أنا وكيفن وضوء القمر( العشرون)

 


هاتفت عائشة، عبد الله فرد من فوره باسماً:

ــــ السلام عليكم عائشة حبيبتي ...مشتاق إليكِ

ـــــ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته حبيبي. أنا أشد منك شوقا ههه.. ولكن ليس الشوق من حملني على الاتصال

ــــ ممممممم يبدو أن هناك سبب قوي لاتصالك. هاتي ما عندك

ـــ في الحقيقة يا حبيبي أتتنا ضيفة، أسلمت جديداً وتريد أن تعمل خادمة، وأنا أرتضيتها

جن جنون عبد الله وصاح بها:

ــــ ماذا!، ماذا تقولين!. ضيفة!! أسلمت!! خادمة!! ارتضيتيها!! عمن تتحدثين؟

تربد وجه عائشة، فقد تفاجئت بغلظته معها لأول مرة:

ـــ ماهذا حبيبي! مابك وقد ثرت  عليّ وعلا صوتك !!

رد باحتداد، وقد انتفض عن مقعده:

ــــ انا قادم. قادم حالاً

أغلق الهاتف دونها فتأثرت باكية. فللمرة الأولى يعاملها بغلظة منذ زواجهما:

ـــ ماهذا ! لأول مرة يعاملني بهذه الفظاظة ويغلق هاتفه في وجهي.. سامحك الله يا عبد الله

 

عادت إلى مانويلا والأسى يكلل ملامحها، فسألتها بشغف:

ـــــ مابكِ سيدتي ؟ هل حدث شيء أزعجك؟

ـــــ .... والله لا أدري ماذا أقول لكِ يا زينب.. ولكن يبدو أن زوجي لن يرحب بوجودك للأسف

صرخت مانويلا باكية وتشبثت بيدها راجية:

ـــ أرجوكِ، أرجوكِ لا تتخلي عني سيدتي. أنا مسلمة مثلك وأريد أن أحيا على الإسلام وأموت عليه، فلِمَ تصدوني !

ـــ بالله اهدئي  يا زينب. ربما لأنه لا يعرف حقيقة الأمر غضب غضباً شديداً. ولكن عندما يأتي ونتفاهم بهدوء سيقتنع إن شاء الله

ردت بنشيج:

ــــ يا ويلي إن طردتموني، يا ويلي

فجأة ارتعدت عائشة وقالت:

ــــ ماهذا!. أسمع صوت سيارة عبد الله أتت، وأسمع باب السيارة يُغلق بعنف. . يالله . يبدو أنه ثائر جداً

 

قرع الأجراس بلا توقف، فهرعت عائشة لتفتح الباب..رحبت باضطراب:

ــــ مرحبا عبد الله

ــــ أين هي ؟

ــــ حبيبي لم تلقِ السلام . إهدأ بالله فأنا أرى الشر يتطاير من عينيك

زفر وقال باحتداد:

ــــ أين هي؟

استدارت عائشة ونادت بارتباك:

ـــــ تعالي يا زينب

ــــ هأنذا سيدتي. السلام عليكم سيدي صاحب الدار

صاح باحتداد:

ــــ من أنتِ ؟؟؟؟؟؟

ــــ رد السلام أولاً . فأنا مسلمة موحدة وقد حييتك بتحية الإسلام .. لِمَ هذه الفظاظة اهئ اهئ

رد على دموع التماسيح محتداً والشرر يتطاير من عينيه:

ــــ أحب أن ألفت انتباهك أنكِ تتحدثين إلى رجل. والرجال لا يمتلكون رقة  قلوب النساء، ويتأثرون سريعاً بالدموع . من انتِ ومن أرسلك ؟ انطقي

ــــ اهئ اهئ سامحك الله أيها السيد. لم يرسلني أحد اهئ اهي أنا من قصدتكم عندما وجدت زوجتك بالحجاب وعلمت أنكم مسلمون تمتلكون قلوبا رحيمة ولن تخذلوني اهئ اهئئئئئئئئئئ قولي له يا سيدتي أأأأ أأسف نسيت اسمك

ــــ اسمي عائشة يا زينب

حدج عائشة بنظرة حانقة وصاح بها:

ــــ ماشاء الله . تتحدثين إليها  وكأنك تعرفينها يا عائشة!!

ــــ يا عبد الله ..هي حدثتني بقصة إسلامها، فبالله ارحمها ودعها تحيا معنا آمنة. يا زوجي الحبيب يجب ألا نتخلى عن المسلمين الجدد

ــــ هذا إذا كنا نعلمهم جيداً. ولكن من أين لنا أن نتأكد مما تقصه هذه من حكايات!

سدد نظرات مستعرة إلى مانويلا وصاح بها

ــــــ  خذي حقيبتك يا هذه وعودي من حيث أتيتِ. تركت الباب مفتوحا لتخرجي، هيا

كانت عبراتها جادة هذه المرة..ففشل مهمتها بدأ يلوح في الأفق..لم يبق إلا محاولة أخيرة وهي إثارة مشاعر الشفقة والاتهام بالتخلي عن مسلمة مسكينة وحيدة..قالت وهي تحمل حقيبتها وتنظر إلى عائشة بتمسكن وعبراتها تسيل، موجهة حديثها إلى عبد الله:

ــــ بأمرك سيدي .. سامحكم الله .. أسلمت فلم أجد نُصرة من المسلمين ..أين سأذهب الآن! أين سأذهب.. سامحكم الله السلام عليكم ورحمة الله

اتجهت إلى الباب بخطوات وئيدة وصوت نشيجها يتعالى تتبعها نظرات عائشة المشفقة وقلبها المنفطر..خرجت فصفع عبد الله الباب وزفر ثم قال بارتياح:

ـــــ أخيراً خرجت، الحمدلله

عاد إلى عائشة يبكتها باحتداد:

ـــــ عائشة.. غاضب منك جداً

بكت وقالت بنشيج:

ـــــ بل أنا الغاضبة منك أكثر.... أيمكنني أن أسألك سؤلاً ؟

ــــ هههه تفضلي بعد أن أمسح عن عينيكِ هذه الدموع بيدي هكذا....الآن تفضلي

ـــــ أشكرك ..إن لم تجد محمد صديقك الذي ساعدك ووقف إلى جانبك، فهل لك أن تخبرني كيف كان سيكون حالك؟

ــــ مممممم تقصدين أنني تخليت عن مسلمة موحدة استجارت بنا، أليس كذلك ؟

قالت بنشيج:

ــــ بالطبع. نحن تخلينا عنها وهي في أمس الحاجة إلى أهل بيت من المسلمين كي يساندوها ويكونون بدلاً عن أهلها ..ولكننا خذلناها

ــــ حبيبتي يجب أن تعلمي أننا نحيا حياة مختلفة عن أي أحد. أنا في نظر أهلي قد مت. وإسلامي أخفيته عن الجميع . من أين لي أن أعرف بصدق هذه المرأة من كذبها ؟ وأفترض معك أنها أسلمت حقاً.. فما يدريني أنها ستثبت!.. فربما عادت إلى دينها وأوشت بنا وأعلمت الجميع بأمري. فربما كانت لها أو لأحد من معارفها صلة بالآب دانيال

ــــ يا حبيبي ومن سيخبرها بأمرك ؟ من سيقول إن اسمك كان كيفن وإن قصتك كذا وكذا ؟ هذا أمر لن أطلعها عليه. فلِمَ القلق إذن؟

ــــ حبيبتي صدقيني.. أنا أخاف عليكِ أنت. وأخبرتك مراراً بذلك. حياتي لا تهمني

ــــ حبيبي لا تعطي الأمر حجماً أكبر من حجمه. إنها مجرد مسلمة ضعيفة لا مأوى لها، وربما لو تركناها ارتدت وعادت لما كانت  فيه من الشرك.. وأخشى أن نعاقب بذنبها

أجهشت عائشة بالبكاء، فرق لحالها:

ـــــ لا حول ولا قوة الا بالله ممممممم حسناً . فقط عديني أن يظل أمر حياتي السابقة سراً حبيبتي

تهلل وجهها وقالت:

ـــــ أعدك، أعدك حبيبي..  هيا.. هيا الحق بها وأعدها إلى هنا حيث الآمان. هي ستعمل كخادمة لدي فلا تقلق

اتجه إلى الباب مسرعاً وهو يسألها:

ـــــ ما اسمها ؟

ــــ زينب

ــــ استأذنك، فربما لحقت بها، وإن لم ألحق بها فأسأل الله أن يسخر لها أهل بيتٍ أفضل منا

ــــ أسرع حبيبي، أسرع

فتح الباب، فوجدها تجلس أرضاً إلى جواره وتتكئ على حقيبتها، فقال باندهاش:

ــــ ما هذا!!.. أما زلتِ هنا ؟ لِمَ تجلسين على الأرض بجوار الباب ؟

ـــــ اهئ اهئ لا  أعلم مكانا اذهب إليه بعد أن طردتموني أيها السيد

ـــــ ادخلي

ـــــ ها!! حقا ؟ ستسمح لي بالخدمة في بيتكم

ـــــ بالطبع.. ولكن بعد أن تمرين باختبار .

ــــ اختبار!!

ــــ ادخلي الآن وبالداخل نتفاهم

تبعته مغمغمة والخوف يعتركها:

ــــ أي اختبار يقصد هذا! .. بدأت أخاف. من الواضح إنه لا يثق بي وزوجته هي من دفعته ليدخلني

استقبلتها عائشة بترحاب بالغ:

ــــ مرحبا يا زينب

ــــ السلام عليكم يا ......... مممممم ما اسمك سيدتي، فقد نسيت ؟

ــــ إسمي عائشة

ــــ مممممم اسم جميل. وأنت ما اسمك سيدي

ــــ عبد الله

لمعت عيناها دهاءاً وكأنها تقول أهٍ أيها الكاذب.. طبعت بسمة على محياها وقالت:

ـــــ جميل. إسم يدل على مطلق الإيمان ... يبدو أنك ألماني وإسلامك حديثاً.. فماذا كان اسمك من قبل سيدي؟

اكفهر وجهه وقال باحتداد مصوباً إصبعه إليها:

ــــ إذا أردتِ أن تعيشي معنا وفي خدمة زوجتي، فلا تسألي عن أي شيء.. اتفقنا ؟

أحنت رأسها وقالت بابتسامة ماكرة:

ــــ اتفقنا يا سيد عبد الله

قال مختبراً صدق ما ادعته من إسلام:

ــــ ماذا تحفظين من القرآن

بدت بسمة واثقة على محياها وقالت:

ــــ اختبارك سهل جداً.. أحفظ قصار السور.. وقد حفظتها لأتمكن  من الصلاة ..فهل تحب أن أسمعك سورة منها؟

ـــــ تبدين واثقة جداً من نفسك يا زينب.. ومن حفظك

ـــــ هه بالطبع سيدي.. فقد انقطعت للحفظ طويلاً  في الدير

زل لسانها فاتسعت حدقتاه قائلاً:

ــــ أين ؟

بدا الارتباك على ملامحها، ازدردت ريقها وقالت متلعثمة:

ــــ آآآ أقصد في المسجد ممممم عذرا سيدي.. فأنا حديثة عهد بإسلام، وقد كانت الاديرة والكنائس وجهتي  طيلة عمري

هز رأسه وقال:

ـــــ ممم حسناً.. اسمعيني سورة  قل هو الله أحد

بدت بسمة على محياها وقالت وهي تحني رأسها له:

ـــــ  اسمها سورة الإخلاص سيدي .... ابدأ بالاستعاذة من الشيطان الرجيم

ـــاعوذ بالله من الشيطان الرجيم

ــــ بسم الله الرحمن الرحيم

( قل هو الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد )

أشرق وجه عائشة وقالت لزوجها وكأنها تلومه على موقفه السابق من زينب:

ـــــ أرأيت يا عبد الله ؟... أنتِ رائعة يا زينب

ـــــ هاها أنتِ الأروع سيدتي

أثنى عليها عبد الله

ــــ عظيم.. عظيم يا زينب

ــــ أشكرك سيدي. ما رأيك في تجويدي للآيات؟

ــــ تجويد متقن جداً ....  على يد من تعلمتِ ؟

ــــ على يد أحد الشيخات

ــــ ما اسمها؟

ــــ وهل تعلم كل اسماء الشيخات يا سيد عبد الله ؟

ــــ ممممم خذيها يا عائشة لتريها أين حجرتها

قالت عائشة وقلبها يقفز فرحاً:

ــــ كم أنا فرحة يا عبد الله .... تفضلي يا زينب

ــــ أشكرك سيدتي عائشة على إيوائي في بيتك الجميل

ــــ لا تشكريني يا زينب. أنتِ أختي

تقطب جبين الراهبة وغمغمت وهي تتبع عائشة إلى الغرفة:

ــــ اختك ! مممممم ليس لي أخوات غير الراهبات... كم افتقدتك يا مادلين ..كم اشتقت إلى الدير وحياتي الجميلة وسط الراهبات المباركات من الرب.. آآآه . متشوقة لإتمام مهمتي لأعود سريعا

ــــ أسدلت عائشة حاجبيها وسألت بدهشة:

ـــــ أتتحدثين إلى نفسك يا زينب !!

ــــ أجل ... أمدحك الى نفسي سيدتي عائشة

ــــ أشكرك..  تفضلي.. هاهنا غرفتك

دلفت إلى الغرفة وعيناها تدور في أرجائها..قالت:

ــــ مممممم جميلة . أشكرك. أرجو أن تتركيني كي أنال قسطاً من الراحة

ــــ بالطبع . أستأذنك في الإنصراف

ــــ تفضلي

غادرت عائشة الغرفة وأغلقت الباب خلفها، فزفرت الراهبة وقالت بحنق شديد:

ـــــ أول مرة منذ سنوات أتغيب عن الدير.. أوف!! ستكون حياة مملة في بيت هذه المسلمة,,, . أهاتف الأم صوفيا كما وعدتها

أمسكت بهاتفها وهاتفت الأم صوفيا، التي ردت من فورها:

ــــ مرحبا مانويلا . كيف تسير  الأمور ؟

ــــ هاها الأمور تسير  من حسن إلى أحسن ..كان ابن اختك يرفض استضافتي، حتى أقنعته زوجته. يبدو أنه يحبها ولا يرفض لها طلبا

ــــ ههه هو من سيسرع بحتفها دون أن يشعر. آآآآخ! كم وددت أن أكون معك لانقض عليهما طعنا بسكيني.. ولكن سيأتي هذا اليوم لا محالة وحق يسوع.. سيأتي . يوما ما سأقذفها إلى الأرض كالشاة واذبحها بسكين بارد، وألطخ وجه كيفن بدمائها . صبرا يا كيفن.. صبراً

ـــ إهدئي  أيتها الأم صوفيا. أفهم المطلوب جيداً، وقريباً سيحدث ما تريدين يا حبيبة القديسين

ــــ باركك الرب مانويلا . أتركك الآن وهاتفيني غداً صباحاً

ــــ سأفعل . في حفظ الرب أيتها الأم المباركة من الرب

ــــ في حفظ الرب مانويلا

****************************************************

في تلك الليلة، لمح عبد الله عائشة تضع يدها على رأسها وتتحرك بغير اتزان، فهرع إليها متلهفاً:

ــــ مابكِ حبيبتي؟

ـــــ لا أعرف. أشعر بدوار.. أشعر أن الأرض تميد بي آآه  غير متزنة أنا

كادت تسقط فأمسك بها فزعاً يسندها:

ـــــ حبيبتي..تعالي.. تعالي حبيبتي لأساعدك في الذهاب إلى الفراش لتستريحي

ــــ أشكرك حبيبي آآآه اشعر برغبة في القيئ آآآه استأذنك

ـــــ قيئ ودوار!!... ماالذي اصابها ؟

شعرت مانويلا أن هناك أمر ما، فخرجت من حجرتها على الفور..اتجهت إلى عبد الله تسأله:

ــــ أهناك شيء يا سيد عبد الله ؟

ــــ أما زلتِ مستيقظة يا زينب ؟

ـــــ سأصلي القيام وبعدها أنام. مابها السيدة عائشة ؟

ــــ لا أعرف. شعرت بالدوار والرغبة في القيء

ـــــ ممم أطلب لها الطبيبة

ــــ هي طبيبة

تظاهرت مانويلا أنها تفاجئت:

ـــــ طبيبة !! ... لأول مرة أعلم . إذن فلتداوي نفسها ... هاهي قادمة . كيف تشعرين الآن سيدتي عائشة؟

آآآآه مازلت الأعراض كماهي. أشعر بدوار وغثيان

سألها عبدالله باهتمام:

ــــ وما هذه الأعراض حبيبتي؟

ـــــ أشك انها أعراض حمل

اتسعت حدقتاه فرحاً وقال وهو يمسك يديها:

ـــــ حقاً؟ حمل؟  أعراض حمل؟ حقاً ما تشعرين به أعراض حمل يا حبيبتي؟؟

تمتمت مانويلا بامتعاض:

ــــ حمل!..نستغفر الرب

ردت عائشة:

ــــ إنه مجرد شك ... يجب أن أجري اختباراً لأتأكد  يا عبد الله.. ربما كنت واهمة

ــــ لآ،لا.. أنا اشعر أني سأصير أباً قريباً

غمغمت الراهبة:

ــــ أبا!!..سأنتظر حتى أتأكد معهم لأنقل الخبر. لا أحب نقل الشائعات ههه

****************************************************

تحقق ما صبت إليه نفس عبدالله..فقد تيقنت عائشة من حملها، فهنأها عبدالله جذلاً وكأنه امتلك العالم:

ـــــ عائشة حبيبيتي، مبارك زوجتي الحبيبة، مبارك...دعيني أسجد شكراً لله أولاً

سجد بين يدي الله شاكرا

ــــ اللهم لك الحمد، اللهم لك الحمد، اللهم لك الحمد

نهض عن الأرض وعاد يهنئها:

ــــ مبارك حبيبتي، مبارك

ــــــ بارك الله فيك يا حبيبي. ممممم أسعيدٌ أنت إلى هذه الحد؟

ــــ بل إن سعادتي تفوق كل، كل، كل الحدود ...كنت قبل إسلامي لا يوجد عندي رغبة في إنجاب أطفال حتى لا يلاقوا نفس مصيري من الحيرة والتخبط دون الوصول لحقيقة وجودهم ومن هو خالقهم . لكن الآن أريد ألف ألف ولد

ضحكت عائشة وقالت:

ــــ حبيبي رفقاً. من أين سنأتي بألف ألف ولد! يكفينا ألفا واحداً

ــــ هههه حبيبتي هذا من فرط سعادتي والله . حقا نريد أن يزيد عدد  الموحدين بالله على الأرض. نريد إعمار الكون بلا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله

ــــ يارب، يارب.. اللهم اجعل ما في رحمي من عبادك الصالحين المخلصين اللهم آمين

ـــــ آمين يارب، آمين... .هل أخبرتي أمك؟

ــــ هاها قل لي متى أخبرتها ونحن منذ أن عرفنا نتيجة الاختبار ونحن جالسين نهنئ بعضنا البعض ولم نُشرك أحداً

ـــــ إذن فهاتفيها واجعليها وأباكِ يشاركانا الفرحة.. وانا سأهاتف محمد صديقي

 

****************************************************

دلفت مانويلا إلى غرفتها وأحكمت إغلاق الباب..جلست على فراشها تحدث نفسها:

ـــــ هكذا تأكدت أن زوجة كيفن حامل ... أهاتف الأم صوفيا وأخبرها اولاً ثم اذهب لأهنئها...  . لا أعلم على أي شيء أهنئها!!... فما الجميل والرائع في حمل طفل في الأحشاء  يجعل المرأة تشبه البالون، ويُولد بآلام وصراخ، ويأتي بمتاعب لأمه وأبيه أيضاً بعد ميلاده!!.. . ما شأني أنا! . دع النساء وشأنهن ... ما أجمل حياة الراهبات بعيداً عن هذه الحياة الصاخبة ... ولكن أحيانا أمل.. . بل كثيراً أمل وأشعر برغبتي في حياة عادية كسائر الناس.. لا،لا،لا... ما هذا العبث الذي أتفوه به!!... هل خروجي من الدير سيجعلني أكفر بحياة الرهبنة ووهب الذات لخدمة الرب لا،لا،لا . أهاتف الأم صوفيا، وأبعد هذا اللهو عن تفكيري

خرجت من يم أفكارها المتلاطم، وأمسكت بهاتفها وضغطت رقم الأم صوفيا:

ــــ مرحبا مانويلا . كيف هو الحال ؟

ــــ زوجة كيفن حامل

ــــ ماذا !!... هل تأكدتِ من هذا الخبر ؟

ــــ انتظرت حتى أتأكد، وبالفعل ذهبت وزوجها وأجرت إختباراً للحمل، وتأكد حملها

ــــ ممم هكذا سيُقتل ثلاثة أرواح ... هي.. وجنينها.. وزوجها. وكيف يشعر كيفن ؟

ــــ فرح جداً.. وقفت بجانب الغرفة لأستمع لحديثه مع زوجته، وجدته يقول سأسجد شكراً لله

ردت صوفيا باحتداد:

ــــ ماذا!! حسناً.. فليسجد كما شاء، وليودع ربه الذي يسجد بين يديه وترك دين يسوع لأجله

قالت مانويلا بضجر:

ــــ متى سيتم التخلص منهما أمنا صوفيا حتى أعود الى الدير المبارك ؟

ــــ سأهاتف الآب  دانيال بنفسي وأرتب الأمر. أتركك الآن مانويلا

ــــ باركك الرب الأم صوفيا  رئيسة الدير المبارك من الرب

**************************************************

اندفعت مانويلا إلى غرفة عائشة وقد رسمت على وجهها السعادة:

ــــ سيدتي عائشة.. مبارك ههه سعيدة لأجلك

ــــ أشكرك زينب . أرأيتِ كم حل من السرور ببيتنا بقدومك؟

قهقهت مانويلا وقالت وهو تضمر الوعيد من وراء عبارتها:

ـــــ والقادم أجمل...ما رأيتِ شيئاً من السرور بعد يا سيدتي. انتظري ما هو آت

ــــ إن شاء الله القادم أجمل يا زينب

انفجرت مانويلا بالضحك..ثم أحنت رأسها وقالت:

ــــــ أتركك للتفاؤول، وأذهب لأعد لك الطعام

ــــ لا. لا رغبة لي بالطعام . أعدي فقط لزوجي من فضلك

ــــ وأين هو ؟ . سمعت الباب منذ قليل يُغلق

ــــ ذهب للصلاة في المسجد

كاتمت الغيظ وراء بسمة باهتة.أحنت رأسها استئذاناً وغادرت الغرفة...كاتمت نفسها حديثاً وعيناها تتقدان غليلا:

ــــ أي مسجد يذهب إليه هذا الكافر ويترك كنائسنا المباركة !!. حقا يستحق انتقام الآب  دانيال والأم صوفيا، وتستحقه هذه الحية الرقطاء زوجته. أكرهها.. منذ رأيتها وأنا أكرهها.. ولولا أن الانتقام متروك للأم صوفيا لوضعت لها ولزوجها السم في الطعام وتخلصت منهما جزاء صنيعهما

نما إلى أسماع مانويلا تأوهات عائشة، فهمست لنفسها وهي تمسك بسكين وتقطع اللحم مصرة على أسنانها:

ــــ تتأوه الحية من متاعب الحمل. لا بأس. غداً تستريحي من تعب الحمل ومن الحياة بأسرها . فصبراً

****************************************************

في غرفتهما بعد منتصف الليل، دار بين عائشة وعبد الله حوار ودود:

ـــــ عائشة حبيبتي.. أمستيقظة انتِ أم نمتِ ؟

ـــــ ممممم حبيبي أما زلت مستيقظ !!! ظننتك نائم، لذا لم أود أن أزعجك بحديثي

ـــــ ههه حبيبتي اعتدنا أن نتحدث في فراشنا حتى يغلبنا النوم. لم أنم بعد، ورأيتك تتقلبين في الفراش فعلمت انكِ مازلتِ مستيقظة

ـــــ أشعر ببعض الألم الذي جعل النوم يجافيني

ـــــ حبيبتي ! بِمَ تشعرين ؟ هل اهاتف الطبيبة لأجلك ؟

ـــــ هاها حبيبي الأمر بسيط جداً . هكذا هو الحمل . ليس باليسير ويسبب الآلام  . لا تعبأ بالأمر حبيبي

تذكر عبد الله والدته، فتبدى الأسى على وجهه وقال:

ـــــ حقاً كم تتعب الأم في حملها وحتى تضع وليدها. كلما وجدتك تتألمين  تذكرت أمي وأقول كم تعبت امي وهي تحملني في احشائها وكم تحملت الكثير لأجلي ...أمي

ــــ أشعر بحنينك الجارف لأمك حبيبي

ـــــ اشتقت إليها.. اشتقت إليها يا عائشة .

ــــ والله انا حتى الآن لا أعلم كيف ستذهب وكيف ستراها وماذا ستقول وما الذي سيحدث عقب مقابلتك لها . حقاً انا خائفة يا عبد الله ويزيد خوفي كلما اقترب موعد لقائك بأمك

ــــ لا تخش شيئا حبيبتي . أسأل الله رعايته وحفظه

ــــ حفظك الله ورعاك حبيبي آمين

ــــ وحفظك لي وحفظ ولدي الذي تحملينه في احشائك آمين آمين آمين

****************************************************

قبيل الفجر بقرابة الساعتين، تلفعت مانويلا بحجابها وأمسكت بمسبحة واتجهت إلى باب غرفتها عامدة الخروج وهي تغمغم ببعض العبارات متأففة:

ـــــ باقي على صلاة فجرهم ساعتين . اذهب لأوقظهما للصلاة أوف..بدلا من أن يستيقظا ليمجدا الرب في الأعالي يستيقظا ليصليا  صلاة المسلمين . ماذا عساي أن أفعل سوى الصبر

عند باب حجرة عائشة وعبد الله، وقفت تطرق الباب بعنف وتركله بأقدامها وتنادي بصوت جهور:

ـــــ استيقظا، هيا، حان الوقت لصلاة القيام، هيا،  هيا يا نائمان

عادت تركل الباب وتطرقه بقبضة يدها بعنف، فقامت عائشة فزعة:

ــــ ما هذا! يا إلهي! ما هذا!! ماهذا الطرق البشع على الباب!!!

نفذ إلى مسامعها نداء مانويلا الجهور:

ــــ هيا للصلاة يا نائمان

استيقظ عبد الله فزعاً:

ــــ ما هذا! ما الأمر يا عائشة ؟

نفذ صوت الطرق وركل الباب وصياح مانويلا المزعج إلى مسامعه:

ـــــ استيقظا يا نائمان، هيا استيقظا

لا أعرف يا عبد الله . يبدو أن زينب تطرق الباب لأمر جلل . قم وانظر ما الأمر

ــــ لا حول ولا قوة الا بالله . من أين أتت هذه المزعجة.

فتح الباب وصاح بها:

ــــ ما الأمر! لِمَ تطرقين الباب علينا بهذا الشكل الشنيع ؟. أهناك قتيل قد قُتل!!!

ــــ هاها لا، هناك قتيل سيُقتل. هيا لصلاة القيام واذهب وأيقظ  زوجتك، هيا لنرنم جميعا آآآه أقصد هيا لنقرأ القرآن

زأر في وجهها غاضباً:

ــــ يا هذه، يا هذه. هل هذه طريقة لائقة لإيقاظ الناس! . أشبعتِ الباب ضرباً وركلاً وكأنك في حرب

ــــ أوقظكما للصلاة يا سيدي . خفت أن تكونا مستغرقين في النوم ولا تسمعاني فلم أجد غير ركل الباب بقدمي وطرقه بقبضة يدي بقوة . إنها الصلاة، الصلاة يا مؤمنين الصلاة

بدت بسمة ساخرة على محياه وقال:

ــــ ماكل هذا الإيمان!! . ممم وتمسكين مسبحة أيضاً!

ــــ هاها بالطبع . هل استيقظت سيدتي عائشة ؟

ــــ هأنذا أستيقظت يا زينب. ولكن لم يحن الوقت لاستيقاظنا. نحن نستيقظ قبل الفجر بساعة وليس ساعتين

قالت مانويلا وهي تهز رأسها في أسى مصطنع:

ــــ لا حول ولا قوة الا بالله. كيف! كيف تسمون أنفسكم  مسلمون ولا تقضون الليل كله في الصيام والقيام!!

ــــ صيام!!...عن أي صيام تتحدثين!!!

أدركت خطأها فغمغمت:

ــــ ماذا قلت أنا!!

تداركت الخطأ قائلة:

ــــ. أقصد الصلاة،  الصلاة. من قال صيام!. أنا أعلم أن الصوم في رمضان من الفجر إلى المغرب . هيا قوما للوضوء، فأنا لا أجلس عند قوم يضيعون صلاة القيام. أنا مؤمنة موحدة. مؤمنة أنا موحدة. أنا مؤمنة موحدة

قهقهت عائشة وقالت:

ــــ يا زينب يا حبيبتي، بدلاً من أن تقولي أنا مؤمنة موحدة، أنا مؤمنة موحدة، قولي لا إله إلا الله

ــــ ها!!... حسناً سأفعل سراً حتى لا تطلعان على ما بيني وبين ربي. هيا يا سيدتي هيا يا سيدي اهئ اهئ  هيا فحان وقت البكاء والدموع على الذنوب والخطايا  آآآه من الخطايا آآآه, ارحمنا يا الله اهئ اهئ سأذهب إلى غرفتي لأصلي، استأذنكما

تركتهما ومضت إلى غرفتها، فزفر عبد الله ومسح وجهه، وقالت عائشة ضاحكة:

ــــ أرأيت يا عبد الله ..أرأيت كم هي مؤمنة

قال والارتياح يجافي ملامحه:

ـــــ .... لا أعرف لماذا أشعر أنها  تبالغ في الأمر.. ولكن لا بأس.. فربما إيمانها أقوى من إيماني وإيمانك . لا أحب أن أسيء الظن بأحد . هيا حبيبتي . سأسبقك لأتوضأ واتبعيني

ــــ إن شاء الله حبيبي آآآه.. آآآه

****************************************************

في الكنيسة دق هاتف دانيال، فوجدها صوقيا، فرد بشغف بالغ:

ـــــ مرحبا الراهبة الصالحة صوفيا، هل هاتفتكِ مانويلا ؟

ـــ ولذا هاتفتك الآن . مانويلا تقول أن زوجة كيفن حامل، وتأكد حملها

زأر بوعيد:

ــــ. لن تهنأ بحملها ولن يهنأ كيفن

ــــ هاها أمر الحمل هذا جعلني أفكر في إطالة الفترة وتأجيل الإنتقام إلى شهرها السابع

ــــ لا أفهم  

ـــــ يا آبانا كلما اقترب موعد ميلاد ولد كيفن كلما اشتدت وزادت فرحته وشوقه إلى ضم ولده. أليس كذلك ؟

ــــ بالطبع . ولكن ما لنا بفرحه وحزنه !! أفصحي أكثر

زمجرت كالنيران المستعرة بالأحقاد:

ـــ يا آبانا، أود أن تُقتل زوجته عندما يقترب موعد ولادتها حتى تزيد حسرته أكثر وأكثر. حسرة على زوجته، وحسرة على ولده الذي اشتاق إلى مولده وضمه. أريد أن أرى الحسرة، بل كل حسرات الأرض تصدع قلبه حزناً وألما

قهقه القس بعدما استحسن وسيلة الانتقام وقال:

ــــ هكذا فهمتك صوفيا. أنتِ بداخلك رغبة عارمة في الانتقام من كيفن ... تريدين أن تمزجي كل الآلام في كأس واحد وتسقيه إياها  ليتجرع مرارتها

ــــ هذا ما قصدت يا آبانا . وهذا أقل اعتذارٍ ليسوع والصليب

ــــــ باركك الرب صوفيا باركك الرب

ــــ تلميذتك يا آبانا

ــــ هل تهاتفين اختك نيكولا ؟

ــــ نيكولا !  أهاتفها ولكن ليس كثيراً . فكلما تحدثت إليها وجدتها تنوح وتبكي ولدها.. رغم أنها لو علمت بخروجه عن دينه وخطته الخبيثة في الهروب للعنته ولعنت  لحظة حملها به  

 

ــــ دعك من نيكولا . الأيام كفيلة أن تنسيها ولدها الكافر .. عندما تهاتفك مانويلا بلغيها أن تهاتفني أيضاً لتخبرني بجديدها

ــــ سمعا وطاعة يا آبانا . أتركك وأذهب للهوسات مع تلميذاتي الراهبات

ــــ تقبل الرب هوساتك المباركة أيتها الراهبة الصالحة

ـــ سل يسوع أن يتقبلني في زمرة محبيه يا آبانا

ــــ بل أنت حبيبة القديسين جميعهم فسلِ ماشئتِ . باركك الرب صوفيا . في انتظار مهاتفة أخرى

****************************************************

في الصباح دقت أجراس المنزل، فنادت عائشة وإذ هي مستلقية على فراشها زينب:

ــــ افتحي الباب يا زينب من فضلك. فوالله  لا أقوى  على الذهاب

ــــ سأفتح يا سيدتي. استريحي أنتِ

فتحت الباب، فألفت حفصة زوجة محمد أمامها:

ــــ مرحبا سيدتي. من تريدين ؟

ــــ ماهذا ! من انتِ ؟

ــــ هاها بل من أنتِ سيدتي، ومن تريدين ؟

ـــــ أريد عائشة . انا صديقتها حفصة

ــــ صديقتها ! تبدين ألمانية . فهل أسلمتِ حديثاً ؟

ــــ الحمدلله ،أسلمت وأسلم زوجي وأسلمت كل عائلة زوجي

اتقدت عينا مانويلا، وكاتمت نفسها حديثاً:

ــــ ويحكم أيها الأوغاد!! من بقى في المانيا غيرنا لم يُسلم ؟ أخشى أن أذهب إلى الدير، فأجد مكانه مسجد وقد قتلت كل الراهبات ودُفنّ في قبوه .

تبدت ابتسامة باهتة على وجه مانويلا وأحنت رأسها لحفصة وقالت:

ــــ  تفضلي سيدتي ........ ما اسمك معذرة ؟

ــــ حفصة يا .......... ما اسمك ؟

ــــ زينب . قالوا لي اسمك زينب

ــــ هاها من هؤلاء ؟

ــــ من أسلمت على أيديهم في المسجد

ــــ وما كان اسمك قبل الإسلام يا زينب ؟

تصنعت البكاء لتتقن دورها:

ـــــ اهئ اهئ لا أريد أن أتذكر حياتي قبل الإسلام اهئ اهئ اهئئئئئئئئئئئئ

ــــ كفا، كفا.. . حمداً لله على إسلامك . أين عائشة . فقد وقفت كثيراً على قدمي حتى آلماني

ــــ السيدة عائشة بغرفتها سيدتي حفصة . تفضلي في غرفة الجلوس حتى أخبرها

 

ــــ أشكرك يا زينب

هرعت مانويلا إلى عائشة لتخبرها:

ــــ سيدتي عائشة.. صديقتك سيدتي حفصة

تهللت عائشة:

ــــ حفصة!..أدخليها إليّ من فضلك يا زينب

ــــ ممم يبدو أن الحمل يرهقك كثيراً

ــــ هاها قريباً تتزوجين وتجربين بنفسك

هال الراهبة ما سمعت وغمغمت وقد اتسعت حدقتاها:

ـــ أنا!! لا،لا... زواج!... ! أنا لا أبحث عن متعة الجسد. أنا أحتاج إلى متعة الروح إلى الأبد . زواج! هذه السيدة تتحدث عن أمور تشيب لها شعور الراهبات . زواج !!!!! عافانا الرب

**************************************************

عادت إلى حفصة وأومأت برأسها:

ــــ تفضلي سيدتي حفصة، فالسيدة عائشة في انتظارك بغرفتها

ــــ أشكرك زينب

**************************************************

دخلت على عائشة بوجه طلق:

ــــ السلام عليكم حبيبتي عائشة

ــــ وعليكم السلام حبيبتي حفصة. تعالي، تعالي . اجلسي إلى جواري في الفراش هاها

ــــ قادمة لاجلس إلى جوارك، ولكن اخشى أن أنام وأستغرق في النوم هاها

قبلتها وجلست إلى جوارها مهنئة:

ــــ كيف حالك يا عائشة .مبارك الحمل يا حبيبة، مبارك

ــــ بارك الله فيكِ أختي. العقبى لكِ إن شاء الله حبيبتي

ـــ إن شاء الله . كم أتمنى أن تنجبِ ولداً، وأنجب بنتاً، ونزوجهما ليصير الارتباط بيننا وثيقاً أكثر وأكثر هاها

ــــ ههه والله حبيبتي الارتباط وثيقا  ولا نحتاج إلى علاقة النسب

ـــ أهكذا يا عائشة !!!!!! أنا غاضبة منكِ . لم أكن أتوقع أن ترفضي تزويج ابنك من ابنتي الحبيبة هههه

ــــ هههه اضحك الله سنك . فما يدريكِ ربما رفضت ابنتك ولدي ههه.. ولكن ما الذي يدريكِ! فربما أنجب بنتا وتنجبيبن انتِ ولداً .

ـــــ كل شيء بأمر الله حبيبتي . أتم الله حملك على خير  ورزقك طفلاً سليماً معافى وباراً وصالحاً وتقياً اللهم آمين

ـــــ آميييييييييين آمين آمين

ــــ من زينب هذه يا عائشة . لم أرها من قبل هنا

ــــ إنها مسلمة أسلمت حديثاً، ولجأت إلينا وطلبت العمل كخادمة . ولكن إيمانها قوي جداً . أتعلمين أنها هي من توقظنا لصلاة القيام ؟

 

ـــــ ماشاء الله ممم ولكن عذراً، لا أعلم لِمَ لم أرتح لها  منذ رأيتها مممم لا أعلم لماذا أرى في عينيها خبثاً ونظرة غير مريحة على الإطلاق

ــــ حبيبتي لا تحكمي على الناس من ملامحهم، فربما أخفت القلوب طيبة وحناناً ضنت بهم الملامح

ــــ حكيمة زمانك أنتِ هاها

ــــ لا ، حكيمة سابقاً بالمستشفى هاها

ــــ بمناسبة عملك كطبيبة، ألن تعودي للعمل ؟

ــــ ممممم والله كنت أفكر، ولكن الحمل أثقلني إلى فراشي هاها

ــــ حبيبتي ما زلتي في شهرك الاول وتشتكين من الحمل واوجاعه! هاها

ــــ لا أريد أن أخيفك يا حفصة.. ولكن الحمل حقاً ليس باليسير . نسأل الله العون

ــــ اعانك الله يا حبيبة

طرقت مانويلا الباب بلطف، فأذنت لها عائشة:

ــــ ادخلي يا زينب

ــــ أحضرت طبقاً من الحلوى للسيدة حفصة

شكرتها عائشة باسمة:

ــــ هاها جزاكِ الله خيراً يا زينب . تفضلي يا حفصة

كانت حفصة تسدد إليها نظرات تنم عن عدم ارتياح، لذا فقد أسدت إليها شكراً بارداً

ــــ أشكرك يا زينب .... من فضلك أريد فنجاناً من القهوة

سمعاً وطاعة سيدتي حفصة . أستأذنكما في الإنصراف

ما أن غادرت الغرفة، حتى قالت عائشة:

ــــ أرأيتِ كم هي مطيعة ومؤدبة ؟

ـــــ ..... كوني على حذر من فضلك يا عائشة . والأفضل أن تجعليها تذهب إلى مكان آخر. وإن أردتِ خادمة تثقين بها وفرتها لكِ على الفور

ــــ حبيبتي والله ليس الأمر أمر خادمة . فيعلم الله أني أعتبرها أختاً . ولكن وصفها كخادمة أستخدمه حتى يسكت عنها عبد الله، وحتى يكون مبرراً لوجودها في بيتي

ـــــ مممممم أفهم من ذلك أن زوجك لا يرحب بها؟

ــــ تعلمين أن عبد الله يتصرف بحذر شديد ويخاف أن يشاع سره, ويتسبب ذلك في أذيتنا

عصف الفزع بملامح حفصة وقالت:

ـــــ لا، لا  . أرجو من الله أن يكف عنكم الشرور آمين.

طفرت عبرات حفصة وأردفت:

ـــــ  أنا  أحبك يا عائشة ..احبك يا أختي وأخاف عليكِ. فبالله احذري ممن حولك، فحياتك غالية علينا جميعاً

ــــ حبيبتي يا حفصة . لا حرمني الله طيب صحبتك يا أختي الغالية . دعواتك فقط أن يحفظني الله وزوجي وطفلي

ــــ أدعو لكِ دائماً . فقد سكنتِ قلبي منذ أن رأيتك لأول وهلة والله يا عائشة

ــــ جزاكِ الله خيراً يا أختي وبارك فيكِ . والله انتِ غالية عندي يا حفصة وأحبك كثيراً، كثيراً . تذكريني بصديقتي فاطمة في مصر.. فهي مثلك هكذا حبيبة وقريبة إلى القلب . أرجو من الله أن يجمعنا بها أنا وأنتِ وأعرفك إليها

ــــ إن شاء الله يا عائشة

عادت زينب تحمل القهوة:

ــــ القهوة لسيدتي حفصة

ردت حفصة بتجهم:

ـــــ أشكرك . ضعيها ها هنا

وضعت القهوة وسألت عائشة:

ــــ هل أضع  في حسباني غداء السيدة حفصة معنا يا سيدتي عائشة ؟

ــــ أجل بالطبع، ستتناول معنا الغداء

ردت حفصة على الفور:

ــــ لا،لا، سأحتسي فنجان القهوة وأطلق ساقيّ للريح  حتى لا أتأخر هاها سأذهب لأعد طعام الغداء لزوجي

ـــــ هههه إذا كان الأمر كذلك فزوجك أولى بوقتك منا يا حفصة ........... لِمَ تقفين هكذا يا زينب !  إذا شئتِ فاجلسي

ــــ لا.  فقط أردت أن أعرف رأي سيدتي حفصة في القهوة التي أعددتها

ردت حفصة وهي تنظر في عيني الراهبة بعمق مما أثار ارتباكها:

ـــــ حسناً.. سأتذوقها  ممممم لا بأس بها أشكرك

أومأت مانويلا بابتسامة باهتة وقالت:

ـــــ أستأذنكما في الإنصراف

ــــ تفضلي

زفرت حفصة وقالت:

ــــ والله ثم والله ، والله لا أرتاح إليها يا عائشة . نظراتها، نظراتها تخيفني . كيف لا تخافين منها ؟؟؟

قهقهت عائشة وقالت وهي تهز رأسها:

ــــــ إحتسي القهوة واطلقي ساقيكِ للريح، ودعك من زينب المسكينة ... لا أدري لِمَ يظلمها الجميع هكذا!

تنهدت حفصة بعمق ثم قالت:

ـــــ  ماذا عساي أن اقول إلا خلف الله ظني وجعلها  أفضل مما ظننت

ـــــ آمين حبيبتي

****************************************************

 انتهت الحلقة 

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد 

لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير 

أستغفر الله العظيم وأتوب إليه 


تعليقات

  1. تسلم ايدك
    جزاك الله خيرا

    ردحذف
  2. استغفرك ربي واتوب اليك

    ردحذف
  3. جزاكِ الله الجنة❤️أم رفيف

    ردحذف
  4. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً طيباً مباركاً فيه 💞

    ودخلت الحية بيت المحبين
    نجاهم الله من مكرها وحقدها
    أصبحوا ثلاثة يحقدون عليهم ويضمرون لهم الغل والكره
    ويبدو أن عائشة مسالمة جداً وليس لها في معرفة أنواع البشر ولا مكرهم لذا لم تلحظ الخبث في عين مانويلا
    أتم الله حملها ونجاها وزوجها من كيد الخائنين
    حلقة جميلة ورائعة
    عوداً حميداً يا غالية
    💞دُمتِ مُبدعة 💞

    ردحذف
  5. تسلم ايدك يا استاذة هوبة
    بس انا مدايقة من عائشة
    الكل حذرها من البنت دي وهي مصممة عليها
    مش عارفة المفروض كانت تكون احرص من كدة بالأخص ف ظروفهم دي 😔

    ردحذف

إرسال تعليق