أنا وكيفن وضوء القمر( السادسة والعشرين)
أخذ القس يتفرس في ملامحهما المضطربة بعينين حادتين،
فالتقت عيناه بعينيّ عبد الله، فاتسعت حدقتاه حين أدرك أنه كيفن.....أسر الأمر في
نفسه وتبسم لكيفن الذي زاغ بصره ارتباكا وقال ساخراً من الراهبين:
ـــــ ممم هاها
كم هي لائقة عليكما ملابس الرهبان
اقترب بتؤدة من عبد الله وسأله بمكر:
ـــــ ما اسمك ايها الراهب ؟
ـــــ إسمي
أندرو
ـــــ ممممم هاها.. اندرو . مرحباً اندرو
ـــــ مرحباً أيها الآب
سدد نظرة حادة إلى محمد وسأله:
ـــــ
وأنت؟
ـــــ جورج
ـــــ هههه مرحباً جورج
ـــــ مرحباً يا آبانا
استدار إلى عبد الله وقال وهو يغضن حاجبيه:
ـــــ ولكن يبدو أن
أندرو يحب السيدة نيكولا حباً عظيماً.. عيناه تذرفان الدموع هاها
رد عبد الله بثبات:
ـــــ السيدة نيكولا سيدة عظيمة، اعتادت على مساعدة
فقراء الكنيسة والعطف على المساكين، لذا فلها مكانة كبيرة في نفسي وأحبها جدا كأمي
انفجر القس ضاحكاً وقال:
ـــــ أمك ؟ ههههه كم أنت طيب القلب يا أندرو مممم كيف
حالك يا نيكولا ؟
ـــــ أنا بخير، بخير يا آبانا آآآه
ـــــ مممممم هل تعرفين هذان الراهبان؟
شخص بصرها وارتجفت، فرد عنها عبد الله من فوره:
ـــــ السيدة نيكولا لا تعرفنا معرفة شخصية ولا تعرف حتى أسمائنا ولكن نحن نعرفها جيدا لذا فعندما
افتقدناها سألنا عليها وعرفنا أنها هنا في المستشفى فجئنا إليها على الفور
هاها كم أنت مرتب الفكر يا ......... أندرو هاها
ـــــ أشكرك أيها
الآب
سمعوا دقات على الباب، فسأل القس:
ـــــ من بالباب ؟
ـــــ ماكس
ارتعد جسد عبد الله حين سمع اسم والده, وهمس في أذن
محمد:
ــــ إـنه أبي يا محمد، أبي. كم أود أن أحتضنه، أبي
همس له محمد:
ـــــ اخفض صوتك يا عبد الله فهذا الآب يكاد يلقي آذانه
عند افواهنا
قال الآب لوالد عبدالله:
ـــــ تفضل يا ماكس
ـــــ طاب صباحكم. من أنتما ؟؟؟ من هذان يا آبانا ؟
ـــــ هاها آلا تعرفهما ؟
ـــــ ومن أين
لي بمعرفتهم! . أراهم لأول مرة
استدار القس إلى عبد الله وأشار إلى والده وسأله والدهاء
يملع في عينيه:
ـــــ وأنت يا
أندرو ...... ألا تعرف هذا الرجل ؟
ـــــ لا
ـــــ هاها ممممم رائع أنت، رائع ... . نريد أن نسمع بعض
من الإنجيل يقرأ بأصواتكما الشجية هاها
اضطربت ملامح عبد الله وهمس لحمد:
ـــــ ماذا ! كيف نتصرف الآن يا محمد ؟؟؟؟؟
همس له محمد:
ـــــ إنتظر يا عبدالله
تبسم محمد وقال للقس بملامح واثقة:
ـــــ في خدمتك أيها
الآب، فاسمع
اتسعت حدقتا عبد الله وهمس في أذن محمد:
ـــــ ما هذا يا محمد! هل ستقرأ من الإنجيل حقاً ؟
ـــــ سأقرأ بعض الأشياء البسيطة البعيدة عن الشرك، لا
تخف يا عبد الله
غضن القس حاجبيه وقال وهو يعبث بشعيرات ذقنه:
ـــــ فيما تتهامسان أيها الراهبان ؟ هاها هل نسى أحدكما فيذكره الآخر ؟؟
قال محمد بحسم:
ـــــ سأقرأ ايها الآب
أشاح القس بيده وقال وهو ينظر بتحدٍ إلى عبد الله:
لا . بل أريد ان اسمع من أندرو هاها.. هيا يا أندرو، هيا
اشتعلت دواخل عبد اللع غيظاً وتمتم بغليل:
ـــــ تباً، تبا لك يا دانيال
همس له محمد:
ـــــ اخفض صوتك يا عبد الله، اقرأ
انتهى
عبد الله من قراءة بعض من الإنجيل، ثم قال للراهب بابتسامة متكدرة:
ـــــ هل أسمعك أكثر أيها الآب أم أن ما سمعته يكفي ؟
ـــــ يكفي هاها
باركك الرب يا أندرو
ـــــ أشكرك أيها
الآب
قال القس وهو يستعد لمغادرة الغرفة:
ـــــ أترككم
الآن، وسآتي قريباً لتفقد أحوال نيكولا الصحية ... وأنتما أيها الراهبان ألن تغادرا
المكان ؟ أعتقد ان الزيارة قد تمت وعليكما الإنصراف
رد عبد الله:
ـــــ سننصرف وسنعود مرة أخرى
ـــــ هاها مرحبا بكم في أي وقت . نشكرك على الزيارة يا
..... أندرو وأنت يا ....... جورج
قال عبد الله للقس:
ـــــ نشكرك أيها
الآب . معذرة، سأذهب لتقبيل يد السيدة نيكولا قبل المغادرة
قهقه القس وقال ساخراً:
ـــــ تفضل يا أندرو هاها
همس عبد الله في أذن أمه:
ـــــ أمي، أتركك الآن يا حبيبتي وسآتي في المساء
ـــــ إخفض صوتك يا حبيبي، لا أريد أن يمسك أحد بسوء. من
الأفضل ألا تأتي
ـــــ بل
سآتي إن شاء الله
قبل يدها ثم فرد قامته وقال بصوت يسمعه الجميع:
ـــــ باركك الرب سيدتي نيكولا
ـــــ باركك الرب أيها
الراهب
***************************************
عاد القس إلى الكنيسة وهو يستحضر ما حدث ويقهقه:
ـــــ رهبان هاها . مشهد تمثيلي رائع يا كيفن أنت وصديقك
ههه
سمع أحد أتباعه صوت قهقهته، فأتاه مهرولاً:
ـــــ مرحبا بعودتك آبانا دانيال
ـــــ مرحبا جوزيف هاها
ـــــ اراك تضحك يا آبانا . فما السبب ؟
ـــــ هههه كيفن وصديقه جاءا لزيارة أمه متنكرين في زي
رهبان هاها
ـــــ رهبان ! ولكن كيف عرفتهم يا آبانا ؟
ـــــ لأول وهلة
لم أعرفهما.. ولكن عندما اقتربت عرفت أنهما
مسلمان
أسدل تابعه حاجبيه وقال مندهشاً:
ـــــ وهل للمسلمين ما يميزهم يا آبانا ؟
زفر وأومأ برأسه وقال وهو يستعر غليلاً:
ـــــ أجل، أجل..
سيماهم على وجوههم من أثر السجود
ـــــ عرفتهم من آثار السجود إذن يا آبانا
ـــــ أجل يا جوزيف.. ولذا فنظرت في أعينهم فوجدت عينيّ كيفن
في أحدهما، وتأكدت أنه هو
ـــــ ولكن هل عرفته أمه ؟
ـــــ لا اظن ذلك . نيكولا قد ضعف بصرها من كثرة البكاء
على ولدها . كما أن نيكولا مسيحية صالحة، ولو كانت تعلم بإسلام ولدها ما حزنت عليه
. إنها من أشد أحباب يسوع ... لا عليك من هذا الحديث، سأهاتف صوفيا لأخبرها بالأمر ... تباً للنسيان. نسيت أمر مانويلا . أنساني هذا الكيفن اللعين
سمعت صوفيا جرس هاتفها، فردت على القس:
ـــــ مرحباً آبانا، هاتفتني مانويلا واطمئننت عليها
سأل باحتداد:
ـــــ وأين كانت ؟
ـــــ اجرت جراحة
استئصال الزائدة التي فاجأها ألمها وهم في طريق العودة للمنزل
ـــــ مممممم ألم تخبرك بأمر كيفن وقدومه إلى ميونخ ؟
ـــــ وهل جاء كيفن إلى ميونخ ؟
ـــــ ألم تعلمي بمرض أختك؟
ردت بنبرة قلقلة:
ـــــ أختي نيكولا ! مابها ؟
ـــــ ظننت أنك
تعرفين أنها بالمستشفى التابع
للكنيسة لشدة مرضها
صرخت باكية:
ـــــ أختي! لم أعلم بهذا من قبل، سآتي على الفور إلى ميونخ لزيارتها
ـــــ تعالي فزوريها، فيبدو أنها في أيامها الآخيرة
نزلت دموعها الحارة وقالت متحسرة:
ـــــ نيكولا!! قادمة على الفور
ـــــ وأنا سأعد لها موكب جنائزي مهيب يليق بها كمسيحية
صالحة، وتدفن الى جوار الصالحين من أحباب يسوع
************************************
أغلقت صوفيا الهاتف وقد رج نحيبها أركان الدير، هرعت
إليها الراهبة مادلين:
ـــــ مابكِ الأم صوفيا ؟
ـــــ سأسافر حالاً الى ميونخ يا مادلين، أختي نيكولا
مريضة جداً وربما تموت في مرضها
ـــــ أأسف لسماع هذا الخبر، الام صوفيا
قالت بنبرة أرجفتها الأحزان على شقيقتها:
ـــــ ربما موتها يكن رحمة بها، حتى لا تكتشف ما سيحدث
لولدها وزوجته ...رغم حزني عليها سعيدة لاجلها .. يجب أن أكون الى جوارها في
لحظاتها الأخيرة
ـــــ أعلم من ذلك أنك لن تعودي اليوم أو غداً؟
ـــــ لا أعتقد ذلك، سأظل إلى جوار أختي يا مادلين
ـــــ ممم باركك الرب الأم صوفيا . سنفتقدك في الدير ...
ولكن من ستحل محلك في إدارة الدير حتى
تعودي ؟
ـــــ اجمعي الراهبات لأخبرهم أنك من ستحل محلي في غيابي
أومأت الراهبة مادلين برأسها تحية للأم صوفيا وقالت:
ـــــ أشكرك على الثقة، الأم صوفيا
**************************************************
نادت مادلين في الراهبات:
ـــــ ايتها الراهبات، تعالين
هرولت الراهبات وهن يتهامسن:
ـــــ ما الأمر؟؟
أنحنت الراهبات أمام الأم صوفيا، التي شمخت بأنفها في
تجهم:
ـــــ طاب صباحك الأم صوفيا
أعطتهم الأوامر بنبرة غليظة واحتداد:
ـــــ سأسافر الى ميونخ على الفور، ومادلين ستحل محلي،
فلتأتمرن بأوامرها ولتنتهين بنواهيها.. أسمعتن؟؟
ـــــ سمعاً وطاعة الأم صوفيا
استدارت إلى مادلين تقول بنبرة وعيد:
ـــــ إن ضايقك أي تصرف من إحداهن، فبلغيني حتى ينالها
العقاب
ـــــ لا تشغلي بالك بالدير الأم صوفيا. الراهبات مطيعات، ولا اعتقد أني سأجد ما
يزعجني منهن
ـــــ بارككم الرب.. فلتنصرف كل منكن الى ماكانت تعمل
***************************************
كاد القلق على عبد الله يقتل عائشة، التي حاولت مهاتفته
مراراً دون جدوى، فبكت خشية أن يكون قد افتضح أمره وتعرض للإيذاء، ظلت على حالها
البائس حتى هاتفها وطمئنها أنه بخير، أنهى المحادثة وقال لمحمد:
ـــــ محمد، من فضلك اطلب من زوجتك المبيت مع عائشة
زوجتي حتى أعود إليها، فأنت تعلم أنها وحدها ولا أأمن عليها
ـــــ لا تخش شيئا يا أخي، سأرسل إليها حفصة على الفور
إن شاء الله
ـــــ بارك الله فيك وفيها يا محمد
****************************
أتت حفصة مسرعة إلى عائشة، ودقت الأجراس وهي تنادي
بروحها المرحة:
ـــــ افتحي يا عائشة، جاءت إليكِ حفصة حبيبتك ههه
سمعت صوتها فتبدد بعض ما بها من حزن، وقالت:
ـــــ حفصة، قادمة حبيبتي قادمة
فتحت الباب ورحبت بابتسامة مشوبة بالكأبة:
ـــــ مرحباً، مرحبا يا حبيبة
ـــــ ههه السلام عليكم ، ما هذه الكآبة التي تعلو قسمات
وجهك!
ـــــ وعليكم السلام يا حفصة، تفضلي حبيبتي
ـــــ أشكرك..ما بكِ يا حبيبة ؟
أجهشت عائشة بالبكاء:
ـــــ حزينة على والدة زوجي، وحزينة لحزن زوجي ..صوته مليء بالأشجان، وحاولت
التماسك وأنا أحدثه حتى لا أزيد
حزنه
ـــــ لا حول ولا قوة الا بالله . ألا يوجد أي بارقة
أمل في شفائها ؟
ـــــ لا ، من الواضح انها قاربت على المنية
ـــــ حبيبتي وحتى لو كان ذلك فهذا مآلنا جميعا فتجلدي . أعلم أنك حزينة لحزن زوجك، ولكن
فليكن عزائكما الوحيد انها ستموت على الإسلام إن شاء الله
ـــــ الحمدلله يا حفصة . أأسف حبيبتي لم أكن أحب أن أستقبلك
بالبكاء هكذا
ـــــ حبيبتي أنتِ و راحتك، ابكي كما شئتِ، لم آت لأحبس حريتك في بيتك ههههه
ـــــ هه سأعد لكِ الغداء
ـــــ لالالا، لا ترهقي نفسك يا حبيبة، سأعده أنا . كم أنا
فرحة اني سأبقى معك وأستأنس بصحبتك يا صديقتي الحبيبة
ـــــ بارك الله فيكِ يا اختي
دق هاتف عائشة، فقالت حفصة:
ـــــ جرس هاتفك يدق يا عائشة . لا تنهضي ، لا
تنهضي سأحضره لكِ
ـــــ ههه بارك الله فيكِ يا حفصة . من على الهاتف ؟
ـــــ أها! إنها
أمك هاها مممم ما رأيك أن أرد عليها أنا
وأحييها أولاً ؟
ـــــ ههه تفضلي بالطبع
ـــــ السلام عليكم يا أمي مريم
ـــــ أمك مريم !! من أنتِ وأين ابنتي ؟
ـــــ هاها وهل أنا لست كابنتك ؟ انا صديقتها حفصة
ـــــ هههه حفصة، كيف حالك يا حبيبتي؟ حدثتني عنكِ عائشة
كثيراً
ـــــ هاها وماذا قالت ؟
ـــــ قالت أنك حبيبة وقريبة إلى قلبها كفاطمة تماماً
ـــــ ههه جزاك الله خيرا يا أمي . انا جئت لأقيم مع
عائشة حتى يجيء زوجها بسلامة الله
ـــــ حقا ؟ بارك الله فيكِ يا حفصة الجميلة انتِ
ـــــ أنتِ الأجمل، سعيدة لسماع صوتك . معك عائشة يا أمي تفضلي
ـــــ جزاكِ الله خيرا يا ابنتي
ـــــ السلام عليكم يا امي
ـــــ وعليكم السلام يا عائشة آآآه حمداً الله إن حفصة
معك . كنت على وشك الشجار مع أبيكِ بشأنك
ـــــ لِمَ يا أمي!!!
ـــــ وهل تظنين أني أتركك وحدك ؟ جن جنوني حين علمت أنك
وحدك وزوجك هنا في ميونخ
ـــــ إهدئي
بالاً يا أمي، فحفصة معي الحمدلله
ـــــ الحمدلله يا ابنتي، وهذا ما هدأ من خوفي عليكِ. لا
تفتحا الباب لأحد، أسمعتي؟
ـــــ هههه كنتِ دائماً تقولين لي ذلك حين تخرجين من
المنزل وتتركيني وحدي وأنا صغيرة
ـــــ قلت لكِ مازلتِ صغيرة، وأخاف عليك يا قرة عيني
ـــــ سلمتِ لي يا امي . كيف حال أبي ؟
ـــــ والله حزين جداً على والدة عبد الله، وخاصة اننا
لم نتمكن من زيارتها . زوجك أبى ذلك خوفا من أن يشاع أن أمه على علاقة بمسلمين
ويشكون فيها
زفرت عائشة بضيق وقالت:
ـــــ أخرجنا الله من بين أيديهم سالمين يا أمي
ـــــ آمين يا ابنتي. أتركك لصديقتك ولا أطيل الحديث أكثر
من ذلك
ـــــ أشكرك يا أمي. سأهاتفك غداً كما اعتدت يومياً
ـــــ في انتظارك يا ابنتي، في حفظ الله ورعايته. السلام
عليكم
ـــــ وعليكم السلام يا أمي
**************************************************
كان الدكتور محمدي( لوكاس) يطالع أحد الكتب باهتمام، حين
سمع قرعات جرس الباب، وضع الكتاب على المنضدة المجاورة، وسأل:
ـــــ من بالباب ؟
ـــــ أنا سالم
يا دكتور محمدي
انتصب واقفاً وقال لخادمته التي كانت تتجه لفتح الباب:
ـــــ هاها إنتظري أنتِ، سأفتح أنا
ـــــ أمرك يا دكتور هاها
فتح الباب واقفاً على قدميه وابتسامة عريضة على وجهه،
وقال:
ـــــ مرحباً هاها
أرجفت الدهشة دكتور سالم وكأنه لا يصدق عينيه:
ـــــ لالالالالا يا إلهي!!... ماهذا!!...دكتور محمدي
واقف على قدميه! هل أنا أحلم !!!!
ـــــ هاها بل
إنها حقيقة يا أخي
سالم. تفضل، هذه أول مرة أعانقك كتفاً بكتف هاها مرحباً يا أخي
قال وما زال متلبساً بذهوله:
ـــــ يا الله!!!!...اللهم لك الحمد.... أخبرني كيف حدث ذلك ؟؟؟
ـــــ هاها تفضل هنا بالجلوس وسأخبرك يا أخي . فقط سأذهب لأعد لك كأسا من العصير بنفسي
ولأول مرة هاها
ـــــ هههه في انتظارك لتقص عليّ.. مع انني ما زلت
مندهشاً. الحمدلله، الحمدلله، الحمدلله
**************************************************
عاد الدكتور محمدي بالعصير بالذي أعده:
ـــــ ها هو العصير تفضل هاها أتحداك أن تجد مذاقا كمثل
مذاقه في أي مكان هاها
ـــــ هههه أشكرك
دكتور محمدي . أخبرني بالله ماذا
حدث . مفاجأة سارة، سارة. والله ارتجف لها بدني
جلس الدكتور محمدي قبالته، وقال والسعادة تغرد على
قسماته:
ـــــ ههه أخبرك يا أخي ... كنت قبيل الفجر منذ يومان أبكي وأصلي
على الكرسي المتحرك ككل يوم.. ولكن هذا اليوم اشتد فيه بكائي ورجائي وتوسلي لله ان
يشفيني، وأقف على قدمي حتى أتمكن من
السجود ولو لمرة في حياتي.. وظللت أبكي وأبكي
وأرجو ربي واتذلل بين يديه بضعفي
وقلة حيلتي.. وإذ فجأة شعرت بقوة عجيبة
تسري في جسدي وإذ بي أحاول الوقوف مرة بعد مرة، مرة بعد مرة حتى وقفت، وقفت
يا سالم، وقفت وظللت أبكي وأكبر وأهلل ودموعي تنهمر، وقلبي يكاد يقف من شدة الفرح
. يا الله!!.. لحظة مهما تكلمت عنها ووصفتها
لن أستطيع وصفها . سبحان الله.. كم
هو قريب، قريب جداً.. يشعر بنا ويستمع إلينا ويرحمنا ويستجيب دعائنا. يا الله، يا الله لك
الحمد في كل وقت وحين يا الله
طفرت عبرات دكتور سالم، وقال بنبرة مرتعدة:
ـــــ أدمعت عيني يا أخي. الحمدلله الذي يجيب المضطر إذا
دعاه.. الحمدلله الذي يرحم عبده الذي سكب دموعه ورجاه
ـــــ الحمدلله يا أخي
سالم، الحمدلله ... ولكن سأكتم إسلامي كما أنا
ـــــ افعل ما شئت يا أخي . نسأل الله أن يعز الإسلام
والمسلمين
ـــــ اللهم آمين آمين . ها؟ ما رأيك في العصير الذي لم
تشربه حتى الآن؟ هاها
ـــــ هاها والله من شدة فرحتي نسيت . بسم الله الرحمن
الرحيم مممممم طيب المذاق حقاً
ـــــ هاها بل رائع المذاق من فضلك
ـــــ هاها رائع دكتور محمدي، رائع
**************************************
انتبهت مانويلا لدقات هادئة على باب غرفتها بالمستشفى،
فسألت:
ـــــ من؟
ـــــ أنا
أحمد يا زينب . أتسمحين بالدخول ؟
أشرق وجهها لمجيئه وقالت:
ـــــ تفضل يا أحمد
أهل عليها بابتسامة وهو يحمل باقة زهر، وألقى عليه
السلام:
ـــــ السلام عليكم
ـــــ وعليكم السلام
ـــــ تفضلي باقة الزهر
ـــــ هه اشكرك
جلس في مقعد قريب وسألها باهتمام:
ـــــ كيف تشعرين الآن ؟
ـــــ أفضل
ـــــ قولي الحمدلله
ـــــ الحمدلله
أطرق هنيهة محاولاً جمع أحاديث الهوى المبعثرة في دواخله
ليسردها على مسامعها، فتعثر وضل المسير..فعاد بعبارة جوفاء:
ـــــ مممم أمي ستأتي لزيارتك اليوم إن شاء الله
ـــــ مرحبا بها
تعثرت الأحرف على شفتيه:
ـــــ ممممم أأأأأأ
ـــــ أتود أن تقول شيئا ؟
ـــــ ههه كنت سأقول أنني بدأت في تجهيز منزلنا إستعداداً لزواجنا
شردت هامسة:
ـــــ زواجنا!
أفاقت من شرودها وسألته:
ـــــ هل
أنت مصر حقاً على الزواج مني يا أحمد ؟
ـــــ وهل عندك شك في ذلك يا زينب ؟
ـــــ .... لِمَ أنا
يا أحمد ؟
ـــــ قبل أن أراكِ كان السبب هو ما سمعته عن التزامك،
وبعد أن رأيتك أصبح السبب هو أنني شعرت بالإرتياح إليكِ وكأنني أعرفك منذ أمدٍ
بعيد ... هل أنتِ لا تشعرين بالراحة وأنتِ تتحدثين إليّ ؟
تلعثمت خجلاً:
ـــــ هااا ! أأأأأ من فضلك هذا السؤال مخجل
ـــــ ههه أأسف أن تسببت في خجلك . سأستبدل سؤالي وأقول
هل أنتِ تشعرين أني الزوج الذي تحلمين به
؟
ـــــ هذا السؤال مخجل أكثر من فضلك
ـــــ هههه إذن سأصمت أفضل
ـــــ هههههه
ـــــ هههه سعيد لأنك ضحكتِ . يقول الطبيب أنكِ ستغادرين
المستشفى غداً صباحاً. سآتي لأصطحبك
أنا وأمي
للمنزل بالسيارة إن شاء الله
ـــــ أشكرك يا أحمد
ـــــ أتركك الآن لتستريحي، وسأترك الزهر إلى جانبك يعبر
عما لا أستطيع أن أعبر عنه
ـــــ مممم شكرا
ـــــ السلام عليكم
ـــــ وعليكم السلام
أخذت تتفرس في الزهور باسمة وتهمس لنفسها:
ـــــ ممم زهر رقيق
كمن أحضره ههه لطيف حقاً هذا الشاب ومؤدب.. أها! بطاقة ملونة اخرى . ماذا
كتب عليها!
أمسكت بالبطاقة التي أرفقها مع الزهر وطفقت تقرأها:
(انتظر اليوم الذي يجمعنا في بيت واحد كزوجين متحابيين، نزرع
نبت الإيمان في أرضنا فيطرح أشجار توحيد تملأ الكون بلا إله إلا الله محمدٌ رسول
الله ..ونحمد الله أن جمع قلبينا على
التوحيد، ونسجد له شكراً أن جعلنا زوجين..في انتظار يوم زواجنا بكل الشوق)
تربد وجهها وأطلت الحيرة من عينيها وقالت:
ـــــ ممممم توحيد ! لا إله إلا الله !!!!!! حقاً ؟ لا
اله الا الله ؟ مممممم آآآآه من الحيرة آآآآه
أجهشت بالبكاء وقالت بارتعاد:
ـــــ وكأنني في
بحر تصارعني أمواجه ، مالي أنا والخروج من
الدير!!!
*****************************************
انكبت صوفيا على صدر أختها تبكيها بحرقة:
ـــــ نيكولا أختي، نيكولا، مابكِ يا أختي ؟
فتحت نيكولا عينيها وقالت بابتسامة واهنة:
ـــــ صوفيا، صوفيا، مرحباً
ـــــ جئت من برلين لأجلك بعد أن أخبرني الآب دانيال باركه الرب أنك مريضة
ـــــ آآآه آآآه كنت أود أن أراكِ حقا قبل أن أغادر الحياة
قالت صوفيا بلوعة، وعبراتها تنهمر:
ـــــ حُرمت منك طيلة حياتي يا نيكولا، منذ كنا صغيرتان
ونحن مفترقتان، لولا خدمة الرب ما كنت
مفارقتك أبداً أختي الكبيرة الحبيبة
ـــــ لا أريد أن أفارقك على البكاء يا صوفيا . كفانا
بكاء يا أختي آآه آآآه أريد أن أرى ابتسامتك
ـــــ ابتسامتي ! وعلى أي شيء ابتسم يا نيكولا ..أريد أن
أقول أني أحبك يا نيكولا، أحبك وكنت أحب كيفن جداً
طفرت عبرات نيكولا ونطقت اسم ولدها بأسى:
ـــــ كيفن... عودي إلى برلين يا صوفيا
ـــــ لا، لن أفارقك
يا أختي
ـــــ عودي إلى برلين يا صوفيا. عودي آآآه . ماكس بجانبي، عودي إلى الدير يا صوفيا
ـــــ لا تحرميني هذه اللحظات يا نيكولا، فارقتك كثيراً
قبل ذلك
ـــــ وهل جلوسك إلى جانبي سيمنع الفراق يا أختي ! آآآه
عودي إلى برلين يا صوفيا، ولا تعذبيني أكثر من ذلك
قالت وهي تكفكف عبراتها:
ـــــ أمرك يا أختي، أمرك يا نيكولا ... دعيني أقبلك وأحتضنك قبل أن أتركك
انكبت على صدرها تبكي وتقبلها منتحبة:
ـــــ أختي، أختي،
أختي
ـــــ لا تبكي يا صوفيا، لا تبكي يا أختي . فقط تذكريني وتذكري
أنني أحبك يا أختي
آآآه وشقيت بفراقنا طيلة الحياة كما شقيتِ أنتِ آآآآه قومي يا صوفيا، قومي
يا اختي وعودي الى الدير آآآه
********************************************
هرع تابع
القس دانيال ليخبره بأمر هام:
ـــــ الأم صوفيا
جاءت من برلين وفي انتظار الإذن
بالدخول
ـــــ صوفيا!
فللتفضل
ـــــ تفضلي الأم صوفيا
ـــــ اشكرك يا
جوزيف باركك الرب يا ولدي
ـــــ طاب مساؤك يا
آبانا
ـــــ مرحبا صوفيا
طاب مساؤك . هل زرتِ نيكولا ؟
ردت ناشجة:
ـــــ أجل زرتها.. وكنت أود البقاء إلى
جانبها، ولكنها رفضت بشدة وقالت ماكس إلى جوارها
ـــــ حسناً. دعيها وشأنها
أخرج القس خنجراً من بين طيات ملابسه ونظر إلى شفرته
الحادة اللامعة وقال وكأنه يتغزل:
ــــــــــ انظري
إلى هذا الخنجر
ـــــ خنجر!
صاح بغليل:
ـــــ احضرته ليشق صدر كيفن الكافر، الكافر الذي ترك
دينه لأجل امرأة
ردت وغليلها نحو كيفن يسري في دواخلها فيأججها:
ـــــ أنت محق يا آبانا ..هو يستحق ذلك، وتستحق الأفعى
التي تزوجها..لو كان فيه خيراً لما ترك أمه
تتجرع مرارة الحزن على فراقه، بينما هو على قيد الحياة منعم بين أحضان زوجته، لو كان فيه خيراً لما ترك أمه في هذه
الساعات وجلس تحت قدميها يذرف الدموع
ـــــ كيفن هنا في ميونخ
اتسعت حدقتاها وسألت والغليل يفري كبدها:
ـــــ كيفن هنا؟ أين هو ؟؟ أين ؟
ـــــ جاء عندما تحسس أمر أمه وعلم بمرضها . تنكر في ثوب
راهب هو وصديقه وجاءا من دوسلدورف لزيارتها
ـــــ وهل علمت نيكولا أن هذا ولدها ؟
ـــــ بالطبع لا . أنا رأيتها غير عابئة بالأمر
ـــــ وبأي حجة جاء لزيارتها إذن ؟
ـــــ جاء بحجة أنه
راهب ومن ضمن واجباته تفقد احوال المرضى والصلاة للرب من أجل شفائهم
هاج هائج الراهبة وتوعدت كيفن:
ـــــ ماكر، ماكر آآآآه صبراً يا كيفن، صبراً.. . نشكر
الرب أن أمه لن تعلم بما سيصيبه على يدينا عما قريب.. كل يوم يمر يزداد غلي وحنقي وغيظي
آآآآخ يا كيفن آآآآخ
ـــــ قلتِ انك ستبدأين بذبح زوجته أمام عينيه، وستلطخين
وجهه بدمائها، وبعدها يقتل، أليس كذلك ؟
ردت بصوت كالجحيم المستعر:
ـــــ أجل، أجل آآآآخ
متى يأتي ذلك اليوم؟ متى !!
أحكم القس القبضة على خنجره وقال بوعيد وهو يصر على
أسنانه:
ـــــ إذن فستكون اول ضربة خنجر تشق صدره لي أنا
ـــــ لك ذلك يا آبانا، فأنا أعلم أنك أشد مني غلاً نحوه، وأعلم أن ضربة الخنجر هذه
ستشفي غليلك
ـــــ أجل، أجل...
في أي شهر زوجته الحية الرقطاء ؟
ـــــ في شهرها السادس
ـــــ إذن فموعدنا معهم الشهر القادم
ـــــ بالطبع يا آبانا، سنحضرهم إلى هنا كالخراف . وليكن
الخنجر في يدي أنا أولاً حتى يشق رقبة
زوجته
ـــــ ها هو معي، وسنقيد زوجته ونضعها تحت قدميك فافعلي
ما شئتي
ردت بنبرة عداء:
ـــــ فلينتظرا.... . عائدة إلى برلين الآن، فلا داعي
لوجودي هنا
ـــــ عندما تحين لحظة الإنتقام سأهاتفك لتحضري على
الفور يا صوفيا
ـــــ في الإنتظار من الآن يا آبانا
ـــــ باركك الرب يا صوفيا
ـــــ صلي من أجلي يا آبانا
ـــــ سأصلي من أجلك أيتها الراهبة الصالحة حبيبة
القديسين
ـــــ دعني اقبل يدك قبل الإنصراف فقد ألهاني حزني على أختي
مد إليها يده، فقبلتها وقالت منحنية أمامه:
ـــــ حفظك الرب أيها القديس دانيال
**************************************
انتهت حلقتنا ..التقيكم يوم الاثنين إن شاء الله
لا تنسوا ذكر الله والصلاة على الحبيب عليه الصلاة
والسلام والاستغفار
لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله
استغفر الله وأتوب إليه
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد
لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله
ردحذفعليه افضل الصلاة والسلام نبينا محمد مسك الختام
ردحذفتسلم ايدك يا استاذة هوبة 😍
الحمد لله على نعمة الإسلام
لك الحمد ياربي حتى ترضى
نعوذ بالله من الغل بتاع دانيال
زينب ممكن يكون ليها يد ف نجاة عائشة
هي كدة نيكولا لو ماتت هتدفن ف مقابر النصارى ؟
ليه مش عرفت ماكس باسلامها 😔
جزاك الله خيرا يا استاذة هوبة 🥰🥰🥰
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً طيباً مباركاً فيه 💕
ردحذفما أصوات الأفاعي هذه التي أسمعها 😡
حاسة كأن اصواتهم فعلاً زي فحيح الافاعي.. ما شاء الله على حضرتك.. مشاهد كأننا نراها👏🏻
اجتمعوا على الشر ويدافعون باستماتة عن الباطل وللأسف المسلمون غارقون في أحلامهم مع أنهم هم الذين على الحق
شفاها الله نيكولا وإن شاء الله تكون كويسه وتخرج وتفرح بابن عبدالله وماكس يسلم ونفرح كلنا 💗
حلقة رائعة كروعتك يا غالية
💕دُمتِ مُبدعة 💕
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين❤️اللهم صل وسلم على نبينا محمد❤️ام رفيف
ردحذفالله يسلم المسلمين من مكر أعداء الدين يارب
ردحذف