعاً لأن زوجته هناك معها،
وليس معها مال كاف لتكاليف الجراحة والمستشفى
ـــــ وما شأنهم هم بهذه التكاليف !!!. أنا من سأدفعها بالطبع. أين أنت الآن ؟
ـــــ أنا في مكتب عبد الله
ـــــ دقائق وأكون عندك إن شاء الله ، لنسرع إلى
المستشفى
ـــــ في انتظارك يا أخي
***********************************
في المستشفى، رمقت حفصة شقيق زوجها يهرول في الطرقة باتجاه غرفة الجراحة، والقلق يعصف بملامحه، وخلفه
زوجها، فقهقت ونادت زوجها:
ـــــ محمد ! ما بال أخيك يجري متلهفا هكذا في الطرقة ههههه اشتقت إليك حبيبي
ـــــ أهذا وقت كلام كهذا يا حفصة ! نحن في المستشفى،
ومخطوبة أخي في غرفة الجراحة وأنتِ تضحكين!!
ـــــ مممممم عذراً زوجي الحبيب. لا أتعاطف معها، فماذا
أفعل!!
نظر إليها بعتاب رقيق وقال:
ـــــ لم اعهد منك قسوة القلب يا حفصة
ـــــ حبيبي ليست قسوة قلب ولكنه الشك. غداً ستتيقنون
مما اقول وتعتذرون لي جميعا وأولكم أحمد
ـــــ أما زالت في غرفة العمليات ؟
سل أخاك الذي
جرى الى باب غرفة العمليات وكأن قطعة منه بالداخل ههه
ـــــ أين عبد الله وزوجته ؟
ـــــ جالسان في الاستراحة
ـــــ إذن فنجلس نحن أيضاً في الاستراحة الأخرى حتى تخرج
زينب من غرفة العمليات
***************************************
أخرج أحمد من حافظة نقوده، المبلغ الذي دفعه عبد الله
للمستشفى وقال له:
ـــــ اشكرك يا عبد الله جداً، تفضل المبلغ الذي دفعته
ـــــ ماهذا يا أحمد ! لن آخذه
ـــــ من فضلك هذه مخطوبتي وهذا واجبي أنا، فمن فضلك خذ
المبلغ
أومأ محمد برأسه وقال لعبد الله:
ـــــ خذه منه يا عبد الله. حقاً هو المسؤول عن
مخطوبته ولست أنت
أخذ عبد الله المبلغ وقال باسماً لأحمد:
ـــــ هذا شأنك. سآخذ زوجتي وأغادر المستشفى الآن، ونأتي
غداً إن شاء الله
ـــــ تفضلا
وقال محمد لأخيه:
ـــــ وأنا أيضاً سآخذ
حفصة ونغادر المستشفى
ـــــ تفضلا
ـــــ وأنت يا أحمد يا أخي ؟
ـــــ لن أغادر قبل أن تفيق و أطمئن عليها يا محمد
ـــــ حسناً . سنهاتفك
للإطمئنان إن شاء الله
ـــــ إن شاء الله
*********************************
حاولت صوفيا كثيراً الاتصال بمانويلا، وفي كل مرة
اتصالها يبوء بالفشل، فزفرت لهيب انفاسها حنقاً وصاحت:
ـــــ ماهذا! كلما اتصلت على مانويلا أجد هاتفها مغلق . أوف! لم تعتد على غلق هاتفها هذه الفتاة..
أخشى أن
يكون شيء ما قد حدث أو كُشفت من قبل كيفن وزوجته أوووف!!
جاءتها مادلين تهرول:
ـــــ مابك الأم
صوفيا ؟
ـــــ مانويلا، مانويلا يا مادلين
ردت بانزعاج:
ـــــ ما بها ؟
ـــــ هاتفها
مغلق منذ أن هاتفتني في الصباح . أنتِ
تعلمين أنها تهاتفني ثلاث مرات يومياً، ولكن الغريب اليوم أنها لم تهاتفني غير مرة
واحدة وبعدها أغلق هاتفها
ـــــ وهل اخبرتك بشيء مزعج في الصباح أو يثير القلق، الأم صوفيا ؟
ـــــ لا . أخبرتني أنها ستخرج بصحبة زوجة كيفن للطبيبة
ـــــ ربما لم تعودا بعد للمنزل ونفذ شحن بطارية الهاتف
ـــــ لالالا. ولِمَ تتأخران إلى هذا الوقت!!! لالا. هناك أمر ما قد حدث
ـــــ لا تخافين على ما نويلا هاها عندها حجج تخرج بها
من كل مأزق
ـــــ مممممممم سأهاتف الآب دانيال، ربما يرى أمراً أو يتصرف بدلاً عنا
رد القس دانيال على الهاتف:
ـــــ مرحباً صوفيا
ـــــ مرحبا آبانا القديس دانيال . مانويلا هاتفها مغلق
منذ الصباح ولم تعتد على غلقه بالطبع
ـــــ هاتفها مغلق ! أهاتفتكِ اليوم ؟
ـــــ أجل هاتفتني في الصباح
ـــــ مممم لا تقلقي، سأرسل من يتحسس الأمر
ـــــ أخشى عليها يا آبانا . ربما كشفوها وآذوها
زأر بوعيد:
ـــــ وحق يسوع لو مسوا شعرة برأسها ليكون العقاب مضاعف
ـــــ هاها وهل هناك عقاب أكثر من تمزيق اللحم وهم أحياء!
ـــــ هناك الحرق، الحرق وهم أحياء. لا تتعجلين الأمر.
ربما حدث شيء بهاتفها ولا يستدعي كل ذلك القلق . سأعرف ما الأمر وأبلغك
ـــــ في انتظارك يا آبانا
********************************************
بدأت مانويلا تفيق وتفتح عينيها:
ـــــ آآآآه ممممممم آآآه ممممممم أين
أنا؟
رد أحمد باسماً:
ـــــ حمداً لله على سلامتك يا زينب
ـــــ أنت !!.... ما الذي اتى بك إلى هنا ؟ أين أنا آآآه
ـــــ انتِ في المستشفى . تم لكِ إجراء جراحة استئصال
الزائدة
ـــــ الزائدة !!!!! آآآآه.. وأين عائشة؟ أين حفصة؟
ـــــ إنتظرتا طويلاً بجانبك، وبعدها غادرتا وزوجاهما،
وستأتياكِ غداً إن شاء الله
ـــــ ....... ولِمَ لم تغادر أنت؟
ـــــ وكيف أغادر قبل أن أطمئن عليكِ يا زينب !!!
ـــــ ....... أمكثت لأجلي ؟
ـــــ بالطبع لأجلك
ـــــ ممممم أشكرك
ههه وعلام تشكريني! هذا واجبي. أنتِ مخطوبتي وستصيرين
زوجتي
.....زوجتك!
ـــــ إن شاء الله
ـــــ هذه المستشفى تبدو باهظة الثمن . من دفع تكاليفها
؟
ـــــ أنا
ـــــ أنت!
ـــــ بالطبع
ـــــ ولكن أنت هكذا دفعت الكثير من الأموال
ـــــ ليس هناك ما هو كثير عليكِ يا زينب ههه
تبسمت ولاذت بالصمت، أطرق أحمد هنيهة، ثم سألها باسماً:
ـــــ ما رأيك في الزهور والهدية ؟
بدا الارتباك على ملامحها:
ـــــ ها!! آآآ زهور جميلة، وهدية جميلة، أشكرك عليها
ـــــ كنت متعجل ولم أتمكن من جلب باقة أخرى من الزهور
اليوم ، ولكن عندما أزورك في الصباح سأحمل
إليكِ باقة أخرى إن شاء الله
سألته والنشوى على ملامحها:
ـــــ هل ستأتي في الصباح ؟
ـــــ بالطبع إن شاء الله ... اتركك الآن لتستريحي .
أتأمريني بشيء قبل أن أغادر ؟
ـــــ آمرك ! بل أشكرك، أشكرك جداً يا أحمد، أشكرك ... سأنتظرك
في الصباح
ـــــ إن شاء الله. أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه.
السلام عليكم
ـــــ وعليكم السلام يا أحمد
غادر الغرفة، فعبرت عن إحساسها بهمس من روح الخيال:
ـــــ مممممم كم
هو لطيف، لطيف
سرعان ما عادت إلى صخب واقعها، فتذكرت صوفيا، فشهقت
وقالت:
ــــــ أين هاتفي! أريد أن أحدث الأم صوفيا.. ها هو
تركوه إلى جواري.. ولكن أين الشاحن! أوف! يبدو أنني سأضطر للإنتظار إلى الصباح حتى
أتمكن من مهاتفتها . آآآه ما زال الآلم يعاودني آآآه
**************************************
اشتدت الآلام على السيدة نيكولا، فصرخت مستغيثة بزوجها:
ـــــ آآآه، آآآه ماكس آآآه أين أنت يا
ماكس، ماكس آآآآه
اندفع إلى الغرفة متلهفاً:
ـــــ نيكولا، نيكولا، مابكِ حبيبتي ؟
ـــــ مممممم اشتد الألم
ـــــ خذي الدواء الذي وصفه الطبيب
ـــــ لا يسكن آلامي آآآه لا فائدة منه
ـــــ حبيبتي، إن الطبيب وصفه بالأمس فقط
صرخت باكية:
ـــــ آآآه آآآه
آآآآه أتألم بشدة يا ماكس
قرعت أجراس باب المنزل، فقال ماكس:
ـــــ جرس الباب يدق . سأذهب لأعرف من الطارق وآتيكِ
حبيبتي
فتح الباب فألفى القس دانيال أمامه، فسُر لمرآه:
ـــــالآب دانيال! مرحباً
ـــــ طاب صباحك يا ماكس
ـــــ طاب صباحك يا آبانا
ـــــ افتقدتك والمسيحية الصالحة نيكولا في الكنيسة، فما
الأمر ؟
رد مبتئساً:
ـــــ نيكولا مريضة جداً
ـــــ مريضة ! أين هي لأضع يدي عليها واذهب ما بها من
آلام
ـــــ لحظة أبلغها
اندفع
إلى زوجته يقول:
ـــــ نيكولا، الآب دانيال جاء لزيارتك
بدا الضيق على ملامحها وقالت:
ـــــ الآب دانيال ! وما الذي أتى به آآآه دعه يدخل يا ماكس
ـــــ تفضل يا آبانا
حياها القس:
ـــــ طاب صباحك نيكولا
ـــــ مرحبا طاب صباحك يا آبانا
ـــــ مابكِ ؟
ـــــ مريضة، مريضة جداً، والآلام لا تفارقني
ـــــ أين موضع الآلم ؟
اتسعت حدقتاها وسألت باضطراب كونها تعلم مقصده:
ـــــ ها !! لِمَ ؟؟
ـــــ لأضع يدي موضع الألم ليزول ويشفيك الرب
غمغمت في حيرة:
ـــــ ها !!!! ماذا افعل الآن ! الألم في صدري ولا أريد
أن يمسني . يا إلهي
حدق القس في وجهها وقال بملامح جامدة:
ـــــ أين موضع الألم يا نيكولا ؟
ـــــ رأسي، في رأسي
ـــــ إذن سأضع يدي على رأسك ليزول الألم
ما أن هم بوضع يده على رأسها، حتى دق هاتفها، نظرت
بالهاتف فشخص بصرها وتمتمت:
ـــــ يا إلهي! إنه
عبد الله . سأغلق الهاتف تماماً
غضن القس حاجبيه دهشة وقال:
ـــــ ماهذا!.. لِمَ لم تردي على الهاتف يا نيكولا ؟
ـــــ كما ترى يا آبانا، أنا مريضة ولا أحتمل الكلام
ـــــ معكِ حق . رغم أنني حزنت لمرضك وافتقادك في
الكنيسة أيتها المسيحية الصالحة، ولكنني سعيد لأنكِ نسيتِ ولدك وكففتِ عن البكاء
والنحيب
تنهدت بعمق أحزانها وقالت بصوت متهدج:
ـــــ وهل فلذة الكبد تنسى يا آبانا!!! مازالت آلام
الفراق موجعة، ولكن جفت الدموع في عيني
ـــــ أرى أن تذهبين إلى المستشفى . سأرسلك إلى مستشفى
تابعة للكنيسة
ـــــ لا داع يا آبانا
ـــــ كيف ذلك!!! هذا أمر، وستذهبين إلى المستشفى .
الكنيسة لا تنس المخلصين للصليب، وأحباب
يسوع
ـــــ اشكرك يا آبانا
آآآه آآآه
*****************************************
ضاق عبد الله ذرعاً من الاتصال بوالدته، دونما فائدة:
ـــــ ماهذا ! أمي منذ أن أغلقت الهاتف لم تفتحه مرة أخرى،
أوف!
لمحته عائشة يزفر حانقاً، فسألته:
ـــــ مابك يا عبد الله يا حبيبي ؟
ـــــ أمي اغلقت هاتفها ولا استطيع الإطمئنان عليها
ـــــ حبيبي ربما كانت متعبة ولا تستطيع الحديث، وبعد
قليل ستكون أفضل وتفتح هاتفها
ـــــ آآآآه قلبي غير مطمئن يا عائشة
ـــــ حبيبي فلننتظر
صاح كمن فقد عقله:
ـــــ يوووه! انتظر،
انتظر، انتظر. هل أنتظر حتى تموت وتقبر أمي!!
ـــــ لا حول ولا قوة الا بالله . اهدأ يا حبيبي . لن
اقول انتظر . في الصباح إن لم ترد على الهاتف سأبلغ ابي يذهب بنفسه وكأنه يزور
جيرانه القدامي ويخبرنا بالأمر فلا تبتئس
تنهد ومسح وجهه باضطراب وقال:
ـــــ اللهم لا حول ولا قوة الا بالله .
ـــــ هيا يا حبيبي لتنام
ـــــ لن أنام. سأقضي الليل في الصلاة وأطلب الشفاء من
الله لأمي
ـــــ وأنا ايضا لن أنام وأتركك وحدك . سأصلي معك ونقرأ
القرآن حتى الصباح ، ولكن سأذهب أولا لأحضر لك كوبا من اللبن لتهدأ أعصابك
ـــــ لا أريد شيئا حبيبتي. جزاكِ الله خيرا
ـــــ
لالا، سأذهب وأحضره
**************************************************
عادت بكوب الحليب باسمة:
ـــــ هأنذا أحضرت
لك كوب اللبن، تفضل يا حبيبي
رد بضيق:
ـــــ قلت لكِ لن أستطيع يا عائشة . لا أشعر بالرغبة في أي شيء سامحيني
تباكت تغنجاً:
ـــــ أهكذا ؟ اهئ اهئ حسنا سأبكي لأنك لا تريد أن تشرب
اللبن من يدي اهئ اهئ
ـــــ هه هاتي حبيبتي
ـــــ ههه هكذا أنت
حبيبي . سمي الله واشرب واترك الامر لله يا حبيبي
ـــــ بسم الله الرحمن الرحيم
******************************************
بعد أن تحسس والد عائشة من أمر والدة عبد الله، اتصل
ليخبرها:
ـــــ أخبرني يا
أبي ماذا وجدت ؟؟؟
ـــــ للأسف أمه مريضة جداً ونُقلت إلى مستشفى تابعة
للكنيسة
بكت عائشة وحوقلت حزينة:
ـــــ لا حول ولا قوة الا بالله . والله لا ادري كيف
سأخبره
سمعت زوجها يناديها، فقالت لأبيها:
ـــــ إنه يناديني يا أبي، أستأذنك
ـــــ تفضلي يا ابنتي
مسحت عبراتها وعادت إلى زوجها، فسألها متلهفاً:
ـــــ ماذا قال والدك يا عائشة
ردت متلعثمة:
ـــــ أأأأأ لالالا شيء يا حبيبي.. إنها.. إنها تشعر
بوعكة بسيطة ونُقلت إلى مستشفى تابعة للكنيسة
صرخ عبد الله كمن يرشق بسهام في صدره:
ـــــ أمي, أمي, سأسافر حالاً
ـــــ حبيبي، حبيبي انتظر إن المستشفى تابعة للكنيسة
ودخولك سيثير الشك
صاح بغير اكتراث:
ـــــ يفعلوا ما يشاؤن، إنها أمي، أمي
دق هاتف عبد الله وهو يتجهز مسرعاً لسفرته..اتجه إلى
هاتفه، فإذ هو محمد صديقه، فرد صائحا:
ـــــ محمد، محمد، أمي في المستشفى يا محمد، دخلت مستشفى
تابع للكنيسة
ـــــ لا حول ولا قوة الا بالله . اهدأ يا اخي واطلب لها
الشفاء
ـــــ أريد أن أراها، سأسافر حالاً
ـــــ وكيف ستزورها في مستشفى تابع للكنيسة وأنت
تعلم أنك مطارد!!
ـــــ لا يهمني أي شيء، أريد أن أرى أمي
ـــــ اهدأ يا عبد الله، سأسافر معك، ولكن لأجل أن ندخل
المستشفى سنتنكر في زي رهبان حتى لا يشك أحد في أمرنا . انتظرني سأسرع إليك الآن
ـــــ أسرع، أسرع، أسرع يا محمد فلا طاقة لي بالانتظار. أمي،
أمي
*********************************
دلفت إحدى الممرضات إلى غرفة السيدة نيكولا:
ـــــ سيدتي نيكولا
ـــــ آآآه آآآه ما الأمر ؟
ـــــ هناك اثنين من الرهبان يستأذنان في الدخول
ـــــ إثنين من الرهبان !!... من يكونا !!... دعيهما يدخلان
ـــــ تفضلا بالدخول
شكرها عبدالله المتنكر في زي الراهب:
ـــــ اشكرك
هرع عبد الله إلى أمه، بينما دخل محمد وأغلق الباب، وبقى
إلى جواره يرقبهما:
انفطر قلب عبد الله وفاضت عيناه بالعبرات وهو يرى أمه
طريحة الفراش تتأوه، انكب على يديها يناديها وروحه تئن:
ـــــ أمي، أمي، أمي
مابكِ يا أمي، دعيني أقبل يديكِ يا حبيبتي، أمي
طفق يقبل يديها بشوق وعبراته تسيل..سألت بنبرة واهنة:
ـــــ مَن ؟
ـــــ أنا يا
أمي
ـــــ أمك ! من أنت
أيها الراهب ؟
ـــــ لست راهباً، انا كيفن يا أمي
ارتعد جسدها واتسعت حدقتاها كمن طاش عقلها، وصرخت باكية:
ـــــ كيفن! لا،لا،لا، كيف!!... كيف يكون ذلك!! بالله لا
تنكأ الجرح الذي لم يندمل على فراق ولدي..
من أنتما أيها الراهبان؟ من أنتما ومن أين
جئتما؟
اقترب محمد وأومأ برأسه يقول لها باسماً:
ـــــ صدقيه يا سيدتي، إنه ولدك كيفن
نشجت بروحها المعذبة وبثت أحزانها:
ـــــ كيفن ولدي مات غريقاً وغرقت في أحزاني معه
خلع عبدالله قبعة الراهب، وقال بصوت مختنق وعبراته
الحارة تسيل على وجنتيه:
ـــــ لا يا أمي، أنا لم أمت. أنظري إليّ جيداً، أنظري إلى
عينيّ، أنظري إلى ملامحي جيداً، سأجلس بين يديكِ لتداعبي شعري كما كنتِ تفعلين بي
صغيراً. هل ستخطيء يداكِ ملمسه ؟ ضعي يدك على صدري واشعري بدقاته المتسارعة من فرط
اللهفة والخوف عليكِ. هأنذا كيفن بين
يديكِ يا أمي
أخذت تتحسس ملامحه بيد مرتعشة وهي تنظر في عينيه، امتزج
الأمل والألم والفرح والبكاءـ، فصاحت لهفة:
ـــــ كيفن، كيفن، ولدي، ولدي. أنت كيفن، كيفن هههه...
لالالالالا .. لست كيفن ... لالالا.. كيفن، كيفن آآآآه
صرخت باكية تقول: حقيقة أم حلم هو!!
ـــــ حقيقة يا أمي، حقيقة.. . أأسف عن كل الآلام التي سببتها لكِ يا أمي، سامحيني، سامحيني
لامته بعبراتها:
ـــــ لِمَ يا كيفن
!!! لِمَ يا ولدي!!! هل هانت عليك أمك! هل هانت عليك دموعي وحرقة قلبي عليك يا كيفن
ـــــ والله يا أمي لم يكن بيدي، يا أمي فررت بديني. لم أجد
سبيلاً غير ذلك، صدقيني
عصرت عينيها دموعاً وقالت بنبرة مرتجفة:
ـــــ اشتقت إليك
يا ولدي، اشتقت اليك يا كيفن، خذ بيدي لأقوم واحتضنك يا قرة عيني
ـــــ لا يا أمي، لا تقومي، أنا الذي سأنكب على صدرك
مقبلاً لتسامحيني، سامحيني، سامحيني
تشبثت بيده وقالت باكية:
ـــــ اجلس يا كيفن، اجلس يا ولدي، اجلس الى جوار أمك،
لا تتركني مرة أخرى يا كيفن، لا تتركني إلا عندما تصعد روحي. لن أطيق فراقاً أكثر
من ذلك عنك يا حبيبي يا ولدي
ـــــ لن اتركك يا أمي. أنا إلى جوارك يا حبيبتي
نظرت إلى محمد وقالت:
ـــــ من هذا يا حبيبي ؟
ـــــ انه محمد صديقي. اضطررنا للتخفي في ملابس الرهبان
حتى نتمكن من زيارتك دون أن نثير الشك يا أمي
ـــــ مرحباً يا محمد يا ولدي
ـــــ مرحبا سيدتي. تركتك أنتِ وولدك للمشاعر المختلطة
والدموع، ونسيت أن أقول شفاكِ الله يا
سيدتي
ـــــ بارك الله فيك يا ولدي
نظرت إلى عبد الله وقالت بيقين:
ـــــ كيفن، أنت عبد الله، أليس كذلك ؟
تبسم من خلف دموعه وقال:
ـــــ لتعلمي أنني لم أطق عنك فراقاً يا أمي
ضحكت بوهن وقالت بلوم المحب:
ـــــ أنت!! آآآه لو كنت بعافيتي آآآه
ـــــ هاها ماذا كنتِ ستفعلين؟
نشجت وقالت بغيظ من فعلته:
ـــــ سأنهال عليك صفعاً جزاء لما فعلته بي
ـــــ هههه وأنا موافق. عندما يمن الله عليكِ بالشفاء،
سأقف بين يديكِ وانهالي عليّ صفعا كما شئتِ يا حبيبتي
تشبثت بيده وقالت باكية وعبرات الحنين تفيض من عينيها:
ــــ ولدي، ولدي،
بل سأنهال عليك تقبيلاً وأحضاناً يا عبد الله. اشتقت إليك يا حبيبي، اشتقت اليك يا
عبد الله اقترب مني، أريد ان أقبلك يا ولدي
احتضنها باسماً، وقال وعيناه تذرفان الدمع
ـــــ أنا من يريد تقبيلك يا أمي
أمطرها بقبلات الحنين، فسرت السعادة في دواخلها وأثنت
عليه:
ـــــ ههه حبيبي يا ولدي، حبيبي
ـــــ ولكن يا أمي مع كل ذلك ومع ما شعرتِ به من آلام لفراقي وفقدي،
ألم تستشعري أن ذلك كان لحكمة وهي أن يرق قلبك للإسلام وتصبحين من المسلمين؟
ـــــ الحمدلله يا ولدي ، حقاً إن لم يكن حدث اعتقادي
بموتك، فربما ظللت على قسوة قلبي وكفري وعنادي. الحمدلله على نعمة الإسلام آآآه آآآآه
ـــــ أما زالت الآلام بكِ يا أمي ؟
ردت ناشجة:
ـــــ مازالت الآلام يا ولدي...حان اقتراب الأجل يا عبد
الله ..عندما وجدتك، ستفقدني أنت
ـــــ لا يا أمي، لا، بالله لا تقولي ذلك ولا تمزقي قلبي،
لا
ـــــ يا ولدي لك ان تفرح أن أمك ستموت على الإسلام, لا
تحزن يا ولدي, أدعو الله أن يرحمني
ويتجاوز عني, أتيته راغبة فيه، أتيته راغبة في غفرانه..سامحني ياربي.. سامح أمتك
الضعيفة التي لولاك ما اهتدت وآبت اليك
رجاها وعبراته تسيل:
ـــــ أمي، أمي بالله لا ترهقي نفسك بالكلام، وكفي عن
البكاء
ـــــ امسح دموعك يا ولدي فلا أحب أن أراك دامعاً أبداً
يا قرة عيني..الحمدلله.. الحمدلله
ـــــ أمي، أمي حبيبتي يا أمي
ـــــ يا ولدي إنه من رحمة الله أن أعرف أنك حي وأراك
بخير قبل أن افارق الحياة . فقط لا تبتعد عني يا ولدي حتى تفيض روحي
ـــــ والله يا أمي لن أفارقك، فبالله لا ترهقي نفسك بالكلام أكثر من ذلك
ـــــ وكيف يا حبيبي لا أتكلم معك وقد حُرمت منك طويلا!
... هل تزوجت عائشة يا عبد الله ؟
ـــــ أجل يا أمي تزوجتها
ـــــ إذن فهي مؤمنة التي تحدثت اليها
ـــــ أجل يا أمي هي
ـــــ طيبة القلب زوجتك يا ولدي، فاحفظها وراعها ولا تغضبها
يوماً, كنت اود ان ارى ولدك الذي مازال في بطن أمه ولكن لن يمهلني الأجل..اقترب
لأقبلك قبلة تطبعها على جبين ولدك وقل له هذه من جدتك..حفظ الله لك زوجتك
وولدك وحفظك من كل سوء يا حبيبي يا ولدي
ما أن طبعت قبلة على جبهته، حتى سمعوا دقات على باب
الغرفة، فشخص بصر عبد الله وازدرد ريقه وقال لصديقه:
ـــــ سل من بالباب يا محمد
ـــــ من بالباب؟
ـــــ دانيال
تمتم عبد الله بارتباك:
ـــــ دانيال!!
تعجلته والدته باضطراب:
ـــــ ولدي، ولدي ارتدي قبعة الراهب ولا تخبره من أنت،
يا إلهي احمي ولدي يا إلهي
أسرع بوضع قبعة الراهب على رأسه ووقف إلى جوار صديقه،
فقالت السيدة نيكولا للقس:
ـــــ تفضل يا
آبانا
ـــــ طاب صب صباااا.. من أنتما أيها الراهبان؟
رد محمد بثبات:
ـــــ راهبان جئنا من كنيسة كانت تزورها السيدة نيكولا
أخذ القس يتفرس في ملامحهما المضطربة بعينين حادتين،
فالتقت عيناه بعينيّ عبد الله، فاتسعت حدقتاه حين أدرك أنه كيفن
****************************
انتهت الحلقة
شكراً جزيلا لمن يهتم بالتعليق، وشكراً للزائرين في صمت
التقيكم يوم الخميس القادم إن شاء الله
لا تنسوا ذكر الله والصلاة على الحبيب عليه الصلاة
والسلام والاستغفار
لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد
أستغفر الله وأتوب إليه
سبحان الله وبحمده, سبحان الله العظيم
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً طيباً مباركاً فيه 💞
ردحذفينفع القفلة دي يعني؟
وبعدين دانيال ده هادم اللذات ومفرق الجماعات عرف كيفن بسرعة كدة ازاي🤔
زينب دي مع انها جبلة كدة بس هانت اهه وقربت تحس ع دمها
حلقة جميلة يا غالية
💞دُمتِ مُبدعة 💞
لا إله إلا الله
ردحذفلا حول ولا قوة إلا بالله
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
هادم اللذات ومفرق الجمعات
ردحذفاعوذ بالله منك خبيييييييث قوي الخبث هينط من عينه دانيال 😐 هو معقول يعرف بإسلام ام عبدالله
مش متخيلة 🥺
انا والله جسمي قشعر لما نيكولا عرفت عبدالله 💔
فرحتها مش متخيلاها اصلا
سبحان الله يهدي من يشااء
ياسلام لو أبوه يسلم هو كمان 🥺
تبقى فرحته كملت
زينب شكلها كدة هتسلم 😍
والسبب احمد وممكن يكون لها دور ف حماية عائشة وعبدالله
حفصة الجميلة الذكية 😂
شاطرة ياحفوص احنا ف زمن مايحدش يثق ف التاني بسهولة كدة
تسلم ايدك يا استاذة هوبة
ربنا يجزيكِ كل خير 🥰🥰
الحمدلله كثيرا❤️اللهم صل و سلم على نبينا محمد ❤️جزاك الله خيرا أستاذة هبة❤️ام رفيف
ردحذف